تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن اللّالكائي ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو اليمان الحكم بن نافع [نا](١) صفوان بن عمرو ، عن عبد الرّحمن بن جبير ، أن أبا بكر الصّدّيق كان جهز بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جيوشا على بعضها شرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص فساروا حتى نزلوا الشام فجمعت لهم الروم جموعا عظيمة فحدث أبو بكر بذلك فأرسل إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق وكتب : أن انصرف بثلاثة آلاف فارس فأمد إخوانك بالشام والعجل العجل ، فأقبل خالد مغذا جوادا ، فاشتق الأرض بمن معه حتى خرج إلى ضمير (٢) فوجد المسلمين معسكرين بالجابية وتسامع الأعراب الذين كانوا في مملكة الروم بخالد ففزعوا له ، ففي ذلك يقول قائلهم :

ألا يا صبحينا قبل خيل أبي بكر

لعل منايانا قريب وما ندري (٣)

انتهى حديث البيهقي وزاد ابن اللالكائي : فنزل خالد على شرحبيل بن حسنة ويزيد وعمرو فاجتمع هؤلاء الأربعة أمراء وسارت الرّوم من أنطاكية وحلب وقنسرين (٤) وحمص وما دون ذلك ، وخرج هرقل كراهية لمسيرهم متوجها نحو الروم وسار باهان الرومي ابن الرومية إلى الناس بمن كان معه.

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، عن عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن الجندي وأبو القاسم عبد الرّحمن بن الحسين بن الحسن بن أبي العقب ، قالا : أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي نا ابن عائذ قال الوليد : فحدثني يحيى ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه : أن المسلمين ساروا

__________________

(١) زيادة عن خع.

(٢) ضمير بالتصغير ، موضع قرب دمشق ، قيل : هو قرية وحصن في آخر حدود دمشق ما يلي السماوة.

(٣) فتوح البلدان ص ١١٤ برواية :

ألا عللاني قبل جيش أبي بكر

ونسبه إلى حرقوص بن النعمان البهراني ، من قضاعة. قال : وقال بعض الرواة أن المغني بهذا البيت رجل ممن أغار عليه خالد من بني تغلب.

(٤) قنسرين : مدينة كانت بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم (ياقوت).

٨١

وعليهم هؤلاء الأمراء يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وأبي عبيدة بن الجرّاح وشرحبيل بن حسنة كل على عسكر ، ومن كانت الوقعة ما يلي عسكره فهو على أصحابه ، وساروا معهم النساء والذريّة بالخيل والسلاح ، ليس معهم حمار ولا شاة فأخذوا على طريق فلسطين حتى نزلوا بقرية يقال لها ثادن (١) من قرى غزة ، ومما يلي بالحجاز فلقيهم بها بطريق من بطارقة الروم ، فأرسل إليهم أن يخرجوا إليه أحد القواد ليكلمه. قال : فتواكلوا ذلك وقالوا لعمرو بن العاص : أنت لذلك ، فخرج إليه عمرو فرحب به البطريق ومتّ إليه بقرابة العيص بن إسحاق بن إبراهيم من إسماعيل بن إبراهيم وقال : ما الذي جاء بكم؟ فقد كانت الأباء اقتسمت الأرض فصار لكم ما يليكم وصار لنا ما يلينا وقد عرفنا أنكم إنما أخرجكم من بلادكم الجهد ، وسنأمر لكم بمعروف وتنصرفون. فقال عمرو : أما القرابة فهي على ما ذكرت ، وأما القسمة فإنها كانت قسمة شططا علينا فنحن نريد أن نترادّ (٢) فتكون قسمة معتدلة ، لنأخذ نصف ما في أيديكم من الأنهار والعمارة ونعطيكم نصف ما في أيدينا من الشوك والحجارة. وأما ما ذكرت من الجهد الذي أخرجنا فإنا قدمنا فوجدنا في هذه البلاد شجرة يقال لها الحنطة فذقنا (٣) منها طعاما لا نفارقكم حتى نصيّركم عبيدا أو تقتلونا تحت أصول هذه الشجرة. قال : قال : فالتفت إلى أصحابه فقال : صدقوا. وافترقا. فاقتتلوا ، فكانت بينهم معركة انصرف القوم على حامية ومضى المسلمون في آثارهم حتى طووهم عن فلسطين والأردن إلّا ما كان من إيليا وقيسارية (٤) تحصّن فيها أناس فتركوهم ومضوا إلى ناحية البثنية (٥) ودمشق.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، أنا أبو المعالي ثابت بن بندار ، أنا العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البابسيري ، أنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسّان الغلّابي (٦) ، نا

__________________

(١) الأصل ومختصر ابن منظور ، وفي المطبوعة «دائن».

وغزة : بلد على ساحل بحر الشام من فلسطين (ياقوت).

(٢) في مختصر ابن منظور : نزاد.

(٣) عن خع وبالأصل : فذقعنا.

(٤) بلد على ساحل بحر الشام من فلسطين (ياقوت).

(٥) البثنية بالتحريك ، بلدة من نواحي دمشق (ياقوت).

(٦) بالأصل «العلائي» تحريف والمثبت عن الأنساب ، ونسبته هذه إلى غلاب وهو اسم امرأة ، وهي أم خالد بن؟؟؟ أوس بن النابغة بن عتر بن حبيب بن وائلة بن دهمان.

٨٢

أبي ، حدثني هشام بن عمّار ، نا عبد الملك بن محمد ، نا راشد بن داود الصّنعاني ، نا أبو عثمان الصنعاني شراحيل بن مرثد قال : بعث أبو بكر الصّدّيق رضي‌الله‌عنه في خلافته خالد بن الوليد إلى أهل اليمامة وبعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام ، فكنت ممن سار مع خالد إلى اليمامة فلما قدمنا قاتلنا أهلها قتالا شديدا وظفرنا بهم ، وهلك أبو بكر ، واستخلف عمر بن الخطاب فبعث أبا عبيدة بن الجرّاح إلى الشام ، فقدم دمشق فاستمد أبو عبيدة عمر ، فكتب عمر إلى خالد أن سر إلى أبي عبيدة بالشام ، فدعا خالد بن الوليد الدليل فقال : في كم تأتي إلى الحيرة؟ فقال : في كذا وكذا ، فقال : فعطّش خالد الإبل ثم سقاها واستقى وسقى الخيل ثم طمم (١) أفواه الإبل وأدبارها ، وقال له الدليل : إن أنت أصبحت عند الشجرة نجوت ونجا من معك ، وإن أصبحت دون الشجرة فقد هلكت وهلك من معك. فسار خالد بمن معه فأصبح عند إضاءة الفجر عند الشجرة فنحر الإبل ، وسقى ما في بطونها الخيل ، وأطعم لحومها المسلمين وسقى المسلمين من الزاد التي كانت تحمل معه ، ثم أتى الحيرة أو الكوفة فصالحه أسقفها.

