.................................................................................................

______________________________________________________

في اعتبار قاعدة القرعة ، وقد نطق بها الكتاب ، وتواترت بها الأخبار. قال الله تبارك وتعالى في قصّة يونس على نبيّنا وعليه‌السلام : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) المراد بالمساهمة المقارعة ، وبكونه من المدحضين صيرورته معلوما بالقرعة ممتازا عن غيره ، والإدحاض : الإزالة والإبطال ، والمعنى : صار من المقروعين المعلومين المقهورين ، كما في المجمع. وصورة الواقعة كما في الخبر : أنّه عليه‌السلام لمّا وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمر الله به ، فركب في السفينة فوقفت السفينة ، فقالوا : هنا عبد أبق عن مولاه فأقرعوا ، فخرجت القرعة على يونس عليه‌السلام ، فرمى بنفسه في الماء فالتقمه الحوت.

وأمّا الأخبار فكثيرة مذكورة في محلّها. وموردها أعمّ من المشتبه في الواقع والظاهر ، ـ بمعنى كون المشتبهين متساويين في الاندراج تحت عموم الأدلّة الواقعيّة ـ كتزاحم الإمامين أو المترافعين عند الحاكم أو المتدرّسين عند المدرّس ، وغيرها ممّا أجمع الأصحاب على الرجوع فيها إلى القرعة ، مع كونه غير معيّن في الواقع والظاهر ، ومن المشتبه في الظاهر المعيّن في الواقع ، كما في اختلاط الموتى في الجهاد ، وتلف درهم من الودعيّين ، والعبد المعتق بين الاثنين أو أكثر ، إلى غير ذلك.

ولا إشكال في اعتبارها في المقامين ، لأنّه كما ورد أنّ القرعة لكلّ أمر مشتبه أو لكلّ أمر مجهول الظاهر فيما كان مشتبها في الظاهر فقط ، كذلك قد ورد أنّها لكلّ أمر مشكل الظاهر فيما لم يكن معيّنا لا في الظاهر ولا في الواقع ، فهي كما تصلح لتمييز المشتبه في الظاهر خاصّة ، كذلك تصلح لترجيح ما لم يكن معيّنا في الواقع أيضا.

فما صدر عن الشهيد الثاني في موارد من اختصاصها بالمشتبه في الظاهر خاصّة ، استنادا إلى أنّها لكلّ أمر مشتبه ، ليس كما ينبغي. مضافا إلى ما ورد في خصوص المشتبه في الواقع ، مثل صحيحة الحلبي : «فمن قال : أوّل مملوك أملكه فهو حرّ ، فورث سبعة جميعا ، قال : يقرع بينهم وعتق الذي خرج سهمه». وإلى أنّ