تنقيح المقال - ج ٢

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-383-6
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٦٠

الفائدة الثامنة والعشرون

إنّا قد شرحنا القول في حدّ الصحابي في الفصل الثامن من مقباس الهداية (١) ، ونقول هنا : إنّه قد اتّفق أصحابنا الإمامية على أنّ صحبة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بنفسها وبمجرّدها لا تستلزم عدالة المتّصف بها ولا حسن حاله ، وأنّ حال الصحابي حال من لم يدرك الصحبة في توقف قبول خبره على ثبوت عدالته ، أو وثاقته ، أو حسن حاله ، ومدحه المعتد به مع إيمانه (٢).

وخالفنا في ذلك جمهور العامة فبنوا على تعديل جميع الصحابة.

قال الغزالي في الفصل التاسع من الإحياء (٣) ما لفظه : اعتقاد أهل السنة (٤) تزكية جميع الصحابة.

__________________

(١) مقباس الهداية ٣/٢٩٦ ـ ٣٠٧ [الطبعة المحقّقة الاولى].

(٢) كتبت حول عدالة الصحابة ونظر الشيعة وغيره .. عدّة كتب مستقلة فضلا عن الرسائل والمقالات ، وقد اشبعت المسألة بحثا وتحليلا ، ولا نجد ثمّة حاجة إلى التفصيل فيها بعد كونها مسألة عقائدية أولا وبالذات ، درائية ورجالية ضمنا وعرضا. انظر مثلا : أعيان الشيعة ١/١١١ ـ ١١٧ ، أجوبة مسائل جار اللّه للسيّد شرف الدين : ١٢ .. وغيرهما.

(٣) إحياء علوم الدين ١/٩٣ [وفي طبعة دار المعرفة ١/١١٥].

(٤) في المطبوع من المصدر : اعتاد أهل السنة .. وزاد : والثناء عليهم ..!

٣٢١

وعن عبد اللّه الهروي في كتاب الاعتقاد (١) : الصحابة كلّهم عدول ، فمن تكلّم فيهم بتهمة أو تكذيب فقد توثّب على الإسلام .. إلى آخره.

ومنهم من قال (٢) : إنّهم عدول إلى حين قتل عثمان ، ويبحث عن عدالتهم من حين قتله لوقوع الفتن بينهم حينئذ.

ومنهم من قال (٣) : هم عدول إلاّ من قاتل عليا عليه السلام فهم فساق ، لخروجهم على الإمام الحق.

ومنهم (٤) من أنكر عليه ذلك ، وقال : إنّهم في قتالهم مجتهدون ، فلا يأثمون وإن أخطأوا ، بل يؤجرون!

والحق المعوّل ما عليه أصحابنا رضوان اللّه عليهم.

لنا وجوه :

الأوّل : إنّ من المعلوم بالضرورة ، وبنص الآيات الكريمة وجود الفساق والمنافقين في الصحابة بل كثرتهم فيهم ، وعروض الفسق ـ بل الارتداد ـ لجمع منهم في حياته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولآخرين بعد وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .. ألا ترى إلى إخباره سبحانه بفرارهم من

__________________

(١) نقله عنه في الطرائف لابن طاوس ٢/٣٧٤ ، والصراط المستقيم للبياضي ٣/٢٢٩ ـ ٢٣٠ .. وغيرهما.

(٢) لاحظ : النصائح الكافية : ١٦٦ [طبعة بغداد : ١٣٥] ، وزاد عليه قوله : ومنهم الممسك عن خوضها .. وقد أخذه والذي يليه من كتاب جمع الجوامع وشرحه.

(٣) حكاه في النصائح الكافية : ١٦٦ [طبعة بغداد : ١٣٥].

(٤) المصدر السالف.

٣٢٢

الزحف ـ وهو من أكبر الكبائر ـ في قوله سبحانه : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) .. (١) الآية. وكانوا أكثر من أربعة آلاف رجل ، ولم يتخلّف معه إلاّ سبعة.

وبارتدادهم ؛ بقوله سبحانه : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) .. (٢) الآية.

وبفتنتهم في الدين بالاختبار في آيات كثيرة ، وبكراهتهم للجهاد وتثاقلهم عن الخروج إلى بدر ، وبطمعهم في الغنائم والأموال .. وغير ذلك ممّا ينبئ عن سوء السريرة وعدم خلوص النية .. في آيات كثيرة في سورة الأنفال ، وبترك الصلاة إذا رأوا تجارة أو لهوا (٣).

فإذا كانوا معه ـ وهو بين أظهرهم ، تتّقى سطوته وسلطانه ـ بهذه المثابة فكيف يستبعد منهم الفسق والكفر بعده ميلا إلى هوى أنفسهم في طلب الملك وزهرة الحياة الدنيا؟! وبانقلابهم على أعقابهم بعده نص سبحانه بقوله عزّ من قائل : (وَمٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّٰهَ شَيْئاً) (٤) .. وأخبر تعالى بنفاقهم في آيات كثيرة.

__________________

(١) سورة التوبة (٩) : ٢٥.

(٢) سورة المائدة (٥) : ٥٤.

(٣) إشارة إلى الآية الحادية عشر من سورة الجمعة.

(٤) سورة آل عمران (٣) : ١٤٤.

٣٢٣

الثاني : طائفة من الأخبار الواردة من طرق الخصوم الناطقة بفسق جمع من الصحابة وارتدادهم بعده صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.

مثل ما عن الجمع بين الصحيحين للحميدي (١) من مسند سهل بن سعد في الحديث الثامن والعشرين ، و [كذا] المتّفق عليه ، قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول : «أنا فرطكم على الحوض ، من ورد شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني .. ثمّ يحال بيني وبينهم» (٢).