كذا قال وإنما كان هذا بعد رجوعه عن الحيرة. وأبو عبيدة كان بالشام أيام أبو بكر.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمرو ، عن عمرو بن محمد ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن ظفر بن دهي ومحمد بن عبد الله ، عن أبي عثمان ، وطلحة ، عن المغيرة ، والمهلّب بن عقبة عن سياه الأحمريّ. قالوا (٢) : كان أبو بكر قد وجه خالد بن سعيد بن العاص إلى الشام حيث وجه خالد بن الوليد إلى العراق وأوصاه بمثل الذي أوصى به خالدا. وأن خالد بن سعيد سار حتى نزل على الشام ولم يقتحم ، واستجلب الناس وعزّ ، فهابته الروم وأحجموا عنه فلم يصبر على أمر أبي بكر ولكن تورّدها فاستطردت له الروم ، حتى أوردوه الصفرين (٣) ثم تعطفوا عليه بعد ما أمن ، فوافقوا ابنه سعيد بن خالد

__________________

(١) في مختصر ابن منظور ١ / ١٩١ «ثم كعم».

(٢) الخبر في الطبري ٣ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨ حوادث سنة ١٣.

(٣) في الطبري : الصّفّر.

٨٣

مستمطرا ، فوافقوه فقتلوه ومن معه ، وأتى الحي (١) خالدا فخرج هاربا حتى أتى البر ، فنزل منزلا واجتمعت الروم إلى اليرموك فنزلوا به وقالوا : والله لنشغل أبا بكر في نفسه عن تورد بلادنا بخيوله.

وكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بالذي كان به ، فكتب أبو بكر إلى عمرو بن العاص ـ وكان في بلاد قضاعة ـ بالسير إلى بلاد اليرموك ففعل ، وبعث أبا عبيدة بن الجرّاح ويزيد بن أبي سفيان وأمر كل واحد منهما بالغارة ، وأن لا توغلوا (٢) حتى لا يكون وراءكم أحد من عدوكم.

وقدم عليه شرحبيل بن حسنة بفتح من فتوح خالد ، فسرّحه نحو الشام في جند وسمّى لكل واحد من أمراء الأجناد كورة من كور الشام ، فتوافوا باليرموك فلما رأت الروم توافيهم ، ندموا على الذي ظهر منهم ، ونسوا الذي كانوا يتواعدون أبا بكر به ، واهتموا وهمّتهم أنفسهم وأشجوهم وشجوا بهم ، ثم نزلوا الواقوصة (٣) وقال أبو بكر : والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد ، فكتب إليه بهذا الكتاب الذي فوق هذا الحديث ، وأمره أن يستخلف المثنّى بن حارثة على العراق في نصف الناس ، وإذا فتح الله على المسلمين الشام فارجع إلى عملك بالعراق.

قال ونا سيف ، عن عمرو بن محمد ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن ظفر أن [خالدا](٤) أظن عمر وقال هذا عمله حسدني أن يكون فتح العراق على يدي ، وإني بعد الله ، كسّر الله حدّ العراق ، ورعّب أهله وشجّع المسلمين على غزوه.

قال ونا سيف بن عطية بن الحارث ، عن أبي سيف الثعلبي ، عن ذي الجوشن (٥) الضبابي بمثله ، وقال : ولا يشعر أن عمر لا ذنب له. فقال له القعقاع : ارفع لسانك عن عمر ، والله ما كذب الصّدّيق ولا صدقت على أن أخيك قال : صدقني والله (٦) قبّح الله

__________________

(١) كذا ، وفي الطبري : «الخبر» وهو المناسب.

(٢) عن الطبري وبالأصل «تغلوا».

(٣) واد بالشام بأرض حوران.

(٤) زيادة عن خع.

(٥) عن المطبوعة ، وبالأصل «الحوس».

(٦) بالأصل «الله» والمثبت عن خع.

٨٤

الغضب والظنون. وبالله يا قعقاع لقد أغريتني (١) بحسن الظن. فقال القعقاع : الحمد لله الذي خلصك وأبقى فيك الخير ونفى عنك الشر.

وبعث خالد بالأخماس إلّا ما نفل (٢) منها مع عمير بن سعد الأنصاري ، وبمسيره إلى الشام ، ودعا خالد الأدلة (٣) فارتحل من الحيرة سائرا إلى دومة ، ثم طعن في البر إلى قراقر ثم قال : كيف لي بطريق أخرج فيه من وراء جموع الروم فإني إن استقبلتها حبستني عن غياث (٤) المسلمين فكلّهم قال : لا نعرف إلّا طريقا لا يحمل الجيوش يأخذه [الفذّ](٥) والراكب فإياك أن تغرر بالمسلمين فعزم عليه ولم يجبه إلى ذلك إلّا رافع بن عميرة على تهيئة (٦) شديدة فقال له خالد وللمسلمين : لا يهولنكم فإنّا عباد الله وفي سبيل الله ، وعلى طاعة خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونحن وإن كثرنا بعد أن نتزود فكالقليل المنكمش ، فناشدوه فثاب فيهم فقال : لا يختلفن هديكم ، ولا يضعفن نفسكم (٧) ، واعلموا أن المعونة تأتي على قدر النية ، والمعونة (٨) على قدر الحسنة ، وأن المسلم لا ينبغي له أن يكترث لشيء يقع فيه مع معونة الله له. فقالوا له : أنت رجل قد جمع الله لك الخير ، فشأنك (٩) ، فطابقوه ونووا واحسنوا (١٠) واشتهى مثل الذي اشتهى خالد. فأمرهم خالد فترووا للشفة لخمس (١١). وأمر بصاحب كل خيل بقدر ما يسقيها ، فظمّأ كل قائد من الإبل الشرف الجلاد (١٢) ما يلتقي (١٣) به ، ثم سقوها العلّ بعد النهل ، ثم صرّوا آذان الإبل

__________________

(١) عن المطبوعة وبالأصل «أغربتني».

