تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي ، أنا أبو الحسن (١) محمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم السيرافي ، أنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي القاضي ، نا أحمد بن عمران بن موسى ، نا موسى بن زكريا ، نا أبو عمرو خليفة بن خيّاط العصفري ، نا بكر بن سليمان ، قال : وقال أبو (٢) إسحاق : وقعة مرج الصّفّر يوم الخميس لاثني عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة والأمير خالد بن الوليد.

أخبرتنا أمّ البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمد بن جعفر الزّرّاد المنبجي (٣) ، نا عبيد الله بن سعد ، نا عمي ، نا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال : وكانت أجنادين في سنة ثلاث عشرة لليلتين بقيتا من جمادى الأولى ، وقتل يومئذ من المرسلين (٤) ممن ينتمي (٥) لنا من قريش أربعة عشر رجلا ، ولم يسمّ لنا من الأنصار أحد أصيب بها.

أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن أشليها المقرئ ، وابنه أبو الحسن علي بن الحسين ، قالا : أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات ، أنبأ أبو محمد عبد الرّحمن بن عثمان بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أنبأ أحمد بن إبراهيم القرشي ، أنا محمد بن عائذ القرشي ، نا الوليد عن (٦) سعيد وابن جابر قالا : ثم كانت أجنادين بعد (٧) وقعة مرج الصّفّر قال سعيد : التقوا على النهر [عند الطاحونة](٨) فقتلت الروم يومئذ حتى جرى النهر وطحنت

__________________

(١) قوله «أنا أبو الحسن» كرر بالأصل وأثبتنا ما وافق عبارة خع.

(٢) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة «ابن».

(٣) تقدم قريبا «الرزاز» تحريف ، والزراد ، نسبة إلى صنعة الدروع والسلاح.

والمنبجي بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء هذه النسبة إلى منبج ، إحدى بلاد الشام (الأنساب).

(٤) في خع : من المسلمين.

(٥) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة : سمّي لنا.

(٦) بالأصل «بن» تحريف ، والمثبت يوافق عبارة مختصر ابن منظور ١ / ٢٠١ والمطبوعة.

(٧) كذا وردت العبارة بالأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور ١ / ٢٠١ : ثم كانت بعد أجنادين وقعة مرج الصّفّر. راجع فتوح البلدان للبلاذري ص ١١٦ و ١٢١.

(٨) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.

١٠١

طاحونتها بدمائهم ، فأنزل الله على المسلمين نصره ، وقتلت يومئذ أمّ حكيم (١) أربعة من الروم بعمود فسطاطها.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنبأ أبو عمر بن حيّوية ، أنا أبو الحسن أحمد بن معروف الخشاب ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدثني سعيد بن راشد ، عن عطية بن قيس ، عن أبي العوام مؤذن بيت المقدس ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث في بيت المقدس يقول : شهدنا أجنادين ونحن يومئذ عشرون ألفا وعلى الناس يومئذ عمرو بن العاص ، فهزمهم الله تعالى وتفرقوا. ففاءت فئة (٢) إلى فحل في خلافة عمر بن الخطاب ، فسار إليهم عمرو بن العاص في الناس حتى نفاهم عن فحل.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسين بن أحمد بن أشليها (٣) المقرئ وابنه أبو الحسن علي ، قالا : أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفرات ، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا ابن عائذ ، نا محمد بن عمر ، عن سعد بن راشد ، عن عطية بن قيس ، عن أبي العوام مؤذن بيت المقدس قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث في بيت المقدس يقول : شهدنا أجنادين ونحن يومئذ عشرون ألفا وعلى الناس يومئذ عمرو بن العاص فهزمهم الله تعالى ففاءت فئة (٣) إلى فحل في خلافة عمر رضي‌الله‌عنه ، فسار إليهم في الناس عمرو بن العاص فنفاهم إلى (٤) فحل.

قال محمد بن عمر : وأهل الشام قاطبة وعامة رواتنا يقولون : إن أجنادين كانت قبل فحل ، وهي في ولاية أبي بكر ، وكان (٥) فحل في ذي القعدة في خلافة عمر على رأس خمسة أشهر من خلافته.

__________________

(١) وهي أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومي وكان قد أعرس بها خالد بن سعيد بن العاص ـ في صبيحة يوم الوقعة ـ وقد بلغها مصابه ، فانتزعت عمود الفسطاط فقاتلت به فيقال إنها قتلت سبعة نفر (فتوح البلدان ـ البلاذري ص ١٢١).

(٢) بالأصل وخع «قيد» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٣) عن المطبوعة وبالأصل «استلها».

(٤) كذا.

(٥) كذا.

١٠٢

أخبرنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عبد الله الخطيب ، أنا جدي أبو عبد الله الحسن بن أحمد ، أنا علي بن الحسن بن علي ، أنبأ العبّاس بن محمد بن حيان ، نا عبد الله بن عتاب (١) بن الزفتي ، نا محمد بن محمد بن مصعب ، نا محمد بن المبارك ، نا الوليد.

وقرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي عن عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا محمد بن أحمد بن هارون الجندي ، وعبد الرّحمن بن الحسين بن الحسن بن علي بن يعقوب ، قالا : أنبأ أبو القاسم بن أبي العقب ، نا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا محمد بن عائذ قال : قال الوليد : أخبرني سعيد بن عبد العزيز وابن جابر : أن أول وقعة كانت بين المسلمين وبين الروم بأجنادين نصر الله المسلمين. قال ابن جابر : فهي إحدى ملاحم الروم التي أبيروا فيها.

أخبرنا أبو علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن أشليها (٢) المصري وابنه أبو الحسن ، قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي (٣) ، أنا محمد بن عائذ قال : نا الواقدي قال : وكان فتح أجنادين يوم الاثنين لاثنتي عشرة بقيت من شهر جمادى الأولى. قال الواقدي : واليقين عندنا أن أجنادين كانت في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وبشّر بها أبو بكر رضي‌الله‌عنه وهو بآخر رمق.

