المفروض الفرديّة عن العموم ، وجب الحكم بعدم فرديّته ، ولم يجز رفع اليد عن العموم ، لأنّ رفع اليد حينئذ عنه يتوقّف على شمول العام لذلك الشيء المفروض توقّف فرديّته على رفع اليد عن العموم ، وهو دور محال.

وإن شئت قلت : إنّ حكم العام من قبيل لازم الوجود للشكّ السببي ، كما هو شأن الحكم الشرعي وموضوعه ، فلا يوجد في الخارج إلّا محكوما ، والمفروض أنّ الشكّ المسببي أيضا من لوازم وجود ذلك الشكّ ، فيكون حكم العام وهذا الشكّ (٢٧٤٤) لازمان لملزوم ثالث (٢٧٤٥) في مرتبة واحدة ، فلا يجوز أن يكون (٢٧٤٦) أحدهما موضوعا للآخر ؛ لتقدّم الموضوع طبعا ، فالأولى أن يقال : إنّ ثبوت الحكم لكلّ يقين سابق ينحلّ الى رفع اليد عن اليقين السابق بما يضادّ لوازمه ، لأنّ الشيء إذا توقّف منعه على عدم ثبوت المقتضى للمقتضي ـ بالكسر ـ لم يصلح أن يكون مانعا له للزوم الدور.

الثالث : أنّه لو لم يبن على تقديم الاستصحاب في الشكّ السببي كان الاستصحاب قليل الفائدة (٢٧٤٧) جدّا ، لأنّ المقصود من الاستصحاب غالبا ترتيب الآثار الثابتة للمستصحب ، وتلك الآثار إن كانت موجودة سابقا أغنى استصحابها عن استصحاب ملزومها ، فتنحصر الفائدة في الآثار التي كانت معدومة ، فإذا فرض معارضة الاستصحاب

______________________________________________________

من جملة أفراده بإخراج الشكّ السببي منه ، لأنّه بعد فرض كون هذا من جملة مصاديق العامّ وأفراده لا يجوز صرف اليد عن شموله له إلّا بعد إدخال الأوّل في موضوع الحكم ، والفرض أنّ دخوله فيه فرع خروج الثاني من حكمه ، وهو دور ظاهر.

٢٧٤٤. يعني : المسبّب.

٢٧٤٥. هو الشكّ السببي.

٢٧٤٦. لأنّ ملزوما واحدا إذا ترتّب عليه لا زمان ، فلو كان أحد اللازمين مع ذلك موضوعا للآخر لزم تقدّم الشيء على نفسه ، لأنّ فرض لزومها لملزوم ثالث تساويهما في مرتبة الوجود ، وقضيّة كون أحدهما موضوعا للآخر تقدّمه عليه ولو طبعا.

٢٧٤٧. لأنّ أغلب موارد الاستصحاب من قبيل الموضوعات التي يراد باستصحابها ترتيب لوازمها عليها ، لقلّة مورده في الأحكام.