(٢) بالأصل : «إلى ما نقل منها» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١ / ١٩٢ والطبري ٣ / ٤٠٨.

(٣) عن مختصر ابن منظور وبالأصل «الدولة» تحريف.

(٤) عن الطبري وبالأصل «غياب».

(٥) عن خع والطبري.

(٦) الطبري : تهيب شديد.

(٧) الطبري : يضعفن يقينكم.

(٨) الطبري : والأجر على قدر الحسبة.

(٩) عن الطبري وبالأصل : «فنسانك».

(١٠) في الطبري : واحتسبوا ، واشتهوا.

(١١) بالأصل : «فتروا لكسفه بخمس» والمثبت عن الطبري.

(١٢) في الطبري : الجلال.

والظمء حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد ، والشارف : الناقة التي قد أسنت ، ج شرف.

(١٣) الطبري : ما يكتفي به.

٨٥

وكعموها (١) وحلّوا أدبارها ، ثم ركبوا من قراقر مفوزين إلى سوا ـ وهي على جانبها الآخر مما يلي الشام ـ فلما ساروا يوما افتظوا (٢) لكل عدة من الخيل عشرا من تلك الإبل ، فمزجوا ما في كروشها بما كان من الألبان ثم سقوا الخيل وشربوا للشفة (٣) جرعا ففعلوا ذلك أربعة أيام.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن عمرو بن محمّد ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن ظفر بن دهي بمثله.

وقال : فأخذ من قراقر إلى سوطه (٤) فجعل المشرق عن يمينه واستقبل الصبا فنزل قريتين ثم نزل الحقار (٥) ثم نزل العرير (٥) ثم نزل سوى بليل.

قال : ونا (٦) سيف عن عبد الله (٧) بن محفّز بن ثعلبة عمن حدثه ، عن بكر بن وائل أن محرز بن قريش المحاربي قال لخالد : اجعل كوكب الصبح على حاجبك الأيمن ، ثم أمّه تفض إلى سوى ، وكان أدلّهم.

وشاركهم محمد وطلحة ، قالوا : ولما (٨) نزل بسوى وخشى أن يفضحهم حرّ الشمس ، نادى خالد رافعا : ما عندك؟ قال : خير ، أدركتم الماء وأنتم على الريّ ، وشجعهم وهو متحير أرمد. وقال : يا أيها الناس ، انظروا علمين كأنهما ثديان (٩) ، فأتوا عليهما ، وقالوا : علمان ، فقام عليهما فقال : اضربوا يمنة ويسرة ـ لعوسجة كقعدة الرجل ـ فوجدوا جذمها (١٠) ، فقالوا : جذم ولا نرى شجرة. فقال : احتفروا حيث

__________________

(١) بالأصل «وطعموها» والمثبت عن الطبري ، وكعم البعير : شدّ فاه لئلا يعض أو يأكل (قاموس).

(٢) عن الطبري وبالأصل «افتصوا» يقال افتظ رجل كرش بعيره إذا نحره فاعتصر ماءه وصفاه.

(٣) عن الطبري وبالأصل «الكشفة» وفي المطبوعة : للشقة.

(٤) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة : سوكة.

(٥) لم أعثر على هذين الموضعين.

(٦) عن المطبوعة ، وبالأصل «ونزل».

(٧) الطبري ٣ / ٤٠٩ : عبيد الله.

(٨) عن الطبري ، وبالأصل «أو ما».

(٩) عن الطبري وبالأصل «ندبان».

(١٠) عن الطبري ، وبالأصل «خدمها ... خدم» والجذم : الأصل.

٨٦

شئتم ، فاستثاروا أو شالا وأحساء رواء. فقال رافع : أيها الأمير ، والله ما وردت هذا الماء منذ ثلاثين سنة ، وما وردته إلّا مرة وأنا غلام مع أبي ، فاستعدوا ثم أغاروا والقوم لا يرون أن جيشا يقطع إليهم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي محمّد بن محمّد بن المسلمة ، أنا أبو الحسن بن الحمامي ، أنا أبو علي بن الصواف ، أنا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا إسحاق بن بشر قال : قال ابن إسحاق : إن عمرو بن العاص كتب إلى أبي بكر بعد قتل خالد بن سعيد بن العاص يستمده. فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو بالحيرة يأمره أن يمدّ أهل الشام بمن معه من أهل القوة ويخرج فيهم ويستعمل على ضعفة أصحابه رجلا منهم فلما أتى خالد بن الوليد كتاب أبي بكر. قال : هذا عمل الأعيسر ابن عم سملة (١) كره أن يكون فتح العراق على يدي. فاستعمل على الضعفاء عمير بن سعد واستخلف على من أسلم من العراق المثنى بن حارثة الشيباني وعلى الحيرة والقرياب (٢) وخراجها ثم سار حتى نزل على عين التمر وأغار على أهلها ورابط حصونها [وفيها] مقاتلة كانت لكسرى (٣) وضعهم فيها ، حتى استنزلهم فضرب أعناقهم. وسبى من عين التمر بشرا كثيرا ، فبعث بهم إلى أبي بكر ، وذلك أول سبي قدم المدينة. من ذلك السبي أبو عمرة أبو (٤) عبد الله بن أبي عمرة وعبيد مولى المعلى وأبو عبيد الله مولى بني زهرة وخير مولى أبي داود ، ويسار مولى قيس بن مخرمة.