[قال (٤) وحدثنا ابن عائذ ، أنبأ الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الأسود.

عن عروة قال : وكانت وقعة أجنادين في جمادى سنة ثلاث عشرة. وكانت وقعة فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة.

__________________

(١) بالأصل وخع «عتاق» والصواب عن الأنساب (الزفتي) وفيه أبو العباس عبد الله بن عتاب بن أحمد الزفتي ، وهذه النسبة إلى الزفت وهو شيء أسود مثل القير.

(٢) بالأصل وخع : استلها.

(٣) بالأصل وخع : «العرسى» والصواب عن المطبوعة.

(٤) من هنا سقطت من الأصل وخع واستدرك عن المطبوعة.

١٠٣

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأ أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر التميمي ، عن سهل ، عن القاسم ومبشّر (١) عن سالم ، ويزيد بن أبي أسيد الغسانيّ ، عن خالد وعبادة قالوا : ولما قدم الوليد (٢) على خالد بن سعيد فسانده ، وقدمت جيوش المسلمين الذي (٣) كان أبو بكر أمدّه بهم ، وسمّوا بجيش البدال ، وبلغه عن الأمراء وتوجّههم إليه ، اقتحم على الروم ، طلب الحظوة ، وأعرى ظهره ، وبادر الأمراء بقتال الروم. فاستطرد له باهان فأرز (٤) هو ومن معه إلى دمشق. واقتحم خالد في الجيش ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل بالمرج ، مرج الصّفّر ، بين الواقوصة ودمشق. فانطوت مسالح باهان عليه ، وأخذوا عليه الطرق ولا يشعر. وزحف له باهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمطر في الناس ، فقتلوهم. فأتى الخبر خالدا فخرج هاربا في جريدة. فأفلت من أفلت من أصحابه على ظهور الخيل والإبل ، وقد أجهضوا عن عسكرهم ، ولم تنته بخالد بن سعيد الهزيمة عن ذي المروة. وأقام عكرمة في الناس ردءا لهم ، فردّ عنهم باهان وجنوده أن يطلبوه وأقام من بالشام على قريب. وقدم شرحبيل بن حسنة وافدا من عند خالد بن الوليد ، فندب معه الناس ، ثم استعمله [أبو بكر](٥) على عمل الوليد وخرج معه يوصيه.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي وابنه أبو الحسن علي قالا : أنبأ أبو الفضل بن الفرات ، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو قاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك القرشي ، نا محمد بن عائذ ، نا الواقدي ، عن هشام بن سعد.

عن عروة بن رويم أن خالد بن الوليد مضى إلى أصحابه حتى نزل على قناة بصرى. فوجد الأمراء مقيمين لم يفتحوا شيئا. قال : ما مقامكم بهذا الموضع؟ انهضوا.

فنهضوا بأهل بصرى. فما أمسوا ذلك اليوم حتى دعوا إلى الصلح ، فصالحوهم وكتبوا

__________________

(١) في المطبوعة «وميسر» والمثبت عن الطبري ٣ / ٣٩٠ حوادث سنة ١٣.

(٢) هو الوليد بن عقبة وكان على النصف من صدقات قضاعة ، وكان أبو بكر قد كتب إليه أن يستخلف على عمله ويتوجه إلى الشام انظر الطبري ٣ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠.

(٣) في الطبري : الذين.

(٤) أرز إليه : التجأ.

(٥) عن الطبري.

١٠٤

بينهم كتابا. فكانت أول مدينة فتحت من الشام صلحا (١).

قال : ونا ابن عائذ ، نا عبد الأعلى ، عن سعيد بن عبد العزيز قال : أول مدينة فتحت بالشام بصرى ، وفيها مات سعد بن عبادة.

وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس الوراق في تاريخه : أن بصرى افتتحت لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة.

قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنا ، عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمّد بن أحمد بن المحاملي.

أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال : وأما فحل فهو موضع بالشام كان به وقائع بين المسلمين والمشركين. فنسبت تلك الوقعة إلى الموضع ، فقيل وقعة فحل وعام فحل. وأخبار ذلك في الفتوح.

هكذا ذكره بكسر الفاء. ونقلته من نسخة بخط زوج الحرّة مقروءة على الدارقطني كذلك. وقرأته بخط أبي بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد الدولابي الحافظ : فحل بفتح الفاء وسكون الحاء هو الصواب.

وكذلك يقول أهل الشام : إن فحل كانت قبل فتح دمشق. وذكر سيف بن عمر التميمي أنها كانت بعد فتح دمشق. والله أعلم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين أحمد بن محمّد بن النّقّور ، أنبأ أبو طاهر محمّد بن عبد الرحمن بن العباس المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، ثنا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغسّاني وأبي حارثة العبتي قالا (٢) :

وخلّف الناس بعد فتح دمشق يزيد بن أبي سفيان في خيله (٣) في دمشق وساروا نحو فحل. فكان على الناس شرحبيل بن حسنة. فبعث خالدا على المقدمة وأبا عبيدة

__________________

(١) انظر شروط صلح خالد بن الوليد لأهل بصرى في فتوح البلدان للبلاذري ص ١١٦.

(٢) الطبري ٣ / ٤٤٢ حوادث سنة ١٣.

(٣) عن الطبري وفي المطبوعة : خيل.

