تراثنا ـ العددان [ 121 و 122 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 121 و 122 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٥١٠

لم نَعْدُ فيهم سيرتك ، ولم نقتل من المارقين مدبراً ولا أسيراً ، ولم نذفف منهم على جريح ، وقد نصرك الله والمسلمين ، والحمد لله ربّ العالمين»(١) ، فلمّا قرأها الإمام عليه‌السلام على أصحابه أشاروا عليه أن يكتب لمعقل بملاحقة الخرّيت وأتباعه وتتبّع آثارهم وقتلهم أو نفيهم عن بلاد المسلمين(٢) ، فكتب له بذلك(٣). فاستمرّ في ملاحقته.

واستطاع الخرّيت إفساد عبد قيس ومن والاهم من سائر العرب في تلك البقاع بالحيلة والمكيدة ، وكان قومه قد منعوا الصدقة عام صفِّين وذلك العام ، وأسرَّ إلى من كان معه على رأي الخوارج أنّه معهم ، وأسرَّ إلى العثمانيَّة بأنّه معهم أيضاً. ولمَّا رأى أهل تلك البلاد اختلاف المسلمين ارتدّوا إلى نصرانيَّتهم. وحين التقى معقل بالخرّيت وجمعه خطب بجيشه خطبة ظاهر تأثّرها بخطب الإمام عليه‌السلام ، قال : «عباد الله لا تبدأوا القوم ، وغضّوا أبصاركم ، وأقلُّوا الكلام ، ووطِّنوا أنفسكم على الطعن والضَّرب ، وأبشروا في قتلاكم بالأجر ، إنّما تقاتلون مارقة مرقت من الدين ، وعلوجاً كسروا الخراج ، ولصوصاً وأكراداً ، فإذا حملت فشدُّوا شدّة رجل واحد»(٤) ؛ فقاتلهم معقل قتالاً شديداً بسيف البحر واستطاع النعمان بن صُهْبان الراسبي(٥) قتل

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤/٩٥.

(٢) الغارات ١/٣٥٤.

(٣) تاريخ الطبري ٤/٩٥.

(٤) البداية والنهاية ٧/٣٥١.

(٥) من أصحاب أمير المؤمنين ومن نسّاك شيعته ، قال بعد يوم الجمل عليه‌السلام من دخل دار النعمان بن صهبان فهو آمن ، رجال الطوسي ٥٧/٥.

٤٢١

الخرِّيت(١) في رواية ، وقُتِلَ من معه من المرتدِّين ، وكتب معقل بالنصر لأمير المؤمنين عليه‌السلام(٢) ، وفي أثناء عودته مع الأسرى نزل بعض كُوَر الأهواز ، وعليها مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملاً لعليّ عليه‌السلام ، فصاح السبي : أمنن علينا يا مصقلة ، فاشتراهم بثلاثمائة ألف درهم ، وأدَّى منه مائتي ألف ، وهرب إلى معاوية(٣) ، وروى ابن عساكر أنّ معقلاً باعهم بخمسمائة ألف درهم ، وأقبل إلى أمير المؤمنين فأخبره بما كان منه ، فقال له : أحسنت وأصبت(٤).

وذكر اليعقوبي أنّ الخرِّيت حين خرج بأصحابه نهبوا بيت مال البلاد التي مرَّوا بها حتّى صاروا إلى سيف عمان ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام وجَّه الحلو ابن عوف الأزدي عاملاً على عمان ، فقتله بنو ناجية ، وارتدّوا عن الإسلام ، فوجَّه الإمام معقل بن قيس ، الذي تمكَّن من قتل الخرِّيت وجماعته ، وسبى بني ناجية ، فاشتراهم مصقلة ، وأنفذ بعض الثمن ، ثمّ هرب إلى معاوية(٥).

وروى ابن أعثم رواية جديرة بالذكر ، فقبل التحام الجيشين طلب معقل ابن قيس لقاء الخرّيت ، فأجابه ، فقال له : «لم خرجت على أمير المؤمنين ، ودعوت الناس إلى خلعه والبراءة منه وقد كنت من خيار أصحابه ، وأوثق الناس عنده؟ فقال : لأنّه حكَّم في حقّ هو له ، فقال معقل : ويحك! أمن أهل

__________________

(١) ينظر تاريخ الطبري ٤/٩٨ ، وأنساب الأشراف ٢/٤١٥.

(٢) تاريخ الطبري ٤/٩٩ ، مروج الذهب ٢/٤٢٩ ، وتاريخ مدينة دمشق ٥٨/٢٧١.

(٣) مروج الذهب ٢/٤٠٨ ، البداية والنهاية.

(٤) تاريخ الطبري ٤/٩٩ ، وتاريخ مدينة دمشق ٥٨/٢٧١ ، وينظر أنساب الأشراف ٢/٤١٦.

(٥) تاريخ اليعقوبي ٢/١٩٤ ـ ١٩٥ ، وينظر أيضاً تهذيب الأحكام ١٠/١٣٩.

