كتاب اللمع في الرّد على أهل الزّيغ والبدع

المؤلف:

أبي الحسن الأشعري


المحقق: الدكتور حمّوده غرابة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المكتبة الأزهريّة للتراث
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٣٥

المال وغير ذلك من المسائل فالجواب عنه كما أجبت به عن سؤالهم عن الأمر مع عدم الجارحة والتكليف مع وجود العجز.

فان قال قائل : ما أنكرتم أن يعدم الشيء وضده لوجود عجزين؟ قيل له : لأنه (لا) (١) نهاية لما يعجز عنه الانسان العاجز الّذي لا قدرة فيه ، فلو كان العجز عن كل شيء (٢) غير العجز (عن) (٣) غيره لكان فى الانسان من الاعجاز ما لا يتناهى وهذا محال. وأيضا فان الموت هو أكبر الأعجاز لأنه تتعذر (٤) معه الأفعال كلها ، فلو كان العجز عن كل شيء (٥) غير العجز عن غيره لكان بعض الميتين (٦) انما تعدم منه الأفعال (٧) لوجود أعجاز ، وهذا يوجب أن فى الجزء الواحد عجزين وموتين. ولو جاز هذا لجاز أن يرتفع أحدهما الى حياة فيكون الجزء الواحد حيا ميتا فى حال معا ، وهذا محال فلما استحال هذا علم أنه محال فى (٨) قول من قال ان العجز عن كل (٩) شيء غير العجز عن غيره. وبالله التوفيق.

__________________

(١) ليست فى الأصل وزيادتها تكاد تكون ضرورية بقليل من التأمل. وقد ترك زيادتها م.

(٢) كذا فى الأصل ولعل الصواب : عن أى شيء.

(٩) كذا فى الأصل ولعل الصواب : عن أى شيء.

(٣) ليست فى الأصل.

(٤) ل : نقلها الناسخ : تغدر.

(٥) ل : نقلها الناسخ : المسن.

(٦) ب وتبعه ل : للأفعال.

(٧) ب وتبعه ل : موت.

(٨) كذا فى الأصل ولعل الأولى حذف فى.

١٠١

مسألة

فان قال قائل : خبرونا عمن طلق امرأته وأعتق عبده : متى استطاع طلاق امرأته وعتق عبده؟ قيل له : استطاع عتق عبده فى حال العتق ، واستطاع طلاق امرأته فى حال الطلاق. فان قال : أفاستطاع أن يطلق من ليس امرأته وأن يعتق من ليس عبده؟ قيل له : استطاع أن يطلق من ليست امرأته فى حال الطلاق وقد كانت امرأته قبل ذلك ، وأن يعتق من ليس عبده فى حال العتق وقد كان عبده قبل ذلك. وكذلك الجواب فى القاء العصا والانتقال من الشمس الى الظل وعن كسر المكسور (١).

مسألة

فان قال قائل : خبرونا عن قول الله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) (٢).

__________________

(١) ليس ما ورد هنا هو بعينه ما يوجد بالأصل وللأمانة العلمية رأيت اثبات النص هنا كما هو فى الأصل : «فان قال خبرونا عمن طلق امرأته وأعتق عبده متى استطاع عتق عبده فى حال العتق واستطاع طلاق امرأته فى حال الطلاق فان قالوا فاستطاع أن يطلق من ليست امرأته وأن يعتق من ليس عبده قيل له استطاع أن يطلق من ليست امرأته وأن يعتق من ليس عبده قيل له استطاع أن يطلق من ليست امرأته فى حال الطلاق وقد كانت امرأته قبل ذلك وأن يعتق من ليس عبده فى حال العتق وقد كان عبده قبل ذلك كما أنه طلق من ليس امرأته فى حال الطلاق وقد كانت قبل ذلك امرأته واعتق من ليس عبده فى حال العتق وقد كان عبده قبل ذلك. وكذلك الجواب فى القاء العصا والانتقال من الشمس الى الظل وعن كسر المكسور».

