فتح الرّحمن شرح ما يلتبس من القرآن

زكريّا بن محمّد بن أحمد الأنصاري

فتح الرّحمن شرح ما يلتبس من القرآن

المؤلف:

زكريّا بن محمّد بن أحمد الأنصاري


المحقق: الدكتور يحيى مراد
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-4012-4
الصفحات: ٣٦٠

سورة فاطر

١ ـ قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ ..) [فاطر : ٩] الآية.

إن قلت : لم عبّر بالمضارع وهو (فَتُثِيرُ) بين ماضيين؟!

قلت : للإشارة إلى استحضار تلك الصورة البديعة ، وهي إثارة الرياح السحاب ، الدالة على القدرة الباهرة ، حتى كأن السّامع يشاهدها ، وليس الماضي كذلك.

٢ ـ قوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ ..) [فاطر : ١١] الآية.

(مِنْ مُعَمَّرٍ) أي من أحد ، وسمّاه معمّرا بما يصير إليه.

٣ ـ قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها ..) [فاطر : ٢٧].

قاله هنا بتأنيث الضمير لعوده إلى الثمرات ، وقال ثانيا : (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) [فاطر : ٢٧] بتأنيثه أيضا ، لعوده إلى الجبال ، وقال ثالثا (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) [فاطر : ٢٨] بتذكيره ، لعوده إلى بعض المفهوم من لفظ من قوله (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ) [فاطر : ٢٨].

٤ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) [فاطر : ٣١].

قاله هنا بلفظ" الله" لعدم تقدم ذكره ، وبزيادة اللام موافقة لقوله بعد : (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) وقاله في الشورى (١) بالضمير ، لتقدم لفظ الله وبحذف اللام لعدم ما يقتضي ذكرها.

٥ ـ قوله تعالى : (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) [فاطر : ٣٥].

الفرق بين" النّصب" و" اللّغوب" أنّ النّصب : تعب البدن ، واللغوب : تعب النّفس ، وفرّق الزمخشري بينهما بأن النّصب : التعب ، واللغوب : الفتور الحاصل بالنّصب ، وردّ بأن انتفاء الثاني معلوم من انتفاء الأول.

٦ ـ قوله تعالى : (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ

__________________

(١) في الشورى (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٢٧).

٢٤١

الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر : ٣٧].

إن قلت : الوصف بغير الذي كنا نعمل ، يوهم أنهم كانوا عملوا صالحا غير الذي طلبوه ، مع أنهم لم يعلموا صالحا قطّ بل سيئا؟

قلت : قالوه بزعمهم أنهم كانوا يعملون صالحا كما قال تعالى : (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف : ١٠٤] فمعناه غير الذي كنا نحسبه صالحا فنعمله.

٧ ـ قوله تعالى : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) [فاطر : ٤٣].

إن قلت : التبديل تغيير الشيء عمّا كان عليه مع بقاء مادته ، والتحويل : نقله من مكان إلى آخر ، فكيف قال ذلك مع أن سنة الله لا تبدّل ولا تحوّل؟!.

قلت : أراد بالأول : أن العذاب لا يبدّل بغيره ، وبالثاني أنه لا يحوّل عن مستحقّه إلى غيره ، وجمع بينهما هنا تتميما لتهديد المسيء لقبح مكره ، في قوله تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر : ٤٣].

" تمت سورة فاطر"

٢٤٢

سورة يس

١ ـ قوله تعالى : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) [يس : ١٤].

قاله هنا بغير تأكيد باللام ، ولأنه ابتداء إخبار ، وقاله بعد بالتأكيد بها لأنه جواب بعد إنكار وتكذيب ، فاحتيج إلى التأكيد.

٢ ـ قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس : ٢٢] ، قاله الجائي من المدينة.

إن قلت : كيف أضاف الفطرة إلى نفسه ، والرجوع ـ الذي هو البعث ـ إليهم ، مع علمه بأن الله فطرهم وإياه ، وإليه يرجع هو وهم ، فلم يقل : الذي فطرنا وإليه نرجع ، أو فطركم وإليه ترجعون؟!

قلت : لأن الخلق والإيجاد نعمة من الله تعالى توجب الشكر ، والبعث بعد الموت للجزاء وعيد من الله يوجب الزجر ، فأضاف ما يقتضي الشكر لنفسه ، لأنه أليق بإيمانه ، وما يقتضي الزجر إليهم لأنه أليق بكفرهم.

٣ ـ قوله تعالى : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) [يس : ٢٩].

ذكر هنا مرتين ، وليس بتكرار ، لأن الأولى : هي النفخة التي يموت بها الخلق ، والثانية هي النفخة التي يحيا بها الخلق.

٤ ـ قوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) [يس : ٤٠].

