مسائل من هذا الباب
تقول : بعت متاعك أسفله قبل أعلاه واشتريت متاعك بعضه أعجل من بعض وسقيت إبلك صغارها أحسن من سقي كبارها ودفعت الناس بعضهم ببعض وضربت الناس بعضهم قائما وبعضهم قاعدا وتقول : مررت بمتاعك بعضه مرفوعا وبعضه مطروحا كأنك قلت مررت ببعض متاعك مرفوعا وببعض مطروحا لأنك مررت به في هذه الحال ، وإذا كان صفة للفعل لم يجز الرفع وتقول : بعت طعامك بعضه مكيلا وبعضه موزونا إذا أردت أن الكيل والوزن وقعا في حال البيع ، فإن رفعت فإلى هذا المعنى ولم يكن متعلقا بالبيع فقلت : بعت طعامك بعضه مكيل وبعضه موزون أي بعته وهو موجود كذا فيكون الوزن والكيل قد لحقاه قبل البيع وليسا بصفة للبيع وتفهم هذا بأن الرجل إذا قال : بعتك هذا الطعام مكيلا وهذا الثوب مقصورا فعليه أن يسلمه إليه مكيلا ومقصورا ، وإذا قال : بعتك وهو مكيل فإنما باعه شيئا موصوفا بالكيل ولم يتضمنه البيع تقول : خوفت الناس ضعيفهم وقويهم كأنك قلت :خوفت ضعيف الناس قويهم وكان تقدير الكلام قبل أن ينقل فعل إلى (فعلت) خافه الناس ضعيفهم قويهم فلما قلت : خوّفت صار الفاعل مفعولا وقد بينت هذا فيما تقدم ومثل ذلك ألزمت الناس بعضهم بعضا كان الأصل : لزم الناس بعضهم بعضا فلما قلت ألزمت صار الفاعل مفعولا وصار الفعل يتعدى إلى مفعولين وتقول : دفعت الناس بعضهم ببعض على قولك : دفع الناس بعضهم بعضا فإذا قلت : دفع صار ما كان يتعدى لا يتعدى إلا بحرف جر فتقول : دفع الناس بعضهم ببعض وتقول : فضلت متاعك أسفله على أعلاه كأنه في التمثيل :فضل متاعك أسفله على أعلاه فلما قلت : فضّلت صار الفاعل مفعولا ومثله : صككت الحجرين أحدهما بالآخر كان التقدير : اصطك الحجران أحدهما بالآخر فلما قلت : صككت صار الفاعل مفعولا ومثل ذلك : ولو لا دفاع الله الناس بعضهم ببعض والمعنى : لو لا أن دفع الناس بعضهم ببعض ولو قلت : دفع الناس بعضهم بعضا لم يحتج إلى الباء ؛ لأنه فعل يتعدى إلى مفعول قلت دفع الله الناس واستتر في الفعل عمله في الفاعل ولم يجز أن يتعدى إلى مفعول ثان إلا بحرف جرّ فعلى هذا جاءت الآية ولذلك دخلت الباء وتقول : عجبت من دفع الناس