١٠٥

وعمرا على مجنبتيه ، وعلى الخيل ضرار ، وعلى الرّجل (١) عياض. وكرهوا أن يصمدوا لهرقل ، وخلفهم ثمانون ألفا. وعلموا أنّ بإزاء فحل جند الروم وإليهم ينظرون ، وأن الشام بعدهم سلم. فلما انتهوا إلى أبي الأعور عوّموه (٢) إلى طبرية ، فحاصروهم ، ونزلوا على فحل من الأردن ـ وقد كان أهل فحل حين نزل بهم أبو الأعور تركوه وأرزوا إلى بيسان (٣) ـ فنزل شرحبيل بالناس فحلا ، والروم ببيسان. وبينهم وبين المسلمين تلك المياه والأوحال. وكتبوا إلى عمر بالخبر ، وهم يحدثون أنفسهم بالمقام ولا يريدون أن يريموا عن فحل حتى يرجع جواب كتابهم من عند عمر. ولا يستطيعون الإقدام على عدوّهم في مكانهم لما دونهم من الأوحال. وكانت العرب تسمي تلك الغزاة فحل وذات الردغة (٤) وبيسان. وأصاب المسلمون من ريف الأردن أفضل ما ترك فيه المشركون : مادّتهم متواصلة وخصبهم رغد. فاغترّهم القوم ، وعلى الروم سقلار بن مخراق ، ورجوا أن يكونوا على غرّة فأتوهم والمسلمون لا يأمنون مجيئهم ، فهم على حذر. وكان شرحبيل لا يبيت ولا يصبح إلّا على تعبئة. فلما هجموا على المسلمين فغافصوهم (٥) لم يناظروهم ، فاقتتلوا بفحل كأشد قتال اقتتلوه قط ليلتهم ويومهم إلى الليل. فأظلم عليهم الليل وقد حاروا. فانهزموا وهم حيارى ، وقد أصيب رئيسهم سقلار بن مخراق والذي يليه فيهم نسطورس. وظفر المسلمون أحسن ظفر وأهنأه ، وركبوهم وهم يرون على أنهم على قصد وجدد ، فوجدوهم حيارى (٦)] هرقل (٧) لا يعرفون مأخذهم. فأسلمتهم هزيمتهم وحيرتهم إلى الوحل. فركبوه ولحق أوائل المسلمين بهم ، وقد وحلوا فركبوهم وما يمنعون يد لامس ، فوخزوهم بالرماح ، فكانت الهزيمة في فحل وكانت مقتلتهم في الرداغ فأصيب الثمانون ألفا لم يفلت إلّا الشريد وكان الله عزوجل يصنع للمسلمين وهم كارهون. النتوفة (٨) فكان عونا لهم على

__________________

(١) عن الطبري ومختصر ابن منظور ١ / ٢٠١ وفي مطبوعة ابن عساكر «الرحل».

(٢) في الطبري ومختصر ابن منظور : قدموه.

(٣) بيسان : مدينة بالأردن بالغور الشامي (ياقوت).

(٤) الردغة والردغة الجمع رداغ : الماء والطين والوحل الكثير الشديد (اللسان : ردغ).

(٥) أي فاجئوهم وأخذوهم على غرة.

(٦) إلى هنا ينتهي السقط من الأصل وخع.

(٧) كذا بالأصل ، واللفظة مقحمة ولم ترد في الطبري.

(٨) كذا ، وفي الطبري : كرهوا البثوق فكانت عونا.

١٠٦

عدوهم ، وأتاه من الله عزوجل ليزدادوا بصيرة وجدّا ، واقتسموا ما أفاء الله عزوجل عليهم ، وانصرف أبو عبيدة بخالد من فحل إلى حمص ، فصرفوا بشير (١) بن كعب من اليرموك معهم ، ومضوا بذي كلاع ومن معه ، وخلفوا شرحبيل ومن معه.

وقال القعقاع بن عمرو في يوم فحل :

كم من أب لي قد ورثت فعاله

جمّ المكارم بحره تيّار (٢)

ورث المكارم عن أبيه وجده

فبنا بناءهم له استنصار (٣)

فبنيت مجدهم وما هدّمته

وبنيّ بعدي إن بقوا عمّار

ما زال منّا في الحروب مروّس

ملك يغير وخلفه جرّار

بطل اللقاء إذا الثغور توكّلت

عند الثغور مجرّب مظفار

وغداة فحل قد رأوني معلما

والخيل تنحط والبلاد (٤) أطوار

يفدى بلائي عندها متكلّف

سلس المياسر عوده خوّار

سلس المياسر ما تسامى مأقطا

عند الرهان معير عيّار

ما زالت الخيل العراب تدوسهم

في حوم فحل والحتا موّار (٥)

حتى رميت (٦) سراتهم عن أسرهم

في ردعة (٧) ما بعدها استمرار

يوم الرداع فعند فحل ساعة

وخز الرماح عليم مدرار

ولقد أثرنا في الرداع جموعهم

طرّا ونحوي تسم (٨) الأبصار

وقال أيضا :

وغداة فحل قد شهدنا مأقطا

ينسي الكميّ سلاحه في الدار

__________________

(١) كذا بالأصول ، وفي الطبري : سمير.

(٢) الأبيات الأول والسادس والسابع والثامن في معجم البلدان «فحل». وشعراء إسلاميون : شعر القعقاع ص ٣٥.

(٣) في المطبوعة : «استبصار».

(٤) في خع ومعجم البلدان : «والبلا».

(٥) في معجم البلدان : والهبا موّار.

(٦) في خع وياقوت : رمين.

(٧) في ياقوت : «روعة».

(٨) في خع «تسمو».

١٠٧

ما زلت أرميهم بفرحة كامل

كرّ المنيح ربابة الأيسار

حتى فضضنا جمعهم بتردس (١)

ينقي العدو إذا سما جرار

نحن الألي جسنا العراق بخيلنا (٢)

والشام جسنا في ذرى الأسفار (٣)

__________________

(١) كذا بالأصل وخع.

(٢) عن خع وبالأصل «بخيلها».

(٣) بعده في المطبوعة ، وقد سقطت من الأصل وخع :

كم من قمامة أبرنا جمعهم

بعد العراق وبعد ذي الأوتار

وبعده أيضا في المطبوعة : آخر الجزء الثامن.

١٠٨

باب

كيف كان أمر دمشق في الفتح

وما أمضاه المسلمون لأهلها من الصلح

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني ، نا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنبأ أبو الميمون بن راشد ، أنبأ أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو ، حدّثني عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا الوليد بن مسلم ، قال : حدثني الأموي قال : ثم ولي عمر بن الخطّاب ، فعلى يديه فتحت دمشق سنة أربع عشرة.