(٢) س ٢ الآية ١٨٢

١٠٢

قيل له : يحتمل أن يكون الله تعالى أراد الذين يطيقون الاطعام ويعجزون عن الصيام عليهم الفدية اذا أفطروا ، ويحتمل أن يكون أراد الذين يطيقون الصيام أن تكلفوه وأرادوه على قول من رجع بالهاء (١) الى مذكور تقدم وهو (٢) الصيام. وقد قالت المعتزلة : لا يجوز أن يرجع بها (٣) الا الى مذكور تقدم وهو الصيام. قيل (٤) لهم : التأويل الّذي تأولناه هو (٥) تأويل بعض المتقدمين وليس النحويون حجة على الصحابة والتابعين ، على أن كثيرا من النحويين قد أجازوا أن لا يرجع بالهاء الى مذكور تقدم. ثم نكر على المعتزلة راجعين فنقول لهم : حدثونا عن قول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها) «يعنى آدم وحواء (فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) يعنى حواء (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٦) ـ يريد آدم وحواء. وقوله (٧) تعالى (بعد ذلك) (٨) (فَلَمَّا آتاهُما) (٩) زعمت المعتزلة أن الهاء والميم لم يرجع بهما الى

__________________

(١) المقصود بالهاء هنا هو الضمير فى قوله «يطيقونه».

(٢) ب وتبعه ل : على.

(٣) أى الهاء وهى الضمير فى قوله «يطيقونه».

(٤) لعل الأولى أن يقول : فقيل لهم.

(٥) ب وتبعه ل : وهو بالواو وقد أبقاها م قائلا أظن أنها زائدة وهى زائدة قطعا والا فأين خبر المبتدا «التأويل».

(٦) س ٧ الآية ١٨٩.

(٧) معطوف على قوله قبل ذلك حدثونا على عن قول الله تعالى.

(٨) ليست فى الأصل.

(٩) أى صالحا س ٧ الآية ١٩١.

١٠٣

ما تقدم ذكره بل رجع بهما الى المشركين من ولدهما فنقضوا قولهم ان الهاء لا يرجع بها الا الى مذكور قد تقدم ذكره. وقد قرأها بعض الصحابة» «وعلى الذين يطيقون فدية» وكان تأويله (١) أنهم (٢) يحملونه ولا يطيقونه.

مسألة

وقد سألوا عن قول الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٣) فالجواب أن الله تعالى أراد المال وهو الزاد والراحلة ولم يرد استطاعة البدن التى فى كونها كون مقدورها وقيام الدلالة من القياس على أن الاستطاعة مع الفعل يصح تأويلنا ويبطل تأويل مخالفينا.

مسألة

ان قال قائل : ما معنى قول الله تعالى : (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) (٤) هل يخلو أن يكونوا مستطيعين الخروج فلم يخرجوا أو (٥) لو استطاعوا الخروج لم يخرجوا؟ فالجواب : انهم عنوا بالاستطاعة الجدة والمال وحلفوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنهم لا مال لهم ولا ظهر يحملون به

__________________

(١) ل : نقلها الناسخ : تأويلهم.

(٢) ل : نقلها الناسخ : أنه.

(٣) س ٣ الآية ٩٧.

(٤) س ٩ الآية ٤٢ وبقيتها (يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فلما ذا كذبهم الله؟ يقول المعترض هل يخلو .. الخ.

(٥) ب وتبعه ل ، م «و» وهى «أو» قطعا وألا لم يحصل الترديد.

١٠٤

مع نبى الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأكذبهم الله فى حلفهم ، لأنهم كانوا يجدون المال ، ولم تكن المناظرة بينهم وبين رسول الله فى أن الاستطاعة مع الفعل أو قبله ، انما كانت المحاورة (١) بينهم وبينه فى الجدة (٢) والظهر. وهكذا ذكر أهل التفسير ونقلة الأخبار وحملة (٣) الآثار. واذا كان هذا هكذا فنحن لا ننكر تقدم المال للفعل ، وانما أنكرنا ثم تقدم استطاعة البدن للفعل.

مسألة

فان سألوا عن قول الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (٤) فقد يحتمل أن يكون الله تعالى أراد اتقوا الله ما كنتم مستطيعين فان كانوا للتقوى مستطيعين كان عليهم أن يتقوا ، وان كانوا لتركه (٥) مستطيعين فعليهم أن يتقوا ، لأن التقوى لا يلزمهم الا أن يستطيعوه (٦) أو يستطيعوا تركه (٧) وقد يحتمل اتقوا الله فيما استطعتم.

__________________

(١) ب ل : المحارة وصححها الى المجاراة.

(٢) أو تبعه ب : الحدة.

(٣) ب نقلها الناسخ : وجملة.

(٤) س ٦٤ الآية ١٦

(٥) كذا فى ب وتبعه ل ، م ولعل الأولى : لتركها ، لأن كلمة التقوى مؤنث مجازى

(٦) كذا فى ب وتبعه ل. م ولعل الأولى يستطيعوها للسبب المتقدم.

