الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
اعطي(١) لك عهدا لا أفي لك به ، قال : يا رب ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال : لا اعطيك عهد الظالم من ذريتك(٢) ، قال : يارب ومن الظالم من ولدي لا ينال عهدي؟(٣) قال : من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا ، ولا يصح أن يكون إماما قال ابراهيم(٤) : « واجنبني وبني أن نعبد الاصنام ، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس » (٥) قال النبي صلىاللهعليهوآله : فانتهت الدعوة إلي وإلى أخى علي عليهالسلام لم يسجد أحد منا لصنم قط فاتخذني الله نبيا وعليا وصيا.(٦)
كنز : ابن المغازلي باسناده إلى ابن مسعود مثله.(٧)
١٣ ـ ك ، ن : الوراق عن سعد عن النهدي عن ابن علوان عن عمرو بن خالد عن ابن طريف عن ابن نباته عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون.(٨)
١٤ ـ شى : روي بأسانيد عن صفوان الجمال قال : كنا بمكة فجرى الحديث في قول الله : وإذا بتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن « قال : أتمهن بمحمد وعلي والائمة من ولد علي صلى الله عليهم في قول الله : « ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(٩) » ثم
____________________
(١) في الامالى والكنز : انى لا اعطيك.
(٢) في الامالى والكنز : لا اعطيك لظالم من ذريتك عهدا.
(٣) في الامالى : [ عهدك ] وسقط عن الكنز قوله : قال إلى قوله : اماما.
(٤) في الكنز : فقال ابراهيم عندها.
(٥) ابراهيم : ٤٠.
(٦) امالى ابن الشيخ : ٢٤٠ و ٢٤١.
(٧) كنز الفوائد : ٣٤ و ٣٨ من النسخة الرضوية.
(٨) اكمال الدين : ١٦٣.عيون الاخبار : ٣٨.
(٩) آل عمران : ٣٤.
قال : « إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين » (١).
قال : يا رب ويكون من ذريتي ظالم؟ قال : نعم فلان وفلان وفلان ومن اتبعهم ، قال : يا رب فعجل لمحمد وعلي ما وعدتني فيهما ، وعجل نصرك لهما وإليه أشار بقوله : « ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين » (٢) فالملة الامامة.
فلما أسكن ذريته بمكة قال : « ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ـ إلى(٣) من الثمرات من آمن » (٤) فاستثنى من آمن خوفا أن يقول له : لا ، كما قال له في الدعوة الاولى : « ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ».
فلما قال الله : « ومن كفر فامتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير » (٥) قال : يارب ومن الذين متعتهم؟ قال : الذين كفروا بآياتي فلان و فلان وفلان.(٦)
١٥ ـ شى : عن حريز عمن ذكره عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله : « لا ينال
____________________
(١) البقرة : ١٢٤.
(٢) البقرة : ١٣٠.
(٣) في المصدر : إلى قوله.
(٤) هكذا في الكتاب ومصدره وفيه وهم واضح والتعجب من المصنف قدسسره كيف لم يلتفت اليه لان هذه الاية في سورة ابراهيم وهى هكذا : [ من الثمرات لعلهم يشكرون ] وليس فيه قوله : [ من آمن ] بل هو في قوله تعالى في سورة البقرة : [ رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق اهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر فامتعه ] والظاهر ان الوهم من الراوى او من النساخ حيث اورد الاية الاولى مكان الثانية ثم زادوا فيها.
(٥) البقرة : ١٢٦.
(٦) تفسير العياشى ١ : ٥٧ و ٥٨.
عهدي الظالمين » أي لا يكون إماما ظالما(١).
١٦ ـ كشف : فائدة سنية : كنت أرى الدعاء الذي كان يقوله أبوالحسن(٢) عليهالسلام في سجدة الشكر وهو : « رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لاخرستني وعصيتك ببصري ولو شئت وعزتك لاكمهتني(٣) وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لاصممتني ، وعصيتك بيدي ولو شئت وعزتك لكنعتني(٤) وعصيتك بفرجي و لوشئت وعزتك لاعقمتني ، وعصيتك برجلي ولو شئت وعزتك لجذمتني ، وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي ولم يكن هذا جزاك مني.
بخط عميد الرؤساء : لعقمتني ، والمعروف عقمت المرأة وعقمت وأعقمها الله فكنت افكر في معناه وأقول : كيف يتنزل على ما تعتقده الشيعة من القول بالعصمة؟ وما اتضح لي ما يدفع التردد الذي يوجبه.
فاجتمعت بالسيد السعيد النقيب رضي الدين أبي الحسن علي بن موسى بن طاووس العلوي الحسني.رحمهالله وألحقه بسلفه الطاهر فذكرت له ذلك فقال : إن الوزير السعيد مؤيد الدين العلقمي رحمهالله تعالى سألني عنه فقلت : كان يقول هذا ليعلم الناس.ثم إني فكرت بعد ذلك فقلت : هذا كان يقوله في سجدته في الليل وليس عنده من يعلمه.
