تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

قناة أخرى في قبلي القلعة.

قناة في أول درب اللبان عند القيسارية.

قناة أخرى فيه في فندق من غربي الدرب المذكور.

قناة (١) عند طرف درب اللبان ومدرسة أكر أنشأها الملك العادل.

قناة عند المدرسة تعرف بقناة السباع.

قناة عند دار ناصح الدولة بقرب آخر زقاق اللبان.

قناة عند دار يغمور (٢) عند التوتة من حجر الذهب.

قناة في رأس درب الأنصار ودار البابا (٣).

قناة عند المدرسة المعينية.

قناة على باب حمام القصير.

قناة عند دار البسار وطاحونته.

قناة عند دار إسماعيل الطبيب.

قناة عند دار خضر (٤) بن عمر بن بختيار السّلار في الأفتريس (٥).

قناة أخرى في الأفتريس (٥) عند دار جناح الدولة.

قناة ابن حزور عند باب الخوّاصين لها وقف.

قناة في دهليز دار الشريف ابن أبي الجن.

قناة ابن الحبوبي (٦) في درب معز.

قناة بزان الكردي عند باب مدرسته معطلة.

__________________

(١) من هنا إلى بقناة السباع سقط من المطبوعة.

(٢) الأصل وخع وفي المطبوعة : ابن يغمور.

(٣) بالأصل وخع : «اليايا» والمثبت عن المطبوعة.

(٤) عن خع وبالأصل «حضر».

(٥) عن خع ، وبالأصل «الأقريس».

(٦) في خع : الحموي.

٣٨١

قناة باب الخضراء عند المدرسة الأمينية.

قناة في داخل الخضراء تحت المنارة الشرقية.

قناتا (١) باب البريد.

قناة عند باب الجامع الغربي عند سقاية باب البريد.

قناة الطرائفيين تحت المنارة الغربية ، وعند البيمارستان.

قناة عند دار الحكم.

قناة أخرى بقربها عند دار أبي الحسن السلحدار.

قناة عند دار صمد (٢) في سويقة باب البريد.

قناة في دهليز دار (٣) إلى جانب دار العزيّ.

قناة عند رباط النساء ودار ابن (٤) زرعة.

قناة عند حمام العقيقي.

قناة خلف دار أتابك طغتكين.

قناة في دهليز الشنباشي ، معطلة.

قناة أخرى في هذا الدرب ، عند الفرن.

قناة في دهليز دار الشريف أبي تراب ، ويعرف بابن منزوا.

قناة في مسجد باب الفراديس ، داخل الباب.

قناة عند دار السّلار (٥) ، ودار عطاء محاذي دار أتابك.

قناة النطافين على باب الجامع.

قناة عند دار العميد بن يعلى بن القلانسي.

__________________

(١) في خع : قناة.

(٢) الأصل وخع ، وفي المطبوعة : صميد.

(٣) كذا بالأصل وخع ، وبعدها بياض في المطبوعة.

(٤) في المطبوعة : أبي زرعة.

(٥) بالأصل «السلاق» والمثبت عن خع.

٣٨٢

قناة داخل دار السميساطي.

قناة داخل درب بوقة ، عند باب النطافين.

قناة خربوز عند مدرسة الحنابلة.

قناة سوق القمح لها وقف.

قناة ابن المغربي في درب الريحان.

قناة في درب قليد.

قناة في سوق أم حكيم ، وهو سوق العلبيين (١).

قناة الرحبة.

قناة زقاق العجم لها وقف.

قناة في مشهد الرأس على باب الجامع.

قناة جيرون وتعرف بقناة القثاء لها وقف.

قناة دار خديجة خربت.

قناة في درب كشك (٢).

وقناة أخرى فيه.

قناة في درب خفيف عند دار ابن الشيرجي.

قناة في سقيفة القطيعي (٣) عند المدرسة التي في دار طرخان.

قناة اللحامين على باب جيرون.

قناة في عقبة الصوف.

قناة أخرى في درب في عقبة الصّوف معطلة.

قناة عند باب قيسارية الفراء معطلة.

__________________

(١) بالأصل وخع : «العليس» والمثبت عن الدارس للنعيمي ٢ / ٢٤٠.

(٢) في خع : شكشك.

(٣) بالأصل وخع : «القطعي» والمثبت عن الدارس للنعيمي ٢ / ٢٥٣.

٣٨٣

قناة الوزير أبي (١) على المزدقاني على باب داره.

قناة عند دار ابن أخته كريم الملك.

قناة عند دار ابن المصّيصي تعرف بسمنديار معطلة.

قناة عند دار ابن البري ومسجد الأذرعي.

قناة في زقاق صفوان.

وفيه قناة أخرى معطلة.

