مجموع بلدان اليمن وقبائلها - ج ١

محمّد بن أحمد الحجري اليماني

مجموع بلدان اليمن وقبائلها - ج ١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الحجري اليماني


المحقق: إسماعيل بن علي الأكرع
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الحكمة اليمانية للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٠
الجزء ١ الجزء ٢

وحرمهم وأموالهم لا مسلك لها غير باب واحد والأراس : حصن بينها وبين بيت فايش وهو حصن واسع فيه من القرى قرية بيت ريب وهي قرية السوق التي بها التجار وقرية الجوس وميدان وبيت زود وبيت البوري وسمع وبيت فايش والمضمار هذه كلها قرى وله من الأبواب التي لا تدخل إلا بإذن باب السروح وهو باب صنعاء وبلد همدان وباب البرار لبلد قدم ونمل وشرس وباب المكاحل لعيان والمخلفة وبلد حور والشرف وبلد حكم ومكة ، وباب أدام لطمام وبلد عك وملحان والمهجم والكدراء وزبيد وعدن وباب العشّة ليس محجة وباب عبقان ليس محجة وباب العدن ، وتغلق هذه الأبواب على هذه الحصون وهذه القرى ، وعلى ضياع تؤدي خمسة آلاف ذهب برا وشعيرا تكون سبعة آلاف وخمسمائة قفيز ومن البرك بركة سمع وبركة ميدان وبركة حالة وبركة السوق وبركة بيت فايش وعلى غيل عين بياضة وعين العشّة وعين بيت الهتل وعين الوعرين وتغلق على ميدانه وأنوباته ومجزرته ومساجده ومراعيه وأغنامه وبقره وخيله ما خلا الإبل فإنها لا تطلعه ، وهو مع ذلك كثير السباع في رأسه ولا مؤذ به من هوام الأرض لم ير فيه ثعبان ولا أفعى ولا عقرب ولا ضفرة ولا قعص ولا بعوض ولا بنات وردان وهي الضوامير ولا خنفساء ولا كتان وهو البق ، وقد يدخله البق في أمتعة المسافرين اليه فيمتن إذا صرن فيه وهو قليل الذباب والعنكبوت كثير الغراب والحدأة. فأما جوه وهواه فمعتدل في الشتاء خاصة لأنه يكون في الشتاء صاحيا والذي عنيت في الشتاء هو فصل الخريف عند الحسّاب وهو عصر الميزان والعقرب والقوس وقد ربما شابهه فيه عصر الجدي والدلو والحوت وأكثر ذلك يعظم فيه نوء الثريا وهو عصر الجدي ونصف الدلو ونوء الصواب في الحوت وعصر الحمل والثور والجوزاء ، وهو الربيع عند الحسّاب فيه صرير من كثر المطر والبرد والهجاء فإذا اتصل الثريا بالصواب بالربيع كادت أن لا ترى عليه الشمس مدة الضباب الذي يتعصب به فتفقدها الكلاب فإذا أتى عصر الصحو وظهرت الشمس نبحتها الكلاب والخريف وهو عند الحسّاب الصيف وهو عصر السرطان والأسد والسنبلة به كثير الأمطار ، والصواعق فيه كثيرة وقد تحدث فيه وتختطف من أهله.

١٤١

وربما تكاثف ذلك السحاب إذا ظهر من بطون الأودية دون الشعاب والتف وتضاغط على المنتصف من قعدة الجبل فوقع فيه لامعة البرق فبرقت تحتك ونظرت الأودية متشفقة بالسحاب وفوقه الشمس فإذا إنقشع السحاب نظرت الى ماء المطر يسيل في بطون الأودية.

وإذا أصبح على رأسك الصحو غب المطر وصفا الجو نظرت من أي مرائيه شئت ومن أي اشرافه ركبت أرض تهامة تحته من موسط بلد حكم الى المهجم ومن سردد وتنظر سايلة مور كالشيبة البيضاء بين خمل تهامة وزغلها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة ياقوتية فأما الحادّ البصر فانه ينظر من خلف البحر جزاير الفرسان وأما ما ينظر منه من الجبال فعّر خولان من شماليه وأكمة خطارير ورأس وتران (١) عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمس وسحيب جبل بني عامر بحرض ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل وملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه ومن جنوبه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان في ريمة وحرف أنس وضوران ورأس سحمّر ويخار وينظر هو من هذه المواضع ولو لا أن قعدته في الأودية دون أن يكون على ظاهر منجد لكان يرى من أرض نجد ، وأما من جهة شرقيه فلا يرى بلد لأن جبال المصانع تعلوه مثل جبل ذخار ومدع وحضور بني أزد وأما سعة رأسه الذي تحويه العرقة وتدور به الأبواب فإنه يكون لمن مسحه ميلا ونصفا في مثله أو يزيد الى ميلين وثلث وسفوحه مكسية بالمزارع ، ومن ولد في رأسه فقبيح غير صبيح وخاصة النساء ومن ولد في سفحه فصبيح غير قبيح وطباع ساكنه وأهله تخالف طباع من في سفوحه في العقل والنجدة والطول والتمام والفصاحة وانشراح الألسن.

واسم هذا الجبل وفيت وهو منسوب إلى تخلى بن عمرو الحميري من ولد شمر ذي الجناح بن العطاف وأخبار تخلى كثيرة ، انتهى كلام الهمداني.

باختصار قلت : وما ذكره في أثناء كلامه من الجبال معروفة ومنها ما تغير اسمه مثل وتران يعرف الآن بجبل براش صعدة كما أوضحته في حرف الباء سابقا ، وذخار : هو ضلع كوكبان ، وحضور بني أزد هو حضور الشيخ

__________________

(١) الثلاثة في بلاد صعدة ويعرف وتران ببراش.

