تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

المهرب. فلما وجدت خيلهم مذهبا ذهبت وتركتهم رجلهم في مصافهم ، وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء ، وأخروا (١) أناس الصلاة حتى صلّوا بعد الفتح. ولما رأى المسلمون خيل الروم قد توجهت للهرب ، أفرجوا لها (٢) ، ولم يحرّجوها. فذهبت فتفرقت في البلاد ، وأقبل خالد والمسلمون على الرّجل ففضوهم (٣) فكأنما هدم بهم حائطا ، فاقتحموا في خنادقهم ، واقتحمه عليهم فعمدوا إلى الواقوصة ، حتى هووا فيها ، المقترنون وغيرهم ، فمن صبر للقتال من المقترنين هو أنه من خشعت نفسه ، فيهوي الواحد بالعشرة لا يطيقونه ، وكلما هوى اثنان كان البقية عنهم أضعف. وكان المقترنون أعشارا ، فتهافت في الواقوصة عشرون ألفا ومائة ألف ، ثلاثون (٤) ألفا مقترن وأربعون ألفا مطلق ، سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل ؛ فكان منهم الفارس يومئذ ألف وخمسمائة ، وتجلّل الفيقار وأشراف من أشراف الروم برانسهم ، وجلسوا وقالوا : لا نحب أن نرى يوم السوء إذ لم نستطع أن نرى يوم السرور ؛ وإذ لم نستطع أن نمنع النصرانية ؛ فأصيبوا في تزملهم.

أخبرنا أبو القاسم أنا أبو الحسين ، أنا أبو طاهر ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف ، عن مبشّر (٥) وسهيل وأبي عثمان ، عن خالد وعبادة وأبي حارثة قالوا (٦) : وأوعب القواد بالناس نحو الشام وعكرمة ردء للناس ، وبلغ الروم ذلك ، فكتبوا إلى هرقل ، وخرج هرقل حتى ينزل بحمص. فأعد لهم الجنود ، وعبّى لهم [العساكر](٧) وأراد تفريقهم وشغل بعضهم عن بعض لكثرة جنده ، وفضول رجاله فأرسل إلى عمر وأخاه تذارق (٨) لأبيه وأمّه ، فخرج نحوهم في تسعين ألفا ، وبعث من يسوقهم ، حتى نزل لصاحب الساقة بثنية جلّق بأعلا فلسطين ، وبعث جرجة بن توذرا نحو يزيد بن أبي سفيان فعسكروا بإزائه وبعث

__________________

(١) كذا.

(٢) بالأصل «بها» والمثبت عن الطبري.

(٣) عن الطبري ، وبالأصل «بعضهم».

(٤) في الطبري : ثمانون.

(٥) عن خع الطبري ٣ / ٣٩٢ وبالأصل «ميسر» وفي الطبري : «سهل» بدل «سهيل».

(٦) الخبر في الطبري ٣ / ٣٩٢ وبالأصل «وأوعت» والمثبت عن الطبري.

(٧) الزيادة عن خع والطبري.

(٨) عن الطبري ، وبالأصل وخع : بدارف.

١٦١

الدّراقص ، فاستقبل شرحبيل وبعث القيفان (١) ونطورس في ستين ألفا نحو أبي عبيدة ، فهابهم المسلمون وجميع فرق المسلمين واحد وعشرون ألفا ، سوى عكرمة في ستة آلاف ، ففزعوا جميعا بالكتب والرسل إلى عمرو : أن ما الرأي؟ فكاتبهم وراسلهم أن الرأي الاجتماع ، وذلك أن مثلنا إذا اجتمع لم يغلب عن قلة ، فإذا تفرقنا لم يبق الرجل منا في عدد يقرن (٢) فيه لأحد ممن استقبلنا وواعدنا لكل طائفة منا ، فاتعدوا اليرموك ليجتمع به ، وقد كتب إلى أبي بكر رضي‌الله‌عنه بمثل ذلك ما كاتبوا به عمر ، فطلع عليهم كتابه بمثل ما رأى عمرو سواء ، بأن اجتمعوا فتكونوا عسكرا واحدا ، والقوا زحوف المشركين بزحف المسلمين ، فإنكم أعوان الله ، والله ناصر من نصره ، وخاذل من كفره ، ولن يؤتى مثلكم من قلّة ، وإنما يؤتى العشرة آلاف والزيادة على عشرة آلاف ، إذا أتوا من تلقاء الذنوب ، فاحترسوا من الذنوب ، واجتمعوا باليرموك متساندين ، وليصلّ كل رجل منكم بأصحابه.

ثم بلغ ذلك هرقل فكتب إلى بطارقته : أن اجتمعوا لهم ، وانزلوا بالروم منزلا واسع العطن (٣) ، واسع المطرد ، ضيق المهرب ، وعلى الناس التدارق وعلى المقدمة جرجة (٤) وعلى مجنبتيه (٥) ماهان والدارقص وعلى الحرب القيفار ، وأبشروا فإن باهان في الأثر مدد لكم. ففعلوا فنزلوا الواقوصة ، على ضفة اليرموك ، وصار الوادي خندقا لهم ، وهو لهب (٦) ، لا يدرك ، وإنما أراد باهان وأصحابه أن يستفيق الروم ويأنسوا بالمسلمين ويرجع إليهم أفئدتهم عن طيرتها.

وانتقل المسلمون من عسكرهم الذي اجتمعوا به ، فنزلوا عليهم بحذائهم على طريقهم ، وليس للروم طريق إلّا عليهم ، فقال عمرو : أيها الناس ألا أبشروا حصرت (٧) والله الروم ، وقلّ ما جاء محصور بخير ، وأقاموا بإزائهم وعلى طريقهم ، ومخرجهم صفر

__________________

(١) الأصل وخع ، وفي الطبري : الفيقار بن نسطوس.

(٢) عن الطبري ، وبالأصل وخع «يفرد».

(٣) عن الطبري ، وبالأصل «الطعن».

(٤) بالأصل : «حرحه» وقد تقدم ، (عن الطبري).

