يدير فيه كؤوس الرّاح ذو حور |
| يدير من لحظه ألحاط سحّار(١) |
ولا مزيد في التفجع على الديار ، والتوجع للدمن والآثار ، على قول البحتري من قصيدة يرثي بها المتوكل : [الطويل]
محلّ على القاطول أخلق داثره |
| وعادت صروف الدّهر جيشا تغاوره(٢) |
كأنّ الصّبا توفي نذورا إذا انبرت |
| تراوحه أذيالها وتباكره |
وربّ زمان ناعم ثمّ عهده |
| ترقّ حواشيه ويونق ناضره |
تغيّر حسن الجعفريّ وأنسه |
| وقوّض بادي الجعفريّ وحاضره(٣) |
تحمّل عنه ساكنوه فجاءة |
| فعادت سواء دوره ومقابره |
إذا نحن زرناه أجدّ لنا الأسى |
| وقد كان قبل اليوم يبهج زائره |
ولم أنس وحش القصر إذ ريع سربه |
| وإذ ذعرت أطلاؤه وجآذره |
ولم أنس وحش القصر إذ ريع سربه |
| وإذ ذعرت أطلاؤه وجآذره(٤) |
وإذ صيح فيه بالرّحيل فهتّكت |
| على عجل أستاره وستائره |
وأوحشه حتّى كأن لم يكن به |
| أنيس ولم تحسن لعين مناظره |
كأن لم تبت فيه الخلافة طلقة |
| بشاشتها والملك يشرق زاهره |
ولم تجمع الدّنيا إليه بهاءها |
| وبهجتها والعيش غضّ مكاسره |
فأين الحجاب الصّعب حيث تمنّعت |
| بهيبتها أبوابه ومقاصره |
وأين عميد النّاس في كلّ نوبة |
| تنوب وناهي الدّهر فيهم وآمره |
وعلى قول أبي إسحاق بن خفاجة الأندلسي : [الوافر]
ومرتبع حططت الرّحل فيه |
| بحيث الظّلّ والماء القراح |
تخرّم حسن منظره مليك |
| تخرّم ملكه القدر المتاح |
فجرية ماء جدوله بكاء |
| عليه ، وشدو طائره نواح |
وهذا النوع من البكاء على الدمن ، والتأسف على ما فعلت بها أيدي الزمن ، كثير جدا ،
__________________
(١) في ب : يدير من طرفه ..
(٢) القاطول : نهر كان في موضع سامراء قبل عمرانها. وتغاوره : تغير عليه.
(٣) الجعفري : قصر المتوكل.
(٤) ريع : أفزع ، والسرب : القطيع من الحيوان. والأطلاء : جمع طلو ، وهو الصغير من الوحش. والجآذر : جمع جؤذر ، وهو ولد البقرة الوحشية.