تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

باب

ذكر تاريخ وقعة اليرموك ومن قتل بها

من سوقة الرّوم والملوك

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون بن راشد ، نا أبو زرعة ، حدثني محمود بن خالد ، عن محمد بن عائذ ، عن الوليد بن مسلم ، عن عثمان بن حصين (١) بن علاق قال : قال يزيد بن عبيدة : واليرموك سنة خمس عشرة.

قال أبو زرعة : حدثني عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا الوليد بن مسلم ، قال : واليرموك سنة خمس عشرة.

قال أبو زرعة : وأخبرني الحارث بن مسكين ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة قال عامر : اليرموك سنة خمس عشرة.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسين بن أشليها (٢) المصري وابنه أبو الحسن علي ، قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا ابن عائذ ، نا الوليد ، ونا ابن عائذ حدثني محمد بن عمر بن واقد الأسلمي ، قال : كان اليرموك في رجب سنة خمس عشرة.

قال : ونا الوليد بن مسلم حدثني عثمان بن حصن ، عن يزيد بن عبيدة : أن وقعة اليرموك كانت سنة خمس عشرة.

__________________

(١) كذا بالأصل وخع ، وفي الكاشف : «حصن» وفي تقريب التهذيب : عثمان بن حصين بن علّان.

(٢) بالأصل وخع «استلها» والمثبت عن المطبوعة.

١٤١

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا ابن بكير بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا ابن بكير ، حدثني الليث بن سعد قال : كانت اليرموك سنة خمس عشرة [قال وحدثنا أبو بكر نا ابن بكير ، حدثني الليث بن سعد قال كانت اليرموك سنة خمس عشرة](١) فالخليفة (٢) يومئذ عمر بن الخطاب ، وهي من أرض الأردن وهو نهرها (٣).

قال يعقوب : كان اليرموك في رجب سنة خمس عشرة.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأ عثمان بن أحمد بن عبد الله ، نا حنبل بن إسحاق ، نا عاصم بن علي ، نا أبو معشر ، قال : وكانت اليرموك في رجب سنة خمس عشرة.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن محمد بن علي السيرافي ، نا أحمد بن إسحاق بن خربان (٤) النهاوندي ، نا أحمد بن عمران بن موسى ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط قال : قال ابن الكلبي : كانت الوقعة يعني باليرموك يوم الاثنين لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة.

وهذه الأقوال هي المحفوظة في تاريخ اليرموك.

وقد ذكر سيف بن عمر : أنها كانت قبل فتح دمشق في أول خلافة عمر ، سنة ثلاث عشرة ولم يتابع على ذلك.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن عبد الله بن سعيد ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب ، عن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن محمد وطلحة وزياد بإسنادهم قالوا : وكانت اليرموك في أيام من جمادى الآخرة ، والجسر في شعبان. فكان أول فتح أتاه ، يعني عمر ، اليرموك

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن خع.

(٢) في خع : والخليفة.

(٣) عن خع ، وبالأصل «نهر».

(٤) بالأصل وخع : «حربال» تحريف ، والمثبت والضبط عن تبصير المنتبه ١ / ٤٢٠.

١٤٢

وعلى عشرين ليلة من متوفى أبي بكر.

قال سيف : وكانت اليرموك لأيام خلون من رجب سنة ثلاث عشرة في إمارة عمر رضي‌الله‌عنه بتعبية أبي بكر رضي‌الله‌عنه (١).

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر ، نا أحمد بن عبد الله ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف ، عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغساني ، عن عبادة وخالد قالا (٢) : شهد اليرموك ألف رجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيهم نحو من مائة من أهل بدر.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي المصري وابنه أبو الحسن قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا ابن عائذ ، قال : وحدثني عبد الأعلى بن مسهر (٣) ، عن سعيد بن عبد العزيز : أن المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفا. وعليهم أبو عبيدة بن الجرّاح والروم عشرون ومائة ألف عليهم ماهان وسقلان يوم اليرموك.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه ، نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنبأ أبو الميمون بن راشد الدمشقي ، حدثني أبو نعيم ، نا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : سمعت عمر يقول : ما أستطيع أن أصلي.

قال : فلما حصر أبو عبيدة وتألب (٤) عليه العدو ، فكتب إليه عمر : أمّا بعد فإنه مهما ينزل بعبد شدة إلّا جعل الله له بعدها فرجا. ولن (٥) يغلب عسر يسرين. فإن الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٦).

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها (٧) وابنه أبو الحسن علي ، قالا : أنبأ

__________________

(١) كرر الخبر بالأصل ، والذي أثبتناه يوافق رواية خع.

(٢) عن خع وبالأصل «قال».

(٣) عن خع وبالأصل «شهر».

(٤) بالأصل : «فلما حضر أبو عبيدة ونالت» والمثبت عن المطبوعة.

(٥) عن خع وبالأصل «ولم».

(٦) سورة آل عمران ، الآية : ٢٠٠.

(٧) بالأصل وخع : «استلها».

١٤٣

أبو الفضل بن الفرات ، أنبأ [أبو](١) محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك القرشي ، نا محمد بن عائذ ، نا الوليد بن مسلم ، نا أبو عمرو ، عن حسان بن عطية ، عن كعب ، قال : إن الله (٢) عزوجل في اليمن كنزين جاء بأحدهما (٣) يوم اليرموك. قال : وكانت الأردن يومئذ (٤) ثلث (٥) الناس ، ويجيء بالآخر يوم الملحمة الكبرى سبعين ألفا ، حمائل سيوفهم المسد.

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، حدثني عمّار ، عن سلمة عن محمد بن إسحاق (٦) ، قال : مات المثنى بن حارثة فتزوج سعد امرأته سلمى ابنة حفص وذلك في سنة أربع عشرة ، وأقام تلك الحجة للناس عمر بن الخطاب. ودخل أبو عبيدة في تلك السنة دمشق فشتّى بها. فلما ضاقت الروم سار هرقل في الروم حتى نزل أنطاكية ومعه من المستعربة : لخم وجذام وبلقين وبليّ وعاملة وتلك القبائل من قضاعة وغسّان ، بشر كثير. معه من أهل أرمينية مثل ذلك بشر كثير. فلما نزلها أقام بها وبعث الصقلان ، خصيا (٧) له. فسار في مائة ألف مقاتل ، معه من أهل أرمينية اثنا (٨) عشر ألفا عليهم جرجة (٩) ومعهم من المستعربة من غسان وتلك القبائل اثنا عشر ألفا عليهم جبلة بن الأيهم الغسّاني وسائرهم [من الروم](١٠) وعلى جملة الناس الصقلان خصيّ هرقل. وسار إليهم المسلمون وهم أربعة وعشرون ألفا عليهم أبو عبيدة بن الجرّاح فالتقوا باليرموك

__________________

(١) الزيادة عن خع.