قال أبو حازم : فسمع النعمان بن أبي العباس (٣) ـ وأنا أحدّثهم هذا الحديث ـ فقال : هكذا سمعت سهلا يقول!؟ قلت : نعم ، قال : أشهد (٤) على أبي سعيد

__________________

(١) الجمع بين الصحيحين للحميدي ١/٥٥٦ برقم ٩٢٣ طبع أخيرا.

(٢) إلى هنا جاء بألفاظ متقاربة ومؤدى واحد في أكثر من مصدر ، بل هو مسلّم عندهم مستفيض بينهم.

انظر من كتب حديث العامة ؛ صحيح البخاري ٥/٢٤٠٦ حديث ٦٢١٢ ، و ٦/٢٥٨٧ حديث ٦٦٤٣ ، ثمّ ذكر ما زاده أبو سعيد الخدري عليه ، وصحيح مسلم ٤/١٧٩٣ حديث ٢٢٩٠ وفيه ذيل ، ومسند أحمد بن حنبل ٥/٣٣٣ و ٣٣٩ ، والمعجم الكبير ٦/١٤٣ و ١٥٦ و ١٧١ ، ومجمع الزوائد ١٠/٣٦٣ ، وفتح الباري ١١/٣٨٥ ، والتمهيد لابن عبد البر ٣/٣٠١ و ٣٠٨ ، و ٢٠/٣٥٧ ، وفيه لفظ : «يعرفونني» ، وشرح سنن ابن ماجه ١/٢١٩ .. وغيرها كثير.

(٣) في الجمع بين الصحيحين : ابن أبي عيّاش ، وكذا في صحيح البخاري : ثم قال : هكذا سمعت من سهل؟ فقلت : نعم ..

(٤) في المصدر : وأنا أشهد ..

٣٢٤

الخدري لسمعته يزيد ، ويقول : «إنّهم من امتي (١) ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقا ..! فسحقا (٢) لمن بدّل بعدي» (٣).

وعنه (٤) من المتّفق عليه في الحديث الستين ، من مسند عبد اللّه بن عباس ، قال : إنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : «.. ألا وإنّه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب! أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ..! فأقول كما قال العبد الصالح : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مٰا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّٰا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبٰادُكَ) (٥) ، قال : فيقال لي : إنهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم» (٦).

__________________

(١) في المصدر ، وفي الصحيحين : إنّهم منّي ..

(٢) في المصدر : سحقا.

(٣) لاحظ : مسند أحمد بن حنبل ٥/٣٣٣ حديث ٢٢٨٧٣ ، والتمهيد لابن عبد البر ٢/٣٠٨ ، ومسند الروياني ٢/١٩٢ .. وغيرها.

(٤) الجمع بين الصحيحين للحميدي ٢/٥٠ ـ ٥١ برقم ١٠٣٦.

(٥) سورة المائدة (٥) : ١١٧ ـ ١١٨ ، وقد نقل الآية إلى آخرها : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) في المصدر.

(٦) جاء مكررا في المجاميع الحديثية والموسوعات التفسيرية ، كما في صحيح البخاري ٢/١٢٢٢ حديث ٣١٧١ ، و ٣/١٢٧١ حديث ٣٢٦٣ ، و ٤/١٦٩١ حديث ٤٣٤٩ ، ٤٣٥٠ ، وفي صفحة : ١٧٦٦ حديث ٤٤٦٢ ، و ٥/٢٣٩١ حديث ٦١٦١ بألفاظ متقاربة ، وكذا صحيح مسلم ٤/٢١٩٤ حديث ٢٨٦٠ ، وصحيح ابن حبان ١٦/٣٤٤ ،

٣٢٥

وعنه (١) في الحديث الحادي والثلاثين بعد المائة ـ من المتّفق عليه ـ من مسند أنس بن مالك ، قال : إنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : «ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ رؤوسهم (٢) اختلجوا [دوني] (٣) ، فلأقولنّ : أي رب! أصحابي .. أصحابي (٤) فليقالنّ : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (٥).

وعنه (٦) ؛ فيه في مسند عائشة ، عن عبد اللّه بن عمر في الحديث الحادي عشر

__________________

ـ والمستدرك على الصحيحين ٢/٤٨٦ ، وسنن الترمذي ٤/٦١٥ ، والسنن الكبرى ٦/٣٣٩ و ٤٠٨ ، ومسند أحمد بن حنبل ١/٢٣٥ و ٢٥٣ ، ومسند الطيالسي ١/٣٤٣ .. وغيرها ، وكذا في سير أعلام النبلاء ٧/٢٧١ ، والاستيعاب ١/١٦٤ .. وكذا في تفسير ابن كثير ٢/١٢١ .. وغيرها كثير جدا.

(١) الجمع بين الصحيحين للحميدي ٢/٥٩٣ برقم ١٩٧٧.

(٢) في المصدر : لي ، بدلا من : إليّ رؤوسهم.

(٣) ما بين المعقوفين مزيد على المصدر.

(٤) كلا اللفظين في المصدر مصغّرا : «أصيحابي .. أصيحابي».

