تنقيح المقال - ج ٢

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-383-6
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٦٠

وبالجملة ؛ فحيث كانت الحاجة إلى علم الرجال من باب المقدميّة لتحصيل الاطمئنان بالحكم الشرعي واستفراغ الوسع في ذلك ، لزم المجتهد استفراغ وسعه في أحوال الرجال أيضا ، ولم يجز له الاعتماد على تصحيح الغير مع إمكان مباشرة التصحيح له.

فما تعارف في هذه الأزمنة الأخيرة ـ وجرت سيرة طلاب العلوم فيها على طلب الراحة ـ من الاعتماد على تصحيح الغير ؛ اشتباه وغلط ، بعد وضوح كون مراجعة أحوال الرجال ، ومباشرة التصحيح مورثا لقوة الظن وزيادة الاطمئنان ، التي بنوا عليها إيجاب تقديم الأعلم في التقليد.

ومن هنا يلزم الاجتهاد في أحوال الرجال حسب الوسع والطاقة.

نعم ؛ لا بأس بالاعتماد على تصحيح الغير عند العجز عن مباشرة التصحيح أحيانا ، وأمّا الاعتماد على تصحيح الغير المبني على اجتهاده ، فربّما منع منه بعض الأواخر ، حيث قال : التحقيق التفصيل بين التصحيح المردّد بين كونه ناشئا عن اجتهاد أو إخبار ، أو المعلوم كونه اجتهاديا ، فلا يصحّ التعويل عليه ، وبين ما علم كونه ناشئا عن إخبار.

__________________

وبعبارة اخرى ؛ المشكوك في حصول شرط القبول له ـ أي العدالة أو الوثاقة ـ لا بدّ من إحرازها ؛ إما بالعلم أو ما يقوم مقامه ، ولا يصحّ إجراء الأصل هنا ـ أعني أصالة عدم المعارض ـ لوجود المانع منه ، ومنه يعرف ما في كلام صاحب العدة في الأصل وغيره ، فتدبر.

١٦١

ويتميّز ذلك بالقرائن المعوّل عليها التي منها وضع الكتاب لأن يعوّل عليه ؛ كتصحيح طريق الشيخ رحمه اللّه والصدوق المرسوم في كتب الرجال ؛ فإنّ وضع كتب الرجال لأن يعوّل عليه كلّ مجتهد في علمه بالإخبار عمّا هو الراجح عنده ، ولذا يحمل لفظه (عدل) و (ثقة) في كتب الرجال على أعلى مراتب الوثاقة والعدالة وإن لم يعلم مذهب المخبر في العدالة. انتهى المهمّ من كلامه.

والقول الفصل ما سمعت من لزوم استفراغ الوسع الموجب لجواز الاعتماد على تصحيح الغير إذا كان من أهل الخبرة فيما لم يكن الاستفراغ رأسا في حال الرجل ، فتدبّر جيّدا (١).

__________________

(١) أقول : قد يستدل على عدم اعتبار التصحيح بأنّه ربّما يكون مبنيا على قرائن تقتضي الوثوق والظن بالصدور مع عدم ثبوت عدالة جميع أجزاء السند ؛ فلا تثبت عدالة جميع أجزاء السند ؛ مع عدم اعتبار الظن المستند إلى القرائن ..

وأيضا ؛ أن خلو الخلاصة ـ مثلا ـ ينافي التصحيح من العلاّمة ، فلا اعتبار بتصحيحه ، وكذا لا مجال لاعتبار التصحيح بناء على اعتبار العدد في التوثيق ..

ويمكن المناقشة في الكل إذ الكلام في التصحيح باصطلاح المتأخرين ، فلا بد من كونه مستندا إلى العدالة ، مع أنّ التوثيق مبني على الظن غالبا.

وأما ثانيا ؛ فلعدم جريانه في تصحيح غير العلاّمة ـ مع إمكان أن يكون العلاّمة قد غفل في الخلاصة ثمّ اطلع على العدالة بعد الفراغ منها .. وأما ما ذكرناه أخيرا ؛ فلأنّ الكلام في التصحيح من حيث هو ، وإلاّ فعلى القول باعتبار العدد في التوثيق يتأتى اعتبار العدد في التصحيح.

١٦٢

__________________

تنبيه

وقع الكلام في خصوص تصحيحات العلاّمة من وجوه [أشرنا لبعضها ، وقد ذكرها المحقق الكلباسي في رسالته في ترجمة علي بن محمّد ، انظر : الرسائل الرجالية ٣/٣٦١ ـ ٣٦٣ ، ولاحظ : الفائدة السادسة عشرة من رسالة في النجاشي المطبوعة في الرسائل الرجالية ٢/٣٤٧ ـ ٣٥٧ ، ورسالته في النقد التي وردت في ١/٢١٨ ـ ٢١٩] :

أحدهما : ما ذكره الشيخ محمّد نقلا عن والده من كثرة أوهامه في توثيق الرجال! وأخذه من كتب ابن طاوس ، وهو مشتمل على أوهام!! وقلة مراجعته في الرجال!