قال : ونا أبو حذيفة ، نا محمّد بن إسحاق قال : وكان فيهم عمير بن زيتون الذي ببيت المقدس ، ويسار مولى أبيّ بن كعب وهو أبو الحسن بن أبي الحسن البصري ، وأفلح مولى أبي أيوب الأنصاري ، ووجدوا في كنيسة اليهود صبيانا يتعلمون الكتابة في قرية من قرى عين [التمر](٥) يقال لها نقيرة (٦) وكان فيهم حمران بن أبان مولى عثمان ، وقتل هلال بن عطية بن بشر النمري وصلبه. وسار ثم فوّز من قراقر ، وهو ماء

__________________

(١) في خع : ابن أم سملة.

(٢) في خع : والفرياب.

(٣) عن مختصر ابن منظور ١ / ١٩٢ وبالأصل للسرى ، والزيادة عن المطبوعة للإيضاح.

(٤) في الطبري ٣ / ٣٧٧ جدّ.

(٥) عن هامش الأصل ومختصر ابن منظور ١ / ١٩٣.

(٦) نقيرة قرية من قرى عين التمر (ياقوت) وبالأصل «نفير».

٨٧

لكلب ، إلى سوى وهو ماء لبهراء. بينهما خمس ليال. فلم يهتد [إلى](١) الطريق. فطلب دليلا فدلّ على رافع بن عميرة الطائي. فأتاه رافع فاستدل على الطريق ، فقال : أنشدك الله في نفسك وجيشك ، فإنها مفازة خمس ليال ليس فيها ماء مع مضلتها وإن الراكب المنفرد يسلكها فيخاف على نفسه المهلكة ، وما يسلكها إلّا مغرور. وما علمت أحدا أخذ فيها بثقل ، فقال خالد : إنه لا بدّ منه ، وقد كتب إليّ الأمير بعزمه ، فأحضرنا رأيك ونصيحتك ومرنا بأمرك. قال رافع : فابغني من الإبل عشرين سمان عظام ، فأتي بهن وظمّأهن حتى جهدن ، فأوردها الماء فشربن حتى تملأن ، ثم أمر بمشافرها فقطعن ، ثم كعمهن كيلا يجتررن ، ثم حل أذنابهن ، ثم قال لخالد : تزود واحمل من أطاق أن يصرّ (٢) على أذن ناقته ماء فليفعل فإنها المهالك. ففعل وساروا فسار معهم ، وسار خالد معه بالخيول والأثقال. فكلما سار يوما وليلة اقتطع منهن أربعة فأطعم لحمانها وسقى ما في أكراشها الخيل ، وشرب الناس ما كانوا حملوا. وبقي منزل واحد ، ونفدت الإبل ، وخشي خالد على أصحابه في آخر يوم. فأرسل خالد إلى رافع أن الإبل قد نفدت فما ترى؟ قال : قد انتهيت إلى الري فلا بأس عليك. اطلبوا شجرة مثل قعدة الرجل ، فعندها الماء. ورافع يومئذ رمد. فطلبوها فلم يصيبوها فرجعوا إلى رافع فقالوا : لم نصبها. فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هلكتم وهلكت ، لا أبا لكم ، اطلبوها فطلبوها فأصابوها ، قد قطعت الشجرة وقد بقي منها بقية. فكبّر وكبّر الناس. فقال : احتفروا ، فاحتفروا عينا عذبة مروية. فترووا وسقوا وحملوا ، فقال رافع :

إن هذه المفازة ما سلكتها قط إلّا مرة واحدة مع أبي وأنا غلام.

قال ابن إسحاق : وبلغني أن خالدا لما نفذت الإبل خاف العطش. قال لرافع بن عميرة وهو أرمد ، ويحك ما عندك؟ قال : أدركت الري إن شاء الله. [انظر](٣) هل ترى علمين كأنهما ندبان؟ قال : نعم. فلما دنا من العلمين قال : انظروا هل ترون شجرة من عوسج كقعدة الرجل؟ قالوا : لا والله ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون. على مثل حديث الأول. فقال شاعر من المسلمين :

لله عينا رافع أنّى اهتدى

فوّز من قراقر إلى سوى

__________________

(١) عن مختصر ابن منظور.

(٢) بالأصل «يصبر» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٣) عن المطبوعة.

٨٨

خمسا إذا ما سارها الجبس بكى

ما سارها من قبله أنس أرى (١)

ثم إن خالد بن الوليد أغار على أهل سوى ، وهو ماء بهراء ، قبل الصبح ، وهم يشربون شرابا لهم في جفنة قد اجتمعوا عليها. ومغنيهم يقول :

ألا عللاني قبل جيش أبي بكر (٢)

لعل منايانا قريب وما ندري

فزعموا أن ذلك الرجل المغني قتل تحت الغارة فسال دمه في الجفنة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد الصيدلاني ـ إجازة ـ نا أحمد بن عبد الجبار العطار ، نا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : فحدثني صالح بن كيسان ورجل من طيء عن من حدثهما عن رافع بن عميرة. قال : ثم مضى خالد حين فرغ من عين التمر حتى أغار على ناس من النمر بن قاسط على ماء لهم يقال له قراقر ثم دعا رافع بن عميرة فقال : إنها قد جاءتني عزيمة من الأمير بأن أسير إلى الشام. فقال : إن بينك وبين المنهل الذي تريد الآن مسيرة خمس ليال جياد لا تجد فيهن قطرة ماء. حتى تأتي ماء يقال لها سوى. وإنك لا تستطيع ذلك بالخيول والإبل. وقال : إن الراكب المفرد لتهمه نفسه فيه. فقال : ما لي من ذلك بد. فمرنا أمرك. فقال : من استطاع منكم أن يصرّ أذن ناقته على ماء فليفعل ، وابغنى (٣) عشرين جزورا عظاما سمانا مسانّ. فجاءه بهن فظمّأهن أياما حتى إذا أجهدهن العطش أوردهن فشربن ، حتى إذا امتلأن عهد (٤) إليهن فقطع مشافرهن وكعمهن (٥) لئلا يجتررن. وحلّ أدبارهن لئلا يبلن. ثم قال : سيروا واستكثروا من الماء لشفاهكم. فخرج فكلما نزل منزلا افتظ (٦) منهن أربعا فسقى ما في كروشهن الخيول وشرب الناس مما عليهن (٧). حتى انتهى إلى سوى في اليوم الخامس. وهو أرمد ، فقال : انظروا شجرة مثل مقعدة الرجل من عوسج ، فنظر الناس فقالوا : ما نراها. قال :

__________________

(١) تقدم الرجز ، انظر ما لاحظناه قريبا.

