الترتّب

السيد محمّد رضا الشيرازي

الترتّب

المؤلف:

السيد محمّد رضا الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة هيئة الأمين صلّى الله عليه وآله وسلّم
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٩٨

عرض واحد ، بل أحدهما في طول الآخر ، فتأمل (١).

وفي (التنقيح) : قالوا ان الوجه في صحتها منحصر بالترتب .. الى آخر كلامه .. (٢).

وفي (المهذب) : واما صحة الصلاة فلما استقر عليه المذهب في هذه الاعصار وما قاربها من ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده .. فيكون المقتضي لصحة الصلاة موجودا وهو فعلية الامر بها ـ بناء على الترتب الذي اثبتنا امكانه ووقوعه في العرفيات ـ والمانع عنها مفقودا ، فتصح لا محالة (٣) ونحو ذلك ما في (المستمسك) (٤) و (المصباح) (٥).

ثم ان صاحب (العروة) (قدس‌سره) عمم المسألة لكل مزاحم مضيق وقال : (وأيضا يجب التأخير (أي تأخير الصلاة) اذا زاحمها واجب آخر مضيق كازالة النجاسة عن المسجد ، أو اداء الدين المطالب به مع القدرة على ادائه ، أو حفظ النفس المحترمة ، أو نحو ذلك ، واذا خالف واشتغل بالصلاة عصى في ترك ذلك الواجب ، لكن صلاته صحيحة على الاقوى) (٦).

وعلله في (الفقه) ـ في ذيل المسألة ـ : بما حقق في الاصول من ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده. ثم لو قلنا بالترتب فالامر واضح ، وان لم نقل به كفى في صحة المهم الملاك (٧).

__________________

(١) الفقه ـ كتاب الطهارة ـ ج ٣ ـ ص ١٠٨.

(٢) التنقيح ـ ج ٣ ـ ص ٢٨٣.

(٣) مهذب الاحكام ـ ج ١ ـ ص ٤٨٩.

(٤) مستمسك العروة الوثقى ـ ج ١ ـ ص ٤٩٩.

(٥) مصباح الهدى ـ ج ٢ ـ ص ٢٧.

(٦) العروة الوثقى ـ كتاب الصلاة ـ فصل فى أوقات الرواتب ـ مسئلة (١٥).

(٧) الفقه ـ كتاب الصلاة ـ ج ١ ـ ص ١٨٠.

١٨١

وفي (المستمسك) : بعدم الدليل على ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ولا على بطلان الترتب (١).

وبنى المحقق النائيني (قدس‌سره) صحة الضد العبادي في المسألة على الامر الترتبي (٢).

الفرع الثانى

قال صاحب العروة (قدس‌سره) : (اذا عارض استعمال الماء في الوضوء أو الغسل واجب أهم كما اذا كان بدنه أو ثوبه نجسا ولم يكن عنده من الماء الا بقدر أحد الامرين من رفع الحدث أو الخبث ففي هذه الصورة يجب استعماله في رفع الخبث ويتيمم ، لان الوضوء له بدل وهو التيمم ، بخلاف رفع الخبث .. واذا توضأ أو اغتسل حينئذ بطل لانه مأمور بالتيمم ولا أمر بالوضوء أو الغسل) (٣) وذهب أيضا الى البطلان السيد الوالد ـ دام ظله ـ في (الفقه) (٤) وصاحب (المصباح) (٥).

لكن ذكر السيد الحكيم ـ رحمه‌الله ـ ان المقام من صغريات مسألة الضد فيمكن الالتزام فيه بالامر بالوضوء على نحو الترتب (٦).

ونحوه ما في (المهذب) (٧).

__________________

(١) المستمسك ـ ج ٥ ـ ص ١٣١.

(٢) فوائد الاصول ـ ج ١ ـ ص ٣٧٣ ، أجود التقريرات ج ١ ص ٣١٤.

(٣) العروة الوثقى ـ فصل فى التيمم ـ السادس.

(٤) الفقه ـ كتاب الطهارة ـ ج ٩ ـ ص ١٩٧.

(٥) مصباح الهدى ـ ج ٧ ـ ص ٢٠٠.

(٦) المستمسك ـ ج ٤ ـ ص ٣٥٢.

(٧) مهذب الاحكام ـ ج ٤ ـ ص ٣٦٤.