(٥) عن الطبري وبالأصل : مجنبته.

(٦) عن الطبري وبالأصل : لهث.

(٧) بالأصل وخع : «حضرت» والمثبت عن الطبري.

١٦٢

سنة ثلاث عشرة وشهري ربيع ، لا يقدرون من الروم على شيء ولا يخلصون إليهم : اللهب (١) وهو الواقوصة من ورائهم والخندق من ورائهم (٢) ولا يخرجون خرجة إلّا أديل (٣) المسلمون منهم ، حتى إذا سلخوا شهر ربيع الأول ، وقد استمدوا أبا بكر وأعلموه الشأن في صفر ، فكتب إلى خالد ليلحق بهم ، وأمره أن يخلّف على العراق المثنّى ، فوافاهم في ربيع.

قال : ونا سيف عن محمد وطلحة وعمرو والمهلّب قالوا (٤) : ولما نزل المسلمون باليرموك ، واستمدوا أبا بكر قال : خالد لها ، فبعث إليه وهو بالعراق وعزم عليه واستحثه بالسير ، فنفذ خالد لذلك ، فطلع عليهم خالد ، وطلع باهان على الروم ، وقد قدّم قدّامه الشمامسة والرهبان والقسيسين ، يعيرونهم (٥) ويحضونهم على القتال. فاتفق خالد وباهان ووافق قدوم خالد قدوم باهان فخرج بهم باهان كالمقتدر ، فولى خالد قتاله ، وقاتل الأمراء من بازائهم ، فهزم باهان ، وتتابع الروم على الهزيمة واقتحموا خندقهم وتيمنت (٦) الروم بباهان ، وفرح المسلمون بخالد وقال راجز المسلمين في ذلك (٧) :

دعوا هرقلا ودعونا الرحمن

والله قد أخزى جنود باهان

بخالد اللج أبي سليمان

ليس بوهواه (٨) ولا بوان

لا نزق فيه ولا أرنان

وجرّد المسلمون وجرد الكافرون (٩) وهم أربعون ومائتا ألف ؛ منهم ثمانون ألف مقيد ، وأربعون ألفا منهم مسلسل للموت ، وأربعون ألفا مربّطون بالعمائم ، وثمانون ألف فارس ، وثمانون ألف راجل ، والمسلمون سبعة وعشرون ألفا ممن كان مقيما ، إلى

__________________

(١) عن الطبري وبالأصل : اللهث.

(٢) الأصل وخع ، وفي الطبري : أمامهم.

(٣) يقال : أديل لنا على عدونا أي نصرنا عليه ، وكانت الدولة لنا (انظر اللسان).

(٤) الخبر التالي في الطبري ٣ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

(٥) في الطبري : يغرونهم.

(٦) عن الطبري وبالأصل : وتتميز.

(٧) الأبيات في ابن حبيش ١ / ٢٩٢.

(٨) ابن حبيش : «بوهراء».

(٩) في الطبري : «وحرد المسلمون وحرب المشركون» وفي ابن حبيش : وحرب المسلمون وجرّد المشركون.

١٦٣

أن قدم عليهم خالد في التسعة آلاف فصاروا ستة وثلاثين ألفا.

قال ونا سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة عن خالد وعبادة عن عبد الرحمن بن غنم (١) ، وشهدها. قال : كان أبو سفيان (٢) وأشياخ محامية ولا يجولون ولا يقاتلون ، يفيء [إليهم](٣) الناس ولا يأرزون. وكانت إذا كانت على الروم قال : وقالوا هلال (٤) بن الأصفر ، اللهم اجعله وجههم ، فإذا كانت على المسلمين قال : وقالوا يا بني الأحوى (٥) أين أين. اللهم اردد لهم الكرة ، فإذا كروا (٦) قالوا : بهن بنو الأحوى ، فإذا عملوا قالوا : اللهم أعنهم وأنصرهم حتى إذا فتح الله عزوجل على المسلمين من آخر الليل وقتلوهم حتى الصباح ثم أصبحوا فاقتسموا الغنائم ، ودفنوا قتلى المسلمين ، وبلغوا ثلاثة آلاف وصلّى كل أمير قوم على قتلاهم ، ودفع خالد بن الوليد العهد إلى أبي عبيدة بعد ما فرغ من القسم ودفن الشهداء وتراجع الطلب. فولّى أبا عبيدة النفل من الأخماس. فنفل ، فأكثروا الكتاب بالفتح والإرسال بالأخماس. وبعث أبا جندل بشيرا ، ووفّد قباث (٧) بن أشيم.

ح وأخبرنا أبو القاسم ، أنا أبو الحسين ، أنا أبو طاهر ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا أبو عبيدة السري بن يحيى ، نا شعيب ، نا سيف ، عن عمرو بن ميمون ، عن أبيه قال (٨) : لقي خالد مقدمه بالشام معينا لأهل اليرموك رجلا من روم العرب فقال : يا خالد إن الروم في جمع كثير مائتي ألف أو يزيدون. فإن رأيت أن ترجع على حاميتك فافعل.

فقال خالد : إن الروم في جمع كثير مائتي ألف أو يزيدون فقال خالدا : بالروم تخوفني! والله لوددت أن الأشقر يرى من توجيه ، وإنهم أضعفوا ضعفهم فزمهم الله عزوجل على يديه.

__________________

(١) عن خع وبالأصل «عتم» والخبر في ابن حبيش ١ / ٢٩٨.

(٢) عن ابن حبيش وبالأصل وخع : «أبو بكر» تحريف.

(٣) زيادة عن ابن حبيش ، ويأرزون : يلتجئون ، وفي ابن حبيش : يأوون.

(٤) كذا بالأصل وخع ولعلها : «هلاك» وفي ابن حبيش : هلك بنو ....

(٥) عن خع وبالأصل : الأخرى ، وفي ابن حبيش : الاخوان.

(٦) عن ابن حبيش ، وبالأصل وخع : كثروا.

(٧) عن خع وابن حبيش ، وبالأصل «فنائب».