إن قلت : كيف نفى تعالى الإدراك عن الشمس للقمر ، دون عكسه؟

قلت : لأن سير القمر أسرع ، لأنه يقطع فلكه في شهر ، والشمس لا تقطع فلكها إلا في سنة ، فكانت جديرة بأن توصف بنفي الإدراك لبطء سيرها ، والقمر خليقا بأن يوصف بالسبق لسرعة سيره.

٥ ـ قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [يس : ٤١].

إن قلت : الذّرية اسم للأولاد ، والمحمول في سفينة نوح عليه‌السلام ، آباء المذكورين لا أولادهم؟!

قلت : الذرّية من أسماء الأضداد عند كثير ، تطلق على الآباء والأولاد ، والمراد

٢٤٣

هنا : الفريقان ، فمعناه حملنا آباءهم وأولادهم ، لأنهم كانوا في ظهور آبائهم المحمولين ظاهرا.

٦ ـ قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [يس : ٤٨].

أي : متى إنجازه؟ وإلا فالوعد بالبعث كان واقعا لا منتظرا.

أو أراد بالوعد : الموعود.

٧ ـ قوله تعالى : (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ..) [يس : ٥٢] الآية.

إن قلت : قولهم ذلك سؤال عن الباعث ، فكيف طابقه الجواب بقوله : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ؟)

قلت : معناه : بعثكم الرحمن الذي وعدكم بالبعث ، وأخبركم به الرسول. وإنما جيء به على هذه الطريقة تبكيتا لهم وتوبيخا.

٨ ـ قوله تعالى : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) [يس : ٥٦].

إن قلت : كيف قال في صفة أهل الجنّة ذلك ، والظلّ إنما يكون لما يقع عليه الشمس ، ولا شمس في الجنة لقوله تعالى : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) [الإنسان : ١٣]؟

قلت : ظلّ أشجار الجنة من نور قناديل العرش ، أو من نور العرش ، لئلا تبهر أبصارهم ، فإنه أعظم من نور الشمس.

٩ ـ قوله تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [يس : ٦٥].

سمّى نطق اليد كلاما ، ونطق الرجل شهادة ، لأن الغالب في كونها فاعلة ، وفي الرّجل كونها حاضرة ، وقول الفاعل على نفسه إقرار لا شهادة ، وقول الحاضر على غيره شهادة.

١٠ ـ قوله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) [يس : ٦٩].

أي : إنشاءه (وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي ما يليق به ذلك. كما قال تعالى : (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) [مريم : ٩٢] وما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الرجز نحو قوله :

٢٤٤

أنا النّبي لا كذب

أنا ابن عبد المطّلب

وقوله :

هل أنت إلّا أصبع دميت

وفي سبيل الله ما لقيت

فليس بشعر عند الخليل ، أو أنّ الموزون بوزن الشعر ـ وإن لم يكن رجزا ـ ليس بشعر عند أحد ، إذ الشعر قول موزون مقفّى ، مقصود به الشعر ، والقصد منتف فيما روي من ذلك.

١١ ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً ..) [يس : ٧١] الآية.

أي : قدرتنا ، عبّر عنها باليد لما بينهما من الملازمة ، وللإشارة إلى الانفراد بخلق الأنعام ، كما يقال في عمل القلب : هذا ممّا عملت يداك ، وإن لم يكن للمخاطب يد.

١٢ ـ قوله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ..) [يس : ٧٨] الآية.

سمّاه مثلا : وإن لم يكن مثلا ، لما اشتمل عليه من الأمر العجيب ، وهو إنكار الإنسان قدرة الله تعالى على إحياء الموتى ، مع شهادة العقل والنقل على ذلك.

" تمت سورة يس"

٢٤٥

سورة الصّافّات

١ ـ قوله تعالى : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) [الصافات : ٥].

إن قلت : لم جمع هنا المشارق وحذف مقابله ، وثنّاه في الرحمن ، وجمعه في المعارج ، وأفرده في المزّمّل مع ذكر مقابله في الثلاثة؟!

قلت : لأن القرآن نزل على المعهود ، من أساليب كلام العرب وفنونه ، ومنهما الإجمال والتفصيل ، والذّكر والحذف ، والجمع والتثنية والإفراد باعتبارات مختلفة ، فأفرد وأجمل في المزمّل ، بقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أراد مشرق الصيف والشتاء ومغربهما ، وجمع وفصّل في المعارج بقوله : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) أراد جميع مشارق السّنة ومغاربها ، وهي تزيد على سبعمائة ، وثّنى وفصّل في الرحمن بقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) أراد مشرقي الصيف والشتاء ومغربهما ، وجمع وحذف هنا بقوله : (رَبُّ الْمَشارِقِ) أراد جميع مشارق السنة ، واقتصر عليه لدلالته على المحذوف ، وخص ما هنا بالجمع موافقة للجموع أول السورة ، وبالحذف مناسبة للزينة في قوله : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) إذ الزينة إنما تكون غالبا بالضياء والنور ، وهما ينشآن من المشرق لا من المغرب ، وما في الرحمن بالتثنية ، موافقة للتثنية في (يَسْجُدانِ) وفي (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وبذكر المتقابلين موافقة لبسط صفاته تعالى وإنعاماته ثمّ ، وما في المعارج بالجمع ، موافقة للجمع قبله وبعده ، وبذكر المتقابلين موافقة لكثرة التأكيد في القسم وجوابه ، وما في المزمّل بالإفراد موافقة لما قبله ، من إفراد ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وما بعده من إفراد ذكر الله تعالى ، وبذكر المتقابلين موافقة للحصر في قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ولبسط أوامر الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢ ـ قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) [الصافات : ٦].