قناة في طرف الأساكفة العتق ، ورأس سوق الأحد.

قناة عند دار ابن الشحاذة ، داخل باب السّلامة.

قناة داخل باب السلامة أيضا ، أنشأها الملك العادل بحضرة دار ابن التميس (٢) وإلى جانبها سقاية.

قناة سوق الأحد قناة لها وقف.

قناة سوق الغزل العتيق لها وقف.

قناة ابن أبي الحديد.

قناة صالح في الفورنق (٣) لها وقف.

قناة على باب الجينيق في السقاية.

قناة خواجة يعقوب في الجينيق.

قناة ابن الماشكي (٤).

قناة عند دار الشريف أحمد هي دار ابن بوري خان.

__________________

(١) بالأصل وخع : الوزراني والمثبت «الوزير أبي علي ...» عن الدارس للنعيمي ٢ / ٢٥٢ ، وانظر شذرات الذهب ٤ / ٦٦.

(٢) في خع : «النميس» وفي المطبوعة : «التميش».

(٣) بالأصل «الفويرق» وفي خع : «الفوريق» والمثبت عن المطبوعة.

(٤) بالأصل وخع : «الماشلي».

٣٨٤

قناة في درب العلوي النافذ إلى المربعة ، عند دار صالح بن أسد الكاتب ، وتعرف بدار عضب الدولة.

قناة في رحبة خالد بن أسيد.

قناة المنحدرة عند قنطرة ابن مدلج.

قناة الزيني (١) في سويقة باب توما.

قناة داخل الباب عند مسجد صعلوك معطلة.

قناة عند دار ابن الشوائي داخل باب توما.

قناة النيبطن (٢).

فهذه قنيّ البلد ومبلغها مائة ونيّف وثلاثون (٣) قناة.

وفي ظاهر البلد من القبلة :

قناة بهاء الدولة عند جسر سوق الدواب.

وقناة على الباب الصغير.

وقناة في الشاغور.

ومن شآمه :

قناة على باب توما ملاصقة للسور (٤).

وقناة عند الجسر والسبع أنابيب ، وفيها أربعة عشر أنبوبا.

وقناة في طرف زقاق الرمّان عند مسجد القصب.

وقناة على باب الفراديس عند السقاية.

وقناة في عقب الجسر مقابل مسجد بزان.

__________________

(١) الأصل وخع وفي المطبوعة : الزينبي.

(٢) بالأصل : «النبيطن» والمثبت عن خع ، ويقال : النيبطون.

(٣) كذا وقد اختلف العدد بين الأصل وخع والمطبوعة ، فالذي في المطبوعة أقل من مائة وثلاثين قناة.

(٤) من هنا سقط من خع.

٣٨٥

وقناة في وسط العقيبة.

وقناة على باب مسجد فيروز.

وقناة في مسجد فيروز.

قناة عند النهر في وسط مقبرة باب الفراديس.

وقناة عند دار أم البنين.

وقناة عند حمام راهب ، في العقيبة.

وقناة عند مسجد الوزير.

ومن غربيه :

قناة في مسجد الجنان.

وقناة على بابه ، وقناة على باب الجابية ملاصقة للباب.

وقناة في قصر حجاج.

فذلك تسع عشرة قناة.

فأمّا الحمامات

فحمام القلعة المحروسة.

وحمام القاضي عند باب الجابية.

وحمام داخل القصّاعين.

وحمام داخل درب الهاشميين المعروف بالجديد (١) ، كان قديما ، فخرب فجدّده حسن الخادم.

وحمام القصير.

وحمام بنت (٢) الأمير جاروخ لطيف.

__________________

(١) بالأصل «بالحديد» والمثبت عن المطبوعة.

(٢) في المطبوعة : بيت.

٣٨٦

وحمام الشريف العقيقي.

وحمام الديوان لطيف.

وحمام القلانسيين عند القيسارية الفخرية.

وحمام الأكافين الذي في سوق علي.

وحمام نور الدين الجديد ، في سوق القمح.

وحمام ابن أبي (١) نصر ، خلف سويقة الباب الصغير.

وحمام درب النخلة عند باب الصغير وقفه نور الدين رحمه‌الله.

وحمام الحجي (١) بقرب المقسلّاط في درب الجمحي. خرب وصار دارا (٢) لابن قوام.

وحمام سويد عند دار ابن منزوا.

وحمام السلم في زقاق السلم عند المسلخ.

وحمام درب البقل.

وحمام الرحبة.

وحمام عند باب النطّافين ، يعرف بالمؤيد.

وحمام إلى جانبه يعرف بالسلّارية.

وحمام خفيف ، في درب خفيف ، بقرب باب الفراديس.

وحمام ابن كلي عند دار طرخان.

وحمام النحاسين بقرب سقيفة كروس على بئر.

