ولا يبعد التزام ترتّب الثواب عليه (١٢٥٤) من حيث إنّه انقياد وإطاعة حكميّة ، فيكون حينئذ حال الاحتياط والأمر به حال نفس الإطاعة الحقيقيّة والأمر بها في كون الأمر لا يزيد فيه على ما ثبت فيه من المدح أو الثواب لو لا الأمر.

هذا ، ولكنّ الظاهر من بعض الأخبار المتقدّمة مثل قوله عليه‌السلام : «من ارتكب الشبهات نازعته نفسه إلى أن يقع في المحرّمات» ، وقوله : «من ترك الشبهات كان لما استبان له من الإثم أترك» ، وقوله : «من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه» : هو كون الأمر به للاستحباب ، وحكمته أن لا يهون عليه (١٢٥٥) ارتكاب المحرّمات المعلومة ولازم ذلك استحقاق الثواب على إطاعة أوامر الاحتياط مضافا إلى الخاصيّة المترتّبة على نفسه.

______________________________________________________

١٢٥٤. أي : على نفس الاحتياط والاجتناب مع قطع النظر عمّا ورد في الأخبار من الأمر به. وسيجيء في حواشي التنبيه الآتي ما يشكل في ذلك وما يدفعه.

١٢٥٥. توضيحه : أنّ رجحان الاحتياط تارة يكون لأجل إحراز الواقع ومصلحته به ، فيكون حينئذ مقدّمة علميّة للمجهولات الواقعيّة ، ولا ريب في كون الأمر بمثله للإرشاد ، كما أوضحه المصنّف رحمه‌الله. واخرى يكون لأجل حصول التحرّز به عن المحرّمات المعلومة ، لأنّه مع ارتكاب الشبهات يكون المكلّف قريبا من المحرّمات المعلومة ومشرفا عليها ، ويهون عليه ارتكابها ، لضعف سلطان العقل حينئذ ، وقوّة جنود الجهل ، فربّما تغلب عليه فلا يتمالك من نفسه ، فيقع فيها مقهورا ومغلولا للنفس ، فتحصيل ترك الشبهات حينئذ حسن ذاتيّ ومطلوبيّة نفسيّة وإن لم يبلغ مرتبة اللزوم ، فيكون تركها مستحبّا ، ويستحقّ التارك الممتثل للأمر المتعلّق به للثواب والجزاء. ومن هنا قد حمل المصنّف رحمه‌الله الأخبار الظاهرة الانطباق للأوّل على الإرشاد ، والأخبار الظاهرة الانطباق للثاني على الاستحباب.