مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام - ج ٢

الشيخ عزيز الله العطاردي

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عزيز الله العطاردي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: انتشارات عطارد
المطبعة: افست
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧١

قال واهدى الى الكلبية جونا لتستعين بها على مأتم الحسين عليه‌السلام ، فلما رأت الجون قالت ما هذه قالوا : هدية أهداها فلان لتستعينى على مأتم الحسين فقالت لسنا فى عرس فما نصنع بها ، ثمّ أمرت بهنّ فاخرجن من الدار فلمّا أخرجن من الدار لم يحسّ لها حسّ كانّما طرن بين السماء والأرض ولم ير لهنّ بها بعد خروجهنّ من الدار أثر (١).

٧ ـ قال الصدوق : نظر الحسين عليه‌السلام يمينا وشمالا ولا يرى أحدا فرفع رأسه إلى السماء فقال : اللهم إنّك ترى ما يصنع بولد نبيّك وحال بنو كلاب بينه وبين الماء ورمى بسهم فوقع فى نحره ، وخرّ عن فرسه فاخذ السهم فرمى به فجعل يتلقّى الدم بكفيه فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته ويقول ألقى الله عزوجل وأنا مظلوم متلطّخ بدمى ثمّ خرّ على خدّه الأيسر صريعا وأقبل عدوّ الله سنان الأيادي وشمر ابن ذى الجوشن العامرى لعنه الله فى رجال من أهل الشام حتّى وقفوا على رأس الحسين عليه‌السلام.

فقال بعضهم لبعض ما تنظرون أريحوا الرجل فنزل سنان بن أنس الأيادي لعنه الله وأخذ بلحية الحسين عليه‌السلام وجعل يضرب بالسيف فى حلقه ويقول : والله إنّى لاجتز رأسك وأنا أعلم انّك ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخير الناس أمّا وأبا وأقبل فرس الحسين عليه‌السلام حتّى لطخ عرفه وناصيته بدم الحسين وجعل يركض ويصهل فسمعت بنات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله صهيله فخرجن فاذا الفرس بلا راكب فعرض انّ حسينا صلى الله عليه قد قتل وخرجت أمّ كلثوم بنت الحسين واضعة يدها على رأسها تندب وتقول وا محمّدا هذا الحسين بالعراء وقد سلب العمامة والرداء (٢).

٨ ـ الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علىّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى

__________________

(١) الكافى : ١ / ٤٦٦.

(٢) أمالي الصدوق : ٩٨.

١٤١

رحمه‌الله ، قال حدّثنى أبى رحمه‌الله ، قال حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبى عبد الله محمّد بن خالد البرقي ، عن داود بن أبى يزيد ، عن أبى الجارود وابن بكير وبريد بن معاوية العجلى ، عن أبى جعفر الباقر عليه‌السلام قال اصيب الحسين بن على عليهما‌السلام ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم ، فروى انّها كانت كلّها فى مقدمه لأنّه عليه‌السلام كان لا يولّى (١).

٩ ـ عنه ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال حدّثنا الحسن بن متيل الدقّاق ، قال حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن علىّ بن الحسن بن علىّ ابن فضّال عن الديلمى ، وهو سليمان ، عن عبد الله بن لطيف التفليسىّ قال قال الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام لمّا ضرب الحسين بن على عليهما‌السلام بالسيف ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادى من قبل رب العزّة تبارك وتعالى من بطنان العرش فقال : ألا أيتها الأمّة المتحيّرة الظالمة بعد نبيّها لا وفّقكم الله لأضحى ولا فطر ، قال : ثمّ قال أبو عبد الله لا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون أبدا حتّى يقوم ثائر الحسين عليه‌السلام (٢).

. ١٠ ـ عنه باسناده ، عن على عليه‌السلام قال قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقتل الحسين شر الامّة ويتبرّأ من ولده من يكفر بى (٣).

١١ ـ عنه ، حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشى ، قال حدّثنى أبى عن أحمد ابن على الانصارى ، عن أبى الصلت الهروىّ قال قلت : للرضا عليه‌السلام يا ابن رسول الله إن فى سواد الكوفة قوما يزعمون انّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقع عليه السهو فى صلاته فقال كذّبوا لعنهم الله إنّ الّذي لا يسهو هو الله الذي لا إله الّا هو ، قال : قلت يا ابن رسول

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٩٩.

(٢) أمالي الصدوق : ١٠١.

(٣) عيون اخبار الرضا : ٢ / ٦٤.

١٤٢

الله وفيهم قوما يزعمون انّ الحسين بن على عليهما‌السلام لم يقتل وانّه القى شبهه على حنظلة بن اسعد الشبامى وانّه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه‌السلام ، ويحتجّون بهذه الآية (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).

فقال : كذّبوا عليهم غضب الله ولعنته وكفروا بتكذيبهم لنبىّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فى إخباره بانّ الحسين بن على عليه‌السلام سيقتل والله لقد قتل الحسين عليه‌السلام وقتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين والحسن بن على عليهم‌السلام وما منا الا مقتول وانّى والله لمقتول بالسمّ باغتيال من يغتالنى اعرف ذلك بعهد معهود إلىّ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره به جبرئيل عن ربّ العالمين عزوجل.

