تفسير البغوي - ج ١

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي

تفسير البغوي - ج ١

المؤلف:

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي


المحقق: عبدالرزاق المهدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٢٨

عملنا في هذا الكتاب

لقد اتبعنا في تحقيق هذا الكتاب النفيس الخطوات التالية :

١ ـ طابقنا بين المخطوطتين والنسختين المطبوعتين ، وتقدم الحديث عن ذلك ، وقد أثبتنا في النص ما هو الراجح مع استدراك لبعض الكلمات أو العبارات ، مع التقديم والتأخير أحيانا ، وأشرنا إلى الفروق في المخطوط والنسخ غالبا ، وربما أهملنا ذلك عند عدم الفائدة لئلا تثقل الحواشي ، ويكبر الكتاب بما لا طائل تحته ، بل ربما يؤدي ذلك إلى الغرور ، وهذا لا يجوز.

ـ تنبيه : ليعلم أن الحاشية تتألف من قسمين الأول منهما : تخريج الأحاديث مع تصويبات واستدراكات من كتب الحديث والأثر والتراجم والنسخة المطبوعة في دار طيبة ورمزت لها ب «ط».

ـ والحاشية الثانية تحتوي على التصويبات والاستدراكات التي مصدرها المخطوطتين.

وسبب ذلك هو أني ابتدأت العمل أولا قبل وصول المخطوطتين فكنت أجد التحريف والسقط ونحو ذلك فأرجع في ذلك إلى كتب المؤلف وسائر كتب الحديث التي يروي المؤلف من طريقها فأصوب وأستدرك ، ثم لما جاء المخطوط اضطررنا إلى حاشية ثانية لأن الأولى قد كتبت وسطّرت.

ـ ويلاحظ أني في الجزء الأول وقبل وصول المخطوط كنت أقصد بقولي ب «الأصل» النسخة المطبوعة في دار المعرفة ، ولكن بعد ذلك أصبحت أعبر عن ذلك بقولي «المطبوع».

٢ ـ خرجنا الأحاديث المرفوعة ، وما له حكم الرفع ، وما فيه سبب نزول ، ونحو ذلك بالعزو إلى كتب المؤلف ثم إلى الطريق التي يروي عنها ثم إلى سائر كتب الحديث والأثر المعتبرة والمشهورة.

٣ ـ قمنا بدراسة الأسانيد والتنبيه على حال بعض الرواة ممن هو متكلم فيه ، أو كان في الإسناد انقطاع ونحو ذلك من العلل. وأعني بقولي : صحيح على شرط البخاري ومسلم أو أحدهما كون الشيخين أو أحدهما يروي لهؤلاء الرجال ، وربما قلت : على شرط الصحيح ، ومرادي بذلك أن في الإسناد من هو من رجال البخاري ، وآخر من رجال مسلم ، وربما بينت ذلك نصّا.

٤ ـ ذكرنا للحديث طرقا وشواهد ليتم بذلك الحكم على الحديث هل هو صحيح ، أو حسن ، أو ضعيف لكن يصح بطرقه وشواهده ، أو لا إن كانت طرقه وشواهده واهية جدا.

ـ وربما أحلت خشية الإطالة إلى بعض الكتب التي قمت بتخريجها.

٥ ـ رقمنا الأحاديث المسندة والمعلقة تسلسليا ليكون الترقيم متكاملا.

٦ ـ نبهنا على الروايات الإسرائيلية ونحو ذلك مما فيه نكارة ، أو مجازفة ، أو مخالفة لشريعتنا.

٧ ـ خرجنا الآيات الشواهد ، وذلك بذكر اسم السورة ، ورقم الآية.

٨ ـ خرجنا الشواهد الشعرية باختصار ، وهي قليلة نسبيا.

٩ ـ شرحنا بعض المفردات الغريبة سواء في الشعر أو النثر.

١٠ ـ ألحقنا الكتاب بفهارس للأحاديث المرفوعة مع ذكر ثبت المصادر والمراجع.

٤١

١١ ـ وضعنا للكتاب مقدمة مع فوائد تتعلق بالتفسير والمفسرين ، أضف إلى ذلك ترجمة للإمام البغوي ، ودراسة حول هذا الكتاب ومنهج المؤلف.

ـ وفي الختام وبعد شكر الله تعالى ، لا يسعني إلا أن أتوجه بخالص الشكر ، وجميل الثناء لكل من كانت له يد مشكورة في هذا العمل الجليل.

ـ هذا ما وفقني الله تعالى إليه ، وأسأله وحده أن يقويني لإتمام مراجعته ، وأن يسدد قلمي ، ويجنبني الوهم والخطأ ، وأسأله تعالى أن يجعل هذا العمل موفقا ، وأن ينفع به ، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغير).

وكتبه عبد الرزاق المهدي

سورية ـ دمشق

في ٥ شعبان / سنة ١٤١٩ ه‍

الموافق ٢٤ / ١٢ / ١٩٩٨ م

٤٢

٤٣
٤٤

المقدمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[قال الشيخ الإمام الأجلّ (١) السيد محيي (٢) السنة ، ناصر الحديث ، مفتي الشرق والغرب ، أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي (٣) رضي الله عنه وعن والديه](١) :

الحمد لله ذي العظمة والكبرياء والعزّة والبقاء والرفعة والعلاء والمجد والثناء ، تعالى عن الأنداد والشركاء ، وتقدّس عن الأمثال والنظراء ، والصّلاة والسّلام على نبيّه وحبيبه وصفيّه محمد خاتم الأنبياء ، وإمام الأتقياء عدد ذرّات الثرى ونجوم السماء.

والحمد لله الملك السلام المؤمن المهيمن العلام ، شارع الأحكام ذي الجلال والإكرام ، الذي أكرمنا بدين الإسلام ، ومنّ علينا بنبيّنا محمد عليه التحيّة والسلام ، وأنعم علينا بكتابه المفرّق بين الحلال والحرام ، والصّلاة والسّلام على حبيبه وخيرته من خلقه محمد سيّد الأنام ، عدد ساعات الليالي والأيام وعلى آله وأصحابه ، عدد نجوم الظلام وعلى جميع الأنبياء والملائكة البررة الكرام.

أما بعد ، فإنّ الله جلّ ذكره أرسل رسوله بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين ، وبشيرا للمؤمنين ، ونذيرا للمخالفين ، أكمل به بنيان النبوة ، وختم به ديوان الرسالة ، وأتمّ به مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، وأنزل عليه بفضله نورا هدى به من الضلالة وأنقذ به من الجهالة ، حكم بالفلاح لمن تبعه ، وبالخسران لمن أعرض عنه بعد ما سمعه ، وأعجز الخليقة عن معارضته ، وعن الإتيان بسورة من مثله في مقابلته ، ثم سهل على الخلق مع إعجازه تلاوته ويسر على الألسن قراءته ، أمر فيه وزجر وبشّر وأنذر وذكر المواعظ ليتذكّر ، وقصّ عن أحوال الماضين ليعتبر ، وضرب فيه الأمثال ليتدبر ، ودلّ على آيات التوحيد ليتفكر ، ولا حصول لهذه المقاصد إلا بدراية تفسيره وإعلامه ، ومعرفة أسباب نزوله وأحكامه والوقوف على ناسخه ومنسوخه ، ومعرفة خاصّه وعامّه ، ثم هو كلام معجز وبحر عميق لا نهاية لأسرار علومه ، ولا إدراك لحقائق معانيه ، وقد ألّف أئمّة السلف في أنواع علومه كتبا كلّ على قدر فهمه ومبلغ علمه نظرا

__________________

(١) الظاهر أن لفظ «الإمام الأجل السيد ، محيي السنة ، ناصر الحديث ، مفتي الشرق والغرب» من كلام الراوي لهذا التفسير عن الإمام البغوي ، أو هو من زيادات النساخ ، فإن علماء الإسلام ، لا يذكرون مثل هذه الألفاظ في معرض ذكرهم لأنفسهم ، والله أعلم.

(٢) في الأصل «محي» والتصويب عن باقي النسخ.

(٣) قال العلامة ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (٤٦٧ ـ ٤٦٨) : بغشور : بضم الشين المعجمة ، وسكون الواو ، وراء : بليدة بين هراة ومروالرّوذ. ويقال لها «بغ» أيضا ، وقد نسب إليها خلق كثير من العلماء والأعيان ، ومنهم الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي الفقيه صاحب التصانيف التي منها ، «التهذيب» في الفقه على مذهب الشافعي ، و «شرح السنة» و «تفسير القرآن» وكان يلقّب محيي السنة ، ولد سنة ٤٣٣ وتوفي سنة ٥١٦ ا ه باختصار.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في المخطوط ـ أ.

٤٥

للخلق ، فشكر الله تعالى سعيهم ورحم كافتهم.

فسألني جماعة من أصحابي المخلصين ـ وعلى اقتباس العلم مقبلين ـ كتابا في معالم التنزيل وتفسيره ، فأجبتهم إليه معتمدا على فضل الله تعالى وتيسيره ، ممتثلا وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيهم فيما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.

ع [١] أنه عليه الصّلاة والسّلام قال : «إنّ رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدّين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا».