٤٢٢

الإسلام أنت؟ قال : نعم ... فقال معقل : خبِّرني لو أنّك خرجت حاجّاً فقتلت شيئاً من الصَّيد ممّا نهى الله عزَّ وجلَّ عنه ، ثمّ أتيت عليّاً تستفتيه في ذلك فأفتاك ، هل عندك رضىً؟ فقال : بلى ، وقد قال النبيُّ (صلى الله عليه وآله) : أقضاكم عليّ ، فقال له معقل بن قيس : فكيف ترضى به في علمه ، ولا ترضى فيما حكّم؟ قال : لأنّي لا أعلم أحداً من الناس حكّم في شيء هو له. فقال له : يا هذا إنّ الذي لا تعلمه أنت هو أكثر من الذي علمته ، وإنَّا وجدنا عليّاً يحكم في جميع ما اختلفنا فيه ، وقد رضينا بحكمه ، فاتّق الله وإيّاك وشقّ العصا! وارجع إلى ما كنت عليه من السّمع والطّاعة ، فأمير المؤمنين أعلم بما يأتي ويذر ـ يدع ـ ؛ فقال الخرّيت : لا والله لا يكون ذلك ولا تحدّثت العرب به أبداً ، وما لكم عندي ولصاحبكم إلاّ السيف»(١) ، ثمّ صاح بأصحابه ، وحمل على معقل ، واختلط القوم ، فقصده معقل ، وضربه على أمّ رأسه فجدّله قتيلاً(٢).

توجّه يزيد بن شجرة إلى مكّة :

وفي موسم الحجّ بعد مؤامرة التحكيم سيّر معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي إلى مكّة ، وطلب منه أن يدعو الناس إلى طاعته ، وقال له : «فإن أجابوك فاكفف عنهم ، وإن نابذوك فنابذهم وناجزهم». وكان يزيد عثمانياً حارب بصفّين مع معاوية ، وكان على مكّة قثم بن العبّاس ، فلمّا سمع بمقدم جيش معاوية أراد التنحّي عن مكَّة على الرغم من استلامه رسالة من أمير

__________________

(١) الفتوح ٤/٢٤٣.

(٢) المصدر السابق.

٤٢٣

المؤمنين عليه‌السلام يعلمه فيها بتوجّه معقل لمطاردة يزيد ، فأطلع قثم أبا سعيد الخدري على رسالة الإمام ، فقال له أبو سعيد : «إنّك إن أجهدت نفسك في مناصحة إمامك فرأى ذلك لك ، وعرف ذلك الناس ، فخرجت من اللائمة ، وقضيت الذي عليك من الحقّ ، فإنّ القوم قد قدموا ، وأنت في الحرم ، والحرم حرم الله الذي جعله آمناً ..»(١).

وكان التخاذل بدأ يدبُّ بين الكوفيّين بعد التحكيم ، وحين علم أمير المؤمنين عليه‌السلام بفعلة معاوية دعا معقل بن قيس ، وأعلمه بالخبر ، فقال : «أنا لهم فوجِّهني إليه» ، فاستنفر عليه‌السلام الناس ، وخطب فقال : «الحمد لله الذي لا يعزّ من غالبه ، ولا يفلح من كايده ، إنّه بلغني أنّ خيلا وجّهت نحو مكّة ، فيها رجلٌ قد سُمِّي لي ، فانتدبوا إليها رحمكم الله مع معقل بن قيس ، واحتسبوا في جهادكم والانتداب معه أعظم الأجر وصالح الذخر» ؛ فسكتوا ، ولم يجيبوه بشيء ؛ فقام معقل فقال : «أيّها الناس ، انتدبوا ، فإنّما هي أيّام قلائل ، حتّى ترجعوا إن شاء الله ، فإنّي أرجو أن لو سمعوا بنفيركم تفرَّقوا تفرّق معزى الفزر(٢) ، فوالله إنّ الجهاد في سبيل الله خير من المقام تحت سقوف البيوت ، والتضجيع خلف أعجاز النساء ... وانتدب الناس»(٣) ؛ وواصل معقل السير ، فوصل مكّة بعد خروج زيد الرهاوي منها ، فتبعهم ، وظفر بنفر منهم أخذهم

__________________

(١) الغارات ٢/٥٠٤.

(٢) كذا في أنساب الأشراف ١/١٩ ، وفي ٢/٤٦٣ الغزّ. والصواب ما أثبتناه ، أراد قولهم في المثل (لا آتيك معزى الفِزْر). لتفرّقها واستحالة جمعها.

(٣) أنساب الأشراف ٢/٣٦٣.

٤٢٤

أسرى ، وعاد إلى الكوفة(١) ، فكتب معاوية إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام بأنّ في أيديهم رجال من شيعته ، وإنّ عنده رجال أسرهم معقل بن قيس ، فإن أحببت خلّينا من في أيدينا ، وخلّيتم من في أيديكم ؛ فأطلق الإمام أسرى معاوية ، وأطلق معاوية من كان عنده من الأسرى(٢).