أمّا قول الله عزوجل (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) فانّه يقول لن يجعل الله لكافر على مؤمن حجة ولقد أخبر الله عزوجل عن كفار قتلوا النّبيين بغير الحق ومع قتلهم إيّاهم لن يجعل الله لهم على أنبيائه عليهم‌السلام سبيلا من طريق الحجّة (١).

١٢ ـ عنه ، حدّثنا محمّد بن على بن بشّار القزوينى رضى الله عنه قال حدّثنا أبو الفرج المظفّر بن أحمد القزوينى ، قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفى الأسدي ، قال : حدّثنا سهل بن زياد الأدمى قال حدثنا سليمان بن عبد الله الخزاز الكوفى قال حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمى ، قال قلت لأبى عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام يا ابن رسول الله كيف صار يوم عاشورا يوم يوم مصيبة وغمّ وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واليوم الذي ماتت فيه فاطمة عليها‌السلام واليوم الّذي قتل فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام واليوم الذي قتل فيه الحسن عليه‌السلام بالسمّ.

فقال انّ يوم الحسين عليه‌السلام اعظم مصيبة من جميع ساير الايّام وذلك أن

__________________

(١) عيون اخبار الرضا : ٢ / ٢٠٣.

١٤٣

أصحاب الكساء الذين كانوا اكرم الخلق على الله عزوجل كانوا خمسة فلمّا مضى عنهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بقى أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام فكان فيهم للناس عزاء وسلوة فلمّا مضت فاطمة عليها‌السلام كان فى أمير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة فلمّا مضى منهم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، كان للناس فى الحسن والحسين عليه‌السلام عزاء وسلوة.

فلمّا قتل الحسين صلى الله عليه لم يكن بقى من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاءه كبقاء جميعهم فلذلك صار يومه أعظم الايّام مصيبة قال عبد الله بن الفضل الهاشمى : فقلت له يا ابن رسول الله فلم يكن للناس فى علىّ بن الحسين عليه‌السلام عزاء وسلوة مثل ما كان لهم فى آبائه عليهم‌السلام فقال بلى انّ علىّ بن الحسين كان سيد العابدين واماما وحجّة على الخلق بعد آبائه الماضين ولكنّه لم يلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسمع منه وكان علمه وراثة عن أبيه عن جدّه ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

كان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام قد شاهدهم النّاس مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فى أحوال فى أن يتوالى فكانوا متى نظروا الى أحد منهم تذكروا حاله مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له وفيه فلمّا مضوا فقد الناس مشاهدة الاكرمين على الله عزوجل ، ولم يكن فى أحد منهم فقد جميعهم ، الا فى فقد الحسين عليه‌السلام لانّه مضى آخرهم فلذلك صار يومه أعظم الايّام مصيبة ، قال عبد الله ابن الفضل الهاشمى فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف سمّت العامة يوم عاشورا يوم بركة.

فبكى عليه‌السلام ثمّ قال : لمّا قتل الحسين عليه‌السلام تقرب الناس بالشام الى يزيد فوضعوا له الأخبار واخذوا عليه الجوايز من الاموال فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وانه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن الى الفرح

١٤٤

والسرور والتبرّك والاستعداد فيه ، حكم الله بيننا وبينهم قال ثمّ قال عليه‌السلام يا ابن عمّ وانّ ذلك لأقل ضررا على الاسلام وأهله مما وضعه قوم انتحلوا مودّتنا وزعموا أنّهم يدينون بموالاتنا ويقولون بإمامتنا.

زعموا ان الحسين عليه‌السلام لم يقتل وانّه شبه للناس أمره كعيسى بن مريم ، فلا لائمة إذن على بنى اميّة ولا عتب على زعمهم يا ابن عم من زعم ان الحسين عليه‌السلام لم يقتل فقد كذب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا وكذب من بعده الأئمّة عليهم‌السلام فى إخبارهم بقتله ومن كذبهم فهو كافر بالله العظيم ودمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه ، قال عبد الله بن الفضل فقلت له يا ابن رسول الله فما تقول فى قوم من شيعتك يقولون به.

فقال عليه‌السلام ما هؤلاء فى شيعتى وأنّى برىء منهم كذا وكذا وكذا وكذا إبطال القرآن والجنّة والنار قال فقلت فقول الله عزوجل «ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين» قال إن اولئك مسخوا ثلاثة أيّام ثمّ ماتوا ولم يتناسلوا وأنّ القردة اليوم مثل اولئك وكذلك الخنازير وساير المسوخ ما وجد منها اليوم من شيء فقد مثله لا يحلّ أن يؤكل لحمه ثمّ قال عليه‌السلام لعن الله الغلاة والمفوضة فانّهم صغروا عصيان الله وكفروا به واشركوا وضلّوا وأضلّوا فرارا من إقامة الفرائض واداء الحقوق (١).

١٢ ـ عنه ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق ، قال أخبرنا أحمد بن محمّد الهمدانيّ عن علىّ بن الحسن بن فضّال عن أبيه ، عن أبى الحسن علىّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام قال من ترك السعى فى حوايجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ومن كان يوم عاشورا يوم مصيبته وحزنه وبكائه يجعل الله عزّ

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ٢١٥.

١٤٥

وجلّ يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرّت بنا فى الجنان عينه ومن سمّى يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادّخر وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله إلى أسفل درك من النار (١).

