تفسير البغوي - ج ١

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي

تفسير البغوي - ج ١

المؤلف:

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي


المحقق: عبدالرزاق المهدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٢٨

والمصنفات ، توفي سنة (٣٠٣ ه‍) رحمه‌الله تعالى.

٣ ـ محمد بن جرير الطبري : الإمام الفرد الحافظ أبو جعفر ، صاحب التصانيف من أهل طبرستان سمع ابن منيع وخلق ، وحدث عنه الطبراني وآخرون.

قال ابن خزيمة : ما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير ، ولكن ظلمته الحنابلة.

له كتاب التاريخ والتفسير والقراءات واختلاف العلماء وتاريخ الرجال وغيرهم ، توفي سنة ٣١٠ ه‍ «تذكرة الحفاظ» (٢ / ٧١٠).

٤ ـ ابن المنذر : الحافظ العلامة الفقيه الأوحد أبو بكر محمد بن إبراهيم النيسابوري شيخ الحرم صاحب الكتب ، لم يؤلف مثلها ككتاب المبسوط في الفقه وغيره ، كان مجتهدا لا يقلد أحدا حدث عنه ابن المقرئ وغيره ، وسمع ابن الصائغ وخلقا ، توفي سنة ٣١٨ ه‍ (تذكرة الحفاظ) (٣ / ٧٧٢).

٥ ـ ابن أبي حاتم : الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام عبد الرحمن بن الحافظ الكبير أبي حاتم الرازي ، ارتحل به أبوه ، فأدرك الأسانيد العالية ، روى عنه أبو الشيخ ابن حيان ، وآخرون توفي سنة (٣٢٧) له كتاب «الجرح والتعديل» «والتفسير» في عدة مجلدات ، «والرد على الجهمية» ا ه (تذكرة الحفاظ) (٣ / ٨٢٩).

دراسة حول الكتاب ومؤلفه

١ ـ البغوي الإمام المفسر :

ـ إن الطريقة التي اتبعها المؤلف في هذا التفسير هو أنه يفسر القرآن بالقرآن وبالحديث النبوي ، وبالآثار الواردة عن الصحابة والتابعين ، وبأقوال العلماء.

ـ ويسرد عند كل سورة أو آية ما ورد في فضلها أو تفسيرها أو سبب نزولها.

ـ ويتعرض للمعنى اللغوي ، لكن باختصار. ويتعرض أيضا للقراءات لكن مع الاختصار ، وقد تحاشى رحمه‌الله ما ولع به كثير من المفسرين من مباحث الإعراب والتطويل في ذلك والاستطراد في علوم وأبحاث لا تعلق لها بعلم التفسير.

وربما ذكر الإسرائيليات من غير تعقيب ، وأحيانا يورد الإشكال على ظاهر النظم فيجيب عنه ، كما أنه ينقل الخلاف عن السلف في التفسير ؛ ويذكر الروايات عنهم في ذلك ، من غير توهين لرواية أو تصحيح لأخرى.

وقد قال واصفا الطريقة التي سلكها في مقدمته : «فجمعت بعون الله تعالى وحسن توفيقه كتابا وسطا بين الطويل المحل والقصير المخل ، أرجو أن يكون مفيدا لمن أقبل على تحصيله مريدا».

٢ ـ البغوي الإمام المحدث :

ـ إن الصورة التي تركها المصنف من خلال هذا التفسير هي أنه إمام محدث عالم به رواية ودراية.

ـ أما الرواية فقد أسند أكثر الأحاديث المرفوعة الواردة في هذا التفسير.

ـ وأما الدراية فقد تحرى في تلك الأحاديث الصحيح ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، لذا روى الكثير من طريق البخاري وسائر الكتب المعتمدة.

٢١

ـ وقال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في «مقدمة في أصول التفسير» ص ١٩ : والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي ، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة ، والآراء المبتدعة.

ـ وقال في «الفتاوى» ٢ / ١٩٣ وقد سئل عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة : الزمخشري ، أم القرطبي ، أم البغوي؟ أم غير هؤلاء.

فقال : أما التفاسير الثلاثة المسئول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة البغوي ، لكنه مختصر من تفسير الثعلبي ، وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه ، وحذف أشياء غير ذلك.

ـ قلت : وعامة ما يرويه صحيح أو حسن.

ـ وربما روى الضعيف فمن ذلك : الحديث برقم : ١٧ و ٤٣ و ٥٨ و ٨٠ و ١٠٦ و ١٢٠ و ١٥٧ و ٢٣٣ و ٤١٤ و ٤٤٦ و ٤٥٠ و ٦٥٣ و ١١١٩.

وربما روى الضعيف لكن أشار إلى ذلك حيث ذكره بصيغة التمريض فمن ذلك الحديث ٣٨ و ٤٣٩ و ٩١٧ ...