إن قلت : لم خصّ سماء الدنيا بزينة الكواكب ، مع أنّ بقية السموات مزيّنة بذلك؟

قلت : لأنّا إنّما نرى سماء الدنيا ، دون غيرها.

٣ ـ قوله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) [الصافات : ١٢].

٢٤٦

" عجبت" بضم التاء على قراءة حمزة والكسائي.

فإن قلت : ما وجهه مع أن التعجب روعة تعتري الإنسان ، عن استعظام الشيء ، والله منزه عنها؟!

قلت : أراد بالتعجّب الاستعظام ، وهو جائز على الله تعالى ، أو معناه : قل يا محمد بل عجبت ، وفي الذي تعجّب قولان : أحدهما : كفرهم بالقرآن ، والثاني : إنكارهم البعث.

٤ ـ قوله تعالى : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) [الصافات : ١٦].

ختم الآية بقوله : (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ؟) وختم التي بعدها بقوله : (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ؟) أي لمجزيّون ومحاسبون ؛ لأن الأول في حقّ المنكرين للبعث ، والثانية في حقّ المنكرين للجزاء ، وإن كان كلّ منهما مستلزما للآخر.

٥ ـ قوله تعالى : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) [الصافات : ٧٨].

إن قلت : كيف قال عقبه في قصص ـ ما عدا قصة" لوط ، ويونس ، وإلياس" ـ (سَلامٌ عَلى نُوحٍ ، سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ ، سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ ، سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) ولم يقل ذلك في قصص الثلاثة؟!

قلت : اكتفاء فيها بقوله : (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ.)

٦ ـ قوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [الصافات : ٨١].

إن قلت : كيف مدح تعالى نوحا وغيره كإبراهيم ، وموسى ، وعيسى عليهم‌السلام بذلك ، مع أن مرتبة الرسل فوق مرتبة المؤمنين؟!

قلت : إنما مدحهم بذلك ، تنبيها لنا على جلالة محلّ الإيمان وشرفه ، وترغيبا في تحصيله ، والثبات عليه والازدياد منه ، كما قال تعالى في مدح إبراهيم عليه‌السلام : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [البقرة : ١٣٠].

٧ ـ قوله تعالى : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) [الصافات : ٨٨ ، ٨٩].

لم يقل" إلى النجوم" مع أنّ النّظر إنّما يتعدى ب" إلى" كما في قوله تعالى : (وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ) [الأعراف : ١٤٣] لأن" في" بمعنى" إلى" كما في قوله تعالى : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) [إبراهيم : ٩] أو أن النظر هنا بمعنى الفكر ، وهو يتعدى

٢٤٧

ب" في" كما في قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ) [الأعراف : ٣٥] فصار المعنى : ففكّر في علم النجوم.

فإن قلت : لم لم يجز النّظر في علم النّجوم ، كما جاز لإبراهيم؟!

قلت : إذا كان الناظر فيه كإبراهيم ، في أن الله أراه ملكوت السموات والأرض ، جاز له النظر فيه.

وقوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) قاله إبراهيم عليه‌السلام ، ليتخلّف عنهم إذا خرجوا إلى عيدهم ، فيكيد أصنامهم.

فإن قلت : كيف جاز له أن يقول ذلك ، مع أنه ليس بسقيم؟!

قلت : معناه سأسقم ، كما في قوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ) [الزمر : ٣٠] أو سقيم القلب عليكم لعبادتكم للأصنام وهي لا تضرّ ولا تنفع.

أو أنّ من يموت فهو سقيم.

٨ ـ قوله تعالى : (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) [الصافات : ٩٤].

أي يسرعون المشي.

فإن قلت : هذا يدلّ على أنهم عرفوا أن إبراهيم هو الكاسر لآلهتهم ، وقوله في الأنبياء : (قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا) الآية ، يدلّ على أنهم ما عرفوا أنه الكاسر لها؟

قلت : يحتمل أنّ بعضهم عرفه فأقبل إليه.

٩ ـ قوله تعالى : (وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الصافات : ٩٩].

أي : إلى حيث أمرني ربي وهي المهاجرة للشام ، أو إلى طاعة ربي ورضاه ، وقوله : (سَيَهْدِينِ) أي سيثبّتني على هداي ، ويزيدني هدى.

١٠ ـ قوله تعالى : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) [الصافات : ١٠١].