(٧) كذا فى ب أيضا وتبعه ل ، م لعل الأولى كما قلت : تركها.

١٠٥

مسألة

ومن سأل عن قوله تعالى : (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) (١) فالجواب : أن من لم يستطع لعجز فعليه إطعام ستين مسكينا.

ومن سأل عن قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) (٢) فالمعنى أنه لا يكلفها من النفقة الا ما آتاها ، لأنه قال ذلك عقيب (٣) ذكر النفقة ؛ قال : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ ، لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها).

ومن سأل عن قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٤) فالجواب عن ذلك أن الله تعالى لا يكلفها ما يضيق عليها من ازالة (٥) الخواطر عن النفوس التى تدعو الى الشر ؛ لأن الله تعالى قد تجاوز عن ذلك ووسع على المسلمين فيما تدعوهم نفوسهم إليه من المعصية اذا لم يرتكبوا ذلك بعد أن كان ذلك مضيقا عليهم. فمعنى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) يعنى الا ما تطيقه عليها ؛ لأن ما أمر الله تعالى به عباده لا يضيق عليهم فعله ولا يعجزون عن الاتيان به. وقد قال بعض أصحابنا : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) يعنى الا ما يسعها ويحل لها.

__________________

(١) س ٥٨ الآية ٤.

(٢) س ٦٥ الآية ٨.

(٣) ل : نقلها الناسخ : عقب.

(٤) س ٢ الآية ٢٨٦.

(٥) ل : نقلها الناسخ : ان إله.

١٠٦

ومن سأل عن قول الله تعالى مخبرا عن العفريت : (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) (١) فان (٢) كان (٣) العفريت صادقا فالمعنى فى قوله : «وانى عليه لقوى أمين» ان تكلفت ذلك وأردته (٤) فان (٥) كان ممن اذا أراد ذلك أحدث الله تعالى له القدرة عليه لم يكن كاذبا ، وان لم يقل هذا القول على هذا المعنى فهو كاذب ، وليس فى قول العفاريت والشياطين حجة على دين رب العالمين ، زعمت المعتزلة أن (٦) العفريت لم يكذبه سليمان وهو نبى من أنبياء الله تعالى على (٧) قوله : (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ). ولا يجوز لأحد أن يكذب بين يدى نبى وهو يعلم أنه اذا كذب رد الله عليه كذبه على لسان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما قال لنبيه (٨) : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) (٩) فأخبر الله تعالى بكذبهم. ومثل ذلك فى القرآن كثير ، واحتجوا بذلك أن الاستطاعة قبل الفعل

__________________

(١) س ٢٧ الآية ٣٩.

(٢) بدء الاجابة وقد رادم قبلها بعد أن حذف «الفاء» منها (فالجواب عن ذلك) ولا ضرورة لكل هذا.

(٣) أو تبعه ب : كانت

(٤) ب وتبعه ل : وأرادته.

(٥) ب ل ، م : وان ، والمقام للفاء.

(٦) ل : نقلها الناسخ : لو أن.

(٧) كذا فى ب وتبعه ل ولعل الأولى فى

(٨) المقصود به نبى الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام.

(٩) س ٦٣ الآية ١ ونصها (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ).

١٠٧

فبئس ما قالوا (١) وظنوا بل سولت لهم أنفسهم الأباطيل. فالجواب أن نقول لمن احتج علينا بذلك : انه ليس تخلو هذه الآية التى حكاها الله تعالى عن العفريت أن يكون العفريت عنى بقوله : (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) ان استطعت ذلك وتكلفته وأردته ، أو يكون عنى بقوله : (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) ان شاء الله ، أو يكون عنى بقوله ، ان قوانى الله تعالى عليه. ولو لم يعلم سليمان أن العفريت أضمر (٢) شيئا من ذلك لكذبه ورد عليه قوله. والدليل فى ذلك قول الله تعالى : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) (٣) وقد جاء فى التفسير : لا خلاف بين أحد من الموحدين فى (٤) أنهم (كانوا) (٥) فى كل يوم يأملون أن يصبحوا (٦) وقد فتحوه ولا يقولون ان شاء الله ، فاذا كان المقدر قالوا : ان شاء الله فأصبحوا وقد فتحوه ؛ فدل (أن لا استطاعة) (٧) لهم قبل الفعل الا مع الفعل للفعل بإرادة الله ذلك. وقول (٨) الله تعالى فى صاحب يوسف :

__________________

(١) ب «مالوا» وقد اختار ل ، م أن تكون «بالوا».