وحمام عنده يعرف بابن القطيطة على بئر أيضا.

وحمام دار الوزير المزدقاني صغير.

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي المطبوعة : «الجمحي» ولعل الصواب : الحموي نسبة لعز الدين أيبك الحموي انظر الدارس للنعيمي ٢ / ٢٠٠.

(٢) بالأصل : «دار».

٣٨٧

وحمام الجبن ، في درب الجبن ، خلف الحدّادين.

وحمام ابن أبي هشام ، في درب الحبّالين.

وحمام التميمي في دار البطيخ ، فخرب وصار مساكن (١).

وحمام في الخريميين خلف سوق المطرزيين (٢) على بئر.

وحمام المطرزيين (٢) خلف قناة سوق الأحد.

وحمام اللؤلؤة ، كان قديما يعرف بحمام اليزيديين (٣) وكان لطيفا ، على مدار ، فكبّر وسيقت له قناة ، والمدار باق إلى اليوم.

وحمام ابن أبي الحديد عند منارة فيروز.

وحمّام العلوي خلف طريق العلوي ، في كنيسة مريم.

وحمام درب الحجر كان على بئر فسيق إليه الماء.

وحمام عند رأس قنطرة سنان.

وحمام خطلبا بقرب كنيسة مريم.

وحمام ابن عبادة بقرب حير قسام وسقيفة جناح.

وحمام على المنجنيقي عند الباب الشرقي.

وحمام ابن صصري عند باب توما ، له قناة وله بئر.

وحمّام للشريف عند دار ابن بوري خان ، له قناة وله بئر.

وفي الأرض (٤)

حمام الأسد (٥) على باب الجابية.

__________________

(١) عن المطبوعة ، وبالأصل : «ماد».

(٢) بالأصل : المطرزين.

(٣) بالأصل : المطرزين.

(٤) في المطبوعة : وفي الربض.

(٥) في المطبوعة : الأسديين.

٣٨٨

وحماما أبي المعالي بن تميم في العقيبة.

وحمام ابن قرقين بقرب حمامي ابن تميم.

وحمام بناه ابن زاكي بقرب قبة طرخان.

وحمام توماس بقرب الرحا البرمكية.

وحمام عند عوينة القصّارين.

وحمام يعرف براهب الكلّاس في دار أم البنين.

وحمام آخر بقرب عوينة الحمى.

وحمّام عند رأس بستان بكجور.

وحمام آخر (١) إلى جانبه.

وحمامان عند عين كمشتكين ، خارج باب السلامة.

وحمام ابن معين الذي خارج باب توما بقرب السبع أنابيب.

وحمام ابن صدقة ، في الشاغور ، خارج باب الصغير.

وحمام ابن عبادة في الشاغور أيضا.

وحمام القصر بالنيرب الأسفل.

وحمّام ابن العفيف بوادي النيرب.

فمبلغها سبعة وخمسون حمّاما سوى حمامات القرى.

__________________

(١) هذا الحمام سقط من المطبوعة.

٣٨٩

باب

ما ورد عن الحكماء والعلماء في مدح دمشق بطيب الهواء وعذوبة الماء

أخبرنا على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، عن عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا تمام الرازي ، نا أبو محمد عبد الله بن أيوب الحافظ ، أنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن البنا الصّنعاني ، نا أبي ، نا ميمون بن الحكم ، قال الشيخ أبو محمد عبد الله يعني ابن عمرو بن كيسان قال : وسمعت أبي يحدث وأحسبه عن وهب ح.

وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب ، نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المرّي ، نا عبد الله بن محمد بن أيوب القطان ، نا ابن البنا ـ بصنعاء ـ وهو عبد الله بن محمد بن الحسن الصّنعاني ، حدثني أبي عن عبد الله بن عمر بن كيسان ، عن أبيه قال : أحسبه عن وهب بن منبّه قال : لما أري إبراهيم ملكوت السموات والأرض لم يسأل إلّا عن غوطة دمشق وعن جنّتي سبأ.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف المقرئ ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم المقرئ ، عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن سيبخت (١) البغدادي ، نا أبو بكر محمد بن يحيى بن العباس الصّولي ، حدثني ثعلب ، نا ابن شبيب يعني عبد الله ، حدثني عمر بن عبّاد المهلّبي ، قال : كان الرشيد يقول : الدنيا أربعة منازل قد نزلت ثلاثة منها : أحدها الرّقّة ، والآخر

__________________

(١) في المطبوعة : سبخت. انظر التبصير.

٣٩٠

دمشق ، والآخر الرّيّ (١). في وسطه نهر وعن جنبتيه أشجار ملتفة متصلة ، وفيما (٢) بينها سوق. قال : والمنزل الرابع سمرقند (٣) وهو الذي بقي عليّ لم أنزله ، وأرجو أن لا يحول الحول في هذا الوقت حتى أحلّ به.