واقتداء بالماضين من السلف في تدوين العلم إبقاء على الخلف وليس على ما فعلوه مزيد ، ولكن لا بدّ في كلّ زمان من تجديد ما طال به العهد ، وقصر للطالبين فيه الجدّ والجهد ، تنبيها للمتوقفين وتحريضا

__________________

[١] ـ ضعيف بهذا اللفظ. أخرجه الترمذي (٢٦٥٠ و ٢٦٥١) وابن ماجه (٢٤٧ و ٢٤٩ وابن عدي (٥ / ٧٩) والطبراني في «الأوسط» (٧٠٥٥) والخطيب في «تاريخ بغداد» (١٤ / ٣٨٧) و «موضح أوهام الجمع والتفريق» (٢ / ٣٩٢) ح ٥ والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» ٢٢ من طرق عن أبي هارون العبدي قال : كنا نأتي أبا سعيد ، فيقول : مرحبا بوصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الناس لكم تبع وإن رجالا ...» بمثل سياق المصنف ، وإسناده ضعيف جدا ، فيه أبو هارون اسمه عمارة بن جوين ، متروك الحديث ، قاله النسائي ، وقال أحمد : ليس بشيء ، وقال يحيى : ضعيف ، وكذبه حماد بن زيد ، وقال الذهبي : ليّن بمرة ، راجع «الميزان» (٦٠١٨). وضعف الترمذي هذا الحديث بقوله : قال علي : قال يحيى بن سعيد : كان شعبة يضعف أبا هارون. وقال البوصيري في «الزجاجة» عمارة بن جوين ، ضعيف باتفاقهم. قلت : تقدم أنه ضعيف جدا كما قال الذهبي ، وكذبه حماد بن زيد والجوزجاني والسعدي وغيرهم.

ـ وله شاهد من حديث أبي هريرة ، أخرجه ابن ماجه ٢٤٨ ، وفيه المعلى بن هلال ، وهو متروك متهم ، قال البوصيري في «الزوائد» كذبه أحمد وابن معين وغيرهما ، شيخه إسماعيل بن مسلم اتفقوا على ضعفه ا ه. قلت : وله علة ثالثة : الحسن لم يلق أبا هريرة ، ولم يسمع منه. وهذا الحديث في ذكر دخول الحسن بيت أبي هريرة. فالحديث لا شيء ، وهو شبه موضوع.

ـ وله شاهد ثالث بمعناه ، أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (٢٤) من طريق رواد بن الجراح عن المنهال بن عمرو عن رجل عن جابر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه : «إنه سيضرب إليكم في طلب العلم ، فرحبوا ويسروا وقاربوا» وهذا إسناد ضعيف جدا. رواد بن الجراح ، ضعيف ، فهذه علة ، وفيه راو لم يسمّ ، فالحديث بشواهده يرقى إلى درجة الضعيف فحسب لشدة ضعف أسانيده.

ـ وقد ورد عن أبي سعيد ليس فيه اللفظ المرفوع ، أخرجه الحاكم (١ / ٨٨ ح ٢٩٨) والرامهرمزي ٢١ كلاهما عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : «مرحبا بوصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوصينا بكم» وهذا إسناد لا بأس به ، رجاله ثقات لكن الجريري اختلط بأخرة ، وصححه الحاكم على شرط مسلم! وسكت الذهبي! وعلته اختلاط الجريري قبل موته بثلاث سنين ، واسمه سعيد بن إياس. وأخرجه الرامهرمزي ٢٠ من طريق بشر بن معاذ عن أبي عبد الله شيخ ينزل وراء منزل حماد بن زيد عن الجريري به ، وإسناده ضعيف ، فيه الجريري ، وفيه أبو عبد الله جار حماد ، وهو مجهول ، راجع «الميزان» (٣ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨) وله طريق آخر أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» برقم ٢٣ ، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحمّاني ، كذبه أحمد ، وضعفه الجمهور.

ـ وورد عن أبي الدرداء نحو الوارد عن أبي سعيد من قوله ، فقد أخرج الدارمي ١ / ٩٩ عن عامر بن إبراهيم قال : كان أبو الدرداء إذا رأى طلبة العلم قال : مرحبا بطلبة العلم ، وكان يقول : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوصى بكم ، وفيه عامر بن إبراهيم هذا لم أجد له ترجمة. لكن يشهد هذا للوارد عن أبي سعيد دون اللفظ المرفوع.

الخلاصة : اللفظ المرفوع الوارد في هذا الحديث ضعيف ، لا يرقى عن درجة الضعف لشدة ضعف رواته ، وأما كلام أبي سعيد ، فهو من نوع الحسن ، ويشهد له الوارد عن أبي الدرداء ، والله أعلم.

٤٦

للمتثبطين ، فجمعت ـ بعون الله تعالى وحسن توفيقه ـ فيما سألوا كتابا وسطا بين الطويل الممل ، والقصير المخل ، أرجو أن يكون مفيدا لمن أقبل على تحصيله مريدا.

وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الأمّة ، ومن بعده من التابعين ، وأئمة السلف مثل : مجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري (١) وقتادة وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي ، وزيد بن أسلم والكلبي والضحاك ، ومقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان والسدي وغيرهم ، فأكثرها مما أخبرنيه الشيخ أبو سعيد أحمد بن إبراهيم (٢) الشّريحي الخوارزمي فيما قرأته عليه ، عن الأستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي عن شيوخه [رحمهم‌الله](٣).

أما تفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ـ ترجمان القرآن ـ الذي قال فيه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

ع [٢] «اللهمّ علّمه الكتاب» ، وقال :

ع [٣] «اللهمّ فقّهه في الدين».

قال (٤) أبو إسحاق : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي (٥) ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، ثنا عبد الله بن صالح ، أن معاوية بن صالح ، حدثه عن علي بن أبي طلحة الوالبي عن عبد الله بن عباس (٦) :

__________________

(١) زيد في المطبوع وفي النسخة المصرية ، رضي الله عنهما وليس في المخطوط ونسخة «ط» والظاهر أنها مقحمة ، ولا تصح ، فقد تقدم ذكر أربعة من أئمة التابعين ومشاهيرهم ، فلو صح ثبوتها لكان الصواب «رضي الله عنهم» فتنبه ، والله أعلم.

(٢) في المطبوع «محمد».

(٣) زياد عن «ط».

[٢] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٧٥ و ٣٧٥٦ و ٢٧٠ والترمذي ٣٨٢٤ وابن ماجه ١٦٦ وأحمد ١ / ٢١٤ وفي «الفضائل» (١٨٣٥ و ١٩٢٣) وابن حبان ٧٠٥٤ والطبراني في «الكبير» (١٠٥٨٨) من طرق عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال : ضمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال : «اللهم علمه الكتاب» لفظ البخاري بحرفيته. وجعل بعضهم «الحكمة» بدل «الكتاب» هكذا رواية الترمذي وابن حبان وغيرهما. والله أعلم.

[٣] ـ صحيح ، أخرجه البخاري ١٤٣ ومسلم ٢٤٧٧ وأحمد (١ / ٣٢٧) وابن حبان ٧٠٥٣ والطبراني في «الكبير» ١١٢٠٤ كلهم عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخل الخلاء ، فوضعت له وضوءا ، قال : من وضع هذا ، فأخبر ، فقال : «اللهم فقهه في الدين» لفظ البخاري بحروفه. ورواية مسلم «اللهم فقهه» ليس فيه «في الدين» وزاد مسلم بعد «وضوءا» ، «فلما خرج». والله تعالى أعلم.

(٤) وقع في الأصل وبعض النسخ «وقال» والمثبت عن «ط» وهو يوافق باقي ألفاظ المصنف الآتية ، مع أن الأولى أن يقال : «فقال» لأن ـ أما ـ حرف شرط وتفصيل ـ ويقترن جوابها بالفاء. كما هو مقرر في كتب النحو ، والآيات في ذلك كثيرة من ذلك قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١))[النازعات : ٣٧ ـ ٤١] وكذلك قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى)[فصلت : ١٧] والآيات في ذلك كثيرة ، والله الموفق.

(٥) وقع في الأصل وبعض النسخ «الطوائفي» وهو تصحيف ظاهر ، والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

(٦) هذا الإسناد إلى ابن عباس ضعيف ، وله علتان : الأولى : ضعف عبد الله بن صالح. قال عنه الذهبي في «الميزان» ٤٣٨٣ ، هو صاحب حديث ، وله مناكير. قال أحمد : كان أول أمره متماسكا ، ثم فسد بأخرة ، وقال أبو حاتم : صدوق أمين ما علمته ، أخرج أحاديث في آخر عمره أنكروها ، نرى أنها مما افتعل خالد بن نجيح ، وكان أبو صالح يصحبه ، وقال صالح جزرة : كان يحيى يوثقه ، وهو عندي يكذب في الحديث وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال ابن حبان : كان في نفسه صدوقا ، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له. سمعت ابن خزيمة يقول : كان له جار بينه وبينه عداوة ، كان

٤٧

وقال (١) : أنا أبو القاسم الحسن [بن محمد] بن حبيب ، ثنا عبد الله بن محمد الثقفي ، أنا أبو جعفر محمد بن نصرويه (٢) المازني ، أنا محمد بن سعد (٣) بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي ، قال : حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، حدثني أبي عن جدي عطية عن ابن عباس (٤).

وقال الثعلبي : ثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن النيسابوري ، أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الصريمي المروزي ، أنا أبو العباس أحمد بن الخضر الصيرفي ، أنا أبو داود سليمان بن معبد السّنجي ، أنا علي بن الحسين بن واقد [عن أبيه](٥) عن يزيد النحوي ، عن عكرمة عن ابن عباس (٦).