ـ وربما روى الضعيف جدا : فمن ذلك الحديث برقم : ٣٠٨ و ٤٣٩ و ٤٤٦ و ٤٨٨ و ٥٩٣ و ٦٢٨ و ١١٣١ و ١١٤٤ ، ، ،

ـ وربما روى الموضوع أو الباطل وهذا نادر جدا في هذا التفسير : فمن ذلك الحديث برقم : ٥٨٠ و ٧٢٦ و ٨١٢ و ٨٥٧ و ١٠٩٤ و ٨٩١.

ـ وأكثر ما يقع هذا النوع في أسباب النزول.

ـ وربما روى حديثا مرفوعا لكن الراجح وقفه : فمن ذلك الحديث برقم : ٦ و ٨ و ٤١٤ و ٤١٥ و ٤٤٧ و ٨٣١ و ١١١٩ و ١١٤٤.

ـ وربما روى حديثا ضعيف الإسناد لكن له شواهد : فمن ذلك الحديث : ٢٠ و ١٠٤ و ١١١ و ٢٥٩ و ٦٥٢ و ٨٦٥ و ٩٥٠ و ٩٩٤ ...

ـ وربما روى حديثا بعضه صحيح ، وبعضه ضعيف أو منكر : فمن ذلك الحديث برقم : ٤١ و ٤٥ و ٦٢٩ و ١٠٢٢ و ١١٨٢.

ـ وربما روى خبرا وهو منتزع من حديثين. فمن ذلك الحديث ٨٧١.

ـ تنبيه : وما ذكرته من أمثلة على الأحاديث الواهية الواردة في هذا التفسير لا يعني الطعن بهذا الكتاب أو مؤلفه ، بل هو حقا أقل التفاسير ذكرا للأحاديث الواهية والمنكرة.

ـ بل عامة ما ساقه من هذه الأحاديث قد أشار إلى ضعفه فإما جرده عن الإسناد ، أو ذكره بصيغة التمريض.

أو ساق ما ورد مرفوعا على أنه موقوف ونحو ذلك.

وقد قال رحمه‌الله في مقدمته : وما ذكرته من أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أثناء الكتاب على وفاق آية أو بيان حكم ، فإن الكتاب يطلب بيانه من السنة ، وعليها مدار الشرع وأمور الدين ، فهي من الكتب المسموعة للحفاظ وأئمة الحديث.

وقد ساق المصنف عامة الآثار الموقوفة والمقطوعة في أثناء الكتاب بدون إسناد ، واكتفى بأنه ساق إسناده إلى هؤلاء الأئمة في أول الكتاب ، قصد بذلك الاختصار.

٢٢

ـ ومع ذلك فقد أورد آثارا عن ابن عباس وغيره من وجوه وطرق ليست في أول الكتاب.

ومما يؤخذ على المصنف رحمه‌الله نقله عن الكلبي ومقاتل وجويبر وغيرهم ممن هو متروك أو متهم بالكذب ، لكن الظاهر أنه تابع غيره ، فعامة المفسرين ينقلون عن هؤلاء وغيرهم.

ـ وأكثر ما نقل عن هؤلاء هو في باب أسباب النزول.

٣ ـ البغوي الإمام اللغوي :

إن الصورة التي تركها الإمام البغوي من خلال هذا التفسير هي أنه إمام لغوي ، يفسر الآية ، ويبين معناها بلفظ موجز سهل ، بحيث يفهمه الطالب المتخصص وغير المتخصص.

ـ وهو يعتمد الاختصار في مباحث النحو والإعراب فكتابه مختصر عن كتابي الثعلبي والواحدي.

ـ وربما ذكر أقوالا عن أئمة اللغة مع العزو لقائله ، وهذا قليل فمن ذلك : عند قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) [البقرة : ٢٦]. فقال (فَما فَوْقَها) يعني : الذباب والعنكبوت ، وقال أبو عبيدة : أي فما دونها كما يقال : فلان جاهل ، فيقال وفوق ذلك ، أي : وأجهل.

ـ وقال في الآية (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) [البقرة : ٣١] قال المبرد : إذا جاء إذ مع المستقبل كان معناه ماضيا كقوله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ) [الأنفال : ٣٠] يريد وإذا مكر ، وإذا جاء إذا مع الماضي كان معناه مستقبلا ، كقوله : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ) [النازعات : ٣٤] و (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) أي : يجيء.

ـ وقال في قول تعالى : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ ...) [البقرة : ١٧٧] «والصابرين» : وفي نصبها أربعة أوجه : قال أبو عبيدة : نصبها على تطاول الكلام ... وقال الخليل : نصب على المدح.

ـ وقال عند قوله تعالى : (فَرِهانٌ) [البقرة : ٢٨٣] «فرهان» : جمع رهن ، مثل : بغل وبغال ، وجبل وجبال ، والرّهن جمع ، الرهان : جمع الجمع ، قاله الفراء والكسائي.

ـ وقال أبو عبيدة وغيره : هو جمع الرهن أيضا مثل : سقف وسقف.

٤ ـ البغوي الإمام الفقيه :

إن الصورة التي تركها المصنف من خلال هذا التفسير هي أنه إمام فقيه لكنه يعتمد الاختصار في ذلك كما ذكر في مقدمته.