(٢) بالأصل «والله» والصواب عن مختصر ابن منظور ١ / ٢١٢.

(٣) عن مختصر ابن منظور ، وبالأصل وخع : بأحدهم.

(٤) عن خع وبالأصل «منذ».

(٥) في خع : ثلاث ، والمثبت يوافق عبارة مختصر ابن منظور.

(٦) بالأصل وخع : «عن سلمة بن محمد عن إسحاق» تحريف والصواب ما أثبتناه موافقا لعبارة مختصر ابن منظور ١ / ٢١٢.

(٧) بالأصل «حصنا» والمثبت «خصيا» عن مختصر ابن منظور.

(٨) بالأصل «أثني».

(٩) بالأصل «حرحة» وفي خع «حرجة» والصواب عن مختصر ابن منظور.

(١٠) ما بين معكوفتين زيادة عن خع.

١٤٤

في رجب سنة خمس عشرة فاقتتل الناس قتالا شديدا حتى دخل عسكر المسلمين ، وقاتل نساء من قريش بالسيوف حين دخل العسكر ، منهن أم حكيم بنت الحارث بن هشام حتى سابقن (١) الرجال.

أخبرنا أبو الحسين الخطيب ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حيان ، أنا أبو العباس بن الزفتي (٢) ، أنا محمد بن محمد بن مصعب ، نا محمد بن المبارك ، نا الوليد ، قال : وأخبرني صفوان بن عبد الرّحمن بن جبير : أن المسلمين صالحوا أهل مدينة دمشق وأهل حمص ، وقيصر يومئذ وجنوده بأنطاكية يريد أن يدخل بهم بلاده ، وتأتي بطارقته من الروم وأهل قنّسرين وأهل الجزيرة ذلك عليه. يسألونه أن يسير بهم (٣) فيقاتلوا المسلمين ويأبى عليهم فقالوا : فاعقد لرجل وسيّرنا معه. ففعل فعقد لباهان (٤) الرومي الأرمني وسير معه من روم الروم مائتي ألف ، وسار من روم قنّسرين وأهل الجزيرة وغيرهم بشر كثير. فبلغ ذلك المسلمين الذين على حمص. فأجمع أمرهم على المسير إلى إخوانهم الذين بدمشق فيكون أمرهم واحدا. فقال لهم أهل مدينة حمص : نحن على صلحنا إن ظفرتم لا نكثر عليكم ولا نمد. قالوا : نعم ، وساروا إلى دمشق وسارت الروم على حمص على بعلبكّ ثم على البقاع (٥) ثم على حولة دمشق. فأشفق المسلمون أن يحولوا بينهم وبين إخوانهم الذين بسواد (٦) الأردن وما قبلها فساروا حتى نزلوا الجابية وانضمّ إليهم إخوانهم فكانوا جميعا.

قال : ونا الوليد أخبرني صفوان ، عن عبد الرّحمن بن جبير : أن أمراء الأجناد اجتمعوا في خباء يزيد بن أبي سفيان وهم بالجابية يسمعون خبر عين لهم من قضاعة يخبرهم بكثرة القوم ومنزلهم على نهر الرقاد (٧) ومرج الجولان إذ طاف بهم أبو سفيان

__________________

(١) كذا بالأصل وخع والمطبوعة ١ / ٥٣١ وفي مختصر ابن منظور «سايفن» يعني المضاربة بالسيوف.

(٢) بالأصل «الرقي» وقد تقدم مرارا.

(٣) بالأصل : أن يسيرهم فيقاتلوا المسلمين ويأتي عليهم .. والصواب عن المطبوعة.

(٤) بالأصل : «لنا ماهان» وفي خع : «لناهان» وقد تقدم «ماهان» أو «باهان» وما أثبتناه هنا وافق المطبوعة.

(٥) عن خع وبالأصل «التفاع».

(٦) عن خع وبالأصل «سواد».

(٧) بالأصل «الرواد» والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور.

١٤٥

فقال : ما كنت أظن أني أبقى حتى أرى غلمة من قريش يذكرون أمر حربهم ويكيدون عدوهم بحضرتي لا يحضرونيه. فقالوا : هل لكم إلى رأي شيخكم. فقالوا : أدخل أبا سفيان فدخل. فقال : ما عندكم؟ أخبروه (١) بخبر القضاعي فقال : إن معسكركم هذا ليس بمعسكر. إني أخاف أن يأتيكم أهل فلسطين والأردن فيحولوا (٢) بينكم وبين مددكم من المدينة ، فتكونوا بين عسكرهم. فارتحلوا حتى تجعلوا أذرعات خلف أظهركم ، يأتيكم المدد والخير ، فقبلوا ذلك من رأيه. فقال : إذ قبلتم هذا من رأيي فأمّروا خالد بن الوليد على الخيول ، ومروه بالوقوف [بها مما يلي الرقاد ، وأمّروا رجلا على المرامية ، وأخرجوا إليه كل نابض بوتر ومروه بالوقوف](٣) فيما بين العسكرين وبين الخيول فإنه سيكون لرحيل العسكر من السحر أصوات عالية تحدث لعدوكم فيكم طمعا. فإن أقبلوا يريدون ذلك لقيتهم الخيول فكفّتها. وإن كانت للخيول جولة وزعت (٤) عنها المرامية. فقبلوا ذلك من رأيه ونادوا من السحر بالرحيل (٥) فنادت الروم أن العرب قد هربت. فأقبلت ، فلقيتها الخيول فكفتها (٦) حتى سار العسكر تبعتها المرامية وساقتها الخيول ، حتى نزلوا خلف اليرموك ، وجعلوا أذرعات خلف ظهورهم. ونزلت الروم فيما بين دير أيوب (٧) إلى ما يليها من نهر اليرموك بينهم النهر. فعسكروا هنالك أياما ، فبعث ماهان (٨) [صاحبهم] إلى خالد بن الوليد إن رأيت أن تخرج إليّ في فوارس وأخرج إليك في مثلهم أذكرك (٩) أمرا لنا ولكم فيه صلاح وخير ففعل خالد بن الوليد فوافقه (١٠) مليا فكان فيما عرض عليه إذ قال ، قد علمت أن الذي أخرجكم من بلادكم غلاء السعر وضيق الأمر بكم. وإني قد رأيت أن أعطي كل رجل منكم عشرة

__________________

(١) في خع : «أخبروني» وفي مختصر ابن منظور : فأخبروه.