اللقاء الأخير :

بعد فعلة بسر بن أرطاة بأصحاب الإمام عليه‌السلام باليمن ، والتمثيل بهم ، وقتله ولدي عبيد الله بن عبّاس خطب الإمام خطبة بيّن فيها مدى جزعه وحزنه من أهل الكوفة ، ودعا الله أن يبدله بخير منهم(٣) ، فتلاوم وجوه شيعته ، وخافوا أن يدعو الله عليهم(٤) ، ودخلوا عليه ، وأعلنوا عن طاعتهم فيما يأمرهم به ، فطلب منهم التجهّز لقتال معاوية ، واستشارهم في اختيار رجل يحشر الناس من السّواد والقرى ، فقال سعيد بن قيس : «أما والله أشير عليك بفارس العرب الناصح الشديد على عدوّك. قال له : من؟ قال : معقل ابن قيس الرياحي»(٥) ، فسرّحه ، فلمّا صار بالدسكرة ، وهي قرية كبيرة غربي بغداد بلغه أنّ الأكراد أغارت على شهرزور ، فخرج في آثارهم ، فلحقهم حتّى دخل الجبل ، فانصرف عنهم ، ثمّ لمّا فرغ من حشر الناس أقبل راجعاً ، فلمّا

__________________

(١) الغارات ٢/٥٠٤ ، أنساب الأشراف ٢/٤٦٢ ، والكامل في التاريخ.

(٢) أنساب الأشراف ٢/٤٧ ، وينظر أيضاً الكامل في التاريخ ٣/٣٨٠.

(٣) الخطبة في نهج البلاغة : ١٣٥ ـ ١٣٨.

(٤) ينظر أنساب الأشراف ٢/٤٧٨.

(٥) أمالي الشيخ الطوسي : ١٧٤.

٤٢٥

وصل المدائن بلغه نعي أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فسار حتّى دخل الكوفة(١).

مع الإمام الحسن عليه‌السلام :

ولم يتخلَّف القائد الهمام عن إمامه الحسن عليه‌السلام ، ويوم استخلف خطب وحثّ أهل الكوفة على الجهاد معه ، فتثاقلوا كعادتهم مع أبيه عليهما‌السلام ، (فقام معقل في جماعة فأنَّبوا الناس ولاموهم وحرَّضوهم)(٢) ، وكان ما كان من بعد.

موقفه من الخوارج أثناء حكم معاوية :

استمرّ الخوارج يتطالعون كرؤوس الشياطين بعد رحيل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكانت كراهية أصحابه لهم لا تفوقها كراهية ، وفي ولاية المغيرة ابن شعبة على الكوفة أتَى أبو ليلى المسجد ، وكان أسود طويلاً ، فأمسك بعضادتي باب من أبوابه ، وحكَّمَ بصوت جهير سمعه أهل المسجد ، فلم يعْرض له أحد ، فخرج وتبعه ثلاثون راكِباً من الموالي ، فبعث إليه المغيرة بن شعبة معقل بن قيس الرياحي ، أو غيره ، فقتله بسواد الكوفة سنة اثنتين وأربعين(٣).

ثمّ خرج شبيب بن بجرة الأشجعي ، وكان في معركة النهروان على

__________________

(١) الغارات ٢/٦٣٨ ، والأخبار الطوال : ٢١٣ ، وأنساب الأشراف ٢/٤٧٩ ، وأمالي الشيخ الطوسي : ١٧٤ ، شرح نهج البلاغة ٢/٩٠.

(٢) أعيان الشيعة ١٠/١٣١.

(٣) أنساب الأشراف ٥/١٦٨ ، الكامل في التاريخ ٣/٤١٣.

٤٢٦

ميسرة الخوارج(١) ، وكان لعنة الله عليه مع ابن ملجم حين ضرب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إلاّ أنّه استطاع الهرب(٢) ، وحين دخل معاوية الكوفة أتاه شبيب ، وقال له : أنا وابن ملجم قتلنا عليّاً ، فوثب معاوية من مجلسه مذعوراً ، ودخل بيته ، وحين ولّي المغيرة الكوفة بعد خروج معاوية خرج شبيب عليه فبعث إليه معقل بن قيس في رواية فقتله وقتل أصحابه(٣).

نهاية القائد المنصور :

في سنة ثلاث وأربعين أثناء ولاية المغيرة بن شعبة خرج المستورد بن علّفة التيمي(٤) ، وقيل : المستورد بن سعد أحد بني تميم(٥) وهو أخو قطام التي تزوّجها عبد الرحمن بن ملجم لعنة الله عليهم(٦) ، وكان أحد رؤوس الخوارج في أيّام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد نجا من سيفه يوم النخيلة(٧). وهو من الأبطال الشجعان ، ومن النسَّاك المجتهدين ، ومن أقواله : «لو ملكت الدنيا بحذافيرها ، ثمّ دعيت إلى أن أستفيد بها خطيئة ما فعلت»(٨) ؛ ولكنّه استفاد ، وأيّة فائدة! لأنّ سوء عاقبته جعله ينحرف عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلمّا خرج

__________________

(١) تاريخ خليفة : ١٤٩.

(٢) الطبقات الكبرى ٣/٣٧ ، والاستيعاب ٣/١١٢٥.

(٣) الكامل في التاريخ ٣/٤١١.

(٤) الكامل في التاريخ ٣/٤٢١ ، وتاريخ مدينة دمشق ٥٩/٣٦٨.

(٥) شرح نهج البلاغة ٤/١٣٤.

(٦) الغارات ٢/٧٨٣.

(٧) شرح نهج البلاغة ٥/٩٧.

(٨) المصدر السابق ٥/٩٧.

