.................................................................................................

______________________________________________________

إذا كان رشدا فلم حكمت بأنّه تقيّة مخالف (*) لمذهب الشيعة؟

والثاني : أنّه غير خفيّ على من له أدنى اطّلاع وتأمّل أنّ العامّة بأدنى شيء كانوا يتّهمون الشيعة بالرفض ، وأذيّتهم للشيعة إنّما كانت بالتهمة غالبا ، وكان الأئمّة عليهم‌السلام يبالغون في احترازهم عن أسباب التهمة ، وهذه كانت طريقتهم المستمرّة في الأعصار والأمصار ، فكيف يكون الحال إذا رأوهم يفعلون فعلا لا يوافق مذهبا من مذاهبهم ، ولا يقول به أحد منهم. بل غير خفيّ أنّ العامّة ما كانوا مطّلعين على مذهب الشيعة في ذلك الزمان من الخارج إلّا نادرا ، فكانوا كلّما يرون مخالفا لمذهبهم يعتقدون أنّه مذهب الشيعة ويبادرون بالأذيّة ، وما كانوا يصبرون إلى أن يروا ما يخالف ذلك منه أو من غيره من الشيعة ، مع أنّ روايته من الغير غير نافع. فتكثير المذهب بين الشيعة ـ سيّما مع عدم موافقته لمذهب أحد منهم ـ مخالف للحكمة ، وموجب لزيادة الإيذاء منهم لهم كما هو واضح.

والثالث : أنّ الحقّ عندنا واحد والباقي باطل ، فما ذا بعد الحقّ إلّا الضلال ، فأيّ داع إلى مخالفة الواقع وارتكاب الحرام الذي هو أعظم لأجل التقيّة التي هي أخفّ وأسهل على المعنى الذي اعتبره؟

والرابع : أنّ التقيّة اعتبرت لأجل ترجيح الخبر الذي هو الحقّ على الذي ليس بحقّ ورشد ، على ما يظهر من الأخبار وما عليه الفقهاء في الأعصار والأمصار ، وهذا الفاضل المتوهّم أيضا اعتبر ما ادّعاه من التقيّة التي توهّمها لأجل الترجيح ، وبنى عليه المسألة الفقهيّة ، فإذا لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامّة فبأيّ نحو يعرف أنّ هذا الخبر وارد على التقيّة دون ذلك ، حتّى يعتبر في مقام الترجيح ويقال : إنّ معارضه حقّ ومذهب للشيعة؟» انتهى.

__________________

(*) في الطبعة الحجريّة هكذا : فخالفت ، ربّما تقرأ أيضا : مخالفة ، ولعلّ الشكّ من الكاتب فكتبها بالتاء الطويلة مع النقطتين ، ولم يتيسّر لنا مراجعة الفوائد الجديدة لتطبيقها عليها.