قال أبو زرعة : وحدّثني محمود بن خالد ، قال : عن محمد بن عائذ ، عن الوليد بن مسلم ، عن عثمان بن خضر (١) ، عن علاف ، عن يزيد بن عبيدة ، قال : فتحت دمشق سنة أربع عشرة.

قال أبو زرعة : وفتحت دمشق سنة أربع عشرة في رجب.

حدثنيه عبد الرّحمن بن إبراهيم ، عن الوليد بن مسلم وغيره بهذه القصة. ثم أعاده في موضع آخر عن محمود عن (٢) الوليد ولم يذكر ابن عائذ.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها (٣) المصري وابنه أبو الحسن علي بن الحسين ، قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا محمد بن عائذ القرشي ، نا الوليد ، عن عثمان بن خضر (١) ، عن يزيد بن عبيدة ، قال :

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي المطبوعة : «عثمان بن حصن بن علاق» وانظر تقريب التهذيب والكاشف ٢ / ٢١٧.

(٢) بالأصل «بن» تحريف ، وهو محمود بن خالد ، وقد مرّ في الحديث الذي قبله.

(٣) بالأصل : «استلها».

١٠٩

فتحت دمشق سنة أربع عشرة.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة (١) السّلمي ، قالا : نا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا أبو القاسم تمام بن محمد الرازي وعبد الوهاب بن جعفر الميداني ، قالا : أنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمّارة بن أبي الخطاب يحيى بن عمرو بن عمارة الليثي ح.

قال تمام : وأخبرني أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث ، ثنا عبد الرّحمن (٢) بن عمر المازني ، قال تمام : وأخبرني [أبو إسحاق](٣) بن سفيان إجازة قالوا : ثنا أحمد بن المعلّى ، ثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم ، ثنا الوليد بن مسلم قال : سمعت أشياخنا يقولون : إن دمشق فتحت في سنة أربع عشرة ، وأن عمر بن الخطاب قدم [الشام](٤) سنة ست عشرة فولّاه الله فتح بيت المقدس على صلح ثم قفل.

أخبرنا أبو محمد عبد الرّحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الدّاراني ، أنا أبو الفرج سهل بن بشر الإسفرايني ، أنا أبو بكر الجليل (٥) بن هبة الله بن الخليل أنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي ، نا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلّاب ، نا العباس بن الوليد ، ثنا صالح ، نا أبو مسهر قال : سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول : كان فتح دمشق سنة أربع عشرة ، وكانت اليرموك سنة خمس عشرة وعلى المسلمين أبو عبيدة بن الجرّاح رضي‌الله‌عنه.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأ عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأ عثمان بن أحمد بن عبد الله ، نا حنبل ، نبأ عاصم بن علي ، نا أبو معشر ، قال : وكان فتح دمشق في رجب سنة أربع عشرة.

قال : ونا حنبل بن إسحاق حدثنا هلال بن العلاء ، ثنا عبد الله بن جعفر الرّقّي ، نا مطرّف بن مازن اليماني ، عن معمر قال : وكان فتح دمشق في رجب سنة أربع عشرة.

__________________

(١) عن خع وبالأصل «عمرة».

(٢) في المطبوعة : عبد الرحيم.

(٣) زيادة عن خع.

(٤) زيادة عن خع.

(٥) عن خع وبالأصل «الحليل».

١١٠

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأ عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا حامد بن يحيى ، نا صدقة ـ يعني ـ ابن سابق ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ثم ساروا إلى دمشق على الناس خالد ، وقد كان عمر عزله ، وأمّر أبا عبيدة فرابطوها حتى فتح الله عزوجل. فلما قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمرته وعزل خالد استحيى أن يقرئ خالد الكتاب حتى فتحت دمشق.

وكانت في سنة أربع عشرة في رجب. قال : وأظهر أبو عبيدة إمرته وعزل خالد. ثم شنا أبو عبيدة شننته ـ وفي نسخة شنته (١) ـ بدمشق.

قال : نبأ يعقوب ، حدثني سلمة عن (٢) أحمد بن حنبل ، عن إسحاق بن عيسى ، عن أبي معشر قال : وكان فتح دمشق في العام القابل في رجب سنة أربع عشرة ، وكانت اليرموك في رجب سنة خمس عشرة.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي ، قالت : أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد بن محمد الثقفي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمد بن جعفر الزّرّاد المنبجي (٣) ، حدثنا عبيد الله بن سعد ، نا عمي ، نا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال : وكان فتح دمشق في سنة أربع عشرة في رجب.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن عبد الله بن سعيد بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر قال : كانت وقعة دمشق في شوال سنة أربع عشرة.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن محمد بن علي السيرافي ، ثنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق القاضي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خياط قال : سنة أربع عشرة ، فيها فتحت دمشق. سار أبو عبيدة بن الجرّاح

__________________

(١) كذا بالأصل وخع ، والعبارة في مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٣ ثم شتّى أبو عبيدة شتيته ـ وفي نسخة : شتيه ـ.

(٢) بالأصل وخع «بن» تحريف.

(٣) في المطبوعة : «المنيحي» تحريف.

١١١

ومعه خالد بن الوليد فحاصرهم ، فصالحوه وفتحوا له باب الجابية (١) وفتح خالد أحد الأبواب عنوة وأتم لهم أبو عبيدة الصلح. وقال ابن الكلبي : كان الصلح يوم الأحد النصف من رجب سنة أربع عشرة صالحهم أبو عبيدة بن الجرّاح.

قال : وثنا خليفة ، ثنا بكر بن سليمان ، عن ابن إسحاق ، قال : صالحهم أبو عبيدة بن الجراح في رجب.

وقال : ونا خليفة ، قال : وحدثني بكر بن عطية ، قال : حاصرهم أبو عبيدة رجب وشعبان وشهر رمضان وشوال ، تم الصلح في ذي القعدة (٢).