(٨) الطبري ٣ / ٤٠٢ وابن حبيش ١ / ٣٠٠.

١٦٤

قال نا سيف عن المطرح عن القاسم عن أبي أمامة وأبي عثمان ، عن يزيد بن سنان ، عن رجال من أهل الشام من أشياخهم قالوا (١) : لما كان اليوم الذي تأمّر فيه خالد ، هزم الله عزوجل الروم مع الليل ، وصعد المسلمون العقبة ، وأصابوا ما في العسكر ، وقتل الله عزوجل صناديدهم ورءوسهم وفرسانهم ، وقتل الله عزوجل أخا هرقل ، وأخذ التّذارق ، وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو دون مدينة حمص ، وارتحل فجعل حمص بينه وبينهم ، وأمّر عليها أميرا ، وخلّفه (٢) فيها ، كما كان أمّر على دمشق وخلف فيها وارتحل ، وأتبع المسلمون الروم حتى هزموهم خيولا يثفنونهم (٣). ولما صار الأمر إلى أبي عبيدة بعد الهزيمة نادى بالرحيل. وارتحل المسلمون بزحفهم حتى وضعوا عسكرهم بمرج الصفّرين.

قال أبو أمامة : فبعثت (٤) طليعة من مرج الصّفّرين مع فارسين فسرت حتى دخلت. فجستها (٥) بين أبياتها وشجراتها ، فقال أحد صاحبيّ : قد بلغت حيث أمرت فانصرف لا تهلكنا. فقلت : قف مكانك حتى تصلح أولئك ، فسرت حتى دفعت إلى باب المدينة ، وليس في الأرض أحد ظاهر ، فزغت لجام فرسي وعلّقت عليه مخلاته ، وركزت رمحي ثم وضعت رأسي فلم أشعر إلّا بالمفتاح تحرك عند الباب ليفتح ، فقمت فصلّيت الغداة ، ثم ركبت فرسي ، فحملت عليه ، فطعنت البوّاب فقتلته وتصالحوا في المدينة ودخلت فلقيت رجلا فقتلته ثم لقيت آخر فطعنته فقتلته ثم انكفأت راجعا ، وخرجوا يطلبونني فجعلوا يكفّون (٦) عني مخافة أن يكون لنا كمين ، فدفعت إلى صاحبي الأدنى الذي أمرته أن يقف ، فلما رأوه قالوا : هذا كمين انتهيا إلى كمينه ، فانصرفوا وسرت أنا وصاحبي حتى دفعنا إلى صاحبي الثاني ، فسرنا حتى انتهينا إلى المسلمين ؛ وقد عزم أبو عبيدة أن لا يبرح حتى يأتيه رأي عمر وأمره. فأتاه فرحلوا حتى نزلوا دمشق وخلّف باليرموك بشير (٧) بن كعب بن أبي الحميري في خيل.

__________________

(١) عن الطبري ٣ / ٤٠٣ وبالأصل «قال».

(٢) عن الطبري وبالأصل : وخلق.

(٣) يثفنونهم أي يطردونهم.

(٤) عن الطبري وبالأصل : فبعث.

(٥) عن الطبري وبالأصل : فحبستها.

(٦) عن الطبري وبالأصل : يلفون.

(٧) عن ابن حبيش والطبري وبالأصل «بشر».

١٦٥

قال : وقال القعقاع بن عمرو في يوم اليرموك :

ألم ترنا على اليرموك فزنا

كما فزنا بأيام العراق

فتحنا قبلها بصرى وكانت

محرمة الجناب لدى النفاق (١)

وعذراء (٢) المدائن قد فتحنا

ومرج الصّفّرين على العتاق

قتلنا من أقام لنا وفينا

نها بهم بأسياف رقاق

قتلنا الروم حتى ما تساوى

على اليرموك نفروق (٣) الوراق

فضضنا جمعهم لما استحالوا

على الواقوصة البتر الرقاق (٤)

غداة تهافتوا فيها فصاروا

إلى أمر يعضل بالذواق

وقال عمرو بن العاص واعير على لخم وجذام بالفرار عند الحملة في أول النهار على إثر جرجة وهم الذين تكشفوا بالناس والحرب :

القوم لخم وجذام في الحرب

ونحن والروم بمرج نضطرب

فإن يعودوا بعدها لا نصطحب

بل نعصب الفرّار بالضرب الكلب (٥)

وقال الأسود أبو مفزّر (٦) التميمي :

وكم قد أغرنا غارة بعد غارة

ويوما ويوما قد كشفنا أهاوله (٧)

ولو لا رجال كان حشو غنيمة

لدى ما قط رجت عليهم أوائله (٨)

لقيناهم اليرموك لما تضايقت

بمن حلّ باليرموك منه حمائله

[فلا يعد من منا هرقل كتائبا

إذا رامها رام الذي لا يحاوله](٩)

__________________

(١) في البداية والنهاية ٧ / ١٩ النعاق.

(٢) عذراء : قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان معروفة.

(٣) في معجم البلدان وشعره في شعراء إسلاميون ص ٤٣ «مفروق» وفي البداية والنهاية : معروق.

(٤) في البداية والنهاية : على الواقوص بالبتر الرقاق.

(٥) الأبيات في البداية والنهاية ٧ / ١٩.

(٦) بالأصل : «أبو مقر» ومثله في خع ، وفي البداية والنهاية ٧ / ١٩ الأسود بن مقرن. والمثبت عن شعراء إسلاميون ـ ترجمته ص ١٠٩ وما بعدها.

(٧) لم ترد الأبيات في ترجمته في كتاب شعراء إسلاميون ، وهي في البداية والنهاية ٧ / ١٩ وأهاوله : الزينة والنقوش والتصاوير.

(٨) في خع «حسب» بدل «حشو» وفي البداية والنهاية : عشو و «لدى مأقط» بدل «كذا ما قط» في الأصل.

(٩) سقط البيت من الأصل واستدرك عن خع والبداية والنهاية.