١٨٢

وأيضا قال صاحب العروة (قدس‌سره) في عداد شرائط الوضوء : ان لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض أو خوف عطش أو نحو ذلك ، وإلّا فهو مأمور بالتيمم ، ولو توضأ والحال هذه بطل) (١).

ولكن ذكر في التنقيح ـ في ضمن كلام له ـ : (.. وقد يستند الحكم بجواز التيمم الى حكم العقل به كما في موارد المزاحمة بين وجوب الوضوء وواجب آخر أهم كانقاذ الغريق ونحوه .. ففي هذه الموارد اذا عصى المكلف للامر بالتيمم فصرفه في الوضوء امكننا الحكم بصحة وضوءه بالترتب ، وحيث ان المخصص للامر بالوضوء عقلي وليس دليلا شرعيا كي يتمسك باطلاقه حتى في صورة عصيان الامر بالاهم فلا مناص من الاكتفاء فيه بمقدار الضرورة ، كما هو الحال فى موارد التخصيصات العقلية ..) (٢).

الفرع الثالث

من كانت وظيفته التيمم من جهة ضيق الوقت عن استعمال الماء اذا خالف وتوضأ أو اغتسل بطل لانه ليس مأمورا بالوضوء لاجل تلك الصلاة ، هذا اذا قصد الوضوء لاجل تلك الصلاة ، وأما اذا توضأ بقصد غاية اخرى من غاياته أو بقصد الكون على الطهارة صح (٣).

وفي (الفقه) : ان عدم الامر بهذا الوضوء من باب التزاحم وتقدم ملاك غيره

__________________

(١) العروة ـ فصل فى شرائط الوضوء ـ السابع.

(٢) التنقيح ـ ج ٥ ـ ص ٤٠٨.

(٣) العروة ـ فصل فى التيمم ـ مسألة (٢٩) وراجع أيضا فصل فى شرائط الوضوء ـ الثامن.

١٨٣

عليه مع وجود ملاك هذا الوضوء في نفسه ومثله يكفي في الصحة .. بل يمكن القول بالامر على نحو الترتب لمن يرى صحة الترتب (١).

وفي (المصباح) : لو أتى بالطهارة المائية في ضيق الوقت بقصد غاية اخرى من غاياتها أو بقصد الكون على الطهارة ففي صحتها وبطلانها وجهان مبنيان على اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص وعدمه ، فعلى القول بالاقتضاء تبطل لكونها منهيا عنها بالنهي الناشئ عن الامر بضدها ، وعلى القول بعدم الاقتضاء فالاقوى الصحة ، وذلك اما لرجحانها الذي هو ملاك الامر بها وان لم تكن مأمورا بها بواسطة تعلق الامر بضدها مع استحالة الامر بالضدين بناء على كفاية الاتيان بملاك الامر في صحة العبادة ، واما بالالتزام بكونها مأمورا بها بالامر الترتبي المشروط بعصيان الامر المتعلق بضدها بناء على صحة الامر الترتبي (٢).

ونظير هذه المسألة ما لو توضأ باعتقاد سعة الوقت فبان ضيقه (٣).

الفرع الرابع

قال صاحب العروة (قدس‌سره) : اذا نهى الزوج زوجته عن الوضوء في سعة الوقت وكان مفوتا لحقه يشكل الحكم بالصحة (٤).

هذا ولكن قال في التنقيح : الصحيح الحكم بالصحة لان المحرم على الزوجة حينئذ تفويت حق زوجها واما عملها فهو مملوك لها ، ولا يحرم من جهة استلزامه

__________________

(١) الفقه ـ كتاب الطهارة ـ ج ٩ ـ ص ٢١٣.

(٢) مصباح الهدى ـ ج ٧ ـ ص ٢١١.

(٣) العروة ـ فصل فصل فى التيمم ـ مسألة (٣٤).

(٤) العروة ـ فصل فى شرائط الوضوء ـ مسألة (٣٦).

١٨٤

التفويت ، لان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده ، بل هذه العبادة ضد عبادي محكوم بالصحة بالترتب (١).

ونحوه الاجير الخاص اذا كان وضوءه مفوتا لحق المستأجر (٢) بل كل وضوء كان مفوتا لحق الغير ـ على ما ذكره بعضهم ـ.