١٣ ـ عنه حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس ، رحمه‌الله ، قال حدثنا أبى ، عن محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن أرطاة بن حبيب ، عن فضيل الرسان عن جبلة المكية ، قالت سمعت ميثم التمّار قدس الله روحه يقول : والله لتقتل هذه الامّة ابن نبيّها فى المحرم لعشر يمضين منه وليتّخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وان ذلك لكائن قد سبق فى علم الله تعالى ذكره أعلم ذلك بعهد عهده إلىّ مولاى أمير المؤمنين عليه‌السلام

لقد أخبرنى أنّه يبكى عليه كلّ شيء حتى الوحوش فى الفلوات والحيتان فى البحر والطير فى السماء ويبكى عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ومؤمنو الإنس والجنّ وجميع ملائكة السموات والأرضين ورضوان ومالك وحملة العرش وتمطر السماء دما ورمادا ثمّ قال وجبت لعنة الله على قتلة الحسين عليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله الها آخر وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

قالت جبلة فقلت له : يا ميثم فكيف يتّخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه‌السلام يوم بركة فبكى ميثم رضى الله عنه ثمّ قال يزعمون لحديث يضعونه أنّه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وإنمّا تاب الله على آدم فى ذى الحجّة ويزعمون أنّه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود وإنمّا قبل الله عزوجل توبته فى ذى الحجّة ، ويزعمون أنّه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت وإنمّا أخرج الله

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ٢١٧.

١٤٦

عزوجل يونس من بطن الحوت فى ذى الحجّة ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليه‌السلام على الجودى وإنمّا استوت على الجودى يوم الثامن عشر فى ذى الحجّة.

يزعمون انّه اليوم الذي فلق الله عزوجل فيه البحر لبنى اسرائيل وإنمّا كان ذلك فى ربيع الأوّل ثمّ قال ميثم : يا جبلة اعلمى انّ الحسين بن على عليهما‌السلام سيّد الشهداء يوم القيامة ، ولأصحابه على ساير الشهداء درجة ، يا جبلة إذا نظرت السماء حمراء كأنّها دم عبيط فاعلمى انّ سيّد الشهداء الحسين قد قتل قالت جبلة فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة فضجيت حينئذ وبكيت وقلت قد والله قتل سيّدنا الحسين عليه‌السلام (١).

١٤ ـ عنه ، حدّثنا محمّد بن ابراهيم بن إسحاق رضى الله عنه ، قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودى ، قال حدّثنا محمّد بن زكريّا الجوهرى قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال قلت له أخبرنى عن أصحاب الحسين عليه‌السلام وإقدامهم على الموت فقال انّهم كشف لهم الغطاء حتّى رأوا منازلهم من الجنّة فكان الرجل منهم يقوم على القتل ليبادر الى حوراء يعانقها والى مكان فى الجنّة (٢).

١٥ ـ عنه ، حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال حدّثنا محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن السيارى ، عن محمّد بن اسماعيل الرازى ، عن أبى جعفر الثانى عليه‌السلام قال قلت جعلت فداك ما تقول فى العامة فانه قد روى انهم لا يوفقون لصوم فقال لى أما إنّه قد اجيبت دعوة الملك فيهم قال قلت وكيف ذلك جعلت فداك ، قال انّ النّاس لما قتلوا الحسين بن على صلوات الله عليهما أمر الله عزوجل ملكا ينادى أيّتها

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ٢١٧.

(٢) علل الشرائع : ١ / ٢١٨.

١٤٧

الامة الظالمة القاتلة عترة نبيها لا وفقكم الله لصوم ولا فطر وفى حديث آخر لفطر ولا أضحى (١).

١٦ ـ عنه ، حدّثنا علىّ بن أحمد رحمه‌الله قال حدّثنى محمّد بن يعقوب ، عن علىّ بن محمّد ، عمّن ذكره عن محمّد بن سليمان ، عن عبد الله بن الجنيد اللطيف التفليسى عن رزين قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لما ضرب الحسين بن على صلوات الله وسلامه عليه بالسيف فسقط ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادى مناد من بطنان العرش ألا أيتها الامة المتجبرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم الله لأضحى ولا فطر قال ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون حتّى يثور ثائر الحسين عليه‌السلام (٢).

١٧ ـ عنه ، حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوى رضى الله عنه قال : حدّثنى جدّى قال حدثنا داود ، قال حدثنا عيسى بن عبد الرحمن بن صالح قال : حدثنا أبو مالك الجنبىّ عن عمر بن بشر الهمدانيّ قال قلت لأبى إسحاق متى ذلّ الناس قال حين قتل الحسين بن على عليهما‌السلام وادّعى زياد وقتل حجر بن عدى (٣).

١٨ ـ قال الشيخ المفيد : فقتلوهم حتّى لم يبق مع الحسين عليه‌السلام الا ثلاثة نفر أو أربعة ، فلمّا رأى ذلك الحسين عليه‌السلام دعى بسراويل يمانية يلمع فيها البصر ففزرها ثم لبسها وانما فزرها لكيلا يسلبها بعد قتله ، فلمّا قتل الحسين عليه‌السلام عمد أبجر بن كعب إليه فسلبه السراويل وتركه مجردا وكانت يدا أبجر بن كعب لعنه الله بعد ذلك تتيبسان فى الصيف حتّى كأنّهما عودان ، وتترطبان فى الشتاء فتنضحان دما وقيحا الى أن أهلكه الله.

