تنقيح المقال - ج ٢

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-383-6
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٦٠

ثمّ قام عمّار بن ياسر رحمه اللّه ؛ فقال : يا أبا بكر! لا تجعل لنفسك حقّا جعله اللّه عزّ وجلّ لغيرك ، ولا تكن أوّل من عصى رسول اللّه (ص) وخالفه في أهل بيته ، واردد الحقّ إلى أهله .. يخفّ ظهرك ، ويقلّ وزرك ، وتلقى رسول اللّه (ص) وهو عنك راض ، ثمّ تصير إلى الرحمن فيحاسبك بعملك ، ويسألك عمّا فعلت (١).

ثمّ قام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ؛ فقال : يا أبا بكر! ألست تعلم أنّ رسول اللّه (ص) قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غيري؟

قال : نعم (٢).

__________________

عليه السلام ليلة ذهب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى الجن ـ التي نقلها في البياض الإبراهيمي ٢/٣٩٤ ـ ٣٩٥ ـ لا تدلّ عندنا على إنكاره بحال .. وقد سلف نظرنا فيه ، وأنّه كان عثماني النزعة لا نعرف له موقفا مشرفا ، والحق عدم وجوده فيمن أنكر.

(١) أقول : لا يختلف اثنان في كون عمّار كان كارها لخلافة القوم ، ويكفي كلامه الذي أورده المسعودي في مروج الذهب ٢/٣٤٣ عند إخراج أبي ذر.

ولاحظ : النزاع والتخاصم للمقريزي : ١٠٧ ، وكذا ما قاله يوم الشورى ، كما في العقد الفريد لابن عبد ربّه ٤/٢٧٩ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ٩/٥٨ .. وغيرهما وهو القائل عند عثمان : أرغم اللّه أنف أبي بكر وعمر ..! كما في العقد ٤/٣٠٧ .. وغيره.

وفي رجال البرقي ـ هنا ما نصه ـ : ٦٥ : ثمّ قام قيس بن سعد بن عبادة ؛ فقال : يا معشر قريش! قد علم خياركم أنّ أهل بيت رسول اللّه (ص) أحق بمكانه في سبق سابقة ، وحسن عناء ، وقد جعل اللّه هذا الأمر لعلي [ع] بمحضر منك وسماع اذنيك ، فلا ترجعوا ضلاّلا فتنقلبوا خاسرين.

(٢) في رجال البرقي : قال : بلى.

١٢١

قال : فأشهد باللّه أنّي سمعت رسول اللّه (ص) يقول : «أهل بيتي يفرّقون بين الحقّ والباطل ، وهم الأئمّة الذين يقتدى بهم» (١).

ثمّ قام أبو الهيثم بن التيهان ؛ فقال : أنا (٢) أشهد على النبي (ص) أنّه أقام عليا (ع) ، فقالت الأنصار : ما أقامه (ص) إلاّ للخلافة ، وقال بعضهم : ما أقام (*) إلاّ ليعلم الناس أنّه ولي من كان رسول اللّه (ص) مولاه.

فقال عليه السلام : «إنّ أهل بيتي نجوم أهل الأرض ، فقدّموهم ولا تقدّموهم» (٣).

ثمّ قام سهل بن حنيف ؛ فقال : أشهد أنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال على المنبر : «إمامكم من بعدي علي بن أبي طالب [عليه السلام] ، وهو أنصح الناس لأمّتي» (٤).

__________________

(١) في رجال البرقي : ٦٥ ، قال : فإني أشهد بما سمعته منه ، وهو قوله : «إمامكم بعدي علي ؛ لأنّه الأنصح لأمتي والعالم فيها».

(٢) في الخصال : يا أبا بكر! .. قبل : أنا.

(*) الظاهر أنّه : أقامه. [منه (قدّس سرّه)].

وهو الذي جاء في بحار الأنوار بطبعتيه والخصال.

(٣) الحديث في رجال البرقي عنه هكذا : «إنّ أهل بيتي يتقدمونكم ولا تتقدموا عليهم».

(٤) جاء الحديث عنه في رجال البرقي هكذا : «أهل بيتي فرق بين الحق والباطل ، وهم الأئمّة يقتدي بهم امتي».

أقول : ثمّ قال البرقي : ٦٦ : .. وتكلّم أبيّ فقال : أشهد أنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول : «علي بن أبي طالب إمامكم بعدي ، وهو الناصح لأمتي».

١٢٢

ثمّ قام أبو أيّوب الأنصاري ؛ فقال : اتّقوا اللّه في أهل بيت نبيّكم ، وردّوا هذا الأمر إليهم ، فقد سمعتم كما سمعنا ـ في مقام بعد مقام ـ من نبي اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إنّهم أولى به منكم .. ثمّ جلس (١).

ثمّ قام زيد بن وهب (٢) ؛ فتكلّم .. وقام جماعة بعده فتكلّموا بنحو هذا (٣) ..

فأخبر الثقة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّ أبا بكر جلس في بيته ثلاثة أيام ، فلمّا كان اليوم الثالث أتاه عمر بن الخطاب ، وطلحة ، والزبير (٤) ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو عبيدة بن الجرّاح .. ومع كلّ واحد منهم عشرة رجال من عشائرهم ،

__________________

(١) قال في رجال البرقي : ٦٦ : ثمّ قام أبو أيوب الأنصاري فقال : اتق اللّه! وردّوا الأمر إلى أهل بيت نبيكم ، فقد سمعتم ما سمعنا ، إنّ القائم مقام نبينا بعده علي بن أبي طالب [ع] ، وأنّه لا يبلّغ عنه إلاّ هو ، ولا ينصح لأمته غيره.