(٥) جاء الحديث بألفاظ مقاربة في صحيح مسلم ٤/١٧٩٥ و ١٧٩٦ و ١٨٠٠ ، وصحيح البخاري ٤/١٦٩١ و ١٧٦٦ ، و ٥/٢٣٩١ و ٢٤٠٤ و ٢٤٠٥ ، و ٦/٢٥٨٧ كما في فهارسه ، ومسند أبي عوانة ١/٤٤٨ ، و ٢/١٢١ ، ومسند البزاز ٥/١٠٦ ، ومسند أحمد ١/٢٣٥ ، في أكثر من (٣٠) موردا ، ومسند أبي يعلى ٩/١٠٢ و ١٢٦ ، وسنن الترمذي ٥/٣٢١ ، ومجمع الزوائد ٢/٨٥ ، و ٩/٣٦٧ ، و ١٠/٢٦٥ ، والسنن الكبرى ١/٦٦٨ ، و ٦/٤٠٨ .. بل غالب المسانيد والسنن والمجاميع ، وكذا في تفسير القرطبي ٦/٣١١ ، و ٣٧٧ ، وتفسير الطبري ٤/٤٠ ، وتفسير ابن كثير ٣/١٢١ و ٢٥٣ .. ومصادر اخرى كثيرة جدا.

(٦) كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي ٣/٤٤٦ ـ ٤٧٧ برقم ٢٩٦٠.

٣٢٦

من إفراد مسلم (١) ، قال : إنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، قال : «إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم ، أي قوم أنتم؟» ، قال عبد الرحمن (٢) : نكون كما أمرنا رسول اللّه (ص) ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «تتنافسون وتتحاسدون ، ثمّ تدابرون ، ثمّ (٣) تتباغضون و (٤) تنطلقون إلى مساكن المهاجرين ، فتحملون بعضهم على رقاب بعض» (٥).

ورووا (٦) أنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، قال : «ما بال أقوام يقولون إنّ رحم رسول اللّه (ص) لا ينفع يوم القيامة ، بلى ، واللّه إنّ رحمي لموصلة في الدنيا والآخرة ، وإني ـ أيها الناس! ـ فرطكم على الحوض ، فإذا جئتم قال الرجل منكم : يا رسول اللّه (ص)! أنا فلان ابن فلان ، وقال الآخر : أنا فلان ابن فلان. فأقول : أمّا النسب فقد عرفته ، ولكنكم أحدثتم بعدي ، فارتددتم القهقرى».

__________________

(١) صحيح مسلم ٤/٢٢٧٤ ، ولاحظ : شرحه للنووي ١٨/٩٦ .. وغيرهما.

(٢) في المصدر : عبد الرحمن بن عوف.

(٣) في المصدر : أو ثمّ.

(٤) لم ترد الواو في المصدر ، وجاء بدلا منها : أو غير ذلك ، ثم ..

(٤) جاء في أكثر من مصدر حديثي ورجالي ؛ مثل : صحيح ابن حبان ١٥/٨٣ ، وسنن ابن ماجه ٢/١٢٣٤ ، وشعب الإيمان ٧/٢٨٥ ، وفردوس الأخبار ١/٢٣٤ ، وفتح الباري ٦/٢٦٣ ، وتهذيب الكمال ٣٢/١٢١ .. وغيرها.

(٦) كما جاء في مسند أحمد بن حنبل ٢/٦٢ ، وكذا في مسند الطيالسي ١/٢٩٤ ، ومسند عبد بن حميد ١/٣٠٤ ، والتمهيد لابن عبد البر ٢/٢٩٩ .. وغيرها.

٣٢٧

ورووا (١) أنّه ذكر عنده صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الدجال ، فقال : «.. لأنا لفتنة بعضكم أخوف من فتنة الدجال».

وعن جامع الاصول لأبي عبد اللّه محمّد بن معمّر (٢) ، في الحديث الخامس والثلاثين من مسند براء ، من رواية البخاري (٣) ، عن زهير ، عن هلال [بن] المسيّب (٤) ، عن أبيه ، قال : قلت للبراء بن عازب : طوبى لك! أنت ممّن رضي اللّه عنه وبايع تحت الشجرة ، قال : ابن أخي! إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده (٥)!

.. إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة معنى الناطقة بعدم بقاء الصحابة بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على ما كانوا عليه في زمانه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.

الثالث : أنّه روى الفريقان بطرق مستفيضة ـ بل متواترة معنى (٦) ـ أنّ

__________________

(١) كما جاء في مسند أحمد بن حنبل ٥/٣٨٩ ، ومسند البزاز ٧/٢٣٣ ، ومجمع الزوائد ٧/٣٣٥ ، وموارد الضمان ١/٣٦٨ ، وكذا في صحيح ابن حبان ١٥/٣١٨ .. وغيرها.

(٢) كذا ، وهو لابن الأثير ، ولم نجده فيه ، كما أن كتاب محمّد بن معمر هو : جامع العلوم .. ولم نحصل عليه ، وجاء بنصه سندا ومتنا في كتاب الأربعين لمحمّد طاهر القمي الشيرازي : ٢٦٧ ، ونفس الرحمن للميرزا النوري الطبرسي : ٥٩٧ .. وغيرهما ، فراجع.

(٣) صحيح البخاري ٤/١٥٢٩ حديث ٣٩٣٧.

(٤) في الأربعين : علاء بن المسيب.

(٥) وجاء أيضا في أكثر من مصدر ، كما في مقدمة فتح الباري ١/٤٣٤ ، والكامل في ضعفاء الرجال ٣/٦٣ ، والإصابة في معرفة الصحابة ٣/٧٩ .. وغيرها.

(٦) بعد كونه كذلك ، وهو كذلك .. فلا وجه لعدّ طرقه وسرد مصادره ، فراجع.

٣٢٨

النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أمر عليّا عليه السلام بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين.

وعن الجمع بين الصحيحين (١) : من المتّفق عليه إذا التقى المسلمان [بسيفيهما] (٢) فالقاتل والمقتول في النار .. (٣).