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي ، أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري (٣) ، أنبأ أبو طاهر المخلّص إجازة ، أن أبا محمد عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمد بن عيسى بن خلف السكري حدثهم قال : دفع [إلي](٤) أبو الحسن عبد الرّحمن بن حمد بن المغيرة الصيرفي في (٥) كتابه ، وأخبرني عن أبيه أنه قرأ بخط أبي عبيد القاسم بن سلّام الثقة ، وأنه سمعه من أبيه محمد بن المغيرة وأن أباه قرأه على أبي عبيد ، قال أبو محمد : فنسخته وقرأته عليه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو عبيدة ، قال : سنة أربع عشرة فيها افتتحت دمشق.

وذكر أبو عثمان سعيد بن كثير بن عفير المصري في تاريخ فتح دمشق فقال : فحاصروها أربعة أشهر ، ومنهم من قال : فحاصروها أربعة عشر شهرا.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، ثنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا محمد بن عائذ ، نا الوليد بن مسلم ، قال : حدثني الشيخ الأموي عن أبيه أن أبا بكر ولي سنتين وأربعة أشهر فعلى يديه كانت وقعة أجنادين وفحل. ثم مضى المسلمون إلى

__________________

(١) باب دمشق الغربي ومنه يكون الخروج إلى قرية الجابية.

(٢) راجع تاريخ خليفة ص ١٢٥ و ١٢٦.

(٣) بالأصل وخع «السري» والصواب عن الأنساب «البسري» وهذه النسبة إلى بسر بن أرطأة ، ومنهم أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري البندار ، شيخ بغداد في عصره.

(٤) زيادة عن خع.

(٥) كذا ، والمناسب حذف «في».

١١٢

دمشق فنزلوا عليها في رجب سنة ثلاث عشرة. وتوفي أبو بكر رضي‌الله‌عنه بعد ذلك. وولي عمر بن الخطاب فعلى يديه فتحت دمشق في سنة أربع عشرة قال : فسمعت أشياخنا يقولون : إن عمر بن الخطاب ولي سنة ثلاث عشرة ، فأقام عمر عمود رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسنته. فكان أول ما ابتدأ به إقامة فريضة الجهاد والائتمام (١) برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر بأثرة أهله بكلّ ما قدر (٢) عليه من تقويتهم بالأموال التي صرفها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر فيها ، مع إعماله رأيه ونظره وتدبيره إيّاه ما حضر منه أو غاب.

قالوا : ففتح الله به وعلى يديه الفتوح العظيمة من دمشق سنة أربع عشرة ، واليرموك سنة خمس عشرة.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نبأ أبو محمد الكتاني ، أنبأ أبو القاسم الرازي ، أنا أبو جعفر عبد الله بن محمد بن هشام الكندي ، نا أبو زرعة الدمشقي ، حدثني الحكم بن نافع ، نا صفوان بن عمرو ، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير أن أبا بكر جهز بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جيوشا على بعضها شرحبيل بن حسنة ، ويزيد بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص وأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق وقد فتح الله عليه القادسية (٣) وجلولاء (٤) فكتب له أن انصرف بثلاثة آلاف فارس فأمدّ إخوانك بالشام والعجل العجل قال : فنزل خالد على شرحبيل ويزيد وعمرو فاجتمع هؤلاء الأمراء الأربعة.

وأخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنبأ أبو الميمون بن راشد ، نا أبو زرعة ، حدثني أبو اليمان ، حدثني صفوان بن عمرو ، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير : أن يزيد بن أبي سفيان ومن معه كتبوا إلى [أبي](٥) بكر يخبرونه بجموع الرّوم لهم ويستمدونه (٦) فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق ـ وقال غيره : بناحية عين التمر ـ وقد فتح الله عليه القادسية وجلولاء

__________________

(١) بالأصل وخع : «والانتمام» والمثبت عن المطبوعة.

(٢) عن خع وبالأصل «قدم».

(٣) بلدة كان بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا (ياقوت).

(٤) جلولاء : بالمد ، طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان بينها وبين خانقين سبعة فراسخ (معجم البلدان).

(٥) زيادة عن خع.

(٦) بالأصل وخع «واستمدونه».

١١٣

وأمير الجيش سعد بن أبي وقاص وكتب إليه أن انصرف بثلاثة آلاف فارس فأمد إخوانك بالشام والعجل العجل إلى إخوانكم بالشام ، فو الله لقرية من قرى الشام يفتحها الله عزوجل على المسلمين أحبّ إليّ من رستاق عظيم من رساتيق العراق. ففعل خالد فاشتق الأرض بمن معه حتى خرج إلى صفير (١) وذنبة (٢) فوجد المسلمين معسكرين بالجابية. فنزل خالد على شرحبيل ويزيد وعمرو. فاجتمع هؤلاء الأربعة أمراء بين مولى (٣) من الحارث.

كذا قال وإنما استخلف خالد المثنى بن حارثة ، ثم قدم سعد بعد ذلك.

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي ، أنا أبو الحسن محمد بن علي السيرافي ، نا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا أحمد بن عمران بن موسى ، نا موسى بن زكريا ، نا أبو عمرو خليفة بن خياط المعروف بشباب ، حدثني الوليد بن هشام ، عن أبيه ، عن جده قال : كان خالد على الناس (٤) ، فصالحهم فلم يفرغ من الصلح حتى عزل وولي أبو عبيدة فأمضى صلح خالد ، ولم يغيّر الكتاب. والكتاب عندهم باسم خالد (٥).

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، نا أبو الميمون بن راشد ، نا أبو زرعة ، حدثني عبد الرّحمن بن إبراهيم ، حدثني الوليد بن مسلم ، حدثني الأموي ، عن أبيه قال : وكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى ، ووقعة فحل في ذي القعدة من سنة ثلاث عشرة.

قال محمد بن عائذ : قال الوليد بن مسلم : قال سعيد بن عبد العزيز وابن حاتم : ثم كانت وقعة بمرج الصّفّر والتقوا على النهر عند الطاحونة فقتلت الروم يومئذ حتى جرى النهر وطحنت طاحونتها من دمائهم.