(٢) ب وتبعه ل : أضمره

(٣) س ١٨ الآية ٩٧.

(٤) ب وتبعه ل ، م فيه.

(٥) ليست فى الأصل ولم يزدها م.

(٦) ب : يصحوان ، وفى : يصحوان.

(٧) ل : نقلها الناسخ : أن الاستطاعة.

(٨) معطوف على قوله ذلك : «والدليل فى ذلك قول الله تعالى (فما اسطاعوا) إلخ».

١٠٨

(فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) (١) أنسى الشيطان الناجى (٢) أن يذكر يوسف عند الملك فلم يكن للناجى استطاعة أن يذكر أمر يوسف للملك اذ كان قد وعد يوسف بأن يذكره عند ربه قبل خروجه من السجن ، وكان ذلك لتمام مراد الله تعالى بيوسف الى الوقت المعلوم الّذي رأى الملك فيه الرؤيا. وأيضا قول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٣) فأمر الله تعالى نبيه بأن لا يقدم على فعل شيء يقع فى نفسه لم يأت أن يستثنى فى قوله ، وأخبر (٤) الله تعالى نبيه أن لا يكون قولك هذا كائنا (٥) قبل فعلك له (الا) (٦) ان أردت أنا ذلك ، فسلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأمر الله تعالى. وقول موسى : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٧) فلم يقدروا اذ رأوا العذاب الملجئ لهم الى الايمان أن يؤمنوا

__________________

(١) س ١٢ الآية ٤٢.

(٢) ب وتبعه ل ، م للناجى.

(٣) س ١٨ الآيتان ٢٣ ، ٢٤.

(٤) ب وتبعه ل : فأخبر. والأصل هنا لا يخلو من بعض الاضطراب فما رسمناه «لم يأت» هو فى الأصل : «لم تاب» ولكن المقصود على تصحيحنا واضح. وقد صححها م «لم يأب» فتعقد المعنى.

(٥) ب وتبعه ل ، م : كائن.

(٦) ليست فى الأصل وعباراته فى هذا الموضع لا تخلو من اضطراب كبير كما أشرت الى ذلك آنفا.

(٧) س ١٠ الآية ٨٨.

١٠٩

ولو استطاعوا ذلك لآمنوا عند معاينتهم لأول العذاب النازل بهم. ومثل ذلك فى كتاب الله كثير ، وفيما دللنا به كفاية. ومثله قوله تعالى : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا ..) (١).

مسألة

ومن سأل عن قول ابنة شعيب لأبيها : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (٢) فزعم الجبائى (٣) أن معنى هذه الآية أنها أخبرت عنه أنه قوى على ما يحتاج إليه أبوها من الأعمال ، واستدل فيما زعم بذلك على أن الاستطاعة قبل الفعل. فما أعجزه! من أى طريق استدل بهذه الآية على الفصل (٤) وذلك أنها لم تعرف موسى من قبل قلعه للحجر الّذي قلعه ونزعه بالدلو الّذي نزع (به) (٥) وانما (قالت ذلك (٦) لما عاينت من شدته وقوته وأمانته ؛ وذلك أنها لما رجعت إليه فى المرة الثانية وقالت (٧) له ان أبى يدعوك ، قال لها امشى أمامى (٨) واهدينى الطريق ففعلت ذلك فكانت الريح تصفها له

__________________

(١) س ١٠ الآية ٩٨.

(٢) س ٢٨ الآية ٢٦.

(٣) أو تبعه ب : الجبائي.

(٤) كذا فى ب ، ل م ولعلها : القول.

(٥) ليست فى الأصل.

(٦) ليست فى الأصل.

(٧) أو تبعه ب : فقالت.

(٨) ب وتبعه ل : خلق وقد أبقاها م كما هى مع أنها واضحة الخطأ فاما أن نصححها الى قولنا : «امشى خلفك» أو : «امشى أمامى» وهذا ما اخترناه.

١١٠

فأدركت موسى عليه‌السلام الخشية ، فقال لها : امشى خلفى وعرفينى الطريق بلسانك يمنة ويسرة وتلقاء ، ففعلت ذلك ، فلما جاءت الى أبيها قالت (١) له أنه قوى أمين ، فحرد (٢) عليها حردا شديدا وقال لها : يا بنية ، أما قوته فقد علمت بها لما رأيت منه فيم عرفت أمانته؟ فأخبرته بما رأت منه ، فكيف علمت أنه مستطيعا لما (رأت منه) (٣) قبل الفعل ، وانما ظهر لها ذلك منه بعد فعله اياه ؛ فصح عندنا وصحت الحجة (على) (٤) من خالفنا أن (٥) ينبغى أن تكون استطاعته لذلك مع نفس فعله له. والدليل على ذلك من القياس أنا لو رأينا رجلا فى الحال قائما (٦) يصلى لما كنا نعلم استطاعته متى حدثت له الا أنا نعلم من نفس الفعل (أنها) (٧) ظهرت منه للفعل وهى الصلاة التى كان يفعلها. وحجتنا على من خالفنا فى كل ما يورده من المسائل فى باب الاستطاعة كما (٨) رسمنا فيما بينا وشرحنا ، وبالله التوفيق.