وفيه : أنّه لا يختص بالتصحيح بل يعمّ التوثيق وغيره.

ثانيهما : ما ذكره التقي المجلسي في شرح الفقيه [روضة المتقين ١٤/٢٧٤] من : إنّ العلاّمة وأن ذكر القاعدة في تسمية الأخبار بالصحيح والحسن والموثق .. فكثيرا ما يقول ويصف على قوانين القدماء ، والأمر سهل ..

واعترض عليه كثيرا بعض الفضلاء لغفلته عن هذا المعنى .. إلى آخره ، وعليه ؛ فلا مجال للحمل على السهو ؛ لأنّه إنّما يتأتى فيما كان مرّة أو مرّتين مثلا ، وأما ما كان في صفحة واحدة عشرة مرات ـ مثلا ـ فلا يمكن أن يكون سهوا.

وعليه ؛ لا يجدي تصحيحه في الصحة باصطلاح المتأخرين ، ومن ثمّ فلا تثبت به عدالة الراوي.

ثالثا : عدّ الشهيد الثاني رحمه اللّه [كما في تعليقته على خلاصة الأقوال : ١] وكذا السيد الداماد .. وغيرهما موارد للخروج عن الاصطلاح من الصحة في التصحيح ، كما جاء في المنتقى ومشرق الشمسين .. وقد اختلفت الطائفة في بعض تصحيحاته كما في طريق الصدوق لأبي مريم الأنصاري مثلا .. [خلاصة الأقوال : ٢٧٧] وكذا طريقه إلى معاوية ابن شريح .. [خلاصة الأقوال : ٢٧٩] ، وإلى سماعة .. [رجال العلاّمة : ٢٧٧] ، وطريق

١٦٣

__________________

الفقيه إلى زرعة .. [رجال العلاّمة : ٢٧٩] .. صحيح مع كونه فاسد المذهب.

وفي الكل كلام ، وله نظائر متكررة في كلمات الفقهاء.

رابعها : كثرة أخذ العلاّمة عن النجاشي .. قال الشهيد الثاني في تعليقه على الخلاصة [التعليقة على الخلاصة : ٣٣ في ترجمة حجاج بن رفاعة ، ولاحظ صفحة : ٥٢ منه] : من المعلوم من طريقة المصنف أنّه ينقل في الخلاصة لفظ النجاشي في جميع الأبواب ويزيد عليه ما يقبل الزيادة.

ولهم هنا كلام أعرضنا عنه .. كما وإنّ هذا لا يختص بالتصحيح ، بل يطرد في غير التصحيح كالتوثيق وغيره.

خامسها : شدة العجلة المعلومة بالتتبع في الخلاصة ، وقد أشار لذلك المحقّق الشيخ محمّد في تزييف كلامه في بعض التراجم [كما فصّل ذلك المحدّث البحراني في لؤلؤة البحرين : ٢٢٦ برقم ٨٢ ..].

كما وقد قيل : إنّ تجديد النظر لم يكن من عادته ، كما لا يخفى على المتتبّع.

وهو ـ أيضا ـ لا يختص بالتصحيح بل هو ساري مطلقا ، فتدبّر. وقد ذكرت مجموعة من اشتباهات العلاّمة قدّس سرّه في الخلاصة ومتابعاته للنجاشي في رجاله في أكثر من كتاب رجالي [لاحظ : الرسائل الرجالية ٢/٣٤٧ ـ ٣٥٧].

وحكى المولى التقي المجلسي رحمه اللّه ، في شرحه على الفقيه [روضة المتقين ١٤/١٧ ـ ١٨] عن صاحب المعالم أنّه لم يعتبر توثيق العلاّمة ، والسيد ابن طاوس ، والشهيد الثاني بل أكثر الأصحاب تمسكا بأنّهم ناقلون عن القدماء.

لاحظ : الرسائل الرجالية للكلباسي ١/٢٢٠ ، ٣/٢٥٧ ، و ٣٦١ ـ ٣٦٣ ، و ٥١٦ ـ ٥١٩ ، و ٤/٣٧٤ ـ ٣٨٣ في نقد العلاّمة وتهافت كلماته قدّس سرّه.