__________________

(١) علل الشرائع : ٢ / ٧٥.

(٢) علل الشرائع : ٢ / ٧٦.

(٣) الخصال : ١٨١.

١٤٨

فلما لم يبق مع الحسين أحد إلّا ثلاثة رهط من أهله أقبل على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة يحمونه حتى قتل الثلاثة وبقى وحده وقد اثخن بالجراح فى رأسه وبدنه فجعل يضاربهم بسيفه وهم يتفرقون عنه يمينا وشمالا ، فقال حميد بن مسلم فو الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جاشا ولا أمضى جنانا منه عليه‌السلام ان كانت الرجالة لتشد عليه عليه فيشد عليها بسيفه فينكشف عن يمينه وعن شماله انكشاف المعزى اذا شد فيها الذئب.

فلما راى ذلك شمر بن ذى الجوشن استدعى الفرسان فصاروا فى ظهور الرجالة وامر الرماة أن يرموه فرشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ ، فاحجم عنهم فوقفوا بازائه وخرجت اخته زينب الى باب الفسطاط فنادت عمر بن سعد بن ابى وقاص ويلك يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه فلم يجبها عمر بشيء فنادت ويحكم أما فيكم مسلم فلم يجبها أحد بشيء ونادى شمر بن ذى الجوشن الفرسان والرجالة فقال ويحكم ما تنتظرون بالرجل ثكلتكم أمهاتكم فحملوا عليه من كل جانب.

فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى ففلقها وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه وطعنه سنان بن أنس النخعي بالرمح فصرعه وبدر إليه خولى بن يزيد الاصبحى فنزل ليجتز رأسه فارعد فقال له شمر فت الله فى عضدك مالك ترعد ونزل شمر إليه فذبحه ثم دفع راسه الى خولى بن يزيد فقال احمله الى الامير عمر بن سعد ثم اقبلوا على سلب الحسين عليه‌السلام فأخذ قميصه اسحاق بن الحياة الحضرمى ، وأخذ سراويله ابجر بن كعب ، واخذ عمامته اخنس بن مرثد ، وأخذ سيفه رجل من بنى دارم وانتهبوا رحله وابله واثقاله وسلبوا نسائه

قال حميد بن مسلم فو الله لقد كنت أرى المرأة من نسائه وبناته واهله تنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه فتذهب به منها ، ثمّ انتهوا الى على بن الحسين عليه‌السلام

١٤٩

وهو منبسط على فراش وهو شديد المرض ومع شمر جماعة من الرجال فقالوا له : الا نقتل هذا العليل فقلت سبحان الله أيقتل الصبيان انما هذا صبىّ وانه لما به ، فلم ازل حتى دفعتهم عنه وجاء عمر بن سعد.

فصاح النساء فى وجهه وبكين ، فقال لاصحابه لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النسوة ولا تتعرضوا لهذا الغلام المريض وسألته النسوة ليسترجع ما اخذ منهن ليستترنّ به فقال من أخذ من متاعهنّ شيئا فليرده عليهن ، فو الله ما رد أحد منهم شيئا ، فوكل بالفسطاط وبيوت النساء وعلىّ بن الحسين عليه‌السلام جماعة ممن كانوا معه وقال احفظوهم لئلا يخرج منهم أحد ولا تسؤن إليهم ثم عاد الى مضربه فنادى فى أصحابه من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه(١).

١٩ ـ الشيخ المفيد أبو على الحسن بن محمّد الطوسى رحمه‌الله قال حدثنا الشيخ الوالد السعيد أبو جعفر رحمه‌الله قال حدثنا محمّد بن محمّد ، قال أخبرنا ابو عبد الله محمّد بن عمران المرزبانى قال : حدثنا أحمد بن محمّد قال حدثنا الحسين بن عليل العنزى قال حدثنا عبد الكريم بن محمّد قال حدثنا على بن سلمة عن أبى أسلم محمّد بن مخلد ، عن أبى هياج عبد الله بن عامر ، قال لما أتى نعى الحسين عليه‌السلام الى المدينة خرجت بنت عقيل بن ابى طالب رضى الله عنهما فى جماعة من نسائها حتى انتهت الى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلاذت به وشهقت عنده ثم التفتت الى المهاجرين والانصار وهى تقول :

ما ذا تقولون ان قال النبيّ لكم

يوم الحساب وصدق القول مسموع

خذلتم عترتى أو كنتم غيبا

والحقّ عند ولى الأمر مجموع

أسلمتموهم بايدى الظالمين فما

منكم له اليوم عند الله مشفوع

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٥.

١٥٠

ما كان عند غداة الطف اذ حضروا

تلك المنايا ولا عنهنّ مدفوع  

قال : فما رأينا باكيا ولا باكية اكثر مما رأينا ذلك اليوم (١).