__________________

(١) ب وتبعه ل : فقالوا وقد اصلحها م الى : «وقالت» ولا بد من حذف الواو هنا أو الفاء فى قوله بعد ذلك «فحرد».

(٢) هى فى ب «فحرد عليها حردا شديدا» بمعنى غضب ، ولكن ل ، م كتباها : «فجرد عليها جردا شديدا».

(٣) ليست فى الأصل وقد ترك م زيادتها مع أن الواجب أن تزيد شيئا.

(٤) ليست فى الأصل.

(٥) ل : تركها الناسخ.

(٦) ل : نقلها الناسخ : فإنما.

(٧) ليست فى الأصل وقد ترك م زيادتها مع انها ضرورية لأنها وما دخلت عليه المفعول لقوله قبل ذلك : «نعلم».

(٨) خبر لقوله قبل ذلك .. «وحجتنا على .. إلخ».

١١١

مسألة

ومن سأل عن قول الله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١)؟ قيل له : المعنى فى ذلك أنه أراد بعض الجن والانس وهم العابدون لله منهم ؛ لأن الله تعالى قال فى موضع آخر (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (٢) والقرآن لا يتناقض (٣) فوجب أن يكون الله تعالى خلق لجهنم كثيرا بالآية التى تلوناها ، وأنه خلق بعضهم للعبادة بقوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) والذين خلقهم لعبادته هم الذين أرادوا (٤) أن يعبدوه ، وعاقبتهم عبادته.

ومن سأل عن قول الله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) (٥) فالمعنى أنى لم أفرض عليهم ذلك ولم آمرهم به ولكنهم كذبوا على وافتروا الكذب فى قولهم انى أمرتهم به. والدليل على جواز تكليف ما لا يطاق من القرآن : قوله تعالى للملائكة : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) (٦) يعنى أسماء الخلق ، وهم لا يعلمون ذلك ولا يقدرون عليه. وأيضا فقد أخبر أنهم (يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) (٧) فاذا جاز

__________________

(١) س ٥١ الآية ٥٦.

(٢) س ٧ الآية ١٧٩.

(٣) ل : نقلها الناسخ : لايتنا.

(٤) فى الأصل وتبعه ل : أرادوه وقد صححها م : «أراد هو» وليس ببعيد.

(٥) س ٥ الآية ١٠٣.

(٦) س ٢ الآية ١٠٣.

(٧) قال تعالى فى السورة ٦٨ الآية ٤٢ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ).

١١٢

تكليفه اياهم فى الآخرة ما لا يطيقون جاز ذلك فى الدنيا ، وقد أمر الله تعالى بالعدل ، وقد قال : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) (١).

ومن سأل عن قوله تعالى : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٢) (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) (٣) ، فالمعنى فى ذلك أنه لم يرد أن يظلمهم وان كان أراد أن يتظالموا.

ومن سأل عن قوله تعالى : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) الى قوله (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٤) فالجواب : أنهم قالوا ذلك على طريق الاستهزاء ولم يقولوه على جهة الاعتقاد فأكذبهم فى قولهم الذين لم يكونوا له معتقدين كما أكذب المنافقين فى قولهم : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ على طريق الاستهزاء) ، فقال الله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ، وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (٥).

ومن سأل عن قول الله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٦) فالجواب أنه أراد أن لا يكونوا بالافطار (٧) فى السفر والمرض حرجين ولا آثمين ، وأن لا يكونوا فى عسر من صيامهم (٨).

__________________

(١) س ٤ الآية ١٢٩.

(٢) س ٤٠ الآية ٣١.

(٣) س ٣ الآية ١٠٨.

(٤) س ٦ الآية ١٤٨ ، وهى الأصل : «وقالوا شاء الله ..».

(٥) س ٦٣ الآية ١.

(٦) س ٢ الآية ١٨٥.

(٧) ب وتبعه ل ، م : بالصيام.

