.................................................................................................

______________________________________________________

لذا قد حكم المصنّف رحمه‌الله بعدم كون ما يترتّب على الاحتياط ثوابا ، بل هو نوع تفضّل من الله سبحانه لأجل جعل نفسه في عدد المطيعين ، لأنّ الثواب هو الجزاء على فعل المأمور به ، ولا علم بالأمر هنا بالفرض. وتوضيحه : أنّ الثواب ـ كما عرّفه القوشچي ـ هو النفع المستحقّ المقارن للتعظيم والإجلال. وقيد الاستحقاق احتراز عن التفضّل ، والمقارنة احتراز عن الاجرة. واشترطوا في موجبه المشقّة ، نظرا إلى عدم اقتضاء ما ليست فيه مشقّة لذلك. وصرّحوا بعدم صحّة الابتداء به ، وعلّله المحقّق الطوسي بأنّه لو أمكن الابتداء به كان التكليف عبثا.

ولعلّ الوجه في إخراج المصنّف رحمه‌الله ما يترتّب على الاحتياط من الحدّ هو عدم ثبوت الاستحقاق بذلك. والوجه فيه أيضا يظهر ممّا حقّقناه في مبحث المقدّمة في وجه عدم ترتّب الثواب على الواجبات الغيريّة ، لكون الاحتياط أيضا من المقدّمات العلميّة ، كيف ولو كان ذلك سببا للثواب كان الإتيان بمقدّمات الحرام أيضا سببا للعقاب ، فتلزم حرمة الأفعال المباحة غالبا ، لكونها من مقدّمات الحرام. وقد أشرنا سابقا إلى بعض الكلام في ذلك ، وإلى اختصاص حرمة المقدّمة بصورة قصد التوصّل بها إلى الحرام وبالعلّة التامة له.

وبالجملة ، إنّ الظاهر اختصاص موجب الثواب بإطاعة الأوامر ، فما يترتّب على الاحتياط على تقدير عدم إصابة الواقع لا بدّ أن يكون من باب التفضّل دون الثواب. ومن ذلك كلّه قد قوّى المصنّف رحمه‌الله عدم صحّة الفعل لو كان عبادة على تقدير وجوبه في الواقع. وحاصله : عدم الإمكان الاحتياط في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب ، لأنّ الاحتياط لغة هو الأخذ بالأوثق ، واصطلاحا كلّ فعل أو ترك يحرز به الواقع ، والفعل إنّما يكون عبادة إذا اشتمل على قصد القربة شرطا أو شطرا ، المتوقّف على العلم بالأمر به إجمالا أو تفصيلا ، فالاحتياط بالعبادة فرع إحراز كونها عبادة ، وهو فرع العلم بالأمر المفروض عدمه في المقام. ومن هنا قد صرّح المدقّق الشرواني بكون الاحتياط فيها تشريعا محرّما ،