٢٠ ـ الشيخ المفيد ابو على الحسن بن محمّد الطوسى رحمه‌الله ، قال أخبرنا الشيخ السعيد الوالد رضى الله عنه ، قال أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال أخبرنى أبو عبد الله محمّد بن عمران المرزبانى : قال حدثنا أحمد بن محمّد الجوهرى قال حدثني حسن بن عليل العنزى ، عن عبد الكريم بن محمّد ، قال حدثنا حمزة بن القاسم العلوى ، عن عبد العظيم بن عبد الله العلوى عن الحسن بن محمّد بن الحسين العرنى عن غياث بن ابراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال : أصبحت يوما أمّ سلمة رضى الله عنها تبكى فقيل لها مم بكاؤك؟ فقالت لقد قتل ابنى الحسين الليلة وذلك أننى ما رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ مضى الا الليلة فرأيته شاحبا كئيبا فقالت قلت ما لي اراك يا رسول الله شاحبا كئيبا قال ما زلت الليلة احفر القبور للحسين وأصحابه عليه وعليهم‌السلام (٢).

٢١ ـ عنه باسناده عن الحسين ، عن أبيه ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن صوم يوم عرفة فقال عيد من أعياد المسلمين ويوم دعاء ومسألة قلت فصوم عاشورا قال : ذاك يوم قتل فيه الحسين عليه‌السلام ، فان كنت شامتا ، فصم ثم قال ان آل أمية عليهم لعنة الله ومن أعانهم على قتل الحسين من أهل الشام نذرو انذرا إن قتل الحسين وسلم من خرج الى الحسين عليه‌السلام وصارت الخلافة فى آل أبى سفيان أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم أن يصوموا فيه شكرا ويفرحون أولادهم.

فصارت فى آل ابى سفيان سنة الى اليوم فى الناس ، واقتدى بهم الناس جميعا

__________________

(١) أمالي الطوسى : ١ وأمالي المفيد : ١٩٦.

(٢) أمالي الطوسى : ١ / ٨٩.

١٥١

فلذلك يصومونه ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح ذلك اليوم ، ثم قال : ان الصوم لا يكون للمصيبة ، ولا يكون إلا شكرا للسلامة ، وان الحسين عليه‌السلام أصيب فان كنت ممّن أصبت به فلا تصم ، وان كنت شامتا ممن سرّك سلامة بنى أميّة فصم شكر الله تعالى (١).

٢٢ ـ عنه قال أخبرنا أحمد بن عبدون ، وعن أبن الزبير ، عن على بن الحسن ابن فضال ، عن العباس ، عن ابى عمارة ، عن معاذ بن مسلم ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وجد بالحسين بن على صلوات الله عليهما نيف وسبعون ضربة بالسيف (٢).

٢٣ ـ عنه باسناده عن ابى عمارة عن عبيد الله بن طلحة ، عن عبد الله بن سيابة ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال لما قدم على بن الحسين وقد قتل الحسين بن على صلوات الله عليهما استقبله ابراهيم بن طلحة بن عبيد الله قال يا على بن الحسين من غلب وهو مغطى رأسه وهو فى المحمل قال فقال له على بن الحسين اذا أردت أن تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فأذن ثم أقم (٣).

٢٤ ـ قال الطبرى الامامى : قال ابو محمّد الحسن بن على الثانى ولد الحسين بالمدينة يوم الثلاثاء لخمس خلون من جمادى الأولى سنته ثلاث من الهجرة وعلقت بالحسين أمه بعد ولادة الحسن بخمسين ليلة سنة ثلاث من الهجرة وحملت به سته أشهر فولدته ولم يولد مولود سواه لستة أشهر سوى عيسى بن مريم ، قيل ويحيى ابن زكريا وكان مقامه مع جده ست سنين وأربعة أشهر وبعد جده مع أبيه تسعا وعشرين سنة وأربعة أشهر ومع اخيه بعد ابيه عشر سنين وعشره أشهر

__________________

(١) أمالي الطوسى : ٢ / ٢٧٩.

(٢) أمالي الطوسى : ٢ / ٢٨٩.

(٣) أمالي الطوسى : ٢ / ٢٨٩.

١٥٢

بعد أخيه أيام امامته بقية ملك معاوية ومن ايام يزيد عشر سنين وستة أشهر وصار الى كرامة الله عزوجل وقد كمل عمره سبعا وخمسين سنة فى عام الستين من الهجرة فى المحرم يوم عاشورا وهو يوم الاثنين وكان بينه وبين اخيه ستة أشهر وكان أشبه الناس بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بين الصدر الى الرجلين.

قتل فى كربلا غربى الفرات قتله عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذى الجوشن بأمر يزيد بن معاويه أتوه ومعهم اثنان وثلاثون فارسا واربعون راجلا منهم ثمانية وعشرون من رهط بنى عبد المطلب والباقون من سائر الناس ، وقال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام وجد بالحسين ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وأربعون ضربة ورمية وروى مائة وعشرون (١).

٢٥ ـ قال الفتال : حملت ، الجماعة على الحسين فغلبوه على عسكره واشتدّ به العطش فركب المسناة يريد الفرات فاعترضه خيل ابن سعد لعنهم الله وفيهم رجل من بنى دارم فقال لهم ويلكم حولوا بينه وبين الماء ولا تمكنوه من الفرات فقال الحسين عليه‌السلام اللهم اظمه فغضب الدارمى ورماه بسهم فاثبته فى حنكه فانتزع الحسين عليه‌السلام السهم وبسط يده تحت حنكه فامتلات راحتاه بالدم فرماه ولما رجع الحسين عليه‌السلام من المسناة الى فسطاطه تقدم إليه شمر بن ذى الجوشن فى جماعة من أصحابه وأحاطوا به

فأسرع منهم رجل يقال له مالك بن أنس فشتم الحسين عليه‌السلام فضربه على رأسه بالسيف ، وكان على راسه قلنسوة فقطعها حتى وصل الى رأسه فأدماه فامتلأت القلنسوة دما فقال له الحسين عليه‌السلام لا اكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك الله مع الظالمين ثم ألقى القلنسوة ودعا بخرقة فشد بها رأسه واستدعى

__________________

(١) دلائل الامامة.