فما كان بين هذا وبين أن توفي إلّا أربعة أشهر فقط.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي قال : قال أحمد بن الخير الورّاق الدمشقي : لم يزل ملوك بني العبّاس تخفّ إلى دمشق طلبا للصحة وحسن المنظر ؛ منهم المأمون فإنه أقام بها وأجرى إليها قناة من نهر منين (٤) في سفح جبلها إلى معسكره بدير مرّان (٥). وبنى القبة التي في أعلى جبل دي مرّان وصيّرها مرقبا (٦) يوقد في أعلاها النار لكي ينظر إلى ما في عسكره إذا جن عليه الليل ، وكان ضوؤها وضياؤها يبلغ إلى ثنية العقاب (٧) وإلى جبل الثلج (٨).

قال أبو الحسين الرازي : أخبرني أبو الحسن أحمد بن حميد بن سعيد المعروف بابن أبي العجائز ، نا محمد بن هارون بن محمد بن بكّار بن بلال العاملي ، نا محمد بن [أبي](٩) طيفور الجرجاني ، عن الفضل بن مروان [أن](١٠) أمير المؤمنين المأمون صار إلى دمشق وهو رقيق فغلظ (١١) وأخذ بعض اللحم ، وكان أكله قبل ذلك في كل يوم ثمان عشرة لقمة ، فلما أقام (١٢) بدمشق صار أكله في كل يوم أربعا وعشرين لقمة ، زيادة الثلث.

__________________

(١) انظر معجم البلدان.

(٢) عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٩٦ وبالأصل : ومما.

(٣) بلد معروف مشهور ، قصبة الصغد (انظر معجم البلدان).

(٤) منين : بالفتح ، قرية في جبل سنير قريبة من دمشق (ياقوت).

(٥) يشرف على الربوة غربي دمشق (غوطة دمشق : ٢٦٧).

(٦) عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٩٦ وبالأصل : مرقما.

(٧) الجبل المطل على الغوطة والمرج (غوطة دمشق ص ١٨٠).

(٨) هو جبل الشيخ (غوطة دمشق ١٨٠).

(٩) سقطت من الأصل ، وسيرد اسمه صوابا.

(١٠) سقطت من الأصل واستدركت عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٩٦.

(١١) بالأصل : «فقلط» والمثبت عن المختصر ١ / ٢٩٦.

(١٢) بالأصل «فقام» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٩٧.

٣٩١

وقال محمد بن أبي طيفور : ويقال إن المأمون نظر يوما [من بناء كان فيه](١) إلى أشجار الغوطة وبنائها فحلف بالله أنها خير مغنا على وجه الأرض فقال بعض المؤلفين لحسن الكلام :

نظر المأمون يوما

من دمشق من أباني

في رياض مونقات

بين أشجار حسان

فمشى شوقا إليها

ضاحكا بين غواني

ثم آلى بيمين

إنّها خير المغاني

فرشت بالنور فرشا

تحت ظلّ وسواني

اخضر رفّ رفيفا

جاره أحمر قاني

قال محمد بن أبي طيفور : ويقال : إن المأمون قال يوما : عجبت لمن سكن غيرها كيف ينعم مع هذا المنظر الأنيق الذي ليس (٢) يخلق مثله ، فقال في ذلك بعض مؤلفي الكلام الحسن :

ليس في الدنيا نعيم

غير سكنى في دمشق

تنظر (٣) العينان منها

منظرا ليس لخلق

جنة يفجر منها

ماء عين ذات دفق

قال محمد بن أبي طيفور : وبلغني أن المأمون كان بدمشق في طارمة (٤) له والثلج يسقط عليه ، فأصحر (٥) يده للثلج ساعة التذاذا به.

قال محمد بن أبي طيفور : حدثني يحيى بن أكثم القاضي قال : كنت بدمشق مع المأمون وحضرت طعامه فقدّم إليه طعام كثير من الفراريج. فجعل المأمون يأكل من تلك الفراريج ويتمطّق (٦) ويتلمظ ويتبسم. وأنا لا أدري ما مقصده بتلمّظه. فلما

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.

(٢) إلى هنا ينتهي النقص من نسخة خع.

(٣) في خع : تبصر العينان.

(٤) الطارمة بيت من خشب كالقبة ، وهو دخيل أعجمي معرّب (اللسان).

(٥) أي أخرجها.

(٦) التمطق : التذوق والتصويت باللسان والغار الأعلى (اللسان) ومثله التلمظ.