(٢) كذا ، ولم يسبق درجه في أسمائهم ، والمذكور سابقا هو أبيّ بن كعب ، وهو الراوي هنا ، ولعلّه اشتباه من النساخ أو الرواة.

(٣) ولازم هذا عدم انحصارهم بالأثني عشر .. كما لا يخفى ، كما أنّ الجمع بين قول الخصال والبرقي في رجاله يوصلهم إلى خمسة عشر ..! وعليه ؛ فلا وجه للتحديد ، وفي ما نقل في المصادر تقديم وتأخير ، وهنا لم يذكر كلام أبيّ بن كعب وجمع ، وما هو المنقول في النصوص مختلف الألفاظ متحد المعنى.

(٤) الذي يظهر من مجموع الأخبار عدم دخول الزبير في هؤلاء القوم ولم يأت في سائر الروايات .. لما تسالم عليه من كونه في بادي الأمر مع أمير المؤمنين عليه السلام إلاّ أن يكون (الزبير) هنا رجلا آخر.

١٢٣

شاهرين السيوف (١) ، فأخرجوه من منزله ، وعلا المنبر ، فقال (٢) قائل منهم : واللّه لئن عاد منكم أحد فتكلّم بمثل الذي تكلّم به لنملأنّ أسيافنا منه .. فجلسوا في منازلهم ، ولم يتكلّم أحد بعد ذلك (٣).

وروى أيضا في الصفحة المطبوعة الثامنة والثلاثين من الموضع المتقدّم إليه الإشارة من بحار الأنوار (٤) ما يؤدّى مؤدّى هذا الخبر ، بوجه أبسط عن احتجاج الطبرسي (٥) ، عن أبان بن ثعلب (٦) ، قال : قلت لأبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام : جعلت فداك! هل كان أحد في أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنكر على أبي بكر فعله ، وجلوسه مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟ فقال : «نعم ، كان الذي أنكر على أبي بكر

__________________

(١) في بحار الأنوار : للسيوف.

(٢) في الخصال : وقال.

(٣) جاء في رجال البرقي : ٦٦ هكذا : فنزل أبو بكر من المنبر ؛ فلمّا كان يوم الجمعة المقبلة سلّ عمر سيفه ، ثمّ قال : لا أسمع رجلا يقول مثل مقالته تلك إلاّ ضربت عنقه ..! ثمّ مضى هو وسالم ومعاذ بن جبل وأبو عبيدة .. شاهرون سيوفهم حتّى اخرجوا أبا بكر وأصعدوه المنبر.

(٤) بحار الأنوار ٨/٣٨ ـ ٤٠ [الطبعة الحجرية ، وفي الحروفية ٢٨/١٨٩ ـ ١٩٥] حديث ٢ عن الاحتجاج.

(٥) الاحتجاج للطبرسي ١/٩٧ ـ ١٠٣ [طبعة النجف الأشرف ، و ١/٧٥ ـ ٧٩ من طبعة إيران ، وفي الطبعة الاولى : ٤٧ ـ ٥٠].

(٦) كذا ، والصحيح : بن تغلب.

١٢٤

اثني عشر رجلا :

من المهاجرين ؛ خالد بن سعيد بن العاص ـ وكان من بني أميّة ـ ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذرّ الغفاري ، والمقداد بن الأسود ، وعمّار بن ياسر ، وبريدة الأسلمي.

ومن الأنصار ؛ أبو الهيثم بن التيهان ، وسهل وعثمان ابنا حنيف ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وأبي بن كعب ، وأبو أيّوب الأنصاري» ...

ثمّ أخذ عليه السلام في نقل شرح ردّهم عليه ، من شاءه راجع الاحتجاج ، أو الموضع المشار إليه من البحار ، وبين عبائرهم اختلاف ، والمفاد واحد.

وأبدل في هذا الخبر زيد بن ثابت ب‌ : خزيمة بن ثابت (١) ، ووصفه في الخبرين ب‌ : ذي الشهادتين يكشف عن كون الصواب ما في هذا الخبر ؛ ضرورة أنّ ذا الشهادتين هو خزيمة بن ثابت ، دون زيد بن ثابت ، وإنّما لقّب زيد بن ثابت : كاتب الوحي كما بيّنا في محلّه (٢) ، وعدّ في هذا الخبر سهلا وعثمان ابني حنيف ، واقتصر في الخبر المزبور على عدّ ابن حنيف من دون ذكر اسمه ، وجعل بدل

__________________

(١) ويشهد لإنكار خزيمة لأحقيّة القوم وغصبهم للخلافة ، ما روي في روضة الأحباب ٣/٤ ـ وحكاه في كتاب البياض الإبراهيمي ٢/٣٨٩ ـ ومستدرك الحاكم ٣/١٢٤ ، والإصابة ٢/٢٤٠ [١/٤٢٥] .. وغيرها. من قوله بعد خلافة أمير المؤمنين عليه السلام الظاهرية : قد رجع الحق إلى مكانه ..