ثم سألني عنه الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي رحمهالله فأخبرته بالسؤال الاول الذي قلت والذي أوردته عليه ، وقلت : ما بقي إلا أن يكون يقوله على سبيل التواضع وما هذا معناه فلم يقع مني هذه الاقوال بموقع ولا حلت من قلبي في موضع.
ومات السيد رضي الدين رحمهالله فهداني الله إلى معناه ووفقني على فحواه
____________________
(١) تفسير العياشى ١ : ٥٨.
(٢) في المصدر : ابوالحسن موسى عليهالسلام.
(٣) كمه بصره : اعترته ظلمة تطمس عليه.عمى او صار اعشى.
(٤) كنع يده : اشلها وأيبسها.
فكان الوقوف عليه والعلم به وكشف حجابه بعد السنين المتطاولة والاحوال المجرمة(١) والادوار المكررة من كرامات الامام موسى عليهالسلام ومعجزاته ولتصح نسبة العصمة إليه ، وتصدق على آبائه البررة الكرام وتزول الشبهة التي عرضت من ظاهر هذا الكلام.
وتقريره أن الانبياء والائمة عليهمالسلام تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى ، وقلوبهم مملوة به وخواطرهم متعلقة بالملا الاعلى ، وهم أبدا في المراقبة كما قال عليهالسلام : « اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ».
فهم أبدا متوجهون إليه ومقبلون بكلهم عليه ، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطيئة ، واستغفروا منه.
ألا ترى أن بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد وأكل وشرب ونكح وهو يعلم أنه بمرئى من سيده ومسمع لكان ملوما عند الناس ومقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيده ومالكه؟ فما ظنك بسيد السادات وملك الاملاك(٢)؟ وإلى هذا أشار عليهالسلام : إنه ليغان(٣) على قلبي وإني لاستغفر بالنهار سبعين مرة « ولفظة السبعين إنما هي
____________________
(١) عام مجرم اى تام.
(٢) في نسخة : ومالك الملاك.
(٣) قال الطريحى : في الخبر انه ليغان على قلبى فاستغفر الله في
اليوم والليلة مائة
مرة قال البيضاوى في شرح المصابيح : الغين لغة
في الغيم وغان على قلبى كذا اى غطاه قال
ابوعبيدة في معنى الحديث : اى يتغشى قلبى ما
يلبسه ، وقد بلغنا عن الاصمعى انه سئل عن
هذا الحديث فقال للسائل : عن قلب من يروى هذا؟
فقال : عن قلب النبى صلىاللهعليهوآله
فقال لو كان
عن غير النبى صلىاللهعليهوآله
لكنت افسره لك ، قال القاضى : ولله در الاصمعى في انتهاجه منهج الادب
إلى ان قال : نحن بالنور المقتبس من مشكاتهم
نذهب ونقول : لما كان قلب النبى صلىاللهعليهوآله
اتم
القلوب صفاء واكثرها ضياء واعرفها عرفا وكان صلىاللهعليهوآله مبيناه مع ذلك
لشرائع الملة وتأسيس
لعدد الاستغفار لا إلى الرين(١) ، وقوله : « حسنات الابرار سيئات المقربين ».
ونزيده إيضاحا من لفظه ليكون أبلغ من التأويل ويظهر من قوله عليهالسلام : أعقمتني والعقيم : الذي لا يولد له ، والذي يولد من السفاح لا يكون ولدا ، فقد بان بهذا أنه كان يعد اشتغاله في وقت ما بما هو ضرورة للابدان معصية ويستغفر الله منها. وعلى هذا فقس البواقي وكل ما يرد عليك من أمثالها ، وهذا معنى شريف يكشف بمدلوله حجاب الشبه ، ويهدي به الله من حسر عن بصره وبصيرته رين العمى والعمه.(٢)
وليت السيد رحمهالله كان حيا لاهدي هذه العقيلة إليه ، وأجلو عرائسها عليه فما أظن. أن هذا المعنى اتضح من لفظ الدعاء لغيري ، ولا أن أحدا سار في إيضاح مشكله وفتح مقفله مثل سيري ، وقد ينتج الخاطر العقيم فيأتي بالعجائب ، وقديما ما قيل : مع الخواطئ سهم صائب(٣).
بيان : عقم في بعض ما عندنا من كتب اللغة جاء لازما ومتعديا قال الفيروز آبادي : عقم كفرح ونصر وكرم وعني. وعقمها الله يعقمها وأعقمها انتهى وما ذكره رحمهالله وجه حسن في تأويل ما نسبوا إلى أنفسهم المقدسة من الذنب والخطاء والعصيان وسيأتي تمام القول في ذلك.
١٧ ـ ختص : باسناده عن أبي الحسين الاسدي عن صالح بن أبي حماد رفعه قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه
____________________
السنة ميسرا غير معسر لم يكن له بد من النزول إلى الرخص والالتفات إلى حظوظ النفس مع ما كان ممتنعا به من احكام البشرية فكانه اذا تعاطى شيئا من ذلك اسرعت كدورة ما إلى القلب لكمال رقته وفرط نورانيته فان الشئ كلما كان اصفى كانت الكدورة عليه ابين واهدى ، وكان صلىاللهعليهوآله اذا احس بشئ من ذلك عده على النفس ذنبا فاستغفر منه.