١٦٤

الفائدة الرابعة عشرة

إنا قد بيّنا في الفصل الرابع من مقباس الهداية (١) إنّ جمعا من القاصرين من الأخباريين (٢) زعموا اختصاص تنويع الحديث إلى الأقسام الأربعة بالعلاّمة ؛ رحمه اللّه ، أو شيخه السيد ابن طاوس رحمه اللّه ؛ فأطالوا التشنيع عليهما ، بأنّه اجتهاد وبدعة ،! وأنّ الدين هدم به كانهدامه بالسقيفة! .. ونحو ذلك ، ولكن الخبير المتدبّر يرى أنّ ذلك جهل منهم وعناد :

أمّا أوّلا ؛ فلوجود أصل الاصطلاح عند القدماء ، ألا ترى إلى قولهم : لفلان كتاب صحيح .. وقولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه .. وقول الصدوق رحمه اللّه : كلّما صحّحه شيخي فهو عندي صحيح .. وقولهم : فلان ضعيف .. أو ضعيف الحديث .. ونحو ذلك. وإنّما الصادر من المتأخرين تغيير الاصطلاح بما هو أضبط وأنفع ؛ تسهيلا للضبط ، وتمييزا لما هو المعتبر منها عن غيره ، وما كلّ تغيير ببدعة وضلالة .. كيف؟ ولو كان مثل ذلك من البدعة والضلالة لورد ذلك على

__________________

(١) مقباس الهداية ١/١٣٧ ـ ١٤٥ [الطبعة المحقّقة الاولى]. وانظر مستدرك رقم (٣٠) و (٣١) حول تنويع الخبر ، وتاريخ تنويع الخبر ٥/٧٤ ـ ٧٩ [الطبعة المحقّقة الأولى].

(٢) بل وجمع من الاصولين والرجاليين ، كالخاقاني في رجاله : ٥.

١٦٥

جميع اصطلاحات العلماء وتقسيماتهم في الاصول والفروع! ، والضرورة قاضية ببطلانه ، مع أنّ البدعة المذمومة الموصوفة بكونها ضلالة هو الحدث في الدين ، وما ليس له أصل من كتاب ولا سنة ، وجعل الاصطلاح وضبط الأقسام الموجودة في الخارج المندرجة تحت عنوان كلي منضبط مشروع ليس منها جزما.

على أنّ الصحيح والضعيف كان مستعملا في ألسنة القدماء أيضا ، غاية ما هناك أنّهم كانوا يطلقون الصحيح على كلّ حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه ، مثل وجوده في كثير من الاصول الأربعمائة ، أو تكرّره في أصل أو أصلين فصاعدا بطرق متعدّدة ، أو وجوده في أصل أحد من الجماعة الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ـ كصفوان .. ونظائره ـ أو على تصديقهم ـ كزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وفضيل بن يسار ـ أو على العمل بروايتهم ـ كعمّار الساباطي .. ونظرائه ، ممّن عدّه الشيخ رحمه اللّه في كتاب العدّة ـ أو وجوده في أحد الكتب المعروضة على الأئمّة عليهم السلام فأثنوا على مؤلّفيها ـ ككتاب عبد اللّه الحلبي المعروض على الصادق عليه السلام ، وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكري عليه السلام ـ أو كونه مأخوذا من أحد الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها ـ ككتاب الصلاة لحريز بن عبد اللّه السجستاني ، وكتب بني سعيد ، وعلي بن مهزيار ، وكتاب حفص بن غياث القاضي .. وأمثالها ـ.

١٦٦

وأمّا ثانيا ؛ فلأنّ الصادر من العلاّمة رحمه اللّه أو شيخه إنّما هو جعل الاصطلاح فقط ، وإلاّ فالعناوين الأربعة موجودة في كتب الرجال التي تداولوا تصنيفها قبل العلاّمة رحمه اللّه وشيخه بمدّة مديدة من الشيخ رحمه اللّه .. وأضرابه ، حيث يصفون بعض الرواة بأنّه : إمامي عدل ، وبعضهم بأنّه : عامي موثوق به ، وبعضهم بأنّه : إمامي ممدوح ، وبعضهم بأنّه : كذاب ضعيف .. إلى غير ذلك من ألفاظ المدح والذم الدائرة على ألسنتهم والجارية على أقلامهم قبل العلاّمة رحمه اللّه بسنين متطاولة ، فما هذا التحاشي العظيم من المحدّثين في خصوص هذا الاصطلاح إلاّ جهلا وقصورا ، وقلّة تأمّل وغرورا .. ولو لا في ذلك إلا تشبيههم تنويع الأخبار بالسقيفة! لكفى شاهدا على ذلك ، أعاذنا اللّه تعالى من معاندة الحقّ ، وإساءة الأدب مع حملة الشرع ، وحماة الدين ، رضوان اللّه عليهم أجمعين.

وأمّا ما اغترّوا به من الاستغناء بالكتب الأربعة عن علم الرجال ؛ فجهل آخر أوضحنا بطلانه بما لا مزيد عليه في المقام الثالث (١) ، فراجع وتدبّر.

وأمّا ما صدر من القاشاني رحمه اللّه في الوافي (٢) من المناقشة

__________________

(١) صفحة : ١١٤ ـ ١٥٤ من المجلّد الأوّل من هذه الفوائد.

(٢) الوافي ١/١١ [الحجرية ، وفي المحقّقة ١/٢٥] نقلا بالمعنى مع الاختصار ، وحكاه عنه الميرزا النوري في خاتمة مستدرك الوسائل ٤/٣٩٤ .. وغيره.

