وقوله : أنت وشأنك.
إنما يريد به الحال ، فإن حملته على فعل فإنما تحمله على شيء ماض أو مستقبل لم يدلّ عليه دليل.
ومما أنشده عن أبي الخطاب عن بعض العرب من النصب في" ما" :
أتوعدني بقومك يا بن حجل |
| أشابات يخالون العبادا |
بما جمّعت من حضن وعمرو |
| وما حضن وعمرو والجيادا (١) |
على معنى : وما كان حضن.
وأنشد سيبويه ما قوّى به ما ذكره من أنّه يعطف على شيء يقدر وإن لم يلفظ به ، وشيء يعطف على ما كان يجوز استعماله في موضع المعطوف عليه ، قول صرمة الأنصاري :
بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى |
| ولا سابق شيئا إذا كان جائيا (٢) |
وقال الأخوص اليربوعيّ :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
| ولا ناعب إلّا ببين غرابها (٣) |
وإنما خفض سابق وناعب وليس قبلهما مخفوض ، لأنه يجوز أن تقول : لست بمدرك ما مضى ، وليسوا بمصلحين ، فتقع الباء فيهما ويكثر في موضعهما من خبر ليس الباء ، فحملها في الخفض على ما كان يستعمل ، ومثل ذلك قول عامر الطائيّ :
فلم أر مثلها خباسة واحد |
| ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله (٤) |
أراد : كدت أن أفعله ، فحذف أن ضرورة ، وغير سيبويه يقول :
__________________
(١) البيت لشقيق بن جزء : هارون ١ : ٣٠٤ ؛ تاج العروس (حضن).
(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى ، ديوانه : ٢٨٧ ؛ خزانة الأدب ٨ : ٤٩٢ ، ٤٩٦ ، ٥٥٢ ؛ ٩ : ١٠٠ ، ١٠٢ ، ١٠٤ ؛ شرح شواهد المغني ١ : ٢٨٢ ؛ شرح المفصل ٢ : ٥٢ ، ٧ : ٥٦ ؛ الخصائص ٢ : ٣٥٣ ، ٤٢٤ ؛ الأشباه والنظائر ٢ : ٣٤٧.
(٣) شرح المفصل ٢ : ٥٢ ، ٥ : ٦٨ ، ٧ : ٥٧ ؛ مغني اللبيب ٢ : ١٧٤ ، ٥ : ٤٨٧ ؛ خزانة الأدب ٢ : ١٤٠ ، ٤ : ١٥٨ ، ١٦٠ ، ١٦٤ ؛ الخصائص ٢ : ٣٥٦.
(٤) ينسب إلى : عامر بن جوين الطائي ، ملحق ديوان امرئ القيس ٤٧١ ؛ الأغاني ٩ : ٩٥.