(٢) تنقيح المقال ١/٤٦١ ـ ٤٦٢ من الطبعة الحجرية [وفي الطبعة المحقّقة ٢٩/١٣١ ـ ١٣٦ برقم (٨٧٣٩)].

١٢٥

الآخر : عبد اللّه بن مسعود ، فتفحّص.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ خبر أبان هذا تضمّن قول مولانا الصادق عليه السلام : «وروي أنّهم كانوا غيّبا عن (١) وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقدموا وقد تولّى أبو بكر ، وهم يومئذ أعلام مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ..»الحديث (٢).

قلت : لعلّهم كانوا مع جيش أسامة (٣).

__________________

(١) كذا ، والظاهر : عند.

(٢) الاحتجاج للطبرسي ١/٧٥ ـ ٨٠ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٨/١٨٩ ـ ١٩٥ حديث ٢.

(٣) وقد عقد البرقي في آخر رجاله : ٦٣ ـ ٦٦ فصلا في ذكر أسماء المنكرين على أبي بكر ، وهم اثنا عشر رجلا ، ذكرت أسماءهم بحسب قيامهم أمام القوم ، وقد سلف :

وقد أضاف إليهم قيس بن سعد بن عبادة ، فقال :

ثمّ قام قيس بن سعد بن عبادة ؛ فقال : يا معشر قريش! قد علم خياركم أنّ أهل بيت رسول اللّه (ص) أحق بمكانه في سبق سابقة ، وحسن عناء ، وقد جعل اللّه هذا الأمر لعلي [ع] بمحضر منك وسماع أذنيك ، فلا ترجعوا ضلاّلا فتنقلبوا خاسرين ..

وقد عدّ ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ١/٧٤ و ١٣٢ ، ٢/١٧ جمعا من المخالفين لأبي بكر الآبين عن بيعته ، ونقل حديثه عن كتاب السقيفة لشيخه أبي بكر الجوهري ، ولاحظ احتجاج البراء بن عازب هناك.

وراجع ما ذكره ابن شاذان في الإيضاح : ٤٥٧ ، والسيّد المرتضى في الشافي ٣/٢٣٣ ـ ٢٣٦ (صفحة : ٤٠٢ من الطبعة الحجرية) ، وكذا اليعقوبي في تاريخه ٢/١١٤ ،

١٢٦

__________________

ـ وأبو الفداء في كتابه المختصر في أخبار البشر .. وغيرهم.

وجاء في الباب السادس والعشرون بعد المائة من كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين عليه السلام للسيّد ابن طاوس رحمه اللّه : ١٠٨ ـ ١١٣ [منشورات مكتبة الحيدرية (النجف الأشرف) ، وصفحة : ٣٣٥ من الطبعة المحقّقة] ، وحكاه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٢٨/٢١٤ ـ ٢١٥ برقم ٨ باختلاف يسير أشرنا لبعضه ، قال : فيما نذكره عن هذا [لا توجد (هذا) في بحار الأنوار] أحمد بن محمّد الطبري المعروف ب‌ : الخليلي من روايتهم [في بحار الأنوار : رواتهم] ورجالهم فيما رواه من إنكار اثني عشر نفسا على أبي بكر بصريح مقالهم عقيب ولايته على المسلمين ، وما ذكره بعضهم بما عرف من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أنّ عليا أمير المؤمنين ..

ثمّ قال : ورواه ـ أيضا ـ محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ في كتاب مناقب أهل البيت عليهم السلام ، وهؤلاء يزيد بعضهم على بعض في روايته ..

ثمّ قال : اعلم أنّ هذا الحديث روته الشيعة متواترين ، ولو كانت هذه الرواية برجال الشيعة ما نقلناه ؛ لأنّهم عند مخالفيهم في مقام متهمين.

في بحار الأنوار : عند مخالفيهم [في بحار الأنوار : عند مخالفيهم متّهمون] ولكن نذكره حيث هو من طريقهم الذي يعتمدون عليه ، ودرك ذلك على من رواه وصنفه في كتابه [في بحار الأنوار : كتاب] المشار إليه.

إلى أن قال : حدّثنا أبو علي الحسن بن علي بن النحاس الكوفي العدل الأسدي ، قال : .. ثمّ سرد إسناده.

وقد عقد العلاّمة البياضي في كتابه الصراط المستقيم ٢/٧٩ ـ ٨٤ فصلا في ذكر الشهادة .. وقال فيه : ولا خفاء ولا تناكر بين الشيعة إنّ اثني عشر رجلا من المهاجرين

١٢٧

__________________

والأنصار أنكروا على أبي بكر مجلسه .. وقد أسنده الحسين بن جبر [جبير] في كتابه [الاعتبار في] إبطال الاختيار إلى أبان بن عثمان ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : هل كان في أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من أنكر على أبي بكر جلوسه مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله؟ قال : «نعم» .. وعدّ منهم : خالد بن سعيد ابن العاص ، وسلمان ، وأبو ذر ، والمقداد ، وعمار ، وبريدة الأسلمي ، وقيس بن سعد بن عبادة ، وأبا الهيثم بن التيهان ، وسهل بن حنيف ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وأبي بن كعب ، وأبا أيوب الأنصاري .. ثمّ ذكر احتجاجهم على الرجل مع تقديم وتأخير لبعضهم على البعض ، واختلاف في الألفاظ ، فراجع ، وقد أشار لهم فيه أيضا ٣/١٢٦.