(٢) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع : فيحولون.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور ، وقد سقطت من الأصل وخع.

(٤) عن مختصر ابن منظور ، وبالأصل «ودعت» وفي خع : «ورعت».

(٥) بالأصل : «ونادوا بالسحر من الرحيل» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٦) في المطبوعة : ولحقتها.

(٧) دير أيوب : قرية بحوران من نواحي دمشق. (معجم البلدان).

(٨) في خع : «ناهان» وفي مختصر ابن منظور : «باهان» والزيادة التالية عنه.

(٩) في خع ومختصر ابن منظور : أذاكرك.

(١٠) بالأصل : «موافقة» والصواب عن المطبوعة ، وفي مختصر ابن منظور فواقفه.

١٤٦

دنانير وراحلة تحمل حملها من الطعام والكسوة والأدم فيرجعون بها إلى بلادكم وتعيشون بها أهاليكم سنتكم هذه (١) ، فإذا كان قابل بعثتم إلينا فبعثنا إليكم بمثله. فإنا قد جئناكم من الجيوش والعدد بما لا قبل لكم به. فقال خالد : ما أخرجنا من بلادنا الجوع ولا ضيق الأمر ، ولكنا معشر العرب نشرب الدماء. فحدّثنا أن لا دماء أحلى من دماء الروم فأقبلنا نهريق دماءكم ونشربها قال : فنظر أصحابه بعضهم إلى بعض ، وقالوا : هذا ما كنا نحدّث به عن العرب من شربها الدماء.

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي محمد الكتاني ، أنا أبو نصر بن الجندي وأبو القاسم عبد الرّحمن بن الحسن بن أبي العقب ، قالا : أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك ، نا ابن عائذ ، قال : قال الوليد فذكر نحوه إلّا أنه قال : روم الرّوم ، وقال : ثمانين ألفا. والصواب مائة ألف.

أخبرنا أبو الحسين بن الخطيب ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حيان ، أنا أبو العباس بن الزفتي (٢) ، أنا محمد بن محمد بن مصعب وحشي ، نا محمد بن المبارك ، نا الوليد بن مسلم ، أخبرني شيخ من بني أبي الجعد عن أبيه أبي الجعد أنه : أشار على المسلمين ببنات الروم فقبلوا ذلك منه فبعثوا خيلا عظيمة وأمروا أهل العسكر بإيقاد النيران. فانطلق بهم على مدقة الطريق وجسر الروم حتى واقع عسكر الروم فقاتلوهم مليا ، فلما نشب القتال انحاز بهم في ظلمة الليل على الطريق الذي أقبل عليها والجسر ، وتنادت الروم أن العرب قد انهزمت ، فخرجت تتراكض بأدم النيران ، فتوقص منهم في وادي اليرموك أكثر من ثمانين ألفا لا يعلم الآخر منهم ما لقي الأول.

قال : ونا الوليد ، نا صفوان بن عمرو ، عن عبد الرّحمن بن جبير : أن المسلمين غادوهم (٣) بالقتال وغدت الروم قد ترجّلت صفوفا في سلاسل الحديد مقفلا عليهم لا يفر بعضهم عن بعض. فقاتلوهم قتالا شديدا فنصر الله المسلمين وهزم الروم ، فأتبعتهم

__________________

(١) بالأصل : «وتعينون بها أهاليكم عينكم هذه» وما أثبتناه عن مختصر ابن منظور.

(٢) بالأصل : «الرقي» وقد تقدم مرارا.

(٣) عن خع وبالأصل : «عادوهم ... وعدت .. ترحلت».

١٤٧

الخيول يقتلونهم. وأدرك ماهان بناحية الجولان (١) فقتل.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، أنا أبو الحسن الحمّامي ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، قال : قال أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن قدماء أهل الشام وغيرهم قالوا : ثم زحف ـ يعني ـ ماهان إلى المسلمين فخرج بهم أبو عبيدة وقد جعل على ميمنته (٢) معاذ بن جبل وعلى ميسرته قثامة بن أسامة الكنانة (٣) وعلى الرجّالة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وعلى الخيل خالد بن الوليد. وكان الأمراء عمرو بن العاص على ربع ، ويزيد بن أبي سفيان على ربع ، وشرحبيل بن حسنة على ربع ، وكان أبو عبيدة على ربع.

وخرج الناس على راياتهم فيها أشراف رجال من العرب ، فيها الأزد وهم ثلث الناس ، وفيها حمير ، وهمدان ومذحج وخولان وخثعم وفيها كنانة وقضاعة و [لخم](٤) وجذام وكندة وحضرموت ، وليس فيها أسد ولا تميم ولا ربيعة ، ولم يكن دارهم إنما كانت دارهم عراقية ، فقاتلوا أهل فارس بالعراق ، فلما بدروا (٥) لهم وسار أبو عبيدة بالمسلمين وهو يقول : عباد الله انصروا الله ينصركم ، ويثبت أقدامكم. يا عباد (٦) الله اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر ومرضاة للرب ومدحضة للعار. ولا تتركوا مصافكم (٧) ولا تخطوا إليهم خطوة ولا تبدءوهم بالقتال. وأشرعوا الرماح واستتروا بالدرق ، والزموا الصمت ، إلّا من ذكر الله عزوجل في أنفسكم ، حتى آمركم إن شاء الله.

قالوا وخرج معاذ بن جبل على الناس فجعل يذكّرهم ويقول : يا أهل القرآن [و](٨)

__________________

(١) الجولان : بالفتح ، ثم سكون ، قرية وقيل جبل من نواحي دمشق ثم من عمل حوران. (ياقوت).

(٢) عن مختصر ابن منظور وبالأصل ميمنة.

(٣) كذا بالأصل ، وفي مختصر ابن منظور : قباثة بن أسامة الكناني وانظر الإصابة والاستيعاب «قباث بن أشيم بن عامر بن الملوح الكناني».

(٤) الزيادة عن خع.

(٥) في مختصر ابن منظور : برزوا.

(٦) الأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور : يا معشر المسلمين.

(٧) عن خع وبالأصل : «مصارفكم».

(٨) عن مختصر ابن منظور.

١٤٨

مستحفظي الكتاب ، وأنصار الهدى والحق والرحمة. إنّ رحمة الله لا تنال وجنته لا تدخل بالأمانيّ ، ولا يؤتي (١) الله تعالى المغفرة والرحمة الواسعة إلّا الصّادق المصدق. ألم تسمعوا لقول الله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى آخر الآية (٢). واستحيوا رحمكم الله من ربكم أن يراكم (٣) فرّارا عن عدوكم ، وأنتم في قبضته وليس لكم ملتحد من دونه ، ولا عز بغيره ، يمشي في الصفوف ويذكرهم ، حتى إذا بلغ من ذلك ما أحب ورأى من الناس الذي سره لهم ، ثم حرّضهم وانصرف إلى موقفه رحمه‌الله.