٣٩٢

استحكم له طعم الفراريج وبلغ نهاية الاستتمام إلى غايته في ذوقه نظر إلى الطبّاخ فقال : بأي شيء سمّنت هذه الفراريج؟ وبما طيّبتها؟ فقال الطباخ : هذه راعية دمشق لم تسمّن ولم تطيّب. فقال لي : ما طعم من طعام (١) للطير ولا ريح من الروائح العذبة إلّا وقد خيل لي أنه في هذه الفراريج. هذا والله أرخص لحما وأطيب طعما وريحا من مسمّن كشكر (٢) ثم قال : أوما علمت أن فراريج كسكر فيها ثقل كسكر ، وروائح آجامها ، وكأنها من طير الماء فيها الطعم ، فإن لم تعالج بالأبازير وتطيّب بالأفواه (٣) ، وتروّى بالزيت المغسول ، لم يمكن النظر إليه فضلا عن أكله (٤) ، وهي إذا عوينت بما وصفت وعولجت ففيها بقايا سنخها (٥) ولئن رجعت إلى العراق لا ذقت منها شيئا البتة.

قرأت بخط أبي الحسين (٦) الرازي ، حدثني أبو القاسم عبد الرحيم بن محمد بن أبي قربة الثقفي ، نا محمد بن هارون بن محمد بن بكّار بن بلال العاملي ، نا محمد بن أبي طيفور قال : قال ابن أبي دؤاد (٧) : قال أمير المؤمنين المعتصم بالله : ما شبهت ساكن دمشق إلّا بالصائم في شدة الكلف على الطعام فإنه جائع أبدا. قال : فقلت : يا أمير المؤمنين فنعمت النعمة هذه. قال : نعم خير بقاع الأرض إلّا أنه تورث الشدة.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني وأبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الغسّاني (٨) ، قالا : نا وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه ، نا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن زنجي الكاتب ـ إملاء ـ حدثني أبي ، نا عسل بن ذكوان قال :

__________________

(١) في المطبوعة ٢ / ١٦٨ من طعوم.

(٢) كذا بالأصل وخع ، والصواب «كسكر» كما في معجم البلدان وهي كورة واسعة قصبتها واسط بين الكوفة والبصرة.

(٣) الأفواه : التوابل ، جمع أفاويه (قاموس : فوه).

(٤) في المطبوعة : «النظر إليها فضلا عن أكلها».

(٥) السنخ : أي زنخ الدهن (انظر القاموس واللسان).

(٦) بالأصل وخع : «الحسن» خطأ.

(٧) بالأصل وخع : «داود» تحريف.

(٨) في خع : الغشابي.

٣٩٣

قال الأصمعي : أحسن الدنيا ثلاثة : نهر الأبلّة (١) ، وغوطة دمشق وسمرقند وقال : حشوش الدنيا : عمان وأردبيل (٢) وهيت (٣).

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحّامي ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ ، حدثني أبو الحسين ، وهو محمد بن عبد الرّحمن بن محمد المذكر ، نا أحمد بن الخضر ، نا الرياشي ، عن الأصمعي قال : جنان الدنيا في ثلاثة مواضع : نهر معقل (٤) بالبصرة ، ودمشق بالشام ، وسمرقند بخراسان.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أن عبد الوهّاب بن عبد الله بن الجيان (٥) ، نا عبد الله بن محمد بن أيوب الحافظ القطان ، أنا أبو روق الهزّاني (٦) بالبصرة ، نا الرياشي ، عن الأصمعي قال : [ح](٧).

وقرأت على أبي [محمد](٨) عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام الرازي ، نا عبد الله بن أيوب ، نا أبو روق الهزّاني بالبصرة قال : وذكر عن الرياشي قال : سمعت الأصمعي يقول : ـ وفي حديث ابن الجبان (٩) ، نا الرياشي ، عن الأصمعي قال : ـ جنان الدنيا ثلاث : غوطة دمشق ، ونهر سمرقند ونهر الأبلّة.

وقرأت بخط أبي العلاء عبد الوهّاب بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عيسى بن ماهان البغدادي ، أنا أبو محمد الحسن بن رشيق ـ بالفسطاط ـ حدثني أبو القاسم الحسن بن آدم بن عبد الله العسقلاني ، حدثني عبيد بن محمد بن إبراهيم

__________________

(١) الأبلة : بلدة على شاطئ دجلة عند البصرة ، ونهر الأبلّة نهر حفره زياد (انظر معجم البلدان).

(٢) أردبيل : من أشهر مدن أذربيجان.

(٣) هيت : بالكسر ، بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار.

(٤) نهل معقل ينسب إلى معقل بن يسار الصحابي (انظر معجم البلدان).

(٥) كذا بالأصل وفي خع : «الجبان» وفي المطبوعة : ابن المري.