ـ فمن المسائل الفقهية التي سلك فيها الاختصار مسألة السعي بين الصفا والمروة.

ـ فقال عند قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ...) [البقرة : ١٥٨] واختلف أهل العلم في حكم هذه الآية ، ووجوب السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة ، فذهب جماعة إلى وجوبه ، وهو قول ابن عمرو وجابر وعائشة ، وبه قال الحسن ، وإليه ذهب مالك والشافعي.

ـ وذهب قوم إلى أنه تطوع ، وهو قول ابن عباس ، وبه قال ابن سيرين ومجاهد ، وإليه ذهب الثوري وأصحاب الرأي ، وقال الثوري وأصحاب الرأي على من تركه دم.

ـ ثم أسند حديثين دليلا لمن أوجبه.

ـ ومن ذلك ما ذكره في بحث أكل الميتة ونحو ذلك للمضطر ، وذلك عند قوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ...) [البقرة : ٥٨].

ـ ومن الأبحاث التي اختصر فيها بحث الوصية عند الآية ١٨٠ من سورة البقرة (... إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ).

٢٣

ـ ومن ذلك الكلام على اليمين والكفارة في سورة البقرة (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) [البقرة : ٢٢٥].

ـ وربما توسط في الأبحاث الفقهية :

ـ فمن ذلك ما ذكره عند الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) [البقرة : ١٧٨] حيث ذكر بحث القصاص من غير تطويل ولا اختصار.

ـ ومن ذلك كلامه على الصوم في سورة البقرة آية ١٨٣.

ـ ومن ذلك كلامه على مسألة الخمر وتحريمه في سورة البقرة ، آية ٢١٩ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ ...).

ـ ومن ذلك مسألة الحيض عند قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) [البقرة : ٢٢٢].

ومن ذلك بحث الجماع عند الآية (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...) [البقرة : ٢٢٣].

ـ ومن ذلك بحث الإيلاء عند الآية (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) ...) [البقرة : ٢٢٦].

ـ وربما أطال في بعض الأبحاث :

ـ ومن ذلك كلامه على الحج في سورة البقرة ، آية : ١٩٧ ـ ٢٠٣ (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ...).

ـ ومن ذلك الكلام على الطلاق ودواعيه عند الآيات (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ...) [البقرة : ٢٢٨ ـ ٢٣٧].

٥ ـ الإمام البغوي والقراءات :

ـ إن الصورة التي تركها المؤلف من خلال هذا التفسير هي أنه إمام مقرئ ، يعتمد كثيرا ذكر القراءات لكنه اقتصر على القراءات المشهورة المتواترة ، وقد قال رحمه‌الله في مقدمته عن ذلك :

ـ وقد ذكرت في الكتاب قراءة من اشتهر منهم بالقراءات واختياراتهم ... ثم ذكر القراء المشهورة قراءتهم والمتواترة وقال عقب ذلك : فذكرت قراءة هؤلاء للاتفاق على جواز القراءة بها.

ـ فمن الأمثلة على اهتمامه بالقراءات :

قوله عند الآية (اهْدِنَا الصِّراطَ ...) [الفاتحة : ٦].

قرئ بالسين ، رواه رويس عن يعقوب ، وهو الأصل ، سمي سراطا لأنه يسرط السابلة ، ويقرأ بالزاي ، وقرأ حمزة بإشمام الزاي وكلها لغات صحيحة ، والاختيار الصاد عند أكثر القراء لموافقة المصحف.

ـ وقال عند الآية (قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا ...) [البقرة : ١٣].

ـ قرأ أهل الكوفة والشام ... «السفهاء ألا» بتحقيق الهمزتين ، وكذلك كل همزتين وقعتا في كلمتين اتفقتا أو اختلفتا ، والآخرون يحققون الأولى ، ويلينون الثانية في المختلفتين طلبا للخفة ، فإن كانتا متفقتين مثل : «هؤلاء ـ أولياء ـ أولئك ـ وجاء أمر ربك» قرأ أبو عمرو والبزي عن ابن كثير بهمزة واحدة ، وقرأ أبو جعفر وورش والقواش ويعقوب بتحقيق الأولى وتليين الثانية ، وقرأ قالون بتليين الأولى وتحقيق الثانية لأن ما يستأنف أولى بالهمزة مما يسكت عليه.

٢٤

ـ وقال عند الآية (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) [البقرة : ٦٧].

قرأ حمزة «هزوا وكفؤا» بالتخفيف ، وقرأ الآخرون بالتثقيل ، ويترك الهمزة حفص.

ـ قوله : بالتثقيل : أي بالضم بدل السكون على الحرف قبل الأخير.

ـ وقال عند الآية (وَأَرِنا مَناسِكَنا ...).

قرأ ابن كثير «أرنا» ساكنة الراء ، وأبو عمرو بالاختلاس ، والباقون بكسرها ، ووافق ابن عامر وأبو بكر في الإسكان في «حم السجدة» وأصله : أرئنا ـ فحذفت الهمزة طلبا للخفة ، ونقلت حركتها إلى الراء.