(٨) ب وتبعه ل ، م : افطارهم والمرجو عن القارئ أن يتأمل قليلا هنا

          (٨ ـ كتاب اللمع)

١١٣

(٧)

باب الكلام فى التعديل والتجوير

فان قال قائل : هل يقدر الله على لطف لو فعله بالكفار (١) لآمنوا؟ قيل له : نعم ، والدليل على ذلك أنه يقدر أن يفعل بالمؤمنين من عباده (٢) ما لو فعله بهم لبغوا فى الأرض. قال الله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) (٣) وقال : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) يعنى على الكفر (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) (٤) فلما كان تعالى قادرا على أن يفعل بالخلق ما لو فعله بهم كفروا كان قادرا (٥) أن يفعل بهم ما لو فعله بهم لآمنوا. وأيضا فقد دللنا على أن فى كون الاستطاعة كون الفعل ، فاذا كان قادرا على اقدارهم على الايمان فهو قادر على أن يفعل ما لو فعله بهم لآمنوا.

فان قال : فاذا لم يفعل بالكفار ما يؤمنون عنده فقد بخل عليهم؟ قيل له : البخل أن لا يفعل الفاعل ما يجب عليه

__________________

(١) ب وتبعه ل : الكافر.

(٢) ب وتبعه ل ، م : وبعباده.

(٣) س ٤٢ الآية ٢٧.

(٤) س ٤٣ الآية ٣٢.

(٥) ل : نقلها الناسخ قادر ، وقد زاد م «لاما» على قوله قبل ذلك : «كفروا» كما زاد «على» قوله «قادرا» ولا لزوم لذلك كله.

١١٤

فعله ، فأما ما كان تفضلا فللمتفضل أن يتفضل به وله أن (لا) (١) يتفضل به ، وما كان تفضلا لم يلحق البخل فى أن لا يفعله الفاعل (٢).

فان قالوا : فاذا لم يفعل بهم (٣) ما يؤمنون عنده فهل أراد سفههم وكفرهم؟ قيل له : نعم. وقد أوضحنا ذلك فيما سلف من كلامنا.

مسألة

ثم يقال لهم : ان كان الله تعالى اذا لم يفعل بهم ما يؤمنون عنده يجب أن يريد فسادهم فما أنكرتم من أنه اذا خلقهم وهو يعلم أنهم يكفرون فقد أراد كفرهم؟

فان قالوا : مريد (٤) السفه سفيه. قيل لهم : أليس خالق من يعلم أنه يكفر لا يكون سفيها بخلقه ولا يكون خلقه اياه سفها؟ فما أنكرتم أن يكون الخالق اذا أراد سفههم لم يكن سفيها؟.

وقد تكلمنا فى هذه المسألة قبل هذا الموضع (٥).

مسألة

فان قال قائل : هل لله تعالى أن يؤلم الأطفال فى الآخرة؟ قيل له : لله تعالى ذلك ، وهو عادل ان فعله. وكذلك كل ما يفعله

__________________

(١) ليست فى الأصل.

(٢) كلمة «الفاعل» مفعول لقوله «لم يلحق» والبخل فاعل.

(٣) يزيد م قبل ذلك لفظ (الله) ولا لزوم لذلك بدليل.

(٤) ب : نقلها الناسخ : مريدا قول المؤلف قبل ذلك : «فاذا لم يفعل بالكفار» لأن الكلام فى العلاقة بين الله وعباده.

(٥) راجع صفحة ٥٦ وما بعدها.

١١٥

على جرم متناه (١) بعقاب لا يتناهى ، وتسخير الحيوان بعضهم لبعض ، والأنعام على بعضهم دون بعض ، وخلقه اياهم (٢) مع علمه بأنهم يكفرون كل ذلك عدل منه ولا يقبح من الله لو ابتدأهم بالعذاب الأليم وادامته ولا يقبح منه أن يعذب المؤمنين ويدخل الكافرين الجنان ، وانما نقول انه لا يفعل ذلك لأنه أخبرنا أنه يعاقب الكافرين وهو لا يجوز عليه الكذب فى خبره.