١٦٧

في هذا الاصطلاح ؛ بأنّ كثيرا من الأعلام والمشايخ المشاهير ليسوا بمذكورين في كتب الرجال بمدح ولا بذمّ ، فعلى هذا الاصطلاح يعدّ حديثهم من الضعيف.

ففيه : إنّه ناش من عدم اطلاعه على ما أفاده أهل هذا الفن في هذا المقام ، ممّا شرحناه في الفائدة الرابعة (١) ، فراجع حتّى يستبين لك سقوط ما ذكره.

وأمّا ما ذكره هو رحمه اللّه أيضا انتقادا على هذا الاصطلاح ، من أنّه : أي مدخل لفساد العقيدة وصحتها بكذب الخبر وصدقه؟!

ففيه : إنّ سبب مدخليّة فساد العقيدة وصحتها في كذب الخبر وصدقه ، فهو أنّ من خالف في اصول الدين أو المذهب لم يكن عادلا ، إذ لا فسق أعظم من الخروج عن الدين أو المذهب ، ومن لم يكن عادلا لا يعتبر خبره ؛ لاختصاص دليل حجيّة الخبر بخبر العدل (٢).

على أنّ وضع هذا الاصطلاح لا يستلزم القول بعدم حجيّة الخبر الموثّق ، والمعتضد بالقرائن المعتبرة التي توجب الاعتماد على الخبر ، فليكن منها كونه مذكورا في الكتب الأربعة.

* * *

__________________

(١) صفحة : ٤٥٣ ـ ٤٧١ من المجلّد الأوّل.

(٢) هذا على أحد المباني الأربعة في المقام ، وإلاّ فيمكن تصحيحه على سائر المباني.

١٦٨

الفائدة الخامسة عشرة

إنّ من جملة المهمات في هذا الفن تمييز المشتركات من الرجال لتوقف تصحيح السند عليه.

وتوضيح القول في ذلك :

إنّ اشتراك اسم الراوي بين اثنين فما زاد ، تارة : يكون خطيا كتبيا. واخرى : مصداقيا.

والأوّل : قد شرحناه في تفسير المؤتلف والمختلف ، في الفصل الخامس من مقباس الهداية (١) ، فراجع.

والثاني : يكون تارة : باشتراك اسم واحد بين شخصين فما زاد.

واخرى : باشتراك لقب بين اثنين فما زاد.

وثالثة : باشتراك كنية كذلك.

ورفع الاشتراك يحصل بالتدقيق في تشخيص ذلك ، ويلزم من راجع أحوال الرجال تشخيص المشترك وتمييزه ؛ وذلك يكون :

__________________

(١) مقباس الهداية ١/٢٩١ ـ ٣٠٠ [الطبعة المحقّقة الاولى].

١٦٩

تارة : بالأب ، أو الجد ، أو الابن.

واخرى : بالراوي عنه.

وثالثة : بالمروي عنه ؛ فإنّها مميزات شايعة.

وإن لم يتميز بشيء من ذلك أمكن التمييز بأمور اخر كالطبقة ـ أعني كونه من رجال أوّل السند ، أو آخره ، أو وسطه ـ أو الصنعة ، أو مطلق الوصف ، أو المكان ، أو الزمان.

وهذه الأخيرة قد تجامع الأولى سيّما مع اللقب ؛ إذ من الألقاب ما يكون صنعة ؛ كالخياط ، والحناط ، والعطار ، والصيرفي ، والحداد ، والحذّاء ، والسرّاد ، والزرّاد ـ بمعنى صانع الدرع ـ.

ومنها : ما يكون صفة ؛ كالأحول ، والأرقط ، والأشل ، والأفرق ، والأصم ، والضرير .. ونحوها.

ومنها : ما يدلّ على المكان ؛ كالبرقي ، والبزوفري ، والحلبي ، والحلواني ، والجاموراني ، والراوندي ، والرازي .. ونحوها.

وأمّا الزمان ؛ فمستفاد من النسب بالتوالد ، لغلبة الملاقاة والاجتماع حتّى في حال الراوية ، بل يستفاد اتحاد العشيرة أو القبيلة من جملة من الألقاب كالكاهلي ، والكناني ، والمازني ، والمخزومي ، والنجاشي ، والنخعي ، والنوبختي .. ونحوها.

١٧٠

وأكثر هذه المميّزات كما يميّز من ذكرت في حقّه عمّن لم تذكر فيه ، فكذا يميز بعض من لم تذكر في حقّه عن مثله .. مثلا إذا روى بعض المشاركين في الاسم عن بعض أهل الصنايع ، وعرفنا في أحوالهم أنّ خصوص أحدهم كانت له الصنعة التي للمروي عنه ـ وإن لم يطلق المشتق من تلك الصنعة عليه ، وكان المفروض اتّحاد المكان والزمان ـ يحصل لنا الظن بأنّ هذا هو الراوي عنه ، ويتقوى هذا الظن بكون الرواية فيما يتعلّق بالصنعة المذكورة ، يظهر ذلك بملاحظة سيرة نقلة الفتاوى ، وآداب الصنعة ، وما يتعلّق بها من بعض الناس إلى بعض.