وهذا يدلّ على كفر الفرق الثلاث ، وإلاّ لزم أن يكون قاتلوهم ـ وهم اتباع علي عليه السلام ـ من أهل النار ، وهو خلاف الإجماع.

الرابع : أنّ الفريقين رووا وجود المنافقين في أصحاب العقبة (٤) ، وأنّ حذيفة

__________________

(١) كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي ١/٣٦٥ برقم ٥٨٤.

(٢) الزيادة من المصدر.

(٣) روي مكررا بطرق عديدة ، منها ما جاء في صحيح البخاري ١/٢٠ ، و ٦/٢٥٣٠ و ٢٥٩٤ ، وكذا في سنن البيهقي الكبرى ٨/١٩٠ ، وسنن ابن ماجه ٢/١٢١١ ، وفتح الباري ١١/٣٢٨ ، و ١٢/٣٢ و ١٩٧ .. وغيرها.

وكذا في جملة من التفاسير ؛ مثل : تفسير القرطبي ٤/٢١٥ ، و ٦/١٣٧ و ١٨/٢٤١ ، وتفسير الطبري ١٠/٣٦ ، وتفسير ابن كثير ٢/٣٢٤ .. وغيرها ـ كما استفدته من الفهارس ـ وله مصادر جمّة حتى في كتب الرجال ؛ كالكامل في الضعفاء ٧/١٩٢ ، وتهذيب الكمال ٢٢/٥٠٥ ، ولسان الميزان ٣/٤٥ .. وغيرها.

(٤) قصة العقبة وأصحابها مفصّلة جدا ، وتخرجنا عن موضوع الكتاب. نشير إلى لمّة من مصادرها من الخاصة ، ونحيل مصادر العامة إلى ذيل ما جاء من تحقيق في بحار الأنوار ـ قسم المطاعن منه (٢٩ ، ٣٠ ، ٣١) ـ ونذكر بعضها :

فمنها : الاحتجاج للطبرسي : ٣٠ ـ ٣٣ ، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ١٥٢ ـ ١٥٦ ذكر القصة بشكل مفصّل ، إرشاد القلوب ٢/١١٢ ـ ١٣٥ ،

٣٢٩

كان عالما بأسمائهم ، وأنّهم أثنا عشر رجلا (١) ؛ ففي مسند أحمد (٢) ، في خبر عن حذيفة ، عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : «في أصحابي اثنا عشر منافقا ، ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط».

وعن الجامع الكبير (٣) ، عن أبي الطفيل ، قال : كان بين حذيفة وبين رجل من أهل العقبة ما يكون بين الناس ، فقال : أنشدك اللّه ، كم كان أصحاب العقبة؟ قال أبو موسى الأشعري : قد كنّا نخبر أنّهم أربعة عشر ، فقال حذيفة : وإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر ، إنّ اثني عشر منهم حرب اللّه ورسوله في الحياة

__________________

ـ كتاب سليم بن قيس : ١٦٥ [الطبعة المحقّقة ٢/٧٢٥ ، و ٧٢٩ ـ ٧٣٠] ، تفسير العياشي ١/٢٠١ و ٢٠٥ ، بحار الأنوار ٢١/١٨٥ ـ ٢٥٢ باب ٢٩ غزوة تبوك وقصة العقبة ، و ٢٢/٩١ ـ ٩٢ ، وبحار الأنوار أيضا ٢٨/٨٦ ـ ١١٦ حديث ٣ ، وصفحة : ١٢٨ ، ٣٢/٢١٨ ، ٨٥/٢٦٧ ، وللعلاّمة المجلسي في بحاره ٢٠/٩٢ ذيل حديث ٢٣ : بيان ؛ احتمل فيه أنّ أصحاب العقبة أصحاب الشعب الذين أمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بحفظه ، أو الأنصار الذين بايعوا في العقبة ، أو المعنى إنّ الذين فرّوا يوم احد وقفوا على العقبة لينفروا ناقة الرسول صلّى اللّه عليه وآله ، والأوّل أنسب عنده ، وفيه ما لا يخفى.

(١) هذه الرواية وما بعدها سلفت ذيل عنوان : الاثنا عشر منافقا من أصحاب رسول اللّه (ص) في صفحة : ١٠٤ ـ ١٠٦ ، وفي عدّهم وعددهم كلام ليس هنا محله.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ٥/٣٩٠ حديث ٢٣٣٦٧ عن عمّار رضوان اللّه عليه ، وسلفت له مصادر جمّة.

(٣) جاء في المسانيد مكررا ؛ كما في صحيح مسلم ٤/٢١٤٤ ، وشرح النووي عليه ١٧/١٢٥ ، وكذا في تفسير ابن كثير ٢/٣٧٤ ، وسنن البيهقي ٩/٣٣ ، والمصنّف لابن أبي شيبة ٧/٤٤٥ .. وغيرها.

٣٣٠

الدنيا ويوم يقوم الأشهاد (١).

الخامس : الخبر الطويل الذي نقلناه في ذيل الفصل الأوّل من مقباس الهداية (٢) المنوّع للصحابة الراوين عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خمسة (٣) أنواع ، أوّلهم : «المنافق الذي تعمّد الكذب عليه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ..» فإنّه نصّ في أنّ في الصحابة من تعمّد الكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وأنت تعلم أنّ من تعمّد الكذب فاسق ، بل كافر.

السادس : أنّ البناء على عدالة جميع الصحابة يتوقّف على تعطيل جميع أحكام اللّه تعالى في حقّهم ، وإباحة جميع المحرّمات لهم ، وإلاّ فكيف يعقل تعديلهم؟!