ـ وقال عند الآية (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ ...) قرأ ابن عامر وحمزة «إن الله» بكسر الألف على إضمار القول تقديره : فنادته الملائكة فقالت : إن الله ، وقرأ الآخرون بالفتح بإيقاع النداء عليه ، كأنه قال فنادته الملائكة بأن الله يبشرك ، قرأ حمزة «يبشرك» وبابه التخفيف كل القرآن إلا قوله : «فبم تبشرون» فإنهم اتفقوا على تشديدها ، ووافقه الكسائي هاهنا في الموضعين ...

ـ وقال عند الآية (... يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) [آل عمران : ٧٥] قرأ أبو عمرو وأبو بكر وحمزة «يؤده ـ ، لا يؤده» ساكنة الهاء ، وقرأ أبو جعفر وقالون ويعقوب بالاختلاس كسرا ، والباقون بالإشباع كسرا ...

٦ ـ الإمام البغوي وعقيدته :

ـ إن الصورة التي تركها الإمام من خلال هذا التفسير هي أنه إمام عالم من أئمة أهل السنة ، لكن اضطرب قوله في بحث الصفات ، فتارة سلك من مسلك السلف وهو عدم التأويل ، وتارة سلك الخلف ، وهو التأويل.

ـ أما ما سلك فيه مسلك السلف فهو قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : ٥٤] فقال رحمه‌الله : وأوّلت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء ، فأما أهل السنة يقولون : الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف ، يجب على الرجل الإيمان به ، ويكل العلم فيه إلى الله عزوجل ، وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)) كيف استوى؟ فأطرق رأسه مليا وعلاه الرحضاء ثم قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أظنك إلا ضالا ، ثم أمر فأخرج.

ـ وروي عن الثوري والأوزاعي والليث وابن عيينة وابن المبارك وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات والمتشابهات : أمرّوها كما جاءت بلا كيف.

ـ وأما ما سلك فيه مسلك الخلق ، وهو التأويل ، فهو قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) [القلم : ٤٢].

فقال رحمه‌الله : قيل : عن ساق : عن أمر فظيع شديد ...

ـ وكذا عند قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : ٢٢] فقال رحمه‌الله : جاء أمره وقضاؤه ، وقال الكلبي : ينزل حكمه.

٧ ـ الإمام البغوي المحقق المرجح :

إن الصورة التي تركها المؤلف من خلال هذا الكتاب هي أنه يذكر قولا واحدا ، أو أقوالا متعددة في تفسير الآية أو بيان معناها من غير ترجيح مع اختلاف واضطراب تلك الأقوال ، وربما رجح وصوب أحد الأقوال ، وهو يسير.

٢٥

فمن ذلك :

ـ قوله عند الآية (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا) [البقرة : ٣٤].

فقال : «... اسجدوا» : فيه قولان الأصح أن السجود كان لآدم على الحقيقة ، وتضمن معنى الطاعة لله عزوجل امتثال أمره ، وكان ذلك سجود تعظيم وتحية لا سجود عبادة ...

ـ وقيل : لآدم : أي إلى آدم ، فكان آدم قبلة ، والسجود لله تعالى ...

ـ ومن ذلك قوله عند الآية (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ...) [آل عمران : ٧].

ـ فقال : اختلف العلماء في نظم هذه الآية ، فقال قوم ـ الواو في قوله (والراسخون) واو العطف ، يعني أن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم ، وهم مع علمهم يقولون آمنا به ، وهذا قول مجاهد والربيع ...

وذهب الأكثرون إلى أن الواو ، واو الاستئناف ، وتم الكلام عند قوله (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ ...).

ـ قال : وهذا القول أقيس في العربية ، وأشبه بظاهر الآية.

ـ وقال عند الآية (قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ ...) [المائدة : ١١٥] واختلف العلماء : هل نزلت أم لا؟ فقال مجاهد والحسن : لم تنزل ، فإن الله عزوجل لما أوعدهم على كفرهم بعد نزول المائدة خافوا أن يكفر بعضهم فاستعفوا ، وقالوا : لا نريدها ، فلم تنزل.

قال : والصحيح الذي عليه الأكثرون أنها نزلت لقوله تعالى (إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ ...) ولا خلف في خبره ...

٨ ـ الإمام البغوي والإسرائيليات :

ـ لم يكثر الإمام البغوي من ذكر الإسرائيليات ، ومن الأخبار التي أوردها ، وهي من أخبار الأقدمين :

ـ ما ذكره في شأن آدم وحواء ونزولهما من الجنة ، وذلك عند قوله تعالى : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا) [البقرة : ٣٦] فقد ذكر أخبارا مختصرة عن أئمة التفسير ، ولم يذكر قصصا مطولة كغيره من المفسرين.

