كتاب اللمع في الرّد على أهل الزّيغ والبدع

المؤلف:

أبي الحسن الأشعري


المحقق: الدكتور حمّوده غرابة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المكتبة الأزهريّة للتراث
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٣٥

والأولاد ، وما أشبه ذلك. ومنها ما لا يجب الصبر عليها كالكفر وسائر المعاصى.

مسألة

فإن قال قائل : فهل قضى الله تعالى المعاصى وقدرها؟ قيل له : نعم ؛ بأن خلقها ، وبأن كتبها وأخبر عن كونها ، كما قال : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) (١) يعنى : أخبرناهم وأعلمناهم وكما قال تعالى : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) (٢) يريد : كتبناها وأخبرنا أنها من الغابرين ، ولا نقول قضاها وقدرها بأن أمر بها.

فان قال : أفقضاء (٣) الله تعالى حق؟ قيل له : من قضاء (٤) الله تعالى الّذي هو خلق ما هو حق كالطاعات وما لم ينه عنه ، ومن قضاء الله تعالى هو خلق ما هو جور كالكفر والمعاصى ؛ لأن الخلق منه حق ومنه باطل ، وأما القضاء الّذي هو أمر القضاء الّذي هو اعلام واخبار وكتاب فحق ، لأنه غير المقضى. ومن أصحابنا من يجيب بأن يقول : قضى (٥) الله المعصية والكفر ويقول بلفظ المعصية والكفر هما باطلان ، ولا يقول بلفظ القضاء انه باطل ؛ لأن قول القائل قضاء الله باطل (يوهم أن قضاءه لا حقيقة له) (٦) كما يقول اذا رأى خشبة

__________________

(١) س ١٧ الآية ٤

(٢) س ٢٧ الآية ٥٧.

(٣) ب : قضضا. وفى ل : قضا.

(٤) ل : نقلها الناسخ : قضا.

(٥) ب وتبعه ل : قضا وصححها م الى قضاء ، ورأيى أن الفعل هنا متعين.

(٦) ما بين قوسين فى الأصل وقد ترك م فى يادته أو زيادة ما يماثله فبقى الكلام ناقصا ، والا فأين خبر فى قوله «لأن قول القائل ...».

٨١

منكسرة بلفظ الخشبة هى منكسرة وهى (١) مع ذلك حجة الله تعالى ، ولا يقول بلفظ الحجة انها منكرة ، لأن هذا يوهم أن حجة الله تعالى لا حقيقة لها فكذلك (يقول) (٢) ان الكفر باطل والكفر قضاء الله تعالى بمعنى أنه خلق الله ، ولا يقول قضاء الله باطل ؛ لأنه يوهم أن لا حقيقة لقضاء الله تعالى ، وهذا كما نقول : الكافر مؤمن بالجبت والطاغوت ، ولا نقول : مؤمن ونسكت ؛ لما فيه من الايهام. ونقول : النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كافر (٣) بالجبت والطاغوت ، ولا نقول كافر (٤) ونسكت لما فيه من الايهام.

مسألة

فان قال قائل : أفترضون بقضاء الله وقدره الكفر؟ قيل له نرضى بأن قضى الله تعالى الكفر قبيحا وقدره فاسدا ، ولا نرضى بأن كان الكافر به كافرا ؛ لأن الله تعالى نهانا عن ذلك. وليس اذا أطلقنا الرضا (٥) بلفظ القضاء وجب أن نطلقه (٦) بلفظ الكفر ، كما لا يجب اذا قلنا ان الخشبة حجة لله تعالى ،

__________________

(١) فى رأيى أن هذه الجملة معطوفة على قوله «منكسره» الأولى على معنى أنها صفة ثانية لقوله «خشبة» ولعل القارئ يلمس ركاكة الأسلوب فى هذا الموضع. ويجوز أن تكون معطوفة على جملة «هى منكسرة» لتدخل فى مقول القول ، ويرشد إليه كلامه الآتى فى القضاء والكفر.

(٢) ليست فى الأصل وقد ترك م زيادتها مع الحاجة إليها.

(٣) يسلم م أن الأصل : «كافر» ولكنه يزيد لاما من عنده كما يزيد «ان» بعد قوله «ونقول ...» وان واللام لا ضرورة لهما.

(٤) ل ، م : الكافر.

(٥) يصححها م خطأ : رضى

(٦) ل : نقلها الناسخ : نعلقه.