ختمه هنا ب (حَلِيمٍ) وفي الحجر ، والذاريات (١) ب (عَلِيمٍ) نظرا في ذينك لشرف العلم ، وفيما هنا لمناسبته حلم الغلام ، لوعده بالصبر في جوابه لسؤال ابنه له في ذبحه بقوله : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.)

١١ ـ قوله تعالى : (قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا

__________________

(١) في الذاريات (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) (٢٨).

٢٤٨

تَرى ..) [الصافات : ١٠٢] الآية.

أي : في ذبحي إيّاك ، لم يشاوره ليرجع إلى رأيه ، لأنّ أمر الله حتم ، لا يتخلف الأنبياء عنده ، بل ليختبر صبره ، وليوطّن نفسه على الذبح ، فيلقى البلاء كالمستأنس به ، ويكتسب الثواب بصبره وانقياده ، ولتكون" سنّة" في المشاورة ، فقد قيل : لو شاور آدم عليه‌السلام الملائكة في أكل الشجرة ، لما صدر منه ما صدر.

واختلفوا في الذبيح هل هو" إسماعيل" أو" إسحاق" والجمهور على أنه إسماعيل.

١٢ ـ قوله تعالى : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا ..) [الصافات : ١٠٤ ، ١٠٥].

إن قلت : كيف قال : (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) مع أنّ تصديقها إنما يكون بالذبح ولم يوجد؟

قلت : معناه قد فعلت ما في غاية وسعك ، ممّا يفعله الذابح من إلقاء ولدك ، وإمرار المدية على حلقه ، ولكنّ الله منعها أن تقطع ، أو أنّ الذي رآه في النوم ، معالجة الذبح فقط لإراقة الدم ، وقد فعل ذلك في اليقظة فكان مصدّقا للرؤيا.

١٣ ـ قوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ) [الصافات : ١٠٣ ، ١٠٤].

جواب" لمّا" محذوف أي استبشرا واغتبطا شكرا لله تعالى على ما أنعم به عليهما من الفداء ، أو قوله : (نادَيْناهُ) والواو زائدة.

١٤ ـ قوله تعالى : (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الصافات : ١١٠].

إن قلت : لم قاله هنا ، أعني في قصة إبراهيم بحذف" إنّا" وأثبته في آخر غيرها من القصص؟

قلت : حذفه في قصة إبراهيم اختصارا ، واكتفاء بذكره له قبل في قصته بقوله : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ) [الصافات : ١٠٤] الآية ، مع أنّ ما بعد قصته كان من تكملتها وهو قوله : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات : ١١٢] بخلاف سائر القصص.

١٥ ـ قوله تعالى : (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) [الصافات : ١٣٣ ، ١٣٤].

٢٤٩

إن قلت : لوط كان رسولا قبل التنجية ، فما وجه تعلق (إِذْ نَجَّيْناهُ؟)

قلت : هو ليس متعلقا به ، بل بمحذوف تقديره : واذكر ، وكذا القول في قوله تعالى (إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الصافات : ١٣٩ ، ١٤٠].

١٦ ـ قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧].

إن قلت : " أو" للشّكّ ، وهو على الله محال؟!

قلت : " أو" بمعنى" بل" أو بمعنى الواو ، أو المعنى أو يزيدون في نظرهم ، فالشكّ إنما دخل في قول المخلوقين.

١٧ ـ قوله تعالى : (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) [الصافات : ١٧٥].

تهديد لهم ، ثم أعاده في قوله : (وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) تأكيدا.

أو لأنّ الأول في الدنيا ، والثاني في الآخرة ، وحذف منه المفعول اكتفاء بذكره أولا.

" تمت سورة الصافات"

٢٥٠

سورة ص

١ ـ (ص :) إن جعل اسما للسورة ، فهو خبر مبتدأ محذوف أي : هذه : (ص) السورة التي أعجزت العرب ، فقوله : (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) قسم عجّز العرب ، كقولك : هذا حاتم والله ، أي هذا هو المشهور بالسخاء والله ، وإن جعل قسما فجوابه مع ما عطف عليه محذوف تقديره : إنه كلام معجز ، أو لنهلكنّ أعداءك بقرينة قوله (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) أو جوابه" كم" وأصله" لكم" : حذفت اللام لطول الكلام تخفيفا ، كما في قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) .. (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) وقيل : غير ذلك.

٢ ـ قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) [ص : ٤].

قاله هنا بالواو ، وفي" ق" بالفاء ، لأنّ ما هناك أشدّ اتصالا منه هنا ، لأنّ ما هنا متّصل بما قبله اتصالا معنويا فقط ، وهو أنهم عجبوا من مجيء المنذر ، وقالوا هذا ساحر كذّاب ، وما في" ق" متصل بما قبله اتصالا لفظيا ومعنويا وهو أنهم عجبوا عقب الإخبار عنهم بأنهم عجبوا ، فقالوا هذا شيء عجيب ، فناسب فيه ذكر الفاء دون ما هنا.