١٤٢

وضلع جبلان هو جبل ريمة ووصاب وأما يخار وسحمر فهي باقية على أسمائها القديمة وهي في بلاد يريم على مسافة ست مراحل (من تخلى) (١).

(حرف التاء مع الراء وما إليهما)

التراخم : من قبايل حمير قال الشاعر :

الناس حمير والتراخم رأسها

وأبوك مقلتها ، وأنت الناظر

وقال الهمداني في صفة الجزيرة : والتراخم : من ولد ترخم بن يريم ذي الرمحين بن عجرد بن سبأ الصغرى وكانوا ملوك رعين ومن محلاتهم بنا وميتم ، وتعد من مخلاف رعين انتهى.

وقال نشوان يقال في المثل جاعت التراخم حتى كادوا يأكلون البر لأنهم كانوا لا يأكلون إلا العلس وكانوا بوادي بنا من مشارق اليمن ، ويقال هو يترخم أي يتكبر كأنه من آل ذي ترخم من ملوك حمير.

التربة : بلدة في الحجرية فيها مركز القضاء وعزلة التربة من ناحية السّبرة وأعمال ذي السفال ، والتربة : قرية من مخلاف عمّار وأعمال النادرة.

والترب : من قرى زبيد نسب إليها أبو يوسف يعقوب بن محمد التربي المتوفى على رأس ثمانين وستماية ترجمه الشرجي في طبقات الخواص.

الترجمان : غيل في أرتل من ناحية البستان قرب صنعاء.

تريادة : قرية من ناحية دمت في بلاد رداع.

التريبة : قال في شرح القاموس : كجهينة قرية بالقرب من زبيد بها قبر الولي طلحة بن عيسى بن إقبال عرف بالهتار وسنذكره عند الكلام على زبيد إن شاء الله.

تريم : أحدى مدن حضر موت سميت باسم تريم بن السكون بن الأشرس بن كندة ، وفي كتاب النسبة الى البلدان لابن مخرمة تريم بالفتح وكسر الراء وسكون التحتانية ثم ميم مدينة قديمة بأرض حضر موت يقال : إن أول من عمّرها تريم بن حضر موت بن سبأ الأصغر وقد خرج منها علماء فقهاء

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة من أخي المؤلف.

١٤٣

فضلاء ومشايخ أجلاء منهم الفقيه يحيى بن سالم أكدر بلح والفقيه علي بن أحمد بكير وتوفيا معا في سنة ٥٧٧ كذا قاله القاضي مسعود وأظنهما قتلا في تلك السنة في فتنة الزنجبيلي الأمير الذي كان بعدن ، فلما علم بوصول السلطان طغتكين بن أيوب من مصر وإستيلائه على زبيد وأعمالها خرج خوفا منه الى حضر موت فقتل بها جمعا من العلماء والفضلاء.

قال القاضي مسعود : ومنهم الفقيه سالم بافضل صاحب الذيل على تفسير القشيري والفقيه شرف الدين أحمد بن محمد بن صفح والد السبتي صاحب شرح التنبيه والفقيه أحمد بن فضل والفقيه الصالح الزاهد علي بن محمد بن علي بن يحيى بن حاتم والفقيه علي بن أحمد بامروان والفقيه جمال الدين محمد بن علي باعلوي والفقيه عبد الله بن عبد الرحمن باعبيد صاحب الإكمال لما وقع في التنبيه من الإشكال ، والفقيه محمد بن أحمد بن أبي الحب المتوفى سنة ٦١٢.

وفي تريم علماء وعباد وزهاد لا يحصون ومقبرتها مشهورة البركة ومدفون في جبانة تريم أربعون من أهل بدر .. انتهى كلام القاضي مسعود.

وفيها جمع السادة الأشراف آل باعلوي كالشيخ عبد الرحمن وأولاده وحفدته وغيرهم خلق لا يحصون.

ولما رأى الشيخ علي بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أسعد مشايخ اليمن ووصل الى حضر موت ورأى ما فيها من الصالحين الأحياء والأموات أنشد :

مررت بوادي حضر موت مسلما

فألفيته بالبشر متسما رحبا

وألفيت فيه من جهابذة العلا

أئمة لا يلقون شرقا ولا غربا

وممن ينسب إليها من فضلاء المتأخرين شيخنا محمد بن أحمد فضل التريمي وتلميذه عفيف الدين عبد الله بن عبد الرحمن بافضل التريمي.

انتهى كلام ابن مخرمة.

١٤٤

(حرف التاء مع العين وما إليهما)

تعز : بلدة مشهورة من مدن اليمن في الجنوب الغربي من صنعاء على مسافة ثماني مراحل وهي بالقرب من الجند في سفح جبل صبر غربي الجند وهي اليوم مركز تلك البلاد وقد صارت الجند من أعمال تعز بعد أن كانت تعز معدودة من أعمال الجند :

وإذا نظرت إلى البقاع وجدتها

تشقى كما يشقى الرجال وتسعد

والمسافة بين الجند وتعز بضع ساعات ومياه تعز من جبل صبر قال الشاعر :

تعز لا تحفل بها

وعن زبيد فانزجر

فعيش هاتي كدر

وماء تلك من صبر

وترتفع تعز عن سطح البحر ألف وثلاثمائة متر تحقيقا.

وفي كتاب النسبة لابن مخرمة : تعز بالفتح وكسر العين المهملة ثم زاي معجمة دمشق اليمن في الثمار والأزهار والأنهار والنزهة ، وكانت محل إقامة بني رسول ملوك اليمن ، وبنى كل واحد منهم فيها مدرسة ففيها سبع مدارس على عدد ولاتهم الذين طالت ولايتهم واستمروا سنين وهذا ترتيبها وهي : المنصورية ثم المظفرية ثم المؤيدية ثم المجاهدية ثم الأفضلية ثم الأشرفية ثم الظاهرية (١) ولم يل بعد الظاهر منهم من يعتد به وإنما كانوا سلاطين بالاسم والحل والربط لغيرهم مع توالي الفتن وانقطاع الطرق إلى أن ولي المشايخ بنو طاهر بن معوضة بن تاج الدين.

