بالتابعة أي ما يتبع الإنسان مما يهمه ويعينه.
الرابع : المشهور بين الأصحاب أنه لو وقف على الفقراء فصار فقيرا أو على الفقهاء فصار فقيها فإنه يصح له الأخذ منه ، ومشاركة المذكورين ، وخالف في ذلك ابن إدريس ، فمنع من ذلك لخروجه عنه ، فلا يعود اليه.
وفصل العلامة في المختلف تفصيلا حسنا ، فقال : والوجه عندي أن الوقف ان انتقل الى الله تعالى كالمساجد ، فإنه للواقف الانتفاع به ، كغيره من الصلاة فيه ، وغيرها من منافع المسجد ، وان انتقل الى الخلق لم يدخل ، سواء كان مندرجا فيهم وقت الوقف ، كما لو وقف على المسلمين أو على الفقهاء وهو منهم ، أو لم يكن ، كما لو لم يكن فقيها وقت الوقف ثم صار منهم ، لنا أنه مع الانتقال الى الله تعالى يكون كغيره ، لتساوي النسبة مع جميع الخلق ، فلا معنى لإخراجه عنه مع ثبوت المقتضى وهو الإباحة السالمة عن معارضة وقفه على نفسه ، ومع الانتقال إلى من يندرج فيهم ، أو دخل لمكان دخوله تحت اللفظ العام ، فيكون قد وقف على نفسه وغيره ، فيبطل في حق نفسه ، فان العام يتساوى نسبة أفراده اليه ، انتهى.
أقول : ومما يؤيد أن الوقف في هذه الصورة انما ينتقل الى الله عزوجل دون الموقوف عليه ، أن الوقف على هذه الكيفية ليس وقفا على الأشخاص المتصفين بهذا الوصف ، فليس وقفا على نفسه ، ولا على جماعة هو منهم ، وانما هو وقف على جهة مخصوصة ، وهي جهة الفقر والمسكنة مثلا ، وقصد نفع الموصوف بهذه الصفة لا أشخاص بعينهم ، ولهذا انه لا يشترط قبولهم ولا قبول بعضهم وإن كان ممكنا لأنه لم ينتفل إليهم ، ولا يجب صرف النماء على جميعهم ، بل يجوز أن يخص به بعضهم ولو واحد منهم ، ولو كان وقفا عليهم لوجب إيصاله إلى كل فرد فرد منهم ، مثل ما لو وقف على أولاده ونحوهم.
والى هذا التفصيل مال في المسالك أيضا احتج القائلون بالعموم بأنه وقف