__________________

يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح ، ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله ، ويرميه في داره ، فيتوهم أنه خطه فيحدث به. وقال ابن عدي : هو عندي مستقيم الحديث ، إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه نمط ، ولا يتعمد ا ه. ملخصا ، وانظر «المجروحين» (٢ / ٤٠ ـ ٤١) فمن كانت هذه حاله لا يحتج به ، وهو ضعيف. وله علة ثانية : وهي الانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس ، قال الذهبي في «الميزان» (٥٨٧٠) : علي بن أبي طلحة عن مجاهد وأبي الودّاك وراشد بن سعد ، أخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد ، فلم يذكر مجاهدا بل أرسله عن ابن عباس قال أحمد : له أشياء منكرات. وقال النسائي : لا بأس به. وقال دحيم : لم يسمع علي بن أبي طلحة التفسير عن ابن عباس.

قال الذهبي : روى معاوية بن صالح عنه عن ابن عباس تفسيرا كبيرا ممتعا ا ه ملخصا. وقال الحافظ في «تهذيب التهذيب» (٧ / ٢٩٨) : روى عن ابن عباس ، ولم يسمع منه ، بينهما مجاهد.

الخلاصة : فهذا الإسناد إلى ابن عباس. بهذه السلسلة ضعيف لا يحتج به.

(١) أي الثعلبي ، شيخ شيخ البغوي.

(٢) في الأصل «نضرويه» والمثبت عن «ط» والمخطوط «أ».

(٣) وقع في كافة نسخ المطبوع «سعيد» والتصويب عن «الأنساب» للسمعاني (٤ / ٢٥٨) والطبري ١٠٣٦ وكتب التراجم.

(٤) هذا الإسناد إلى ابن عباس بهذه السلسلة ، ضعيف جدا.

وله ثلاث علل : فيه الحسين بن الحسن بن عطية العوفي ، قال الذهبي رحمه‌الله في «الميزان» (١٩٩١) : ضعفه يحيى بن معين وغيره ، وقال ابن حبان يروي أشياء ، لا يتابع عليها ، لا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال النسائي : ضعيف ، فهذه علة ، وشيخه الحسن بن عطية العوفي. قال عنه الذهبي في «الميزان» (١٨٨٩) : قال البخاري : ليس بذاك ، وقال أبو حاتم : ضعيف وقال عنه الحافظ في «التقريب» (١٢٥٦) : ضعيف ، فهذه علة ثانية ، وشيخه عطية بن سعد العوفي ، قال عنه الذهبي في «الميزان» (٥٦٦٧) : تابعي شهير ضعيف ، قال أبو حاتم : يكتب حديثه ضعيف. وقال ابن معين : صالح ، وقال أحمد : ضعيف. وقال أحمد : بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير ، وكان يكنّى بأبي سعيد فيقول : قال أبو سعيد.

قال الذهبي : يوهم أنه الخدري ، وقال النسائي وجماعة : ضعيف. وقال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (٧ / ٢٠٠ ـ ٢٠١ ـ ٢٠٢) ما ملخصه :

قال مسلم بن الحجاج : قال أحمد وذكر عطية العوفي : ضعيف الحديث ثم قال : بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي ، ويسأله عن التفسير ، وكان يكنيه بأبي سعيد ، فيقول : قال أبو سعيد ، وكان هشيم يضعفه. قال أحمد : وحدثنا أبو أحمد الزبيري : سمعت الكلبي يقول : كناني عطية ، أبو سعيد ، وقال الجوزجاني : مائل. وقال أبو حاتم : ضعيف ، يكتب حديثه ، وقال ابن حبان : لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل التعجب ا ه. فمن كانت حاله حالة لا يحتج برواياته سواء عن ابن عباس أو غيره ، وبهذا يتبين شدة ضعف هذه السلسلة إلى ابن عباس ، والله أعلم.

(٥) زيادة عن كتب التراجم ، علي بن الحسين ليس له رواية عن يزيد النحوي ، وإنما يروي عنه بواسطة أبيه ، وانظر الكلام الآتي.

(٦) هذا الإسناد إلى ابن عباس ، بهذه السلسلة لا بأس به. سليمان بن داود السنجي ـ وسنج من نواحي مرو ـ صدوق روى له مسلم وغيره ، وشيخه علي بن الحسين بن واقد ، قال الذهبي في «الميزان» (٥٨٢٤) : قال أبو حاتم : ضعيف الحديث. وقال النسائي وغيره : لا بأس به ، وذكره العقيلي في «الضعفاء» وقال : مرجئ. وانظر «تهذيب الكمال»

٤٨

وأما تفسير مجاهد بن جبر (١) المكي قال : [أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد الأصفهاني ، قال : أنا](٢) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، ثنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (٣).

وأما تفسير عطاء بن أبي رباح : قال : ثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن النيسابوري ، ثنا أبو (٤) عبد الرحمن [أحمد](٥) بن ياسين بن الجراح الطبري ، أنا أبو محمد بكر بن سهل (٦) الدمياطي ، ثنا عبد الغني بن سعيد الثقفي عن أبي محمد موسى بن عبد الرحمن الصنعاني (٧) ، عن ابن (٨) جريج عن عطاء بن أبي رباح (٩).

__________________

(٢٠ / ٤٠٦ / ٤٠٥٢) ، وشيخه الحسين بن واقد ، ثقة له أوهام ، روى له مسلم وأصحاب السنن ، راجع «تهذيب الكمال» (٦ / ٤٩١ / ١٣٤٦) ، وشيخه يزيد النحوي هو ابن أبي سعيد أبو الحسن القرشي ثقة روى له أصحاب السنن ، راجع «التقريب» وكتب الرجال ، وعكرمة هو أبو عبد الله ، مولى ابن عباس ، تابعي ثقة ثبت عالم التفسير ، روى له الأئمة الستة ، راجع «التقريب» (٤٦٧٣) وكتب التراجم. فهذه السلسلة أمثل من سابقتيها.

الخلاصة : هذه الطريق الأخيرة لا بأس بها ، وأما التي قبلها ، فلا حجة فيها ، وكذا التي قبلها واهية ، فمن هنا تجد بعض الروايات المنكرة الواردة عن ابن عباس ، فهي بسبب هذه الأسانيد ، وهناك سلسلة الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، والكلبي كذاب متروك ، وأبو صالح اسمه باذام ، أقر أنه كان يكذب على ابن عباس ، وهناك سلسلة جويبر بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس ، وهذه واهية ليست بشيء. جويبر متروك ، والضحاك لم يلق ابن عباس ، فهذه الطرق واهية جدا ليست بشيء. وهي أسوأ حالا من رواية عطية العوفي ، ورواية علي بن أبي طلحة. وانظر المقدمة. والله تعالى أعلم.

(١) وقع في الأصل «خبر» وهو تصحيف من النساخ.

(٢) زيادة عن «ط» وبها يستقيم الإسناد ، وإلا فهو منقطع. ويلاحظ أن فاعل قال هو الثعلبي رحمه‌الله ، وكذا هو في الأسانيد الآتية ، فتدبّر والله الموفق.

(٣) الإسناد إلى مجاهد ضعيف ، وعلته مسلم بن خالد الزنجي ، حيث ضعفه البخاري وأبو حاتم وأبو داود وعلي المديني وغيرهم ، واضطرب فيه قول يحيى بن معين ، فقد وثقه في رواية ، وضعفه في أخرى ، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به. واختار الذهبي قول من ضعفه. وهو الذي عليه الجمهور ، لكن قد روى تفسير مجاهد غير واحد عن ابن أبي نجيح ، وهو مطبوع متداول ، وروايته أصح ما ورد عن مجاهد في التفسير ، وابن أبي نجيح هو عبد الله ، ثقة روى له الأئمة الستة ، واسم أبيه يسار.

(٤) زيد في الأصل بعد ـ أبو ـ «القاسم» وهو خطأ.

(٥) زيادة عن «ط».

(٦) وقع في نسخ المطبوع بعد «محمد» زيادة «بن» أي : أبو محمد بن بكر بن سهل. والتصويب عن «الميزان» (١ / ٣٤٥) وكتب التراجم. ووقع أيضا في الأصل «مستهل» وهو تصحيف ، والتصويب عن «الميزان» وكتب التراجم ، ونسخة «ط».

(٧) في الأصل «الصفاني» والتصويب عن «ط» و «الميزان» وكتب التراجم ، وانظر ترجمته فستأتي.

(٨) وقع في الأصل «أبي» بدل «بن» وهو خطأ ظاهر.

(٩) هذا الإسناد إلى عطاء ضعيف جدا ، له علل : بكر بن سهل أبو محمد الدمياطي ، مقارب الحال ، قال النسائي : ضعيف ا ه. «الميزان» (١ / ٣٤٥) باختصار. وشيخه عبد الغني بن سعيد هو الثقفي. قال الذهبي في «الميزان» (٢ / ٦٤٢) : حدث عنه بكر بن سهل الدمياطي وغيره. ضعفه ابن يونس. وشيخه موسى بن عبد الرحمن الصّنعاني ، قال عنه الذهبي في «الميزان» (٤ / ٢١١) : ليس بثقة ، قال عنه ابن حبان : دجال ، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتابا في التفسير ، وقال ابن عدي : منكر الحديث ، ويعرف بأبي محمد المفسر ، ثم ساق له ابن عدي أحاديث ، وقال : هذه بواطيل ا ه. فهذا الطريق إلى عطاء ليس بشيء ، واه بمرة ، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز ، ثقة روى له الأئمة الستة.

٤٩

وأما تفسير الحسن البصري ، قال : حدثني أبو القاسم الحسن [بن محمد بن عبد الله المكتب ، حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن الصلت المعروف بابن شنبوذ المقرئ ، ثنا سعيد بن محمد ثنا المستهل](١) بن واصل عن أبي صالح عن عمرو بن عبيد عن الحسن بن أبي الحسن البصري.