٤٢٧

جمع المغيرة وجوه الشيعة كعدي بن حاتم ومعقل بن قيس وصعصعة بن صوحان وغيرهم ، وكلٌّ رغب أن يخرج إليه ، ولكن معقل بن قيس قال له : «إنّك لا تبعث إليهم أحداً ممّن ترى حولك من أشراف المصر إلاّ وجدته سامعاً مطيعاً ، ولهم مفارقاً ، ولهلاكهم محبّاً ، ولا أرى أصلحك الله أن تبعث إليهم أحداً من الناس أعدى لهم ولا أشدّ عليهم منِّي ، فابعثني إليهم ، فإنّي أكفيكهم بإذن الله ؛ فقال : اخرج على اسم الله ؛ فجهَّز معه ثلاثة آلاف رجل»(١) كلّهم من شيعة عليٍّ عليه‌السلام لشدّة عداوتهم للخوارج(٢) ، فلاحق المستورد في غير موضع ، واشتبكت معه فرسانه في غير مكان ، وفي نهاية المطاف قضى معقل على فلوله قرب المدائن ، إلاّ أنّه في أثناء المعركة اشتبك معه ، فاقتتلا قتالاً شديداً ، وبيد المستورد رمحه ، وبيد معقل سيفه ، فطعنه المستورد برمحه حتّى خرج السنان من ظهره ، وضربه معقل بالسيف على رأسه ، حتّى خالط السيف أم الدماغ فخرَّا ميّتين ، وكان ذلك في شهر شعبان سنة ثلاث وأربعين للهجرة(٣) ، وحدّد الذهبي وفاته بسنة اثنتين وأربعين ، ومن غرائبه قوله : «لا أعرفه ، وليست له صحبة»(٤) ؛ وهل مثل معقل لا يعرفه أحد!

__________________

(١) المصدر السابق ٤/١٤٤.

(٢) تاريخ الطبري ٤/١٤٣.

(٣) أنساب الأشراف ٥/١٦٨.

(٤) تاريخ الإسلام ٤/١٦٦ ، وتاريخ الطبري ٤/١٥٤ ، ١٥٨ ، وتاريخ مدينة دمشق ٥٩/٣٦٨ ، وأنساب الأشراف ٥/١٦٩.

٤٢٨

المصادر

١ ـ الأخبار الطوال : ابن قتيبة الدينوري (ت٢٨٢ هـ) ، مصوّر على قرص أصدرته مكتبة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث لتحقيق التراث سنة ١٤٢٦هـ.

٢ ـ أُسد الغابة : ابن الأثير (ت٦٣٠ هـ) ، طبعة انتشارات إسماعيليان ، طهران.

٣ ـ الإصابة : ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢هـ) ، تحقيق عادل عبد الموجود والشيخ علي محمّد معوّض ، دار الكتب العلمية ، بيروت ١٩٩٥م.

٤ ـ أعيان الشيعة : السيّد محسن الأمين ، تحقيق حسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت.

٥ ـ إكمال الكمال : ابن ماكولا ، دار الكتاب الإسلامي ، والفاروق الحديثة للطباعة والنشر : القاهرة.

٦ ـ الأمالي : الشيخ الطوسي (ت٤٦٠ هـ) ، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية ، دار الثقافة ، قم ١٤١٤هـ.

٧ ـ أنساب الأشراف : البلاذري (ت٢٧٩ هـ) تحقيق محمّد باقر المحمودي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ١٩٧٤م.

٨ ـ البداية والنهاية : ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) ، تحقيق علي شيري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ١٩٨٨م.

٩ ـ تاريخ الإسلام : الذهبي (ت٧٤٨ هـ) ، عمر عبد السّلام ، دار الكاتب العربي ، بيروت ١٩٩٣م.

١٠ ـ تاريخ خليفة : خليفة بن خيّاط (٢٤٠هـ) ، تحقيق سهيل زكّار ، دار الفكر للطباعة والنشر ، بيروت.

١١ ـ تاريخ الرسل والملوك : الطبري (ت٣١٠ هـ) ، دار الكتب العلمي ، بيروت.

٤٢٩

١٢ ـ تاريخ المدينة المنوّرة : عمر بن شبة النميري (ت٢٦٢ هـ) ، تحقيق محمّد شلتوت ، منشورات دار الفكر ، قم ١٤١٠هـ.

١٣ ـ تاريخ مدينة دمشق : ابن عساكر (ت ٥٧١هـ) ، تحقيق علي شيري ، دار الفكر ، بيروت ١٩٩٥م.

١٤ ـ تاريخ اليعقوبي : اليعقوبي (ت٢٩٢ هـ) ، تحقيق عبد الأمير مهنّا ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ١٩٩٣م.

١٥ ـ تجارب الأمم : ابن مسكويه ، تحقيق د. أبو القاسم إمامي ، ط٢ ، مطابع دار سروش للنشر ، طهران ١٩٨٧م.

١٦ ـ التذكرة الحمدونية : ابن حمدون (ت٣٠٩ هـ) ، تحقيق إحسان عبّاس ، وبكر عبّاس ، دار صادر ، بيروت ١٩٩٦م.

١٧ ـ تهذيب الأحكام : الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠هـ) ، تحقيق السيّد حسن الموسوي الخرسان ، دار الكتب الإسلامية.

١٨ ـ الثقات : محمّد بن حبّان (ت٣٥٤) ، تحقيق محمّد عبد المعين خان ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، الهند ١٩٧٣م.