٨٢

وان الخشبة مكسورة أن نقول : حجة الله تعالى مكسورة ؛ لأن هذا يوهم (أن) حجة الله تعالى لا حقيقة لها ، فكذلك نطلق الرضا (١) بلفظ القضاء (٢) والقدر ، ولا نطلقه بلفظ الكفر. هذا جواب أصحابنا الذين ذكرنا جوابهم آنفا. ومن أصحابنا من يجيد بأنا (٣) نرضى بقضاء الله تعالى وقدره اللذين أمرنا أن نرضى بهما اتباعا لأمره (لأنه) (٤) لا يتقدم بين يديه ولا يعترض عليه ، وهذا كما نرضى بقاء النبيين (٥) عليهم‌السلام ونكره موتهم ، ونكره بقاء الشياطين ، وكل بقضاء رب العالمين.

مسألة

فان قال قائل : (فأيما خير : الخير ، أو من الخير منه) (٦)؟ قيل له : من الخير منه متفضلا (٧) به فهو خير من الخير ، فان قال : فأيما شر : الشر ، أو من الشر منه؟ قيل له : من كان الشر منه جائرا به فهو شر من الشر.

__________________

(١) ليست فى الأصل ولم يزدها مع انها ضرورية لأنها وما دخلت عليه مفعول بوهم.

(٢) ب وتبعه ل : القضاء.

(٣) ب وتبعه ل : بأن ، وقد أبقاها م كما هى.

(٤) ليس فى الأصل وزيادتها أولى.

(٥) ل : بقاء.

(٦) ل : نقلها الناسخ : «فانما خير الخير منه أو من الخير» فصارت بلا معنى.

(٧) ب وتبعه ل ، م «متصلا» ولكنى أعتقد أن الصواب (منفضلا) لتقابل قوله «جائرا» بعد ذلك ، ولأن نفس السؤال والاجابة موجودان فى الابانة ص ٦٠ (القاهرة ١٣٤٨ ه‍) واللفظ الموجود «متفضلا».

٨٣

مسألة

فان قال : أو تقولون ان الشر من الله تعالى؟ قيل له : من أصحابنا من يقول بأن الأشياء كلها من الله بالجملة ، ولا يطلق بلفظ الشر أنه من الله تعالى ؛ كما يقال : الأشياء كلها لله فى الجملة ولا يقال على التفصيل (١) (الزوجة والولد) (٢) لله تعالى. وكما نقول فى الجملة (٣) : ما دون الله ضعيف ، ولا يقال على التفصيل : دين الله ضعيف فأما أنا فأقول : ان الشر من الله تعالى بأن خلقه شرا لغيره لا له.

مسألة

فان قال : فما معنى قوله تعالى : (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٤)؟ قيل : معنى ذلك أنهم حرفوا وصف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأوهموا السفيه منهم أنه كتابهم (٥) قال الله تعالى : (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ). (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) يعنى أن الله أنزله. قال الله تعالى : (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أى لم أنزل عليهم ذلك كما يدعون.

__________________

(١) ب وتبعه ل التفصيل.

(٢) ب وتبعه ل : «الزوجة الا والولد».

(٣) يزيد الناسخ فى الأصل قبل ذلك : قال الشيخ

(٤) س ٣ الآية ٧٨.

(٥) كذا فى الأصل ولعل الأولى : من كتابهم (التوراة).

٨٤

مسألة

فان قال : فما معنى قوله تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ)؟ قيل له : قال الله تعالى : (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) واحدة فوق الأخرى (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) يعنى فى السموات ؛ لأنه قال : «فارجع البصر» بعد ذكر السموات (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) (١) يعنى من شقوق ، فيه. ثم قال : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) فى السموات والأرض (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً) يعنى معيبا (٢) (وَهُوَ حَسِيرٌ) (٣) يعنى مغلوبا ، لم يذكر الله تعالى الكفر ولا أفعال العباد فى هذه الآية فكون للقدرية فى ذلك حجة.

مسألة

فان قال قائل : فما معنى قول الله تعالى : (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ..) (٤) (٥)؟ قيل له : معنى ذلك أنه يحسن أن يخلق ، كما يقال فلان يحسن الصياغة أى يعلم كيف يصوغ ، فأخبر الله تعالى أنه يعلم أنه كيف يخلق الأشياء.

__________________

(١) س ٦٧ الآية ٣.

(٢) هى فى ب : معيبا بدون نقط فقراها م معينا وهو خطأ.

(٣) س ٦٧ الآية ٤.

(٤) س ٣٢ الآية ٧.

(٥) ب ، ل : «الانسان» ولكن «الأشياء» أنسب بقوله سبحانه : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ).