وأما تفسير قتادة : قال : أنا أبو محمد عبد الله بن حامد بن محمد الأصبهاني ، أنا أبو علي حامد بن محمد الهروي ، ثنا أبو يعقوب إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي ، ثنا أبو أحمد (٢) الحسين بن محمد المرّوذي (٣) ، ثنا شيبان (٤) بن عبد الرحمن النحوي عن قتادة.

وقال : ثنا أبو القاسم الحبيبي ، أنا أبو زكريا العنبري ، ثنا جعفر بن محمد بن سوار ، أنا محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بن دعامة السدوسي (٥).

وأما تفسير أبي العالية واسمه رفيع بن مهران : قال : ثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن المفسّر أنا أبو عمرو (٦) أحمد بن محمد بن منصور العمركي بسرخس (٧) ، ثنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مزيد (٨) السّرخسي أنا أبو علي الحسن (٩) [بن] موسى الأزدي ، عن عمار بن الحسن بن بشير الهمذاني ، عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية الرّياحي (١٠).

وأما تفسير القرظي : قال : ثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب [قال](١١) ، ثنا أبو العباس محمد بن الحسن الهروي ، ثنا رجاء بن عبد الله ، أنا مالك بن سليمان الهروي عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي (١٢).

__________________

(١) ما بين المعقوفتين في الأصل «البصري قال : حدثني أبو القاسم الحسين بن محمد بن عبد الله بن الملكيب ، حدثني أبي ، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد الصلة المعروف بابن شبود المقرئ ، ثنا سعيد بن محمد ثنا المنهل». وما أثبته هو من نسخة «ط».

وهذا الإسناد إلى قتادة ضعيف لأجل عمرو بن عبيد ، فإنه متروك الحديث ، وهو رأس المعتزلة.

(٢) وقع في الأصل «محمد» والتصويب عن «التهذيب» (٢ / ٣١٥) ونسخة «ط».

(٣) وقع في نسخ المطبوع «المروزي» وهو تصحيف ، قال الحافظ في «التقريب» (١٣٤٥) : الحسين بن محمد أبو محمد المرّوذي ـ بتشديد الراء وبذال معجمة ـ وانظر : «التهذيب» (٢ / ٣١٥)

(٤) وقع في الأصل «شبان» وهو تصحيف ظاهر.

(٥) الإسناد إلى قتادة من كلا الطريقين حسن.

(٦) زيادة عن «ط».

(٧) وقع في الأصل «بن حسن» وهو تصحيف ، والتصويب عن «ط».

(٨) في نسخة ـ ط ـ «يزيد» بدل «مزيد».

(٩) زيد في الأصل «محمد» بعد «الحسن» والتصويب عن «ط».

(١٠) الإسناد إلى أبي العالية فيه لين ، عبد الله بن جعفر هو الرازي قال الذهبي عنه في «الميزان» (٢ / ٤٠٤) : قال محمد بن حميد الرازي : سمعت منه عشرة آلاف حديث ، فرميت بها ، كان فاسقا. وقال أبو زرعة وأبو حاتم : صدوق. وقال ابن عدي : من أحاديثه ما لا يتابع عليه. وأبوه عيسى بن أبي عيسى أبو جعفر الرازي ، قال عنه الذهبي في «الميزان» (٣ / ٣١٩ ـ ٣٢٠) : قال ابن معين : ثقة ، وقال أحمد والنسائي : ليس بالقوي ، وقال علي المديني : ثقة كان يخلط ، وقال الفلاس : سيّئ الحفظ.

(١١) زيد في المطبوع بدل قال «عن أبي» وليس في المخطوطتين.

(١٢) الإسناد إلى محمد بن كعب القرظي ضعيف لضعف أبي معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي ، وفيه أيضا مالك بن

٥٠

وأما تفسير زيد بن أسلم : قال : أنا الحسن بن محمد بن الحسن قال : كتب إليّ أحمد بن كامل بن خلف أن (١) محمد بن جرير الطبري حدّثهم (٢) ، قال : ثنا يونس بن عبد الأعلى الصّدفي (٣) ، أنا عبد الله بن وهب ، أخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه (٤).

وأما تفسير الكلبي : فقد قرأت بمرو على الشيخ أبي عبد الله محمد بن الحسن المروزي في شهر رمضان سنة أربع وستين وأربعمائة ، قال : أنا أبو مسعود محمد بن أحمد بن محمد بن يونس الخطيب الكشميهني (٥) ، في محرم سنة خمسين وأربعمائة ، قال : أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن معروف الهرمزفرهي (٦) ، ثنا محمد بن علي الأنصاري المفسّر ، ثنا علي بن إسحاق وصالح بن محمد السمرقنديان ، قالا : ثنا محمد بن مروان [السدي](٧) عن محمد بن السائب الكلبي (٨) أبي النضر عن أبي صالح (٩) باذام (١٠) مولى أم هانئ بنت أبي طالب عن ابن عباس (١١).

__________________

سليمان الهروي ، ضعفه الدار قطني

(١) وقع في الأصل : «بن» والتصويب عن «ط».

(٢) وقع في الأصل «حدثتهم» والتصويب عن «ط».

(٣) وقع في الأصل «الصيرفي» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

(٤) الإسناد إلى زيد بن أسلم ضعيف ، لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وبقية رجال الإسناد ثقات ، رجال البخاري ومسلم خلا يونس بن عبد الأعلى الصدفي فهو من رجال مسلم.

تنبيه : يلاحظ أن هذا الإسناد هو للبغوي ، وليس من طريق الثعلبي ، لأن المروزي هذا شيخ البغوي.

(٥) وقع في الأصل «الكشمهيني» والتصويب عن «ط» و «الأنساب».

(٦) وقع في الأصل «الهرمروزي» والتصويب عن «ط» و «اللباب» (٣ / ٣٨٥)

(٧) ما بين المعقوفتين زيادة من «ط» وكتب التراجم.

(٨) زيد في الأصل «عن» بين «الكلبي» و «أبي النضر» والتصويب عن كتب التراجم.

(٩) زيد في نسخ المطبوع «أنا» بين «أبي صالح» و «باذام» والتصويب عن كتب التراجم.

(١٠) وقع في الأصل «ذاذان» والتصويب عن كتب التراجم. ويقال له أيضا «باذان» بالنون بدل الميم. انظر ترجمته الآتية.

(١١) هذا الإسناد إلى ابن عباس بهذه السلسلة مركب مصنوع ، وهي سلسلة الكذب على ابن عباس.

وله ثلاث علل :

ـ الأولى : محمد بن مروان السدي الصغير قال عنه الذهبي في «الميزان» (٤ / ٣٢) : تركوه واتهمه بعضهم بالكذب. قال ابن معين : ليس بثقة. وقال البخاري : سكتوا عنه لا يكتب حديثه البتة ا ه. وقال الحافظ في «التقريب» (٦٢٨٤) : متهم بالكذب.

ـ والثانية : محمد بن السائب الكلبي متروك متهم. قال الذهبي في «الميزان» (٣ / ٥٥٦) ما ملخصه : قال سفيان : قال الكلبي : قال لي أبو صالح انظر كل شيء رويت عني عن ابن عباس فلا تروه. وقال البخاري : تركه يحيى وابن مهدي ثم قال البخاري : قال علي : حدثنا يحيى عن سفيان قال لي الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب.

وقال يزيد بن زريع : حدثنا الكلبي ـ وكان سبائيا ـ قال أبو معاوية : قال الأعمش اتق هذه السبائية ، فإني أدركت الناس ، وإنما يسمونهم الكذابين.

وقال ابن حبان : كان الكلبي سبائيا من أولئك الذين يقولون إن عليا لم يمت ، وإنه راجع إلى الدنيا ، ويملؤها عدلا كما ملئت جورا ، وإن رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها.

ـ وقال التبوذكي : سمعت هماما يقول : سمعت الكلبي يقول : أنا سبائي.

ـ وقال أحمد بن زهير : قلت لأحمد بن حنبل : يحل النظر في تفسير الكلبي؟ قال : لا.

ـ وقال عباس الدوري عن ابن معين ، قال : الكلبي ليست بثقة ، قال الجوزجاني وغيره : كذاب وقال الدار قطني وجماعة : متروك.

٥١

وأما تفسير الضحاك بن مزاحم الهلالي : [قال الأستاذ أبو إسحاق الثعلبي](١) ، ثنا أبو القاسم الحسن بن محمد السدوسي ، ثنا أبو عمرو أحمد بن محمد العمركي بن حسن (٢) ، ثنا جعفر بن محمد [بن] سوار ثنا أحمد بن محمد بن جميل المروزي ، ثنا أبو معاذ ، عن عبيد بن سليمان الباهلي ، عن الضحاك (٣).

وأما تفسير مقاتل بن حيان : قال : أنا عبد الله بن حامد الوزان ، ثنا أحمد بن محمد بن عبدوس ، ثنا إسماعيل بن قتيبة ، ثنا أبو خالد يزيد بن صالح الفراء النيسابوري ، حدثنا بكير بن معروف البلخي الأزدي (٤) ، أبو معاذ عن مقاتل بن حيان (٥).

وأما تفسير مقاتل بن سليمان : قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المهرجاني ، [قال :] أنا أبو محمد عبد الخالق بن الحسن بن محمد السقطي (٦) المعروف بابن أبي رؤبة ، ثنا عبد الله بن ثابت بن

__________________

ـ وقال ابن حبان : مذهبه في الدين ، ووضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه.

يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير. وأبو صالح لم ير ابن عباس ، ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلى الحرف بعد الحرف ، فلما احتيج إليه أخرجت له الأرض أفلاذ كبدها.

ـ لا يحل ذكره الكتب ، فكيف الاحتجاج به.

ـ والثالثة : أبو صالح واسمه باذام ويقال «باذان» قال الذهبي «الميزان» (١ / ٢٩٦) ما ملخصه : ضعفه البخاري ، وقال النسائي : ليس بثقة ، قال ابن معين : ليس به بأس ، وقال ابن المديني : سمعت يحيى بن سعيد يذكر عن سفيان قال : قال الكلبي : قال لي أبو صالح : كلما حدثتك كذب.

وانظر : «تهذيب التهذيب» (١ / ٣٦٥).

(١) ما بين المعقوفتين في الأصل «قال : أنا أستاذ إسحاق الثعلبي» وفيه تخليط من النساخ. والعبارة في «ط» «قال : أنا الأستاذ إسحاق الثعلبي» وليست العبارة مستقيمة أيضا ، والمثبت من المخطوطتين هو الصواب ، فإن البغوي رجع في هذه السلسلة إلى كلام الثعلبي الذي تقدم قبل رواية الكلبي المتقدمة ، ويؤيد ذلك هو أن أبا القاسم الحسن بن محمد هو شيخ الثعلبي لا البغوي. راجع الأسانيد المتقدمة ، والله أعلم ، ويؤيده أيضا الروايات الآتية ، فإنها للثعلبي ، والله الموفق.

(٢) وقع في الأصل «بن حسن» والمثبت عن «ط» وتقدم مثله آنفا.

(٣) الإسناد إلى الضحاك لا بأس به ، رجاله ثقات. أبو معاذ هو الفضل بن خالد النحوي ، وثقه ابن حبان وعبيد الله سليمان ، وثقه ابن حبان ، وقال أبو حاتم : لا بأس به ، ووهاه ابن معين. وأما الضحاك بن مزاحم ، فإنه أكثر الرواية عن ابن عباس ، وهو لم يلقه. قال الحافظ في «تهذيب التهذيب» : وثقه أحمد ويحيى وأبو زرعة ، قال أبو قتيبة عن شعبة ، قلت لمشاش الضحاك سمع ابن عباس؟ قال : ما رآه قط. وقال سلمة بن قتيبة : عن شعبة حدثني عبد الملك بن ميسرة قال : الضحاك لم يلق ابن عباس ، إنما لقي سعيد بن جبير بالري ، فأخذ عنه التفسير. وقال علي المديني قال يحيى بن سعيد : كان الضحاك عندنا ضعيفا ا ه ملخصا. قلت : فمن هذا القبيل ، يرد روايات منكرة في التفسير عن ابن عباس ، فهي لا تصح عنه ولا تليق به ، وإنما نسبت إليه عن طريق الكلبي والضحاك ومقاتل وغيرهما.

(٤) زيد في نسخ المطبوع بعد لفظ «الأزدي» ـ ثنا ـ وهو خطأ من النساخ ، فإن أبا معاذ ، هو بكير كما سيأتي.

(٥) يزيد بن صالح الفراء. ذكره الذهبي في «الميزان» (٤ / ٤٢٩) ، وقال : قال أبو حاتم : مجهول. قال الذهبي : قلت وثقه غيره ا ه. وشيخه بكير بن معروف هو أبو معاذ قال الذهبي (١ / ٣٥١) : وثقه بعضهم ، وقال ابن المبارك : ارم به ، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، ليس حديثه بالمنكر جدا ا ه. وشيخه مقاتل بن حيان ، قال عنه الذهبي رحمه‌الله في «الميزان» (٤ / ١٧١) : كان عابدا كبير القدر ، صاحب سنة وصدق ، وثقه يحيى وأبو داود وغيرهما ، وقال النسائي : لا بأس به ، وقال الأزدي : سكتوا عنه. وقال ابن خزيمة : بعضهم كان يروي عن مقاتل بن سليمان ـ الآتي ذكره ـ فيوهم أنه ابن حيان ، والله أعلم.

(٦) وقع في الأصل «السقيطي» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

٥٢

يعقوب المقري (١) أبو محمد قال : ثنا أبي (٢) حدثني الهذيل (٣) بن حبيب أبو صالح الدنداني (٤) ، عن مقاتل بن سليمان (٥).

وأما تفسير السّدي : قال : ثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن ، أنا أبو الطيب محمد بن عبد الله بن مبارك الشعيري ، ثنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد (٦) ، ثنا عمرو بن طلحة القناد ، عن أسباط عن السدي (٧).

وما نقلته عن «المبتدأ» لوهب (٨) بن منبه ، وعن المغازي لمحمد بن إسحاق :

فأخبرنيه أبو سعيد الشّريحي ، قال : أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، قال : أنبأني أبو نعيم

__________________

(١) زيد في المطبوع «هكذا المقري».

(٢) وقع في الأصل «أبو محمد» والمثبت عن «ط».

(٣) في الأصل «حدثني أبو الهذيل» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

(٤) وقع في الأصل «الزيداني» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

(٥) تفسير مقاتل عامته بواطيل ، وهو تفسير ساقط. قال الذهبي في «الميزان» (٤ / ١٧٣) ما ملخصه : مقاتل بن سليمان المفسر أبو الحسن. قال ابن المبارك : ما أحسن تفسيره ، لو كان ثقة. وقال وكيع : كان كذابا. وقال البخاري : قال ابن عيينة : سمعت مقاتلا يقول : إن لم يخرج الدجال في سنة خمسين ومائة ، فاعلموا أني كذاب. وقال النسائي : كان يكذب ، وقال يحيى : ليس حديثه بشيء. وقال الجوزجاني : كان دجالا جسورا.

(٦) وقع في الأصل «الياد» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

(٧) عمرو بن طلحة القناد ، صدوق من رجال مسلم ، وشيخه أسباط هو ابن نصر الهمداني ، قال الذهبي في «الميزان» (١ / ١٧٥) ما ملخصه : وثقه ابن معين ، وتوقف أحمد ، وضعفه أبو نعيم ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وأما السدي ، فهو إسماعيل بن عبد الرحمن ، قال عنه الذهبي في «الميزان» (١ / ٢٣٦) ما ملخصه : قال يحيى القطان : لا بأس به ، وقال أحمد : ثقة ، وقال ابن معين : في حديثه ضعف. وقال أبو حاتم : لا يحتج به ، وقال الفلاس عن ابن مهدي : ضعيف ا ه. باختصار.

(٨) كتاب «المبتدأ» لوهب بن منبه ، جميع ما فيه من الإسرائيليات ، وهو يتكلم عن بدء خلق السموات والأرض والبشر والشجر وكل شيء. وعامة ما يرويه القصاص وأهل التفسير في بدء الخلق وقصة قابيل وهابيل وقصص نوح والأنبياء وغير ذلك ، فإن مصدر ذلك كتاب «المبتدأ» لوهب بن منبه ، وأخبار وكتب كعب الأحبار. مع أن وهب بن منبه ثقة في روايته لحديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. حيث روى له الشيخان وغيرهما.

قال الذهبي في «الميزان» (٤ / ٣٥٢) ما ملخصه : أبو عبد الله اليماني ، صاحب قصص ، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين ، وكان ثقة صادقا ، كثير النقل من كتب الإسرائيليات ، وروى حماد بن سلمة عن أبي سنان سمعت وهب بن منبه يقول : كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الأنبياء في كلها : من جعل لنفسه شيئا من المشيئة فقد كفر ، فتركت قولي ا ه. باختصار. فهذا دليل على كثرة قراءته ومطالعته لكتب الإسرائيليات والأقدمين ، وهي كتب محرفة مصحفة ، زيد فيها الكثير ، نسأل الله السلامة. ثم هذا الكتاب رواه عنه فيما ذكر المصنف عبد المنعم بن إدريس عن أبيه. وعبد المنعم هذا ، ذكره الذهبي في «الميزان» (٢ / ٦٦٨) : مشهور قصاص ، ليس يعتمد عليه ، تركه غير واحد ، وأفصح أحمد بن حنبل ، فقال : كان يكذب على وهب بن منبه. وقال ابن حبان : يضع الحديث على أبيه وعلى غيره ا ه. وقال ابن عدي في «الضعفاء» (٥ / ٣٣٧) : عبد المنعم بن إدريس ، قال البخاري : ذاهب الحديث ، قال ابن عدي : صاحب أخبار بني إسرائيل كوهب بن منبه وغيره ، لا يعرف بالأحاديث المسندة ا ه. وشيخه إدريس بن سنان ، قال «الذهبي» (١ / ١٦٩) : سبط وهب بن منبه ، ضعفه ابن عدي ، وقال الدار قطني : متروك.

٥٣

عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق الأزهر (١) ابن أخت أبي عوانة](٢) ، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد (٣) بن البراء العبدي ، قال : قرأت على أبي عبد الله عبد المنعم بن (٤) إدريس ، عن أبيه عن وهب بن منبه.

وأنا (٥) أبو سعيد الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف المعقلي ، ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، أنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني (٦).

وأنا أبو سعيد الشريحي ، قال : [أنبأنا] أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عقيل الأنصاري ، أنا أبو الحسن علي بن الفضل الخزاعي ، أنا أبو شعيب (٧) عبد الله بن الحسن الحراني ، أنا النّفيلي (٨) أنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق.

فهذه أسانيد أكثر ما نقلته عن هؤلاء الأئمة وهي مسموعة من طرق سواها ، تركت ذكرها حذرا من الإطالة ، وربما حكيت عنهم أو عن غيرهم من الصحابة أو التابعين قولا سمعته بغير هذه الأسانيد [أذكر أسانيد] بعضها في موضعه من الكتاب إن شاء الله تعالى عزوجل.