ومنهم : من تخلّف عن جيش اسامة ؛ وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «جهّزوا جيش اسامة ، لعن اللّه من تخلّف

__________________

(١) أقول : قد سلف هذا الحديث بنصه ، وقد عدّدنا له بعض المصادر تحت عنوان : الاثنا عشر منافقا من أصحاب رسول اللّه (ص) ، ذيل الفائدة الثانية عشرة : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، فراجع.

(٢) مقباس الهداية ١/٧٠ ـ ٧٥ وهنا نقلا بالمعنى ، والحديث في اصول الكافي ١/٦٢ ـ ٦٣ [صفحة : ٥٠ ـ ٥١] كتاب فضل العلم ، باب اختلاف الحديث ، ولاحظ شرحه في مرآة العقول ١/٢١٠ ـ ٢١٥ ، ونهج البلاغة (محمّد عبده) : ١٨٨ ، وفي طبعة صبحي الصالح : ٣٢٥ ، وكتاب سليم بن قيس : ١٠٣ ـ ١٠٦ باختلاف كثير [الطبعة المحقّقة ٣/٩٧٠ ـ ٩٧٥] .. وغيرها.

(٣) كذا ، والصحيح : «إنما آتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس ..».

٣٣١

عن جيش أسامة» (١).

وأيضا ؛ خالف النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في [أمره ب‌] إحضار الدواة والقرطاس (٢) ؛ ليكتب ما يحفظ الأمة من الضلالة ، وقال : دعوه فإنّه يهجر (٣)!!

__________________

(١) كما جاءت الواقعة ـ مع كلامه صلوات اللّه عليه وآله ـ في أمالي الشيخ الطوسي مفصّلا : ١٢٩ ، والإرشاد للشيخ المفيد رحمه اللّه : ٩٤ ـ ٩٨ [الطبعة المحقّقة ١/١٨٣ ـ ١٨٤] ، وإعلام الورى للطبرسي : ٨٢ ـ ٨٤ ، ومناقب آل أبي طالب ١/١٥٢ ـ وعنه في بحار الأنوار ٢٢/٥٢٠ ـ ٥٢١ حديث ٢٨ ، وإرشاد القلوب ٢/١٣٠ ، والخصال : ٣٧٢ ، والإختصاص : ١٧٠ ، والطرائف : ٣٣ .. وغيرها.

وقد عقد العلاّمة المجلسي في بحاره بابا (برقم ١) في وصيته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عند قرب وفاته ، وفيه تجهيز جيش اسامة ٢٢/٤٥٥ ـ ٥٠٣ ، وجاء في موارد اخرى من بحار الأنوار مثل ٢٧/٣٢٤ ذيل مناظرة الحروري مع الإمام الباقر عليه السلام.

وأما من طريق العامة ، فانظر مصادره فيما أورده محقق كتاب بحار الأنوار ـ جزاه اللّه خيرا وحشره مع مواليه فيه ـ ٣٠/١٠ و ١٢١ و ١٢٤ ـ ١٢٥ و ٣٥٥ و ٤٢٧ و ٤٣٣ .. وغيرها.

وانظر : أبجد العلوم ١/١٦٧ ، وكشف الظنون ١/٢٧ .. وغيرهما.

(٢) وفي لفظ : «ائتوني بالكتف والدواة ..» أو «اللوح والدواة ..».

(٣) من الألطاف الإلهية بقاء أمثال هذه الأحاديث في المجاميع الحديثية عند العامة ، وإلاّ لما أمكن مس الأصنام فضلا عن كسرها ..! والحديث جاء بألفاظ عديدة جدا ، ومع كل محاولات التحريف والتدليس فيه ، فهو حجّة دامغة عليهم ؛ إذ للّه الحجة البالغة ..

وعلى كل ؛ فقد روي مسندا عن ابن عباس في رزية يوم الخميس في صحيح مسلم ٣/١٢٥٩ حديث ١٦٣٧ ، وفيه فقالوا : إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه [وآله] وسلّم يهجر.

٣٣٢

وفيهم (١) : من أبدع في الشورى عدّة بدع ، فخرج بها عن النص والاختيار ، وحصرها في ستة ، شهد على كلّ من ـ سوى علي عليه السلام ـ بعدم صلوحه لها ، وأمر بضرب رقابهم إنّ تأخّروا أكثر من ثلاثة أيام ، وأمر بضرب رقبة من يخالف عبد الرحمن ، لعلمه بأنّه لا يعيّن عليا عليه السلام .. وكلّ ذلك حكم بما لم ينزل اللّه تعالى.

وفيهم : من طرده رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مع أبيه عن المدينة ،

__________________

وكذا فيه حديث ١٦٣٨ ، وفيه : وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب .. فقال : إنّ رسول اللّه (ص) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن .. حسبنا كتاب اللّه ..

ولاحظ : شرح النووي على صحيح مسلم ١١/٨٩ ـ ٩٣ ، وقال : اتفق العلماء والمتكلمون في شرح الحديث على أنّه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره ..!! بمعنى أنّ هذا ما كان لرسول اللّه (ص) ـ والعياذ باللّه!! ـ وذكر وجوه ركيكة أسخف منهم ومن أسيادهم ..