وبها مدارس غير ما ذكر لأهل الجهات والأمراء والقضاة ومساجد عديدة وكلها مضبوطة بالأوقاف الجليلة للعمارة والقومة والمدرّسين والدارسه وغير ذلك لكن تعطل غالبها بإستيلاء الظلمة ، وماء دورها ومساجدها ومدارسها يأتي من جبل صبر فوق البلاد وكانت بها ثعبات نزهة الدنيا وتعز كما قال القايل :

تعز كرسي اليمن

خراجها من عدن

__________________

(١) قلت هي أكثر من ذلك ويراجع كتابي (المدارس الإسلامية في اليمن).

١٤٥

أحسب تجد حروفها

جاه أويس القرني

انتهى كلام ابن مخرمة :

وقال ابن مخرمة : وذي عدينة بالتصغير من تعز منها حسين بن علي بن حسين بن اسماعيل الزبيدي العديني مات سنة نيف وثلاثين وستماية انتهى.

وفي معجم البلدان عدينة بالتصغير اسم لربض تعز ، وفيها يقول الشاعر :

رأيت في ذي عدينة

بالأمس يا رب زينة

انتهى.

ونسب الى تعز من المتأخرين الأديب حسن بن عبد الله شاويش التعزي ترجمه في ذوب الذهب السيد محسن بن الحسن أبو طالب توفي سنة ١١٢٣ ومن شعره :

دم الطرفين من دمعي مراق

يسيل بسرعة لمزيد وجدي

أقول لسايل في الناس هذا

دم الأخوين يجري فوق خدي

وفي تعز قبر الإمام إبراهيم بن تاج الدين المتوفى سنة ٦٨٣.

ويسكن تعز أولاد أحمد بن الإمام المتوكل قاسم بن حسين بن المهدي بن أحمد بن الحسن بن القاسم.

ومن أعمال تعز الجند وهي التي كانت قاعدة البلاد قبل تعز.

قال في معجم البلدان : الجند بالتحريك وكأنه مرتجل وقال أبو سنان اليمامي : (١) اليمن فيها ثلاثة وثلاثون منبرا قديمة وأربعون حديثة.

وأعمال اليمن في الإسلام مقسومة على ثلاثة ولاة : فوال على الجند ومخاليفها وهو أعظمها ، ووال على صنعاء ومخاليفها وهو أوسطها ، ووال على حضر موت ومخاليفها وهو أدناها ، والجند مسماة بجند بن شهران بطن من المعافر. قال عمارة : وبالجند مسجد بناه معاذ بن جبل رضي‌الله‌عنه وزاد فيه وحسّن عمارته حسين بن سلامة وزير أبي الجيش بن زياد وكان عبدا نوبيا.

__________________

(١) هكذا والأصح اليماني من نسخة معجم البلدان طبع دار صادر.

١٤٦

قال : ورأيت الناس يحجون إليه كما يحجون الى البيت الحرام ويقول أحدهم لصاحبه : أصبر لينقضي الحج ، يراد به حجّ مسجد الجند.

وقال ابن الحايك : من المدن النجدية باليمن الجند من أرض السكاسك وبين الجند وصنعاء ثمانية وخمسون فرسخا.

وقال علي بن هوذة بن علي الحنفي بعد قتل مسيلمة : وسمع الناس يعيرون بني حنيفة بالردة فقال يذكر من ارتد من العرب غير بني حنيفة :

رمتنا القبايل بالمنكرات

وما نحن إلا كمن قد جحد

ولسنا بأكفر من عامر

ولا غطفان ولا من أسد

ولا من سليم وألفافها

ولا من تميم وأهل الجند

ولا ذي الخمار ولا قومه

ولا أشعث العرب لو لا النكد

ولا من عرانين من وايل

بسوق النجير وسوق النقد

وكنّا أناسا على غرة

نرى الغي من أمرنا كالرشد

ندين كما دان كذّابنا

فيا ليت والده لم يلد

وقد نسب إلى الجند البطن والبلد كثير من أهل العلم منهم : محمد بن عبد الرحمن الجندي روى عن معمر بن راشد وروى عنه الشافعي محمد بن إدريس وغيره وطاووس بن كيسان اليماني مولى بحير بن ريسان الحميري كان من أبناء فارس نزل الجند وهو تابعي مشهور سمع ابن عباس وجابر بن عبد الله وابن عمر وأبا هريرة روى عنه مجاهد وعمرو بن دينار وقيس بن سعد وابنه عبد الله وغيرهم مات بمكة سنة خمس أو ست ومائة ، وموسى الجندي روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرسلا قال : رد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهادة رجل في كذبة كذبها ، روى عنه معمر بن راشد وعبد الله بن زينب الجندي روى عنه كثير بن عطا الجندي.

وزمعة بن صالح الجندي روى عن عبد الله بن طاووس وعمرو بن دينار وسلمة بن وهرام وابن الزبير وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي ووكيع وعبد الله بن عيسى الجندي روى عنه عبد الرزاق الصنعاني ومحمد بن خالد الجندي وعبد الله بن بحير بن ريسان الجندي حدّث عن

١٤٧

محمد بن محمد روى حديثه سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد ورواه غيره عن عبد الرزاق عن عبد الله بن بحير ولم يذكر بينهما معمرا.

وسلام بن وهب الجندي روى عنه زيد بن المبارك وعلي بن حميد الجندي حدّث عن طاووس بن كيسان روى عنه عبد الملك بن جريج.

وكثير بن عطا الجندي روى عن عبد الله بن زينب الجندي روى عنه عبد الرزاق وقال البخاري كثير بن سويد يعد من أهل اليمن عن عبد الله بن زينب روى عنه معمر وهو أشبه بالصواب.