(٢) عن فتوح البلدان ١١٤ والطبري ٣ / ٣٨١ وبالأصل : إلى بلى.

(٣) بالأصل «وبغنى».

(٤) في المطبوعة : عمد.

(٥) بالأصل : «وطعمهن» والمثبت عن الطبري.

(٦) بالأصل «افتض» وافتظها : عصر ماء كروشها.

(٧) بالأصل «عليهم».

٨٩

إنا لله وإنا إليه راجعون ، هلكتم والله إذا وهلكت. ثم قال : ويلكم انظروا وتأملوا. فجال الناس حتى وجدوا بقية منها. فقالوا : قد وجدنا بعضها. فكبّر وقال : قد أدركتم الرواء. وأمرهم فحفروا قريبا منها ، فكشفوا عن قليب كثير (١) الماء ، فتزوّد الناس منه. وقال رافع أما والله ما وردت قط إلّا مرة واحدة مع أبي وأنا غلام صغير.

فقال في هذا عن رافع أبو أحيحة القرشي :

لله عينا رافع أنّى اهتدى

في مهمه مشتبه نحو سوى

والعين منه قد تغشاها الندى (٢)

معصوبة كأنها ملأى ثرى

فهو يرى بقلبه ما لا يرى

من الصوى تترى له أثر الصوى (٣)

إذ النقا بعد النقا إذا سرى

وهو به خبرنا وما دنا

وما رآه ليس بالقلب حسى

قلب حفيظ وفؤاد قد وعى

فوّز من قراقر إلى سوى

والسير زعزاع (٤) فما فيه ونى

خمس إذا ما سارها الجبس بكى

في اليوم يومين رواحا وسرى

ما سارها من قبل إنسي أرى

هذا لعمري (٥) رافع هو الهدى

ثم استقام لخالد الطريق ، وتواصلت به المياه حتى إذا أغار على مرج العذراوية (٦) على ناس من غسان فأصاب منهم. ثم مضى حتى نزل مع أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة على قناة بصرى ، فنزل معهم حتى صالحت بصرى على الجزية ، وكانت أول جزية وقعت بالشام في عهد أبي بكر.

وكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد : أما بعد فدع العراق وخلف أهله فيه ، الذين قدمت عليهم وهم فيه. ثم امض مخففا في أهل القوة من أصحابنا الذين قدموا معك العراق من اليمامة وصحبوك من الطريق ، وقدموا عليك من الحجاز حتى تأتي الشام فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين. فإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة والسلام عليك ورحمة الله.

__________________

(١) عن خع وبالأصل «كبير».

(٢) الأصل وخع وفي المطبوعة «القذى».

(٣) الصوى جمع صوة ، الأعلام من الحجارة تكون منصوبة في المفازة المجهولة ، يستدل بها على الطريق.

(٤) أي شديد.

(٥) بالأصل وخع : هذا لعمرو.

(٦) هو مرج عذراء ، بطرف الغوطة.

٩٠

باب

ما روي من توقّع المشركين

لظهور دولة المسلمين

أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحدّاد في كتابه ، وحدّثني عنه أبو مسعود عبد الرحيم بن أبي الوفا المعدّل ، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، نا سليمان بن أحمد الطبراني ، نا أبو زرعة ، نا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزّهري : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) مادّ فيها أبا سفيان وكفار قريش فأتوه وهو بإيلياء (٢) فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم وترجمانه ثم قال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان : فقلت : أنا أقربهم به نسبا ، فقال : أدنوه مني ، وقربوا أصحابه فجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذب فكذّبوه. قال أبو سفيان : فو الله لو لا الحياء أن تأثروا عليّ كذبا لكذّبته عنه قال : ثم كان أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم؟ قلت : هو فينا ذو نسب قال : فهل قال هذا القول فيكم أحد قط قبله؟ قال : لا ، قال : فهل كان في (٣) أبائه ملك؟ قلت : لا ، قال : فأشراف الناس اتّبعوه أو ضعفاؤهم؟ قلت : بل ضعفاؤهم قال : أيزيدون أم ينقصون؟ قلت : بل يزيدون ، قال : فهل يرتدّ أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت : لا ، قال : فهل يغدر؟ قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول الذي قال؟ قلت : لا ، قال : فهل يغدر؟ قلت : لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو

__________________

(١) ماد فيها أي أطال المدة ، (النهاية : مدد).

(٢) إيلياء : بالكسر ، اسم مدينة بيت المقدس.

(٣) في مختصر ابن منظور ١ / ١٩٥ من.

٩١

فاعل فيها ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة. قال : فهل قاتلتموه؟ قلت : نعم قال : فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت : الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه. قال : فما ذا يأمركم؟ قال : يقول : اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة وبالصّدقة والعفاف والصّلة. فقال للترجمان : قل له إني سألتك عن نسبه فقلت إنه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسبها قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله ، قلت : رجل يأتمّ بقول [قيل](١) قبله. وسألتك هل كان من آبائه ملك فذكرت أن لا. فقلت (٢) لو كان أحد منكم قال هذا القول قلت (٣) رجل يطلب ملك أبيه وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا ، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله عزوجل وسألتك أشراف الناس اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتّبعوه ، وهم أتباع الرسل. وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون وكذلك أمر الإيمان حتى يتمّ ، وسألتك أيرتدّ أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا ، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب. وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الرسل لا يغدرون. وسألتك بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصّلاة (٤) وبالصّدقة (٥) والعفاف والصّلة فإن كان ما يقول حقا فسيملك موضع قدميّ هاتين وهو نبي وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولكن لم أكن أظنّ أنه منكم ، ولكن لو أني أعلم أني أخلص لتجشمت كفاه (٦) ، ولو كنت عنده لغسلت قدميه. ثم دعا بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا هو :

بسم الله الرّحمن الرحيم.

من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى. أمّا

__________________

(١) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.

