المتقدم وغيره والصنف الآخر الذي لا يحتمل ذلك محمولة على من يحصله من الحرام أو الشبهة أو يكون مسرفا في ذلك بحيث لا يناسب حاله أو يعلم من نفسه أن ذلك يصير سببا لطغيانه فيحتاج إلى تذليل بدنه وامتهانه وسيأتي مزيد تحقيق لذلك في أبواب المكارم مع سائر الأخبار المتعلقة بذلك.
١ ـ إرشاد القلوب ، عن سويد بن غفلة قال : دخلت على علي بن أبي طالب عليهالسلام فوجدته جالسا وبين يديه إناء فيه لبن أجد فيه ريح حموضته وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه وهو يكسر بيده ويطرحه فيه فقال ادن فأصب من طعامنا فقلت إني صائم فقال عليهالسلام سمعت رسول الله من منعه الصيام عن طعام يشتهيه كان حقا على الله أن يطعمه من طعام الجنة ويسقيه من شرابها قال قلت لفضة وهي قريبة منه قائمة ويحك يا فضة أما تتقين الله في هذا الشيخ تنخل هذا الطعام من النخالة التي فيه قالت قد تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاما قال ما قلت لها فأخبرته فقال بأبي وأمي من لم ينخل له طعام ولم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام حتى قبضه الله قال وكان عليهالسلام يجعل جريش الشعير في وعاء ويختم عليه فقيل له في ذلك فقال إني أخاف هذين الولدين أن يجعلا فيه شيئا من زيت أو سمن (١).
٢ ـ المحاسن ، عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبي عبد الله عن آبائه عليهمالسلام قال : دخل النبي صلىاللهعليهوآله مسجد قباء فأتي بإناء فيه لبن حليب مخيض بعسل فشرب منه حسوة أو حسوتين ثم وضعه فقيل يا رسول الله أتدعه محرما قال لا اللهم إني أدعه تواضعا لله (٢).
بيان : مخيض بالخاء المعجمة والياء المثناة التحتانية على فعيل من المخض وهو التحريك كناية عن الخلط الشديد وفي بعض النسخ بالباء الموحدة من التخبيص بمعنى التخليط في القاموس خبصه يخبصه خلطه ومنه الخبيص وقد خبص يخبص وخبص تخبيصا قوله محرما على بناء الفاعل أو على بناء المفعول حالا عن المفعول.
__________________
(١) إرشاد القلوب ٢ : ٨.
(٢) المحاسن : ٤٠٩.