وصامت بن معاذ الجندي يروي عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد روى عنه المفضل بن محمد الجندي ، ومحمد بن منصور أبو عبد الله الجندي سمع عمرو بن مسلم والوليد بن سليمان ، ووهب بن سليمان مراسيل سمع منه بشر بن الحكم النيسابوري قاله البخاري. وأبو قرة موسى بن طارق الجندي روى عن ابن جريج ومالك وخلق كثير روى عنه أبو حمة وأبو سعيد المفضل بن محمد الجندي الشعبي روى عن الحسن بن علي الحلواني وغيره روى عنه أبو بكر المقرىء .. انتهى كلام ياقوت.

وقال الطيب بن مخرمة في كتاب النسبة الى البلدان : الجند بفتحتين وبالدال مهملة خطة عظيمة ، وجهة كبيرة من اليمن فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسم اليمن على خمسة رجال : خالد بن سعيد على صنعاء ، والمهاجر بن أبي أمية على كندة ، وزياد بن لبيد على حضر موت ، ومعاذ بن جبل على الجند ، وأبو موسى الأشعري على زبيد ورمع وعدن والساحل.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمعاذ لما بعثه إلى الجند : علمهم القرآن وشرايع الاسلام واقض بينهم. وجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أهل الجند قبض الصدقات الذي من العمال باليمن ، فوصل معاذ إلى الجند أميرا وبنى المسجد المعروف في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإشارته ورويت أحاديث في فضل مسجد الجند والله أعلم بصحتها.

١٤٨

وممن نسب الى الجند من المتقدمين عطا بن أبي رباح مولى بني فهر بكسر الفاء وسكون الهاء ثم راء مهملة من أجلّاء فقهاء التابعين سمع جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وروى عنه الزهري وقتادة ومالك بن دينار والأعمش والأوزاعي وغيرهم وإليه وإلى مجاهد تنتهي فتوى مكة وكان بنو أمية يأمرون بالمنادي : لا يفتي الناس إلا عطا بن أبي رباح عشرين سنة وكان من أحسن الناس صلاة وكان أفطس أسود مفلفل الشعر ثم عمي في آخر عمره وتوفي سنة ١١٥ عن ثمانين سنة.

ومنهم محمد بن خالد الجندي أحد شيوخ الشافعي ومنهم يحيى بن زياد الجندي أدرك علماء الجند وصنعاء كطاووس وغيره وكان ماهرا بالقراءات السبع ومات بصنعاء.

ومن المتأخرين البهاء الجندي مؤلف التاريخ في اليمن ووالده وغيرهما. انتهى كلام ابن مخرمة.

قلت : وصاحب التاريخ هو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن يعقوب بن جبير المعروف بالبهاء الجندي.

وفي طبقات الخواص للشرجي ترجمة طاووس بن كيسان اليماني من أفاضل التابعين أدرك خمسين من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم علي وابن عباس وابن عمر ومعاذ بن جبل وأبو هريرة وغيرهم.

حكي أنه اجتمع هو وجماعة من العلماء كالحسن البصري ومكحول والضحاك وغيرهم بمسجد الخيف بمنى فتذاكروا في القدر حتى علت أصواتهم فقام طاووس وكان فيهم رئيسا فقال : أنصتوا فأخبركم بما سمعت فانصتوا .. فقال : سمعت أبا الدرداء يخبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إن الله إفترض عليكم فرايض فلا تضيعوها وحدّ لكم حدودا فلا تعتدوها ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء فلا تتكلفوها ونحن نقول ما قال ربنا عزوجل ونبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأمور كلها بيد الله تعالى من عند الله تعالى مصدرها وإليه مرجعها ليس للعبد فيها تعرّض ولا مشيئة. فقام القوم وكلهم راضون بكلامه انتهى.

١٤٩

ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عابد بن عدي بن كعب الأنصاري الخزرجي بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى اليمن في ربيع الأول من سنة تسع.

وكان معاذ جميل الوجه برّاق الثنايا وكتب معه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ملوك حمير وإلى السكاسك وهم أهل مخلاف الجند ووصاهم بإعانته على بناء المساجد ووعد من أعانه بخير وقال له : بم تحكم بينهم؟ قال : بكتاب الله ، قال فإن لم تجد؟ قال : بسنّة رسول الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال أجتهد رأيي ، قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله وقال : يا معاذ زين الاسلام بعدلك وحلمك وعفوك وحسن خلقك فإن الناس ناظرون إليك وقايلون خيرة رسول الله ، أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث ووفاء العهد وأداء الأمانة وترك الخيانة ورحمة اليتيم وحفظ الجار وكظم الغيظ ولين الكلام وبذل السلام ولزوم الإمام والتفقه بالقرآن وحب الآخرة والجزع من الحساب وقصر الأمل وحسن العمل ، وأنهاك أن تشتم مسلما وتصدّق كاذبا أو تكذب صادقا أو تعصى إماما عادلا أو تفسد في الأرض وأذكر الله عند كل شجر وحجر وأحدث لكل ذنب توبة وستقدم على قوم أهل كتاب يسألونك عن مفاتيح الجنة فقل شهادة : أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله.

ثم ودعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال له : لعلك لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك تمر بمسجدي وقبري. فبكى معاذ خشية لفراق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تبك فإن البكاء قبل أوان البكاء من الشيطان.

وكان معاذ يتردد بين الجند وحضر موت ، وتفقه به جماعة من أهلها وكان معاذ من أكابر الصحابة روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في حقه : معاذ أعلم أمتي بالحلال والحرام. ورافع رجل امرأته الى عمر فقال : يا أمير المؤمنين غبت عن زوجتي هذه سنتين فجئت وهي حامل. فاستشار عمر معاذا في رجمها فقال له معاذ : إن كان لك عليها سبيل فما لك على ما في

١٥٠

بطنها من سبيل دعها حتى تضع فوضعت غلاما عرف زوجها شبهه به فقال : ابني ورب الكعبة إذ وضعته جفرا له سنتان. فقال عمر حينئذ : عجزن النساء أن يلدن مثل معاذ لو لا معاذ لهلك عمر.