وأمّا إفادة اتّحاد المكان والزمان والعشيرة لظن التمييز ؛ فمن الواضحات ، من غير حاجة إلى مقايسة الرواة بنقلة الفتيا والأحكام العرفية والقصص والأخبار.

وربّما ذكروا مميزات أخر ، غير ما مر :

فمنها : التلمّذ ، بل مطلق كثرة المصاحبة ، بل ربّما يدعّى كون ظن التمييز فيهما أقوى ممّا مر ، لا شتمالهما على اتّحاد المكان والزمان وزيادة.

ومنها : كون الراوي ـ أو هو والمروي عنه ـ من أهل علم ـ كالكلام مثلا ـ والرواية فيه ، أو في حلّ مشكلاته.

ومنها : كون الراوي ـ أو هو مع المروي عنه ـ من خواصهم ، وكثيري المعرفة

١٧١

بحقّهم عليهم السلام ، والرواية فيما لا يتحمّلها غير أمثالهم.

ومنها : أن يقال في حقّ بعضهم : إنّه كثير الرواية ، خصوصا إذا انضّم إليه القول في حقّ الآخرين بقلّتها ، وفرض الاشتراك في كثير من الروايات.

ومنها : أن يقال في حقّه : إنّه روى خطب أمير المؤمنين عليه السّلام أو قضاياه أو خطب النكاح مثلا .. وكانت الرواية فيها.

ومنها : كون الرواية موصولة إلى أمير المؤمنين عليه السلام أو النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وكان بعضهم من العامة كالسكوني والنوفلي على المشهور.

ومنها : كون الراوي المشترك مرجعا لأهل بلد أو قرية ، والراوي عنه ، أو جميع السلسلة منهم.

ومنها : كون الراوي من جباة الصدقات والزكوات ، والرواية في كيفيتها.

ومنها : اضطراب الرواية ؛ وقد قيل في حقّ بعضهم : إنّه مضطرب الرواية ؛ فإنّه يحصل الظن بكون المراد بصاحب الاسم هو ذلك المرمي باضطراب الرواية.

ومنها : كون بعضهم جمّالا ، أو مكاريا ، أو ملاّحا .. أو غيرهم من كثيري السفر ، مع كون الرواية في أحكام صلاة كثير السفر وصومه ، والفرق بين هذا وبين ما مرّ ـ من التمييز باتحاد الصنعة ـ هو أنّ الملحوظ هناك اتحاد الراوي

١٧٢

والمروي عنه في الصنعة بخلاف المقام ؛ فإنّ الملحوظ فيه كون نفس الرواية فيما يختص به بعض أهل الاشتراك.

ومنها : اختصاص بعضهم برواية كتاب خاص من أصل أو نوادر وكانت الرواية منه.

ومنها : ما مرت (١) الإشارة إليه من التمييز بالراوي أو المروي عنه.

أمّا الأوّل ؛ فكما إذا وجدنا رواية شخص عن أحد مصاديق المشترك في مقامات عديدة ، أو أخبر مطّلع بأنّه يروي عنه ؛ فإنّه يورث الظن عند وجود ذلك الشخص قبل هذا المصداق في السند بأنّ المراد بهذا المشترك هو ذلك المعين.

وأمّا الثاني ؛ فكما إذا كان أحد مصاديق المشترك روى كثيرا عن شخص ، أو أخبر المطلع بأنّه يروي عنه ؛ فإنّ وجود ذلك الشخص بعد المشترك يورث الظن بأنّ المراد بالمشترك في هذا السند هو ذلك المصداق ، والتمييز بهذين باب واسع.

وقد صنف في هذا الباب كتب نفيسة ، منها : هداية المحدثين إلى طريقة المحمّدين (٢) ، صنّفه الشيخ محمّد أمين الكاظمي في سنة ألف وثمان وثمانين ، ميّز

__________________

(١) في صفحة : ١٦٤ ـ ١٧٥ من المجلّد الأوّل.

(٢) في تميز المشتركات في الرجال وهو : تلميذ الشيخ فخر الدين الطريحي وشارح كتابه

١٧٣

فيه بين المشتركات بالراوي والمروي عنه.

وسبقه على ذلك ـ في الجملة! ـ الشيخ فخر الدين بن محمّد علي الطريحي النجفي صاحب مجمع البحرين (١) ، المتوفّى سنة ألف وخمس وثمانين) (٢).

وأحسن منهما كتاب جامع الرواة (٣) تصنيف العالم الجليل الحاج محمّد

__________________

الآتي (جامع المقال) ، فرغ من الهداية سنة ١٠٨٥ (سنة وفاة استاذه) ، وقد رتّب كتابه على ثلاثة أقسام : المشتركون في الاسم ، والمشتركون فيه وفي الأب ، والمشتركون في الكنى والنسب والألقاب.