قالوا : وسار في الناس عمرو بن العاص وهو أحد الأمراء كمسير أخيه معاذ بن جبل فجعل يحرّضهم ويقول : يا أيها المسلمون غضوا الأبصار ، واجثوا على الركب ، وأشرعوا الرماح. فإذا حملوا عليكم فأمهلوهم ، حتى إذا ركبوا أطراف الأسنة فثبوا في وجوههم وثبة الأسد. فوالذي يرضى للصدق ويثبت عليه ، ويمقت الكذب ، ويجزي بالإحسان إحسانا ، لقد سمعت أن المسلمين سيفتحونها كفرا كفرا وقصرا قصرا فلا يهولنكم جموعهم ولا عددهم فإنكم لو صدقتموهم الشدّ (٤) تطايروا تطاير أولاد الحجل. قالوا ثم يرجع فوقف في موقفه معهم أيضا.

قالوا ثم رجع أبو سفيان بن حرب ، وهو متطوع يومئذ ، إنما استأذن أمير المؤمنين عمر أن يخرج متطوعا مددا للمسلمين متطوعين ، فجعل الله في مخرجه بركة. فسار في صف المسلمين وهو يقول : يا معشر المسلمين أنتم العرب ، وقد أصبحتم في دار العجم منقطعين عن الأهل (٥) نائين عن أمير المؤمنين وأمداد الله (٦) ، وقد والله أصبحتم بإزاء عدو كثير عدده ، شديد عليكم حنقه ، وقد وترتموهم في أنفسهم وبلادهم ونسائهم ، والله لا ينجيكم من هؤلاء القوم ولا يبلغ رضوان الله غدا إلّا بصدق اللقاء والصبر في المواطن المكروهة ألا إنها سنة لازمة وإن الأرض وراءكم ، بينكم وبين أمير المؤمنين وجماعة

__________________

(١) عن مختصر ابن منظور وبالأصل «يولي».

(٢) سورة المائدة ، الآية : ٩.

(٣) عن مختصر ابن منظور ١ / ٢١٥ وبالأصل «يراكم فراركم».

(٤) بالأصل وخع «السدّ» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٥) بالأصل وخع : «الأصل تأثير من» والصواب عن مختصر ابن منظور.

(٦) في خع : وأمداد المسلمين.

١٤٩

المسلمين صحارى وبراري ، ليس لأحد فيها معقل ولا معقول إلّا الصبر ورجاء ما وعد الله فهو خير معقول ، فامتنعوا بسيوفكم وتعاونوا بها ولتكن هي الحصون.

قالوا : ثم رجع أبو سفيان إلى النساء اللاتي مع المسلمين ، وكان كثير من المهاجرات قد حضرن يومئذ مع أزواجهن وأبنائهن ، وأجلسهن خلف صفوف المسلمين وأمر بالحجارة فألقيت بين أيديهن ثم قال : لا يرجع إليكن أحد من المسلمين إلّا رميتموه بهذه الحجارة ، وقلتن من يرجوكم بعد الفرار عن الإسلام وأهله وعن النساء بأرض العدو؟ فالله الله.

قال ثم رجع أبو سفيان فنادى المسلمين فقال : يا معشر أهل الإسلام حضر ما ترون فهذا رسول الله والجنة أمامكم والشيطان والنار خلفكم. ثم وقف موقفه.

قالوا وزحفت الروم مكانها إلى المسلمين يدفّون دفيفا معهم الصلبان ، وأقبلوا بالأساقفة والقسيسين والرهبان والبطارقة. لهم رجل كرجل الرعد ، وقد تبايع عظماؤهم على الموت ، ودخل منهم ثلاثون ألفا كل عشرة في سلسلة لأن لا يفرون (١).

قالوا فلما نظر إليهم خالد مقبلين أقبل يركض حتى قطع صف المسلمين إلى نساء المسلمين وهنّ على تلّ مرتفع من العسكر حيث وضعهن أبو سفيان فقال : يا نساء المسلمين أيّما رجل أقبل إليكم منهزما فاقتلنه ثم انصرف فأتى أبا عبيدة فقال : إن هؤلاء قد أقبلوا بعدة رحل وفرح وإن لهم حدة لا يردها شيء ، وليست خيلي بالكثيرة ، ولا والله لا قامت خيلي لشدة خيلهم ورجالهم أبدا وخيله يومئذ أمام صفوف المسلمين ثلاثة.

فقال خالد : قد رأيت أن أفرق خيلي فأكون في إحدى الخيلين ، وقيس بن هبيرة في الخيل الأخرى ، ثم تقف خيلنا من وراء الميمنة والميسرة فإذا حمل على الناس ثبت الله أقدامهم ، وإن كانت الأخرى حملت خيولنا عليهم وهي جامة (٢) ، وهم قد انتهت شدتهم وتفرّقت جماعتهم ، فأرجو عندها أن يظفر الله بهم ويجعل الدائرة عليهم. وقد رأيت أن يجلس سعيد بن زيد (٣) مجلسك هذا ، ويقف من ورائه بحذائه مائتين أو ثلاثمائة يكون

__________________

(١) كذا ، الصواب : لئلا يفروا.

(٢) بالأصل وخع : «حامه» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١ / ٢١٦ يعني مستريحة. (انظر اللسان جمم).

(٣) عن خع وبالأصل «مرثد».

١٥٠

للناس ردءا قالوا : فقبل أبو عبيدة مشورته وقال : افعل ما أراك الله وأنا فاعل ما أردت. وأجلس أبو عبيدة سعيد بن زيد مكانه وفعل ما أمره به خالد. فركب فرسه وأقبل يسير في الناس ويحرّضهم. ويوصيهم بتقوى الله والصبر ، ثم انصرف فوقف من خلف الناس ردءا لهم.

قال إسحاق : نا سعيد بن عبد العزيز عن بعض قدمائهم أن رجلا من المسلمين أقبل يومئذ عند وصاة أبي عبيدة هذه فقال له : إني قد أردت أن أقضي شأني فهل لك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حاجة؟ فقال أبو عبيدة : نعم تقرئه مني السلام ، وتخبره أنّا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، ثم تقدم الرجل فكان أول من استشهد ، رحمة الله تعالى عليه.