وصحب معاذا كثير من أهل اليمن معظمهم من النخع وممّن صحبه عمرو بن ميمون الأودي من حضر موت وكان من الأولياء ذكره أبو نعيم في الحلية وصاحب الصفوة. روى عن عمر وعلي وابن مسعود وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس توفي بالكوفة سنة ٧٥ وهو من رجال البخاري ومسلم.

ومن أعمال تعز بلدة جبا في غربي جبل صبر ، وقد خربت لم يبق منها غير مسجدها وسوق هنالك يسمى سوق جبا وكانت من مدن اليمن المشهورة.

وقال في معجم البلدان : جبا بالتحريك بوزن جبل وما أراه إلّا مرتجلا إن لم يكن منقولا عن الفعل الماضي من قولهم جبأ عليه الأسود إذا خرج عليه حية من جحر وهو جبل باليمن قرب الجند وقيل : هو قرية باليمن.

قال ابن الحايك : جبا مدينة أو قرية للمعافر كذا في كتابه وهي لآل الكرندي من بني ثمامة آل حمير الأصغر وهي في نجوة من جبل صبر وجبل ذخر وطريقها في وادي الضباب.

ينسب إليها شعيب الجبّائي من أقران طاووس حدّث عنه سلمة بن وهرام ومحمد بن إسحق ، وقال العمراني : جبا ممدود جبل باليمن والنسبة على ذا جبائي وقد روي القصر والأول أكثر انتهى كلام ياقوت.

وقال في شرح القاموس : جبا كحتى : بلدة باليمن منها الفقيه أبو بكر بن يحيى بن إسحق ، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن حسان.

وإبراهيم بن القاسم بن محمد بن أحمد بن حسان ، ومحمد بن القاسم المعلم. الجبائيون فقهاء محدثون ترجمهم الخزرجي والجندي ولكن ضبط الأمير المذكورة بالتخفيف والقصر وصوبه الحافظ قلت وهو المشهور الآن.

١٥١

ومنها أيضا شعيب الأسود الجبائي المحدّث من أقران طاووس وعنه محمد بن إسحق وسلمة بن وهرام انتهى كلام شارح القاموس.

وقال ابن مخرمة في كتاب النسبة الى البلدان : جبا بفتح الجيم والموحدة ثم الف قرية في جبل صبر فوق تعز ، قال القاضي مسعود : قرب تعز غربي جبل صبر تسقى أراضيها وأشجارها من عيون تخرج من جبل صبر وفيه زروع وسكر وغير ذلك ، قال وبها مسكن القاضي مسعود بن علي بن مسعود بن علي بن جعفر بن الحسين بن عبد الله بن عبد الكريم بن زكريا بن أحمد القري بفتح القاف وكسر الراء المهملة الذي جرى له مع السلطان حكومة حتى أحضره ، وأنصف منه نفع الله به ـ انتهى كلام القاضي مسعود بن شكيل ؛ والحكومة التي أشار إليها هي أن بعض التجار باع الى السلطان مبيعا بثمن جزل أظنه يزيد على ألف دينار فلم يزل ولاة السلطان يماطلونه بالثمن حتى أيس منه فشكا الى القاضي فكتب القاضي له ورقة الى السلطان وفيها هذه الآية الشريفة : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

ثم كتب تحت هذه ليعمل (١) فلان بن فلان اسم السلطان على الحضور إلى مجلس الشرع الشريف ليفصل بينه وبين خصمه.

فلما وقف السلطان على كتاب القاضي قال : سمعنا وأطعنا ولبس نعله وتقدم إلى القاضي مع غلام له فقط فلم يرفع القاضي إليه رأسا ولم يزده على جواب ردّ سلامه ثم قال له : اتق الله وساو خصمك فوقف مع خصمه فادعى عليه بالمال فأقرّ السلطان بذلك ، فألزمه القاضي بالتسليم فامتهل الى وصوله داره ، فقال الغريم. متى وصل داره لم يحصل الإجتماع به ، فقال القاضي للسلطان : أنت قادر على الوفاء وأنت بهذا المجلس فأرسل السلطان من أتى بالمال جميعه وتسلمه صاحبه بحضرة القاضي ، فلما فرغ من ذلك قام القاضي وقبّل بين عيني السلطان ، وأجلسه معه على السرير وقال : ذلك مما يجب علينا من أمر الشرع وهذا مما يتوجه علينا من حق السلطان.

__________________

(١) في مراجع ترجمته الأخرى ليحضر بدلا من ليعمل.

١٥٢

فما أصلب دين القاضي وما أحسن انقياد السلطان للشرع.

وأظن أن سبب ولاية القاضي مسعود المذكور للقضاء أن القاضي الذي كان متوليا قبله لما رأى نجابة القاضي مسعود ونباهته حسده وكان يسعى بما ينقص القاضي مسعود فقدّر أن بعض الفقهاء أجاب على مسألة وأخطأ في جوابه فرفع الجواب والسؤال الى القاضي مسعود فكتب المجيب مخطىء ولم ينقط ما كتبه ، فرفع ذلك الى القاضي فلاحت له فرصة المكيدة للقاضي مسعود فنقط الجيم خاء والياء نونا والموحدة مثلثة ثم طلع بالسؤال على السلطان وقال : يا مولانا ظهر في البلد متفقّه يزعم أنه بلغ رتبة الفتوى وهو يسفّه على العلماء ويثلبهم ويتتبع عثراتهم ولم يكتف بما يصدر منه في ذلك بلسانه حتى كتب ما تقفون عليه. وأعطى السلطان السؤال فلما وقف السلطان على كتاب القاضي مسعود إشتد غيظه وأمر بإحضار القاضي مسعود فلما وقف القاضي مسعود بين يدي السلطان رمى إليه بالورقة وقال له : هذا خطك؟ فلما وقف عليه القاضي مسعود قال : سبحان الله أما عقول تميّز إنما جاء الخلل من قبل الاعجام. وكان من لطف الله بالقاضي مسعود أن المداد الذي كتب به المجيب مخطىء مغاير لمداد النقط فلما تأمل السلطان الورقة تحقق مما قاله القاضي مسعود وأن الخلل من قبل الاعجام وعرف أن ذلك مكيدة من القاضي في حق القاضي مسعود فعزل القاضي من ولايته وولى مكانه القاضي مسعود.