(١) في نسخة من المصدر : لا إلى الغين.
(٢) حسر : كشف. الرين : الدنس. والعمه : التحير والتردد.
(٣) كشف الغمه : ٢٥٤ و ٢٥٥.
خليلا ، وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما ، فلما جمع له الاشياء قال : « إني جاعلك للناس إماما » قال : فمن عظمها في عين إبراهيم عليهالسلام قال : « ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين » قال : لا يكون السفيه إمام التقي.(١)
١٨ ـ ختص : أبومحمد الحسن بن حمزة الحسيني عن الكليني عن العدة عن ابن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم ودرست عنهم عليهمالسلام قال : إن الانبياء والمرسلين على أربع طبقات : فنبي منبئ في نفسه لا يعدو غيره ، يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاين في اليقظة ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام ، مثل ما كان إبراهيم عليهالسلام على لوط ، ونبي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين الملك وقد ارسل إلى طائفة قلوا أو كثروا ، كما قال الله عزوجل ليونس : « وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون(٢) قال : يزيدون ثلاثون ألفا(٣) وعليه إمام ، والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام على اولي العزم ، وقد كان إبراهيم نبيا وليس بامام حتى قال الله تبارك وتعالى : « إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي » فقال الله تبارك وتعالى : « لا ينال عهدي الظالمين » من عبد صنما أو وثنا أو مثالا لا يكون إماما.(٤)
١٩ ـ ختص : عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا ، واتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا ، وإن الله اتخذ إبراهيم خليلا قبل أن يتخذه إماما ، فلما جمع له الاشياء وقبض يده قال له : يا إبراهيم إني جاعلك للناس إماما ، فمن عظمها في عين إبراهيم قال : يارب ومن ذريتي ، قال : لا ينال عهدي الظالمين(٥)
بيان : قوله : وقبض يده ، من كلام الراوي ، والضميران المستتر والبارز راجعان
____________________
(١) الاختصاص : ٢٢ والاية في البقرة : ١٢٤.
(٢) الصافات : ١٤٧.
(٣) في المصدر : ثلاثين الفا.
(٤ و ٥) الاختصاص : ٢٢ و ٢٣. والاية في البقرة : ١٢٤.
إلى الباقر عليهالسلام ، أي لما قال عليهالسلام : فلما جمع له هذه الاشياء ، قبض يده ، أي ضم أصابعه إلى كفه لبيان اجتماع تلك الخمسة له ، أي العبودية والنبوة والرسالة والخلة والامامة ، وهذا شائع في أمثال هذه المقامات.
وقيل : أي أخذ الله يده ورفعه من حضيض الكمالات إلى أوجها ، هذا إذا كان الضمير في يده راجعا إلى إبراهيم عليهالسلام ، وإن كان راجعا إلى الله فقبض يده كناية عن إكمال الصنعة وإتمام الحقيقة في إكمال ذاته وصفاته ، أو تشبيه للمعقول بالمحسوس للايضاح ، فإن الصانع منا إذا أكمل صنعة الشئ رفع يده عنه ولا يعمل فيه شيئا لتمام صنعته ، وقيل : فيه إضمار ، أي قبض إبراهيم هذه الاشياء بيده ، أو قبض المجموع في يده.
٢٠ ـ ين : الجوهري عن حبيب الخثعمي قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إنا لنذنب ونسئ ثم نتوب إلى الله متابا.
قال الحسين بن سعيد : لا خلاف بين علمائنا في أنهم عليهمالسلام معصومون عن كل قبيح مطلقا ، وأنهم عليهمالسلام يسمون ترك المندوب ذنبا وسيئة بالنسبة إلى كمالهم عليهمالسلام(١).
أقول : قال العلامة قدس الله روحه في كشف الحق : روى الجمهور عن ابن مسعود قال : قال رسول الله (ص) : انتهت الدعوة إلي وإلى علي عليهالسلام لم يسجد أحدنا قط لصنم فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا.
وقال الناصب الشارح : هذه الرواية ليست في كتب أهل السنة والجماعة ولا أحد من المفسرين ذكر هذا ، وإن صح دل على أن عليا وصي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمراد بالوصاية ميراث العلم والحكمة ، وليست ، هي نصا في الامامة كما ادعاه.
وقال صاحب إحقاق الحق : هذه الرواية مما رواه ابن المغازلي الشافعي(٢) في
____________________
(١) الزهد او المؤمن : مخطوط.
(٢) ونقل نحوه عن الحميدى عن عبدالله بن مسعود عن النبى صلىاللهعليهوآله وترجمته هكذا : انه قال : ان دعوة ابراهيم الامامة لذريته لا تصل الا لمن لم يسجد لصنم قط ومن ثم جعلنى الله نبيا وعليا وصيا لى. ارجع احقاق الحق ٣ : ٨٠.