١٩ ـ الثوية بقيع الكوفة : د. صلاح الفرطوسي ، دار الجواهري ، بيروت ٢٠١٤م.

٢٠ ـ الجمل : الشيخ المفيد (ت٤١٣ هـ) ، ط٢ ، نشر مكتب الإعلام ، قم ١٤١٦هـ.

٢١ ـ جمهرة أنساب العرب : ابن حزم (ت٤٥٦ هـ) ، مراجعة عبد المنعم خليل ، دار الكتب العلمية ، بيروت ٢٠٠٩م.

٢٢ ـ رجال الطوسي : الشيخ الطوسي (ت٤٦٠ هـ) ، تحقيق جواد القيّومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة ١٤٢٥هـ.

٢٣ ـ رجال من بقيع ثوية الكوفة : د. صلاح مهدي الفرطوسي ، أمانة مسجد الكوفة والمزارات الملحقة به ، بيروت ٢٠١٢هـ.

٢٤ ـ شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد (ت٦٥٦ هـ) ، تحقيق الشيخ حسين الأعلمي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ١٩٩٥م.

٤٣٠

٢٥ ـ الطبقات الكبرى : ابن سعد (ت ٢٣٠هـ) ، تقديم إحسان عبّاس ، دار صادر بيروت ١٩٩٧م.

٢٦ ـ العبر وديوان المبتدأ والخبر (تاريخ ابن خلدون) : ابن خلدون (ت٨٠٨ هـ) ، ط٤ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٢٧ ـ الغارات : إبراهيم بن محمّد الثقفي الكوفي (ت ٢٨٣هـ) تحقيق السيّد جلال الدين الأرموي ، مصوّر على قرص أصدرته مكتبة آل البيت عليهم‌السلام لتحقيق التراث سنة ١٤٢٦هـ.

٢٨ ـ الغدير : الشيخ الأميني ، ط٤ ، نشر دار الكتاب العربي ، بيروت ١٩٧٧م.

٢٩ ـ الفتوح : ابن أعثم (ت ٣١٤هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

٣٠ ـ الكامل في التاريخ : ابن الأثير (ت٦٣٠ هـ) ، ابن الأثير ، ط ٨ ، دار صادر ، بيروت ٢٠٠٨م.

٣١ ـ الكوفة وأهلها في صدر الإسلام : د. صالح أحمد العلي ، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ، بيروت ٢٠٠٣م.

٣٢ ـ اللباب في تهذيب الأنساب : ابن الأثير (ت ٦٣٠هـ) ، تحقيق إحسان عبّاس ، دار صادر ، بيروت.

٣٣ ـ معجم رجال الحديث : السيّد الخوئي ، ط٥ ، ١٩٩٢م.

٣٤ ـ المحبّر : محمّد بن حبيب البغدادي (ت٥٤٨ هـ) ، المكتبة التجارية ، بيروت.

٣٥ ـ المنتظم : ابن الجوزي (ت ٥٦٧ هـ) ، دار صادر ، بيروت.

٣٦ ـ مروج الذهب : المسعودي (ت٣٤٦ هـ) ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة الإسلامية ، بيروت.

٣٧ ـ نهج البلاغة : الشريف الرضيّ (ت٤٠٤ هـ) ، تحقيق محمّد عبده ، مؤسّسة المعارف ، بيروت ١٩٩٦م.

٣٨ ـ وقعة صفّين : نصر بن مزاحم (ت٢١٢ هـ) ، تحقيق عبد السّلام محمّد هارون ، نشر مكتبة المرعشي ، قم ١٤١٨هـ.

٤٣١

آل يقطين ودورهم السياسي

والإداري والفكري

محمّد جواد نور الدين فخر الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد : أسرة آل يقطين

تعتبر أسرة آل يقطين من الأسر التي أسهمت إسهاماً فاعلاً في المجال السياسي والإداري بل والفكري أيضاً ، وهذا ما نراه واضحاً عند قراءتنا سيرة حياة هذه الأسرة من خلال ما أوردته بعض المصادر عن سيرتهم الذاتية.

وعلى الرغم من قلّة النصوص التاريخية المذكورة عن هذه الأسرة ، إلاّ أنّ ما أورده بعض المؤرّخين أعطى دلالة واضحة إلى الدور الهام الذي شغلته خلال مدّة زمنية تقارب المائة عام.

في حين نجد أنّ الكتب الرجالية قد أسهبت في الكلام عند ذكر البعض منهم بينما نراها صامتة عن ذكر البعض الآخر ، وإن ذكرتهم فهو لايفي

٤٣٢

بالحاجة ، لأنّه لا يعطينا دلالات واضحة عن سيرة هؤلاء الأشخاص ومعرفةأحوالهم التي تمهّد للمؤرّخ تدوين تاريخهم بصورة لا يحيطها الغموض أو يمكنه التمسّك بنصٍّ واحد قابل للبحث عن صحّته أو خطئه كنصٍّ من النصوص التاريخية المعتد بها.

والمثير إلى الجدل والكلام هنا أنّ عميد هذه الأسرة وهو يقطين بن موسى الذي كان له دور فاعل في الدعوة العبّاسية بل وله دور كبير في المفاوضات السياسية بين أبي جعفر المنصور وأبي مسلم الخراساني ولكن بعدما استفحل أمره ومال عن العباسيّين ، نرى المؤرّخين قد أحجموا عن ذكر كثير ممّا ورد فيه.