وينسب الى جبا من المتقدمين شعيب الجبائي حدّث عن سلمة بن وهرام ومحمد بن القاسم بن عبد الله الجبائي السكسكي كان فاضلا شرح المقامات وغيرها ، ومن المتأخرين شيخ مشايخنا نجم الدين يوسف بن يونس الجبائي الجابري وغيره. انتهى كلام ابن مخرمة.

قلت : وجبل ذخر الذي حكاه في معجم البلدان هو جبل حبشي من أعمال الحجرية فإنها كانت قاعدة بلاد المعافر ، وتعرف الآن ببلاد الحجرية.

ومن أعمال تعز جبل صبر ، وهو جبل واسع فيه قرى كثيرة ومزارع.

قال في معجم البلدان : صبر بفتح أوله وكسر ثانيه بلفظ الصبر من

١٥٣

العقاقير والنسبة اليه صبري اسم الجبل الشامخ العظيم المطل على قلعة تعز فيه عدة حصون وقرى باليمن وإليه ينسب أبو الخير النحوي الصبري شيخ الأهنومي الذي كان بمصر ، ونشوان بن سعيد صاحب كتاب «شمس العلوم وشفاء كلام العرب من الكلوم» في اللغة أتقنه وقيده بالأوزان وكان نشوان هذا قد استولى على عدة قلاع وحصون هناك وقدمه أهل تلك البلاد حتى صار ملكا. ولهذا الجبل قلعة يقال لها صبر فلا أدري الجبل سمي بها أم هي سميت بالجبل.

وقال ابن أبي الدمينة : وجبل صبر في بلاد المعافر وسكانه الركب والحواشب من حمير وسكسك وصبر حاجز بين جبا والجند وهو حصن منيع وهو من الجبال المسنمة قال الصليحي يصف خيلا :

حتى رمتهم ولو يرمى بها كنن

والطود من صبر لا نهد أو كاد

انتهى كلام ياقوت.

قلت : أما صبر الذي ينسب إليه نشوان بن سعيد فهو بفتح الصاد المهملة والباء الموحدة وهو واد معروف من بلاد صعدة غربي صعدة على بعد نحو خمسة أميال فيه قرى ومزارع ، ونشوان بن سعيد من أهله وقبره هنالك في حيدان ، ومن أهل صبر تعز أبو الحسن علي بن أحمد الرميمة المتوفى سنة ٦٦٣ ترجمه الشرجي في طبقات الخواص.

وعزل صبر هي : عزلة الأقروض وحصبان أسفل وخريشة وهيجة المقر وعبدان وعرش ومسفر وابنيان وثير وحصبان أعلى وصنمات وطالق وجارة.

ومن أعمال تعز : ما حكاه الأهدل في تاريخه قال : أبو عبد الله محمد بن حميد بن أبي الحسن بن يمن من بني نمر بطن من الركب يعرفون بالزواقر كان يسكن قرية ذي المليذ من أعمال ، قياض عزلة من بلاد تعز توفي سنة ٥٧٩ ـ انتهى.

ومن فضلاء تعز أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن علي بن أبي

١٥٤

القاسم الرباحي أصله من إبّ ثم إنتقل إلى تعز توفي سنة ٦٨٢ ترجمه الشرجي في طبقات الخواص قال : وهو ممن تولى القضاء وحمدت سيرته.

وفي لحظ الألحاظ بذيل تذكرة الحفاظ في ترجمة ابن رجب الحنبلي المتوفى سنة ٧٩٥ ما لفظه وممن توفي في هذه السنة بتعز قاضي الأقضية ركن الدين أبو بكر بن يحيى بن عجيل انتهى.

التعكر : جبل مطل على جبلة وقد مر في إبّ ، والتعكر أيضا من حصون عدن وفيه يقول أبو بكر أحمد بن محمد العبدي (١) في قصيدة يصف بها عدن ويخاطبها ويصف ممدوحه.

شرفت رباك به فقد وردت لنا

زهر الكواكب إنهن رباك

متنويا سامي حصونك طالعا

فيها طلوع البدر في الأفلاك

بالتعكر المحروس أو بالمنظر ال

مأنوس نجمي فرقد وسماك

وله الحصن الشم إلا أنه

يحلو له بك طالعا حصناك

(حرف التاء مع الفاء وما إليهما)

التفادي : عزلة من ناحية حبيش وأعمال إب وقد مر.

تفراد : قرية في عزلة يتار من آنس (٢).

(حرف التاء مع الكاف وما إليهما)

التكارير : عزلة من أعمال ريمة.

(حرف التاء مع اللام وما إليهما)

تلقم (٣) : حصن مطل على ريدة من ناحية البون.

تلمص : حصن في بلاد سحار من أعمال صعدة.

__________________

(١) الصحيح في الاسم العندي بالنون نسبة الى الأعنود.

(٢) إستدراك من أخي المؤلف.

(٣) تلقم هو بالفاء الموحدة وليس بالقاف.

١٥٥

(حرف التاء مع النون وما إليهما)

تنعسم : قرية من خولان العالية ، وجبل تنعمة هو المعروف الآن بجبل اللّوز في خولان العالية.