وانظر : مسند أبي عوانة ٣/٣٧٨ وفيه : إنّه يهجر .. من دون ذكر اسمه! ، والجمع بين الصحيحين للحميدي ٢/٩ ـ ١٠ برقم ٩٨٠ ، ومسند أحمد بن حنبل ١/٣٥٥ حديث ٣٣٣٦ ، و ٣/٤٠٣ حديث ٩٢٢٩ ، والمعجم الكبير ١١/٤٤٥ حديث ١٢٢٦١ ، وكتاب السنة للخلال ١/٢٦٩ و ٢٧١ و ٢٧٣ ، وفيه : يهجر ، وفتح الباري ٨/١٣٣ ، وله توجيه سخيف ، وكذا في تاريخ الطبري ٣/٢٢٩ .. وغيرها.

وجاء في السنن الكبرى ٣/٤٣٥ حديث ٥٨٥٦ ، وفيه : .. وتكلّم عمر فتركه كتابة العلم في الألواح والأكتاف .. ونقله بأكثر من سند .. ترجمه في كتاب الأسرار ٤/١٦٤ ـ ١٧٩.

(١) كذا ، ولعلّه : ومنهم .. وكذا فيما يأتي.

٣٣٣

وهو مروان بن الحكم (١) ، ولم يبايع عليا عليه السلام بعد قتل عثمان ، ومات ميتة جاهلية. وعن الكرماني في شرح الصحيح (٢) عند رواية مروان ما لفظه :

فإن قلت : كيف روى مروان ذلك ، وهو لم يسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولم يكن بالحديبية؟!

قلت : هو من مراسيل الصحابة ، وهو معتبر اتفاقا. انتهى.

وأقول : قبّح اللّه معشرا يتفّقون على اعتبار مراسيل مروان طريد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ويتّهمون جابر الجعفي في حديثه لإظهاره القول بالرجعة.

قال سفيان (٣) : كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر ، فلمّا أظهر ما أظهر اتّهمه الناس في حديثه ، وتركه الناس ، فقيل له : وما أظهر؟ قال : الإيمان بالرجعة.

والحال أنّ القول بالرجعة ليس ممّا أنكره العقل ، ولا نفاه الشرع ، بل لو لم تكن الآيات التي استدلوا بها على إثباتها نصا فيها فلا أقلّ من ظهورها

__________________

(١) لاحظ ترجمته في كتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار ٤/٢٥٨ ـ ٢٦٣.

(٢) شرح صحيح الكرماني ؛ ولم أجد الكتاب وإنّما وجدت الحديث في كتاب الأربعين لمحمّد طاهر القمي الشيرازي : ٢٨٧ ، وكذا في نفس الرحمن للميرزا النوري الطبرسي : ٥٩٨ .. وغيرهما.

(٣) كما صرّح به مسلم بن الحجاج في صحيحه ١/٢٠ ، وكذا العقيلي في كتابه الضعفاء ١/١٩٤ .. وغيرهما.

٣٣٤

فيها .. فكيف صار القول بها بدعة موجبة لسقوط حديث الرجل عن الاعتبار؟!

وفيهم ـ أيضا ـ : من هو رأس القاسطين ، ورئيس الفئة الباغية ، بإخبار النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في قتل عمّار ، وأنّهم«يدعوهم إلى الجنة ، ويدعونه إلى النار» (١). ومن دعى عليه النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : «لا أشبع اللّه بطنه» (٢) واستجيبت دعوته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيه ، حتى اشتهر بذلك.

ومن حارب من حربه حرب اللّه ، ومن سن السب على من ثبت تعظيمه وتكريمه بالكتاب والسنة ، حتى سبّوه على المنابر والمحافل في سنين متطاولة.

__________________

(١) يعدّ هذا الحديث النبوي من الأخبار المستفيضة جدا ؛ وجاء في غالب صحاح العامة ومسانيدهم ؛ كما في صحيح البخاري ١/١٧٣ ، وصحيح ابن حبان ١٥/٥٥٣ و ٥٥٤ ، ومسند أحمد بن حنبل ٣/٩٠ ، ومجمع الزوائد ٧/٢٤٣ ، والمعجم الكبير ١٣/٣٩٥ ، وحلية الأولياء ٤/٣٠ ، وسير أعلام النبلاء ١/٤١٥ و ٤١٩ ، وفضائل الصحابة لابن حنبل ٣/٨٥٨ .. وغيرها كثير.

(٢) كما في صحيح مسلم ٤/٣٠١٠ ، وانظر : شرح النووي عليه ١٦/١٥٠ ـ ١٥٣ ، ولاحظ ما ذكر فيه من توجيه من جعلهم لحديث سخيف في أنّ رسول اللّه (ص) كان يغضب كما يغضب البشر! وأنّه (ص) قال : أيّما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فأجعلها له كفارة وقربة!! .. وغير ذلك.

ولاحظ : سير أعلام النبلاء ٣/١٢٣ ، وميزان الاعتدال ٥/٣٩١ ، وتهذيب الكمال ٢٣/٣٤٤ ، وتاريخ الطبري ٥/٦٢٣ ، وطبقات المحدثين بإصفهان ٣/٢٣ .. وغيرها كثير.

٣٣٥

وسبّه ـ سيما بعد الموت ـ يكشف عن غلّ كامن ، وكفر باطن.

وفيهم : من هو أمير المارقين ؛ ومن قال للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ حين كان يقسّم الصدقات ـ : أقسم بالسّوية (١)! فنزل : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقٰاتِ ..) (٢).

وفيهم : من عبّر اللّه تعالى عنه ب‌ : الفاسق (٣) ؛ في قوله تعالى : (إِنْ جٰاءَكُمْ

__________________

(١) اتفق المفسرون في مجاميعهم ـ ذيل هذه الآية الكريمة ـ على نقل هذه الواقعة بتفصيل ، لاحظ مثلا : تفسير القرطبي ٨/١٦٦ ، و ١٦/٣٢٧ ، تفسير الطبري ١٠/١٥٥ ـ ١٥٧ ، تفسير ابن كثير ٣/٣٦٤ .. وغيرها.

