• الفهرس
  • عدد النتائج:

في معنى ورب بلد.

ثم قال سيبويه محتجّا لإجازة ما أجازه يونس على قبحه : (ولكنهم لما ذكروه في أول كلامهم شبّهوه بغيره من الفعل وكان هذا عندهم أقوى إذا أضمر رب ونحوها في قوله :

وبلدة ليس بها أنيس

) يعني أنّ الباء الجارّة لمّا ذكروها في أول كلامهم حين قال القائل : " مررت برجل" كان إضمارها بعد ذكرها أقوى من إضمار ربّ ولم يجز لها ذكر.

قال : (ومن ثمّ قال يونس : " امرر على أيّهم أفضل إن زيد وإن عمرو").

يعني إن مررت على زيد أو على عمرو على الوجه الأوّل الذي احتجّ له سيبويه بما ذكرنا. قوله على أيّهم أفضل تقديره على الذي هو أفضل.

قال سيبويه : (وأعلم أنه لا ينتصب شيء بعد" إن" ولا يرتفع إلّا بفعل لأنّ" إن" من الحروف التي يبنى عليها الفعل).

يعني أنّ" إن" التي للمجازاة إنما تدخل على الأفعال ؛ لأن الأفعال التي بعدها هي شروط والشروط لا تكون بالأسماء ، وذلك أنها بحدوثها توجب المعاني التي ضمّنها الشرط كقولك : " إن تأتني أكرمك" فالإكرام معنى قد ضمّنه الشارط بحدوث الإتيان ، فإذا رأيت الاسم بعد" إن" مرفوعا أو منصوبا قضيت على إضمار فعل رافع أو ناصب كما ذكرناه في قوله : " إن خيرا فخير" على تقدير إن يكن فعله خيرا أو إن يكن في فعله خير ، وكذلك قال البصريون في قوله عزوجل : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ)(١). تقديره : وإن استجارك أحد من المشركين استجارك ، فأحد مرفوع باستجارك المضمر ، والثاني تفسير له.

وزعم الفرّاء أنّ" أحد" مرفوع بالعائد الذي عاد إليه وهو ضمير الفاعل الذي في استجارك ، وهذا لا يصحّ ؛ لأنّا إذا رفعناه بما ذكر فقد جعلنا استجارك خبرا لأحد وصار الكلام كالمبتدأ والخبر ، ولا يجوز أن يكون بعد" إن" مبتدأ وخبر. ألا ترى أنه لا يجوز أن يقال : " إن زيد قائم أكرمك" ، ولا" إن زيد عندك آتك".

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية : ٦.