١٥٣

قلنسوة أخرى فلبسها واعتمّ عليها ونظر يمينا وشمالا لا يرى أحدا فرفع رأسه الى السماء فقال : اللهم انك ترى ما تصنع بولد نبيك وحال بنو كلاب بينه وبين الماء.

قال حميد بن مسلم فو الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه ، ان كانت الرجال ليشد عليه فيشد عليها بسيفه فينكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى اذا أشد فيها الذئب ، فلما راى ذلك شمر بن ذى الجوشن استدعى الفرسان فصاروا فى ظهور الرجالة وأمر الرماة ان يرموه فرشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ ونادى شمر الفرسان والرجاله فقال ويلكم ما تنتظرون بالرجل ثكلتكم أمهاتكم فحمل عليه من كل جانب.

فضربه ذرعة بن شريك على كتفه اليسرى فقطعها وضربه أخرى منه على عاتقة فكبا منه على وجهه فطعنه سنان بن أونس بالرمح فصرعه وبدر إليه خولى بن يزيد الأصبحى فنزل ليجتز ، رأسه فارعد فقال له شمر فتّ الله فى عضدك مالك ترعد فنزل إليه فذبحه ثمّ دفع رأسه الى خولى بن يزيد فقال أحمله الى الامير عمر ابن سعد ، ثمّ أقبلوا على سلب الحسين عليه‌السلام وجاء عمر بن سعد فصاح النساء فى وجهه وبكين.

فقال لأصحابه لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النساء ولا تعرضوا لهذا الغلام المريض يعنى علىّ بن الحسين ، فسألته أن يسترجع ما أخذ منهم ليستترنّ به فقال : من أخذ من متاعهنّ شيئا فليردّه فو الله ما ردّ أحد منهم شيئا ونادى عمر لعنه الله من ينتدب للحسين فيوطيه فرسه فانتدب عشرة منهم فداسوا الحسين صلوات الله عليه بخيولهم حتّى رضّوا ظهره ، وأقبل فرس الحسين عليه‌السلام حتّى لطخ عرفه وناصيته بدم الحسين عليه‌السلام وجعل يركض ويصهل.

فسمع بنات النبيّ صلوات الله وسلامه عليه صهيله فخرجن فاذا الفرس بلا راكب فعرفن أن حسينا عليه‌السلام قد قتل وخرج أمّ كلثوم بنت الحسين واضعة يدها

١٥٤

على رأسها تندب ، وتقول وا محمّداه هذا حسين بالعرا قد سلب العمامة والرّداء.

قال الباقر عليه‌السلام أصيب الحسين بن على عليهما‌السلام ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم ، وروى انّها كانت كلّها فى مقدمته لأنّه عليه‌السلام كان لا يولّى (١).

٢٦ ـ قال ابن شهرآشوب : فبقى الحسين وحيدا وفى حجره علىّ الاصغر فرمى إليه بسهم فأصاب حلقه فجعل الحسين ياخذ الدّم من نحره فيرميه الى السماء فما يرجع منه شيء ويقول لا يكون أهون عليك من فصيل ، ثمّ قال عليه‌السلام ائتونى بثوب لا يرغب فيه البسه غير ثيابى لا أجرد فانّى مقتول مسلوب فاتوه بتبان فأبى أن يلبسه وقال هذا الباس أهل الذمّة ثمّ أتوه بشيء أوسع منه دون السراويل وفوق التبّان فلبسه ، ثمّ ودّع النساء وكانت سكينة تصيح فضمّها إلى صدره وقال :

سيطول بعدى يا سكينة فاعلمى

منك البكاء اذا لحمام دهانى

لا تحرقى قلبى بدمعك حسرة

ما دام منّى الروح فى جثمان

واذا قتلت فأنت أولى بالذى

تأتينه يا خيرة النسوان

ثمّ برز عليه‌السلام فقال يا أهل الكوفة قبحا لكم وترحا وبؤسا لكم وتعسا حين استصرختمونا ولهين ، فآتيناكم موجفين فشحذتم علينا سيفا كان فى ايماننا وحششتم لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ولا ذنب كان منا إليكم فهلّا لكم الويلات اذكرهتمونا تركتمونا والسيف مشيم والجاش طامن والرّأى لما يستحصد لكنّكم أسرعتم إلى بيعتنا كسرع الدبا وتهافتم إليها كتهافت الفراش.

ثمّ نقضتموها سفها وضلة وفتكا لطواغيت الامّة وبقية الأحزاب ونبذة الكتاب ، ثمّ انتم تتخاذلون عنا وتقتلوننا ألا لعنة الله على الظالمين قال ثمّ أنشأ : كفر

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٦١.

١٥٥

القوم وقدما رغبو الأبيات.