ـ في حين ذكر خبرا مطولا عند قوله تعالى : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) [البقرة : ٥٠]. ومصدره كتب الأقدمين ، وفيه مبالغات ومجازفات ظاهرة.

ـ وكذا قصة هاروت وماروت في سورة البقرة ، آية : ١٠٢.

ـ ومن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) [البقرة : ١٢٧].

ـ ومن ذلك ما ذكره عند الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ...) [البقرة : ٢٤٣] حيث نقل عن الكلبي ومقاتل وغيرهما ممن يروي عن أهل الكتاب.

ـ وكذا عند الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ...) [البقرة : ٢٤٦].

ـ وذكر خبرا مطولا في شأن قتل داود لجالوت عند الآية (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ...) [البقرة : ٢٥١].

٢٦

ـ وذكر خبرا مطولا عند الآية (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ ...) [البقرة : ٢٥٩].

ـ وذكر خبرا عند قوله تعالى : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ ...) [آل عمران : ٥٢].

ـ وذكر خبر نزول المائدة وما فيها وما عليها عند قوله تعالى : (قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ ...) [المائدة : ١١٥].

ترجمة الإمام البغوي (٤٣٦ ـ ٥١٦)

١ ـ التعريف به : هو الإمام الجليل العلامة الحافظ المسند الفقيه المفسر المقرئ ، صاحب المصنفات التي اشتهرت في الآفاق ، أحد من قام في عصره بنشر علوم الإسلام أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي.

٢ ـ نسبته : اشتهرت نسبته بالبغوي ، وينسب أحيانا بالفراء أو ابن الفراء ، نسبة لعمل أو بيع الفراء.

ـ أما نسبته البغوي ، فهي إلى «بغ» أو «بغشور» والنسبة إلى بغشور على غير قياس.

ـ قال ياقوت الحموي في «معجم البلدان» ١ / ٤٦٧ :

بغشور بليدة بين هراة ومروالرّوذ ، شهر بهم من آبار عذبة ، وهم في برية ليس عندهم شجرة واحدة ، ويقال لها بغ أيضا ، رأيتها في شهور سنة ٦١٦ والخراب فيها ظاهر ، وقد نسب إليها خلق كثير من الأعيان.

ـ وقال الفيروزآبادىّ : بغشور ... وهو معرب كوشور ، أي الحفرة المالحة.

ـ وقال الزبيدي في «تاج العروس» ٢ / ٥٤ :

وهذا تعريف غريب فإن ـ بغ ـ بالفارسية البستان ، ولا ذكر للحفرة في الأصل ، إلا أن يقال : إن أرض البستان دائما تكون محفورة.

٣ ـ ولادته ونشأته وحياته العلمية :

ـ ولد رحمه‌الله سنة ٤٣٣ بذلك جزم ياقوت في «معجم البلدان» ١ / ٤٦٧.

ـ نشأ في بلدته بغشور ، وبها طلب العلم أولا ، فما زال يجد ويجتهد في تحصيل علوم الشريعة ، وبخاصة تفقهه بمذهب الشافعي حتى كان يميل فيه إلى الترجيح والتحقيق ، من غير تعصب لمذهبه بل كان يطلع على أقوال باقي الأئمة ، ويتعرف على أدلتهم.

ـ ومع ذلك كان يدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة.

ـ ولم يكتف بما حصله من علوم في بلدته بل رحل في طلب المزيد ، فرحل إلى مروالرّوذ فالتقى هناك بالإمام الفقيه القاضي الحسين بن محمد المرورّوذي الشافعي فأخذ عنه ، وتفقه عليه ، ولازمه زمنا ، وروى عنه.

ـ ثم رحل وطاف بلاد خراسان كطوس وسرخس وغير ذلك ، وسمع خلقا كثيرا من الحفاظ الأثبات ، وروى عنهم كتب الصحاح والسنن والمسانيد والأجزاء ، وجالس علماء اللغة وحمل عنهم الكثير.

٢٧

ـ وكان البغوي يلقب بمحيي السنة ، وركن الدين ، وشيخ الإسلام ، وقدره عال في الحديث والفقه والتفسير وسائر علوم الإسلام.

٤ ـ وفاته :

توفي رحمه‌الله بمرو الرّوذ في شوال سنة ست عشر وخمسمائة (٥١٦) وهو الذي اختاره الذهبي في «التذكرة» (٤ / ١٢٥٨) وياقوت في «معجم البلدان» (١ / ٤٦٨) وغيرهما ، وهو الراجح.

ـ وقال ابن خلكان في «الوفيات» ٢ / ١٣٧ توفي سنة ٥١٠.

٥ ـ شيوخ الإمام البغوي :

منهم : ١ ـ الإمام القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد المرورّوذي المتوفى سنة ٤٦٢.

٢ ـ أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي المتوفى سنة ٤٦٣. وقدم أكثر عنه في هذا التفسير.

٣ ـ أبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي النيسابوري المتوفى سنة ٤٦٦.

٤ ـ أبو علي حسان بن سعيد المنيعي المتوفى سنة ٤٦٣.