(٢) عن خع ، وبالأصل «قلت».

(٣) في مختصر ابن منظور : فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت.

(٤) كررت بالأصل.

(٥) كذا بالأصول وفي المطبوعة : وبالصدق.

(٦) في مختصر ابن منظور : «لقاءه» وفي خع كالأصل.

٩٢

بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن تولّيت فإن عليك اسم الإرّيسين (١) و (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) الآية (٢).

قال أبو سفيان : فلما قال ما قال ، وفرغ من قراءة الكتاب (٣) كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات ، وأخرجنا. فقلت لأصحابي حين أخرجنا ، لقد أمر (٤) أمر ابن أبي كبشة إنه يخافه [ملك](٥) بني الأصفر فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام ، وكان ابن قاطور وهو صاحب إيلياء وهرقل سقّفه على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوما خبيث النفس. فقال له بعض بطارقته لقد أنكرنا هيئتك فقال ابن ناطور : وكان هرقل رجلا حزّاء ينظر في النجوم. فقال لهم حين سألوه : إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر. فمن (٦) يختتن من هذه الأمة؟ قالوا : ليس يختتن غير اليهود فلا يهمنك شأنهم ، وأمر إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود ، فبينا هم على أمرهم ذلك أتي هرقل برجل أرسل [به](٧) ملك غسان يخبره عن خبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما (٨) : استخبره هرقل ، قال : اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن ، فسأله عن العرب أيختتنون؟

فقال : نعم هم يختتنون ، فقال هرقل : هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ، فكتب هرقل إلى صاحب [له](٩) برومية وكان نظيره في العلم ، وسار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص

__________________

(١) في الطبري وابن الأثير في الكامل : «إثم الأكّارين» ، وبالأصل الأريسيين ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.

قال ابن الأثير في النهاية : اختلف في هذه اللفظة صبغة ومعنى فروي الأريسين بوزن الكريمين ، وروى الإريسين بوزن الشرّيين وروى الأريسيين بوزن العظيميين. وأما معناها فقال أبو عبيد : هم الخدم والخول لصده إياهم عن الدين.

(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٦٤.

(٣) الكتاب في الطبري ٣ / ١٥٦٧ وابن الأثير ١ / ٥٩٢ من تحقيقنا ، وصبح الأعشى ٦ / ٣٥٩ ودلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٨٤ والوثائق السياسية لحميد الله ص ١٠٩.

(٤) يعني كثر وارتفع شأنه ، وابن أبي كبشة يعني به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٥) عن خع.

(٦) عن خع وبالأصل «ممن».

(٧) عن خع.

(٨) عن خع وبالأصل «قلنا».

(٩) عن مختصر ابن منظور ، وبالأصل وخع «برومة».

٩٣

حتى أتاه كتاب يوافق هرقل على خروج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنه نبي. فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبوابها فغلقت ، ثم اطلع فقال لهم : يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم؟ تتبعوا هذا الرجل. فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت ، فلما رأى هرقل تفرقتهم وأيس من إيمانهم فقال : ردّوهم عليّ ، وقال : إنما قلت مقالتي التي قلت لكم آنفا أختبر بها شدّتكم على دينكم ، فقد رأيت الذي أحبّ فسجدوا له ورضوا عنه ، فكان ذلك آخر شأن هرقل. أخرجه البخاري (١) عن أبي اليمان.

والمحفوظ : ابن الناظور ويقال بالطاء المهملة.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو بكر بن سيف ، نا السري ، عن يحيى ، نا شعيب بن (٢) إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن محمد وطلحة قالا : وقد كان أمير الجند يعني جند الروم باليرموك (٣) قد بعث عينا من عرب الشام ، فدخل على المسلمين عسكرهم ، فرجع إليه فأخبرهم أنهم بالليل رهبان وبالنهار فرسان. هم فيما بينهم كالعبيد ، وعلى من سواهم كالأسود. إذا قالوا صدقوا ، وإذا واعدوا وفوا. يأخذون لله حقوقه ولو من أنفسهم. فقال : إني لك أن تجيب صادقا ، للموت خير من الحياة وليمرنّ علينا منهم شرّ طويل.

أخبرنا أبو القاسم ، أنا ابن النّقّور ، أنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، نا السري ، نا شعيب ، نا سيف ، عن هشام بن (٤) عروة ، عن أبيه نحوا منه ، وزاد : ولوددت أن حظي من ربي أن يخلّي بيننا وبينهم فلم ينصرك (٥) عليهم ولم ينصرهم عليّ.

قال ونا سيف ، عن محمد وطلحة وعمرو بن ميمون قالوا (٦) : وقد كان هرقل [حجّ](٧) قبل مهزم خالد بن سعيد ، حج بيت المقدس فبينا هو مقيم به أتاه الخبر بقرب

__________________

(١) صحيح البخاري ، ١ / ٧ باب بدء الوحي.

(٢) بالأصل «عن» تحريف.

(٣) عن خع وبالأصل : بالروم.

(٤) بالأصل وخع «عن» تحريف.

(٥) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة : ينصرني.

(٦) الطبري ٣ / ٤٠٢ حوادث سنة ١٣.

(٧) زيادة عن الطبري.

٩٤

الجنود منه ، فجمع الروم وقال : أرى من الرأي أن لا تقاتلوا هؤلاء القوم ، وأن تصالحوهم ، فو الله لأن تعطوهم [نصف](١) ما أخرجت الشام ، وتأخذون نصفا وتبقى لكم جبال الروم ، خير لكم من أن يغلبوهم على الشام ، ويشارككم في جبال الروم فنخر أخوه ونخر ختنه ؛ وتصدع عنه من كان حوله ؛ فلما رآهم يعصونه ويردون عليه بعث أخاه ، وأمّر الأمراء ووجّه إلى كل جند جندا. فلما اجتمع المسلمون ، أمرهم بمنزل [واحد](٢) جامع واسع حصين فنزلوا بالواقوصة (٣) ، وخرج فنزل حمص. فلما بلغه أن خالدا قد اطلع على سوى فانتسف أهله وأموالهم ، وعمد إلى بصرى فافتتحها ، وأباح عذراء قال لجلسائه : ألم أقل لكم لا تقاتلوهم ، فإنه لا قوام لكم مع هؤلاء القوم إن دينهم دين جديد يجدد لهم ثبارهم (٤) ولا يقوم لهم أحد حتى يبلى ، فقالوا له : قاتل عن دينك ولا تخش الناس ، واقض الذي عليك. قال : وأي شيء أطلب بهذا إلّا توقير دينكم.