ثمّ استوى على راحلته وقال : أنا ابن على الخير من آل هاشم ، الابيات ، ثمّ حمل على الميمنة وقال الموت خير من ركوب العار ، ثمّ حمل على الميسرة وقال :

انا الحسين بن على

أحمى عيالات أبى

آليت أن لا انثنى

أمضى على دين النبيّ

جعل يقاتل حتّى قتل ألف رجل وتسعمائة وخمسين سوى المجروحين ، فقال عمر بن سعد لقومه : الويل لكم أتدرون من تبارزون هذا ابن البطين هذا ابن قتال العرب فاحملوا عليه من كلّ جانب فحملوا بالطعن مائة وثمانين وأربعة آلاف بالسهام ، قال الطبرى قال أبو مخنف عن جعفر بن محمّد بن على قال وجدنا بالحسين ثلاثا وثلثين طعنة وأربعا وثلثين ضربة.

قال الباقر عليه‌السلام وأصيب ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم ، وروى ثلاثمائة وستون جراحة وقيل ثلثا وثلثين ضربة ، سوى السهام وقيل ألف وتسعمائة جراحة وكانت السهام فى درعه كالشوك فى جلد القنفذ وروى انّها كانت كلّها فى مقدمه قال العونى :

يا سهاما بدم ابن المصطفى منقسمات

ورماحا فى ضلوع ابن النبيّ متّصلات

فقال شمر ما وقوفكم وما تنتظرون بالرجل وقد اثخنتة السهام احملوا عليه ثكلتكم امهاتكم ، فحملوا عليه من كلّ جانب فرماه أبو الحنوق الجعفى فى جبينه والحصين بن نمير فى فيه ، وأبو أيّوب الغنوى بسهم مسموم فى حلقه ، فقال بسم الله ولا حول ولا قوّة إلّا بالله وهذا قتيل فى رضى الله ، وكان ضربه زرعة بن شريك التميمى على كتفه الأيسر وعمرو بن خليفة الجعفى على حبل عاتقة ، وكان طعنه صالح بن وهب المزنى على جنبه وكان رماه سنان بن أنس النخعي فى صدره.

فوقع على الأرض واخذ دمه بكفيه وصبه على رأسه مرارا فدنا منه عمرو

١٥٦

وقال جزّوا رأسه فقصد إليه نضر بن خرشة فجعل يضربه بسيفه فغضب عمرو قال لخولى بن يزيد الأصبحى انزل فجز رأسه فنزل وجزّ رأسه (١).

٢٧ ـ روى أبو منصور الطبرسى عن الناحية المقدّسة : أما قول من زعم ان الحسين لم يقتل فكفر وتكذيب وضلال (٢).

٢٨ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى واشتد العطش بالحسين عليه‌السلام فركب المسنّاة بريد الفرات والعبّاس أخوه بين يديه فاعترضته خيل ابن سعد فرمى رجل من بنى دارم الحسين عليه‌السلام بسهم فأثبته فى حنكه الشريف فانتزع صلوات الله عليه السهم وبسط يديه تحت حنكه حتّى امتلأت راحتاه من الدم ثمّ رمى به وقال : اللهمّ انّى اشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيّك ، ثمّ اقتطعوا العبّاس عنه وأحاطوا به من كلّ جانب حتّى قتلوه قدس الله روحه ، فبكى الحسين عليه‌السلام لقتله بكاء شديدا وفى ذلك يقول الشاعر :

أحقّ الناس أن يبكى عليه

فتى أبكى الحسين بكربلاء

أخوه وابن والده علىّ

أبو الفضل المضرج بالدماء

ومن واساء لا يثنيه شيء

وجادله على عطش بماء(٣)

٢٩ ـ عنه قال الراوى : ثمّ انّ الحسين دعا الناس الى البراز فلم يزل يقتل كلّ من برز إليه حتّى قتل مقتلة عظيمة وهو فى ذلك يقول :

القتل أولى من ركوب العار

والعار اولى من دخول النار(٤)

٣٠ ـ قال بعض الرواة : فو الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه وان كانت الرجال لتشدّ عليه فيشد : عليها بسيفه

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب : ٢ / ٢٢٢.

(٢) الاحتجاج : ٢ / ٢٨٢.

(٣) اللهوف : ٥١.

(٤) اللهوف : ٥١.

١٥٧

فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيه الذئب ولقد كان يحمل فيهم ولقد تكملوا ثلاثين ألفا فيهزمون بين يديه كانّهم الجراد المنتشر ثمّ يرجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوّة الّا بالله (١).

٣١ ـ قال الراوى : ولم يزل عليه‌السلام يقاتلهم حتّى حالوا بينه وبين رحله ، فصاح عليه‌السلام ويلكم يا شيعة آل أبى سفيان ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا احرارا فى دنياكم هذه وارجعوا إلى أحسابكم ان كنتم عربا كما تزعمون قال فناداه شمر لعنه الله ما تقول يا ابن فاطمه فقال أنى أقول اقاتلكم وتقاتلوننى والنساء ليس عليهنّ جناح فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرض لحرمى ما دمت حيا فقال شمر لعنه الله لك ذلك يا ابن فاطمة فقصدوه بالحرب.

فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه وهو فى ذلك يطلب شربة من ماء ولا يجدى حتّى أصابه اثنان وسبعون جراحة فوقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال فبينا هو واقف اذ أتاه حجر فوقع على جبهته فأخذ الثوب ليمسح الدم عن جبهته فأتاه سهم مسموم له ثلاث شعب فوقع على قلبه فقال بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال : الهى أنت تعلم أنّهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن بنت نبى غيره.