وكذلك عند تتبّع حياة ولده عليّ بن يقطين الذي احتلّ عدّة مناصب إدارية مهمّة في الدولة العبّاسية ، إلاّ أنّنا نرى بعض المصادر تذكره هنا وهناك دون الإشارة إلى الأعمال التي أسهم فيها.

ولكنّ المقدار المتوفّر الذي لابدّ لنا أن نذكره هنا هو أنّ ما نقلته لنا كتب الشيعة الإمامية ـ سواء الكتب الأربعة ، أو المصادر الإخبارية الأخرى ، أو كتب الرجال ـ من ذكر بعض أحوال هذه الأسرة حيث إنّها لم تحطنا علماً بتفاصيل حياتهم على الرغم من وجود الثناء الكبير في بعض الروايات التي تمجّد بهم ، وتنقل لنا صورة واضحة عن دورهم الفكري وهي الروايات المنقولة عنهم بطرق مختلفة وبمواضيع شتّى.

٤٣٣

المبحث الأوّل : آل يقطين ودورهم السياسي والإداري

تعدّ هذه الأسرة إحدى أُسر الموالين مولى بني أسد(١) ، وقيل مولى بني هاشم(٢) ، وتنحدر من أصل كوفيّ(٣) ، ثمّ سكنت من بعد ذلك بغداد(٤) ؛ وذلك لتولّي أبنائها عدّة مناصب إدارية كان يستوجب من خلالها الانتقال إلى هذه المدينة.

وقد برز من هذه الأسرة عدّة أعلام كان لكلّ منهم إسهامه في الحقل الذي شغله لاسيّما في المجال السياسي ، والإداري ، والفكري.

لقد شغلت هذه الأسرة عدّة مناصب إدارية في الدولة العبّاسية ؛ وذلك لدورها الكبير في الدعوة العبّاسية وخاصّة عميد هذه الأسرة يقطين بن موسى ، الذي كان له دور يذكره المؤرّخون خلال تلك الفترة ، وهذا ما سنتعرّف عليه خلال هذا المبحث.

ولأجل التعرّف على هذه الشخصية لابدّ من قراءة مسيرة حياته ، والتعرّف عليه عن قرب لأجل الخروج بعد ذلك بسمات واضحة عن تركيبته السياسية والعقائدية والفكرية.

__________________

(١) رجال البرقي : ٤٨ ، رجال النجاشي : ٢٧٣ ، اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشّي ٢/٧٢٩ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال الحلّي : ٩١.

(٢) رجال النجاشي : ٤٥ ، رجال الحلّي : ٣٩.

(٣) رجال النجاشي : ٢٧٣ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال البرقي : ٤٨ ، ٢٥٣ ، رجال الحلّي : ٩١.

(٤) رجال النجاشي : ٢٧٣ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال الحلّي : ٩١.

٤٣٤

هو الأمير(١) يقطين بن موسى(٢) الكوفيّ الأصل(٣) ، البغداديّ السكن(٤) ، مولى بني أسد(٥) ، وقيل مولى بني هاشم(٦).

أحد دعاة العبّاسيّين في الكوفة(٧) ، بل من وجوه الدعاة على حدّ تعبير ابن النديم(٨) ، وكان داهية ذا رأي(٩) ، فقد وصفه ابن تغري بردي بقوله : «أحد دعاة بني العبّاس ومن قرّر أمرهم في الممالك والأقطار وكان داهية عالماً حازماً شجاعاً عارفاً بالحروب والوقائع»(١٠).

وهذا ما نستقرأه من بعض النصوص التاريخية الواردة في سيرته الذاتية ، حيث إنّه كان من المقرّبين للعبّاسيّين وله دور يذكر في الدعوة العبّاسية ، ومن طريف ما يذكر عنه في هذا الأمر ما ذكره ابن كثير بقوله إنّه :

__________________

(١) هذا ما لقّبه به ابن تغري بردي. ينظر : ابن تغري بردي ، جمال الدين أبي المحاسن يوسف (ت ٨٧٤ هـ) ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ٢/١٢٠.

(٢) رجال النجاشي : ٢٧٣ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال البرقي : ٤٨ ، ٢٥٣ ، رجال الحلّي : ٩١.

(٣) رجال النجاشي : ٢٧٣ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال البرقي : ٤٨ ، ٢٥٣ ، رجال الحلّي : ٩١.

(٤) رجال النجاشي : ٢٧٣ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال الحلّي : ٩١.

(٥) رجال البرقي : ٤٨ ، اختيار معرفة الرجال ٢/٧٢٩ ، رجال النجاشي : ٢٧٣ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال الحلّي : ٩١.

(٦) رجال النجاشي : ٤٥ ، رجال الحلّي : ٣٩.

(٧) رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال النجاشي : ٢٧٣.

(٨) الفهرست لابن النديم : ٣١٤ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال النجاشي : ٢٧٣.

(٩) البداية والنهاية ١٠/١٨٨.

(١٠) النجوم الزاهرة ٢/١٢٠.