__________________

(١) كذا بالأصلين ، ولم أجده ، ولعله أحد موضعين ففي معجم البلدان : ضفير : ذو ضفير : جبل بالشام. وفيه : ضمير موضع قرب دمشق. فلعله صحفت اللفظة من النساخ.

(٢) ذنبة : موضع من أعمال دمشق (معجم البلدان).

(٣) كذا وردت العبارة بالأصلين ، وفي المطبوعة : فاجتمع هؤلاء الأربعة الأمراء يبرمون أمر الحرب.

(٤) يعني عند فتح دمشق ، انظر تاريخ خليفة ص ١٢٦ حوادث سنة ١٤.

(٥) عقب خليفة بعد ما أورد الخبر : هذا غلط لأن عمر عزل خالدا حين ولي.

١١٤

قال : فأخبرني عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا الوليد بن مسلم ، حدثني الأموي أن وقعة فحل وأجنادين كانت في خلافة أبي بكر ، ثم مضى المسلمون إلى دمشق ونزلوا عليها في رجب سنة ثلاث عشرة.

قال : وحدثني عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا الوليد بن مسلم قال : سمعت أبا عمرو وغير من أشياخنا يقولون : إن الله أظهرهم على من تعرض قتالهم (١) بأجنادين وفحل ثم بمرج الصّفّر حتى نزلوا على دمشق وحاصروا أهلها.

قال ابن عائذ : قال الوليد ، عن يحيى بن حمزة ، أخبرني راشد بن داود ، عن شراحيل بن مرثد : أن خالد بن الوليد وجماعة المسلمين نزلوا على حصار دمشق فحاصروها أربعة أشهر.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المشكاني (٢) الخطيب بها ، أنا القاضي أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد النهاوندي ، أنا القاضي أبو العباس أحمد بن الحسين بن زنبيل النهاوندي ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الرّحمن القاضي ، نا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثني محمد بن عثمان الدمشقي ، نا الهيثم (٣) بن حميد ، أخبرني محمد بن يزيد الرّحبي سمعت أبا الأشعث ، عن أبي عثمان الصّنعاني قال : لما فتح الله عزوجل علينا [دمشق](٤) خرجنا مع أبي الدرداء في مسلحة برزة (٥). ثم تقدمنا مع أبي عبيدة بن الجرّاح ففتح الله بنا حمص ، ثم تقدمنا مع شرحبيل بن السمط فأوطأ الله بنا ما دون النهر ـ يعني الفرات ـ وحاصرنا عانات (٦) وأصابنا لأواء (٧) وقدم علينا سلمان (٨) في مدد لنا.

__________________

(١) عن خع وبالأصل «لقتالهم».

(٢) بالأصلين : «المسكاي» والمثبت «المشكاني» عن الأنساب وهذه النسبة إلى مشكان قرية من أعمال روذراور قريبة منها من نواحي همذان منها أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الخطيب المشكاني ، خطيب هذه القرية.

(٣) عن خع وبالأصل «الهيثم».

(٤) سقطت من المطبوعة.

(٥) برزة : قرية من غوطة دمشق. (معجم البلدان).

(٦) عانات : راجع معجم البلدان.

(٧) عن خع ومختصر ابن منظور ، وبالأصل : «وأصحابنا لوا» تحريف.

(٨) في مختصر ابن منظور : سليمان.

١١٥

وأخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ، قالا : أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الحسن ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا أبو الجماهر محمد بن عثمان ، نا الهيثم (١) بن حميد ، أنا محمد بن يزيد الرّحبي ، قال : سمعت أبا الأشعث الصّنعاني (٢) قال : لما فتح الله علينا دمشق خرجنا مع أبي الدرداء في مسلحة برزة ثم تقدمنا مع أبي عبيدة ففتح الله علينا حمص قال : ثم تقدمنا مع شرحبيل بن السّمط فأوطأ (٣) بنا ما دون النهر ـ يعني ـ الفرات وحاصرنا عانات فأصابنا عليه لأواء ، وقدم علينا سلمان الخير في مدد لنا.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسين بن أشليها (٤) المصري وابنه أبو الحسن علي بن الحسين ، قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنبأ أبو عبد الملك القرشي ، نا محمد بن عائذ القرشي ، نا أبو بكر مروان بن محمد ، عن يحيى بن حمزة وحدث راشد بن داود الصّنعاني ، عن أبي عثمان الصنعاني ، قال : حاصرنا دمشق فنزل يزيد بن أبي سفيان على باب الصغير (٥) ونزل أبو عبيدة بن الجرّاح على باب الجابية (٦) ، ونزل خالد بن الوليد على باب الشرقي وكان أبو الدرداء ببرزة قال : فحاصرناها أربعة أشهر قال : وكان راهب دمشق قد طلب من خالد بن الوليد الصلح قال : فشرط عليه خالد بن الوليد أشياء أبي الراهب أن يجيبه إليها. قال : فدخلها يزيد بن أبي سفيان قسرا من باب الصغير حتى ركبها قال : وذهب الراهب كما هو على الحائط الحائط ، فأتى خالد بن الوليد ولا يعلم أحد (٧) أن يزيد قد دخلها قسرا فقال له : هل لك في الصلح قال : وتجيبني إلى ما شرطت عليك؟ قال : نعم فأشهد عليه ، ففتح له باب الشرقي ، فدخل يزيد فبلغ المقسلاط ، فالتقى هو وخالد عند

__________________

(١) عن خع وبالأصل «الهيثم».

(٢) كذا ولعل في الأصلين سقط ، فقد تقدم في الحديث السابق أن أبا الأشعث سمعه عن أبي عثمان الصنعاني. واختلف الإسناد هنا عن المطبوعة.

(٣) بالأصلين : فأبطأ.

(٤) بالأصلين : استلها.

(٥) أصغر أبواب دمشق ، من الجنوب.

(٦) باب الجابية : شرقي دمشق ، منه الخروج إلى قرية الجابية.

(٧) في مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٤ «خالد».