تنوخ : من بطون قضاعة منهم أبو الجماهر محمد بن عثمان التنوخي محدّث دمشق أبو عبد الرحمن توفي سنة ٢٤٤ ترجمه الذهبي في تذكرة الحفاظ.

ومنهم أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم بن تميم بن جابر بن هاني بن يزيد بن عبيد بن مالك بن مربط بن سرح بن نزار بن عمرو بن الحارث بن صبح بن عمير بن الحارث وهو أحد ملوك تنوخ الأقدمين بن نهم بن تيم الله بن أسد وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة التنوخي الأنطاكي المتوفى بالبصرة سنة ٣٤٢ ترجمه ابن خلكان.

وتنوخ هو ابن أسد بن وبرة بن تغلب بن يعلى بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

(حرف التاء مع الواو وما إليهما)

التويتي : عزلة من مخلاف الشعر وأعمال النادرة (في الماضي ومن أعمال السدة في العصر الحاضر) (١).

(حرف التاء مع الهاء وما إليهما)

تهامة : صقع معروف من اليمن ، وهو القسم الواقع بين جبال اليمن والبحر من جهة الغرب والجنوب ، ويقال له غور اليمن. وتهامة واسعة من جنوب اليمن ما بين الشرق والغرب ومن غربي اليمن ، ما بين الجنوب والشمال على مسافة شهر أو يزيد فيدخل في اسم تهامة نواحي عدن وأبين ولحج وما إلى ذلك من البلاد الواقعة في جنوب اليمن.

__________________

(١) ما بين القوسين إستدراك من أخي المؤلف.

١٥٦

وتهامة الغربية من باب المندب جنوبا إلى حدود الحجاز شمالا أما عرض بلاد تهامة فأكثره على مسافة يومين وأقله على مسافة يوم واحد من ساحل البحر الى حد جبال اليمن. قال الهمداني في صفة الجزيرة : تهامة اليمن بلد بني مجيد وبلد الفرسان وهي على محجة عدن الى زبيد ثم ديار الأشعريين من حدود بني مجيد بأرض الشقاق الى حيس فزبيد نسبت الى الوادي وهي الحصيب ، وهي وطن الحصيب بن عبد شمس ، وهي كورة تهامة وسواحلها غلافقة والمندب والمخا ساحلا بني مجيد والفرسان وكمران جزيرة ، وقرى زبيد المعقر والقحمة من قرى ذوال ويخلط الأشعر في هذه البلاد شريذمة من بني واقد من ثقيف ثم سهام وهي عكية ومن بواديها واقر.

ثم المهجم عاليتها لخولان وسافلتها لعك وعلى كل واد من هذه الأودية ما لا يوقف عليه من القرى الصغار والأبيات وكل واد منها مخلاف يكون فيه سلطان يقوم به عوايدة.

مور : عكية أيضا وهي مخلاف ثم بلد حكم وهو خمسة أيام فيه أودية بلد همدان وخولان ، وملوكه من حكم آل عبد الجد وفيه مدن مثل الهجر والخصوف والساعد والسقيفتين والشرجة ساحله والحردة وعطنة ساحلا المهجم والكدراء.

وببلد حكم قرى كثيرة مثل العداية والركوبة والمخارف والغليق وبها وادي حرض وحيران وخدلان واديا بني عبس ووادي الحيد ووادي تعشر ووادي جحفان ووادي لية ووادي خلب ووادي زايرة ووادي شاية وضمد وجازان وصبيا وملوكه من ذكرنا من الحكميين ، ثم من آل عبد الجد ، وبمور آل روق من بني شهاب ، وبالمهجم آل النجم ، وبالكدرا آل علي ، وبزبيد الشراحيون وهم الرأس من الجميع ، وبالشقاق وموزع آل أبي الغارات ، ثم مخلاف عثّر ، وعثر : ساحل جليل ، ومدينة بيش وحصبة أبراق ، وفيه من الأودية الآمان ووادي بيش ووادي عتود ووادي بيض ووادي ريم وعرمرم ووادي زنيف ووادي العمود وهو لخولان وكنانة الأزد ، وملوكه من بني مخزوم ومن عبيدها.

١٥٧

وقال الهمداني أيضا : مدن اليمن التهامية عدن جنوبية تهامية وهي أقدم أسواق العرب وهي ساحل محيط به جبل لم يكن فيه طريق فقطع في الجبل باب بزبر الحديد وصار لها طريقا الى البير ودربا وموردها ماء يقال له الحيق إحساء في رمل في جانب فلاة إرم وبها في ذاتها بؤر ملح وشروب.

ولحج ، وبها الأصابح وهم ولد أصبح بن عمرو بن حارث ذي أصبح بن مالك بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة وهو حمير الأصغر ، وأبين وبها مدينة خنفر والرواع وبها بنو عامر بن كندة وموزع ، والشقاق والمندب وهما لبني مجيد ابن حيدان بن عمرو بن الحاف.

وفرسان قبيلة من تغلب وكانوا قديما نصارى ، ولهم كنايس في جزاير الفرسان قد خربت وفيهم نجدة وبأس ، وقد يحاربهم بنو مجيد ويعملون التجارة الى بلاد الحبش ، ولهم في السنة سفرة فينضم إليهم كثير من الناس ونسّاب حمير يقولون : إنهم من حمير.

والحصيب وهي قرية زبيد وهي للأشعريين وقد خالطهم بآخره بنو واقد من ثقيف ، وقرى بوادي حيس وهي للركب من الأشعر.