ومن كتب الحديث : صحيح البخاري ٦/٢٥٤٠ ، وسنن الدارمي ١/٥٨ ، والمصنف لعبد الرزاق ١٠/١٤٧ ، ومسند أحمد بن حنبل ٣/٥٦ ، وفتح الباري ٨/٦٢٩ ، و ١٣/٢٩٨ .. وغيرها.

وكذا في كتب التاريخ ؛ كالسيرة النبوية ٥/٢٣٨ ، والتمهيد لابن عبد البر ٣/٣٣٣ ، والمحلى لابن حزم ١١/٣٠٦ ، وكذا في الطبقات الكبرى لابن سعد ٧/١٨٤ .. وغيرها.

(٢) سورة التوبة (٩) : ٥٨.

(٣) كما روي عن الإمام الباقر عليه السلام وغيره ، وأورده علي بن إبراهيم القمي في تفسيره : ٥١٣ (الطبعة الحجرية ، وفي الحروفية ٢/١٧٠) ، ومثله في تفسير فرات الكوفي : ١٢٠ : عن ابن عباس ـ كما في كنز جامع الفوائد : ٢٢٨ ، وكذا في تأويل الآيات الظاهرة ٢/٤٤٢ حديث ٢ ـ قال : إنّ الوليد بن عقبة ابن أبي معيط قال لعلي عليه السّلام : أنا [واللّه] أبسط منك لسانا ، وأحدّ منك سنانا ، وأملأ منك حشوا لكتيبة ، فقال له علي عليه السلام : «اسكت يا فاسق!» فأنزل اللّه جلّ اسمه : (أَفَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لاٰ يَسْتَوُونَ) [سورة السجدة (٣٢) : ١٨] ..

٣٣٦

فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (١).

وفي قوله تعالى : (أَفَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لاٰ يَسْتَوُونَ) (٢) ، وهو الوليد بن عتبة (٣).

وفيهم : رؤساء الناكثين ؛ الذين حاربوا أمير المؤمنين عليه السلام.

وفيهم : من ضربه عمر بالدّرة ، وقال له : قد أكثرت من الرواية ،

__________________

ـ وذكره ابن قتيبة في المعارف : ٣١٨ ـ ٣١٩ ، وابن أبي الحديد في شرحه على النهج ٢/٨ ، والمزي في تهذيب الكمال ١٩/٢٠٥ .. وغيرهم في غيرها.

بل في الكشاف للزمخشري ٢/٤٢٢ ، قال : وعن الحسن بن علي [عليهما السلام] أنّه قال للوليد : «كيف تشتم عليا وقد سمّاه اللّه مؤمنا في عشر آيات ، وسماك : فاسقا؟!». ومثله في شرح النهج ٤/٨٠ عنه عليه السلام ، وفيه : «.. وقد سمّاه اللّه عزّ وجلّ في غير آية : مؤمنا وسماّك : فاسقا».

انظر : كشف الغمة : ٣٥ ـ ٩٣ [١/٣١٥ و ٢/٧٠] ، وكشف اليقين : ٣٥٩ ، والجمل : ٦١ ، والإصابة ٦/٦٣١ ، ووقعة صفين : ١٦١ ، وأسباب النزول للواحدي : ٢٩١ ، وشواهد التنزيل ١/٥٧٩ .. وغيرها ، بل هو أمر متفق عليه نقلا وثبتا.

كما جاء في تفسير ابن كثير ٢/٤٠٢ ، وتفسير الطبري ٢/٦٢ ، والاستيعاب ٤/٢٥٢ ، ونقل الإجماع في نزولها في الوليد ، حيث قال في ترجمته : .. ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن ـ فيما علمت ـ إنّ قوله عزّ وجلّ : إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ [سورة الحجرات (٤٩) : ٦] نزلت في الوليد بن عقبة.

(١) سورة الحجرات (٤٩) : ٦.

(٢) سورة السجدة (٣٢) : ١٨.

(٣) كذا ، والظاهر : الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

٣٣٧

ولا أحسبك إلاّ كذّابا (١) ؛ وهو أبو هريرة (٢).

وفيهم : من قعد عن بيعة علي عليه السلام ولم يعرف إمام زمانه ، أو عرفه ولكن أنكره ؛ كعبد اللّه بن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، ومحمّد بن مسلمة (٣).

وفيهم : من صرّح ببغض النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وكنّاه ب‌ : الأبتر (٤) ؛

__________________

(١) وفي بعض المصادر ـ بل الغالب ـ : أحرى بك أن تكون كاذبا.

(٢) كما قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢/٦٠٠ ، وابن أبي الحديد في شرحه على النهج ٤/٦٨ [١/٣١٠ من ذات الأربع مجلّدات] ، والثقفي في الغارات ٢/٦٦٠ ، والفضل بن شاذان في الإيضاح : ٤٩٥ ، ومحمّد طاهر القمي الشيرازي في كتابه الأربعين : ٢٩٦ .. وغيرهم ، ولاحظ كتاب : أكثر أبو هريرة وما عليه من مقدمة لنا ، وقد أدرجنا فيه مصادر جمّة ..

(٣) انظر عنهم : الأخبار الطوال للدينوري : ١٣١ ، والكامل لابن الأثير ٣/٢ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ٩/٣١٩ ـ ٣٢٠ .. وغيرها.