قال : وأقبلت الروم إليهم كأنها سحابة منقضّة إلى المسلمين حتى دنا طرفهم من ميمنة المسلمين. قال : فبرز معاذ بن جبل فنادى المسلمين : يا معشر أهل الإسلام إنهم قد تهيئوا للشدة ، ولا والله لا يردّهم إلّا الصدق عند اللقاء والصبر عند القراع (١).

قالوا : ثم نزل عن فرسه وقال : من يريد فرسا يركبه ويقاتل عليه؟ قال : فوثب ابنه عبد الرّحمن وهو غلام حين احتلم ، فأخذه فقال : يا أبة إني لأرجوه أن لا يكون فارسا أعظم غناء في المسلمين مني فارس ، وأنت يا أبه راجل أعظم غناء منك فارس. الرجّالة هم عظم المسلمين ، فإذا رأوك حافظا مترجلا صبروا إن شاء الله تعالى وحافظوا. قال : فقال أبوه : وفقني الله وإياك يا بني.

قال : ثم إن الروم تداعوا وتحاضّوا وذكّرتهم الأساقفة والرّهبان. قال : فجعل معاذ إذا سمع ذلك منهم يقول : اللهم زلزل أقدامهم [وأرعب قلوبهم](٢) وأنزل علينا السكينة ، وألزمنا كلمة التقوى وحبّب إلينا اللقاء ، ورضنا بالقضاء.

وخرج باهان صاحب الروم فجال فيهم ، حتى وقف وأمرهم بالصبر والقتال دون ذراريهم وأموالهم وسلطانهم ، ثم بعث إلى صاحب الميسرة أن احمل ، وهو الذربيجان ، وكان عدو الله متنسكا. فقال للبطارقة والرءوس الذين معه قد أمركم أميركم أن تحملوا.

قالوا : فتهيّأت البطارقة فشدّت على الميمنة وفيها الأزد ومذحج وحضرموت وحمير

__________________

(١) بالأصل وخع «الفراغ» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١ / ٢١٧.

(٢) زيادة عن خع.

١٥١

وخولان فثبتوا حتى صدقوا أعداء الله فقاتلوهم قتالا شديدا طويلا ، ثم أنه ركبه من الروم أمثال الجبال. فزال المسلمون من الميمنة إلى ناحية القلب ، وانكشفت (١) طائفة من الناس إلى العسكر ، وثبت صدر من المسلمين عظيم يقاتلون تحت راياتهم ، وانكشفت زبيد يومئذ وهي في الميمنة وفيهم الحجاج بن عبد يغوث فتنادوا فترادّوا واجتمعوا جميعا فاجتمعوا وهم خمسمائة رجل ، فشدوا شدة نهنهوا من قبلهم من الروم واشغلوهم عن اتباع من انكشف من الميمنة وترادّ أيضا جماعة من الميمنة المتحيزة فشدّت حمير وحضرموت وخولان بعد ما زالوا حتى وقفوا مواقفهم في الصف. واستقبل النساء سرعان من انهزم من المسلمين معهن عمد البيوت وأخذن تضربن وجوههن وترمين بالحجارة.

قالوا : قال العباس بن سهل بن سعد الساعدي وكانت تحته خولة بنت ثعلبة الأنصارية في هؤلاء النساء فمرّ بها عمرو ، وهو ابن بحر ، وهو يقول (٢) :

يا هاربا عن نسوة ثنيات (٣)

فعن قليل ما ترى سبيات

ولا خطيئات (٤) ولا رضيات (٥)

قال : فترادّ الناس وثبت النساء على مواقفهن.

قالوا : واستحرّ القتال في الأزد ، فأصيب منهم ما لم يقتل من القبائل ، وقتل يومئذ عمرو بن الطفيل الدّوسي وحقق الله رؤيا والده رحمة الله عليه الطفيل ، فإنه رأى يوم مسيلمة أن امرأة لقيته ففتحت له فرجها فدخله ، وطلبه ابنه هذا وحبس عنه ، فقال : أوّلت رؤياي أن أقتل ، وإن المرأة التي أدخلتني في فرجها الأرض ، وأن ابني سيصيبه جراحة ويوشك أن يلحقني ، فقتل هذا يوم اليرموك ، وهو يقول : يا معشر الأزد لا يؤتين المسلمين من قبلكم ، وأخذ يضرب بسيفه قدما وهو يقول :

__________________

(١) بالأصل «وانكشف».

(٢) كذا بالأصل ، والصواب «وهي تقول» كما في البداية والنهاية ٧ / ١٥ وفتوح الشام للواقدي وغزوات ابن حبيش ١ / ٢٧٤.

(٣) في خع وغزوات ابن حبيش ١ / ٢٧٤ والبداية والنهاية ٧ / ١٥ : «تقيات» وفي فتوح الشام للواقدي «ثقات».

(٤) في خع وابن حبيش : «حظيات» وفي البداية والنهاية : حصيات.

(٥) الرجز في فتوح الشام للواقدي باختلاف وزيد رابعا في ابن حبيش

رميت بالسهم وبالمنيات

١٥٢

قد علمت دوس ويشكر تعلم

أني أخو البيض ليوم مظلم (١)

وأعزل الشكيم شدّ الأيهم

كنت عزيزا في الوغا ضيغم (٢)

فقاتل حتى قتل.

قال : وثبت جندب بن عمرو بن جهمة (٣) ورفع رايته وهو يقول : يا معشر الأزد ، إنه لا ينجو من القتل والعدو والإثم إلّا من قاتل. ألا وإنّ المقتول الشهيد والخائب من تولى. ثم أخذ يقول : يا معشر الأزد :

إنه لا يمنع الراية إلّا الأبطال (٤)

فقاتل حتى قتل.

قالوا : وبرز أبو هريرة صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الأزد يعاونها وهو أحد الرءوس من الأزد فجعل يقول : سارعوا إلى الحور العين وجوار ربكم عزوجل في جنان النعيم ، ما أنتم إلى ربكم في موطن أحبّ إليه منكم في مثل هذا الموطن ، ألا وإنّ للصابرين فضلهم.

قالوا فأطافت به الأزد ثم اضطربوا حتى صارت الروم تجول في مجال واحد كما تدور الرحى ، قالوا : ولقلّ ما رؤي يوما أكثر قحفا ساقطا ومعصما نادرا وكفا طائرة من ذلك الموطن. والناس يضطربون تحت القسطل (٥). قالوا : وجلّ القبائل (٦) في الميمنة حتى القلب ، قالوا : والقلب في نحو ما فيه الميمنة.

__________________

(١) في ابن حبيش ١ / ٢٧٤ :

أني إذا الأبيض يوما مظلم

(٢) في ابن حبيش :

وعرد النكس وفر الأبهم

أني عفرنا في الوقاع ضيغم

(٣) كذا بالأصل وخع ، وفي ابن حبيش : «حمئة».

