أنّه إذا عملنا بدليل حجّية الأمارة فيهما وقلنا بأنّ الخبرين معتبران سندا ، فيصيران كمقطوعي الصدور ، ولا إشكال ولا خلاف في أنّه إذا وقع التعارض بين ظاهري مقطوعي الصدور ـ كآيتين أو متواترين ـ وجب تأويلهما والعمل بخلاف ظاهرهما ، فيكون القطع بصدورهما عن المعصوم عليه‌السلام قرينة صارفة لتأويل كلّ من الظاهرين.

وتوضيح الفرق وفساد القياس : أنّ وجوب التعبّد بالظواهر لا يزاحم القطع بالصدور ، بل القطع بالصدور قرينة على إرادة خلاف الظاهر ، وفيما نحن فيه يكون وجوب التعبّد بالظاهر مزاحما لوجوب التعبّد بالسند. وبعبارة اخرى ، العمل بمقتضى أدلّة اعتبار السند والظاهر ـ بمعنى الحكم بصدورهما وإرادة ظاهرهما ـ غير ممكن ، والممكن من هذه الامور الأربعة اثنان لا غير : إمّا الأخذ بالسندين ، وإمّا الأخذ بظاهر وسند من أحدهما ، فالسند الواحد منهما متيقّن الأخذ به.

وطرح أحد الظاهرين ـ وهو ظاهر الآخر الغير المتيقّن الأخذ بسنده ـ ليس مخالفا للأصل ؛ لأنّ المخالف للأصل ارتكاب التأويل في الكلام بعد الفراغ عن التعبّد بصدوره ، فيدور الأمر بين مخالفة أحد أصلين : إمّا مخالفة دليل التعبّد بالصدور في غير المتيقّن التعبّد ، وإمّا مخالفة الظاهر في متيقّن التعبّد ، وأحدهما ليس حاكما على الآخر ؛ لأنّ الشكّ فيهما مسبّب عن ثالث ، فيتعارضان.

ومنه يظهر فساد قياس ذلك بالنصّ الظنّيّ السند مع الظاهر ، حيث يجب (*) (٢٧٨٥) الجمع بينهما بطرح ظهور الظاهر ، لا سند النصّ. توضيحه : أنّ سند الظاهر لا يزاحم

______________________________________________________

بحسب حكم الشرع ، فيكون حاكما على أصالة البراءة. هذا بخلاف ما نحن فيه ، لأنّ الشكّ في اعتبار ظاهر متيقّن الأخذ بسنده من المتعارضين ليس مسبّبا عن اعتبار سند مقابله ، بل عن العلم الإجمالي بعدم اعتبار أحدهما ، وهو واضح.

٢٧٨٥. سواء كان سند الظاهر قطعيّا أم ظنّيا ، كعمومات الكتاب وأخبار الآحاد مع النصّ الخبري. ويظهر توضيح ما يتعلّق بالمقام من الحاشية السابقة.

__________________

(*) فى بعض النسخ : بدل «يجب» ، «يوجب».