(وزعم يونس ـ وفي بعض النسخ عيسى ـ أنه سمع الفرزدق ينشد :
كم عمة لك يا جرير وخالة |
| فدعاء قد حلبت عليّ عشابي |
شغارة تقذ الفصيل برجلها |
| فطّارة لقوادم الأبكار (١) |
جعله شتما كأنه حين ذكر الحلب صار من يخاطب عنده عالما بذلك ، ولو ابتدأه وأجراه على الأول كان جائزا عربيا).
وترتيب الأبيات في شعره بين البيت الأول والثاني :
كنّا نحاذر أن تضيع لقاحنا |
| ولها إذا سمعت دعاء يسار (٢) |
شغارة : تبول كما يشغر الكلب ببوله ، تقذ الفصيل برجلها إذا دنا من أمه وهي تحلب تضربه برجلها من خلف مثل الرمح فتدقّ عنقه ، والفطر : الحلب بالسبابة والوسطى وتستعين بطرف الإبهام ، والخلفان : المقدمان من الضرع ، هما القادمان ، والجمع : قوادم ، والأبكار تحلب قطرا لأنه لا يمكن حلبها صبا لأن أخلافهن صغار قصار والأبكار جمع بكر ، أوّل ما تلد ، ويسار : اسم راع إذا سمعت دعاءه ولهت إليه صبابة به ، رماها بالربية.
وقال :
(طليق الله لم يمنن عليه |
| أبو داود وابن أبي كثير |
ولا الحجاج عيني بنت ماء |
| تقلّب طرفها حذر الصقور) (٣) |
الشاهد : في نصب عيني بنت ماء ، على الشتم ، وبنت ماء : طائر.
أما قول حسان بن ثابت :
حار بن كعب ألا أحلام تزجركم |
| عنّي وأنتم من الجوف الجماخير |
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم |
| جسم البغال وأحلام العصافير (٤) |
فلم يرد أن يجعله شتما ، ولكنه أراد أن يعدّد صفاتهم ويفسرها ، فكأنه قال : أمّا أجسامهم فكذا ، وأمّا أحلامهم فكذا.
__________________
(١) البيتان للفرزدق ديوانه / ٤٥ ، شرح شواهد المغني / ١٧٤.
(٢) المصدر السابق.
(٣) نسبهما الجاحظ في البيان والتبيين ١ / ٣٨٦ إلى إمام بن أقرم النميري سيبويه ١ / ٢٥٤.
(٤) ديوان حسان بن ثابت ٢١٣ / ٢١٤ ، المقتضب ٤ / ٢٣٣.