الكفر والضلال ، فكان مثلهم كمثل من انتكس على رأسه بعد أن كان ما شيا على قدميه ، فيا له من تصوير بديع لحالة من يعود إلى الظلام ، بعد أن يتبين له النور.
والجملة الكريمة (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) جواب لقسم محذوف ، معمول لقول محذوف ، والتقدير : ثم نكسوا على رؤسهم قائلين : واللَّه لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
ولم يملك إبراهيم إزاء انتكاسهم على رؤسهم ، إلا أن يوبخهم بعنف وضيق ، ـ وهو الحليم الأواه المنيب ـ وقد قابلوا تأنيبه لهم بتوعده بالعذاب الشديد ، ولكن اللَّه ـ تعالى ـ نجاه من مكرهم ، قال ـ تعالى ـ :
قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّه ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً ولا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ ولِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّه أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٧) قالُوا حَرِّقُوه وانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٦٨) قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (٦٩) وأَرادُوا بِه كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الأَخْسَرِينَ (٧٠) ونَجَّيْناه ولُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً وكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وإِقامَ الصَّلاةِ وإِيتاءَ الزَّكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣)
أي : قال إبراهيم لقومه بعد أن ضاق بهم ذرعا : أتتركون عبادة اللَّه الذي خلقكم ، وتعبدون غيره أصناما لا تنفعكم بشيء من النفع ، ولا تضركم بشيء من الضر ، ثم يضيف إلى