٥ ـ أبو الحسن علي بن يوسف الجويني المتوفى سنة ٤٦٣.

٦ ـ أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي المتوفى سنة ٤٦٣.

٧ ـ أبو القاسم عبد الكريم بن عبد الملك النيسابوري المتوفى سنة ٤٦٥.

٨ ـ أبو صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري المتوفى سنة ٤٧٠.

٩ ـ أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المتوفى سنة ٤٩٢.

وغيرهم كثير.

٦ ـ تلامذته :

منهم : محمد بن أسعد الطوسي ، ومحمد بن محمد الطائي ، وهما من أشهر تلامذته ، ورواة كتبه ، وفضل الله بن محمد النوقاني ، والحسن بن مسعود البغوي ، وهو أخوه ، وأبو مقاتل الديلمي مناور بن فزكوه ، وعمر بن الحسن البكري والد الفخر الرازي.

وأسعد بن محمد بن يوسف البامنجي ، ومحمد بن عمر الشاشي ، وغيرهم.

٧ ـ أقوال العلماء فيه :

ـ قال عنه الإمام الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (٤ / ١٢٥٧) :

ـ الإمام الحافظ الفقيه المجتهد محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود الشافعي ... وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح فإنه كان من العلماء الربانيين ، كان ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير ، وكان يأكل كسرة وحدها ، فعذلوه ، فصار يأكلها بزيت ...

ـ وقال الذهبي في «العبر» (١ / ٤٠٦) في وفيات (٥١٦ ه‍) : والبغوي محيي السنة الحسين بن مسعود المحدث المفسر ، صاحب التصانيف وعالم خراسان ، ... وكان سيدا زاهدا قانعا ...

ـ وقال عنه تاج الدين السبكي في «طبقات الشافعية» (٧ / ٧٥ ـ ٧٧) كان إماما جليلا ورعا زاهدا فقيها محدثا مفسرا جامعا بين العلم والعمل ، سالكا سبيل السلف ... ، له في الفقه اليد الباسطة ...

ـ وقال عنه ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٢ / ١٩٣) :

٢٨

الحسين بن مسعود صاحب التفسير ... اشتغل على القاضي حسين ، وبرع في هذه العلوم ، وكان علامة زمانه ، وكان دينا ورعا زاهدا عابدا صالحا ...

ـ وقال عنه السيوطي في «طبقات المفسرين» (١٢ ـ ١٣) : يلقب بمحيي السنة وركن الدين أيضا ، كان إماما في التفسير ، إماما في الحديث ، إماما في الفقه ... وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة ...

ـ وقال عنه ابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب» (٤ / ٤٨ ـ ٤٩) : المحدث المفسر صاحب التصانيف وعالم خراسان ... وقال ابن الأهدل : ... وهو صاحب الفنون الجامعة ، والمصنفات النافعة مع الزهد والورع والقناعة ...

ـ وقال عنه ابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة» (٥ / ٢٢٣) : الإمام الحافظ المحدث أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي المعروف بابن الفراء ، كان إماما حافظا ، رحل إلى البلاد ، وسمع الكثير ، وحدّث وألّف وصنف ، وكان يقال له : محيي السنة.

ـ وقال عنه ابن خلكان في «الوفيات» (٢ / ١٣٦) : أبو محمد الحسين بن مسعود ... وصنف في تفسير كلام الله تعالى ، وأوضح المشكلات من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى الحديث ودرّس ، وكان لا يلقي الدرس إلا وهو على طهارة ...

ـ وقال عنه طاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» (٢ / ١٠٢) كان إماما في الفقه والحديث ، وكان متورعا ثبتا حجة صحيح العقيدة في الدين.

ـ وقال الإمام الخازن في مقدمة تفسيره ص (٣) : ... الشيخ الجليل والحبر النبيل الإمام العالم محيي السنة ، قدوة الأمة ، وإمام الأئمة ، مفتي الفرق ، ناصر الحديث ، ظهير الدين أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي.

٨ ـ مؤلفات الإمام البغوي :

١ ـ الأربعون الصغرى ـ ذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ١٩ / ٤٣٩.

٢ ـ الأنوار في شمائل النبي المختار ـ ذكره صاحب «كشف الظنون» (١ / ١٩٥).

٣ ـ ترجمة الأحكام في الفروع على مذهب الشافعي ـ ذكره في «كشف الظنون» (١ / ٣٩٧).

٤ ـ التهذيب في الفقه ـ وهو على مذهب الشافعي أيضا. ذكره في «كشف الظنون» (١ / ٥١٧) والحموي في «معجم البلدان» (١ / ٤٦٧).

٥ ـ الجمع بين الصحيحين ـ ذكره ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٢ / ١٣٦).

٦ ـ شرح جامع الترمذي ـ ذكره بروكلمان في ترجمة الإمام البغوي ، وذكر أن منه نسخة في المدينة المنورة «بروكلمان» (٦ / ٢٤٤).