١٦٦

باب

ذكر تاريخ قدوم عمر ـ رضي‌الله‌عنه ـ الجابية (١)

وما سنّ بها من السنن الماضية

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون بن راشد ، نا أبو زرعة ، حدثني محمود بن خالد قال : عن محمد بن عائذ ، عن الوليد بن مسلم عن عثمان بن حصين بن سلاق (٢) قال : قال يزيد بن عبيدة : فتحت بيت المقدس سنة ست عشرة ، وفيها قدم عمر بن الخطاب الجابية.

قال أبو زرعة : فأخبرني عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم قال : ثم عاد في العام المقبل يعني سنة ثمان عشرة ، حتى أتى الجابية ، يعني بعد عوده من سرغ (٣) سنة سبع عشرة فاجتمع إليه المسلمون. فدفع إليه أمراء الأجناد ما اجتمع عندهم من الأموال. فجنّد ومصّر الأمصار. ثم فرض الأعطية والأرزاق ثم قفل إلى المدينة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأ عبد الله بن جعد (٤) نا يعقوب قال : ثم فتح الجابية وإيلياء سنة ست عشرة.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها وابنه أبو الحسن علي قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا

__________________

(١) الجابية بكسر الباء وياء خفيفة : قرية من أعمال دمشق ، من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمالي حوران.

(٢) كذا بالأصل ، وقد مرّ «عثمان بن حصن بن علاق» انظر الكاشف للذهبي وتقريب التهذيب لابن حجر.

(٣) بالأصل «سرع» وسرغ : قرية بوادي تبوك. في أول الشام وآخر الحجاز (ياقوت).

(٤) كذا ، بالأصل وخع ، وفي المطبوعة «جعفر».

١٦٧

أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا ابن عائذ ، نا الوليد بن مسلم ، حدثني عثمان بن حصن عن يزيد بن عبيدة قال : ثم فتحت إيلياء سنة ست عشرة وفيها قدم عمر الجابية.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي أنا عمر بن عبد الله بن عمر ، أنا أبو الحسين بن بشران أنبأ عثمان بن أحمد بن حنبل نا عاصم بن علي ، نا أبو معشر قال : ثم كانت عمواس (١) والجابية في سنة ست عشرة.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني قال : نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد ، نا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون بن راشد نا أبو زرعة قال : قال أحمد بن حنبل : وفي سنة ثماني عشرة كان طاعون عمواس.

قال أبو زرعة : فأخبرني سعيد بن كثير ، قال ففيه يقول الشاعر :

رب خرق مثل الهلال وبيضا

ء لعوب (٢) بالجزع من عمواس

قد لقوا الله غير باغ عليهم

فأحلّوا بغير دار ائتناس (٣)

وصبرنا حقا كما قد وعد الله

وكنا في الصبر قوما تآسي (٤)

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا ابن بكير ، حدثني الليث بن سعد قال : ثم كانت الرّمادة (٥) وطاعون عمواس سنة ثمان عشرة.

قال يعقوب : وحدثني سلمة عن أحمد بن حنبل ، عن إسحاق بن عيسى ، عن أبي معشر قال : ثم (٦) كانت سرغ سنة سبع عشرة ، ثم كانت الرّمادة سنة ثمان عشرة ،

__________________

(١) عمواس : قيل بكسر فسكون ، وقيل : بالتحريك ، ضيعة جليلة على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس (معجم البلدان).

(٢) عن خع وبالأصل «لعوث» وفي معجم البلدان «عمواس : وبيضاء حصان».

(٣) في ياقوت :

وأقاموا في غير دار ائتناس

(٤) في ياقوت :

فصبرنا صبرا كما علم الله وكنا في الصبر أهل إياس

(٥) وهي رمادة فلسطين : وهي رمادة الرملة ، انظر معجم البلدان.

(٦) ثمة نقص في الأصل وخع ، وقبلها في المطبوعة ـ وقد نبه محققها إلى هذا السقط ـ ثم كانت عمواس والجابية في سنة ست عشرة.

١٦٨

وكان في ذلك العام طاعون عمواس.

لعل عمواس التي ذكرها أبو معشر سنة ست عشرة وقعة كانت عندها. فأمّا الطاعون فقد وافق غيره في أنه كان سنة ثمان عشرة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الخطيب ـ بمشكان (١) ـ أنا أبو منصور محمد بن الحسن النهاوندي ، نا أبو العباس أحمد بن الحسين بن زنبيل ، نا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ، نا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، نا عبد الله بن صالح ، قال في حديثه : إن عمر قدم الجابية سنة ثمان عشرة.

وهذا يدل على أن عمر قدم الجابية مرتين.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحّامي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي واللفظ له ح.

وأخبرنا [أبو القاسم](٢) بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، حدثني سعيد بن (٣) كثير بن عفير المصري ، حدثني ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه أن أبا الخير حدثه : أن عبد العزيز بن مروان [قال](٤) لكريب بن أبرهة : أحضرت عمر بن الخطاب بالجابية؟ قال : لا ، قال : [فمن](٥) يحدثنا عنها؟ قال كريب ، إن بعثت إلى سفيان بن وهب الخولاني حدثك عنها. فأرسل إليه فقال : حدثني عن خطبة عمر بن الخطاب يوم الجابية. قال سفيان : إنه لما اجتمع الفيء أرسل أمراء الأجناد إلى عمر بن الخطاب أن يقدم بنفسه. فقدم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

أما بعد فإن هذا المال نقسمه (٦) على من أفاء الله عليه بالعدل ، إلّا من أفاء الله عليه

__________________

(١) بالأصل «بمسكان» تحريف ، راجع معجم البلدان.

(٢) الزيادة عن خع.

(٣) بالأصل وخع : «عن» تحريف. انظر تقريب التهذيب ، والضبط عنه.

(٤) بالأصل : «مروان الكريب» والصواب والزيادة عن خع.

(٥) زيادة عن خع.

(٦) بالأصل : يقسمه.

١٦٩

بالعدل إلّا هذين الحيّين من لخم وجذام فلا حق لهم لله.