أقول : اعلم أنّ جمعا جمّا من أفاضل الصحابة والتابعين كانوا كارهين لخلافة أبي بكر منكرين لحقيتّها ، وساخطين عليها .. ومن أبقى التاريخ اسمه لنا جمع غير الاثني عشر هؤلاء ، وعلى رأس الكل وسيدهم أمير المؤمنين ويعسوب الدين عليه السلام ، وكفانا منها ما أورده ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٤/٣٣٤ ـ ٣٣٦ في ترجمته عليه السلام ، وقوله في جواب معاوية في الاحتجاج عليه بالإبطاء عن الخلفاء ..! فقال عليه السلام : «وذكرت إبطائي عن الخلفاء ، وحسدي إياهم والبغي عليهم ..!!»قال : «أما البغي ؛ فمعاذ اللّه أن يكون! وأما الكراهة لهم ؛ فو اللّه ما اعتذر إلى الناس من ذلك ..».

هذا عدا قوله عليه السلام : «لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السرى» ، كما في شرح النهج لابن أبي الحديد ١/١٩٥ ، وغريب الحديث لابن قتيبة ١/٣٧٠ ـ ٣٧١ .. وغيرهما ، وخطبته الشقشقية أشهر من أن تدرج .. وغيرها.

١٢٨

__________________

ومنهم : سيدة النساء البتول العذراء فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها ، وخير شاهد لها خطبتها .. وكفى ، وقد حققتها ـ ولله الحمد ـ في كتابنا (الفريدة في لوعة الشهيدة عليها السلام).

ومنهم : الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ، وقولته لأبي بكر حين جاءه وهو على منبر رسول اللّه ، فقال له : «انزل عن مجلس أبي» ، كما في الصواعق المحرقة : ١٧٧ (المقصد الخامس) ، وكنز العمال ٥/٦١٦ حديث ١٤٦٦ .. وغيرهما.

ومثله ما روي عن أخيه أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام ، كما في كنز العمال ١٣/٦٥٤ حديث ٣٧٦٦٢ ، ومثله ما روي عن العباس عمّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.

ومنهم : الزبير بن العوام ؛ حيث إنّه أخذ بقائم سيفه هو يقول : لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب .. كما في شرح النهج لابن أبي الحديد ٦/٢٢٦ ، والصواعق المحرقة : ١٤ ، والإمامة والسياسة ١/١٠ ـ ١١ .. وغيرها.

ومنهم : طلحة بن عبيد اللّه ؛ وقولته لعمر معروفة حين حضرته الوفاة : .. وليته أمس وولاك اليوم ..! كما قاله ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٤/٢٦٧.

ومنهم : سعد بن عبادة ؛ وقولته مشهورة حتّى استحق القتل بواسطة الجن! في طريق الشام .. وذاك أوّل خلافة عمر للخلاص منه ، وكان لا يصلّي بصلاتهم ، ولا يجتمع بجمعتهم ، ولا يفيض بإفاضتهم ، ولو يجد أعوانا لصال بهم ، ولو يبايعه أحد على قتالهم لقاتلهم ..

كما صرّح بذلك ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ١٠ ، والهندي في كنز العمال ٥/٦٢٧ ـ ٦٢٨ حديث ١٤١٠٧.

١٢٩

__________________

ومنهم : النعمان بن العجلان الزرقي الأنصاري ؛ ـ لسان الأنصار وشاعرهم ـ ويظهر كرهه للخلافته الباطلة وإنكاره لها ممّا رواه ابن عبد البرّ في الاستيعاب في ترجمته ١/٢٩٨ من أبيات ، فراجعها.

ومنهم : حذيفة بن اليمان ؛ صاحب سر رسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، كما يظهر ذلك ممّا رواه عنه المسعودي في مروج الذهب ٢/٣٨٣ من كلامه مع أهل الكوفة.

ومنهم : حسان بن ثابت الأنصاري ؛ كما روي عنه أبيات منها :

ما كنت أعلم [أحسب] أنّ الأمر منصرف عن هاشم ثمّ عنها عن أبي الحسن .. إلى آخره كما جاء في كتاب البياض الإبراهيمي ٢/٣٨٩ ـ ٣٩٠ ، عن اسد الغابة ٤/٤٠ ، وتاريخ اليعقوبي ٢/١٢٤ ، وكشف الغمة ١/٦٧ .. وغيرها.

ومنهم : أبو سفيان صخر بن حرب ؛ وكرهه وإنكاره ـ في أكثر من مورد ـ مشهور ، ومنه ما رواه ابن عبد البرّ في العقد ٤/٢٥٧ ، ولاحظ : شرح النهج لابن أبي الحديد ١/٢٢١ و ٢/٤٤ ، وكذا منه ٤/٣٣٦.

ومنهم : عبد اللّه بن عباس ؛ ويشهد بغصب الخلافة وظلم القوم حتى إنّه يظهر من أكثر من موقف منه ، كما رواه الراغب في محاضراته ٤/٤٦٤ .. وغيره في حديثه مع عمر ، فراجعه ، وقولة عمر له : .. لكأنّ علي فيكم أولى بهذا الأمر مني ومن أبي بكر ..