١١٦

المقسلاط (١) فقال هذا : دخلتها عنوة ، وقال هذا : دخلتها صلحا ، فأجمع رأيهم على أن جعلوها صلحا (٢).

قال : نا ابن عائذ ، وثنا عبد الأعلى بن مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز أن يزيد بن أبي سفيان دخل من باب الصغير قسرا وخالد بن الوليد من باب الشرقي صلحا ، فالتقى المسلمون في المقسلاط [فأمضوا الأمر على الصلح. وقالوا : فنظروا فإذا ما بين باب الشرقي إلى المقسلاط](٣) أبعد ممّا بين باب الصغير إلى المقسلاط.

قال : ونا ابن عائذ ، حدثني عبد الأعلى بن مسهر ، حدثني غير واحد ، عن الأوزاعي ، قال : كنت عند ابن سراقة حين أتاه أهل دمشق النصارى بعهدهم فإذا فيه :

بسم الله الرّحمن الرّحيم ، هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل دمشق إني أمنتهم على دمائهم وكنائسهم ، أن لا تسكن ولا تهدم.

__________________

(١) وهو بالقرب من درب الريحان ، وهو موضع النحاسين بدمشق وهو البريص. (فتوح البلدان ص ١٢٤).

(٢) انظر مختلف الأقوال في فتح دمشق ، في أية سنة افتتحت وهل تم فتحها صلحا أم عنوة.

الطبري ٤ / ٥٦ ابن الأثير ٢ / ٨١ من تحقيقنا ، ابن كثير ٧ / ٢٤ من تحقيقنا ، الفتوح لابن الأعثم من تحقيقنا ١ / ١٢٨ فتوح الشام للأزدي ص ١٠٢ فتوح البلدان للبلاذري ص ١٢٣ ـ ١٢٤.

قال ابن كثير (٧ / ٢٨) : اختلف العلماء في دمشق هل فتحت صلحا أو عنوة؟ فأكثر العلماء على أنه استقر أمرها على الصلح ، لأنهم شكوا في المتقدم على الآخر افتتحت عنوة ثم عدل الروم إلى المصالحة ، أو فتحت صلحا. فقال قائلون : هي صلح يعني على ما صالحهم الأمير في نفس الأمر ـ وهو أبو عبيدة ـ وقال آخرون : بل هي عنوة لأن خالد افتتحها بالسيف ، فلما أحسوا بذلك ذهبوا إلى بقية الأمراء ومعهم أبو عبيدة فصالحوهم. فاتفقوا على أن يجعلوا نصفها صلحا ونصفها عنوة (قال الواقدي : قرأت كتاب خالد بن الوليد لأهل دمشق فلم أر فيه أنصاف المنازل والكنائس وقد روي ذلك ولا أدري من أين جاء به) ويروي الواقدي في فتوح الشام : أن خالد فتح دمشق عنوة وقد دار بينه وبين أبي عبيدة محاجة عنيفة نزل بعدها خالد على رأي أبي عبيدة (فتوح الشام ١ / ٧٢ وما بعدها).

وقال ابن كثير (٧ / ٢٥) : والمشهور أن خالد فتح الباب قسرا (الباب الشرقي) وقال آخرون : بل فتحها عنوة أبو عبيدة وقيل يزيد بن أبي سفيان. وخالد صالح أهل البلد فعكسوا المشهور المعروف وهذا ما ذهب إليه البلاذري في فتوح البلدان وفيه نص كتاب خالد لأهل دمشق بالصلح (انظر نص الكتاب ص ١٢٧).

وقيل إن أبا عبيدة كتب لهم كتاب الصلح. قال ابن كثير : وهذا هو الأنسب والأشهر ، وقيل إن الذي كتب لهم الصلح خالد بن الوليد ولكن أقره على ذلك أبو عبيدة. وهذا ما ذهب إليه اليعقوبي في تاريخه ٢ / ١٤٠.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٤ والمطبوعة ١ / ٥٠٢ واللفظ عن المطبوعة.

١١٧

شهد يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وقضاعي بن عامر. وكتب في رجب من سنة أربع عشرة (١).

أخبرنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عبد الله الخطيب ، أنا جدي أبو عبد الله الحسن ، أنبأ أبو الحسن [الربعي](٢) أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حبّان ، أنا أبو العباس بن الرّقّي ، أنبأ محمد بن محمد بن مصعب ، أنا محمد بن المبارك ، نا الوليد ، قال : وأخبرني من سمع يحيى بن يحيى الغساني يحدث عن الرجلين اللذين من قومه اللذين دخلا دمشق يتسوقان منها قبل حصارها. فبعث إليهما بطريقها فأمر أحدهما بالذهاب إلى معسكر المسلمين ليأتيه بخبرهم ثم رجع فخبّره بما خبّره به ، فمنعهما من الخروج كراهية أن يذيع خبرهما قالا (٣) : فبينا به نحن فيها إذ سمعنا التكبير حول المدينة. وجعل كل قوم من أهلها على ما يليهم من حائطها. قلنا (٤) : ممن اجعل معهم إلى باب الشرقي. فنزل خالد ومن معه دير خالد (٥) ونزل أبو عبيدة ومن معه ويزيد على باب الجابية. فبينا نحن على برج بابها الشرقي إذ نشب أصحاب خالد بن الوليد القتال ، ودنا رجل منهم في يده اليمنى السيف ، وفي يده اليسرى الدرقة فنادى بالبراز فقال لنا : ما يقول؟ قلنا : نقول إنه يدعو إلى المبارزة ، فانزلوا حبشيا كالبعير مستلئما (٦) في سلاحه ، فتدانى فضربه المسلم فقتله. ثم نادى بالبراز فأنزلوا إليه صاحب بندهم. أجلسوه على باب دلّوه ، فتدانى فضربه المسلم فقتله. ثم نادى بالبراز فقال : قل للشيطان يبارزك.

قال : وحدثنا (٧) الوليد عن (٨) يحيى بن حمزة ، عن راشد بن داود ، عن

__________________

(١) انظر نص كتاب خالد لأهل دمشق في فتوح البلدان للبلاذري ص ١٢٤.

