الثرثار فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا هجاء فجعلوا ينجون به صبيانهم حتى اجتمع من ذلك جبل فمر رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها فقال ويحكم اتقوا الله لا يغير ما بكم من نعمة فقالت كأنك تخوفنا بالجوع أما ما دام ثرثارنا يجري فإنا لا نخاف الجوع قال فأسف الله عز وجل وضعف لهم الثرثار وحبس عنهم قطر السماء ونبت الأرض قال فاحتاجوا إلى ما في أيديهم فأكلوه ثم احتاجوا إلى ذلك الجبل فإن كان ليقسم بينهم بالميزان (١).
ومنه عن محمد بن علي عن الحكم بن مسكين عن عمرو بن شمر (٢) مثله.
بيان من المأدم في الكافي (٣) من المأدوم وفي بعض نسخه من الأدم وهما أصوب وفي القاموس الثرثار نهر أو واد كبير بين سنجار وتكريت والهجاء بالتشديد من هجأ جوعه كمنع هجئا وهجوءا سكن وذهب فهو صفة للخبز أي صالحا لرفع الجوع أو مصدر بمعنى الحمق أي فعلوا ذلك لحمقهم والهجأة كهمزة الأحمق كما في القاموس ولا يبعد أن يكون تصحيف هجانا أي خيارا جيادا كما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام هذا جناي وهجانه فيه. والأسف السخط قال تعالى « فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ » (٤) والإضعاف والتضعيف جعل الشيء ضعيفا أو مضاعفا والثاني أنسب بكلام المرأة وبقوله عليهالسلام لهم دون عليهم وبقوله في الرواية الأخيرة (٥) فأجرى الله الثرثار أضعف ما كان عليه وحبس عنهم بركة السماء وذلك لأنهم لما اعتمدوا على النهر ضاعفه الله لهم وحبس عنهم القطر والزرع ليعلموا أن النهر لا يغنيهم من الله وأنه لا بد أن يكون الاعتماد على الله وستأتي الأخبار في كتاب الطهارة مشروحة إن شاء الله (٦).
__________________
(١) المحاسن : ٥٨٦ ـ ٥٨٧.
(٢) المحاسن : ٥٨٦ ـ ٥٨٧.
(٣) الكافي : ٦ : ٣٠١.
(٤) الزخرف : ٥٥.
(٥) يعني رواية عمرو بن شمر راجع نصه في المحاسن : ٥٨٧.
(٦) راجع ج ٨٠ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، ولنا في الذيل كلام في تفسير الخبر لا بأس بمراجعته.