٤٣٥

«احتال مرّة حيلة عظيمة لمّا حبس مروان الحمار إبراهيم بن محمّد بحران ، فتحيّرت الشيعة العبّاسية فيمن يولون ، ومن يكون وليّ الأمر من بعده إن قتل؟ فذهب يقطين هذا إلى مروان فوقف بين يديه في صورة تاجر فقال : يا أمير المؤمنين إنّي قد بعث إبراهيم بن محمّد بضاعة ولم أقبض ثمنها منه حتّى أخذته رسلك ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجمع بيني وبينه لأطالبه بمالي فعل قال : نعم! فأرسل به إليه مع غلام ، فلمّا رآه قال : يا عدوّ الله إلى من أوصيت بعدك آخذ مالي منه؟ فقال له : إلى ابن الحارثية ـ يعني أخاه عبد الله السفّاح ـ فرجع يقطين إلى الدعاة إلى بني العبّاس فأعلمهم بما قال ، فبايعوا السفّاح ...»(١).

ونظراً لدوره الكبير ـ يقطين ـ في الدعوة العبّاسية فكان أحد المطلوبين من قبل السلطة الأموية ، لذا هرب هو وأفراد عائلته من الكوفة إلى المدينة حتّى تمكّن العباسيّين من السيطرة على زمام الأمور والقضاء على الأمويّين ثمّ عاد مرّة أخرى إلى مدينة الكوفة التي كانت تمثّل آنذاك قاعدة العباسيّين(٢).

ومن خلال نصٍّ أورده أبو الفرج الأصفهاني ذكر فيه أنّ يقطين قبل ظهور الدولة العبّاسية كان يعمل في خراسان حائكاً(٣) ، ومن المحتمل أنّه كان يتخفّى في هذا العمل عن أنظار السلطة الأموية باعتباره أحد الدعاة الكبار

__________________

(١) البداية والنهاية ١٠/١٨٨.

(٢) فهرست ابن النديم : ٣١٤ ، رجال ابن داود : ٢٥٣ ، رجال النجاشي : ٢٧٣.

(٣) الأغاني ١٤/٣٥٧.

٤٣٦

للثورة للعباسيّين ، ولكون أنّ خراسان كانت تمثّل دعامة العباسيّين في الثورة.

على أنّ المهامّ الملقاة على عاتقه من جهة ، وانتقال عاصمة العباسيّين إلى بغداد من جهة أخرى ، آثر إلى الانتقال إلى بغداد هو وأفراد عائلته.

ونال يقطين ثقة العباسيّين وهذا ما نراه واضحاً عند قراءة سيرة حياته في تولّيه عدّة مناصب إدارية(١) ، بل الأكثر من هذا وذاك كان رسول المنصور إلى أبي مسلم الخراساني عندما تأزّمت الأمور بين الطرفين(٢) ، حيث يذكر الطبري أنّه : «لمّا انهزم عبد الله بن علي بعث أبو جعفر أبا الخصيب إلى أبي مسلم ليكتب له ما أصاب من الأموال ، فافترى أبو مسلم على أبي الخصيب وهمّ بقتله فكلّم فيه وقيل إنّما هو رسول فخلّ سبيله ، فرجع إلى أبي جعفر وجاء القُوّاد إلى أبي مسلم فقالوا نحن ولينا أمر هذا الرجل وغنمنا عسكره فلم يسأل عمّا في أيدينا إنّما لأمير المؤمنين من هذا الخمس ، فلمّا قدم أبو الخصيب على أبي جعفر أخبره أنّ أبا مسلم همّ بقتله فخاف أن يمضي أبو مسلم إلى خراسان فكتب إليه كتاباً مع يقطين أن قد وليتك مصر والشام فهي خير لك من خراسان فوجّه إلى مصر من أحببت وأقم بالشام فتكون بقرب أمير المؤمنين فإن أحبّ لقاءك أتيته من قريب ، فلمّا أتاه الكتاب غضب وقال : هو يوليني الشام ومصر وخراسان لي واعتزم بالمضيّ إلى خراسان!

__________________

(١) أخبار مكة ٢/٥ ، تاريخ الرسل والملوك ٤/٥٦٠ ، ٥٧٠ ، ٥٨٠ ، الكامل في التاريخ ٢/٢٤٦ ، ٢٥٥ ، البداية والنهاية ١٠/١٣٣ ، ١٤٧ ، النجوم الزاهرة ٢/٤٨ ، ٥٢.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢/٣٦٦ ، البدء في التاريخ ٦/٧٨ ، تاريخ الرسول والملوك ٤/٣٨١ ـ ٣٨٢ ، البداية والنهاية ١٠/٦٤.

٤٣٧

فكتب يقطين إلى أبي جعفر بذلك»(١).

وفي رواية أخرى : «لمّا ظفر أبو مسلم بعسكر عبد الله بن علي بعث المنصور يقطين بن موسى وأمره أن يحصي ما في العسكر وكان أبو مسلم يسمّيه يك دين ، فقال أبو مسلم : يا يقطين أمين على الدماء خائن في الأموال؟ وشتم أبا جعفر فأبلغه يقطين بذلك وأقبل أبو مسلم من الجزيرة مجمعاً على الخلاف وخرج من وجهه معارضاً يريد خراسان»(٢).