والدليل على أن كل ما فعله فله فعله : أنه المالك القاهر الّذي ليس بمملوك ولا فوقه مبيح ولا آمر ولا زاجر ولا حاظر (٣) ولا من رسم له الرسوم وحد له الحدود ؛ فاذا كان هذا هكذا لم يقبح منه شيء ؛ اذ (٤) كان الشيء انما يقبح منا لأنا تجاوزنا ما حد ورسم لنا وأتينا (٥) ما لم نملك اتيانه ؛ فلما لم يكن البارى مملكا ولا تحت أمر لم يقبح منه شيء. فان قال : فانما يقبح للكذب لأنه قبحه. قيل له : أجل ولو حسنه لكان حسنا ، ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض. فان قالوا. فجوزوا (٦) عليه أن يكذب كما جوزتم أن يأمر بالكذب؟ قيل لهم : ليس كل ما جاز أن يأمر به جاز أن يوصف به. ألا ترون

__________________

(١) أو تبعه ب : متناهى.

(٢) أى الكفار ، وهو مفهوم من السياق.

(٣) ب : نقلها الناسخ : خاطر.

(٤) أو تبعه ب : اذا.

(٥) يشكلها م : «وآتينا» وهو خطأ بدليل قول المؤلف بعد ذلك : «اتيانه» فان «الاتيان» مصدر أتى بمعنى فعل لا أتى بمعنى أعطى لأن مصدرها الإيتاء لا الاتيان.

(٦) ب وتبعه ل : تجوزوا.

١١٦

أنه قد أمرنا أن نصلى ونخضع ونتحرك ولا يجوز عليه أن (يصلى ويخضع ويتحرك) (١) لأن ذلك مستحيل عليه ، وكذلك لا يجوز عليه الكذب ليس لقبحه ولكن لأنه يستحيل عليه الكذب ، ولا يجوز أن يوصف بالقدرة على أن يكذب كما لا يجوز وصفه بالقدرة على أن (يتحرك ويجهل) (٢). ولو جاز لزاعم أن يزعم أنه يوصف البارى بالقدرة على أن يكذب ولا يوصف بالقدرة على أن يجهل (٣) ولا يأتى بين ذلك بفرقان لجاز لقالب (٤) أن يقلب القصة فيزعم (٥) أن البارى يوصف بالقدرة على أن يجهل ، ولا يوصف بالقدرة على أن يكذب ، فلما لم يجز ذلك بطل ما قالوه.

فان قال قائل : اذا أمر الله تعالى أن تصلى فصلاتنا هى حركاتنا التى نتحرك (بها) (٦) اذا صلينا ، والمتحرك لحلول الحركة فيه والشاتم والكاذب انما كان شاتما كاذبا لأنه فعل الشتم والكذب لا لأن ذلك حل فيه. يقال له : ان كانت العلة التى لها ألزمنا أن يجوز أن يكذب البارى تعالى عن ذلك علوا كبيرا أنه أمر به فيجب فى كل شيء أمر به أن يجوز وصفه به ؛ فاذا أمر أن تحل فى أنفسنا حركات نتحرك بها ، وصلاة نصلى بها ، لزم أن يجوز أن يحل فى نفسه حركات يتحرك

__________________

(١) ب وتبعه ل : نصلى ونخضع ونتحرك.

(٢) ل : نقلها الناسخ : نتحرك ونجهل.

(٣) ل : نقلها الناسخ : نجهل.

(٤) ل نقلها الناسخ : الغالب.

(٥) ب وتبعه ل ، م : فزعم.

(٦) ليست فى الأصل.

١١٧

بها وصلاة يصلى بها اللهم الا أن يقولوا (١) اذا جاز أن يأمر البارى غيره (بالكذب) (٢) فلم لا يجوز أن يفعل كذبا يكون به غيره كاذبة ، كما اذا أمر غيره أن يصلى جاز أن يفعل لغيره صلاة يكون (٣) غيره بها مصليا. فان سألونا عن هذا السؤال على هذا الوجه فهذا ما لا ينكر. على أنه ان كان (المصلى) (٤) مصليا لحلول الصلاة فيه كما أن المتحرك متحرك (٥) لحلول الحركة فيه فواجب أن يكون كل جزء من (٦) الانسان (اذا حلته الصلاة) (٧) مصليا كما كان كل جزء منه اذا حلته الحركة متحركا. ويقال لهم : الصلاة فى اللغة هى الدعاء ، فان (كان) (٨) المصلى مصليا لحلول الصلاة فيه فيجب أن يكون داعيا لحلول الدعاء فيه وهذا فاسد عندهم. ثم يقال لهم : اذا جاز أن يفعل البارى تعالى صلاة لغيره ويكون بها مصليا فلم لا يفعل (٩) لغيره إرادة يكون بها مريدا ، وكلاما يكون به متكلما؟ فان قالوا : المتكلم المريد متكلم مريد لأنه فعل الكلام

__________________

(١) ب وتبعه ل : لا يقولوا وقد تركها م كما هى وحذف اللام واجب لصحة المعنى.