ولما نزلت جنود المسلمين اليرموك بعث إليه المسلمون : إنّا نريد كلام أميركم ، وملاقاته ، أفتدعونا نأته نكلمه؟ فأبلغوه ، فأذن لهم فأتاه أبو عبيدة كالرسول ويزيد بن أبي سفيان كالرسول ، والحارث بن هشام ، وضرار بن الأزور ، وأبو جندل بن سهيل ، ومع أخي الملك يومئذ في عسكره ثلاثون رواقا وثلاثون سرادقا كلها من ديباج. فلما انتهوا إليها أبوا أن يدخلوا فيها. وقالوا : لا نستحل الحرير فأنزلنا ، فنزل (٥) إلى فرش له ممهدة وبلغ ذلك هرقل فقال : ألم أقل لكم هذا أوّل الذلّ ، أما الشام فلا شام ، وويل للروم من المولود المشئوم ولم يتأتّ بينهم وبين المسلمين صلح. فرجع أبو عبيدة وأصحابه وأبعدوا (٦). فكان القتال حتى جاء الفتح.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي محمد بن محمد بن المسلمة ، أنا أبو الحسن الحمّامي ، أنا أبو علي الصّوّاف ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، أنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، قال : قال ابن إسحاق ؛ أنبأ محمد بن

__________________

(١) زيادة عن الطبري.

(٢) زيادة عن الطبري.

(٣) واد بالشام في أرض حوران نزله المسلمون أيام أبي بكر على اليرموك لغزو الروم. (ياقوت).

(٤) بالأصل «دين حديد يحدد لهم سارهم» والمثبت عن الطبري ،.

(٥) في الطبري : «فابرز لنا ، فبرز.» وفي خع : فابرز لنا ، فنزل.

(٦) في مختصر ابن منظور ١ / ١٩٨ واتعدوا.

٩٥

جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير : أن القبقلان (١) بعث رجلا (٢) من غسان فقال له : ادخل في هؤلاء القوم ـ يعني ـ أبا عبيدة وجنوده فأقم فيهم يوما وليلة [ثم ائتني بخبرهم ، قالوا : فدخل في الناس ذلك الغسّاني ، فأقام فيهم يوما وليلة](٣) ثم جاءه فقال : ما ذا وراءكم؟ ما وجدت عليه القوم؟ فقال : هم بالليل رهبان وبالنهار فرسان ، ولو سرق ملكهم قطعوا يده ، ولو زنا رجموه ـ يعني ـ بذلك إقامتهم الحق لله تعالى. قال : فقال القيقلان (١) : إن كنت صدقتني لبطن الأرض خير لنا من ظهرها ، ولوددت إن شاء الله يحول بيني وبينهم فلا ينصرني عليهم ولا ينصرهم عليّ.

أخبرنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسين علي بن الحسن الرّبعي ، أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حبان بن موسى ، أنا أبو العبّاس بن الرّقّي (٤) واسمه عبد الله بن عتّاب ، أنا محمد بن محمد بن مصعب المعروف بوحشي ، نا محمد بن المبارك ، نا الوليد ، قال : وأخبرني من سمع يحيى بن يحيى الغسّاني يحدّث عن رجلين من قومه من غسّان قال : لما كان المسلمون بناحية الأردن تحدثنا بيننا أن دمشق ستحاصر ، فقال أحدنا لصاحبه : هل لك أن تدخل المدينة فسد (٥) من سوقها قبل حصارها ، فبينا نحن نتسوق إذ أتانا رسول بطريقها اصطراخيه. فذهب بنا إليه. فقال : أنتما من العرب؟ قلنا : نعم. قال : وعلى النصرانية؟ قلنا : نعم. قال : ليذهب أحدكما إلى هؤلاء فليتجسّس لنا من خبرهم ورأيهم (٦) ، وليتثبت الآخر على متاع صاحبه. ففعل ذلك أحدنا فلبث لبثا ثم جاءه فقال : جئتك من عند رجال دقاق يركبون خيولا مشاق (٧) أما الليل فرهبان ، وأما النهار ففرسان يريشون النبل ويبرونها ويثقفون (٨) القنا. لو حدثت جليسك حديثا ما فهمه عنك

__________________

(١) الأصل وخع وفي الطبري ٣ / ٤١٨ القبقلار.

(٢) في الطبري : رجلا عربيا ، ثم قال : فحدثت أن ذلك الرجل رجل من قضاعة من تزيد بن حيدان يقال له ابن هزارف.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن خع والطبري.

(٤) في المطبوعة : الزفتي.

(٥) في مختصر ابن منظور : «فنتبين» وفي المطبوعة : فنتسوق.

(٦) عن خع وبالأصل : «ومن أنهم».

(٧) كذا ، وفي خع : عتاق.

(٨) بالأصل «يتقون» والصواب عن مختصر ابن منظور.

٩٦

لما علا من أصواتهم بالقرآن والذكر فالتفت إلى أصحابه فقال : [أتاكم](١) منهم ما لا طاقة لكم به.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي ، أنبأ رشأ بن نظيف المقرئ ، أنا الحسن بن إسماعيل بن محمد ، نا أحمد بن مروان المالكي ، نا أبو إسماعيل التّرمذي ، نا معاوية بن عمرو ، عن ابن (٢) إسحاق ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يثبت لهم العدو فواقا (٣) عند اللقاء ، فقال هرقل وهو على انطاكية لما قدمت منهزمة الروم قال لهم : أخبروني ويلكم عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا هم بشر مثلكم؟

قالوا : بلى ، قال : فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا : بل نحن أكثر منهم أضعافا في كل موطن. قال : فما بالكم تنهزمون كلما لقيتموهم؟ فقال شيخ من عظمائهم : من أجل أنهم يقومون الليل ، ويصومون النهار ، ويوفون بالعهد ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ويتناصفون بينهم ومن أجل أنّا نشرب الخمر ، ونزني ، ونركب الحرام ، وننقض العهد ، ونغضب (٤) ، ونظلم ، ونأمر بما يسخط الله ، وننهى عما يرضي الله ، ونفسد في الأرض. قال : أنت صدقتني.