فقام إليه أبو حديدة الأجذمي فقال : ننشدك الله يا عمر في العدل. فقال عمر : العدل أريد. أنا أجعل أقواما أنفقوا في الظّهر وشدوا العرض وساحوا في البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ ولو أن الهجرة كانت بصنعاء أو بعدن ما هاجر إليها من لخم ولا جذام أحد. فقام أبو حديدة فقال : إن الله وضعنا من بلاد حيث شاء وساق إليها الهجرة في بلادنا فقبلناها ونصرناها. أفذلك يقطع حقنا يا عمر؟ ثم قال : لكم حقكم مع المسلمين.

ثم قسم فكان للرجل نصف دينار ، فإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا.

ثم دعا ابن قاطورا (١) صاحب الأرض فقال : أخبرني ما يكفي (٢) الرجل من القوم في الشهر واليوم؟ فأتي بالمدي والقسط ، فقال يكفيه هذا المديان في الشهر وقسط زيت وقسط خل ، فأمر عمر بمدين من قمح فطحنا ثم عجنا ثم أدّمهما بقسطين زيت ، ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلا فكان كفاف شبعهم ، ثم أخذ عمر المدين بيمينه والقسط بيساره ثم قال : اللهم لا أحلّ لأحد أن ينقصهما بعدي. اللهم فمن نقصهما فأنقص من عمره.

أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن المبارك ، أنا عبد الله بن الحسين بن عبيد الله بن عبدان ، أنبأ عبد الوهّاب الكلابي ، أنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلّاب نا (٣) هشام بن عمّار ، نا الهيثم بن عمران سمعت جدي يقول : لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل بالجابية ، وكانت دمشق تشتعل طاعونا. فهمّ أن يدخلها فقال له أصحابه : أما [علمت أن](٤) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا حلّ بكم الطاعون فلا تهربوا منه [ولا](٥) تأتوه حيث هو» [٤٥٣] وقد علمت أن أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرحانين (٦) لم يصبهم طاعون قط. فأرسل عند ذلك

__________________

(١) في مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٥ ابن ناطورا.

(٢) بالأصل وخع : «ما يلق» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٣) عن خع وبالأصل «بن» تحريف.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٥.

(٥) زيادة عن خع.

(٦) كذا بالأصل وخع ، خطأ ، والصواب «قرحانون» أي لم يصبهم داء قبل ذلك (انظر النهاية).

١٧٠

رجلا من جديلة ، ولم يدخلها هو ، إلى بيت المقدس فافتتحها صلحا.

ثم أتاها عمر ومعه كعب فقال : يا أبا إسحاق الصخرة أتعرف موضعها؟ قال : أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعا ، وهي مزبلة ، ثم احفر فإنك ستجدها.

فحفروا (١) فظهرت لهم. فقال عمر لكعب : أين ترى أن نجعل المسجد؟ قال : اجعله خلف الصخرة ، فتجمع القبلتين قبلة موسى وقبلة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقال : ضاهيت اليهودية والله يا أبا إسحاق ، خير المساجد مقدّمها. فبناه في مقدّم المسجد.

فبلغ أهل العراق أنه زار أهل الشام ، فكتبوا إليه يسألونه أن يزورهم كما زار أهل الشام. فهم أن يفعل فقال كعب : أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تدخلها قال : ولم؟

قال : فيها عصاة الجن وهاروت وماروت يعلّمان الناس السحر ، وفيها تسعة أعشار الشرّ ، وكل داء معضل. فقال عمر رضي‌الله‌عنه : فهمت كل ما ذكرته غير الداء العضال فما هو؟ قال : كثرة الأموال هو الذي ليس له شفاء. فلم يأتها عمر.

أخبرنا أبو علي بن أشليها (٢) وابنه أبو الحسن علي قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمد بن [أبي](٣) نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا محمد بن عائذ ، نا مدرك بن أبي سعد عن (٤) يونس بن ميسرة بن حلبس قال : نزل المسلمون من البادية (٥) وهم أربعة وعشرون ألفا. فوقع فيهم الطاعون فذهب منهم عشرون ألفا وبقي أربعة آلاف. فقالوا : هذا طوفان وهذا رجز. فبلغ ذلك معاذا فبعث فوارس يجمعون الناس. وقال : اشهدوا المدارس اليوم عند معاذ ، فلما اجتمعوا (٦) قام فيهم وقال : أيها الناس والله لو أعلم أني أقوم فيكم بعد مقامي هذا ما تكلفت اليوم القيام فيكم. وقد بلغني أنكم تقولون هذا الذي وقع فيكم طوفان ورجز ،

__________________

(١) عن خع وبالأصل «فحفر».

(٢) عن المطبوعة ، وبالأصل وخع : «استلها».

(٣) عن خع.

(٤) بالأصل وخع : «بن» تحريف.

(٥) كذا بالأصل ، وفي خع : «وترك المسلمون من الجابية» وفي مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٦ ونزل المسلمون الجابية.

(٦) بالأصل وخع : «اجتمع» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

١٧١

والله ما هو طوفان ولا رجز ، وإنما الطوفان والرجز ، كان عذّب (١) الله به الأمم. ولكنها شهادة أهداها الله لكم واستجاب فيكم دعوة نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ألا فمن أدرك خمسا (٢) فاستطاع أن يموت فليمت : أن يكفر الرجل بعد إيمانه ، وأن يسفك الدم بغير حقه ، وأن يعطى بالكذب مال الله بأن يكذب أو يفجر ، وأن يظهر التلاعن بينكم ، أو يقول الرجل حين يصبح والله لئن حييت أو مت ما أدري ما أنا عليه.

وقوع الطاعون هذا والوباء مصداق ما ورد من النبأ فيما :

أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا إبراهيم بن منصور السّلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو علي الحسين بن عبد الله بن يزيد بن الأزرق القطان ، نا هشام بن خالد الأزرق ، نا الحسن بن يحيى ، عن ابن ثوبان ـ يعني عن أبيه (٣) ـ عن مكحول عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تنزلون منزلا يقال له الجابية والحديبية (٤) ، يصيبكم فيه داء مثل غدّة الحمل ، يستشهد الله به أنفسكم وخياركم ويزكي أبدانكم» [٤٥٤].