ثم إن الناس كما أنهم متعبّدون باتّباع أحكام القرآن ، وحفظ حدوده ، فهم متعبّدون بتلاوته وحفظ حروفه على سنن خط المصحف. أعني (٩). الإمام الذي اتّفقت عليه الصحابة ، وأن لا يجاوزوا فيما يوافق الخط عمّا قرأ به القراء المعروفون الذين خلفوا الصحابة والتابعين ، واتفقت الأئمة على اختيارهم ، وقد ذكرت في الكتاب قراءات (١٠) من اشتهر منهم بالقراءات واختياراتهم ، على ما قرأته على الإمام أبي نصر محمد بن أحمد بن علي المقرئ المروزي [رحمة الله عليه](١١) ، تلاوة ورواية ، قال : قرأت على أبي القاسم طاهر (١٢) بن علي الصيرفي (١٣) ، قال : قرأت على أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران بإسناده المذكور ، في

__________________

(١) في الأصل «راهويه» بدل «الأزهر» والمثبت عن «الأنساب» للسمعاني (١ / ١٢٤)

(٢) انظر «تذكرة الحفاظ» ٣ / ٧٨٠ و «الأنساب» للسمعاني ١ / ١٢٤.

(٣) وقع في الأصل «حمد» والتصويب عن «ط» و «تاريخ بغداد» (١ / ٢٨١)

(٤) تصحف في المطبوع «بني».

(٥) تحول الإمام البغوي هاهنا من الإسناد إلى كتاب «المبتدأ» إلى كتاب «مغازي ابن إسحاق».

(٦) هو محمد بن إسحاق بن يسار. قال الذهبي في «الميزان» في ترجمته (٣ / ٤٦٨ ـ ٤٧٥) ما ملخصه : وثقه غير واحد ، ووهاه آخرون ، وهو صالح الحديث ، ما له عندي ذنب ، إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة ، والأشعار المكذوبة ا ه. باختصار شديد. وبهذا يعلم أنه لا يحتج بما ينفرد به في المغازي والسير ، ولكن إذا توبع على أصل ، علمنا أنه من صالح حديثه كما قال الذهبي رحمه‌الله ، وإلا فهو من مناكيره ، والله تعالى أعلم.

(٧) وقع في كافة النسخ «أبو شعيب بن عبد الله» بزيادة «بن» بعد لفظ «شعيب» وهو خطأ ، والتصويب عن «الميزان» (٢ / ٤٠٦ / ٤٢٦٦) ، قال الذهبي رحمه‌الله : عبد الله بن الحسن ، أبو شعيب الحراني ، معمّر ، صدوق ا ه. باختصار.

(٨) وقع في الأصل «النقيلي» وهو خطأ ظاهر ، والنفيلي : هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل ، ثقة روى له البخاري وغيره. راجع «التهذيب» (٦ / ١٥). وشيخه محمد بن سلمة هو ابن عبد الله الباهلي الحراني ، ثقة روى له مسلم وغيره ، راجع «تهذيب الكمال» (٢٥ / ٢٨٩)

(٩) ليس في «ط».

(١٠) في الأصل «قراءة» ، والمثبت عن «ط».

(١١) في «ط» «رحمه‌الله».

(١٢) وقع في الأصل «ظاهر» والمثبت عن «ط» والنسخة بهامش الخازن.

(١٣) في الأصل «الصرفي» وهو تصحيف.

٥٤

كتابه المعروف بكتاب «الغاية» (١) ، وهم : أبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وأبو عبد الرحمن نافع بن عبد الرحمن المدنيان ، وأبو معبد عبد الله بن كثير الداري المكي ، وأبو عمران عبد الله بن عامر الشامي ، وأبو عمرو زبان بن العلاء المازني العطار ، وأبو محمد يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصريان ، وأبو بكر عاصم بن أبي النجود الأسدي ، وأبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات ، وأبو الحسن علي بن حمزة الكسائي الكوفيون.

فأما أبو جعفر فإنه أخذ القراءة عن عبد الله بن عباس وأبي هريرة وغيرهما ، وهم قرءوا على أبي بن كعب.

وأما نافع فإنه قرأ على أبي جعفر القاري ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج [وشيبة بن نصاح وغيرهم من التابعين الذين قرءوا على أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٢) وقال الأعرج : قرأت على أبي هريرة ، وقرأ أبو هريرة على أبيّ بن كعب.

وأما عبد الله بن كثير فإنه قرأ على مجاهد بن جبر ، وقرأ مجاهد على ابن عباس ، وقرأ ابن عباس على أبيّ بن كعب ، وقرأ أبيّ بن كعب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأما عبد الله بن عامر فإنه قرأ على المغيرة بن أبي شهاب (٣) المخزومي ، وقرأ المغيرة على عثمان بن عفان.

وأما عاصم فإنه قرأ على أبي عبد الرحمن السّلمي ، وقرأ أبو عبد الرحمن على عليّ بن أبي طالب [رضي الله عنه] ، قال عاصم : فكنت أرجع من عند أبي عبد الرحمن فأقرأ على زرّ (٤) بن حبيش ، وكان زرّ قد قرأ على عبد الله بن مسعود.

وأما حمزة ، فإنه قرأ على عبد الرحمن بن أبي ليلى وسليمان بن مهران الأعمش وحمران (٥) بن أعين وغيرهم ، وقرأ عبد الرحمن بن أبي ليلى على جماعة من أصحاب علي ، وقرأ سليمان بن [مهران](٦) الأعمش على يحيى بن وثاب ، وقرأ يحيى على جماعة من أصحاب عبد الله ، وقرأ حمران على أبي الأسود الدئلي ، وقرأ أبو الأسود على عثمان وعلي.

وأما الكسائي ، فإنه قرأ على حمزة ، وأما يعقوب فإنه قرأ على أبي المنذر سلام بن سليمان الخراساني ، وقرأ سلام على عاصم ، فذكرت قراءة هؤلاء للاتفاق على جواز القراءة بها. وما ذكرت من أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أثناء الكتاب على وفاق آية أو بيان حكم ، فإنّ الكتاب يطلب بيانه من السنة ، وعليهما مدار الشرع وأمور الدين ، فهي من الكتب المسموعة للحفاظ وأئمّة الحديث ، وأعرضت عن ذكر المناكير

__________________

(١) وقع في الأصل «العناية» ، وهو خطأ والتصويب عن «ط».

(٢) ما بين المعقوفتين ، مستدرك من «ط». وانظر «البدور الزاهرة» (ص ٦)

(٣) وقع في الأصل «شعاب» والتصويب عن «الثقات لابن حبان» (٥ / ٤٠٩) ، و «تهذيب التهذيب» (٥ / ٢٤٠) ، وسقط ذكر «أبي» من نسخة «ط» أي وقع فيها «المغيرة بن شهاب المخزومي».

(٤) وقع في الأصل «ذرّ» وهو تصحيف ظاهر ، والتصويب عن كتب التراجم.

(٥) وقع في الأصل «عمران» ، وهو تصحيف من النساخ ، والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

(٦) زيادة عن كتب التراجم.

٥٥

وما لا يليق بحال التفسير (١) ، فأرجو أن يكون مباركا على من أراده وبالله التوفيق.

(فصل في فضائل القرآن وتعليمه)

[٤] أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، ثنا علي بن الجعد أنا شعبة عن علقمة بن مرثد ، قال : سمعت سعد بن عبيدة يحدث عن أبي عبد الرحمن السّلمي عن عثمان. قال شعبة : قلت : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : نعم. قال : «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه» صحيح [أخرجه البخاري](١) عن الحجاج بن منهال عن شعبة.

__________________

(١) هذا في أكثر الأحيان ، لكن لا يخلو أيضا من بعض الروايات الغريبة والمنكرة ، ولكن إذا ما قورن ذلك بتفسير آخر ، فهي قليلة نسبيا ، والله أعلم ، وسيتم بعون الله تعالى التنبيه على ذلك في مواضعه ، والله أعلم.

[٤] ـ صحيح. علي بن الجعد ، روى له البخاري ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، شعبة هو ابن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث ، أبو عبد الرحمن السلمي هو عبد الله بن حبيب ، وعثمان هو ابن عفان ـ رضي الله عنه ـ.

وهو في «شرح السنة» (١١٦٧) بهذا الإسناد.

ـ أخرجه المصنف من طريق علي بن الجعد ، وهو في «مسنده» (١ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦) عن شعبة به ، ومن طريق علي بن الجعد أخرجه الآجري في «حملة القرآن» ١٥ وأبو الفضل الرازي في «فضائل القرآن» (٤٢).