٨٥

مسألة

فان قال : فما معنى قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً)؟ قيل له : قال الله تعالى (بعد ذلك) (١) : (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢) فدل ذلك على أن المعنى فيها (ما) (٣) خلقتهما (٤) وما بينهما وأنا لا أثيب من أطاعنى ولا أعاقب من عصانى وكفر بى ، لأن الكافرين ظنوا أنهم لا يعادون ولا لهم رجعة فيعاقبون. فبين الله تعالى أنه ما خلق الا ومصير بعضهم الى ثواب ورجوع بعضهم الى العقاب ، وأن الكافرين ظنوا ذلك (٥) (٦) لأنه بين أن ذلك باب الثواب والعقاب ، لأنه تعالى قال : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٧) فأخبر تعالى أن ظن المشركين الذين أنكر عليهم أنهم ظنوا (٨) أنه لا عاقبة يقع فيها تفرقة (٩) بين المؤمنين والكافرين. وقد (١٠) يحتمل :

__________________

(١) ليست فى الأصل.

(٢) س ٣٨ الآية ٢٧

(٣) ليست فى الأصل وقد زدناها مسترشدين بالأشعرى نفسه فى الابانة ص ٥٤ حيث يقول فى معنى هذه الآية : «فقال تعالى ما خلقت ذلك وأنا لا أثيب .. الخ».

(٤) ب وتبعه ل : خلقهما.

(٥) أى أنهم لا يعادون.

(٦) أى خلق السموات والأرض.

(٧) س ٣٨ الآية ٢٨.

(٨) فى رأيى ذلك خبر أن ولا شك فى ركاكة الأسلوب هنا.

(٩) ب وتبعه ل : تقوقه.

(١٠) يزيد الأصل قبل ذلك : قال الشيخ أبو الحسن.

٨٦

(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) أى لم أخلق ذلك أجمع باطلا ؛ لأن الباطل بعض خلق الله تعالى. ويحتمل : ما خلقت ذلك باطلا أى لم اجعله باطلا اذ خلقتهما ؛ لأن الباطل حدث بعد أن خلقتهما. وقد قال الله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (١) فعموم هذا القول يدل على أنه خلق ما بينهما مما حدث من الخلق كالملائكة الذين كانوا بينهما وما خلقه بينهما من أعمال الحيوان فى ذلك الوقت ، فلم قضوا باحدى الآيتين على أن الله تعالى لم يخلق الباطل دون أن يقضوا بالآية الأخرى على أن الله تعالى خلق ما كان بينهما من فعل الملائكة وغيرهم فى ذلك الوقت. ويقال ان كان قول الله تعالى فى المشركين : (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) معناه (٢) : لم يخلقه الله فلم لا تكون الطاعات مخلوقة (له) (٣) لأنها عندكم من عند الله تعالى؟ وان كان الكفر والمعاصى غير مخلوقة لله تعالى لأنها متفاوتة فلم لا تكون الطاعات مخلوقة له لأنها عندكم غير متفاوتة؟ واذا كان قوله سبحانه : (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) على العموم فى كل شيء خلقه الله تعالى فلم لا كان (٤) قوله تعالى : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٥)

__________________

(١) س ٧ الآية ٥٤.

(٢) خبر لقوله قبل ذلك أن كان قول الله إلخ.

(٣) ليست فى الأصل وزيادتها أولى.

(٤) ب وتبعه ل : فلم لا كان ، ولا شك أن صحتها غربية : فلم لم يكن. ولكن هذا أسلوب يستعمله المؤلف كثيرا كما سبق.

(٥) س ٦ الآية ١٠٢.

٨٧

(على العموم) (١) فى كل شيء هو غيره؟ فان قال : فما معنى قوله : (ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) (٢)؟ قيل له : خلق الله ذلك بأن (٣) قال له (٤) : (لكِنْ) فالحق قوله لهما : كونا (٥) فكاننا.

مسألة

ويقال لأهل القدر : أليس قول الله تعالى : (بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦) يدل على أنه لا معلوم الا والله به عالم؟ فاذا قالوا : نعم. قيل لهم : ما أنكرتم أن يدل قوله تعالى : (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧) على (٨) أنه لا مقدور الا والله عليه قادر ، وأن يدل قوله تعالى : (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) على أنه لا محدث مفعول الا والله محدث له فاعل خالق.

مسألة

ان سأل سائل عن قول الله تعالى : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ). فالجواب أن الآية انما نزلت فى العهود التى كانت بين المشركين وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛

__________________

(١) ليست فى الأصل.

(٢) س ١٥ الآية ٨٥.

(٣) ب وتبعه ل ، م : فان.

