.................................................................................................

______________________________________________________

هو قبيح على الشارع ، لمنافاته لجعل الأحكام على مذهب الإماميّة من كونها ناشئة من المصالح والمفاسد الواقعيّة ، وكون الغرض من جعلها تحصيل هذه المصالح والاحتراز عن هذه المفاسد. واحتمال كون اعتبارها لأجل إيصالها إلى الواقع دائما بعيد في الغاية. وحينئذ فمع تعارض الخبرين لا بدّ من أن يكون كلّ منهما حجّة شرعيّة مأمورا بالعمل به ، مع قطع النظر عن غلبة إيصالهما إلى الواقع ، لما عرفت من تضمّن كلّ منهما المصلحة المطلوبة ، إلّا أنّ تعارضهما لمّا كان مانعا من العمل بهما معا فالعقل يستقلّ بالعمل بكلّ منهما تخييرا ، لوجود المصلحة في كلّ منهما.

نعم ، مقتضى القاعدة على الثاني هو التساقط ، لعدم كون الطريق المزاحم بالمثل طريقا إلى الواقع ، فيسقطان عن مرتبة الاعتبار ، لزوال مناط اعتبارهما ، فلا بدّ أن يكون القول بالتخيير حينئذ من باب التعبّد بالأخبار الواردة فيه ، بخلافه على الأوّل ، لكون هذه الأخبار حينئذ مؤكّدة لحكم العقل ومؤيّدة له.

هذا بخلاف تعارض الاصول ، إذ لا مصلحة فيها سوى عذر المكلّف على تقدير مخالفتها الواقع ، فلا يتأتّى فيها ما قدّمناه من الحكم بالتخيير لأجل تعارض المصلحتين ، بل قد عرفت أنّ تعارضهما من قبيل تعارض الحقّ والباطل ، وأنّ العقل في مثله يحكم بالاحتياط دون التخيير. ولا فرق في ذلك بين الاصول العمليّة واللفظيّة. أمّا الاولى فلما عرفت. وأمّا الثانية فإنّ اعتبار الظواهر إنّما هو من باب الظهور العرفي ، ولا يبقى لها مع التعارض ظهور ، فيخرج كلّ من المتعارضين منها من مرتبة الحجيّة ، لزوال مناط اعتبارهما. وحينئذ إذا فرض تعارض ظاهرين بالتباين الكلّي خرج كلّ منهما من الحجّية. وإذا تعارضا بالعموم من وجه ، فلا بدّ من الحكم بالإجمال في مادّة التعارض ، والرجوع فيها إلى الأصل إن كان أحدهما موافقا له ، وإلّا يحكم بالتخيير من باب الاضطرار في تعارض الاحتمالين. ولا تشمله أيضا أخبار التخيير ، لاختصاصها بالمتعارضين بحسب السند دون الدلالة.

والانصاف أنّ المقام بعد لا يصفو عن شوب إشكال ، إذ ما قدّمناه من شمول