انظر : الذريعة ٢٥/١٩٠ ـ ١٩١ برقم (٢٠٥).

(١) .. ومطلع النيرين في غريب القرآن والحديث ، وقد فرغ منه في ١٦ رجب ١٠٧٩ ه‌.

(٢) له كتاب : جامع المقال في تمييز المشتركات من الرجال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال وتمييز المشتركات منهم ، رتبه على اثني عشر بابا ، وفي الباب الثالث عشر منه اثنتا عشرة فائدة في تمييز المشتركات بالاسم ، ثمّ بالنسب ، ثمّ بالكنى ، ثمّ بالألقاب ، ثمّ خاتمة ذات فوائد جليلة من عدّ أحاديث الكتب الأربعة ، وذكر وفيات بعض قدماء الأصحاب والمشايخ وبعض التوقيعات إليهم ، فرغ منه في ضحى الأحد السابع من جمادى الآخرة ١٠٥٣ ه‌.

انظر : الذريعة ٦/٧٣ ـ ٧٤ برقم (٢٨٧).

(٣) أو : رافع الاشتباهات في تراجم الرواة وتمييز المشتركات ، تلميذ العلاّمة المجلسي والمجاز منه سنة ١٠٩٨ ه‌ ، قال شيخنا في الذريعة ٥/٩٩ ذيل رقم (٢١٣) : وقد استقصى فيه تراجم الرجال ، وتمييز المشتركات منهم بما اطلع عليه من مراجعاته إلى أسانيد كتب الحديث فيما يقرب من عشرين سنة ... وكتابه عديم النظير في بابه ، وقد حاز السبق والرهان.

١٧٤

الأردبيلي (*) حيث ذكر في حال كلّ راو الرجال الذين يروون عنه ، ودل على موضع الروايات المتضمن أسانيدها لرواية ذلك الشخص عنه ، ومن لاحظه عرف ميزان ما أتعب به نفسه في تصنيفه ، وأسأل اللّه تعالى أن يوفقني لطبعه خدمة للدين بحق النبي وآله الغر الميامين صلوات اللّه عليهم أجمعين (١).

ومنها : لو علمنا من الخارج أو من تصريح أهل الفن أو بعضهم ، بأنّ بعض المشتركين كان يميل إلى [شخص] معلوم ويمدحه ، بل كان ممّن يعتقد بعلمه أو بورعه ، ولم يكن شيء من ذلك بين هذا المعلوم وبين غير هذا البعض من المشتركين ، والموجود في السند المشترك رواية المشترك عنه.

ومنها : لو علمنا بما ذكر أنّ جميع المشتركين ـ عدا واحد منهم ـ كانوا لا يرون فلانا شيئا ، ولا يعتقدون به ، بل كانوا يرمونه بنحو الفسق وفساد العقيدة ، وكان هو المروي عنه في السند المشترك ، فإنّه يحصل الظن بأنّ الراوي عنه من أطراف الاشتراك هو المستثنى من الجماعة ، كما كان يظنّ في سابقه أنّ الراوي هو البعض المعتقد به ، ويقوى الظن باجتماع الأمرين ، بأن يقال في حق المستثنى في الأخير

__________________

(*) هذا هو الذي أشرنا إليه في خاتمة مقباس الهداية في عداد من صنّف في هذا العلم. [منه (قدّس سرّه)].

انظر : مقباس الهداية ٤/٥٨ برقم ٤٦ [الطبعة المحقّقة الاولى] ، قال : صنف في الرجال كتابا جامعا جليل القدر أتعب نفسه في تمييز المشتركات على وجه لم يسبقه إليه أحد سمّاه جامع الرواة ، في حدود أربعين ألف بيت.

(١) وفعلا قد طبع بعضه طاب رمسه ذيل موسوعته الرجالية ـ المجلّد الثالث منها ـ.

١٧٥

ما ذكر في سابقه.

ومنها : كون معلوم حاضرا في بلد المعصوم عليه السلام ، أو في بلد العلماء والرواة ، وبينه وبين أحد المشتركين مراسلات ومكاتبات في حوائجهم من أمر دنياهم ودينهم ، وكان يتّفق الملاقاة بينهما بنزول أحدهما في منزل الآخر .. أو غيره ، في مدّة ـ مرة أو مرات ـ ولم يكن هذا بينه وبين غيره من المشتركين ، وكان المروي عنه في السند المشترك هو المعلوم المذكور.

ومنها : كون أحد المشتركين أشهر وأظهر في انصراف إطلاق اللفظ المشترك إليه ، سواء كان اسما ؛ كانصراف أحمد بن محمّد ؛ [إلى] الأشعري القمي المعروف ، دون أحمد بن خالد البرقي .. وغيره.

أو كنية ؛ كانصراف أبي بصير ؛ إلى ليث [بن] البختري المرادي دون سائر المكنين بذلك.