(٦) الهزاني : بكسر الهاء وفتح الزاي المشددة ، هذه النسبة إلى هزان ، بطن من عتيك.

(٧) الزيادة عن خع.

(٨) سقطت من الأصل ، وفي خع : وقرأت على عبد الكريم.

(٩) في المطبوعة : المري.

٣٩٤

الكشوري (١) ، حدثني سليمان بن داود النّجراني (٢) ، حدثني الحسن بن يحيى ، نا محمد بن يحيى العدني ، عن محمد بن عثمان ، عن غيره قال : في الدنيا ثلاث جنان : مرو من خراسان ، ودمشق من الشام ، وصنعاء من اليمن. وجنة هذه الجنان صنعاء.

وذكر بعض علماء المغاربة قال : قال قوم من المشرقيين : إن الله أسكنه ـ يعني آدم ـ بناحية كيكدر من كورة الصين ، قال وهي التي تعرف في زماننا بمدينة لغبور.

ويقولون : الصين أطيب البلاد ، وأمّا الذي عليه العامة في الشق الغربي أن أطيب البلاد صنعاء من اليمن ، ودمشق من الشام ، والري من خراسان ، ونجران من الحجار (٣).

وذكر أبو الطّيّب الوشاء أن الوليد بن عبيد البحتري (٤) أنشده لنفسه (٥) :

قد رحلنا عن العراق عن قيظها الومد (٦)

حبّذا العيش في دمشق إذا ليلها برد

حيث يستقبل الزمان (٧) ويستحسن البلد

سفر جدّدت لنا اللهو أيّامه الجدد

عزم الله للخليفة فيه على الرّشد

وذكر أبو بكر أحمد بن كامل القاضي قال :

وفي دخول المتوكل دمشق يقول أبو عبادة الوليد بن عبيد البحتري الطائي [قصيدة](٨) اقتضبتها وأوّلها (٩) :

__________________

(١) بفتح الكاف ، وقيل بالكسر ، والواو ، هذه النسبة إلى كشور وهي قرية من قرى صنعاء اليمن. (الأنساب) وذكره باسم عبيد الله ، أبو محمد.

(٢) هذه النسبة إلى نجران وهو موضع بناحية اليمن ، وبهجر أيضا.

(٣) كذا ، وليس في الحجاز نجران ، (انظر نجران في معجم البلدان).

(٤) في خع : «الحرنى» كذا.

(٥) الأبيات في ديوانه المطبوع ، ط بيروت ١ / ١٦ ـ ١٧.

(٦) في الديوان : وعن قطبها النكد.

(٧) عن الديوان وخع وبالأصل : الدمان.

(٨) زيادة اقتضاها السياق.

(٩) الديوان ط بيروت ١ / ٢١ ـ ٢٢.

٣٩٥

العيش في ليل داريّا إذا بردا

والراح تمزجها (١) بالماء من بردا

قل للإمام الذي عمّت فواضله

شرقا وغربا فما نحصي (٢) لها عددا

الله ولاك عن علم خلافته

والله أعطاك ما لم يعطه أحدا

وما بعثت عتاق العيس في سفر (٣)

إلّا تعرّفت فيه اليمن والرّشدا

أما دمشق فقد أبدت محاسنها

وقد وفى لك مطريها بما وعدا

إذا أردت ملأت العين من بلد

مستحسن وزمان يشبه البلدا

يمسي (٤) السحاب على أجبالها فرقا

ويصبح النبت. في صحرائها بددا

فلست تبصر إلّا واكفا خضلا

أو يانعا خضرا أو طائرا غردا

فكأنما القيظ ولّى بعد جيئته

أو الربيع دنا من بعد ما بعدا

وممّا قاله فيها أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسن الحلبي المعروف بالصنوبري. وقد أنشدني بعض قوله الفقيه أبو الحسن علي بن المسلّم السّلمي وأبو القاسم بن السمرقندي قالا : أنا أبو نصر الحسين بن محمد بن طلّاب قال : أنشدنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن جميع قال : أنشدني أبو بكر الصنوبري أبياتا له غير هذه :

أمرّ بدير مرّان فأحيا

وأجعل بيت لهوي بيت لهيا

وتبرد علتي بردا فسقيا

لأيامي على بردا ورعيا

تفيض جداول البلّور منها (٥)

خلال حدائق ينبتن وشيا

فمن تفاحة لم تعد خدّا

ومن رمّانة (٦) لم تعد ثديا

ونعم الدار داريّا ففيها

صفا لي العيش حتى صار أريا

__________________

(١) في خع : «يمزجها» وفي الديوان : نمزجها.

(٢) عن خع والديوان ، وبالأصل : تحصي.