كذا وقع في هذه الرواية عن ابن ثوبان عن مكحول ، وقد أسقط منه عن أبيه فقلنا ـ يعني عن أبيه ـ.

وقد أخبرناه على الصواب أبو علي الحداد في كتابه ، وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد الطبراني ، نا محمد بن أبي زرعة الدمشقي وأبو عقيل أنس بن سالم قالا : نا هشام بن خالد ، نا الحسن بن يحيى ، نا عبد الرّحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن كثير بن مرة ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تنزلون منزلا يقال له الجابية يصيبكم فيه داء مثل غدة الجمل تستشهد فيه أنفسكم وذراريكم وتزكي به أعمالكم» [٤٥٥]. وقد روي عن معاذ من وجه آخر.

أخبرتنا به أم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوية قالت : قرئ على إبراهيم بن

__________________

(١) بالأصل وخع : «عدت». والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٢) عن خع وبالأصل «حمنا».

(٣) بالأصل وخع : «عن ثوبان يعني سر الله» كذا ، والمثبت عن المطبوعة ١ / ٥٥٨.

(٤) كذا ، وفي مختصر ابن منظور : «أو الجويبية».

١٧٢

منصور السّلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنّى الموصلي ، نا سريج (١) هو ابن يونس ، نا مروان هو ابن معاوية الفزاري ، عن جعفر وهو ابن الرقي عن القاسم ، عن أبي أمامة عن معاذ ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ينزل المسلمون أرضا يقال لها الجابية ـ [أو](٢) الجويبية ـ فتكثر به أموالهم ودوابهم ، فيبعث عليهم جرب كالدمّل ، تزكو فيه أموالهم وتستشهد فيه أبدانهم» [٤٥٦] والله تعالى أعلم (٣).

__________________

(١) بالأصل وخع : «سرح» والصواب والضبط عن تقريب التهذيب.

(٢) زيادة عن المطبوعة ١ / ٥٥٩.

(٣) بعدها في المطبوعة : آخر الجزء التاسع.

١٧٣

باب

ذكر ما اشترط صدر هذه الأمة

عند افتتاح الشام على أهل الذمة

أخبرنا أبو محمد سهل بن بشر الإسفرايني ، أنبأ أبو الحسن عبد الدائم بن الحسن بن عبد الله القطان ، أنبأ عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي ، أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن زبر ، نا محمد بن إسحاق بن راهوية الحنظلي ، نا أبي ، نا بشر بن الوليد ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرّحمن بن غنم أن عمر بن الخطاب كتب على النصارى حين صولحوا :

بسم الله الرّحمن الرحيم.

«هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين رضي‌الله‌عنه من نصارى أهل الشام.

إنا سألناك الأمان لأنفسنا وأهالينا وأموالنا وأهل ملتنا على أن نؤدي الجزية عن يد ونحن صاغرون ، وعلى أن لا نمنع أحدا من المسلمين أن ينزلوا كنائسنا في الليل والنهار ، ونضيفهم فيها ثلاثا ، ونطعمهم فيها الطعام ، ونوسع لهم أبوابها ، ولا نضرب فيها بالنواقيس إلّا ضربا خفيا ، ولا ترفع فيها أصواتنا بالقراءة ، ولا نؤوي فيها ولا في شيء من منازلنا جاسوسا كعدوكم ، ولا نحدث كنيسة ولا ديرا ولا صومعة ولا قلاية (١) ، ولا نجدد ما خرب منها ، ولا يقصد الاجتماع فيما كان منها من خطط المسلمين وبين ظهرانيهم ، ولا نظهر شركا ولا ندعو إليه ولا نظهر صليبا على كنائسنا ولا في شيء من طرق المسلمين وأسواقهم ، ولا نتعلم القرآن ، ولا نعلّمه أولادنا ، ولا نمنع أحدا من ذي قراباتنا الدخول في الإسلام إن أراد ذلك ، وأن تجزّ مقادم رءوسنا ، ونشد الزنانير في أوساطنا ، ونلزم ديننا ، ولا نتشبه بالمسلمين في لباسهم ولا في هيئتهم ، ولا في

__________________

(١) في مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٧ قلية.

١٧٤

سروجهم ، ولا نقش خواتيمهم فننقشها عربيا ، ولا نكتني بكناهم ، وأن نعظمهم ونوقّرهم ونقوم لهم من مجالسنا ، ونرشدهم في سبلهم وطرقاتهم ، ولا نطلع في منازلهم ، ولا نتخذ سلاحا ولا سيفا ولا نحمله في حضر ولا سفر في أرض (١) المسلمين ، ولا نبيع خمرا ولا نظهرها ، ولا نظهر نارا مع موتانا في طرق المسلمين ، ولا نرفع أصواتنا مع جنائزهم ، ولا نجاور المسلمين بهم ، ولا نضرب أحدا من المسلمين ، ولا نتخذ من الرقيق (٢) بيتا جرت عليه سهامهم.

شرطنا ذلك كله على أنفسنا وأهل ملّتنا فإن خالفناه فلا ذمة لنا ، ولا عهد ، وقد حلّ لكم منا ما يحلّ لكم من أهل الشقاق والمعاندة».

أخبرنا أبو القاسم الشحّامي ، أنبأ أبو بكر البيهقي ، أنبأ أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ح.

وأخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن محمد بن أبي عقيل (٣) ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي الشافعي ، نا أبو محمد عبد الرّحمن بن عمر بن النحاس قالا : أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي ، نا محمد بن إسحاق بن أبي إسحاق أبو العباس الصّفّار ، نا الربيع بن ثعلب أبو الفضل ، نا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار (٤) ، عن سفيان الثوري ، والوليد بن نوح ، والسري بن مطرف يذكرون عن طلحة بن مصرف ، عن مسروق ، عن عبد الرّحمن بن غنم (٥) قال : كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام :

بسم الله الرّحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا.

إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا ، وذرارينا وأموالنا وأهل ملّتنا ،

__________________

(١) بالأصل : «أرفع» وعلى هامشه : «لعله أرض» وفي خع : «أرض» وهو ما أثبت.

(٢) بالأصل : «حرب» والمثبت عن خع ، وفي مختصر ابن منظور : «ولا نتخذ من الطريق ما جرى عليه سهام المسلمين».

(٣) بالأصل : «أبو طالب بن عبد الرحمن بن عقيل بن عقيل» والصواب ما أثبت عن خع والمطبوعة ١ / ٥٦٤.

(٤) عن خع وبالأصل : العيذار.

(٥) عن خع وبالأصل عثمان.

١٧٥

وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلبّة ولا صومعة راهب ، ولا نجدد ما خرب منها ، ولا نجني ما كان منها من خطط المسلمين ، ولا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم ، ولا نؤوي في كنائسنا ولا في منازلنا جاسوسا ، ولا نكتم غشا للمسلمين ، ولا نعلّم أولادنا القرآن ، ولا نظهر شركا ولا ندعو إليه أحدا ، ولا نمنع من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه ، وأن نوقّر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس ، ولا نتشبه بهم في شيء من المسلمين من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ، ولا نتكلم بكلامهم ، ولا نتكنى بكناهم ، ولا نركب السرج ، ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئا من السلاح ، ولا نحمله معنا ، ولا ننقش على خواتيمنا بالعربيّة ، ولا نبيع الخمور وأن نجزّ مقادم رءوسنا ، وأن نلزم زيّنا (١) حيث ما كنا ، وأن نشدّ زنانيرنا على أوساطنا ، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا ، وأن لا نظهر كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلّا ضربا خفيا ، ولا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، ولا نخرج شعانينا ولا باعوثنا (٢) ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين وأسواقهم ، ولا نجاورهم بموتانا ، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، ولا نطّلع عليهم في منازلهم.

فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه : ولا نضرب أحدا من المسلمين. شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل قبلتنا ، وقبلنا عليه الأمان. فإن نحن خالفنا عن شيء مما شرطناه لكم وضمّنّاه على أنفسنا فلا ذمة لنا وقد حلّ لكم منا ما يحل لأهل المعاندة في الشقاق.

أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل ، أنبأ عبد الدائم بن الحسن أنبأ عبد الوهّاب الكلابي ، أنبأ أبو محمد بن زبر ، نا محمد بن هشام بن البختري (٣) أبو جعفر المستملي ، ثنا الربيع بن ثعلب الغنوي (٤) ح.

__________________

(١) عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٧ وبالأصل وخع : ديننا.

(٢) بالأصل : «ماعوننا» والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور. انظر ما تقدم عنهما.

(٣) بالأصل وخع «البحتري» تحريف ، انظر تاريخ بغداد ٣ / ٣٦١.

(٤) بالأصل وخع «العنوي» تحريف ، وهذه النسبة إلى غنيّ بن أعصر (انظر الأنساب).

١٧٦

وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر الجعفي (١) ، أنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو الحسن علي بن محمد بن سحنويه ، نا أبو بكر يعقوب بن يوسف المطّوعي (٢) ، نا الربيع بن ثعلب ، نا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، عن سفيان الثوري والوليد بن نوح ، والسري بن مصرف (٣) يذكرون ، عن طلحة بن مصرف ، عن مسروق ، عن عبد الرّحمن بن غنم قال : كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح أهل الشام ـ وقال للمسلمين أهل الشام :

بسم الله الرّحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا.

إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملّتنا ، وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلّاية ولا صومعة راهب ، ولا نجدد ما خرب منها ، ولا نحيي ما كان منها في خطط المسلمين ، وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها (٤) أحد من المسلمين في ليل ولا نهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، وأن ننزل من مرّ بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ، ولا نؤوي في منازلنا ولا كنائسنا جاسوسا ، ولا نعلم أولادنا القرآن وأن لا نظهر شركاء ولا ندعو إليه أحدا وأن لا نمنع أحدا من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه ، وأن نوقّر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس ، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا نتكلم بكلامهم ، ولا نكنا بكناهم ، ولا نركب السروج ، ولا نتقلد السيوف ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله معنا ، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ، ولا نبيع الخمور ، وأن نجزّ مقادم رءوسنا ، وأن نلزم زيّنا حيث ما كنا وأن نشد الزنانير على أوساطنا ، وأن لا نظهر صلبنا وكتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، وأن لا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلّا ضربا خفيا ، وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، وأن لا

__________________

(١) الأصل وخع وفي المطبوعة : البيهقي.

(٢) هذه النسبة إلى المطوعة وهم جماعة فرغوا أنفسهم للجهاد والغزو ورابطوا في الثغور (الأنساب).

(٣) مرّ قريبا «مطرف» ولعله تصحيف «مصرف».

(٤) بالأصل : «أن لا ينزلها» والمثبت عن خع.

١٧٧

نخرج شعانين ولا باعوثا ، وأن لا نرفع أصواتنا مع موتانا ، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين وأسواقهم ، ولا نجاورهم بموتانا ، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، وأن نرشد المسلمين ولا نطلع ـ زاد المطّوعي : في منازلهم.

فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه : ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملّتنا وقبلنا عليه (١) الأمان. فإن نحن خالفنا عن شيء مما شرطناه لكم وضمناه فلا ذمة لنا وقد حلّ لكم منا ما يحلّ لكم من أهل المعاندة والشقاق.

رواه محمد بن حمير (٢) ، عن عبد الملك (٣) بن حميد.