بل ويذكر ابن النجّار في تاريخه نصّاً يوضّح فيه علاقة يقطين بالعبّاسيّين وخاصّة بأبي جعفر المنصور ما نصّه : «ولمّا نقل المهدي إلى الرصافة صبر في حجر يقطين فنشأ المهدي وعلي بن يقطين كأنّهما أخوان»(٣).

ومن خلال ما تقدّم يتبيّن لنا أنّه كان من المقرّبين لأبي جعفر المنصور ولولا الثقة الكبيرة للمنصور به لما أولاه رعاية ولده ووليِّ عهده. على أنّ التاريخ لم يحدّثنا بعد ذلك عن المهامّ التي تولاّها خلال عهد المنصور ، إذ لم نقف على نصّ واحد نضع من خلاله صورة مكتملة عن دوره خلال هذه المرحلة.

إلاّ أنّ هناك بعض النصوص التي أوردها المؤرّخون تذكر أنّه تولّى

__________________

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٨١.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢/٣٦٦ ، تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٨٢ ، البدء في التاريخ ٦/٧٨.

(٣) ذيل تاريخ بغداد ٤/٢٠٢.

٤٣٨

خلال عهد المهدي العبّاسي الإشراف على القصور والمنازل والمصانع في طريق الحجّ المرتبط بين العراق ومكّة المشرّفة فلم يزل ذلك إليه حتّى سنة (١٧١هـ)(١).

وذكر الطبري في حوادث (١٦٤ هـ) أنّ المهدي العبّاسي كان عازماً على حجّ بيت الله الحرام حيث شخص : «إلى الكوفة حاجّاً فأقام برصافة الكوفة(٢) أيّاماً ثمّ خرج متوجّهاً إلى الحجّ حتّى انتهى إلى العقبة(٣) فغلا عليه وعلى من معه الماء وخاف ألاّ يحمله ومن معه ما بين أيديهم وعرضت له مع ذلك حمّى فرجع من العقبة وغضب على يقطين بسبب الماء لأنّه كان صاحب المصانع واشتدّ على الناس العطش في منصرفهم وعلى ظهرهم حتّى أشرفوا على الهلكة»(٤).

ولم تحدّثنا المصادر عن توجّهات يقطين بن موسى المذهبية سوى ما انفرد به ابن النديم في فهرسه بالقول عنه : «فلم يزل يقطين في رحمة أبي العبّاس وأبي جعفر منصور ومع ذلك يرى رأي آل أبي طالب ويقول بإمامتهم

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤/٥٦٠ ـ ٥٦١ ، البداية والنهاية ١٠/١٣٣ ، الكامل في التاريخ ٥/٢٤٠.

(٢) رصافة الكوفة: أحدثها المنصور العبّاسي. ينظر: الحموي معجم البلدان ٣/٤٩.

(٣) العقبة : بالتحريك وهو الجبل يعرض للطريق فيأخذ فيه صعب إلى صعود الجبل في طريق مكّة بعد واقصة وقبل القاع لمن يريد مكّة وهو ماء لبني عكرمة من بكر ابن وائل. معجم البلدان ٤/١٣٤.

(٤) تاريخ الطبري ٤/٥٧٠ ، الكامل في التاريخ ٥/٢٤٦ ، البداية والنهاية ١٠/١٤٧ ، النجوم الزاهرة ٢/٤٨.

٤٣٩

وكذلك ولده»(١) ، ويشير ابن النجّار إلى هذا المعنى المتقدّم في ترجمة ولده علي إذ يعتبره أحد وجوه دعاة الإمامية(٢) ، في حين أنّ مصادر الشيعة الرجالية لم تذكره في قائمة كتبها سوى ما أسهبت فيه عند ذكر أولاده ولم تشر له من قريب ولا بعيد.

على أنّها تقترب ممّا ذكره ابن النديم حيث تذكر : «فلم يزل يقطين في خدمة أبي العبّاس وأبي جعفر المنصور ومع ذلك كان يتشيّع ويقول بالإمامة وكذلك ولده ويحمل الأموال إلى جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، ونمّ خبره إلى المنصور والمهدي فصرف الله عنه كيدهما»(٣).

وعند تتبّعنا عن حياة هذا الرجل عثرتُ على نصّ نقلته بعض المصادر حوار دار بين يقطين وولده ما نصّه : «وقال يقطين لابنه علي بن يقطين : ما بالنا ، قيل لنا : فكان ، وقيل لكم : فلم يكن ـ يعني أمر بني العبّاس ـ؟ فقال له عليّ : إنّ الذي قيل لكم ولنا كان من مخرج واحد غير أنّ أمركم حضر وقته فأعطيتم محضه ، فكان كما قيل لكم ، وإنّ أمرنا لم يحضر فعلّلنا بالأماني ، فلو قيل لنا : إنّ هذا الأمر لا يكون إلاّ إلى مائتي سنة وثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجعت عامّة الناس عن الإيمان إلى الإسلام ، ولكن قالوا : ما أسرعه وما

__________________

(١) فهرست ابن النديم : ٣١٤.

(٢) ذيل تاريخ بغداد ٤/٢٠٢.

(٣) فهرست الطوسي : ١٥٥ ، تحرير الطاووسي : ٣٥٨ ، نقد الرجال ٣/٣١١ ، جامع الرواة ٢/٣٥١ ، معجم رجال الحديث ١٣/٣٤٢.

٤٤٠