٧ ـ شرح السنة ـ انظر «كشف الظنون» (٣ / ١٠٤٠ ـ ١٠٤١) و «معجم البلدان» (١ / ٤٦٧) ، وهو كتاب مطبوع متداول.

٨ ـ فتاوى البغوي ـ ذكره السبكي في «الطبقات» (٤ / ٢١٤) وتوجد منه نسخة في المكتبة السليمانية رقم (٦٧٥ / ٣).

٩ ـ الكفاية في فروع الشافعية ـ ذكره في «كشف الظنون» (٢ / ١٤٩٩).

١٠ ـ الكفاية في القراءة ـ ذكره في «كشف الظنون» (٢ / ١٤٩٩).

٢٩

١١ ـ المدخل إلى مصابيح السنة ـ انظر تاريخ الأدب العربي ـ الترجمة العربية (٦ / ٢٣٥) ، ويوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة قولة بالقاهرة (١ / ٩٤).

١٢ ـ مصابيح السنة ـ وهو مطبوع متداول ، انظر «سير أعلام النبلاء» (٩ / ٤٤٠) و «هدية العارفين» (١ / ٣١٢).

١٣ ـ مشكل القرآن ـ ذكره ابن الفوطي في ترجمته في «تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب» (٤ / ٣ / ٤١٧).

١٤ ـ معالم التنزيل ـ وهو هذا التفسير الذي نحن في صدده.

١٥ ـ معجم الشيوخ ـ ذكره في «كشف الظنون» (١٧٣٥) السطر ٢١ ، وذكره صاحب «هدية العارفين» ٣١٢.

وصف مخطوطات الكتاب

لقد اعتمدنا في تحقيقنا لكتاب «معالم التنزيل» للإمام البغوي على نسختين خطيتين.

ـ الأولى : وهي نسخة كاملة ، تتألف من جزءين ، الأول من المقدمة ثم سورة الفاتحة وحتى آخر سورة الإسراء.

والثاني : من أول سورة الكهف وحتى آخر الناس. مكتوب بخط واضح مقروء ، وربما وقع بياض أو محو أحيانا ، سطرتها تتراوح ٢٩ و ٣١ سطرا ، في كل سطر ما بين ثلاثة عشر إلى سبعة عشر كلمة ، قطعها ٣٠* ٢٢ سم. كتب الجزء الأول سنة ١١٩١ وكتب الثاني سنة ١١٩٢.

بداية التفسير فيه هذه العبارة :

وقف لله تعالى على جميع طلبة العلم الشريف في سائر الوجوه مع بقاء بيد ـ هكذا ظاهر هذه العبارة ـ من كتابة وقراءة ودراسة.

الجزء الأول من تفسير القرآن الكريم للشيخ الإمام البحر الهمام الفقيه المحدث المفسر ، ظهير الدين أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي ، قدس الله روحه ، ونور ضريحه ، ونفعنا به وبعلومه وأنفاسه الطاهرة في الدنيا والآخرة بإذن رب العالمين ، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ـ وكتب أيضا على هامش الكلام المتقدم : وقف مولانا الشيخ عبد الحي الحنفي ، لا يباع ، ولا يوهب ، ولا يرهن ، ولا يخرج من محله إلا لمن ينتفع به ، ويعيده إليه.

ثم كتب مقابل العبارة المذكورة : وقف مولانا الشيخ عبد الحي الحنفي مقره ببيته.

ـ وجعل تحت ذلك ختم ، وفيه عبارة غير واضحة.

ـ وبداية الصفحة الأولى : بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله ذي العظمة والكبرياء ، والعزة والبقاء والرفعة والعلاء والسّنا ، تعالى عن الأنداد والشركاء ، وتقدس عن الأمثال والنظراء ، والصلاة على نبيه وصفيه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء ...

ـ وعلى الهامش تصويبات واستدراكات.

ـ وكتب في آخره : تم الجزء الأول من تفسير سيدنا ومولانا شيخ الإسلام البغوي نفعنا الله ببركاته

٣٠

والمسلمين أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.

وكان الفراغ من كتابة هذا الجزء المبارك صبيحة يوم الأحد خامس عشر ربيع الأول سنة ١٠٩١ ه‍ على يد الفقير عبد الرحمن البولاقي الأزهري القلفاط الشافعي.

ـ والجزء الثاني من هذا المخطوط مطلعه : سورة الكهف مدنية. بسم الله الرّحمن الرّحيم (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) أثنى على نفسه بإنعامه على خلقه ، وخص رسوله بالذكر لأن إنزال القرآن عليه كان نعمة عليه على الخصوص ، وعلى سائر الناس على العموم ...

وآخره تفسير سورة الناس ، وعقب ذلك : تم كتاب تفسير الإمام القدوة شيخ المحدثين وحجة المحققين الإمام البغوي المعروف بالفرّاء ، رحمه‌الله بالرحمة والرضوان ، وأسكنه فسيح الجنان ـ على يد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن عبد الله البدري السيوطي ، غفر الله له ولوالديه والمسلمين. بتاريخ يوم الأحد المبارك ثالث شعبان الذي هو من شهور سنة اثنتين وتسعين وألف بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وهو حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلّى الله على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا آمين.

