• الفهرس
  • عدد النتائج:

المخصوصة بالسلطنة ، لقرب قلعة الجبل منها ، فأمور السلطنة كلها فيها أيسر ، وأكثر ، وبها الطراز وسائر الأشياء التي يتزين بها الرجال والنساء ، إلا أن في هذا الوقت لما اعتنى السلطان ببناء قلعة الجزيرة التي أمام الفسطاط وصيرها سرير السلطنة عظمت عمارة الفسطاط ، وانتقل إليها كثير من الأمراء ، وضخمت أسواقها ، وبنى فيها السلطان أمام الجسر الذي للجزيرة قيسارية عظيمة ، فنقل إليها من القاهرة سوق الأجناد التي يباع فيها الفراء والجوخ وما أشبه ذلك.

إلى أن قال : وهي الآن عظيمة آهلة ، يجبى إليها من الشرق والغرب والجنوب والشمال ما لا يحيط بجملته وتفسيره إلا خالق الكل جلّ وعلا ، وهي مستحسنة للفقير الذي لا يخاف طلب زكاة ولا ترسيما (١) ولا عذابا ، ولا يطالب برفيق له إذا مات ، فيقال له : ترك عندك مالا ، فربما سجن في شأنه أو ضرب أو عصر ، والفقير المجرد فيها يستريح بجهة رخص الخبز وكثرته ، ووجود السماع والفرج في ظواهرها ودواخلها ، وقلة الاعتراض عليه فيما تذهب إليه نفسه ، يحكم فيها كيف شاء من رقص في وسط السوق أو تجريد أو سكر من حشيشة أو صحبة مردان (٢) وما أشبه ذلك ، بخلاف غيرها من بلاد المغرب ، وسائر الفقراء لا يتعرضون إليهم بالقبض للأسطول إلا المغاربة ، فذلك وقف عليهم لمعرفتهم بمعاناة [الحرب](٣) والبحر ، وقد عم ذلك من يعرف معاناة البحر منهم ومن لا يعرف ، وهم في القدوم عليها بين حالين : إن كان المغربي غنيا طولب بالزكاة وضيّق عليه (٤) ، وإن كان مجردا فقيرا حمل إلى السجن حتى يحين وقت الأسطول.

وفي القاهرة أزاهر كثيرة غير منقطعة الاتصال ، وهذا الشأن في الديار المصرية يفضل كثيرا من البلاد ، وفي اجتماع النرجس والورد فيها أقول : [بحر السريع]

من فضّل النرجس وهو الذي

يرضى بحكم الورد إذ يرأس

أما ترى الورد غدا قاعدا

وقام في خدمته النرجس

وأكثر ما فيها من الثمرات والفواكه الرمان والموز ، أمّا التفاح والإجاص فقليل غال ، وكذلك الخوخ ، وفيها الورد والنرجس والنسرين والنيلوفر والبنفسج والياسمين والليمون

__________________

(١) الترسيم : وضع المشكوك في سيره أو المشكوك في ولائه للحاكم تحت المراقبة.

(٢) المردان : جمع أمرد ، وهو الشاب الذي لم تنبت لحيته بعد.

(٣) ساقطة في ب.

(٤) في ب ، ه : «وضيقت عليه السعاة» والسعاة : جمع ساع وهو الذي يحصل الزكاة هنا.