(٤) ل : تركها الناسخ.

(٥) ب وتبعه ل : بهما.

(٦) س ٤٢ الآية ١٢.

(٧) س ٢ الآية ٢٠.

(٨) يكرر ب وتبعه كلمة «يدل» قبل قوله «على» وتركها واجب.

٨٨

لأن الله تعالى قال : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) (١). فأجلهم (٢) الله أربعة أشهر. ثم قال : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) يقول واعلام من الله ورسوله (٣) (إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) يعنى من العهود التى كانت بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبينهم (٤) اذا انقضت الأربعة الأشهر ثم استثنى قوما من المشركين يقال انهم من بنى كنانة فقال : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) (٥) الى انقضاء مدتهم. على أن الله تعالى ذكر المشركين ولم يقل من شركهم ، ولو كان قوله تعالى : (بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يدل على أنه لم يخلق شركهم لدل على أنه لم يخلقهم ؛ لأنه تعالى برئ من المشركين ومن شركهم. ولو كان قوله تعالى (بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٦) يوجب أنه ما خلق شركهم للزم القدرية اذ قال انه ولى المؤمنين (٧) أنه خلق ايمانهم. فلما لم بكن هذا عندهم هكذا بطل ما قالوه.

__________________

(١) س ٩ الآية ١٠.

(٢) ب ، ل ، م : فأحلهم بالحاء وتصح مع التأويل.

(٣) س ٩ الآية ٢.

(٤) ب وتبعه ل : بينه.

(٥) س ٩ الآية ٧.

(٦) ل : ما بين قوسين قد تركه الناسخ.

(٧) أو تبعه ب ، م : فقد. ولا شك أن اللفظ الصحيح هنا هو «أنه» لأن أن وما دخلت عليه فى تأويل مصدر فاعل لقوله «للزم ...».

٨٩

مسألة

ان قال قائل : حدثونا عن توأمين كانا فى برية فوقع بقلب أحدهما أن الله واحد : من ألقى ذلك فى قلبه؟ قلنا له : الله تعالى فإن قال : أفحق ما ألقاه بقلبه؟ قيل له : نعم. فان قال : أفصدقه فيما (١) ألقاه بقلبه؟ قيل (له) (٢) : صدق الله تعالى لا يكون الا كلامه ، وما وقع بقلب الانسان ليس بكلام الله تعالى فيقال ان الله تعالى صدقه فيه.

فان قال : فإن الآخر وقع فى قلبه أن الله ثالث ثلاثة : من ألقى ذلك بقلبه؟ قيل له : الله. فان قال : أفباطل ما ألقاه بقلبه؟ قيل له : نعم. فان قال : أفصدقه فيما ألقاه بقلبه أم كذبه؟ قيل (له) (٣) : خطأ أن يقال له صدقه فيه ؛ لأن صدق البارى من صفات نفسه وهو كلامه ، وخطأ أن يقال كذبه فيه ؛ لأن الكذب لا يجوز على البارى تعالى ؛ لأنه مستحيل أن يكذب ، وليس يجب اذا خلق كذبا لغيره وكذبا فى قلب غيره أن يكون كاذبا ، كما لا يجب اذا خلق قدرة فى غيره وإرادة فى غيره وحركة فى غيره أن يكون بذلك قادرا مريدا متحركا.

مسألة

فان قالوا : لم سميتمونا قدرية؟ قيل لهم : لأنكم تزعمون فى أكسابكم أنكم تقدرونها وتفعلونها مقدرة لكم دون خالقكم ، والقدرى (٤) هو من ينسب ذلك لنفسه ، كما أن الصائغ

__________________

(١) ب ، ل : ما القاه.

(٢) ليست فى الأصل.

(٣) ليست فى الأصل.

(٤) ل نقلها الناسخ : والقدر.

٩٠

هو من يعترف بأنه يصوغ دون من يرغم أنه يصاغ له ، والنجار هو من يدعى أنه ينجر دون من يعترف بأنه ينجر له ولا ينجر شيئا ، وكذلك القدرى من يدعى أنه يفعل أفعاله مقدرة (له) (١) دون ربه ، ويزعم أن ربه لا يفعل من اكتسابه شيئا.