كتاب المناقب باسناده إلى ابن مسعود ، والانكار والاصرار فيه عناد وإلحاد ، والمراد بالدعوة المذكورة فيها دعوة إبراهيم وطلب الامامة لذريته من الله تعالى ، فدلت الرواية على أن المراد بالوصاية الامامة ، وأن سبق الكفر وسجود الصنم ينافي الامامة في ثاني الحال أيضا كما أوضحناه سابقا ، فينفي إمامة الثلاثة ويصير نصا في إرادة الامامة دون ميراث العلم والحكمة.
إن قيل : لا يلزم من هذه الرواية عدم إمامة الثلاثة إذ كما أن انتهاء الدعوة إلى النبى صلىاللهعليهوآله لا يدل على عدم نبي قبله فكذلك انتهاء الدعوة إلى علي لا يدل على عدم إمام قبله ، بل اللازم من الرواية أن الامام المنتهى إليه الدعوة يجب أن لا يسجد صنما قط ، ولا يلزم منها أن يكون قبل الانتهاء أيضا كذلك.
قلت : قوله صلىاللهعليهوآله : انتهت ، بصيغة الماضي يدل علي وقوع الانتهاء عند تكلم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسبق إمامة غير علي عليهالسلام ينافي ذلك ، نعم لو قال (ص) : ينتهي الدعوة(١) الخ.لكان بذلك الاحتمال(٢) مجال ، وليس ، فظهر الفرق بين انتهاء الدعوة إلى النبى صلىاللهعليهوآله وبين انتهائها إلى علي عليهالسلام.
لا يقال : لو صح هذه الرواية لزم أن لا يكون باقي الائمة إماما.
لانا نقول : الملازمة ممنوعة ، فإن الانتهاء بمعنى الوصول لا الانقطاع ، وفي هذا الجواب مندوحة عما قيل : إن عدم صحة هذه الرواية لا يضرنا ، إذ غرضنا إلزامهم بأن أبا بكر وعمر وعثمان ليسوا أئمة ، فتأمل هذا.
ويقرب عن هذه الرواية ما رواه النسفي الحنفي في تفسير المدارك عند تفسير آية النجوى عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : سألت رسول الله (ص) عن مسائل(٣) ـ إلى أن قال ـ قلت : وما الحق؟ قال : الاسلام والقرآن والولاية إذا انتهت اليك انتهى.
____________________
(١) في المصدر : سينتهى الدعوة.
(٢) في المصدر : لكان لذلك الاحتمال مجال.
(٣) في المصدر : عشر مسائل.
وأقول : مفهوم الشرط حجة عند المحققين من أئمة الاصول فيدل على أن الامامة والولاية قبل الانتهاء إليه عليهالسلام باطل ، ويلزم بطلان خلافة من تقدم فيها عليه كما لا يخفى.(١)
٢٢ ـ كنز : في تفسير الثعليي قال : قال جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام : قوله عز وجل : « طه » أي طهارة أهل البيت(٢) صلوات الله عليهم من الرجس ، ثم قرأ : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ».(٣)
٢٣ ـ كنز : محمد بن العباس عن الحسين بن أحمد المالكى عن محمد بن عيسى عن يونس(٤) عن محمد بن سنان عن محمد بن النعمان قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن الله عزوجل لم يكلنا إلى أنفسنا ولو وكلنا إلى أنفسنا لكنا كبعض الناس ، ولكن نحن الذين قال الله عزوجل لنا : ادعوني أستجب لكم(٥).
تذنيب :
اعلم أن الامامية رضياللهعنهم اتفقوا على عصمة الائمة عليهمالسلام من الذنوب صغيرها وكبيرها ، فلا يقع منهم ذنب أصلا لا عمدا ولا نسيانا ولا لخطأ في التأويل ، ولا للاسهاء من الله سبحانه ولم يخاف فيه(٦) إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد رحمة الله عليهما ، فإنهما جوزا الاسهآء من الله تعالى لمصلحة في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الاحكام ، لا السهو الذي يكون من الشيطان وقد مرت الاخبار والادلة الدالة عليها في المجلد السادس والخامس ، (٧) وأكثر أبواب هذا المجلد مشحونة بما
____________________
(١) احقاق الحق ٣ : ٨٠ ـ ٧٢.
(٢) في المصدر : اهل بيت محمد.
(٣) كنز الفوائد : ١٥٤. والاية الاولى في طه : ١ ، والثانية في الاحزاب : ٣٣.
(٤) في المصدر : يونس بن عبدالرحمن.
(٥) كنز الفوائد : ٢٧٨. والاية في المؤمن : ٦٠.
(٦) اى في الاسهاء.
(٧) في نسخة والسابع.
يدل عليها ، فأما ما يوهم خلاف ذلك من الاخبار والادعية فهي مأولة بوجوه : الاول أن ترك المستحب وفعل المكروه قد يسمى ذنبا وعصيانا بل ارتكاب بعض المباحات أيضا بالنسبة إلى رفعة شأنهم وجلالتهم ربما عبروا عنه بالذنب لانحطاط ذلك عن سائر أحوالهم كما مرت الاشارة إليه في كلام الاربلي رحمهالله.