٣ ـ قوله تعالى : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ..) [ص : ٨] الآية.

قاله هنا بلفظ (أَأُنْزِلَ) وفي القمر بلفظ (أَأُلْقِيَ) ، لأن ما هنا حكاية عن كفار قريش ، فناسب التعبير به ، لوقوعه إنكارا لمّا قرأه عليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل : ٤٤] وما في القمر حكاية عن قوم صالح ، وكانت الأنبياء تلقى إليهم صحف مكتوبة ، فناسب التعبير ب" ألقي" وقدّم الجار والمجرور على الذكر هنا ، موافقة لما قرأه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على المنكرين ، وعكس في القمر جريا على الأصل ، من تقديم المفعول بلا واسطة على المفعول بواسطة.

٤ ـ قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) إلى قوله : (فَحَقَّ عِقابِ) [ص : ١٢ ـ ١٤].

ختم أواخر آياته هنا بما قبل آخره ألف ، وآيات قوله في ق (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ

٢٥١

قَوْمُ نُوحٍ) إلى قوله (فَحَقَّ وَعِيدِ) بما قبل آخره ياء أو واو ، موافقة لبقية فواصل السورتين.

٥ ـ قوله تعالى : (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ ..) [ص : ٢٢].

أي قالوا حين دخلوا على داود عليه‌السلام : نحن خصمان وهما ملكان مثّلا أنفسهما معه بخصمين بغى أحدهما على الآخر ، على سبيل الفرض والتصوير ، لأن الملائكة منتف عنهم البغي والظلم ، وكذا قوله : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) كقول الفقيه : لزيد أربعون شاة ، وعمرو مثلها وخلطاها وحال عليها الحول ، كم يجب فيها؟ وليس لهما شيء من ذلك. وكنّى عن المرأة بالنّعجة ، كما مثّل نفسه بالخصم.

٦ ـ قوله تعالى : (فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٢].

إن قلت : ما معنى تكرر الحبّ وتعديته ب" عن" وظاهره إني أحببت حبا مثل حبّ الخير ، كقولك : أحببت حبّ زيد أي مثل حبّه؟

قلت : أحببت هنا بمعنى آثرت ، كما في قوله تعالى : (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) [فصلت : ١٧] أي آثروه ، و" عن" بمعنى" على" كما في قوله تعالى : (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) [محمد : ٣٨] فيصير المعنى : آثرت حبّ الخير على ذكر ربي.

٧ ـ قوله تعالى : (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ..) [ص : ٣٥].

إن قلت : كيف قال سليمان ذلك ، مع أنه يشبه الحسد والبخل بنعم الله تعالى على عباده ، بما لا يضرّ سليمان؟!

قلت : المراد لا ينبغي لأحد أن يسلبه مني في حياتي ، كما فعل الشيطان الذي لبس خاتمي ، وجلس على كرسيّ.

أو أنّ الله علم أنه لا يقوم غيره مقامه بمصالح ذلك المكان ، واقتضت حكمته تعالى تخصيصه به ، فألهمه سؤاله.

٢٥٢

٨ ـ قوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص : ٤٤].

إن قلت : كيف وصف الله تعالى أيوب عليه‌السلام بالصبر ، مع أن الصبر ترك الشكوى من ألم البلوى ، وهو قد شكا بقوله : (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [ص : ٤١] وقوله : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) [الأنبياء : ٨٣]؟

قلت : الشكوى إلى الله تعالى لا ينافي الصبر ، ولا تسمّى جزعا لما فيها من الجهاد والخضوع والعبودية لله تعالى ، والافتقار إليه ، ويؤيده قول يعقوب عليه‌السلام : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [يوسف : ٨٦] مع قوله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) وقولهم : الصبر ترك الشكوى أي إلى العباد ، أو أنه عليه‌السلام طلب الشفاء من الله تعالى ، بعد ما لم يبق منه إلا قلبه ولسانه ، خيفة على قومه أن يفتنهم الشيطان ، ويوسوس إليهم أنه لو كان نبيّا لما ابتلي بما هو فيه ، ولكشف الله ضرّه إذا دعاه.

٩ ـ قوله تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) [ص : ٧٨].

إن قلت : هذا يدلّ على أنّ غاية لعنة الله تعالى لإبليس إلى يوم القيامة قد تنقطع؟

قلت : كيف تنقطع وقد قال تعالى : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [الأعراف : ٤٤] وإبليس أظلم الظّلمة ، والمراد أن عليه اللعنة طول مدّة الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة ، اقترن له باللعنة من أنواع العذاب ، ما ينسى معه اللعنة ، فكأنها انقطعت.

" تمت سورة ص"

٢٥٣

سورة الزّمر

١ ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ ..) [الزمر : ٢].