(٣) كذا بالأصل وخع ، وفي الديوان :

وما بعثت عتاق الخيل في بلد

وفي المطبوعة ٢ / ١٧١ :

وما تعنّت عتاق الخيل في سفر

(٤) عن الديوان ، وبالأصل : «تمسي» وفي خع : «تمشي» وفي المطبوعة : يمشي.

(٥) في معجم البلدان (دمشق) ، وخع : «فيها».

(٦) في معجم البلدان : أترجة.

٣٩٦

ولي في باب جيرون ظباء

أعاطيها الهوى ظبيا فظبيا

صفت دنيا دمشق لمصطفيها (١)

فلست أريد غير دمشق دنيا (٢)

ويروى : هي الدنيا دمشق لساكنيها.

وما قاله فيها أبو محمد عبد المحسن بن محمد الصّوري (٣) ، وقد أنشدنا بعض قوله الشريف أبو السّعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد المتوكلي ببغداد ، أنشدنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، أنشدنا أبو عبد الله محمّد بن علي الصوري قال : أنشدنا أبو محمد عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب الصّوري :

كان ذمّ الشام مذ كنت شاني

فبهتني (٤) عنه دمشق الشآم

بلد ساكنوه قد جعلوا الجنة

قبل الحساب دار مقام

البستها الأيام رونق حسن

ليس يفنى ولا مع الأيّام

ظاهر طاهر الجمال كما البا

طن خلقاهما معا في تمام

غير أنّ الربيع يحكم في الظا

هر إذ كان أوضح الأحكام

برياض أوصافها أبد الدهر

يراها رياضة الأفهام

نثرت كلها يد الغيث فيها

فأفانين زهرها في انتظام

لم تفضل بطيبها جنة الخلد

عليها بل فضّلت بالدّوام

قسمت بين أهلها قسمة العد

ل فعمّتهم (٥) يدا قسّام (٦)

ومما قاله فيها أبو المطاع ذو القرنين أبو [محمّد](٧) الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي (٨) ، وقد أنشدني بعض قوله أبو الحسين أحمد بن محمّد الفقيه

__________________

(١) في معجم البلدان : لقاطنيها.

(٢) في معجم البلدان :

فلست ترى بغير دمشق دنيا

(٣) من شعراء القرن الخامس الهجري ، ترجم له في وفيات الأعيان ٢ / ٢٣٢ ويتيمة الدهر ١ / ٣١٢ والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٦٩.

(٤) في خع : فنهتني.

(٥) في خع : فمتعهم.

(٦) هو قسام الحارثي التراب ، كان واليا على دمشق (تاريخ ابن القلانسي ٢١).

(٧) عن وفيات الأعيان ٢ / ٢٧٩.

(٨) من شعراء الشام في القرن الخامس ، ترجم له في وفيات الأعيان ٢ / ٢٧٩ ومعجم الأدباء ٤ / ٢٠١.

٣٩٧

السّمناني ، بسمنان (١) ، أنشدنا أبو سعيد عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أنشدنا الشريف أبو الحسن عمران بن موسى المغربي.

أنشدنا أبو المطاع :

إني حننت حنين مكتئب

مترادف الأحزان والكرب

متذكر في دار شقوته

دار النعيم ومنزل الطرب

جمعت مآرب كلّ ذي إرب

فيها ونخبة كل منتخب

فهواؤها تحيا (٢) النفوس به

وترابها كالمسك في الترب

تجري بها الأمواه فوق حصى

كرضاب ثغر بارد شنب

من كل عين كالمراة صفا

أو جدول كمهنّد القضب

يشتق أخضر كالسماء له

زهر كمثل الأنجم الشهب

هذا ومن شجر (٣) تعطّفه

يحكي انعطاف الخرّد العرب

عشنا به زمنا نلذّ به (٤)

في غفلة من حادث النوب

في فتية فطنوا لدهرهم

فتناولوا اللذات من (٥) كثب

ما شئت من جود ومن كرم

فيهم ومن ظرف ومن أدب

متواصلين على مناسبة

بالفضل تغنيهم عن النسب

كم روحة بدمشق رحت بهم

والشمس قد كادت ولم تغب

فكأنما صاغ الأصيل بها

لقصورها شرفا من الذهب

ومما قاله أيضا في دمشق :

سقى الله أرض الغوطتين وأهلها

فلي بجنوب الغوطتين شجون

وما ذقت طعم الماء إلّا استخفّني

إلى (٦) برد ماء النيربين حنين

__________________

(١) بلدة بين الري ودامغان ، وبعضهم يجعلها من قومس ، وبنسا قرية يقال لها سمنان (معجم البلدان).

(٢) في خع : يحيى.

(٣) بالأصل «ومن شحر» وفي خع «ومن سحر» والمثبت عن المطبوعة ٢ / ١٧٤.

(٤) عن خع وبالأصل : بلذته.