فان قال : فيلزمكم أن تكونوا قدرية لأنكم تثبتون (٢) القدر قيل لهم : نحن نثبت أن الله تعالى قدر أعمالنا وخلقها مقدرة لنا ولا نثبت ذلك لا نفسنا. فمن أثبت القدر لله تعالى وزعم أن الأفعال مقدرة لربه لا يكون قدريا ، كما أن من أثبت الصياغة (٣) والنجارة لغيره لا يكون صائغا ولا نجارا ، ولو (٤) كنا قدرية بقولنا ان الله فعل أفعالنا مقدرة (لنا) (٥) لكانوا قدرية بقولهم أن الله تعالى فعل أفعاله كلها مقدرة له. ولو كنا بقولنا ان الله تعالى قدر المعاصى قدرية لكانوا بقولهم ان الله قدر الطاعات قدرية. فلما لم يكن ذلك كذلك بطل ما قالوه.

__________________

(١) ليست فى الأصل.

(٢) ل : نقلها الناسخ : تثبتوا.

(٣) ب وتبعه ل : الصاغة.

(٤) ل : نقلها الناسخ : أو لو.

(٥) ليست فى الأصل وزيادتها أولى.

٩١

(٦)

باب الكلام فى الاستطاعة

ان قال قائل : لم قلتم ان الانسان يستطيع باستطاعة هى غيره؟ قيل له : لأنه يكون تارة مستطيعا وتارة عاجزا ، كما (١) يكون تارة عالما وتارة غير عالم ، وتارة متحركا وتارة غير متحرك ، فوجب أن يكون مستطيعا (٢) بمعنى هو غيره ، كما وجب أن يكون عالما بمعنى هو غيره ، وكما وجب أن يكون متحركا بمعنى هو غيره ، لأنه لو كان مستطيعا بنفسه أو بمعنى يستحيل مفارقته له ، لم يوجد الا وهو مستطيع ؛ فلما وجد مرة مستطيعا ومرة غير مستطيع صح وثبت أن استطاعته غيره.

فان قال قائل : فاذا أثبتم استطاعة هى غيره فلم زعمتم أنه يستحيل تقدمها للفعل؟ قيل له ، زعمنا ذلك من قبل أن الفعل لا يخلو أن يكون حادثا مع الاستطاعة فى حال حدوثها أو بعدها ؛ فان كان حادثا معها فى حال حدوثها فقد صح أنها مع الفعل للفعل ؛ وان كان حادثا بعدها ـ وقد دلت الدلالة على أنها لا تبقى ـ وجب حدوث الفعل بقدرة معدومة ؛ ولو جاز ذلك لجاز أن يحدث العجز بعدها فيكون الفعل واقعا بقدرة معدومة (٣) ، ولو جاز أن يفعل فى حال

__________________

(١) ب : بما.

(٢) ب وتبعه ل : «متحركا».

(٣) كذلك فى الأصل ولعل الأولى كى يريد جديدا أن يقول مع وجود العجز.

٩٢

هو فيها عاجز بقدرة معدومة لجاز أن يفعل بعد (١) مائة سنة من حال حدوث القدرة وان كان عاجزا فى المائة سنة كلها بقدرة (٢) عدمت من مائة سنة وهذا فاسد. وأيضا فلو جاز حدوث الفعل مع عدم القدرة ووقع الفعل بقدرة معدومة لجاز وقوع الاحراق بحرارة نار معدومة وقد قلب الله النار بردا ، والقطع بحد سيف معدوم وقد قلب الله السيف قصبا ، القطع (٣) بجارحة معدومة وذلك محال ؛ فاذا استحال ذلك وجب أن الفعل يحدث مع الاستطاعة فى حال حدوثها.

فان قالوا : ولم زعمتم أن القدرة لا تبقى؟ قيل لهم (٤) : لأنها لو بقيت لكانت لا تخلو أن تبقى لنفسها أو لبقاء يقوم بها ؛ فان كانت تبقى لنفسها وجب أن تكون نفسها (٥) بقاء لها وأن لا توجد الا باقية ، وفى هذا ما يوجب (٦) أن تكون باقية فى حال حدوثها. وان كانت تبقى ببقاء يقوم بها ، والبقاء صفة ، فقد قامت الصفة بالصفة والعرض بالعرض ، وذلك فاسد (٧) ولو جاز أن تقوم بالصفة صفة لجاز أن تقوم بالقدرة قدرة ، وبالحياة حياة ، وبالعلم علم ، وذلك فاسد.

__________________

(١) ل : نقلها الناسخ : بعدها.

(٢) متعلق بقوله قبل ذلك «أن يفعل».

(٣) كذلك فى الأصل ولعل الأولى أن يقول : البطش.

(٤) ب ، ل : له.

(٥) اسم لقوله : «تكون».

(٦) ب وتبعه ل : يجب.