ومنهم : فروة بن عمرو الأنصاري ؛ حيث هو قد تخلف عن بيعة أبي بكر وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل ، كما صرّح بذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج ٦/٢٨.

ومنهم : زيد بن أرقم ؛ حيث أنكر أحقية الأوّل بالخلافة ، كما رواه ابن أبي الحديد في

١٣٠

__________________

شرحه ٦/٢٠ وقوله : إنا لنعلم أنّ ممّن سمّيت من قريش من لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد .. علي بن أبي طالب عليه السلام.

ومنهم : قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ؛ كما نقل عن ابن أبي الحديد في شرحه ٦/٤٤ من أنكاره على أبيه في طلبه الخلافة مع وجود أمير المؤمنين عليه السلام.

ومنهم : الفضل بن العباس : كما يشهد بذلك ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه ٦/٢١ عنه ، وقوله : وأنا لنعلم أنّ عند صاحبنا عهدا وهو ينتهي إليه ..

ومنهم : أبو عمرة بشير بن عمرو الأنصاري النجاري ؛ كما يظهر من كلامه مع معاوية ، كما رواه الطبري في تاريخه ٣/٥٧ ، وجاء في وقعة صفين : ١٨٧ .. وغيره.

ومنهم : جندب بن عبد اللّه الأزدي ؛ كما يدلّ عليه ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه ٩/٥٦ ـ ٥٧ .. وغيره.

ومنهم : المهاجر بن خالد بن الوليد وولده خالد ؛ كما رواه الإصفهاني في الأغاني ١٥/١٣ ، فراجع.

ومنهم : مالك بن نويرة ، فهو أشهر من أن يذكر ؛ ولأجل هذا قتل وزني بزوجته وسبي أهله .. بحجة إنّه لم يدفع زكاة ماله للخليفة ..!

وعدّ من هؤلاء في كتاب البياض الإبراهيمي : معاوية بن أبي سفيان كما في ٢/٣٩٢ ، وعمرو بن العاص ٢/٣٩٥ ـ ٣٩٦ ، وعثمان بن عفان ٢/٣٩٧.

كما وقد عدّ جمع من التابعين كثير ؛ منهم : حجر بن عدّي بن الأدبر الكندي ، والنعمان بن بشير الأنصاري .. وغيرهما ،

١٣١

__________________

وهم أكثر من ذلك بكثير.

أقول : لا شبهة أنّ دواعي إنكار هؤلاء ، أو كرههم للقوم ، وردّهم عليهم .. يختلف ويتخلف .. بحسب الزمان والظروف .. كما أنّ بعضهم اجترء عليه حين بويع لأمير المؤمنين عليه السلام ، وبعض رآها لنفسه ، وأخر دعى بها لقومه ..! ومنهم من عرف الأمر بعد ذاك فانكر .. ومنهم من كشف له الأمر فأدبر .. وآخر خسّر أو أهين فأستعبر ..

وقلّ من أنكر للّه .. وغضب للّه .. وأراد بها وجه اللّه ، ولذا ارتد الناس بعد رسول اللّه (ص) .. إلى آخره.

وبعد كل هذا ؛ فالغريب ما أورده بعض المعاصرين سامحه اللّه في كتابه المشرعة ٢/٢٦ تعليقا على إيراد العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحار الأنوار ٢٨/١٩٩ ـ ٢٠٠ لرواية أسماء من خالف البيعة (الاثني عشر الذين ردّوا على أبي بكر ..) ما نصّه : لكن مضافا إلى ضعفه سندا ينافيه بعض الروايات المعتبرة الواردة في ارتداد الناس إلاّ ثلاثة .. إذ لا بد ـ على هذا ـ من استثناء اثني عشر رجلا ، فإنّ الظاهر إنّ هذا الإنكار وقع في أوائل خلافة عتيق ..

وفيه ما لا يخفى ؛ إذ شهرة الروايات في الباب وعدم منافاتها مع روايات الارتداد ـ التي لا يقبلها المعاصر! في محل آخر ـ إنّه لا ملازمة في المقام مع وجود قرينة فيها على أنّ بعضهم كانوا غيبا يوم السقيفة كما يشهد له حديث الاحتجاج ، ولذا احتمل المصنف رحمه اللّه أن يكونوا مع جيش اسامة .. وهناك دواعي اخرى ذكرناها.

١٣٢

ومنها :

السفراء الأربعة (١)

ويراد بهم ـ حيثما يطلق ـ السفراء المعروفون للحجة المنتظر ـ عجّل اللّه تعالى فرجه ، وجعلنا من أعوانه ، ومن كلّ مكروه فداه ـ وهم : عثمان بن سعيد العمري (٢) ، ثمّ ابنه : محمّد ، ثمّ أبو القاسم الحسين بن روح ، ثمّ أبو الحسن علي بن محمّد العمري العمري (٣) ، الذي وقعت البليّة العظمى ، والغيبة التامّة الكبرى بمضيّه ، منتصف شعبان سنة ثلاثمائة وثمان أو تسع وعشرين من الهجرة الشريفة.

ثمّ إنّ السفير مأخوذ من السفر ، بمعنى كشف الغطاء ، ومنه يطلق السفير على المصلح بين القوم (٤) ؛ لأنّه يستكشف ما في قلب كلّ من الطرفين ليصلح بينهم.