(٢) ليست فى الأصل.

(٣) أو تبعه ب : كان.

(٤) ليست فى الأصل وزيادتها أولى.

(٥) ب وتبعه ل : متحرك وقد أبقاها م كما هى وزاد (كان) قبلها ولا بأس به.

(٦) ل : نقلها الناسخ : ومن.

(٧) ليست فى الأصل وزيادتها أولى.

(٨) ليست فى الأصل.

(٩) يزيد قبل قوله : «يفعل» (يجوز أن) ولا لزوم لذلك.

١١٨

والإرادة. قيل لهم (١) : فما أنكرتم أن يكون المصلى مصليا لأنه فعل الصلاة فيه ، والمتحرك متحركا لأنه فعل الحركة فيه؟ فان قال (قائل) (٢) : قد يتحرك منا من لا يفعل الحركة. قيل له : وقد يريد ويتكلم (منا) (٣) من لا يفعل إرادة ولا كلاما كالعاشق الّذي يحب معشوقة محبة لا يمكنه الانصراف عنها ، وكالذى يتكلم وهو نائم أو فى (٤) حال صرعه كلاما لا يمكنه الانصراف عنه. فان قال : ليست (٥) محبة العاشق محبة فى الحقيقة ، ولا ارادته إرادة (٦). قيل لهم : وليس كلام المصروع والنائم كلاما فى الحقيقة ، ولا كلام اليقظان كلاما فى الحقيقة ، ولا إرادة العاشق إرادة فى الحقيقة ، وهذا ما لا يعجز عنه حد. ثم يقال لهم : ان كان المصلى مصليا لحلول الصلاة فيه فليس (٧) الخاضع خاضعا عندكم لحلول الخضوع فيه ؛ لأن الخضوع يكون فى القلب والانسان بكماله خاضع. فان ادعوا أن القلب خاضع خاشع ألزمناهم أن يكون اللسان متكلما فى الحقيقة ، والقلب مريدا فى الحقيقة. وان قالوا : الخاضع

__________________

(١) ب وتبعه ل : له.

(٢) ليست فى الأصل.

(٣) ليست فى الأصل.

(٤) ب ، ل : وفى.

(٥) ب ، ل : ليس.

(٦) يزيد م بعدها (فى الحقيقة) ولا لزوم لها.

(٧) غيرها الى قوله : «أفليس» ورأيى أن ذلك يجعل المعنى متعذرا.

١١٩

لم يكن خاضعا لحلول الخضوع فيه. قيل لهم : فاذا أمر (نا) (١) الله تعالى أن نخضع فيجب على سياقكم (٢) أن يخضع هو. فان قالوا : لا ، ولكنه يفعل خضوعا لغيره (٣). قيل لهم : وكذلك ان أمرنا بالكذب فجائز أن يفعل كذبا لغيره.

فان قالوا : الكاذب كاذب لأنه فعل الكذب. قيل لهم مثل ذلك فى الخاضع. فان قالوا : لم يكن الخاضع خاضعا لحلول الخضوع فيه ، ولا لأنه فعله. قيل لهم : ذلك فى الكاذب. ثم يقال لهم. اذا أمرنا الله أن نتحرك أفليس جائزا (٤) أن يجعلنا متحركين؟ فان قالوا : نعم. قيل لهم : وكذلك لو أمرنا بالكذب لجاز أن يجعلنا كاذبين. ثم يقال لهم : خبرونا أليس زعمتم أن الصلاة اذا كانت (كانت) (٥) حركات وكان المتحرك متحركا لحلول الحركة فيه والمصلى مصليا (٦) لحلول الصلاة فيه؟ فان قالوا : نعم. قيل لهم : فيجب اذا أطاع (٧) الانسان بفعل حركة أمره الله تعالى بها أن يكون طائعا لأن الطاعة حلته ، كما أنه متحرك لحلول الحركة فيه ؛ فان قالوا : نعم. قيل لهم : فبعض الانسان طائع وبعضه عاص اذا حلته المعصية ، ولا بد من نعم. فيقال (٨) لهم : فما

__________________

(١) «نا» ليست فى الأصل وزيادتها أولى.

(٢) ل : نقلها الناسخ : قياسا.

(٣) ب وتبعه ل : لغير.

(٤) ب وتبعه ل : جائز.

(٥) ليست فى الأصل.

(٦) ب ، ل : مصل.

(٧) ب ، ل : لطاع.

(٨) أو تبعه ب : يقال.

١٢٠