ثمّ إنّ التعارض على ما عرفت (٢٧٧٩)

______________________________________________________

٢٧٧٩. هذا إشارة إلى أحد الأمرين اللذين أشرنا سابقا إلى خروجهما من الحدّ. وتوضيح المقام أنّه قال في الضوابط : «والمراد بالدليلين في هذا المبحث أعمّ من الأمارتين ، فيشمل الدليل والأمارة». وقال في المنية المراد بالدليل هنا ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر ، بحيث يندرج فيه الأمارات». ويشكل ذلك بما صرّح به المصنّف رحمه‌الله من عدم إمكان وقوع التعارض بين القطعيّات ، فلا جدوى لتعميم الدليل من القطعيّ الذي اصطلحوا عليه الدليل ، كما يظهر من الكلام المحكيّ عن المنية ، ومن الظني الذي اصطلحوا عليه الأمارة ، كما يظهر من العضدي وغيره من أرباب الظنّ ، بل هو غير صحيح ، فالأولى تخصيصه بالأمارات الظنيّة. ثمّ إنّه لا إشكال فيما أشار إليه من خروج تعارض القطعيّين والظنّيين ـ بالظنّ الشخصي والقطعي ـ مع الظنّي مطلقا ـ نوعيّا كان أو شخصيّا ـ من محلّ الكلام.

وتوضيح المقام : أنّ اعتبار الدليل لا يخلو : إمّا أن يكون باعتبار إفادته القطع ، أو الظنّ شخصا ، أو نوعا مطلقا ، أو مقيّدا بعدم الظنّ بخلافه. ووجه الحصر في الأربعة أنّه ليس في الأدلّة ما نجزم باعتباره من باب التعبّد ، لأنّ الاصول العمليّة وإن كان قد يعبّر عنها بالأدلّة التعبّدية ، إلّا أنّه يحتمل فيها أيضا كون اعتبارها لأجل احتمال مطابقة مؤدّاها للواقع ، لا من باب التعبّد المحض ورفع اليد عن الواقع بالمرّة ، كما قرّرناه في أوائل الكتاب فيما علّقناه على حجّية القطع. وبضرب الأربعة في الأربعة ترتقي صورة التعارض إلى ستّ عشرة صورة : تعارض القطعي على مثله ، ومع الثلاثة الباقية ، وتعارض الظنّي شخصا مع مثله ، ومع الثلاثة الباقية ، وتعارض الظنّي نوعا مطلقا كذلك ، ومقيّدا كذلك. والمتكرّرة منها ستّ ، وهي تعارض الظنّي شخصا مع القطعي من المرتبة الثانية ، وتعارض الظنّي نوعا مطلقا مع الظنّي شخصا من المرتبة الثالثة ، وتعارض الظنّي نوعا مقيّدا مع الظنّي نوعا مطلقا ، ومع الظنّي شخصا ، ومع القطعي من المرتبة الرابعة. فتبقى