أخبرنا أبو الحسين الخطيب ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي الرّبعي ، أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حسان بن موسى (٤) ، نا أبو العباس بن الزفتي (٥) ـ وهو عبد الله بن عتّاب ـ نا محمد بن محمد بن مصعب المعروف بوحشي ، نا عبد الوهّاب بن نجدة الحوطي ، نا محمد بن حمير ، عن عبد الملك بن حميد بن أبي غنيّة (٦) ، عن السري بن مصرف ، وسفيان الثوري ، والوليد بن روح ، عن طلحة بن مصرف ، عن مسروق بن الأجدع ، عن عبد الرّحمن بن غنم الأشعري قال : كتبت لعمر بن الخطاب حين صالحوا نصارى الشام :

بسم الله الرّحمن الرحيم.

هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى بلد كذا وكذا.

إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وموالينا وأهل ملتنا وشرطنا على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلّاية ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب منها ، ولا نجيء ما كان من خطط المسلمين ، ولا نمنع كنائسنا

__________________

(١) بالأصل : «وقبلتنا غلبة الأمان» والمثبت عن خع.

(٢) بالأصل وخع : «حميد» والصواب ما أثبت وسيأتي.

(٣) عن خع وبالأصل «عبد الرحمن».

(٤) كذا بالأصل ، وفي خع العباس بن محمد بن حسان بن موسى بن حسان.

(٥) بالأصل وخع «الرقي» وقد مرّ تكرارا.

(٦) بالأصل وخع «عتبة» تحريف ، والصواب المثبت والضبط عن التبصير ٣ / ٩٢٧.

١٧٨

من أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل أو نهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، وأن ننزل من مرّ بنا ثلاثة أيام من المسلمين نطعمهم ، وأن نرشدهم ، ولا نؤوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ، ولا نعلم أولادنا القرآن ، وأن لا نظهر شركا ، ولا ندعو إليه أحدا وأن لا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام ، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا نتكلم بكلامهم ، ولا نكتني بكناهم ، ولا نركب السّروج ، ولا نتقلد السيوف ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله معنا ، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ، ولا نبيع الخمور وأن نجزّ مقادم رءوسنا ، وأن نلزم زيّنا حيث ما كنا ، وأن نشدّ الزنانير على أوساطنا ، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا ، وأن لا نظهر صلبنا وكتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، وأن لا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلّا ضربا خفيا ، وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، وأن لا نخرج شعانين ولا باعوثا وأن لا نرفع أصواتنا مع موتانا ، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين وأسواقهم ، ولا نجاورهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، ولا نطلع عليهم في منازلهم.

قال عبد الرّحمن فلما أتيت عمر بن الخطاب بهذا الكتاب زاد فيه : ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا ذلك لكم على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا الأمان فإن نحن خالفنا عن شيء مما شرطنا لكم وضمنا على أنفسنا فلا ذمة لنا وقد حلّ لكم ما حلّ لأهل المعاندة والشقاق.

أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل ، أنبأ عبد الدائم القطان ، أنا عبد الوهاب الكلابي ، قال : قال أبو محمد بن زبر : ورأيت هذا الحديث في كتاب رجل من أصحابنا بدمشق وذكر أنه سمعه من محمد بن ميمون بن معاوية الصوفي بطبرية بإسناد ليس بمشهور ينتهي إلى إسماعيل بن مجالد بن سعيد ، حدثني سفيان الثوري ، عن طلحة بن مصرف ، عن مسروق. عن عبد الرحمن (١) بن غنم فذكره بطوله وقال فيه عند ذكر الكنائس : ولا نأتي منها ما كان في خطط المسلمين. وزاد فيه : ولا نتشبه بهم في شيء في لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا سراويل ذات خدمة (٢) ولا نعلين ذات عذبة (٣) ، ولا

__________________

(١) بالأصل : «عبد الرحيم» تحريف.

(٢) عن خع وبالأصل «حذمة» والخدمة بالتحريك سير غليظ محكم مثل الحلقة.

(٣) بالأصل عرنة ، والصواب ما أثبت ، والعذبة : هي طرف شراك النعل المرسلة (اللسان).

١٧٩

نمشي إلّا بزنار من جلد ، ولا يوجد في بيت أحدنا سلاح إلّا انتهب ، وما رأيت هذه الزيادة فيما وقع إلينا من عهود عمر بن الخطاب ووجدتها مروية عن عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن البصري ، أنبأ أبو الحسن محمد بن علي السيرافي ، أنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا أبو عمرو خليفة بن خياط المعروف بشباب قال : حدثني عبد الله بن المغيرة ، عن أبيه قال : صالحهم أبو عبيدة على أنصاف كنائسهم ومنازلهم وعلى رءوسهم وأن لا يمنعوا من أعيادهم ، ولا يهدمون شيئا من كنائسهم. صالح على ذلك أهل المدينة وأخذ سائر الأرض عنوة (١).

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها وابنه (٢) أبو الحسن علي ، قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر ، أنبأ أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا ابن عائذ ، نا الوليد بن مسلم ، عن أبي عمرو ، عن عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي أنه كان في كتاب صلحهم : هذا كتاب من خالد بن الوليد : إني أمّنتكم على دمائكم وذراريكم وأموالكم وكنائسكم أن تهدم أو تسكن. شهد على ذلك أبو عبيدة بن الجرّاح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة.

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، عن أبي محمد عبد العزيز الكتاني ، أنبأ أبو نصر بن الجندي وعبد الرّحمن بن الحسن بن أبي العقب ، قالا : أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك ، نا ابن عائذ قال : قال الوليد : وأخبرني ابن جابر وغيرهم أنهم صالحوهم على من فيها من جماعة أهلها على جزية دنانير مسماة ، لا نزيد عليهم إن كثروا ولا ينقص منهم إن قلّوا وأن للمسلمين فضول الدور والمساكن عنهم وأسواقها. هذا ونحوه.

أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني ، وعبد الكريم بن حمزة السّلمي قالا : نا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأ أبو القاسم تمام الرازي ، وعبد الوهاب الميداني

__________________

(١) تاريخ خليفة ص ١٣٠ حوادث سنة خمس عشرة باختلاف.

(٢) بالأصل : «استلها وأبيه» تحريف والصواب عن خع والمطبوعة ١ / ٥٦٩.

١٨٠