الفرع الخامس

اذا جهر المصلي في موضع الاخفات ، أو أخفت في موضع الجهر ناسيا أو جاهلا ـ ولو بالحكم ـ صحت صلاته ، سواء كان الجاهل متنبها للسؤال ولم يسأل أم لا بشرط حصول قصد القربة منه (٣).

وقد أورد عليه : بأن أصل الحكم بالصحة في هذه الموارد مما لا اشكال فيه نصا وفتوى ، انما الاشكال في الجمع بين الحكم بالصحة واستحقاق العقاب في الجاهل المقصر ، فانه كيف يعقل الحكم بصحة المأتي به والحكم باستحقاق العقاب على ترك الواجب ، ولا سيما مع بقاء الوقت (٤).

وأجاب عنه كاشف الغطاء (قدس‌سره) بتصحيح الامر بالضد على نحو الترتب ـ حيث قال (قده) : ان انحصار المقدمة بالحرام بعد شغل الذمة لا ينافي الصحة وان استلزم المعصية ، وأي مانع من أن يقول الامر المطاع لمأموره : اذا

__________________

(١) التنقيح ـ ج ٥ ـ ص ٨٦ ـ ط المطبعة العلمية.

(٢) المصدر ـ ص ٨٧.

(٣) العروة ـ كتاب الصلاة ـ فصل فى القراءة ـ مسألة (٢٢) ـ وراجع أيضا : فصل فى الركعة الثالثة ـ مسألة (٥).

(٤) مصباح الاصول ـ ج ٢ ـ ص ٥٠٦.

١٨٥

عزمت على معصيتي في ترك كذا فافعل كذا كما هو أقوى الوجوه في حكم جاهل الجهر والاخفات والقصر والاتمام (١).

وتقريبه : ان الواجب على المكلف ابتداء هو صلاة القصر مثلا ، وعلى تقدير تركه واستحقاق العقاب على تركه فالواجب هو التمام ، فلا منافاة بين الحكم بصحة المأتي به واستحقاق العقاب على ترك الواجب الاول (٢).

الفرع السادس

في موارد وجوب قطع الصلاة ـ كما في صورة توقف حفظ نفس محترمة أو حفظ مال يجب حفظه عليه ، وكذا لو توقف اداء الدين المطالب به على قطعها في سعة الوقت ـ اذا تركه واشتغل بالصلاة فالظاهر الصحة ، وان كان آثما في ترك الواجب (٣).

ويمكن ابتناء الحكم في ذلك على عدم استلزام الامر بالشيء للنهي عن ضده ، مع وجود الامر بالصلاة على نحو الترتب ، فالمقتضي موجود والمانع مفقود ، فتصح الصلاة لا محالة.

الفرع السابع

يجب رد سلام التحية في أثناء الصلاة ، ولو عصى ولم يرد الجواب واشتغل

__________________

(١) كشف الغطاء ـ الفن الثانى ـ المقصد الاول ـ البحث الثامن عشر ـ ص ٢٧.

(٢) مصباح الاصول ـ ج ٢ ـ ص ٥٠٧.

(٣) العروة ـ كتاب الصلاة ـ فصل لا يجوز قطع صلاة الفريضة ـ مسألة (٤).

١٨٦

بالصلاة قبل فوات وقت الرد لم تبطل على الاقوى (١).

والحكم بالصحة هو المشهور بين المتأخرين (٢) واختاره في الذكرى (٣).

وذكر بعضي محشي العروة : ان هذا مبني على قاعدة الترتب (٤).

الفرع الثامن

لو شرع المصلي في اليومية ثم ظهر له ضيق وقت صلاة الآيات وجب عليه قطعها مع سعة وقتها ، واشتغل بصلاة الآيات (٥).

قال السيد الوالد ـ دام ظله ـ : ولو لم يقطع الفريضة لم تبطل (٦).

ويحتمل ابتناء الحكم في ذلك على مسألة الترتب.

الفرع التاسع

لو صلى النافلة في وقت تضيق الفريضة فالظاهر الصحة ، وان كان آثما بتفويت الفريضة (٧).

__________________

(١) العروة ـ كتاب الصلاة ـ فصل فى مبطلات الصلاة ـ مسألة (١٦).

(٢) الفقه كتاب الصلاة ـ ج ٤ ـ ص ٣٨٣.

(٣) المستمسك ـ ج ٦ ـ ص ٥٥٥.