الثاني أنهم بعد انصرافهم عن بعض الطاعات التي امروا بها من معاشرة الخلق وتكميلهم وهدايتهم ورجوعهم عنها إلى مقام القرب والوصال ومناجاة ذي لجلال ربما وجدوا أنفسهم لانحطاط تلك الاحوال عن هذه المرتبة العظمى مقصرين ، فيتضرعون لذلك وإن كان بأمره تعالى ، كما أن أحدا من ملوك الدنيا إذا بعث واحدا من مقربي حضرته إلى خدمة من خدماته التي يحرم بها من مجلس الحضور والوصال فهو بعد رجوعه يبكي ويتضرع وينسب نفسه إلى الجرم والتقصير لحرمانه عن هذا المقام الخطير.
الثالث أن كمالاتهم وعلومهم وفضائلهم لما كانت من فضله تعالى ، ولولا ذلك لامكن أن يصدر منهم أنواع المعاصي ، فاذا نظروا إلى أنفسهم وإلى تلك الحال أقروا بفضل ربهم وعجز نفسهم بهذه العبارات الموهمة لصدور السيئات فمفادها أني أذنبت لولا توفيقك ، وأخطأت لولا هدايتك.
الرابع أنهم لما كانوا في مفام الترقي في الكمالات والصعود على مدارج الترقيات في كل آن من الآنات في معرفة الرب تعالى وما يتبعها من السعادات فاذا نظروا إلى معرفتهم السابقة وعملهم معها اعترفوا بالتقصير وتابوا منه ، ويمكن أن ينزل عليه قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : وإني لاستغفر الله في كل يوم سبعين مرة.
الخامس أنهم عليهمالسلام لما كانوا في غاية
المعرفة لمعبودهم فكل ما أتوا به من الاعمال
بغاية جهدهم ثم نظروا إلى قصورها عن أن يليق
بجناب ربهم عدوا طاعاتهم من المعاصي
واستغفروا منها كما يستغفر المذنب العاصي ، ومن
ذاق من كأس المحبة جرعة شائقة
لا يأبى عن قبول تلك الوجوه الرائقة ، والعارف
المحب الكامل إذا نظر إلى غير محبوبه
أو توجه إلى غير مطلوبه يرى نفسه من أعظم الخاطئين ، رزقنا الله الوصول إلى درجات المحبين.
٢٤ ـ عد : اعتقادنا في الانبيآء والرسل والائمة(١) عليهمالسلام أنهم معصومون مطهرون من كل دنس ، وأنهم لا يذنبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا ، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ومن نفى العصمة عنهم في شئ من أحوالهم فقد جهلهم(٢) واعتقادنا فيهم أنهم الموصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل امورهم إلى آخرها لا يوصفون في شئ من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل.(٣)
أقول : قد مضى تحقيق العصمة ومزيد بيان في إثباتها وما يتعلق بها في باب عصمة النبي صلىاللهعليهوآله فلا نعيدها.
____________________
(١) زاد في المصدر : والملائكة.
(٢) زاد في المصدر : ومن جهلهم فهو كافر.
(٣) اعتقادات الصدوق : ١٠٨ و ١٠٩.
٦
باب
*(معنى آل محمد وأهل بيته وعترته ورهطه وعشيرته)*
*(وذريته صلوات الله عليهم أجمعين)*
الايات : طه « ٢٠ » وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها. « ١٣٢ »
الشعراء : « ٢٦ » وأنذر عشيرتك الاقربين « ٢١٥ »
تفسير : قال الطبرسي رحمهالله : « وأمر أهلك » أي أهل بيتك وأهل دينك « بالصلوة » وروى أبوسعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأتي باب فاطمة وعلي تسعة أشهر وقت كل صلاة فيقول : الصلاة يرحمكم الله(١) إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا.
ورواه ابن عقدة باسناده من طرق كثيرة عن أهل البيت عليهمالسلام وغيرهم مثل أبي برزة وأبي رافع ، وقال أبوجعفر عليهالسلام : أمره الله تعالى أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن لاهله عند الله منزلة ليست للناس ، فأمرهم مع الناس عامة وأمرهم(٢) خاصة.(٣)
قال : وفي قراءة عبدالله بن مسعود : « وأنذر عشيرتك الاقربين ، ورهطك منهم المخلصين » وروي ذلك عن أبي عبدالله عليهالسلام.(٤)
وقال الرازي وغيره في تفاسيرهم : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد نزول قوله تعالى :
____________________
(١) في المصدر : رحمكم الله.
(٢) في المصدر : ثم امرهم خاصة.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٣٨.
(٤) مجمع البيان : ٧ : ٢٠٦.
« وأمر أهلك بالصلاة » يذهب إلى فاطمة وعلي عليهالسلام كل صباح ويقول : الصلاة وكان يفعل ذلك.
أقول : وسيأتي تمام القول في الآيتين في كتاب أحوال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه.