والقحمة للأشاعرة وفيها من خولان وهمدان ، وذؤال المعقر والكدرا مدينة يسكنها خليط من عك والأشعر وباديتها جميعا من عك إلا النبذ من خولان ، ثم المهجم وهي مدينة سردد وأكثر بواديها وأهل البأس منهم خولان من سفلها وأعلاها وشماليها لعك ، ومور ، وبه مدينة تسمى باللّحية لعك ، ثم الساعد من أرض حكم بن سعد قرية لحكم ، والشقيقتان : قرية لحكم على وادي خلب ويكون فيها والساعد أشراف حكم بنو عبد الجد ، ثم الهجر قرية ضمد وجازان وفي بلاد حكم قرى كثيرة يقال لها المخارف وصبيا ثم بيش وبه موالي قريش وساحله عثّر وهو سوق عظيم شأنها.

وأم حجدم قرية بني كنانة والأزد ، وهي حد اليمن.

انتهى كلام الهمداني.

قلت : ومن المدن التي ذكرها الهمداني ما قد خرب وقام مقامها غيرها

١٥٨

كمدينة القحمة بوادي ذوال شمالي بيت الفقيه ابن عجيل لم يبق لها أثر وفي أرضها أكمة تعرف الآن بجبل القحمة وقام مقامها مدينة بيت الفقيه ابن عجيل ، وكمدينة الكدرا بوادي سهام خاربة ومحلها بين المراوعة والمنصورية وهما من المدن المحدثة ، وكمدينة المهجم بوادي سردد ما بين جبل ملحان ومدينة الزيدية لم يبق منها غير المنارة وقام مقامها في وادي سردد مدينة الضحي ، ومدينة الزيدية ومن المدن الحديثة مدينة الحديدة التي هي اليوم أكبر ميناء على ساحل البحر الأحمر ، وميدي على ساحل البحر الأحمر والخوخة كذلك ، وباجل والدريهمي والزهرة وأبو عريش والمنيرة كل هذه من المدن الحديثة ومن المدن التي اشتهرت من بعد عصر الهمداني وقد صارت الآن خاربة. مدينة فشال بوادي رمع والظفر والقرتب بوادي زبيد والمحالب بوادي مور ، وسنذكرها في محلاتها من هذا الكتاب إن شاء الله.

وأعمال تهامة في العصر الحاضر ، أما تهامة الجنوب فقاعدتها مدينة عدن وإليها لحج وأبين ، وأشهر قبائلها الأصابح ويقال لهم : الصبيحة.

والأودية في الجهة الجنوبية وادي بنا (١) يصب في ساحل أبين ووادي لحج يصب في ساحل عدن.

وأما تهامة الغربية فأول مدينة بها من جنوبي تهامة مدينة المخا على ساحل البحر الأحمر ومن أعمالها موزع والمندب وجزيرة ميون في البحر بالقرب من المندب وأودية المخاء وادي موزع ووادي السحاري وما سنذكره في الكلام على الخاء.

ثم مدينة زبيد ، وإليها ناحية حيس وأشهر قبايل وادي زبيد المعاصلة والقراشية من الأشاعر ، وأودية زبيد : وادي نخلة يسقي في حيس ويصب في البحر من ساحل الخوخة ، والخوخة هي اليوم فرضة زبيد ، ثم وادي زبيد وهو مشهور ، ثم وادي رمع وهو مشترك بين زبيد وبيت الفقيه ابن عجيل

__________________

(١) المعروف بوادي تبن.

١٥٩

ثم بيت الفقيه ابن عجيل وإليه من النواحي المنصورية والمراوعة والدريهمي ، وأشهر قبايل هذه البلاد الزرانيق وهمّ المعازبة من عك على المشهور وعلى كلام الهمداني إنهم من الأشاعر ، ثم الرامية والعبسية والمناصرة والمجاملة والفراغلة والحجبا والمنافرة والوعارية ومن إليهم كلهم من عك.

وأودية هذه البلاد وادي رمع الفاصل بينها وبين بلاد زبيد وهو جنوبي قضاء بيت الفقيه ، ثم وادي سهام من شماليها يسقي في بلاد العبسية وبين الواديين وادي ذؤال وهو دونهما ، مأتاه من جبال ريمة ويسقي في ناحية المنصورية وبيت الفقيه ويصب في البحر الأحمر من ساحل الطائف وفرضة بيت الفقيه غلافقة وهي مهجون في أكثر الأوقات ثم الطائف كذلك ، ثم قضاء باجل واليه ناحية الحجيلة وجميع قبائلهم القحرى من قبائل عك وقد مرّ ، وفرضة باجل الجديدة وفيها مركز اللواء حسبما نذكره ، ثم قضاء الزيدية وإليه ناحية الجرابح وقبائل هذه البلاد هم الجرابح والحشابرة وصليل وبني مشهور والعلماوية من عك وهذه البلاد على وادي سردد وسنذكرها في محلها وفرضة الزيدية ابن عباس بالقرب من كران.

ثم قضاء اللحية واليه ناحية الزهرة ، وقبائل بلاد اللحية هم الواعظات والزعلية والبعجا وبنو جامع من عك ، وواديها مور وهو أعظم أودية تهامة وفرضتها مدينة اللحية وقضاء اللحية وما قبله من بيت الفقيه كلها من أعمال لواء الحديدة ، وربما تدخل معها زبيد ، ثم قضاء ميدي واليه من النواحي ناحية عبس وناحية حرض ، وقبائل هذا القضاء هم عبس وبنو نشر وبنو مروان من قبائل عك وحكم وفرضتهم ميدي وأوديتها وادي حيران ووادي حرض ، ثم قضاء أبو عريش وصبيا وأشهر قبائلهم حكميون ، ومرفأ هذه البلاد جازان ومن أوديتها وادي خلب ووادي ضمد ووادي بيش ، ثم قضاء ألمع وقبائلها من الأزد حسبما تقدم وفرضتها البرك والقحمة.

وفي تهامة جملة من الأشراف العلويين كبني النعمي وبني الحازمي ومن إليهم من أشراف المخلاف السليماني في صبيا وأبي عريش وحرض

١٦٠