المخطوطة الثانية : وهي نسخة كاملة أيضا ، وتتألف من ثلاثة أجزاء.

الأول : من المقدمة وحتى آخر سورة الأنعام.

والثاني : من بداية سورة الأعراف وحتى آخر الفرقان.

والثالث : من بداية سورة الشعراء وحتى آخر سورة الناس. كتبت بخط مقروء لكن وقع في الجزء الثاني محو وبياض في حين وقع في الجزء الثالث سواد في مواضع كثيرة. كتب هذا المخطوط بأجزائه الثلاثة سنة ١١٩٣.

الجزء الأول : عدد أوراقه ٤٠٠ ، مسطرته ٢٥ سطرا ، في كل سطر ما بين ١١ إلى ١٧ كلمة ، مقاس (٢٩* ٢١ سم).

كتب على الصفحة الأولى ما نصه :

الجزء الأول من تفسير القرآن الكريم ، للشيخ الإمام البحر الهمام ظهير الدين أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي ، قدس الله روحه ، ونور ضريحه ، ونفعنا به وبعلومه وأنفاسه الطاهرة في الدنيا والآخرة.

آمين ، آمين ، آمين.

ـ وقف هذا الكتاب الشريف ، وتصدق به ابتغاء وجه الله تعالى والكتاب المكرم الأمير أحمد آغا جاويش تقلجيان ، لا يباع ولا يوهب ولا يرهن (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ، وإن الله لسميع عليم) سنة ١١٩٣.

ـ وجعل مقره بخزانته بجامع المرحوم شيخون العمري أول وقفه شيخون.

ـ وبعد ذلك تاريخ غير واضح ، وبعد ذلك كلمة غير واضحة أيضا وبداية التفسير ما نصه :

ـ بسم الله الرّحمن الرّحيم ، وبه ثقتي ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، قال الشيخ الإمام الأجل ، السيد محيي السنة ، ناصر الحديث ، مفتي الشرق والغرب أبو محمد الحسين بن مسعود ...

ـ وآخره : (إن ربك سريع العقاب) لأن ما هو آت فهو سريع قريب ، قيل : الهلاك في الدنيا ، والآخرة العقاب لأعدائه (وإنه لغفور رحيم) قال عطاء : سريع العقاب لأعدائه غفور لأوليائه ، رحيم بهم.

٣١

ـ تم الجزء الأول من تفسير الإمام العلامة البغوي رحمه‌الله ، ونفعنا به.

ـ الجزء الثاني من المخطوط : عدد أوراقه ٤٠٧ مسطرته ٢٥ سطرا ، في كل سطر ما بين ١١ إلى ١٧ كلمة المقاس (٢١* ٢٩ سم) في بدايته محو وبياض في مواضع كثيرة ، في الورقة الأولى محو وبياض ، والعبارة الظاهرة من ذلك تدل على أنها مكررة عن مطلع الجزء الأول ، والواضح من العبارة : باش جاويش تقلجيان ، وجعل مقره بخزانة جامع شيخون ، وتحت يد إمامه ، تقبل الله منه ذلك بتاريخ سنة ١١٩٣.

ـ أوله : سورة الأعراف بسم الله الرّحمن الرّحيم : (المص كتاب) أي هذا كتاب (أنزل إليك) وهو القرآن ....

ـ وآخره خاتمة سورة الفرقان وهو : (فسوف يكون لزاما) وقيل : اللزام عذاب القبر ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب. آمين آمين.

ـ الجزء الثالث من المخطوط : عدد أوراقه ٤٣٢ المقاس ٢١* ٢٦ مسطرته ٢٢ إلى ٢٥ سطرا ، في كل سطر ما بين ١٠ إلى ١٧ كلمة على الصفحة الأول ما نصه :

الجزء الثاني من تفسير القرآن للإمام البغوي ، نفع الله به في الدنيا والآخرة آمين ، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، وسلّم تسليما ، والحمد لله رب العالمين. آمين ، آمين.

وقف هذا الجزء وتصدق به ابتغاء لوجه الله تعالى وطلبا لمرضاته الأمير أحمد آغاباش جاويش تقلجيان وجعل مقره في خزانة جامع شيخون وتحت يد إمامه. تقبل الله منه ذلك. بتاريخ سنة ١١٩٣. أول وقف شيخون.

ـ مطلع هذا الجزء : سورة الشعراء ، مكية إلا أربع آيات من آخر السورة من قوله (والشعراء يتبعهم الغاوون) وهي مائتان وسبع وعشرون آية ...

ـ وآخره حديث : «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبيّ حسن الصوت أن يتغنى بالقرآن يجهر به». والله أعلم.

تم بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

٣٢

٣٣

٣٤

٣٥

٣٦

٣٧

٣٨

٣٩

٤٠