(٤) الرجز في ابن حبيش ١ / ٢٧٥ وقبله فيه :

يا معشر الأزد احتداد الأقيال

هيهات هيهات وفوت الحال

(٥) القسطل : الغبار.

(٦) عن خع وبالأصل «القبهلل» وفي ابن حبيش : «وكان جل القتال».

١٥٣

قالوا : وحمل عليهم خالد بن الوليد على الميسرة التي دخلت العسكر ، واضطربت ميمنة المسلمين إلى القلب ، فصارت الميمنة والقلب شيئا واحدا. فقتل هو وخيله نحوا من ستة آلاف. ودخل سائرهم بيوت المسلمين في العسكر مجرّحين. وخرج خالد بن الوليد في خيله يطرد (١) من كان من الروم قريبا من العسكر ، حتى إذا أرادوا أن يمكروا به نادى عند ذلك : يا أهل الإسلام لم يبق عند القوم من الجلد والقتال إلّا ما رأيتم الشدة الشدة ، فو الذي نفسي بيده إني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم قالوا : فاعترض صفوف (٢) الروم وأن في جانبه الذي يستقبل لمائة ألف من الروم فحمل عليهم ، وما هو إلّا في نحو من ألف فارس. قالوا : فو الله ما بلغتهم الحملة حتى فضّ (٣) الله جمعهم ، وشدّ المسلمون على من يليهم من رحالهم فانكشفوا وأتبعهم المسلمون ما يمتنعون من قبل ميمنتهم [ولا ميسرتهم](٤) قالوا : ثم إن خالد انتهى في تلك الحملة إلى الدربيجان وقد قال لأصحابه : لفوني في الثياب ، فلف في الثياب ، وقال : وددت أن الله كان عافاني من حرب هؤلاء القوم ، فلم أرهم ولم يروني ، ولم أنصر عليهم ولم ينتصروا علي ، وهذا يوم شرّ ولم يقاتل حتى غشيه القوم فقتلوه.

قالوا وقال أيضا : قناطر وهو في ميمنة الروم لجرحين (٥) صاحب أرمينية احمل فقال له : أنت تأمرني أن أحمل وأنا أمير مثلك ، فقال له قناطر : أنت أمير وأنا أمير وأنا فوقك وقد أمرت بطاعتي فاختلفا ثم إن قناطر حمل حملة شديدة على كنانة وقيس وخثعم وجذام وقضاعة وعاملة وغسّان وهم فيما بين ميسرة المسلمين إلى القلب فكشفوا المسلمين ، وزالت الميسرة عن مصافّها وثبت أهل الرايات وأهل الحفائظ فقاتلوا وركبت الروم أكتاف من انهزم حتى دخلوا معهم العسكر. قال فاستقبلهم نساء المسلمين بعمد الفساطيط يضربون بها وجوههم ويرمونهم بالحجارة ويقلن (٦) : أين أين عز الإسلام والأمهات والأزواج (٧) قال : فيعطف هؤلاء الذين انهزموا إلى المسلمين.

__________________

(١) عن خع وبالأصل «يصرد» وفي ابن حبيش : «يكرد» بمعنى يطرد.

(٢) عن خع وبالأصل «صفوان».

(٣) عن مختصر ابن منظور ١ / ٢١٩ وبالأصل «قبض» ومثله خع.

(٤) زيادة عن خع.

(٥) كذا بالأصل وخع ومختصر ابن منظور ، وفي ابن حبيش : جرجير.

(٦) عن خع وبالأصل : ويقولون.

(٧) كذا بالأصول ، وفي المطبوعة : والأرواح.

١٥٤

وينادي الناس بالحفائط والصبر. قال : وشدّ قبابة (١) بن أسامة فقاتل قتالا شديدا وجعل يرتجز (٢) ويقول :

إن تفقدوني تفقدوا خير فارس

لذي الغمرات والرئيس المحاميا

وذا فخر لا يملأ الهول قلبه

ضروبا بنصل السيف أروع ماضيا (٣)

قالوا فكسر في القوم ثلاث رماح يومئذ وقطع سيفين ، وأخذ يقول كلما قطع [سيفا](٤) أو كسر رمحا : من يعير سيفا أو رمحا في سبيل الله رجلا حبس نفسه مع أولياء الله ، قد عاهد الله أن لا يفر ولا يبرح حتى يقاتل المشركين حتى يظهر المسلمون أو يموت. فكان من أحسن الناس بلاء في ذلك اليوم.

قالوا : ونزل أيضا أبو الأعور السلمي فقال : يا معشر قيس خذوا نصيبكم من الأجر والصبر فإن الصبر في الدنيا عزّ ومكرمة. وفي الآخرة رحمة وفضيلة. فاصبروا وصابروا.

ثم إن الناس حيزوا إلى القلب وفي القلب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل حيث وضعه أبي عبيدة بن الجرّاح. قال : فلما نظر سعيد إلى الروم وخافها اقتحم إلى الأرض وجثى على ركبتيه ، حتى إذا دنوا (٥) منه طعن برايته أول رجل من القوم ثم ثار في وجوههم كأنه الليث ، وأخذ يقاتل ويعطف الناس إليه.

قالوا وكان يزيد بن أبي سفيان يومئذ من عظم الناس غناء (٦) قد كان أبوه مرّ به فقال له : يا بني عليك بتقوى الله والصبر فإنه ليس رجل بهذا الوادي من المسلمين إلّا محفوفا (٧) بالقتال فكيف بك وبأشباهك الذين ولوا أمور المسلمين؟ أولئك أحق الناس

__________________

(١) كذا بالأصل وخع ، وفي ابن حبيش «قباث بن أشيم» وهو الصواب ، وانظر ما تقدم فيه ، والإصابة والاستيعاب.

(٢) كذا ، والبيتان التاليان ليسا برجز.

(٣) غزوات ابن حبيش ص ٢٧٧.

(٤) عن خع وغزوات ابن حبيش ١ / ٢٧٧.

(٥) عن مختصر ابن منظور وبالأصل : دنا.

(٦) بالأصل وخع «شيئا» والمثبت عن ابن حبيش ومختصر ابن منظور.

(٧) عن خع وبالأصل «محفوظا» وفي ابن حبيش : «محقوق».

١٥٥

بالجهاد والنصيحة. فاتّق الله يا بني والزم (١) في أمرك ، ولا يكونن أحد من إخوانك بأرغب في الأجر والصبر في الحرب ، ولا أجرأ على عدو الإسلام منك. قال : أفعل ، فقاتل يومئذ في الجانب الذي كان فيه واقفا قتالا شديدا وكان مما يلي القلب.