أو لقبا ؛ كانصراف البزنطي ؛ إلى أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، دون القسم [القاسم] بن الحسين.

وانصراف ؛ الصفار ؛ إلى محمّد بن الحسن بن فروخ ، دون غيره .. إلى غير ذلك.

والانصراف المذكور إنّما ينفع حيث كان الموجود في السند اللفظ المنصرف دون غيره ، كما هو واضح.

ثمّ إنّ هذا الانصراف قد يكون بالنسبة إلى جميع المشتركين ، وقد يكون

١٧٦

بالنسبة إلى بعضهم ، والأخير لا ينفع إلاّ في التمييز في الجملة عن البعض المزبور ، خصوصا إذا (١) كان في ثالث أشهر منهما معا ، فإنّه ينصرف إليه.

نعم ؛ لو علم ببعض الممييزات عدم إرادة الثالث الأشهر ، أو المساوي معه في الاشتهار ، أفاد الانصراف في غيره تمييز غيره (٢).

وبالجملة ؛ فأسباب التمييز كثيرة يقوى المتأمّل [فيها] عن إخراجها والتمييز بها.

ثمّ إنك قد عرفت أنّ من جملة المميّزات النسب ، وقد جعل بعضهم للنسب مراتب ستا (٣) :

__________________

(١) وضع في الأصل الحجري على : إذا ، كلمة : حيث ، ولعلّها نسخة بدلا منها.

(٢) أقول : قد يذكر الرجل مبهما ، ويستدلّ على معرفته بوروده مسمّى في بعض الطرق ، وهو واضح ، أو بتنصيص أهل السير الموثوق بهم على ذلك ، ولربّما استدل بورود حديث آخر استند فيه لمعين ما استند فيه ذلك الراوي المبهم في ذلك الحديث ..

وقد ناقش الجزائري في حاوي الأقوال ١/١٠٨ ـ ١٠٩ في الأخير من حيث جواز وقوع تلك الواقعة لشخصين اثنين .. وذكر شواهد لذلك وأمثلة للمبهم.

(٣) أسهبنا الحديث عنها تعدادا ـ ستة أو سبعة أو ثمان أو عشرة أو اثنا عشر ـ واصطلاحا ودلالة في كتابنا : علم النسب ـ القسم الثالث [٣/٥٥ ـ ٦٦] ، كما وقد تعرّضت بعض كتب الرجال لذلك ، منها : ما ذكره السيّد الأعرجي الكاظمي في كتابه عدّة الرجال ٢/١٥ ـ ١٦ (الفائدة الرابعة) حيث عدّ المراتب ستة ، وذكر عين ما ذكر هنا حتّى في الأمثلة ، وكذا الشيخ الخاقاني في رجاله : ١٠٧ ـ ١٠٨.

١٧٧

الأولى : الشعب ـ بالفتح ـ ؛ وهو النسب الأبعد الأعلى ، كعدنان للفاطميين ؛ سمّي به لتشعب القبائل منه (١).

__________________

وقاله القلقشندي في نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب : ١٣ ، وكذا في كتابه صبح الأعشى ١/٣٠٨ ـ ٣٠٩ ، والماوردي في الأحكام السلطانية : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، والزمخشري في الفائق ٣/٢٥٢ [٢/٢٠٧] ، والسيوطي في كتابه الكنز المدفون والفلك المشحون : ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، وجاء في مقدمة منتقلة الطالبية : ٣١ ، والعمدة لابن رشيق ٢/١٩٠ ، وجمهرة النسب ١/٤٣٠ (الهامش) .. وغيرها كثير ، كما في كتابنا علم النسب ـ القسم الثالث ـ ، وقد نضمها البعض شعرا ؛ كما فعل الغرناطي (محمّد بن عبد الرحمن) وغيره ، وحكاه في نفح الطيب ٦/٤٤ ، وتاج العروس ١/٣١٨ .. وغيرهما.

أقول : هذا العدد (الستة) هو المشهور ، وقيل سبعة بإضافة (العشيرة) ، وزاد البعض : (الحي) أو (الحبل) ، و (الجزم) ، و (الجماهير) و (الرهط) و (الجيل) .. ولكل منهم ترتيب خاص ، كما أنّ بعضهم اقتصر على أربعة ـ كالهمداني في عجالة المبتدي : ٥ ـ ٧ فعدّ : الآحاد ، والجماجم ، والشعوب ، والقبائل .. كل هذا هو الترتيب النسبي العام ، وأما الترتيب الرتبي الخاص ؛ فهو ترتيب الواحد بعد الواحد بحسب السابقة في الإسلام ، ثمّ بالسن ، ثمّ بالشجاعة .. ثمّ غيرها .. وهو ترتيب اجتهادي ، بل استحساني.

لاحظ التنبيه الخامس من التنبيهات العامة في كتابنا : علم النسب.

وعلى كل ؛ فلا يهمنا درجها والتفصيل فيها هنا.