١ ـ كنز : محمد بن العباس عن محمد بن الحسين الخثمعي عن عباد بن يعقوب عن الحسن بن حماد عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : « ورهطك منهم المخلصين » قال : علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وآل محمد صلوات الله عليهم خاصة.(١)
٢ ـ وبهذا الاسناد عنه عليهالسلام في قوله : « وتقلبك في الساجدين » قال : في علي وفاطمة والحسن والحسين وأهل بيته صلوات الله عليهم.(٢)
٣ ـ كنز : محمد بن العباس عن أحمد بن محمد بن سعيد عن الحسن بن علي بن بزيع عن إسماعيل بن بشار الهاشمي عن قتيبة بن محمد الاعشى عن هاشم بن البريد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عليهمالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيت ام سلمة فاتي بحريرة فدعا عليا وفاطمة والحسن الحسين عليهمالسلام فأكلوا منها ، ثم جلل عليهم كساء خيبريا ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » فقالت ام سلمة : وأنا معهم يارسول الله؟ قال : أنت إلى خير.(٣)
٤ ـ كنز : محمد بن العباس عن عبدالعزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهماالسلام قال : قال علي بن أبي طالب عليهالسلام : إن الله عزوجل فضلنا أهل البيت وكيف لا يكون(٤) كذلك؟ والله عزوجل يقول في كتابه « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل ويطهركم
____________________
(١ و ٢) كنز الفوائد : ٢٠٣ و ٢٠٤.
(٣) كنزالفوائد : ٢٣٦ فيه : [ انك على خير ] والاية في الاحزاب : ٣٣.
(٤) في نسخة : وكيف لا نكون كذلك.
تطهيرا » فقد طهرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فنحن على منهاج الحق.(١)
٥ ـ كنز : محمد بن العباس عن عبدالله بن علي بن عبدالعزيز عن إسماعيل بن محمد عن علي بن جعفر بن محمد عن الحسين بن زيد عن عمر بن علي عليهالسلام قال : خطب الحسن بن علي عليهالسلام الناس حسين قتل علي عليهالسلام فقال : قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعلم ولا يدركه الآخرون ، ما ترك على ظهر الارض صفراء ولا بيضآء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لاهله.
ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي ، وأنا ابن البشير النذير الداعي إلى الله باذنه والسراج المنير ، أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرئيل ويصعد ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.(٢)
٦ ـ كنز : محمد بن العباس عن مظفر بن يونس بن مبارك عن عبدالاعلى بن حماد عن مخول(٣) بن إبراهيم عن عبدالجبار بن العباس عن عمار الدهني عن عمرة بنت افعى عن ام سلمة قالت : نزلت هذه الاية في بيتي ووفي البيت سبعة : جبرئيل وميكائيل ورسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، وقالت : وكنت على الباب فقلت : يارسول الله ألست من أهل البيت؟ قال : إنك على خير إنك من أزواج النبي وما قال : إنك من أهل البيت.(٤)
٧ ـ قب : قرأ أبوعبدالله عليهالسلام قوله تعالى : « ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية » ثم أوما عليهالسلام إلى صدره فقال : نحن والله ذرية
____________________
(١) كنز الفوائد : ٢٣٦. والاية في الاحزاب : ٣٣.
(٢) كنز الفوائد : ٢٣٦ و ٢٣٨.
(٣) مخول وزان محمد وقيل كمنبر.
(٤) كنز الفوائد : ٢٣٧.
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم(١).
٨ ـ فر إسماعيل بن إبراهيم باسناده عن عبدالله بن الوليد قال : دخلنا على أبي عبدالله عليهالسلام(٢) فقال لنا : ممن أنتم؟ فقلنا له : من أهل الكوفة ، فقال لنا : إنه ليس بلد من البلدان ولا مصر من الامصار أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ، إن الله هداكم لامر جهله الناس ، فأجبتمونا وأبغضنا الناس ، وصدقتمونا وكذبنا الناس ، واتبعتمونا وخالفنا الناس ، فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا ، فأشهد على أبي أنه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى ما تقر به عينه إلا أن تبلغ نفسه ههنا ، وأو مأ بيده إلى حلقه ، وقد قال الله في كتابه : « ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم إزواجا وذرية » فنحن ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآله(٣).
كا : العدة عن سهل عن الحسن بن علي بن فضال عن عبدالله بن الوليد الكندي مثله بأدني تغيير(٤).
٩ ـ فس : « وأنذر عشيرتك الاقربين » قال : نزلت « ورهطك منهم المخلصين » وهم علي بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن والحسين وآل محمد(٥).
١٠ ـ مع ن : الهمداني عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن غياث بن إبراهيم عن الصادق عن آبائه عليهمالسلام قال : سئل أميرالمؤمنين عليهالسلام عن معنى قول رسول الله (ص) : « إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي » من العترة؟ فقال : أنا والحسن والحسين والائمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم.
____________________
(١) مناقب آل ابى طالب ٣ : ٣٤٤ والاية في الرعد : ٣٨.
(٢) زاد في نسخة بعد ذلك : [ في زمن مروان ] وهى موجودة في الكافى.
(٣) تفسير فرات ٧٦ و ٧٧ والاية في سورة الرعد : ٣٨.