قالوا : وشد طرف من الروم على عمرو بن العاص فانكشف هو وأصحابه حتى دخلوا أول العسكر ، وهم في ذلك يقاتلون ويشدون ولم ينهزموا هزيمة ولوا فيها الظهر.

قال : فنزلن (٢) النساء بعمدهن من التل فضربن وجوه الرجال ونادت الناس أم حبيبة ابنة العاص (٣) فقالت : قبّح الله رجلا يفر عن حليلته ، وقبّح الله رجلا يفرّ من كريمته. قالوا : وسمع نسوة من النساء المسلمين يقلن : فلستم بعولتنا إن لم تمنعونا.

قال : فترادّ المسلمون وزحف عمرو وأصحابه حتى عادوا إلى قريب من موقفهم.

قالوا : وقاتل أيضا شرحبيل بن حسنة في ربعه الذي كان فيه فكان وسطا من الناس إلى جنب سعيد بن زيد وانكشف عنه أصحابه فثبت وهو يقول (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) (٤) إلى آخر الآية أين الشارون أنفسهم لله ابتغاء مرضاة الله ، وأين المشتاقون إلى جوار الله في داره؟ قالوا : فرجع إليه ناس كثير ، وبقي القلب لم ينكشف أهله لمكان الذي كان فيه سعيد بن زيد.

قالوا : وكان أبو عبيدة من وراء ظهره ردءا له وللمسلمين.

قالوا فلما رأى قيس بن هبيرة خيل المسلمين وراء صفهم مما يلي ميسرة المسلمين ، وأن المسلمين قد دخلت ميسرتهم العسكر ، وأن الروم قد صمدت لهم ، اعترض الروم بخيله تلك ينتظر خيل خالد بن الوليد فعطف بهم إلى بعض. ورجع المسلمون في آثارهم فقاتلوهم ، وحمل على من يليه من الروم وهو في ميمنة المسلمين حتى اضطروهم إلى صفوفهم.

قالوا : فلما رأى خالد بن الوليد أن قيس بن هبيرة قد كشف من يليه وأن

__________________

(١) ابن حبيش : وأكرم.

(٢) كذا.

(٣) بالأصل : «ونادت الناس ابنة ابن العاص» والصواب عن ابن حبيش.

(٤) سورة التوبة ، الآية : ١١١.

١٥٦

المسلمين قد رجعت راجعتهم إلى المسلمين ، حمل على من يليه من الروم ، يعطف بعضهم بعضا إلى بعض وزحف المسلمون إليهم رويدا حتى إذا دنوا منهم إذا [هم](١) ينتفضون.

قال فبعث ذلك أبو عبيدة عند ذلك إلى سعيد بن زيد أن شدّ عليهم ، وشدّ المسلمون بأجمعهم عدة واحدة وأظهروا التكبير ثم صكوهم صكة واحدة فطعنوا بالرماح فضربوا بالسيوف وأنزل الله تعالى نصره وما وعد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فضرب الله وجوه أعدائه ومنح أكتافهم وزلزل أقدامهم ، وأنزل الله ملائكة يضربون وجوههم حتى ولّوا المسلمين أكتافهم.

قالوا : قال سعيد بن المسيّب عن أبيه أنه قال : لما جلنا هذه الجولة سمعنا صوتا قد كاد يملأ العسكر يقول : يا نصر الله اقترب ، الثبات الثبات ، يا معشر المسلمين ، فتعطفنا عليه ، فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه.

قالوا : وشدّ خالد في سرعان الناس ، وشدّ المسلمون معه يقتلون كل قتلة ، وركب (٢) بعضهم بعضا حتى انتهوا لى مكان مشرف على أهوية فأخذوا يتساقطون فيها وهم يبصرون (٣) ، وهو يوم ذو ضباب. ومنهم من قال : كان ذلك في الليل ، فأخذ آخرهم لا يعلم ما يلقى أولهم. يتساقطون فيها ، وهم (٤) لا يبصرون وهم يوم ذو ضباب (٥) حتى سقط فيها نحو من ثمانين (٦) ألفا فما أحصوا إلّا بالقصب.

قالوا : وبعث أبو عبيدة شدّاد بن أوس بن أخي حسان بن ثابت بعدهم ، بعد ذلك اليوم بيوم ، فوجد من سقط في تلك الأهوية بعد ما عدّهم بالقصب ثمانين ألفا يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا وسميت تلك الأهوية بالواقوصة من يومئذ حتى اليوم لأنهم وقصوا فيها. فأخذوا وجها آخر. وقتل المسلمون في المعركة (٥) بعد ما أدبروا أما

__________________

(١) عن خع.

(٢) بالأصل «وركن» والصواب عن ابن حبيش.

(٣) بالأصل : «وهم ينصرون» والمثبت عن خع وابن حبيش.

(٤) كذا كررت العبارة بالأصل وخع.

(٥) في ابن حبيش : مائة ألف.

(٦) عن خع وابن حبيش ، وبالأصل «المعرفة».

١٥٧

ما لا يحصى. وغلبهم الليل فبات المسلمون ، فلما أصبحوا نظروا فإذا هم لا يرون شيئا ، فقالوا : كمن أعداء الله لنا فلما بعثوا الخيول في الوادي تنظر هل لهم من كمين لو نزلوا بوطاء من المسلمين ، فإذا الرعاة يخبرونهم أنهم قد سقطوا في الواقوصة ، فسألوا عن عظيم (١) الروم ، فقالوا : قد ترحل منهم البارحة بنحو من أربعين ألفا.

ثم أتبعهم خالد بن الوليد على الخيل فقتلهم ، حتى مرّ بدمشق فخرج إليه رجال من أهل دمشق فاستقبلوه. فقالوا : نحن على عهدنا الذي كان بيننا وبينكم. فقال لهم : نعم أنتم على عهدكم. ثم أتبعهم يقتلهم في القرى ، وفي كل وجه حتى قدم دمشق فخرج إليه أهلها فسألوه التمام على ما كان بينهم ففعل. قال : ومضى خالد يطلب عظم الناس حتى أدركوه بثنية العقاب وهو يهبط الهابط منها إلى غوطة ، فدرك عظم الناس حتى أدركهم بغوطة دمشق.