(٢) زيادة عن خع.

(٣) عن خع وبالأصل «قال».

(٤) كذا وردت العبارة بالأصل وخع ، وفي المطبوعة : «فكنّا ممن أجفل معهم إلى باب الشرقي» وهذا مناسب أكثر.

(٥) دير خالد : هو دير صليبا بدمشق مقابل دير الفراديس. قال ابن الكلبي : هو على ميل من الباب الشرقي (معجم البلدان).

(٦) بالأصل وخع «مستلما» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٤.

(٧) عن خع وبالأصل «ونادى».

(٨) بالأصل وخع «بن» تحريف.

١١٨

شراحيل (١) بن مرثد : أن خالد بن الوليد وجماعة المسلمين نزلوا على حصار دمشق فحاصروها أربعة أشهر ، ويزيد بن أبي سفيان على بابها الصغير ، وأبو عبيدة على باب الجابية ، وخالد بن الوليد على دير خالد عند باب شرقي ، وأبو الدرداء نازل ببرزة في مسلحة في جماعة من المسلمين.

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنبأ تمام الرازي ، أنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج القرشي ، أنا أبو بكر محمد بن خريم بن مروان بن عبد الملك ، نا السلم (٢) بن يحيى ، نا سويد بن عبد العزيز ، حدثني الوضين بن عطاء ، عن يزيد بن مرثد ، حدثني عصابة من قومي شهدوا فتح دمشق قالوا (٣) : دخلها أبو عبيدة بن الجراح من باب الجابية بالأمان ، ودخل خالد بن الوليد من باب الشرقي عنوة بالسيف يقتل ، فالتقيا عند سوق الزيت ، فلم يدروا أيهما كان أول : العنوة أو الأمان؟ فاجتمعوا فقالوا : والله إن أخذنا ما ليس لنا سفكنا الدماء وأخذنا الأموال لنأثمنّ ، ولئن تركنا بعض مالنا لا نأثم. قال : فأجمعوا (٤) على أن أمضوه صلحا (٥).

قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان عن (٦) القاضي أبي عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد ، أنا أبو المعمر المسدّد بن علي بن عبد الله الأملوكي (٧) ، أنبأ أبي ، أنا أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد القاضي ، نا عبد السلام بن العباس بن الزبير ، نا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز ، عن عفير ، عن عمه زرعة بن السقر ، عن أبي مخنف (٨) ، حدثني محمد بن يوسف بن ثابت ، عن

__________________

(١) عن خع وبالأصل : شرحبيل.

(٢) في خع : المسلم.

(٣) بالأصل وخع : قال.

(٤) في خع : فاجتمعوا.

(٥) انظر تعليقنا المتقدم قريبا في هذا الأمر.

(٦) بالأصل «بن» تحريف.

(٧) هذه النسبة إلى أملوك ، بطن من ردمان ، وردمان بطن من رعين. وبالأصل وخع : «الأملولي» والصواب عن المطبوعة.

(٨) بالأصل وخع : «محيف» تحريف.

١١٩

عباس بن سهل بن سعد قال : تولى أبو عبيدة حصار دمشق وولى خالد بن الوليد القتال على الباب الذي كان عليه ـ وهو الباب الشرقي ـ فحصر دمشق بعد موت أبي بكر حولا كاملا وأيّاما ثم إنه لما طال على صاحب دمشق انتظار مدد هرقل ورأى المسلمين لا يزدادون إلّا كثرة وقوة ، وإنهم لا يفارقونه أقبل يبعث إلى [أبي](١) عبيدة بن الجرّاح يسأله الصلح. وكان أبو عبيدة أحبّ إلى الروم وسكان الشام من خالد. وكان يكون الكتاب منه أحبّ إليهم. فكانت رسل صاحب دمشق إنما تأتي أبا عبيدة بن الجرّاح وخالد يلج (٢) على أهل الباب الذي يليه. فأرسل صاحب الرحا إلى أبي عبيدة فصالحه وفتح له باب الجابية. وألحّ خالد بن الوليد على الباب الشرقي ففتحه عنوة. فقال خالد لأبي عبيدة : اسبهم فإني قد فتحتها عنوة. فقال أبو عبيدة : إنّي قد أمّنتهم. قال أبو مخنف (٣) : فتمّم (٤) أبو عبيدة الصلح وكتب لهم كتابا وهذا كتابه :

بسم الله الرّحمن الرحيم.

هذا كتاب لأبي عبيدة بن الجرّاح ممن أقام بدمشق وأرضها وأرض الشام من الأعاجم.

إنك حين قدمت بلادنا سألناك الأمان على أنفسنا وأهل ملّتنا. إنا شرطنا لك على أنفسنا أن لا نحدث في مدينة دمشق ولا فيما حولها كنيسة ولا ديرا ولا قلاية (٥) ولا صومعة راهب ، ولا نجدد (٦) ما خرب من كنائسنا ولا شيئا منها ما كان في خطط المسلمين ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار ، وأن نوسّع أبوابها للمارة وابن السبيل ، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسا ، ولا نكتم على من غش المسلمين ، وعلى أن لا نضرب بنواقيسنا إلّا ضربا خفيا في جوف كنائسنا ، ولا نظهر الصليب عليها ، ولا نرفع أصواتنا في صلواتنا وقراءتنا في كنائسنا ولا يخرج صليبنا ولا

__________________

(١) عن خع ، سقطت من الأصل.

(٢) في مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٥ يلحّ.

(٣) بالأصل وخع : «محيف» تحريف.

(٤) عن مختصر ابن منظور ، وبالأصل «فتمر» وفي خع : «فتم».

(٥) بالأصل وخع «قلامة» والصواب عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٥ وفي اللسان : قلى : القلية كالصومعة ، قال ابن الأثير : واسمها عند النصارى قلّاية : تعريب كلاذة وهي من بيوت عباداتهم.

(٦) عن خع وبالأصل «تجدد».

١٢٠