وجود الميول والغرائز في الوجود الإنساني التي تضفي على وجود الإنسان لونا وصبغة ، وتوجد فيه انحيازا إلى نقطة وتمايلا إلى شيء ليس بصحيح ، لأنّ الاعتراف بوجود هذه الغرائز ، سواء أكانت علوية أم سفلية يزاحم اختياره وحريته ، ويسلب منه الحرية التامة والتساوي بالنسبة إلى كل شيء.
فلأجل الحفاظ على حرية الإنسان وكونه موجودا فعالا بالاختيار ، وحرّا في الانتخاب يجب إنكار كل عقيدة مسبقة (يريد نفي القضاء والقدر) ، وكل مصير يجعله مسيّرا. وهذا هو المراد مما اشتهر منهم بأنّ الإنسان يتكون بلا ماهية. (١)
الخلط بين الماهيتين : العامة والخاصة
إنّ وسائل الإعلام تكيل لمدعم هذا المسلك بصاع كبير وتثني عليه وتجعله في القمة من المفكّرين ، لكن يلاحظ على تلك النظرية بأمرين :
الأوّل : انّ هؤلاء لم يقيموا على مدّعاهم أيّ دليل ، وانّما قالوا : إنّ الصيانة على حرية الإنسان في الحياة تتوقف على إنكار أيّ ماهية مسبّقة على عمله ، وهو أشبه بصنع الدليل بعد انتخاب
__________________
(١). عصر التجزئة والتحليل : ١٢٥.