(٧) لقائل أن يقول : أن البقاء أمر اعتبارى لأنه عبارة عن استمرار الوجود وعلى ذلك فلا مانع أن تتصف به الصفة.

٩٣

(فان) (١) قال : فما أنكرتم أن تكون القدرة على الشيء قدرة عليه وعلى ضده؟ قيل له : لأن من شرط القدرة المحدثة أن يكون فى وجودها وجود مقدورها ؛ لأن ذلك لو لم يكن من شرطها وجاز وجودها وقتا (ولا مقدور ، لجاز وجودها وقتين وأكثر من ذلك ، اذ لا فرق بين وقت) ووقتين وأكثر ، ولو كان هذا هكذا لجاز وجودها الأبد وهو (٢) فاعل غير فاعل على وجه من الوجوه. ألا ترى أنه لما لم يكن (من شرط) (٣) قدرة القديم أن فى وجودها وجود مقدورها وجاز وجودها ولا فعل ، لم يستحل أن لا تزال موجودة ولا فعل على وجه من الوجوه فلما استحال أن تكون قدرة الانسان الأبد موجودة ولا يوجد (٤) منه فعل لا أخذ (٥) ولا ترك ، ولا طاعة ولا عصيان ، والأمر والنهى قائمان ، استحال (٦) ذلك وقتا واحدا ، واذا استحال وقتا واحدا أن توجد القدرة ولا مقدور فقد وجب أن من (٧) شرط قدرة الانسان أن فى وجودها وجود مقدورها ؛ فاذا كان ذلك استحال

__________________

(١) ليست فى الأصل.

(٢) أى من قامت به القدرة وهو مفهوم من السياق.

(٣) يكرر ب وتبعه ل قوله : «من شرط» مرتين.

(٤) ب : بوجود وقد اختار م أن يغيرها الى موجود.

(٥) ب وتبعه ل : لأخذ.

(٦) جواب لقوله قبل ذلك «فلما استحال الخ ..».

(٧) يزيد م كلمة (يكون) قبل قوله : «من شرط ..» ولا ضرورة لها على شرط أن نقرأ «أن» بتشديد النون.

٩٤

أن يقدر الانسان على الشيء وضده ؛ لأنه لو قدر عليهما لوجب وجودهما ، وذلك محال.

فان قال قائل : ما أنكرتم أن تكون قدرة واحدة على ارادتين وعلى حركتين أو على مثلين؟ قيل له : انا أنكرنا (١) ذلك من قبل (أن) (٢) القدرة لا تكون قدرة الا على ما يوجد معها فى محلها ، فلو كانت قدرة واحدة على حركتين لم يخل أن تكون قدرة على حركتين (أن (٣) يوجدا معا فى حال حدوثها ، أو على حركتين أن تكون واحدة بعد (٤) أخرى. فان كانت قدرة على حركتين أن يكونا معا فقد وجبت حركتان فى موضع واحد فى وقت واحد ، ولو جاز هذا لجاز ارتفاع احدى الحركتين الى ضدها من السكون ، فيكون الجوهر متحركا عن المكان ساكنا فيه فى وقت واحد ، وهذا المحال. وان كانت قدرة على حركتين توجد (٥) احداهما (٦) بعد الأخرى فقد قام الدليل والبرهان على أن القدرة لا تبقى ، وهذا يوجب جواز وجود الفعل بقدرة معدومة. وهذا مما قد بينا فساده.

ومما يدل على أن الاستطاعة مع الفعل للفعل : أن من لم يخلق الله تعالى له استطاعة محال أن يكتسب شيئا ، فلما استحال

__________________

(١) ب وتبعه ل : أن أنكرنا.

(٢) ل : تركها الناسخ.

(٣) ل : تركها الناسخ.

(٤) ل : نقلها الناسخ : تعد.

(٥) يزيد م أن قبل قوله : «توجد» ولا لزوم لها لأن الجملة واقعة صفة لقوله : «حركتين».

(٦) ب : أحدهما.

٩٥

أن يكتسب الفعل اذا لم تكن استطاعة ، صح أن الكسب انما يوجد لوجودها ، وفى ذلك اثبات وجودها مع الفعل للفعل.

فان قالوا : أليس (١) فى عدم الجارحة عدم الفعل؟ قيل لهم : فى عدم الجارحة عدم القدرة ، وفى عدم القدرة عدم الاكتساب ؛ لأنها اذا عدمت عدمت القدرة فلعدم القدرة (ما استحال) (٢) الكسب اذا عدمت الجارحة لا (٣) لعدم الجارحة ولو عدمت الجارحة ووجدت القدرة لكان الاكتساب واقعا. ولو كان انما استحال الاكتساب لعدم الجارحة لكانت اذا وجدت وجد الكسب ؛ فلما كانت توجد ويقارنها العجز وتعدم القدرة فلا يكون كسب (٤) علم أن الاكتساب انما يقع لعدم الاستطاعة لا لعدم الجارحة.