ـ وأخرجه البخاري (٥٠٢٧) وأبو داود (١٤٥٢) والترمذي (٢٩٠٧) والنسائي في فضائل القرآن (٦١) وابن أبي شيبة (١٠ / ٥٠٢) وأحمد (١ / ٥٨) والدارمي (٢ / ٤٣٧) والطيالسي ٧٣ وابن حبان ١١٨ وابن الضريس في «فضائل القرآن» (١٣٢ و ١٣٣) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ١٩) والفريابي في «فضائل القرآن» (١١ و ١٢) وابن الأعرابي في «المعجم» (١ / ٣٩٢) وتمام الرازي في «الفوائد» (٤ / ١٠٤) وأبو نعيم في «الحلية» (٤ / ١٩٣ ـ ١٩٤) من طريق شعبة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه ابن ماجه ١٩٩ والنسائي في «فضائله» ٦٢ وأحمد (١ / ٦٩) والفريابي في «فضائل القرآن» ١٣ ومحمد بن نصر المروزي في «قيام الليل» (ص ١٥٧) والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٢٤٠) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٤ / ٣٠٢) وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ٣٨٤) وأبو الفضل الرازي في «فضائل القرآن» (٤٣) والبيهقي في «الشعب» (٥ / ١٦٤) من طرق عن يحيى القطان عن شعبة وسفيان عن علقمة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري (٥٠٢٨) والترمذي (٢٩٠٨) وابن ماجه (٢١٢) وأحمد (١ / ٥٧) وعبد الرزاق (٥٩٩٥) والنسائي في «فضائل القرآن» (٦٣) ومحمد بن سحنون في «آداب المعلمين» (ص ٦٩) وأبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» (٢ / ٥٥١ ـ ٥٥٢) والبيهقي في «الشعب» (٤ / ٤٨٩) عن سفيان الثوري عن علقمة به.

ـ وأخرجه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢ / ٣٣ ـ ٣٤) والبيهقي في «الشعب» (٤ / ٤٩٠) من طريق عمرو بن قيس عن علقمة به.

وأخرجه البيهقي في «الاعتقاد» (ص ١٠١) واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (٢ / ٣٣٨) من طريق الجراح بن الضحاك عن علقمة به.

ـ وفي الباب من حديث علي عند الترمذي (٢٩١١) وابن أبي شيبة (١٠ / ٥٠٣) وابن الضريس (١٣٦) والفريابي (١٩) والآجري في «حملة القرآن» (١٦) والذهبي في «معجم الشيوخ» (١ / ٤٣٩) و (٢ / ١٩٦) والدارمي (٢ / ٤٣٧) وأبو الفضل الرازي في «فضائل القرآن» (٣٨) ، وإسناده ضعيف.

ـ ومن حديث سعد عند ابن ماجه (٢٠١) والدارمي (٢ / ٤٣٧) والعقيلي (١ / ٢١٨) وابن الضريس (١٣٥) وأبو نعيم في «الحلية» (٥ / ٢٦) والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (١٧) وإسناده ضعيف.

__________________

(١) زيد في المطبوع.

٥٦

[٥] أنا أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي ، أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد حمويه السرخسي ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن خزيم (١) الشاشي ، أنا أبو محمد عبد بن حميد الكشي (٢) ، ثنا حسين بن علي الجعفي ، قال : سمعت حمزة الزيات عن أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث الأعور ، قال :

__________________

[٥] ـ إسناده ضعيف لضعف الحارث ، وهو ابن عبد الله الأعور الهمذاني ، ضعفه غير واحد ، واتهمه الشعبي ، وله علة ثانية : ابن أخي الحارث الأعور. لم يسم ، قال عنه في «التقريب» مجهول ، وله علة ثالثة : أبو المختار هو الطائي : قال الذهبي في «الميزان» (٤ / ٥٧١) : قال ابن المديني لا يعرف ، وقال أبو زرعة : لا أعرفه. قال الذهبي : حديثه في فضائل القرآن العزيز ، منكر ا ه. ومراده هذا الحديث ، وقد ورد من طرق أخر عن الحارث الأعور ، وله شاهد من حديث أبي سعيد وابن مسعود ، كما سيأتي ، وكلاهما ضعيف وقد رجح ابن كثير وغيره الوقف فيه ، والله أعلم.

وهو في «شرح السنة» (١١٧٦) بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي (٢٩٠٦) وابن أبي شيبة (١٠ / ٤٨٢) والدارمي (٢ / ٤٣٥) والبزار في «مسنده» (٣ / ٧١ / ٧٢) والفريابي في «فضائل القرآن» (٨١) وأبو بكر الأنباري في «إيضاح الوقف والابتداء» (١ / ٥ ـ ٦) ومحمد بن نصر المروزي في «قيام الليل» (ص ١٥٧) ويحيى بن الحسين الشجري في «الأمالي» (١ / ٩١) والبيهقي في «الشعب» (٤ / ٤٩٦ ـ ٤٩٧) من طرق عن حمزة الزيات بهذا الإسناد.

وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات ، وإسناده مجهول ، وفي حديث الحارث مقال ا ه.

ـ وورد من طريق سعيد بن سنان البرجمي عن عمرو بن مرة عن سعيد بن فيروز عن الحارث الأعور به. عند الدارمي (٢ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦) والفريابي في «فضائل القرآن» (٧٩) والبزار (٣ / ٧٠ ـ ٧١) وأبو الفضل الرازي (٣٥).

ـ وأخرجه أحمد (١ / ٩١) وأبو يعلى (١ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣) والبزار (٣ / ٧٠) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث به.

ـ وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٨ / ٣٢١) من طريق أبي هاشم عمن سمع عليا ... وهذا إسناد ضعيف.

وقال الحافظ ابن كثير في «فضائل القرآن» (ص ١٧ ـ ١٨) بعد أن ذكر هذه الروايات وتكلم عليها : وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ وقد وهم بعضهم في رفعه ، وهو كلام حسن صحيح. ا ه.

ـ وله شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢١) وابن الضريس (٥٨) والحاكم (١ / ٥٥٥) والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (١١) وابن حبان في «المجروحين» (١ / ١٠٠) وأبو الشيخ في «طبقات أصبهان» (٤ / ٢٥٢) وأبو الفضل الرازي (٣٠) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢ / ٢٧٨) وابن الجوزي في «العلل» (١ / ١٠١ ـ ١٠٢) ويحيى بن الحسين الشجري في «الأمالي» (١ / ٨٨) والبيهقي في «الشعب» (٤ / ٥٥٠).

وإسناده ضعيف فيه إبراهيم بن مسلم الهجري ، وهو لين الحديث والحديث صححه الحاكم وقال الذهبي : إبراهيم بن مسلم ضعيف ا ه.

وقال ابن الجوزي : يشبه أن يكون من كلام ابن مسعود ا ه.

وقال ابن كثير : وهذا غريب من هذا الوجه ، وإبراهيم بن مسلم ، وهو أحد التابعين ، ولكن تكلموا فيه كثيرا ، وقال أبو حاتم الرازي : لين ليس بالقوي.

وقال أبو الفتح الأزدي : رفّاع كثير الوهم. قال ابن كثير : فيحتمل ـ والله أعلم ـ أن يكون وهم في رفع هذا الحديث ، وإنما هو من كلام ابن مسعود ، ولكن له شاهد من وجه آخر والله أعلم ا ه.

ـ والموقوف على ابن مسعود أخرجه الدارمي (٢ / ٤٣١) والطبراني في «الكبير» (٩ / ١٣٩) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢ / ٢٧٢) وأبو الفضل الرازي (٣١ و ٣٢) والبيهقي في «الشعب» (٤ / ٥٤٩).

ـ وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الطبري (٧٥٧٠) وفيه عطية العوفي ، وهو ضعيف. والأشبه في هذه الأحاديث كونها موقوفة على هؤلاء الصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ وقد أنكر الذهبيّ رحمه‌الله هذا الحديث في كونه مرفوعا ، وصوب ابن كثير فيه الوقف ، وهو الراجح ، والله أعلم.

(١) في الأصل «حزيم» والتصويب «شرح السنة» و «ط».

(٢) في الأصل «الشاشي» والتصويب عن «شرح السنة» و «تهذيب التهذيب». (٦ / ٤٠٢)

٥٧

مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث ، فدخلت على عليّ [بن أبي طالب] رضي الله عنه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال : أو قد فعلوها؟ قلت : نعم ، قال : أما إني قد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ألا إنها ستكون فتنة ، فقلت : فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الردّ ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تنته الجن ـ أي لم يتوقفوا في قبوله ، وأنه كلام الله تعالى إذ سمعته ـ حتى قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) [الجن : ١. ٢] من قال به صدق ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» ، خذها إليك يا أعور.

قال أبو عيسى : هذا [حديث] لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وإسناده مجهول ، والحرث فيه مقال ، [٦] أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن [السمعاني] ، أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرّيّاني (١) ، ثنا حميد بن زنجويه ، ثنا إسحاق بن عيسى ، قال : سمعت ابن لهيعة يقول : ثنا مشرح بن هاعان (٢) قال : سمعت عقبة بن عامر يقول : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لو كان القرآن

__________________

[٦] ـ الراجح وقفه. إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة ، واسمه عبد الله ، وسبب وهنه ، أنه احترقت كتبه ثم اختلط بعد ذلك ، لكن حسن حديثه غير واحد إن كان من رواية أحد العبادلة عنه ، وهذا الحديث قد رواه عنه عبد الله بن يزيد المقري عند الطحاوي وغيره كما سيأتي ، وفيه مشرح بن هاعان مقبول.

ـ وهو في «شرح السنة» (١١٧٥) بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أحمد (٤ / ١٥١ و ١٥٥) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢٢ ـ ٢٣) وابن عدي (١ / ٤٦٩) والفريابي (١) و (٢) والطبراني في «الكبير» (١٧ / ٣٠٩ ـ ٣١٠) والطحاوي في «المشكل» (٩٠٦) وأبو الشيخ في «طبقات أصبهان» (٣ / ٥٩٤ ـ ٥٩٥) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢ / ٣٢٣) وتمام الرازي في «الفوائد» (٤ / ٩٧) والبيهقي في «الشعب» (٥ / ٦١٨) وابن الجوزي في «الحدائق» (١ / ٤٩٨) من طرق عن ابن لهيعة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أحمد (٤ / ١٥٥) والدارمي (٢ / ٤٣٠) وأبو يعلى (١٧٤٥) والطحاوي في «المشكل» (٩٠٦) وأبو الفضل الرازي (١٢٥) والفريابي (٣) والشجري في «الأمالي» (١ / ١٢٠) من طرق عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ عن ابن لهيعة بهذا الإسناد.