(٥) في المطبوعة : عن كثب.

(٦) بالأصل : «إلى بردتا النيربين» والمثبت عن خع ، وفي معجم البلدان (دمشق) : إلى بردى والنيربين حنين.

٣٩٨

وقد كان شكّي في الفراق يروعني

فكيف أكون اليوم وهو يقين؟

فو الله ما فارقتكم قاليا لكم (١)

ولكنّ ما يقضى فسوف يكون

ومما قاله فيها أيضا :

دعاني من أطلال برقة ثهمد

ولا تذكرا عيشا بصحراء اربد

فمالي من وجد بنجد وأهلها

ولا بي من شوق إلى أمّ معبد

محلّة بؤس لا الحياة عزيزة (٢)

لديها ولا عيش الكريم بأرغد

عدتني عنها من دمشق وأرضها (٣)

مرابع ليس العيش فيها بأنكد

بحيث نسيم الغوطتين معطر

بأنفاس زهر في الرياض مبدّد

يمر على أذكى من المسك نفحة

ويجري على ماء من الثلج أبرد

أنشدنا أبو المظفر محمّد بن أسعد العراقي (٤) الحنفي الفقيه لنفسه بدمشق :

دع الرسم لاح على يثرب

وعج بالمحصّب (٥) والأخشب (٦)

فثمّ التي همت من أجلها

وضاقت بك الأرض عن مذهب

هي الريم ما رمت عن حبّها

ولا رمت غير هوى الملعب

ومن يتناسى هوى داره

ويرغب عنها وفيها ربي؟

وهل يتبدّى ممحل مجدب

ويبدل بالعشب المخصب

وقفت بها ذاكرا عهدها

أسائل في الربع عن زينب

وأعتب من هي مشدوهة

عن العتب والعاتب المغضب

بوجه كصبح بدا مشرقا (٧)

وشعر تجعّد كالغيهب

تقول وفي قولها منّة

تأنّ عليّ ولا تعتب

__________________

(١) عن خع وبالأصل : «قائلا لكم».

(٢) كذا بالأصل وقد شطبت ، وعلى هامشه : لذيذة وبجانبها لفظة صح ، وفي خع : لذيذة.

(٣) في المطبوعة : «وأهلها» وفي خع كالأصل.

(٤) انظر الدارس في المدارس للنعيمي ١ / ٤١٤.

(٥) موضع بين مكة ومنى ، وموضع رمي الجمار بمنى أيضا (ياقوت).

(٦) الأخشب ، انظر عنه معجم البلدان (الأخشبان).

(٧) عن خع وبالأصل «مشرفا».

٣٩٩

ألست ببغداد عاهدتني

وكنت بها المترف المستبي

فأبعدت عنها على غرّة

ولم تدر بعدك ما حلّ بي

فقلت أجل إنها جنّة

وما ذمّها قطّ إلّا غبي

ولكن دعاني إلى تركها

محاسن تبهر بالنيرب

وبالمزّة الجنة المستلذّ

بها العيش والشرف المعجب

وبالسهم ذي الثمر المشتهى

لجانيه والمشمش الطيّب

ترنّم من فوق أشجاره

طيور بلحن لها مطرب

فكم بلبل هاج بلبالنا

وكم من هزار ومن أخطب (١)

وكم معرب فيها عن شجى

وكم من مغن ومن مغرب

بصوت له مستلذ غدا

بديع الترنّم مستعذب

لأزهارها نشر مسك إذا

نسيم بها هبّ أو زرنب (٢)

وأنهار جلّق تجري إلى

مساكنها عذبة المشرب

تعين فتى جنّ من مذهب

جنون المهوّس والمذهب (٣)

وجامعها ما له مشبه

بشرق البلاد ولا مغرب (٤)

كمثل أهلها ليس مثل لهم

لدى القسط فاطرب لهم واعجب

إذا وصف المرء ما فيهم

من الدين (٥) والخير لم يكذب

فلا تطمعن (٦) في فراقي لهم

فتلك (٧) طماعية الأشعب

أنشدني أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن إسحاق بن النقّار الحميري (٨) الكاتب لنفسه :

__________________

(١) عن خع وبالأصل «أحظب» ، والأخطب : الشقراق ، فيه سواد وبياض.

(٢) الزرنب : شجر طيب الرائحة (قاموس).

(٣) المهوس : من أصابه الهوس ، وهو طرف من الجنون (قاموس).

والمذهب : الذي ذهب عقله.

(٤) في خع : ولا الغرب.

(٥) في خع : «من الذي».

(٦) في خع : تطعمن.

(٧) في خع : قبلك.

(٨) من شعراء دمشق وكتّابها ، مات سنة ٥٦٨ أو ٥٦٩.

٤٠٠