فان قالوا : أفليس فى عدم الحياة عدم الكسب؟ قيل لهم : نعم ؛ لأن الحياة اذا عدمت عدمت القدرة ، فلعدم القدرة ما (٥) استحال الكسب لا لعدم الحياة. ألا ترون أن الحياة تكون موجودة وثم عجز فلا يكون الانسان مكتسبا ، فعلم أن الكسب لم يعدم لعدمها ولا يوجد لوجودها. والجواب فى الحياة كالجواب فى الجارحة.

__________________

(١) ب : نقلها الناسخ : أفليس.

(٢) كذا فى الأصل و «ما» ليست نافية قطعا فأما أن نقول زائدة أو نقول أنها هنا مصدرية ويكون المعنى فلعدم القدرة استحالة الكسب.

(٣) ب وتبعه ل : الا.

(٤) أو تبعه ب : كسبا.

(٥) ثم هنا ظرف لا حرف عطف ، والمعنى : هناك عجز.

٩٦

فان قالوا : اذا كان فى عدم الاحسان للحياكة (١) عدم الحياكة فلم لا يكون فى وجود الاحسان (٢) لها وجودها؟ قيل (لهم) (٣) ان الحياكة تعدم لعدم قدرتها ، لا لعدم احسانها ، ولو عدمت الحياكة لعدم الاحسان لها لوجدت بوجود الاحسان لها ؛ فلما لم يكن ذلك كذلك وكان الاحسان لها يجامعه العجز ، علم أنها انما تعدم لعدم القدرة عليها ، ولو أجرى الله تعالى العادة أن يخلق القدرة عليها مع عدم الاحسان لها لوقعت الحياكة لا محالة.

فان قالوا : فاذا كان فى عدم التحلية والاطلاق (٤) عدم الفعل ففى (٥) وجودها وجود الفعل. قيل لهم : كذلك نقول. فان قالوا : فاذا كان فى عدم احتمال البنية للفعل عدم الفعل فلم لا يكون فى وجوه احتمال البنية للشيء وجوده (٦) قيل لهم (٧) : كذلك نقول ؛ لأن البنية لا تحتمل الا ما يقوم بها.

(وكل ما تعارضوننا) (٨) به فى هذه العلة فالجواب فيه كالجواب فى الجارحة والحياة ؛ لأنه ليس عدم الكسب لعدمه.

__________________

(١) ب : نقلها الناسخ : الحيالة : وكذا فى سائر المواضع بعدها.

(٢) ب ، ل : الأجسام.

(٣) ليست فى الأصل.

(٤) لعل المراد من التحلية تهيئة الفاعل بقوى الاكتساب ، والمراد من الاطلاق تمكين الفاعل من الفعل وعدم الحيلولة بينة وبينة.

(٥) ل : نقلها الناسخ : هى.

(٦) ب : نقلها الناسخ : وجود ما

(٧) ب : وتبعه ل : له.

(٨) ب وتبعه ل «وكلما تعارضونا به» وقد أبقاها م كما هى مع أن ما موصولة.

          (٧ ـ كتاب اللمع)

٩٧

ومما يدل على أن الاستطاعة مع الفعل قول الخضر لموسى عليهما‌السلام : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (١) فعلمنا أنه لما لم يصبر لم يكن للصبر مستطيعا ، وفى هذا بيان أن ما لم تكن استطاعة لم يكن الفعل وأنها اذا كانت كان لا محالة. ومما يبين ذلك أن الله تعالى قال : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) (٢) وقال : (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) (٣) لو قد أمروا أن يسمعوا الحق وكلفوه ، فدل ذلك على جواز تكليف ما لا يطاق وأن من لم يقبل الحق ولم يسمعه على طريق القبول لم يكن مستطيعا. فان قالوا : ألا يستطيعون الاستقبال؟ قيل لهم : ما الفرق (بينكم وبين من قال انهم لا يستطيعون قبول الحق للاشتغال بتركه

مسألة

فان قال قائل : أليس قد كلف الله تعالى الكافر الايمان؟ قلنا له نعم. فان قال : أفيستطيع (٤) الايمان؟ قيل له : لو استطاعه لآمن : فان قال : أفكلفه (٥) ما لا يستطيع؟ قيل له : هذا كلام على أمرين ان أردت بقولك أنه لا يستطيع الايمان لعجزه عنه فلا ، وان أردت أنه لا يستطيعه لتركه واشتغاله بضده فنعم. فان قال : ما أنكرتم أن يكون الله تعالى كلف الكافر ما يعجز عنه لتركه له قيل له : العجز عن الشيء أنه يخرج عنه وعن ضده : فلذلك استحال أن يعجز

__________________

(١) س ١٨ الآية ٦٧.