(٤) العروة المحشاة ـ ج ١ ـ ص ٧١١ ـ ط المكتبة العلمية الاسلامية.

(٥) العروة ـ فصل فى صلاة الآيات ـ مسألة (١٢).

(٦) الفقه ـ كتاب الصلاة ـ ج ٥ ـ ص ٥٣.

(٧) الفقه ـ كتاب الصلاة ـ ج ١ ـ ص ١٨٤ ، وأيضا : ج ٥ ـ ص ١٦٩.

١٨٧

ويمكن بناء الحكم فيه على الترتب.

ونظير ذلك ما لو صلى النافلة وعليه قضاء فائتة ـ بناء على المضايقة في القضاء ـ فان الامر به لا يمنع الامر بها على نحو الترتب.

قال في التنقيح : لو التزمنا بالضيق في الفوائت وقلنا بالضيق التحقيقي العقلي المنافي للاشتغال بالنافلة ونحوها لم يترتب على ذلك عدم مشروعية النافلة أبدا ، فليكن المقام من باب التزاحم ، فاذا عصى الامر بالفورية في القضاء جاز له التنفل ويحكم بصحته بالترتب ، وان كان قد عصى بتأخير القضاء (١).

الفرع العاشر

لو صلى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما جاهلا بان حكم المسافر القصر لم يجب عليه القضاء ولا الاعادة (٢).

وهذا الحكم هو المشهور ، بل عن بعض دعوى الاجماع عليه (٣) وقد وردت به بعض النصوص الصحيحة (٤) وحكم الصوم فيما ذكر حكم الصلاة (٥) وبه نصوص صحيحة (٦).

وقد أورد عليه بنظير ما أورد على مسألة الجهر والاخفات.

__________________

(١) التنقيح ـ ج ٦ ـ ص ٤٩٧.

(٢) العروة ـ فصل فى أحكام صلاة المسافر ـ مسألة (٣).

(٣) الفقه ـ كتاب الصلاة ـ ج ٨ ـ ص ٢٤٨.

(٤) الوسائل ـ باب ١٧ ـ من أبواب صلاة المسافر.

(٥) العروة ـ فصل فى أحكام صلاة المسافر ـ مسألة (٤).

(٦) الوسائل ـ باب ٢ من أبواب من يصح منه الصوم.

١٨٨

وأجاب عنه كاشف الغطاء (قدس‌سره) بتصحيحه بالخطاب الترتبي (١).

الفرع الحادى عشر

لو توقف على ترك الصوم حفظ عرض أو مال محترم يجب حفظه ، أو توقف حفظ نفسه أو نفس غيره عليه ونحو ذلك مما كانت مراعاته أهم في نظر الشارع من الصوم فصام فقد ذهب صاحب العروة (قدس‌سره) الى بطلان الصوم حينئذ (٢).

لكن في (مستند العروة) : (.. واما بناء على المختار من صحة الترتب وامكانه بل لزومه ووقوعه وان تصوره مساوق لتصديقه .. فلا مناص من الحكم بالصحة بمقتضى القاعدة ، اذ المزاحمة في الحقيقة انما هي بين الاطلاقين لا بين ذاتي الخطابين ، فلا مانع من تعلق الامر بأحدهما مطلقا ، وبالآخر على تقدير عصيان الاول ومترتبا عليه ، فالساقط انما هو اطلاق الامر بالمهم وهو الصوم ، واما أصله فهو باق على حاله ، اذ المعجز ليس نفس الامر بالاهم بل امتثاله) (٣).

وفي المصباح : وكذا يسقط (الصوم) عند التزاحم مع واجب آخر يكون أهم منه في نظر الشارع كحفظ مال ونحوه مما احرز أهميته عنده فيجب عليه تركه والاتيان بما هو أهم ، لكن لو خالف وأتى بالصوم يصح صومه ، اما بالخطاب الترتبي ، واما بالملاك (٤).

__________________

(١) كشف الغطاء ـ ص ٢٧.

(٢) العروة ـ فصل فى شرائط صحة الصوم ـ السادس.

(٣) مستند العروة الوثقى ـ كتاب الصوم ـ ج ١ ـ ص ٤٦٣.

(٤) مصباح الهدى ـ ج ٨ ـ ص ٣٠٦.

١٨٩

الفرع الثانى عشر

يشترط في صحة الاعتكاف اذن المستأجر بالنسبة الى أجيره الخاص ـ كما ذهب اليه صاحب العروة (قدس‌سره) (١).