__________________

(١) ويقال لهم : الوكلاء الأربعة الممدوحين المتفق على عدالتهم وأمانتهم وجلالتهم .. كما عبّر عنهم السيد بحر العلوم في خاتمة فوائده الرجالية ٤/١٢٧ الفائدة (١٣).

(٢) نسبة إلى عمرو بن عامر بن ربيعة أبو عمرو السماّن ـ لأنّه كان يتجر به ـ وكيل الأئمّة الثلاثة عليهم السلام ، توكل عن الحجة عليه السلام بعد أن كان وكيلا لأبيه وجدّه ، لثمان خلون من ربيع الأول سنة ٢٣٢ ه‌ عن الإمام الهادي عليه السلام ، توفّى في بغداد سنة ٢٦٤ أو ٢٦٥ ه‌.

(٣) كذا ، والصحيح : السمري.

(٤) كما في الصحاح للجوهري ٢/٦٨٦ ، وفصّل في معناه في لسان العرب ٤/٣٧٠ ـ ٣٧١ ، وتاج العروس ٣/٢٧٠ ، وكأنّ العبارة له ، ولاحظ : بيان العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحار الأنوار ٥٩/٢٣١.

١٣٣

ويطلق ـ أيضا ـ على الرسول ؛ لأنّه يظهر ما أمر به ، وجمع بينهما الأزهري فقال : هو الرسول المصلح (١).

وأقول : الذي يظهر من إنعام (٢) النظر أنّ إطلاقه على الرسول ، أو الرسول المصلح ، إنّما هو لكشفه الغطاء عن حقيقة ما بين الطرفين. ومن هذا الباب قوله سبحانه : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرٰامٍ بَرَرَةٍ) (٣) ؛ لأنّ السفرة يؤدّون الكتاب إلى الأنبياء والمرسلين ، ويكشفون به الغطاء عمّا التبس عليهم من الأمور المكنونة حقائقها.

والذي أعتقده عدم إطلاق السفير على مطلق الرسول ـ كما يوهمه كلام بعضهم ـ بل يعتبر في المرسل عدم إمكان الوصول إليه ومشاهدته ، كما في اللّه سبحانه ، أو تعسر مباشرته والوصول إليه ، كما في الحجّة المنتظر أرواحنا فداه وسفراء الملوك ، ولذا لم يكن يطلق السفير على رسل الأئمّة عليهم السلام.

فإطلاق السفير ـ على هؤلاء الأربعة ومن ماثلهم ـ لذلك.

وهذا الذي ذكرته لا يجده إلاّ متضلّع في اللغة والأخبار ، متعمّق فيها ، واللّه الموفّق.

وقد عدّ الشيخ رحمه اللّه السفراء المحمودين في زمان الغيبة .. وعدّ هؤلاء

__________________

(١) وزاد العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحاره ٢٦/٢٩٣ عليه قوله : بين القوم .. وفي موارد اخرى منه جاء أيضا في النهاية ٢/٣٧٢.

(٢) كذا ، والظاهر : إمعان.

(٣) سورة عبس (٨٠) : ١٥.

١٣٤

الأربعة ، ويأتي ابتداء كلام الشيخ رحمه اللّه في ترجمة عثمان بن سعيد العمري رضي اللّه عنهم (١).

ثمّ في كلّ من الثلاثة الباقين ما يرجع إليه في ترجمته إن شاء اللّه تعالى (٢).

ولا بأس بأن نورد لك كلام السيد ابن طاوس ، في محكّي ربيع الشيعة (٣) ،

__________________

(١) لاحظ : تنقيح المقال ٢/٢٤٥ ـ ٢٤٦ (من الطبعة الحجرية).

(٢) انظر ترجمتهم في موسوعتنا : تنقيح المقال ٢/٢٤٥ ـ ٢٤٦ (الطبعة الحجرية) لعثمان بن سعيد العمري أبو عمرو ، وكذا محمّد بن عثمان أبو جعفر العمري الأسدي الكوفي ٣/١٤٩ (من الطبعة الحجرية) ، والحسين بن روح أبو القاسم ١/٣٢٨ [من الطبعة الحجرية ، وفي المحقّقة ٢٢/٦٩ ـ ٧٥ برقم (٦٠٩٩)] ، ولأبي الحسن علي بن محمّد السمري ٢/٣٠٤ ـ ٣٠٥ (من الطبعة الحجرية).

(٣) أقول : حيث كان كتاب ربيع الشيعة هو بعينه كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ، وهو من أعلام القرن الثامن ، وقد صرّح بذلك المصنّف قدّس سرّه في خاتمة مقباس الهداية ٤/٥٣ ـ ٥٤ [الطبعة المحقّقة الاولى] وغيره ، لذا خرّجنا المطلب عليه ، فلاحظ.

انظر : إعلام الورى : ٤١٦ ـ ٤١٧ [المحقّقة : ٤٨٨] بتصرف واختصار أشرنا لبعضه. ولقد عقد العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحار الأنوار ٥١/٣٤٣ ـ ٣٦٦ (باب ١٦) ، بابا في أحوال السفراء الذين كانوا في زمان الغيبة الصغرى وسائط بين الشيعة وبين الحجة المنتظر عليه السلام وعجل اللّه فرجه .. وذكر جملة أحاديث فيه.

