الحرام الواقعي فيهما ـ هو وجوب الاجتناب ؛ لأنّه اللازم من باب المقدّمة من التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي ، أمّا سائر الآثار الشرعيّة المترتّبة على ذلك الحرام فلا تترتّب عليهما ؛ لعدم جريان باب المقدّمة فيها ، فيرجع فيها إلى الاصول الجارية في كلّ من المشتبهين بالخصوص ، فارتكاب أحد المشتبهين لا يوجب حدّ الخمر على المرتكب بل يجري أصالة عدم موجب الحدّ ووجوبه.

وهل يحكم بتنجّس ملاقيه؟ وجهان بل قولان مبنيّان على أنّ تنجّس الملاقي (١٥٢٧) إنّما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس ؛ بناء على أنّ الاجتناب عن

______________________________________________________

ما تقدّم من عدم جريان المقدّمة العلميّة في الآثار الوضعيّة وإن كان متّجها ، إلّا أنّه يمكن أن يقال بكون أصالة عدم حدوث سبب الحدّ بشرب أحد الإنائين معارضة بأصالة عدم كون الآخر أيضا سببا له على تقدير شربه. وإن شئت قلت : إنّه كما يصحّ أن يقال قبل شرب أحدهما : إنّ الأصل أن لا يكون شرب هذا الإناء بالخصوص سببا للحدّ ، كذلك يمكن أن يقال : إنّ الأصل أن لا يكون شرب ذاك أيضا كذلك ، ولا ريب أنّ مجرّد ارتكاب أحدهما لا يوجب جريان الأصل فيه دون الآخر ، وبعد تعارض الأصلين وإن لم يبق مقتض لوجوب إقامة الحدّ على شارب أحدهما ، إلّا أنّه لا يبقى دليل أيضا على نفيه عنه ، فلا بدّ من التوقّف فيه ، لا نفيه عنه كما هو المدّعى. وبنحو ذلك أيضا يقال في ما اشتبه المال المغصوب بالحلال بالنسبة إلى ثوب (*) الضمان بارتكاب أحدهما ، وهكذا في ما يضاهيه من الموارد.

١٥٢٧. هذا دليل قول العلّامة ، ومرجعه إلى دعوى الملازمة بين وجوب الاجتناب عن شيء ووجوب الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط. واستند فيه المصنّف رحمه‌الله تارة إلى فهم العرف من خطاب وجوب الاجتناب مؤيّدا بفهم بعض العلماء ، واخرى إلى الرواية. ويظهر ضعفهما ممّا قرّره في المتن.

وربّما يستدلّ على هذا القول أيضا بوجوه أخر :

__________________

(*) كذا في الطبعة الحجريّة. وهو تصحيف : ترتّب.