(١) ذكر الماوردي في الأحكام السلطانية : ٤٥ ذيل الآية الكريمة : (وَجَعَلْنٰاكُمْ شُعُوباً وَقَبٰائِلَ ..) [سورة الحجرات (٤٩) : ١٣] ثلاث تأويلات أدرجناها في كتابنا (علم النسب) ٣/٥٦ ـ ٥٧ ، ولاحظ : بحر الأنساب للنسابة الحسيني : ٢٩٧.

أقول : قال الهمداني في الأكليل ١/٢٢ : الشعب والحي بمعنى ، يقال : شعب عظيم ، وحي عظيم.

١٧٨

والثانية : القبيلة ؛ وهي ما انقسم فيه الشعب ، كربيعة ومضر. وربّما سميت القبائل : جماجم (١).

والثالثة : العمارة ؛ وهي ما انقسمت إليه القبيلة ، كمناف ومخزوم.

والرابعة : البطن ؛ وهي ما انقسمت إليه العمارة.

والخامسة : الفخذ ؛ وهي ما انقسمت إليه أنساب البطن ، كبني هاشم وبني أميّة.

والسادسة : الفصيلة (٢) ؛ وهي ما انقسمت إليه أنساب الفخذ (٣).

وأما العشيرة ، فقيل : إنّها الفصيلة ، وقيل : إنّها الرهط الأدنون (٤) ، والشائع النسبة إلى القبيلة والبطن.

__________________

(١) كما قاله الجوهري في الصحاح ٥/١٨٩١.

وقيل : سمّيت القبائل : قبائل ؛ لتقابل الأنساب فيها ، كما قاله الماوردي في الأحكام السلطانية : ٢٥٥ ؛ أو لأنّ العمائر تقابلت عليها ، كما قاله ابن رشيد في العمدة ٢/١٩٠ ، وتجمع القبيلة على : قبائل.

(٢) في الأصل : القبيلة ، وهو سهو وتكرار.

(٣) كبني العباس وبني عبد المطلب ، وهو كل من يساكن المرء وينفصل معه يعصب عليه ، وقيل : هم أهل بيته وخاصته ، وتجمع على : فصائل.

(٤) وقيل : العشيرة بعدها ، وقيل : إنّها الرهط الأدنون ، وقيل : العشيرة القبيلة ..

وفي الكنز المدفون : ٣٥٦ : وليس بعد العشيرة شيء .. وبعض جعل آخرها الفصيلة.

١٧٩

ثمّ اعلم أنّ الرواة قد تنسب إلى القبيلة .. ونحوها (١)٠ ، وتلك عادة العرب قديما ، وإنّما حدث لهم الانتساب إلى البلاد والأوطان والقرى والنواحي لمّا توطّنوا فسكنوا القرى والمدائن وانتسبوا إليها (٢) ـ كالعجم ـ وضاعت الأنساب غالبا ..

وقد ينسب [الراوي] إلى الصحبة ، أو التبعية ، كالصحابي والتابعي (٣) ، وقد ذكرنا تفسيرهما في الفصل الثامن من مقباس الهداية (٤).

__________________

(١) أشار لهذا جمع من الرجاليين ؛ منهم : الجزائري في حاوي الأقوال ١/١٠٩ ـ ١١٠. قال : واعلم أنّ كثيرا من الرجال تارة يذكر منسوبا إلى أبيه ، وتارة إلى جده ، أو ينسب إلى بلد ، أو قبيلة في بعض المواضع ، وينسب في موضع آخر إلى غيرهما ، أو يكون له صفات متعددة فيذكر في بعض المواضع متصفا ببعضها ، وفي موضع آخر ببعض آخر .. ويتوهّم من هذا كلّه الاشتراك والتعدد ، والفرض الاتحاد.

(٢) فالساكن ببلدة ـ وإن قلّ ـ ينسب اليها ، ولو انتقل إلى اخرى ، فتارة ينسب إلى أحدهما وتارة ينسب إليهما مقدما للأول ، والساكن بقرية بلد بناحية إقليم ينسب إلى أيهما شاء ، وقد ينسب إلى المجموع ، وكثير ما ينسب إلى الصنعة.

(٣) وزاد السيد الأعرجي الكاظمي في عدّته ٢/١٦ ، هنا حيث قال : وهنا طريق آخر من النسبة ، وهو التخضرم ، والخضرمي [كذا ، والظاهر : المخضرم] : هو من أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي (ص) .. ثمّ ذكر بعد ذلك اقسام الرواية ؛ فيما روته الأكابر عن الأصاغر والعكس ، واللاحق عن السابق والعكس ، ورواية الأقران والمدبّج ـ وهي رواية الراوي عمّن هو دونه ـ .. وغير ذلك.

(٤) مقباس الهداية في علم الدراية ٣/٢٩٦ ـ ٣١٢ [الطبعة الاولى المحقّقة].

١٨٠