عبّر فيه هنا ب" إلى" وفيه في أثناء السورة ب" على" .. تقدّم في البقرة الفرق بين" إلى" و" على" ونزيد هنا أنّ كل موضع خوطب فيه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالإنزال ، أو التنزيل ، أو النزول ، إن عدّي ب" إلى" ففيه تكليف له ، أو ب" على" ففيه تخفيف عنه ، فما هنا تكليف له بالإخلاص في العبادة بدليل قوله : (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) [الزمر : ٢] وما في أثناء السورة تخفيف عنه بدليل قوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي لست بمسؤول عنهم.

٢ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) [الزمر : ٣].

أي دائم على كفره وكذبه ، أو لا يهديه إلى حجة يلزم بها المؤمنين ، وإلا فكم هدي من كافر.

٣ ـ قوله تعالى : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ ..) [الزمر : ٤] الآية.

إن قلت : كيف يكون قوله فيها : (لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) مع أن كل من ادّعى له ولدا ، أن نسب إليه ولدا قال : إن الله اصطفاه من خلقه فجعله ولدا؟!

قلت : إن جعل ردّا على اليهود في قولهم : إن عزيرا ابن الله ، وعلى النّصارى في قولهم : إنه المسيح .. كان معناه : لاصطفى ولدا من الملائكة لا من البشر ، لأن الملائكة أشرف من البشر بلا خلاف بين اليهود والنصارى.

أو ردّا على مشركي العرب في قولهم : إنه الملائكة ، كان معناه : لاصطفى ولدا من جنس ما يخلق كل شيء يريده ، ليكون ولده موصوفا بصفته ، لا من الملائكة الذين لا يقدرون على إيجاد جناح بعوضة.

ولا يرد على هذا خلق عيسى عليه‌السلام الطّير ، لأنه ليس بتامّ ، أو لأنه بمعنى التقدير من الطين ، ثم الله يخلقه حيوانا ، بنفخ عيسى عليه‌السلام إظهارا لمعجزته.

٤ ـ قوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ..) [الزمر : ٥] أي بسبب إقامته.

٥ ـ قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها ..) [الزمر :٦]

٢٥٤

الآية.

إن قلت : كيف عطف ب (ثُمَ) مع أن خلق حواء من آدم ، سابق على خلقنا منه؟!

قلت : (ثُمَ) هنا للترتيب في الإخبار لا في الإيجاد ، أو المعطوف متعلّق بمعنى واحدة ، و (ثُمَ) عاطفة عليه لا على (خَلَقَكُمْ) فمعناه : خلقكم من نفس واحدة أفردت بالإيجاد ، ثم شفعت بزوج.

أو هو معطوف على (خَلَقَكُمْ) لكنّ المراد بخلقهم ، خلقهم يوم أخذ الميثاق ، لا هذا الخلق الذي يتمّ فيه الآن ، بالتوالد والتناسل ، وذلك أن الله خلق آدم عليه‌السلام ، ثم أخرج أولاده من ظهره كالذّرّ ، وأخذ عليهم الميثاق ثم ردّهم إلى ظهره ، ثم خلق منه حواء.

٦ ـ قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ ..) [الزمر : ٦] الآية.

إن قلت : كيف قال ذلك مع أنّ الأنعام مخلوقة في الأرض ، لا منزلة من السّماء؟

قلت : هذا من مجاز النسبة إلى سبب السّبب ، إذ الأنعام لما كانت لا تعيش إلا بالنّبات ، والنّبات لا يعيش إلا بالمطر ، والمطر منزل من السماء ، وصفها بالإنزال ، من تسمية المسبّب باسم سبب سببه.

أو معناه : وقضى لكم ، لأن قضاءه منزل من السماء ، من حيث كتب في اللوح المحفوظ.

أو خلقها في الجنة ثم أنزلها على آدم عليه‌السلام ، بعد إنزاله إلى الأرض ، والإنزال بمعنى الإحداث والإنشاء ، لقوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) [الأعراف : ٢٦].

٧ ـ قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) [الزمر : ١١].

زاد اللام بعد (أُمِرْتُ) الثاني دون الأول ، لأن مفعول الثاني محذوف اكتفاء بمفعول الأول ، والتقدير : وأمرت أن أكون عبدا لله لأن أكون.

فإن قلت : لم قال في هذه الآية : (مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) ب" أل" وقال بعد :

(قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) بالإضافة.

٢٥٥

قلت : لأن قوله : (اللهَ أَعْبُدُ) إخبار عن المتكلّم ، فناسب الإضافة إليه ، وقوله : (أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) ليس إخبارا عن المتكلّم ، فناسبت الإخبار عنه أصالة (أُمِرْتُ) فقط ، وما بعده فضلة.

٨ ـ قوله تعالى : (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً ..) [الزمر : ٢١].

قاله هنا بلفظ (يَجْعَلُهُ) وفي الحديد (١) بلفظ (يَكُونُ) موافقة في كلّ منهما لما قبله ، وهو (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ.)

