وكذا الكلام في الظاهر والأظهر ؛ فإنّ دليل حجّية الأظهر يجعله قرينة صارفة عن إرادة الظاهر ، ولا يمكن طرحه لأجل أصالة الظهور ، ولا طرح ظهوره لظهور الظاهر ، فتعيّن العمل به وتأويل الظاهر به. وقد تقدّم في إبطال الجمع بين الدليلين ما يوضح ذلك. نعم ، يبقى الإشكال في الظاهرين اللذين يمكن التصرّف في كلّ واحد منهما بما يرفع منافاته لظاهر الآخر ، فيدور الأمر بين الترجيح من حيث (٢٨٨٦) السند وطرح المرجوح ، وبين الحكم بصدورهما وإرادة خلاف الظاهر في أحدهما.

فعلى ما ذكرنا ـ من أنّ دليل حجّية المعارض لا يجوز طرحه لأجل أصالة الظهور في صاحبه ، بل الأمر بالعكس ؛ لأنّ الأصل لا يزاحم الدليل ـ يجب الحكم في المقام بالإجمال ؛ لتكافؤ أصالتي الحقيقة في كلّ منهما مع العلم إجمالا بإرادة خلاف الظاهر من أحدهما ، فيتساقط الظهوران من الطرفين ، فيصيران مجملين بالنسبة إلى مورد

______________________________________________________

راجحا أو مأخوذا ومختارا على تقدير عدم رجحانه ، لأنّ الكلام في جواز تقديم الظاهر على النصّ دون العكس ، يدور الأمر حينئذ بين ظهور الظاهر وسند النصّ ، وحيث كان النصّ على تقدير القطع بسنده واردا على ظهور الظاهر ، فعلى التقدير ظنّيته كان دليل اعتباره حاكما عليه.

وإن كانا من قبيل الظاهر والأظهر ، كالعامّ والخاصّ المطلقين مع عدم نصوصيّة الخاصّ ، فهما كسابقهما ، إلّا أنّه مع دوران الأمر هنا بين الظاهر وسند الأظهر لا يكون دليل اعتبار سند الأظهر حاكما على أصالة الحقيقة في الظاهر ، بل كان تقديمه عليه من باب تقديم أقوى الدليلين على الآخر ، كما سيصرّح به المصنّف رحمه‌الله ، لكون الأظهر من حيث قوّة دلالته أقوى من صاحبه.

وإن كانا من قبيل العامّين من وجه ، فحيث كان دليل اعتبار كلّ منهما صالحا للحكومة على ظهور الآخر يتعارضان ، وحينئذ إمّا يتساقطان ويرجع إلى مقتضى الاصول ، أو يلتمس الترجيح بالمرجّحات السنديّة على الوجهين في المسألة ، على ما أوضحه المصنّف قدس‌سره.

٢٨٨٦. يعني : في مورد التعارض خاصّة.