فلما انتهوا إلى تلك الجماعة من الروم وأقبلوا يرمونهم بالحجارة من فوقهم ، فتقدم إليهم الأشتر وهو في رجال من المسلمين فإذا أمامهم رجل من الروم جسيم عظيم ، فمضى إليه حتى وثب عليه ، فاستوى هو والرومي على صخرة مستوية فاضطربا بسيفيهما فأظن (٢) الأشتر كف الرومي ، وضرب الرومي الأشتر بسيفه فلم يضره واعتنق (٣) كل واحد منهما صاحبه فوقعا على الصخرة ، ثم انحدرا وأخذ الأشتر يقول وهو في ذلك ملازم العلج لا يتركه (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (٤) قال : فلم يزل يقل ذلك حتى انتهوا إلى مستوى الجبل وقرار. فلما استقروا وثب على الرومي فقتله. وصاح في الناس أن جوزوا. قال : فلما رأت الروم أن صاحبهم قد قتل خلّوا الثنية وانهزموا. قال وكان الأشتر ذا بلاء حسن في اليرموك ، قالوا لقد قتل ثلاثة عشر.

قالوا : فركب خالد والمسلمون الثنية ، ثم انحطوا مشرفين ، وأنكوا في سائر البلاد يطلبون أعداء الله في القرى والجبال ، حتى وصلوا إلى حمص. فخرج إليهم أهل حمص

__________________

(١) بالأصل : «من عظيم» والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور.

(٢) كذا بالأصل وخع ، والصواب «فأطنّ» كما في مختصر ابن منظور ١ / ٢٢١ ، يعني قطعها.

(٣) بالأصل وخع : «واستنق» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٤) سورة الأنعام ، الآية : ١٦٢.

١٥٨

يسألونهم التمام على عهدهم وعقدهم وجزيتهم (١). ففعل بهم خالد ما فعل بأهل دمشق ، وأقام بها ينتظر رأي أبي عبيدة.

قالوا : ولما سار خالد بن الوليد من اليرموك في إثر من انهزم وقع أبو عبيدة في دفن المسلمين حتى غيبهم (٢) وكفاه دفن الكفار بالواقوصة التي وقعوا فيها وقد كان مما يعملون أن يدفنوا الكفار بعد ما يدفنون المسلمين ، فكفاه الله الكفار بالواقوصة التي وقعوا فيها. فكتب أبو عبيدة مكانه (٣) إلى عمر بن الخطاب يصف له أمرهم.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر التميمي ، قال : وكان أبو بكر رضي‌الله‌عنه قد سمّى لكل أمير من أمراء الشام كورة فسمّى لأبي عبيدة بن عبد الله بن الجرّاح حمص وليزيد (٤) بن أبي سفيان دمشق ، ولشرحبيل بن حسنة الأردن ، ولعمرو بن العاص ولعلقمة بن مجزّز (٥) فلسطين فإذا فرغا منها ترك علقمة وسار إلى مصر ، فلما شارفوا الشام دهم كل أمير منهم قوم كثير. وأجمع رأيهم أن يجتمعوا بمكان واحد وأن يلقوا جمع المشركين بجمع المسلمين.

قال : ونا سيف عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغساني ، عن خالد وعبادة قالا (٦) : توافى إليها ـ مع الأمراء الأربعة ، والجنود مع عمرو ، وعلقمة ويزيد بن أبي سفيان وأبي عبيدة وشرحبيل ـ سبعة وعشرون ألفا وثلاثة آلاف من فلّال خالد بن سعيد ، أمّر عليهم أبو بكر رضي‌الله‌عنه معاوية وشرحبيل وعشرة آلاف من أمداد أهل العراق مع خالد بن الوليد سوى ستة آلاف ثبتوا مع عكرمة (٧) ردءا بعد خالد بن سعيد. وكانوا جميعا ستة وأربعين ألفا ، وكان عكرمة من آخر بني مخروم إسلاما ، وقد جاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه

__________________

(١) في مختصر ابن منظور : وحريتهم.

(٢) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع : عينهم.

(٣) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة : كتابه.

(٤) بالأصل وخع : وإلى يزيد والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٥) بالأصل وخع «محرز» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٢ والطبري ٣ / ٣٩٤.

(٦) بالأصل : قالوا ، والمثبت عن الطبري ٣ / ٣٩٤.

(٧) عن الطبري ، وبالأصل : عسكره.

١٥٩

حديث. وذلك أنه بارز رجلا في بعض حروب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقتله. فاستضحك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له [نفر](١) من الأنصار : ما أضحكك وقد فجعنا بصاحبنا؟ فقال : أضحكني أنهما في درجة واحدة في الجنة [٤٥٢].

قال : وكان قتالهم على تساند كل جند وأميره لا يجمعهم واحد ، حتى قدم عليهم خالد من العراق. وكان عسكر أبي (٢) عبيدة باليرموك مجاورا لعسكر عمرو بن العاص ، وعسكر شرحبيل مجاورا لعسكر يزيد بن أبي سفيان. وكان [أبو عبيدة](٣) ربما صلّى مع عمرو بن العاص ، وشرحبيل مع يزيد فأما عمرو ويزيد فإنهما كانا لا يصليان مع أبي عبيدة وشرحبيل. وقدم خالد بن الوليد وهم على حالهم هذه. فعسكر على حدة فصلّى بأهل العراق ، ووافق خالد المسلمين وهم متضايقون بمدد الردم ، عليهم باهان ، ووافق القوم وهم نشاط لمددهم. فالتقوا فهزمهم الله تبارك وتعالى حتى ألجأهم وأمدادهم إلى الخنادق ، والواقوصة أحد حدوده والواقوصة لهب (٤) لاج في الأرض.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر قال (٥) : وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد ، وهم يرون أنها حملة ، فأزالوا المسلمين عن مواقفهم فالتقوا فهزمهم الله تبارك تعالى حتى ألجأهم وأمدادهم إلى الخنادق والواقوصة إلّا المحامية ، عليهم عكرمة والحارث بن هشام. وركب خالد ومعه جرجة والروم خلال المسلمين ، فتنادى الناس وباتوا (٦) ، وتراجعت الروم إلى مواقفهم. فزحف بهم خالد حتى تصافحوا بالسيف ، فضرب فيهم خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب ، ثم أصيب جرجة ولم يصلّ صلاة سجد فيها إلّا الركعتين اللتين أسلم عليهما ، فصلّى الناس الأولى والعصر إيماء. وتضعضع الروم ، ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجلهم ، وكان مقاتلتهم واسع المطرد ، ضيق

__________________

(١) عن خع.

(٢) بالأصل : أبو.

(٣) زيادة عن خع.

(٤) بالأصل : «لهث» والمثبت عن خع ، واللهب مهواة ما بين كل جبلين (قاموس).

(٥) الخبر في الطبري ٣ / ٣٩٩ حوادث سنة ١٣.

(٦) الطبري : وثابوا.

١٦٠