(٢) س ١١ الآية ٢٠.

(٣) س ١٨ الآية ١٠١.

(٤) ب وتبعه ل ، م : فيستطيع.

(٥) ب وتبعه ل ، م : فكلفه.

٩٨

العاجز عن الشيء لتركه له. فان قال : ما أنكرت أن يكون القادر على الشيء قادرا على ضده كما كان العاجز عن الشيء قوة على ضده قياسا على العجز للزم عاجزا عن ضده أقيل : لو كانت القوة على الشيء قوة أن يكوم العون على الشيء عونا على ضده قياسا على أن العجز عن الشيء عجز عن ضده. وأيضا فلو كانت القدرة على الشيء قدرة على ضده قياسا على العجز ـ لأن العجز عن الشيء عجز عن ضده ـ لوجب القدرة (ما وجب فى العجز من أنه يتأتى (١) بها الشيء وضده كما يتعذر بالعجز الشيء وضده ، (وذلك أن) (٢) العجز اذا (وجد) (٣) عدم الشيء وضده المعجوز عنهما مع وجوده فلم يكن الانسان مكتسبا لهما فكان (٤) يلزم فى القدرة مثله اذا وجدت وهى القدرة على الشيء وضده أن يوجد الشيء وضده معها ، لأنه يجب وجود (٥) الضدين مع وجودها ؛ بخلاف ما يحكم به فى العجز ، لأن العجز يحكم فيه بعدم المعجوز عنه وضده مع وجوده (٦) ، فان لم يجز هذا فقد بطلت العلة وانقضت المعارضة ولم يجب أن تقاس القدرة على العجز اذا (٧) لم تكن علة تجمع بينهما ولم تكن القدر) من جنس العجز.

__________________

(١) ب وتبعه ل : يتاتا.

(٢) ب ، ل ، م : «ولكان».

(٣) ليست فى الأصل.

(٤) ب ، ل ، م : «لكان».

(٥) ب وتبعه ل : من وجود.

(٦) أى العجز ولعل هذه الفقرة هى أشد فقرات الكتاب ربكا وارتباكا.

(٧) ب وتبعه ل : اذا.

٩٩

فان قالوا : أفيجوز أن يكلف الله تعالى الشيء مع عدم الجارحة ووجود العجز؟ قيل لهم (لا) (١) ، لأن المأمور انما يؤمر ليقبل أو ليترك (٢) ومع عدم الجارحة لا يوجد أخذ ولا ترك ، وكذلك العجز لا يوجد معه أخذ ولا ترك ، (لأنه) (٣) عجز عن الشيء وعن ضده (٤).

وأيضا فلو وجب اذا أمر الله تعالى الانسان بالشيء مع عدم قدرته أن يأمر (٥) به مع عدم القدرة كلها لوجب (٦) اذا أمر الله تعالى الانسان مع عدم بعض العلوم وهو العلم بالله تعالى وبأنه أمر أن يأمره (٧) بالفعل مع عدم العلوم كلها فان لم يجب هذا لم يجب اذا أمر الانسان مع عدم القدرة على ما أمره به أن يأمر (٨) مع عدم الجارحة التى اذا عدمت عدمت القدرة كلها ومع وجود العجز الّذي لم تعدم القدرة بوجوده. وكل مسألة (٩) فى تكليف ما لا يطاق من الأمر بالزكاة مع عدم

__________________

(١) ليست فى الأصل.

(٢) ل : نقلها الناسخ : لترك.

(٣) أو تبعه ب : لا.

(٤) يقوع : لعل : «جارحته» تعطى معنى وهو خطأ لأن المقصود بعدم القدرة هنا العدم الناشئ عن الاهمال والترك قصدا والمقصود بالقدرة كلها عدم الجارحة.

(٥) فاعل لقوله «فلو وجب».

(٦) جواب لقوله «فلو».

(٧) فاعل لقوله «لوجب».

(٨) ب وتبعه ل : فأمر.

(٩) يزيد الناسخ فى الأصل : قال للشيخ أبو الحسن رحمه‌الله وكل ... الخ.

١٠٠