وانظر : الاحتجاج للطبرسي ٢/٤٧٧ ، والغيبة للشيخ الطوسي : ٣٤٥ ـ ٣٥٣ ، ورجال العلاّمة : ٢٧٥ ، ومنتهى المقال : ٣٧٤ الطبعة الحجرية [وفي الطبعة المحقّقة ٧/٤٨١ ـ ٤٨٩ (الفائدة الثالثة والرابعة)] ، وعدّة الرجال للأعرجي ١/٧٨ ـ ٨١ ، الوكلاء الأربعة .. وغيرها.

١٣٥

المتضمّن لفهرس ترجمة السفراء الأربعة المذكورين رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين ، قال رضي اللّه عنه : كان لصاحب الأمر غيبتان : الصغرى ، والكبرى.

أمّا الصغرى ؛ فهي التي كانت فيها سفراء (١) موجودين [كذا] ، وأبوابه معروفين [كذا] ، لا تختلف الإماميّة ـ القائلون بإمامة الحسن بن علي عليهما السلام ـ فيهم ..

فمنهم (٢) :

أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري (٣) السّمان ـ لأنّه يتّجر في السّمن ، تغطية

__________________

(١) في الإعلام : سفراؤه ، وعليه ؛ فيصحّ قوله بعد ذلك : موجودين ـ بالنصب ـ وإلاّ فيلزم الرفع ، وكذا في قوله : معروفين.

(٢) هنا زيادة جاءت في الإعلام ، وهي : فمنهم : أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ، ومحمّد ابن علي بن بلال ..

(٣) لا توجد في إعلام الورى : العمري ، والعبارة للشيخ الطوسي رحمه اللّه في الغيبة.

وجاء فيها : .. وكان أسديا ؛ وإنّما سمّي : العمري ؛ لما رواه أبو نصر هبة اللّه بن محمّد ابن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري رحمه اللّه ، قال أبو نصر : كان أسديا ينسب إلى جدّه فقيل : العمري .. ويقال له : العسكري ـ أيضا ـ ؛ لأنّه كان من عسكر سر من رأى ، ويقال له : السمّان ؛ لأنّه كان يتّجر في السمن تغطية على الأمر ، كما قاله في الغيبة : ٢١٩ [في الطبعة الحجرية ، وفي طبعة مؤسسة المعارف : ٣٥٣ برقم ٣١٤] ـ وعنه في بحار الأنوار ٥١/٣٤٣ ـ ، وإكمال الدين ٢/٥٠٤ حديث ٣٥ .. وغيرها.

وانظر الفائدة الثالثة من خاتمة منتهى المقال ٧/٤٨١ ـ ٤٨٢ ، وفيه : وفي ولده ورد عن

١٣٦

على الأمر ـ وابنه : أبو جعفر محمّد بن عثمان رضي اللّه عنهما .. (١).

وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري قدّس اللّه روحه بابا لأبيه ولجدّه عليهما السلام من قبل ، وثقة لهما عليهما السلام ، ثمّ تولّى البابيّة من قبله [عليه السلام] ، وظهرت المعجزات على يده ، والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته (٢).

ولمّا مضى لسبيله ؛ قام ابنه أبو جعفر (٣) مقامه ، بنصّه عليه السلام عليه ، ومضى على منهاج أبيه رضي اللّه عنهما في آخر جمادى الآخرة سنة أربع أو خمس وثلاثمائة (٤).

__________________

الإمام العسكري عليه السلام ـ كما في الغيبة : ٣٦٠ ـ مسندا ، قال : «العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك فعني يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما واطعهما ، فإنّهما الثقتان المأمونان».

(١) في الإعلام هنا زيادة لا بأس بذكرها ، وهي : .. وعمر الأهوازي ، وأحمد بن إسحاق ، وأبو محمّد الوجاني [في الإعلام المحقق : الوجناني ، وفي منتهى المقال : الوجناي] ، وإبراهيم ابن مهزيار ، ومحمّد بن إبراهيم .. في جماعة اخرى [ربّما يأتي ذكرهم عند الحاجة إليهم في الرواية عنهم] ، وكانت مدة هذه الغيبة أربع وسبعين سنة ، وحكاه عن ربيع الشيعة في منتهى المقال ٧/٤٨٥ [الطبعة المحقّقة].

(٢) لا يوجد في الإعلام : والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته.

(٣) في الإعلام : أبو محمّد ، وهو غلط.

(٤) وزاد في الغيبة للشيخ الطوسي : ٣٦٦ برقم ٣٣٤ : وأنّه كان يتولى هذا الأمر نحوا من خمسين سنة.

١٣٧

وقام مقامه أبو القاسم الحسين بن روح ، من بني نوبخت ، بنصّ (١) أبي جعفر ، محمّد بن عثمان عليه ، وأقامه مقام نفسه.

ومات رضي اللّه عنه في شعبان سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة (٢) ، وقام مقامه (*) أبو الحسن علي بن محمّد السمري ، بنصّ أبي القاسم عليه ، وتوفّي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

وكانت مدّة هذه الغيبة أربعا وستين سنة (٣) ، فروي عن أبي محمّد الحسن بن

__________________

(١) والحديث من الغيبة للشيخ الطوسي رحمه اللّه : ٣٧١ برقم ٣٤١ ، وحكاه في خلاصة الأقوال : ٢٧٣ ، وعنه في حاوي الأقوال ٤/٤٦٢.

