• الفهرس
  • عدد النتائج:

ثاقب الذهن في تمييز الصواب فيها ، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق ، مع حسن المعاشرة ، ولين الكنف ، وكثرة الاحتمال ، وكرم النفس ، وحسن العهد ، وثبات الود.

وذكره ابن بشكوال في الصلة وقال فيه : هو الإمام (١) الحافظ ، ختام علماء الأندلس ، رحل إلى المشرق مع أبيه مستهلّ ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، ودخل الشام والعراق وبغداد ، وسمع بها من كبار العلماء ، ثم حج في سنة تسع وثمانين ، وعاد إلى بغداد ، ثم صدر منها.

وقال ابن عساكر : خرج من دمشق راجعا إلى مقره سنة ٤٩١ ، ولما غرّب (٢) صنف «عارضة الأحوذي» ولقي بمصر والإسكندرية جملة من العلماء ، ثم عاد إلى الأندلس سنة ثلاث وتسعين ، وقدم إشبيلية بعلم كثير ، وكان موصوفا بالفضل والكمال ، وولي القضاء بإشبيلية ، ثم صرف عنه ، ومولده ليلة يوم الخميس لثمان بقين من شعبان سنة ثمان وستين وأربعمائة ، وتوفي بمغيلة بمقربة (٣) من مدينة فاس ، ودفن بفاس في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ، انتهى كلام ابن سعيد وغيره ملخصا.

وما وفى ابن سعيد حافظ الإسلام أبا بكر بن العربي حقه ، فلنعززه بما حضرنا من التعريف به ، فنقول : إنه لقي ببغداد الشاشي الإمام أبا بكر (٤) والإمام أبا حامد الطوسي الغزالي ، ونقل عنه أنه قال : كل من رحل لم يأت بمثل ما أتيت به من العلم إلا الباجي ، أو كلاما هذا معناه ، وكان من أهل التفنن في العلوم ، متقدما في المعارف كلها ، متكلما على أنواعها ، حريصا على نشرها ، وقام بأمر القضاء أحمد قيام ، مع الصرامة في الحق ، والقوّة والشدة على الظالمين ، والرفق بالمساكين ، وقد روي عنه أنه أمر بثقب أشداق زامر ، ثم صرف عن القضاء ، وأقبل على نشر العلم وبثّه ، وقرأ عليه الحافظ ابن بشكوال بإشبيلية.

وقال ابن الأبّار (٥) : إن الإمام الزاهد العابد أبا عبد الله بن مجاهد الإشبيلي لازم القاضي ابن العربي نحوا من ثلاثة أشهر ، ثم تخلف عنه ، فقيل له في ذلك ، فقال : كان يدرس وبغلته عند الباب ينتظر الركوب إلى السلطان ، انتهى.

__________________

(١) هو : غير موجودة في ب.

(٢) غرّب : صار إلى الغرب.

(٣) في ج : وتوفي بمقيلة بمقبرة من مدينة فاس ، وفي ه : بمقيلة بقرية من مدينة فاس.

(٤) في ج : الشاشي ، والإمام أبا بكر. وفي ه : الشاشي أبا بكر.

(٥) انظر تاريخ قضاة الأندلس ص ١٠٦.