وأبو عبد الرحمن المقرئ سمع من ابن لهيعة قبل الاختلاط فروايته عنه صحيحة ، والله أعلم. في قول الحافظ عبد الغني بن سعيد وغير واحد ، وضعف روايته آخرون ، سواء كان قبل الاختلاط وبعده ، وهو الصواب راجع «الميزان» وغيره.

ـ وله شاهد من حديث سهل بن سعد أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (٢ / ١٤٨) وابن عدي في «الكامل» (١ / ٣٢ و ٥ / ٢٩٥) وإسناد ضعيف جدا فيه عبد الوهاب بن الضحاك ، وهو متروك.

ـ ومن حديث عصمة بن مالك أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٧ / ١٧٨) وابن عدي (٦ / ١٤) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥ / ٦١٨) وإسناده ضعيف لضعف الفضل بن المختار. قال ابن عدي : أحاديثه منكرة عامتها لا يتابع عليها ا ه. قلت : ومما يدل على وهن الحديث هو مناقضته للحسن والمشاهدة ، فقد ورد عن عثمان أنه جمع الناس على الأم ، وحرق ما سواه من المصاحف. ولعل الراجح كونه من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأحسن منه ما رواه مسلم (٢٨٦٥) في حديث طويل «وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقظان» والمراد هنا أنه محفوظ في الصدور بحفظ الله تعالى.

(١) في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «الأنساب» و «شرح السنة».

(٢) في الأصل «مسرح بن عاهان» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب التخريج والتراجم.

٥٨

في إهاب ما مسّته النار». قيل معناه : من حمل القرآن وقرأه لم تمسّه النار يوم القيامة.

[٧] أنا عبد الواحد المليحي ، أنا أبو منصور السمعاني ، أنا أبو جعفر الرياني (١) ، ثنا حميد بن زنجويه ، ثنا جعفر بن عون (٢) أنا إبراهيم بن مسلم عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال : إن هذا القرآن مأدبة الله ، فتعلّموا من مأدبته ما استطعتم ، إن هذا القرآن حبل الله ، والنور المبين والشفاء النافع ، وعصمة لمن تمسّك به ونجاة لمن تبعه ، لا يزيغ فيستعتب ، ولا يعوج فيقوّم ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، فاتلوه فإن الله عزوجل يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات ، أما إني لا أقول : الم [حرف] ولكن الألف واللام والميم.

رواه بعضهم عن ابن مسعود مرفوعا.

[٨] أنا أبو جعفر أحمد بن أبي أحمد بن مقوية ، أنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد بن علي الحسني الحراني فيما كتب إليّ ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري (٣) ، ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن الصندلي (٤) ، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، ثنا علي بن عاصم عن إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمعناه.

[٩] أنا الإمام أبو علي الحسين بن [محمد] القاضي ، ثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد بن

__________________

[٧] ـ موقوف ، ومع ذلك فيه إبراهيم بن مسلم الهجري ، وهو لين الحديث ، قال ابن عدي في «الكامل» (١ / ٢١٦) : وأحاديثه عامتها مستقيمة المعنى ، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الأحوص عن عبد الله ، وهو عندي ممكن يكتب حديثه ا ه.

وقد تقدم تخريجه عند رقم : ٥.

(١) في الأصل «الزياتي» وهو تصحيف.

(٢) في الأصل «عوف» والتصويب عن «ط» وعن كتب التراجم.

[٨] ـ ضعيف. فيه إبراهيم بن مسلم الهجري ، قال عنه الحافظ في «التقريب» : لين الحديث ، رفع موقوفات ا ه. فالظاهر أنه وهم فيه حيث رفعه.

رواه المصنف من طريق الآجري ، وهو عنده في «أخلاق حملة القرآن» (١١) عن أبي الفضل الصندلي بهذا الإسناد.

وانظر ما تقدم عند رقم : ٥.

(٣) في الأصل «الأجدي» والتصويب عن «ط» وعن كتب التراجم.

(٤) وقع في الأصل «الصدلي» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.

[٩] ـ إسناده صحيح ، إبراهيم بن سعد فمن فوقه رجال البخاري ومسلم سوى نافع بن عبد الحارث ، فقد روى له مسلم وأصحاب السنن ، وروى له البخاري في «التاريخ» وهو صحابي كما في «التقريب» (٧٠٧٦).

وهو في «شرح السنة» (١١٧٩) بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم (٨١٧) وابن ماجه (٢١٨) وأحمد (١ / ٢٥) والدارمي (٢ / ٤٤٣) وابن حبان (٧٧٢) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٤٠ ـ ٤١) والبيهقي (٣ / ٨٩) من طريق معمر.

ـ وأخرجه أبو يعلى (٢١٠) من طريق الحسن بن مسلم أن عمر بن الخطاب استعمل ابن عبد الحارث ... فذكره وإسناده منقطع.

ـ وأخرجه أبو عبيد (ص ٤١) من طريق شعيب بن أبي حمزة عن ابن شهاب الزهري بهذا الإسناد موقوفا على عمر. وخالفه مسلم فرواه عن شعيب به مرفوعا ، وكرره أبو عبيد من طريق أبي الطفيل أن نافع بن عبد الحارث كان على مكة ... فذكره ولم يرفعه.

ـ وأخرجه أبو يعلى (٢١١) من طريق حبيب بن أبي ثابت أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب .... فذكره موقوفا على عمر.

٥٩

بامويه (١) الأصبهاني ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن يحيى القاضي الزهري بمكة ، أنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ أنا سليمان بن داود الهاشمي ، ثنا إبراهيم بن سعيد عن ابن شهاب الزهري عن عامر بن واثلة (٢) أبي الطفيل ، أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي؟ قال : استخلفت عليهم ابن أبزى ، قال : ومن ابن أبزى؟ قال : مولى من موالينا ، قال عمر : فاستخلفت عليهم مولى؟ فقال : يا أمير المؤمنين إنه رجل قارئ القرآن عالم بالفرائض قاض بالكتاب ، فقال عمر : أما إن نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله يرفع بالقرآن أقواما ويضع به آخرين».

صحيح أخرجه مسلم عن زهير بن حرب. أنا يعقوب بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن سعد الترابي.

[١٠] أنا أبو بكر بن محمد بن عبد الصمد الترابي المعروف بابن أبي الهيثم ، أنا الحاكم أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، أنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد ، أنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أنا جرير يعني ابن عبد الحميد عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب».

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

[١١] أنا عبد الواحد المليحي ، أنا أبو منصور السمعاني ، أنا أبو جعفر الريّاني (٣) ، ثنا حميد بن زنجويه ،

__________________

ـ وأخرجه الأزرقي في «تاريخ مكة» (١ / ١٥٢) وأبو الفضل الرازي (٦٣) من طريق داود بن عبد الرحمن قال : سمعت معمر يحدث عن الزهري به .... فذكره موقوفا على عمر. وخالفه عبد الرزاق فرواه عن معمر به مرفوعا ، ومن طريق عبد الرزاق ، أخرجه ابن حبان (٧٧٢) وغيره ، فقد رفعه ثلاثة ثقات من أصحاب الزهري ، فلا يضرهم مخالفة من خالفهم ، والله أعلم.

[١٠] ـ إسناده ضعيف ، رجاله ثقات سوى قابوس بن أبي ظبيان ، فقد ضعفه غير واحد ، وقال ابن حبان : ينفرد عن أبيه بما لا أصل له. راجع «الميزان» ٣ / ٣٦٧.

وهو في «شرح السنة» (١١٨٠) بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (٢٩١٣) وأحمد (٢ / ٤٢٦) والحاكم (١ / ٥٥٤) (٢٠٣٧) والدارمي (٢ / ٤٢٩) من طرق عن جرير بهذا الإسناد ، وصححه الحاكم ، وتعقبه الذهبي بقوله : قابوس لين. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح!

(١) في الأصل «ناموية» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة».

(٢) وقع في الأصل «وائلة بن» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة» وكتب التراجم.

(٣) في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «الأنساب» وعن «شرح السنة» وعن «ط».

[١١] ـ جيد بطرقه وشواهده. إسناده ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي حميد. قال الذهبي في «الميزان» (٣ / ٥) : يروي عن أبي المليح الهذلي ، ضعفه محمد بن المثنى ، وقال البخاري منكر الحديث ، وقال النسائي متروك ا ه. لكن تابعه غير واحد كما سيأتي.

وأخرجه الطيالسي (١٠١٢) وأحمد (٤ / ١٠٧) والطبري (١٢٦) والطبراني في «الكبير» (٢٢ / ١٨٥ و ١٨٦) والطحاوي في «المشكل» (١٣٧٩) من طرق عن عمران القطان عن قتادة عن أبي المليح بهذا الإسناد. وهذا إسناد حسن في الشواهد.

وقال الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٤٦) : رواه أحمد ، وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان وغيره ، وضعفه النسائي ، وغيره ، وباقي رجاله ثقات ا ه. وقد توبع.

ـ فقد أخرجه الطبراني (٢٢ / ١٨٧) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح به ، وإسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير الأزدي الشامي. ضعفه الجمهور ووثقه شعبة ودحيم لكن تابعه عمران القطان عند أحمد وغيره كما تقدم.

٦٠