ثمّ أخذ السهم فاخرجه من وراء ظهره فانبعث الدم كأنّه ميزاب فضعف عن القتال ، ووقف فكلما اتاه رجل انصرف عنه كراهة أن يلقى الله بدمه حتّى جاءه رجل من كندة يقال له مالك بن النسر فشتم الحسين عليه‌السلام وضربه على رأسه الشريف بالسيف فقطع البرنس ووصل السيف إلى رأسه فامتلأ البرنس دما ، قال الراوى فاستدعى الحسين عليه‌السلام بخرقة فشدّ بها رأسه فاستدعى بقلنسوة فلبسها

__________________

(١) اللهوف : ٥١.

١٥٨

واعتمّ فلبثوا هنيئة ثمّ مادوا إليه وأحاطوا به.

ثمّ انّ شمر بن ذى الجوشن حمل على فسطاط الحسين عليه‌السلام ، فطعنه بالرمح ، ثمّ قال علىّ بالنار أحرقه على من فيه فقال له الحسين عليه‌السلام : يا ابن ذى الجوشن أنت الداعى بالنار لتحرق على أهلى أحرقك الله بالنار وجاء شبث فوبخه فاستحا فانصرف (١).

٣٢ ـ قال الراوى قال الحسين عليه‌السلام ابغوا لي ثوبا لا يرغب فيه اجعله تحت ثيابى لئلا اجرّد منه ، فأتى بتبان فقال لا ذاك لباس من ضربت عليه الذلّة فخرقه وجعله تحت ثيابه ، فلمّا قتل عليه‌السلام جردوه منه ثمّ استدعى الحسين عليه‌السلام بسراويل من حبرة ففرزها ولبسها وإنمّا فرزها لئلّا يسلبها فلمّا قتل عليه‌السلام سلبها بحر بن كعب لعنه الله وترك الحسين صلوات الله عليه مجرّدا فكانت يدا بحر بعد ذلك تيبسان فى الصيف كانّهما عودان يابسان وتترطبان فى الشتاء فتنضحان دما وقيحا الى ان أهلكه الله تعالى.

قال ولمّا اثخن الحسين عليه‌السلام بالجراح وبقى كالقنفذ طعنه صالح بن وهب المرى على خاصرته طعنة فسقط الحسين عليه‌السلام عن فرسه الى الارض على خدّه الأيمن وهو يقول بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله ، ثمّ قام صلوات الله عليه. قال الراوى وخرجت زينب من باب الفسطاط وهى تنادى وا أخاه وا سيّداه وا أهل بيتاه ليت السماء اطبقت على الارض وليت الجبال تدكدكت على السهل.

قال وصاح شمر بأصحابه ما تنتظرون بالرجل قال وحملوا عليه من كلّ جانب فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى وضرب الحسين عليه‌السلام زرعة فصرعه وضرب آخر على عاتقه المقدّس بالسيف ضربة كبا عليه‌السلام بها لوجهه ، و

__________________

(١) اللهوف : ٥٢.

١٥٩

كان قد أعيا وجعل ينوء ويكبت فطعنه سنان ابن أنس النخعي فى ترقوته ، ثمّ انتزع الرمح فطعنه فى بوانى صدره ثمّ رماه سنان أيضا بسهم.

فوقع السهم فى نحره فسقط عليه‌السلام وجلس قاعدا فنزع السهم من نحره وقرن كفّيه جميعا فكلّما امتلاتا من دمائه خضب بهما رأسه ولحيته وهو يقول : هكذا ألقى الله مخضبا بدمى مغصوبا على حقّى ، فقال عمر بن سعد لرجل عن يمينه انزل ويحك الى الحسين فارحه قال: فبدر إليه خولى بن يزيد الأصبحى ليحتز رأسه فارعد فنزل إليه سنان بن أنس النخعي لعنه الله فضرب بالسيف فى حلقه الشريف وهو يقول والله انى لأجتزّ رأسك واعلم انك ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخير الناس أبا وأما ثم اجتز رأسه المقدس المعظم وفى ذلك يقول الشاعر :

فأىّ رزية عدلت حسينا

غداة تبيره كفا سنان (١)

٣٣ ـ عنه ، روى أبو طاهر محمّد بن الحسن النرسى فى كتاب معالم الدين قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لما كان من أمر الحسين عليه‌السلام ما كان ضجّت الملائكة الى الله بالبكاء وقالت يا رب هذا الحسين عليه‌السلام صفيك وابن بنت نبيّك قال فأقام الله ظلّ القائم عليه‌السلام وقال بهذا انتقم لهذا

قال الراوى : فارتفعت فى السماء فى ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا ترى فيها عين ولا أثر حتّى ظنّ القوم انّ العذاب قد جاءهم فلبثوا كذلك ساعة ثمّ انجلت عنهم (٢).

٣٤ ـ عنه ، روى هلال بن نافع قال : انى كنت واقفا مع أصحاب عمر بن سعد لعنه الله اذ صرخ صارخ أبشر أيها الامير فهذا شمر قتل الحسين عليه‌السلام قال فخرجت بين الصفين فوقفت عليه وانّه ليجود بنفسه فو الله ما رأيت قط قتيلا مضمخا بدمه

__________________

(١) اللهوف : ٥٣.

(٢) اللهوف : ٥٥.

١٦٠