• الفهرس
  • عدد النتائج:

قال أبو سعيد : قد ذكرنا هذين البيتين بما يستحقانه من التفسير.

قال سيبويه : " وأما تسعمائة فكان ينبغي أن تكون في القياس" مئين" أو" مئات" ، ولكنهم شبّهوه بعشرين وأحد عشر ، حيث جعلوا ما يبيّن به العدد واحدا ؛ لأنه اسم لعدد".

قال أبو سعيد : يعني أن القياس في" تسعمائة" كان بجمع المائة ، فكان ينبغي أن تقول : " ثلاث مئات" أو" ثلاث مئين" ، وذلك أن" ثلاثا" و" تسعا" تضاف إلى جماعة في الآحاد فانبغى أن تكون هاهنا أيضا مضافة إلى جماعة غير أنهم أضافوها إلى واحد ، وبينوها كما بيّنوا" أحد عشر" و" عشرين" بواحد ، وقد بينا وجه الشبه فيه.

قال سيبويه : " وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدا ، والمعنى جمع حتى قال بعضهم في الشعر من ذلك ما لا يستعمل في الكلام ، قال علقمة بن عبدة" :

بها جيف الحسرى فأمّا عظامها

فبيض وأما جلدها فصليب (١)

وقال آخر :

لا تنكروا القتل وقد سبينا

في حلقكم عظم وقد شجينا (٢)

قال أبو سعيد : يعني ليس بمستنكر في كلام العرب أن يكون اللفظ واحدا ، ويكون عبارة عن جميع ، ولا سيما في باب العدد ، كما قلنا في : " عشرين درهما" ، و" مائة درهم" ، وقد استعملت العرب لفظ الواحد بمعنى الجميع في الشعر ، لمّا لم يستعمل في الكلام ؛ لأن من كلامهم في مواضع كثيرة العبارة عن الجميع بواحد ، فحمل الشاعر هذا المعنى بأن استعمل لفظ الواحد بمعنى الجمع في غير تلك المواضع ، وهو البيت الذي أنشده لعلقمة.

وإنما يريد وأما : " جلودها" فاكتفى بقوله : " جلدها" عن جلودها ، وإنما يصف فلاة قطعها ، ويذكر بعدها فيقول : " بها جيف الحسرى" أي بها جيف الإبل المعيبة التي قد تركت في هذه الفلاة لبعدها ، " فأما عظامها فبيض" أي قد تفصّلت وظهرت من اللحم ، وأكلت الطيور والسباع ما عليها من اللحم ، وأما جلودها فقد سال ودكها عليها ، بوقوع

__________________

(١) قائله علقمة بن عبده بن ناشرة بن قيس شاعر جاهلي عاصر امرأ القيس الخزانة ١ / ٥٦٥ / ديوان علقمة ٣ ـ الخزانة ٣ / ٣٧٩.

(٢) قائله المسيب بن زيد مناة الغنوي الخزانة ٣ / ٣٧٩ ـ المقتضب ٢ / ١٧٢ ابن يعيش ٦ / ٢٢ ـ المخصص ١ / ٣١ ـ ١٠ / ٣٠.