قال في المستند : ـ ضمن كلام له ـ (.. من كان أجيرا لعمل معين كالسفر في وقت خاص فخالف واشتغل بالاعتكاف فالظاهر هو الصحة وان كان آثما في المخالفة ، لوضوح ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده ، فيمكن تصحيح العبادة بالخطاب الترتبي ، بأن يؤمر أولا بالوفاء بعقد الايجار ، ثم على تقدير العصيان يؤمر بالاعتكاف (٢).

وأيضا يشترط اذن الزوج بالنسبة الى زوجته اذا كان منافيا لحقه (٣).

لكن ذكر السيد الوالد ـ دام ظله ـ : ان ذلك وحده ـ ما لم ينضم اليه محذور خارجي ـ لا يكفي في بطلان الاعتكاف ، لانه من باب الضد (٤).

ويمكن بناء المسألة على الترتب أو الملاك.

الفرع الثالث عشر

لو نذر ضدا على الاطلاق ، وضدا آخر على تقدير تركه انعقد النذران على تقدير خلوه عن فعل الاول واقعا ـ على ما ذهب اليه بعضهم معللين ذلك بالترتب ـ (٥).

__________________

(١) العروة ـ كتاب الاعتكاف ـ السابع.

(٢) مستند العروة الوثقى ـ كتاب الصوم ـ ج ٢ ـ ص ٣٥٩.

(٣) العروة ـ كتاب الاعتكاف ـ السابع.

(٤) الفقه ـ كتاب الاعتكاف ـ ص ٣٢.

(٥) حاشية المشكينى (ره) على الكفاية ـ ج ١ ـ ص ٢١٥.

١٩٠

الفرع الرابع عشر

لو فرض حرمة الاقامة على المسافر من أول الفجر الى الزوال ، فعصى هذا الخطاب وأقام فلا اشكال في أنه يجب عليه الصوم ويكون مخاطبا به ، فيكون في الآن الاول الحقيقي من الفجر قد توجه اليه كل من حرمة الاقامة ووجوب الصوم ولكن مترتبا ، يعني ان وجوب الصوم يكون مترتبا على عصيان حرمة الاقامة ، ففي حال الاقامة يجب عليه الصوم مع حرمة الاقامة أيضا ، لان المفروض حرمة الاقامة عليه الى الزوال ، فيكون الخطاب الترتبي محفوظا من الفجر الى الزوال (١).

ونحوه ما لو وجب السفر في شهر رمضان بايجاب أهم من صوم شهر رمضان كسفر حج ونحوه فانه لا اشكال في توجه الامر السفري على الاطلاق ، وتوجه الامر الصومي على تقدير تركه بحيث لو أفطر وجب عليه الكفارة فلو لم يكن واجبا لما وجبت عليه (٢).

وحكم الصلاة في ذلك حكم الصوم (٣).

الفرع الخامس عشر

لو فرض وجوب الاقامة على المسافر من أول الزوال ، فعصى ، كان وجوب القصر عليه مترتبا على عصيان وجوب الاقامة ، حيث انه لو عصى ولم يقصد الاقامة توجه عليه خطاب القصر ، وكذا لو فرضنا حرمة الاقامة ، فان وجوب التمام يكون

__________________

(١) فوائد الاصول ـ ج ١ ـ ص ٣٥٧ ـ أجود التقريرات ج ١ ص ٣٠٢ ـ.

(٢) حاشية المشكينى (ره) على الكفاية ـ ج ١ ـ ص ٢١٥.

(٣) المصدر.

١٩١

مترتبا على عصيان حرمة الاقامة (١).

ونظيره ما لو نذر أن يتم الصلاة في يوم معين فسافر فانه يجب عليه القصر (٢).

الفرع السادس عشر

لو عصى خطاب اداء الدين وجب عليه الخمس مترتبا على العصيان ، هذا اذا لم يكن الدين من عام الربح ، وأما اذا كان من عام الربح فيكون خطاب اداء الدين بنفس وجوده رافعا لخطاب الخمس لا بامتثاله (٣).