أقول : هذا عدا ما رواه البلاذري في فتوح البلدان : ٢١٨ مسندا ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه [عليه السلام] : «من كره القتال منكم أن يقاتل معنا معاوية .. فليأخذ عطاءه وليخرج إلى الديلم فليقاتلهم ..!»وهم أربعة آلاف أو خمسة آلاف ..!

(٤) اختلف في أنّ الآية الكريمة نزلت في العاص بن وائل السهمي ، أو ولده عمرو ، أو فيهما معا ، فقد خصّت كتب اللغة بالأوّل ، كما في كتاب العين ٤/٣٧ ، والنهاية ١/٩٣ ، ومجمع البحرين ٣/٢١٢ ـ ٢١٣ .. وغيرها ، وكرر التصريح بها العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في أكثر من بيان له في بحاره ١٦/٣١٢ ، و ١٧/٢١٠ ، و ١٨/٣٩٢ .. وغيرها.

قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ٦/٢٨٢ : ويلقّب العاص بن وائل في الإسلام ب‌ : الأبتر ؛ لأنّه قال لقريش : سيموت هذا الأبتر غدا فينقطع ذكره! .. وقريب منه ـ

٣٣٨

فنزل : (إِنَّ شٰانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (١).

.. إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على من راجع الكتب الموضوعة لذلك.

احتج المخالفون في تعديل جميع الصحابة بعدّة أخبار مجعولة ؛ عليها آثار الجعل ظاهرة ، ومع ذلك هي عن إثبات مقصدهم قاصرة.

وهي ما روى البخاري منهم في صحيحه (٢) ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «خير أمتي قرني ، ثمّ الذين يلونهم .. ثمّ الذين يلونهم ... (٣) ، ثمّ إنّ بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون

__________________

ما حكاه في بحار الأنوار ٤٤/٨٠ ، وعين العبرة : ٧٤ ، والمعارف لابن قتيبة : ١٢٤ ، وطبقات ابن سعد ١/١١٥ ، وتاريخ ابن عساكر ٧/٣٣٠ ، والغدير ٢/١٢٠ .. وغيرها. وتظافرت النصوص في إطلاق : الأبتر ؛ على الولد ، كما في غالب التفاسير ؛ كتفسير القمي ٢/٤٤٥ ، وتفسير البرهان ٤/٥١٥ ، وكذا صفين لابن مزاحم : ١٧٦ [وصفحة : ٣٢٣ ـ ٣٥٩ من طبعة مصر] .. وغيرها.

ولاحظ : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار ١/٢٤ ـ ٢٨ ، وترجمته في المجلّد الرابع من الأسرار ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ٦/٢٨١ ـ ٢٨٣ و ٢٩١ .. وغيرها.

(١) سورة الكوثر (١٠٨) : ٣.

(٢) صحيح البخاري ٢/٩٣٨ حديث ٢٥٠٨ باختلاف أشرنا لبعضه .. وقريب منه الحديث الذي بعده ٢٥٠٩ ، وانظر أيضا ٣/١٢٣٥ ، و ٥/٢٢٦٢ ، و ٦/٢٤٥٢ و ٣٠٤٣ منه ، كما في فهرسته .. ولاحظ : شرحه فتح الباري ٧/٥ .. وغيره.

(٣) في الصحيح : قال عمر : إن لا أدري أذكر النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم بعد قرنه .. قرنين أو ثلاثة ..؟! قال النبي (ص) : «إنّ بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون ، ويشهدون و..».

٣٣٩

ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يفون ، ويظهر فيهم السمّن» (١).

وما في مشكاة المصابيح (٢) ـ من المتّفق عليه ـ عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «لا تسبّوا أصحابي ، فلو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدى أحدهم ولا يصفه (٣) ..!» (٤).

وفيه (٥) : عن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم : «أكرموا أصحابي ، فإنّهم خياركم» (٦).

__________________

(١) لقد جاء الحديث بألفاظ مقاربة في مصادر جمّة ؛ كما في مسند الطيالسي ١/٣٩ ، وفتح الباري ٧/٥ ، وتحفة الأحوذي ٦/٤٨٣ ، ونيل الأوطار ٩/٢٠٩ .. وغيرها.

ومثله في الإصابة ٧/٥٥٩ ، والتدوين في أخبار قزوين ٣/٤٧٥ ، والآحاد والمثاني ٥/٤٧٣ .. وغيرها.

(٢) مشكاة المصابيح (كتاب المناقب)٥/١٢٣٨ حديث ٦٠٠٧.

(٣) في المصدر : ولا نصيفه .. وهو الظاهر.

(٤) ومثله جاء في تفسير القرطبي ٤/١٧١ ، و ١٦/٢٩٧ ، ومسند أحمد بن حنبل ٣/٦٣ ، ومجمع الزوائد ١٠/٢١ ، والأحاديث المختارة ٦/٦٧ ، والفردوس بمأثور الخطاب ٥/١٣ و ١٤ ، وشعب الإيمان ٢/١٩٠ ، وفتح الباري ٧/٣٤ ، والتمهيد لابن عبد البر ٢٠/٢٥١ ، وحلية الأولياء ٣/٣٥٠ ، والتاريخ الكبير ٧/٨٠ .. وغيرها.

وروي عن ابن عباس ؛ في ميزان الاعتدال ٧/٤٤٣ ، وعن مسلم في تدريب الراوي ١/٣٠٤ .. وغيرهما.

(٥) مشكاة المصابيح ٥/١٢٤٤ (كتاب المناقب) حديث ٦٠١٢ عن عمر ، وهو حديث مفصّل.

(٦) جاء مكررا في مجاميع العامة ، وبألفاظ متقاربة ، منها ما كان بهذا اللفظ ؛ كما في

٣٤٠