(٤) روضة الكافى : ٨١ فيه : ما من بلدة من البلدان اكثر محبا لنا من اهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة.
(٥) تفسير القمى : ٤٧٥ فيه : [ والائمة من آل محمد عليهمالسلام ] راجعه ففيه تفاوت لما ذكر ، والاية في الشعراء : ٢١٥.
حتى يردوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله حوضه(١).
أقول : سيأتي معنى العترة في أخبار الثقلين.
١١ ـ مع : أبي عن سعد عن محمد بن الحسن عن جعفر بن بشير عن الحسين بن أبي العلا عن عبدالله بن ميسرة قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : إنا نقول : اللهم صل على محمد وأهل بيته ، فيقول قوم : نحن آل محمد ، فقال : إنما آل محمد من حرم الله عز وجل على محمد صلىاللهعليهوآله نكاحه.(٢)
بيان لعل الرواي إنما عدل عن الآل إلى الاهل لقول الرجل ، أو قال الرجل ذلك لاعتقاد الترادف بين الآل والاهل ، وأما تفسيره عليهالسلام فلعل مراده اختصاصه بهم لا شموله لجميعهم ، ويكون الغرض خروج بني العباس وأضرابهم بأن يكون المدعى أنه من الآل منهم ، ولعل فيه نوع تقية مع أنه يحتمل أن يكون هذا أحد معاني الآل.
١٢ ـ مع : ابن الوليد عن محمد العطار عن الاشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن سليمان الديلمى عن أبيه قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : جعلت فداك من الآل؟ قال : ذرية محمد (ص) قال : قلت : فمن الاهل؟ قال : الائمة عليهمالسلام ، فقلت : قوله عز وجل : « أدخلوا آل فرعون أشد العذاب » قال : والله ما عنى إلا ابنته.(٣)
١٣ ـ لى مع : أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : من آل محمد؟ قال : ذريته فقلت : من أهل بيته؟ قال : الائمة الاوصياء ، فقلت : من عترته؟ قال : أصحاب العباء فقلت : من امته؟ قال : المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عزوجل المتمسكون بالثقلين الذين امروا بالتمسك بهما : كتاب الله وعترته أهل بيته الذين
____________________
(١) معانى الاخبار : ٣٢ عيون الاخبار : ٣٤.
(٢) معانى الاخبار : ٣٣.
(٣) معانى الاخبار : ٣٣. والاية في المؤمن : ٤٥.
أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وهما الخليفتان على الامة(١) عليهم السلام(٢).
قال الصدوق في مع : تأويل الذريات إذا كانت بالالف الاعقاب والنسل كذلك قال أبوعبيدة ، وقال : أما الذي في القرآن : « والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين(٣) » قرأها علي عليهالسلام وحده لهذا المعنى ، والاية التي في يس : « وآية لهم أنا حملنا ذريتهم(٤) ».
وقوله : « كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين » (٥) فيه لغتان ذرية وذرية مثل علية وعلية فكانت قراءته بالضم.قرأها أبوعمرو وهي قراءة أهل المدينة إلا ما ورد عن زيد بن ثابت أنه قرأ « ذرية من حملنا مع نوح(٦) بالكسر ، وقال مجاهد في قوله : « إلا ذرية من قومه(٧) » : إنهم أولاد الذين ارسل اليهم موسى ومات آباؤهم.
وقال الفراء : إنما سموا ذرية لان آباءهم من القبط ، وامهاتهم من نبي إسرائيل ، قال : وذلك كما قيل لاولاد أهل فارس الذين سقطوا إلى اليمن : الابناء لان امهاتهم من غير جنس آبائهم.
قال أبوعبيدة : إنهم يسمون ذرية وهم رجال مذكرون لهذا المعنى ، (٨) وذرية الرجل كأنهم النشو الذي خرجوا منه وهو من ذروت أو ذريت وليس بمهموز
____________________
(١) في الامالى : بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٢) امالى الصدوق : ١٤٥ ، معانى الاخبار : ٣٣.
(٣) الفرقان : ٧٤.
(٤) يس : ٤١.
(٥) الانعام : ١٣٢.
(٦) الاسراء : ٣.
(٧) يونس : ٨٣.
(٨) في المصدر : بهذا المعنى.
قال أبوعبيدة : وأصله مهموز ، ولكن العرب تركت الهمزة فيه ، وهو في مذهبه من ذرأ الله الخلق ، كما قال عزوجل : « ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس(١) » وذرأهم أي أنشأهم وخلقهم. وقوله عزوجل : « يذرؤكم فيه » (٢) أي يخلقكم فكان ذرية الرجل هم خلق الله عزوجل منه ومن نسله ومن أنشأه الله تبارك وتعالى من صلبه(٣).
بيان : لا أدري ما معنى قوله : قرأها علي عليهالسلام وحده ، فإنه قرأ أبوعمرو وحمزة والكسائي وأبوبكر : ذريتنا ، والباقون بالجمع إلا أن يكون مراده من بين الخلفاء وهو بعيد ، وأيضا لا أعرف الفرق بين المفرد والجمع في هذا الباب ، ولا أعرف لتحقيقه رحمهالله فائدة يعتد بها.