الفرع السابع عشر

لو انحصر ماء الوضوء فيما يكون في الآنية المغصوبة على نحو يحرم عليه الاغتراف منها للوضوء ، وذلك فيما اذا لم يكن بقصد التخليص ، فان اغترف منها ما يكفيه للوضوء دفعة واحدة فهذا مما لا اشكال في وجوب الوضوء عليه بعد اغترافه ، وان عصى في أصل الاغتراف ، إلّا أنه بعد العصيان والاغتراف يكون واجدا للماء ، فيجب عليه الوضوء ، وأما اذا لم يغترف ما يكفيه للوضوء دفعة واحدة بل كان بناؤه على الاغتراف تدريجا فاغترف ما يكفيه لغسل الوجه فقط فالمحكي عن صاحب الفصول : أنه لا مانع من صحة وضوئه حينئذ بالامر الترتبي ، فانه يكون واجدا للماء بعد ما كان يعصي في الغرفة الثانية والثالثة التي تتم بها الغسلات

__________________

(١) فوائد الاصول ـ ج ١ ـ ص ٣٥٨.

(٢) الفقه ـ كتاب الصلاة ـ ج ٨ ـ ص ١٠٣.

(٣) فوائد الاصول ـ ج ١ ـ ص ٣٥٨.

١٩٢

الثلاث للوضوء ، فيكون أمره بالوضوء نظير أمره بالصلاة اذا كان مما يستمر عصيانه للازالة الى آخر الصلاة ، فان المصحح للامر بالصلاة انما كان من جهة حصول القدرة على كل جزء منها حال وجوده ، لمكان عصيان الامر بالازالة في ذلك الحال وتعقبه بالعصيان بالنسبة الى الاجزاء اللاحقة ، وفي الوضوء يأتي هذا البيان أيضا ، فان القدرة على كل غسلة من غسلات الوضوء تكون حاصلة عند حصول الغسلة ، لمكان العصيان بالتصرف في الآنية المغصوبة ، والعصيان في الغرفة الاولى لغسل الوجه يتعقبه العصيان في الغرفة الثانية والثالثة لغسل اليدين فيجري في الوضوء الامر الترتبي كجريانه في الصلاة (١).

وفي التنقيح : (.. اذا لم نقل باعتبار القدرة الفعلية على مجموع العمل قبل الشروع فيه واكتفينا بالقدرة التدريجية في الامر بالواجب المركب ولو على نحو الشرط المتأخر بأن تكون القدرة على الاجزاء التالية شرطا في وجوب الاجزاء السابقة ... فلا بأس بالتوضؤ من الاواني المغصوبة لامكان تصحيحه بالترتب ..) (٢).

ونظير هذه المسألة : الاغتراف من آنية الذهب أو الفضة.

قال في التنقيح : (صحة الغسل أو الوضوء في صورة الاغتراف مبتنية على القول بالترتب ولا نرى أي مانع من الالتزام به في المقام لان المعتبر في الواجبات المركبة انما هي القدرة التدريجية ولا تعتبر القدرة الفعلية على جميع أجزائها من الابتداء (٣).

وقد نسب القول بالصحة في صورة الاغتراف الى المشهور (٤).

__________________

(١) فوائد الاصول ـ ج ١ ـ ص ٣٧٨.

(٢) التنقيح ـ ج ٤ ـ ص ٢٩٩.

(٣) المصدر ـ ص ٣٣٧.

(٤) الفقه ـ كتاب الطهارة ـ ج ٤ ـ ص ٥٨.

١٩٣

.. هذه بعض الفروع الفقهية التي ادعي ابتناؤها على الترتب.

ولا يخفى أنه كما يمكن بناؤها عليه يمكن بناؤها على غيره كالملاك ونحوه.

ثم انه كما يمكن بناء هذه الفروع على الترتب يمكن بناء الترتب عليها كما صنعه المحقق النائيني (قدس‌سره) لكن مر في أدلة القول بالامكان التأمل في ذلك فراجع.