__________________

(١) عن مختصر ابن منظور ، وفي خع : أتاك.

(٢) بالأصل وخع «أبي» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٣) بالأصل وخع «فوافا» والصواب عن مختصر ابن منظور ، والفواق ما بين الحلبتين من الراحة للناقة (النهاية).

(٤) كذا بالأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور : ونغصب ، بالصاد المهملة ، وهي أقرب.

٩٧

باب

ذكر ظفر جيش المسلمين المظفّر

وظهوره على الرّوم بأجنادين وفخل ومرج الصّفّر (١)

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن اللّالكائي (٢) قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل (٣) ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا إبراهيم بن المنذر ، نا ابن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب قال : كانت وقعة أجنادين وفحل في سنة ثلاث عشرة ، أجنادين في جمادي (٤) وفحل في ذي القعدة.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد بن السّماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا إبراهيم بن المنذر ، نا محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن الزّهري ، قال : كانت وقعة أجنادين وفحل في سنة ثلاث عشرة أجنادين في جمادى ، وفحل في ذي القعدة.

قال : ونا حنبل ، نا هلال بن العلاء ، نا عبد الله بن جعفر الرّقي ، نا مطرّف بن مازن اليماني ، عن معمر قال : ثم كانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وعليهم شرحبيل بن حسنة ، وعمرو بن العاص ، وخالد بن الوليد.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي

__________________

(١) بالأصل وخع : «الصفرا» والمثبت عن فتوح البلدان للبلاذري ص ١٢١ والطبري وابن كثير وابن الأثير.

(٢) بالأصل «اللالكاتي».

(٣) بالأصل «المفضل».

(٤) يوم الاثنين لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة (فتوح البلدان للبلاذري ص ١١٧) ويقال : لليلتين خلتا من جمادى الآخرة ، ويقال : لليلتين بقيتا منه.

٩٨

نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم بن بشر القرشي ، نا محمد بن عائذ ، نا الوليد ، حدثني شيخ من بني أمية ، عن أبيه قال : ثم أغزى أبو بكر جماعة من المسلمين ، ثم أغزى أبو بكر جماعة من المسلمين (١) إلى الشام فكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى ، ووقعة فحل في ذي القعدة من سنة ثلاث عشرة ..

قال : وكذلك حدثني زيد بن دعكنة أن هاتين الوقعتين بأجنادين وفحل في هذين الشهرين من سنة ثلاث عشرة. وبذلك حدثني عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الأسود أن وقعة أجنادين وفحل كانتا في هذين الشهرين من سنة ثلاث عشرة.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، أنا أبو علي بن الصّواف ، نا أبو محمد الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا أبو حذيفة إسحاق بن بشر القرشي قال : قالوا : وكانت وقعة أجنادين يوم السبت صلاة الظهر لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة ، قال : نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالوا : أنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعد (٢) ، نا يعقوب ، نا حامد بن يحيى (٣) ، نا صدقة يعني ابن سابق ، عن محمد بن إسحاق قالا : استخلف عمر على رأس اثنتي عشرة سنة وثلاثة أشهر واثنين (٤) وعشرين يوما من مهاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان [أمر](٥) الناس بالشام إلى خالد بن الوليد ، والأمراء على منازلهم. فساروا قبل فحل من الأردن ، وكانت فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة ، وعلى رأس ستة أشهر من خلافة عمر.

__________________

(١) كذا وردت العبارة مكررة بالأصل.

(٢) في المطبوعة : جعفر.

(٣) عن تقريب التهذيب وبالأصل وخع : بحير ، وهو حامد بن يحيى بن هانئ ، البلخي ، أبو عبد الله ، نزيل طرسوس.

(٤) بالأصل : واثنتين.

(٥) سقطت من الأصل وخع ، والزيادة عن المطبوعة.

٩٩

قال : ونا يعقوب ، حدثني سلمة ، عن أحمد بن حنبل ، عن إسحاق بن عيسى ، عن أبي معشر قال : وكانت فحل في ولاية عمر لستة أشهر مضين فيها.

قال : ونا يعقوب ، نا إبراهيم ، نا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب. وقال حسان بن عبد الله ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قالا : كانت وقعة أجنادين وفحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة. ولما توفي أبو بكر واستخلف عمر نزع خالد بن الوليد وأمّر أبا عبيدة بن الجرّاح على الأجناد.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي ، قالت : أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمد بن جعفر الرزاز (١) ، نا عبد الله بن سعد ، نا أبي ، نا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال : وكانت فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة على رأس ستة أشهر من خلافة عمر.

أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، عن أبي محمد الجوهري ، عن أبي عمر محمد بن العباس بن حيوية ، أنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل الحلّاب ، أنبأ الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي ، أنا محمد بن سعد كاتب الواقدي ، أنا محمد بن عمر الواقدي ، قال : وفيها يعني سنة أربع عشرة ، كان فتح مرج الصّفّر فأقام المسلمون بها خمس عشرة من المحرّم. وفيها زحف المسلمون إلى دمشق في المحرم فحاصروها ستة أشهر إلّا يوما.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، قال : كانت أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأميرها عمرو بن العاص ومعه خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة. وكان (٢) فحل وأجنادين في عام واحد وذلك سنة ثلاث عشرة ، غير أن فحل كان (٢) على رأس خمسة عشر يوما من خلافة عمر ، يعني أن فحل كانت في رجب.

__________________

(١) كذا ، وفي خع : «الزرار» ولعل الصواب «الزراد» ففي الأنساب : أبو الطيب محمد بن جعفر بن إسحاق الزراد ، يروي عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ. وسيأتي «الزراد» قريبا.

(٢) كذا بالأصل وخع.

١٠٠