١٤ ـ شى : عن معاوية بن وهب قال : سمعته يقول : الحمد لله ، نافع عبد آل عمر كان في بيت حفصة فيأتيه الناس وفودا ولا يعاب ذلك عليهم ولا يقبح عليهم ، وإن أقواما يأتونا صلة لرسول الله (ص) فيأتونا خائفين مستخفين يعاب ذلك ويقبح عليهم ولقد قال الله في كتابه : « ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية » فما كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله إلا كأحد اولئك ، جعل الله له أزواجا وجعل له ذرية ثم لم يسلم مع أحد من الانبياء من أسلم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهل بيته ، أكرم الله بذلك رسوله صلىاللهعليهوآله(٤).
١٥ ـ شى : عن بشير الدهان عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما آتى الله أحدا من المرسلين شيئا إلا وقد آتاه محمدا صلىاللهعليهوآله وقد آتى كما آتى المرسلين(٥) من قبله.
____________________
(١) الاعراف : ١٧٨.
(٢) الشورى : ١١.
(٣) معانى الاخبار : ٣٣.
(٤) تفسير العياشى ٢ : ٢١٣ و ٢١٤.
(٥) في المصدر : [ وقد آتى الله محمدا كما آتى المرسلين ] واستظهر المصنف في الهامش ان الصحيح : آتاه الله ما لم يؤت المرسلين.
ثم تلا هذه الاية : « ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ».(١)
١٦ ـ شى : عن علي بن عمر بن أبان الكلبي عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : اشهد على أبي أنه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يغبط أو يرى ما تقر به عينه إلا أن يبلغ نفسه هذه ـ وأهوى بيده إلى حلقه ـ قال الله في كتابه : « ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية » فنحن ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآله(٢).
١٧ ـ شى : عن المفضل بن صالح عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : قال رسول الله (ص) : خلق الله الخلق قسمين فألقى قسما وأمسك قسما ، ثم قسم ذلك القسم على ثلاثة أثلاث ، فألقى أو ألقى(٣) ثلثين وأمسك ثلثا ، ثم اختار من ذلك الثلث قريشا ثم اختار من قريش بني عبدالمطلب ، ثم اختار من بني عبدالمطلب رسول الله صلىاللهعليهوآله فنحن ذريته ، فان قال الناس : لم يكن لرسول الله صلىاللهعليهوآله ذرية جحدوا ولقد قال الله : « ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية » (٤) فنحن ذريته ، قال : فقلت : أنا أشهد أنكم ذريته.
ثم قلت له : ادع الله لي جعلت فداك أن يجعلني معكم في الدنيا والاخرة فدعا لي ذلك.قال : وقبلت باطن يده.
١٨ ـ وفي رواية شعيب عنه انه قال : نحن ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآله ما أدري على ما يعادوننا إلا لقرابتنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله(٥).
بيان : قوله : أو ألقى ، لعل الترديد من الراوي حيث لم يدر أنه أتي بالفاء أو لم يأت بها.
١٩ ـ كنز : محمد بن العباس عن عبدالعزيز بن يحيى عن محمد بن عبدالرحمان
____________________
(١ و ٢) تفسير العياشى ٢ : ٢١٤ والاية في الرعد : ٣٨.
(٣) المصدر خال عن قوله : أو ألقى.
(٤) الرعد : ٣٨.
(٥) تفسير العياشى ٢ : ٢١٤.
بن سلام عن عبدالله بن عيسى بن مصقلة القمي(١) عن زرارة عن أبي جعفر عن أبيه عليهالسلام في قول الله عزوجل : « وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها(٢) » قال : نزلت في علي وفاطمة والحسن الحسين عليهمالسلام كان رسول الله (ص) يأتي باب فاطمة كل سحرة فيقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلوة يرحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.(٣)
٢٠ ـ لى ن : ابن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور معا عن محمد الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال : حضر الرضا عليهالسلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الاية : « ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا » (٤) فقالت العلماء : أراد الله عزوجل بذلك الامة كلها.
فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليهالسلام : لا أقول كما قالوا ولكني أقول : أراد الله عزوجل بذلك العترة الطاهرة.
فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال له الرضا عليهالسلام : إنه لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله عزوجل : « فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير » ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال : « جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب(٥) » الاية ، فصارت
____________________
(١) هكذا في الكتاب وفى نسخة المكتبة الرضوية من المصدر وفى نسخة اخرى منه تشويش وأوهام ولم نجد الرجل والظاهر ان الصحيح : احمد بن عبدالله بن عيسى بن مصقلة بقرينة رواية محمد بن عبدالرحمن عنه.راجع فهرست النجاشى ترجمة احمد.
(٢) طه : ١٣٢.
(٣) كنز الفوائد : ١٦١ و ١٦٢ و ١٧٨ من النسخة الرضوية.
(٤) فاطر : ٣٢.
(٥) فاطر : ٣٣.