٩ ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ ..) [الزمر : ٤١].

قاله هنا بحذف (فَإِنَّما يَهْتَدِي) المذكور في يونس (٢) والإسراء ، اكتفاء بما ذكره بقوله قبل : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ.)

١٠ ـ قوله تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [الزمر : ٤٤].

إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن للأنبياء ، والعلماء ، والشهداء ، والأطفال ، شفاعة؟!

قلت : معناه أن أحدا لا يملكها إلا بتحليلها ، كما قال تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة : ٢٥٥] وقال (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨].

١١ ـ قوله تعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [الزمر : ٥٥] الآية.

إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن القرآن كلّه حسن؟

قلت : معناه أحسن وحي ، أو كتاب أنزل إليكم ، وهو القرآن كلّه ، أو أحسن القرآن آياته المحكمات ، أو آياته التي تضمّنت أمر طاعة أو إحسان ، وقد مرّ نظير هذا السؤال في نظير هذه الآية في الأعراف ، في قوله تعالى : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) وما مرّ ثمّ في جوابه يأتي هنا.

__________________

(١) في الحديد (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) آية (٢٠).

(٢) في يونس (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) آية (١٠٨).

٢٥٦

١٢ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ..) [الزمر : ٦٥].

إن قلت : كيف قال ذلك مع أن الموحى إليهم جمع ، ولمّا أوحي إلى من قبله ، لم يكن في الوحي إليهم خطابه.

قلت : معناه ولقد أوحي إلى كل واحد منك ومنهم لئن أشركت.

أو فيه إضمار نائب الفاعل تقديره : ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك التوحيد ، ثم ابتدأ فقال : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ.)

أو فيه تقديم وتأخير تقديره : ولقد أوحي إليك لئن أشركت ، وكذلك أوحي إلى الذين من قبلك.

١٣ ـ قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) [الزمر : ٧٣] الآيتين.

إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن السّوق فيه نوع إهانة ، لا يليق بأهل الجنّة؟

قلت : المراد بسوق" أهل النّار" طردهم إليها بالهوان والعنف ، كما يفعل بالأسرى الخارجين على السلطان ، إذا سيقوا إلى حبس أو قتل. وبسوق" أهل الجنّة" سوق مراكبهم ، حثا وإسراعا بهم إلى دار الكرامة والرضوان ، كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على السلطان.

فإن قلت : كيف قال في صفة النّار : (فُتِحَتْ أَبْوابُها) بلا واو ، وفي صفة الجنة بالواو : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها؟)

قلت : هي زائدة ، أو هي واو الثمانية لأن أبواب الجنة ثمانية ، أو واو الحال أي جاءوها وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم ، بخلاف أبواب النّار فإنها إنما فتحت عند مجيئهم ، والسرّ في ذلك أن يتعجلوا الفرح والسرور ، إذا رأوا الأبواب مفتّحة.

وأهل النار يأتونها وأبوابها مغلقة ليكون أشدّ لحرّها.

أو أن الوقوف على الباب المغلق نوع ذلّ وهوان ، فصين أهل الجنة عنه.

أو أن الكريم يعجّل المثوبة ويؤخّر العقوبة ، أو اعتبر في ذلك عادة دار الدنيا.

لأن عادة من في منازلها من الخدم ، إذا بشّروا بقدوم أهل المنازل ، فتح أبوابها قبل مجيئهم ، استبشارا وتطلعا إليهم ، وعادة أهل الحبوس إذا شدّد في أمرها ، ألا تفتح أبوابها إلا عند الدخول إليها أو الخروج.

" تمت سورة الزمر"

٢٥٧

سورة غافر

١ ـ قوله تعالى : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) [غافر : ٤].

أي : بالتكذيب ودفعها بالباطل ، وقصد إدحاض الحقّ ، وإلا فالمؤمنون يجادلون فيها.

٢ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ..) [غافر : ٧].

إن قلت : ما فائدة وصف حملة العرش ، مع أن إيمانهم به معلوم لكل أحد؟

قلت : فائدته إظهار شرف الإيمان ، وفضله ، والترغيب فيه ، كما وصف الأنبياء عليهم‌السلام بالإيمان والصّلاح.

٣ ـ قوله تعالى : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا ..) [غافر : ١١].

أي : إماتتين وإحياءتين ، لأنهم نطف أموات فأحيوا ، ثم أميتوا ثمّ أحيوا للبعث ، وهذا كقوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [غافر : ٢٨].

٤ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) [غافر : ٢٨].

إن قلت : كيف قال المؤمن ذلك في حقّ موسى عليه‌السلام ، مع أنه صادق عنده وفي الواقع ، ويلزم منه أن يصيبهم جميع ما وعدهم لا بعضه فقط؟!