ثم ان هنالك مناقشات مفصلة في هذه الفروع مذكورة في محلها ، وقد تركنا التعرض لها خوفا من الاطالة.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

١٩٤

فهرس الكتاب

هل المسألة اصولية؟.............................................................. ٤

شرائط تحقق الموضوع............................................................ ١٢

وجود التضاد بين الامرين........................................................ ١٢

كون التكليفين الزاميين.......................................................... ١٧

كون المهم عباديا............................................................... ١٩

أن لا يكون المهم مشروطا بالقدرة الشرعية......................................... ٢٢

أن يكون التضاد بين المتعلقين اتفاقيا.............................................. ٢٧

أن لا يكون المهم ضروري الوجود عند العصيان..................................... ٣٠

تنجز خطاب الاهم على المكلف................................................. ٣٣

وصول التكليف بالاهم بنفسه.................................................... ٣٥

عدم أخذ الجهل في موضوع الامر الترتبي........................................... ٣٦

كون المتزاحمين عرضيين.......................................................... ٣٧

ما أورد به على الترتب.......................................................... ٤٢

الوجه الاول : تطارد الطلبين..................................................... ٤٢

١٩٥

الايراد الاول................................................................... ٤٤

النقيضان في مرتبة واحدة........................................................ ٤٥

تزاحم الاقتضاءين في فرض التعليق................................................ ٥٥

ملاك التزاحم المعية الوجودية..................................................... ٥٥

النقض بأخذ العلم بالحكم موضوعا لحكم ضده..................................... ٥٨

النقض بتقييد الامر بالمهم بفعلية الامر بالاهم...................................... ٦٠

النقض بتقييد الامر بالمهم بامتثال الامر بالاهم..................................... ٦١

نزول الامر بالاهم الى مرتبة الامر بالمهم............................................ ٦٢

الايراد الثاني................................................................... ٦٣

الايراد الثالث.................................................................. ٦٥

الايراد الرابع................................................................... ٦٩

الايراد الخامس................................................................. ٧٤

الوجه الثاني : تعدد الاستحقاق.................................................. ٧٧

النقض بموارد الواجبات الكفائية.................................................. ٧٩

النقض بالتكليفين الطوليين...................................................... ٨٢

ملاحظة كل خطاب منفردا...................................................... ٨٤

العقاب على ترك كل حال ترك الآخر............................................. ٨٦

العقاب على الجمع في الترك...................................................... ٨٨

المناط امكان التخلص من المخالفة................................................ ٨٩

لا قبح في العقاب على غير المقدور................................................ ٩١

الهتك هو الملاك................................................................ ٩١

تفويت الملاك.................................................................. ٩٢

١٩٦

الوقوع........................................................................ ٩٣

قلب الاشكال................................................................. ٩٤

الالتزام بوحدة الاستحقاق....................................................... ٩٥

الوجه الثالث................................................................... ٩٩

الوجه الرابع.................................................................. ١٠٢

الوجه الخامس................................................................ ١٠٦

الوجه السادس................................................................ ١٠٧

أدلة جواز الترتب............................................................. ١١٢

الدليل الاول................................................................. ١١٢

المقدمة الاولى................................................................. ١١٢

المقدمة الثانية................................................................. ١١٨

المقدمة الثالثة................................................................. ١٢٥

الدليل الثاني.................................................................. ١٢٩

الدليل الثالث................................................................ ١٣٤

الدليل الرابع.................................................................. ١٣٥

ما يناط به الامر بالمهم......................................................... ١٣٧

الفرض الاول................................................................. ١٣٧

الامر الاول.................................................................. ١٣٧

الامر الثاني................................................................... ١٦١

الامر الثالث................................................................. ١٦٢

الفرض الثاني................................................................. ١٦٤

الفرض الثالث................................................................ ١٦٥

١٩٧

الفرض الرابع................................................................. ١٦٧

الفرض الخامس............................................................... ١٧٥

خاتمة........................................................................ ١٨٠

الفرع الاول.................................................................. ١٨٠

الفرع الثاني................................................................... ١٨٢

الفرع الثالث................................................................. ١٨٣

الفرع الرابع................................................................... ١٨٤

الفرع الخامس................................................................. ١٨٥

الفرع السادس................................................................ ١٨٦

الفرع السابع................................................................. ١٨٦

الفرع الثامن.................................................................. ١٨٧

الفرع التاسع.................................................................. ١٨٧

الفرع العاشر................................................................. ١٨٨

الفرع الحادي عشر............................................................ ١٨٩

الفرع الثاني عشر.............................................................. ١٩٠

الفرع الثالث عشر............................................................ ١٩٠

الفرع الرابع عشر.............................................................. ١٩١

الفرع الخامس عشر............................................................ ١٩١

الفرع السادس عشر........................................................... ١٩٢

الفرع السابع عشر............................................................ ١٩٢

فهرس الكتاب................................................................ ١٩٥

١٩٨