(٢) كما في الغيبة للشيخ الطوسي : ٣٨٦ برقم ٣٥٠.

(*) من هنا كانت ساقطة من نسخة الحائري ، ولذا أستغرب عدم ذكره لعلي بن محمّد السّمري ، لا أوّلا ولا آخرا. ثمّ أحتمل سقم النسخة ، والأمر على ما أحتمله. [منه (قدّس سرّه)].

انظر : منتهى المقال ٧/٤٨٦ (الخاتمة ، الفائدة الثالثة).

(١) لا توجد في إعلام الورى قوله : وكانت مدة هذه الغيبة أربعا وستين سنة ..

قال العلاّمة المجلسي طاب رمسه في بحاره ٥١/٣٦٦ : بيان : الظاهر أنّ مدة زمان الغيبة من ابتداء إمامته عليه السلام إلى وفاة السمري وهي أقل من سبعين سنة ؛ لأنّ ابتداء إمامته عليه السلام ـ على المشهور ـ لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة ستين ومائتين ، ووفاة السمري في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وعلى ما ذكره ـ أي الطبري في إعلام الورى ـ في وفاة السمري تنقص سنة أيضا ، حيث قال : توفّي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، ولعلّه جعل ابتداء الغيبة ولادته عليه السّلام ، وذكر الولادة سنة خمس وخمسين ومائتين ، فيستقيم على ما ذكره الشيخ من وفاة السمري ، وعلى ما ذكره ينقص سنة أيضا ، ولعلّ ما ذكره من تاريخ السمري سهو من قلمه.

١٣٨

أحمد المكتب ، أنّه قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفّي (١) علي بن محمّد السمري [قدس اللّه روحه] ، فحضرته قبل وفاته بأيام ، فأخرج (٢) إلى الناس توقيعا نسخته :

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

«يا علي بن محمّد السمري! أعظم اللّه أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ؛ ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا ظهور إلاّ بعد إذن اللّه ـ تعالى ذكره ـ .. وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلب (٣) ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي (٤) من شيعتي من يدّعي المشاهدة .. ألا ومن يدّعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم» (٥).

قال : فانتسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا

__________________

(١) في الإعلام : توفّي فيها.

(٢) كذا في بحار الأنوار ، وفي المصدر السالف : فخرج وأخرج.

(٣) في المصدر السابق : القلوب.

(٤) في رجال الخاقاني هنا كلمة (بعدي) بعد : وسيأتي ، وفي الاحتجاج ٢/٢٩٧ : إلى شيعتي ..

(٥) وجاء التوقيع المبارك في مدينة المعاجز ٨/٨ .. وغيره.

١٣٩

إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك؟ قال : للّه أمر هو بالغه ، وقبض. فهذا آخر كلامه (١) سمع منه (٢).

ثمّ حصلت الغيبة الطولى التي نحن في زمانها ، والفرج يكون في آخرها بمشيئة اللّه تعالى. انتهى ما في ربيع الشيعة (٣).

ولا يخفى عليك أنّ العمري الوكيل ، قد يطلق على حفص بن عمرو ، وابنه محمّد بن حفص بن عمرو ، ويطلق أيضا على عثمان بن سعيد وابنه محمّد بن عثمان ابن سعيد الأسدي ، وكنية ابن حفص وابن عثمان كليهما : أبو جعفر ، صرّح بهذا النّاقد (٤).

__________________

(١) كذا ، والظاهر : كلام ، كما في الإعلام والغيبة وبحار الأنوار ورجال الخاقاني .. وغيرها. ولاحظ : ما رواه العلاّمة المجلسي في الجزء الواحد والخمسين من بحاره ، وعن إكمال الدين فيه ٥١/١٥ حديث ١٥.

(٢) أخذه من كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ، وإكمال الدين ٢/٥١٦ ، وعنها في بحار الأنوار ٥١/٣٦٠ ـ ٣٦١ حديث ٧ باختلاف يسير ، والاحتجاج ٢/٤٧٨.

(٣) ربيع الشيعة ؛ وهو ـ كما قلنا ـ إعلام الورى : ٤١٦ ـ ٤١٧ [الطبعة المحقّقة : ٤٤٥] باختلاف أشرنا لبعضه. وانظر : الغيبة للشيخ الطوسي رحمه اللّه : ٣٥٣ ـ ٣٩٤ [المحقّقة : ٣٩٥] ، وفيه عدّة أحاديث ، والاحتجاج للطبرسي ٢/٤٧٨ [٢/٢٩٧] ، وإكمال الدين للشيخ الصدوق ٢/٥١٦ ، وكشف الغمة للأربلي ٢/٥٣٠ ، والفائدة الثالثة من خاتمة كتاب منتهى المقال ٧/٤٨١ ـ ٤٨٤ .. وغيرها.

(٤) نقد الرجال (باب الكنى) : ٣٨٤ ـ ٣٨٥ [الطبعة المحقّقة ٥/١٣٢ ـ ١٣٣ تحت رقم (١٥٩٥١)] ، وباب الألقاب : ٤١٠ [الطبعة المحقّقة ٥/٢٩٢ برقم (٦٤٨٧)] .. وغيره.

١٤٠