قلت : (بَعْضُ) صلة ، أو هي بمعنى : " كلّ" كما قيل به في قول الشاعر :

إنّ الأمور إذا الأحداث دبّرها

دون الشيوخ ترى في بعضها خللا

أو ذكر البعض تنزّلا وتلطّفا بهم ، مبالغا في نصحهم ، لئلا يتّهموه بميل ومحاباة ، ومنه قول الشاعر :

قد يدرك المتأنّي بعض حاجته

وقد يكون من المستعجل الزّلل

كأنه قال : أقلّ ما يكون في الثاني إدراك بعض المطلوب ، وفي الاستعجال الزلل ، أو هي باقية على معناها ، لأنه وعدهم على كفرهم الهلاك في الدنيا ، والعذاب

٢٥٨

في الآخرة ، فهلاكهم في الدنيا بعض ما وعدهم به.

٥ ـ قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا) [غافر : ٢٢] الآية. قاله هنا بجمع الضمير ، وفي التغابن (١) بإفراده ، موافقة هنا لما قبله في قوله : (كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) إلى آخره ، وأفرده ثمّ لأنه ضمير الشأن ، زيد توصلا إلى دخول" إن" على" كان".

٦ ـ قوله تعالى : (ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ. أَسْبابَ السَّماواتِ) [غافر : ٣٦ ، ٣٧]. أي : أبوابها وطرقها.

فإن قلت : ما فائدة التكرار هنا؟

قلت : فائدته أنه إذا أبهم ثم أوضح كان تفخيما لشأنه ، فلما أراد تفخيم ما أمّل بلوغه من أسباب السموات ، أبهمها ثم أوضحها.

٧ ـ قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ..) [غافر : ٤٩] الآية.

إنما لم يقل : لخزنتها مع أنه أخصر ، لأنّ في ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا. أو لأنّ جهنم أبعد النّار ، فغدا خزنتها أعلى الملائكة الموكلين بالنار مرتبة فطلب أهل النار الدعاء منهم لذلك.

٨ ـ قوله تعالى : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [غافر : ٥٧].

أي : أنّ خلق الأصغر أسهل من خلق الأكبر ، ثم قال : (لا يُؤْمِنُونَ) أي بالبعث ، ثم قال : (لا يَشْكُرُونَ) أي الله على فضله ، فختم كل آية بما اقتضاه أولها.

٩ ـ قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) [غافر : ٧٨].

ختمها بقوله : (الْمُبْطِلُونَ) وختم السّورة بقوله : (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) لأن الأول متصل بقوله : (قُضِيَ بِالْحَقِ) ونقيض الحقّ الباطل ، والثاني متّصل بإيمان غير نافع ، ونقيض الإيمان الكفر.

" تمت سورة غافر"

__________________

(١) في التغابن (ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) (٦).

٢٥٩

سورة فصّلت

١ ـ قوله تعالى : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) [فصلت : ٥].

إن قلت : ما فائدة ذكر (وَمِنْ) مع حصول المعنى بحذفها؟

قلت : فائدته الدلالة على أنّ ما بينهم وبينه مستوعب بالحجاب ، لكون الحجاب سدّا بينهم وبينه ، وبتقدير حذفها يصير المعنى : إن الحجاب حاصل في المسافة بيننا وبينه.

٢ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) إلى (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ ..) [فصلت : ٩ ـ ١٢].

إن قلت : هذا يدلّ على أن السموات والأرض وما بينهما خلقت في ثمانية أيام ، وهو مناف لما ذكره في الفرقان وغيرها أنها خلقت في ستة أيام؟!

قلت : يوما خلق الأرض من جملة الأربعة بعدهما ، والمعنى في تتمة أربعة أيام ، وهي مع يومي خلق السموات ستة أيام .. يوم الأحد والاثنين لخلق الأرض ، ويوم الثلاثاء والأربعاء للجعل المذكور في الآية وما بعده ، ويوم الخميس والجمعة لخلق السّموات.

فإن قلت : السموات وما فيها أعظم من الأرض وما فيها بأضعاف ، فما الحكمة في أنه تعالى خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام ، والسموات وما فيها في يومين؟

قلت : لأن السموات وما فيها من عالم الغيب ، والملكوت ، والأمر ، والأرض وما فيها من عالم الشهادة ، والملك ، والخلق ، والأول أسرع من الثاني.

أو أنه تعالى فعل ذلك في الثاني ، مع قدرته على فعله ذلك دفعة واحدة ، ليعرّفنا أن الخلق على سبيل التدريج ، لنتأنّى في أفعالنا ، فخلق ذلك في أربعة أيام لمصالح وحكم اقتضت ذلك ، ولهذه الحكمة خلق العالم الأكبر في ستة أيام ، والعالم الأصغر وهو الإنسان في ستة أشهر.

٣ ـ قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ ..) [فصلت : ٢٠] الآية.

قاله هنا بذكر (" ما") وبحذفها في قوله في النمل : (حَتَّى إِذا جاؤُ) ، وفي الزمر :

٢٦٠