كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-953-4
الصفحات: ٤٦٣

وضع آخر ، ويتعلّق الحكم بالأولياء.

ولا تمرين للمجانين (١) ويتوصّل (٢) إلى دفع فسادهم عن الأنام بما يناسب المقام.

ومع تعدّد الأولياء يجب عليهم كفاية التأديب على فعل ما يترتّب عليه الفساد ، ومع عدمهم يجب على الناس كذلك ، ومع التضادّ يتهايئون أو يقترعون (٣).

__________________

(١) في «ح» زيادة : وفي تسوية الحكم إلى المجانين من الأطفال أو مطلقاً مع ترتّب الثمرة ولا سيما في الأدواريّين وجه قوي.

(٢) في «س» ، «م» : ويتعلّق.

(٣) في «ح» زيادة : ويستحبّ لهم كذلك.

٢١

المبحث السادس

في شرائطها

وهي نوعان : عبادة تتوقّف على النيّة وغير عبادة.

أمّا الأوّل : فقسم واحد ، وهو الطهارة من الحدث بأقسامها الثلاثة.

وتختصّ من بين الشرائط ممّا لا يتعلّق بالعقائد بعدم صحّتها من دونها من كلّ مكلّف ، من العالم والجاهل ، والناسي والذاكر ، والمختار والمجبور.

فتتوقّف على النيّة ، ويكفي فيها الإطلاق مع تعيّن (١) النوع من دون اعتبار الخصوصيّة ولا السببيّة ولا الغائيّة.

وغير العبادة منها كالوقت والاستقبال واللباس والطهارة الخبثيّة والاطمئنان والاستقرار ونحوها لا يتوقّف على النيّة ، ولا العلم بها ، ولا إحضارها وقت النيّة.

نعم يلزم إحرازها بعد الخطور ، لِتوقّف النيّة عليه ، وعدم قصد خلافها حيث ينافي القربة.

ولو دار بين نوعين (٢) يتقرّب بهما ، كغسل حيض ونفاس ، نوى الواقع مع العلم (٣)

__________________

(١) في «م» تعيين.

(٢) في «ح» زيادة : في الحكم الواحد.

(٣) في «س» : الواقع.

٢٢

وخلافه ، إذ الوصف فيه غير مقوّم على الظاهر (١) لأنّهما واحد والأحوط التعيين مع العلم. أمّا بين الاستحاضة الكبرى والوسطى فلا بحث في عدم لزوم التعيين.

ولو دار بين نوعين مختلفين مع اتّحاد الصورة أجزأت نيّة الواقع عن التكرار مع جهل الفائت ، ولو دار بين متقرّب به وغيره ، كما إذا علم وجوب غسل بعض بدنه وجهل أنّه لبعض غسل أو رفع خبث فلا بدّ من نيّة المتقرّب به ، ويجزئ من غيره مع مساواة الهيئة (٢) ولو نوى غيره بطل.

ولو تعذّر جمع (٣) الشرائط غير طهارة الحدث (٤) قدّم الأهمّ على الأهمّ. ويحتمل تقديم المقدّم. ولو دار بين ارتفاع شرط وحصول مانع قدّم الثاني ، ويحتمل التخيير واعتبار التعادل ، ولعلّه أقوى.

ثمّ الشرائط أقسام ؛ الأوّل الطهارة ، وهي قسمان ؛ الأوّل الحدثيّة

وفيها مطلبان :

المطلب الأوّل : في الطهارة المائيّة

وهي قسمان : كبرى وصغرى.

أمّا الكبرى فهي خمسة أنواع : غسل الجنابة ، وغسل الحيض ، وغسل الاستحاضة ، وغسل النفاس ، وغسل مسّ الأموات ، وما قام مقامها من التيمّم. وأسبابها ما أضيفت إليه من الأحداث.

وأمّا الصغرى فهي الوضوء ، وما قام مقامه من التيمّم. وأسبابه أسباب الغسل ممّا عدا الجنابة ، والبول ، والغائط ، والريح ، والنوم ، ومزيل العقل ، والاستحاضة القليلة ، ثمّ الأسباب :

__________________

(١) في «ح» زيادة : في مقام التردّد.

(٢) في «ح» زيادة : وتعدّد الغسل مع احتمال كون الخبث ممّا يتوقّف زواله عليه واجب عليه.

(٣) في «م» : جميع.

(٤) في «ح» زيادة : المتعلّقة بالمختار.

٢٣

منها : ما يبعث على الغسل فقط ، وهو الجنابة.

ومنها : ما يبعث على الوضوء فقط ، وهي الستّة الأخيرة ، والاستحاضة الكثيرة بالنسبة إلى الصلاة التابعة لصلاة تقدّمها الغسل ، كالعصر والمغرب (١) إذا سبق عليها دمها الفرض السابق واستمرّ إلى اللاحق.

والمتوسّطة بالنسبة إلى ما عدا أوّل صلاة (٢) حدث قبلها الدم في ذلك اليوم ، والقليلة بالنسبة إلى الفرائض الخمس.

ومنها : ما يبعث على الغسل والوضوء معاً ، كمسّ الأموات ، والحيض ، والنفاس ، والاستحاضة الكبرى بالنسبة إلى كلّ صلاة غير تابعة ، كصلاة الصبح والظهر والمغرب بالنسبة إلى المستدامة في تمام اليوم ، والاستحاضة الوسطى بالنسبة إلى أوّل صلاة حدث قبلها الدم من الفرائض اليوميّة كالصبح أو غيره بالنسبة إلى من عرض لها الدم قبله ، اختصّ به أو استمرّ ، وينحصر البحث في مقصدين :

المقصد الأوّل : في الوضوء

وفيه مقامات :

المقام الأوّل في بيان أجزائه ،

وفيه أبحاث :

البحث الأوّل في تفصيلها

وهي ستّة :

أوّلها غسل الوجه. ثانيها : غسل اليد اليمنى. ثالثها : غسل اليد اليسرى مرّة مرّة ، وأمّا الغسل الثاني فيهنّ فيدخل في الأجزاء إذا أتى به ، وإذا ترك لم يترتّب على تركه نقصان (٣). وأمّا غسل الكفّين والمضمضة والاستنشاق فالظاهر خروجها ، ودخولها

__________________

(١) في «ح» زيادة : في المستمرّة عليها الدّم.

(٢) في «ح» زيادة : من الفرائض اليوميّة

(٣) في «ح» زيادة : لأنّ المعتبر في حقيقتها صحّتها.

٢٤

في المقدّمات (١).

والاكتفاء باقتران النيّة بها ، لقربها إلى الغاية قرب الأجزاء ، فحالها كحال البسملة والدعوات الموظّفة في الابتداء أو الأثناء.

رابعها وخامسها وسادسها : مسح الرأس ، ومسح الرجل اليمنى ، ومسح الرجل اليسرى مرّة مرّة.

ولا تكرار هنا على وجه الفرضيّة ولا الندبيّة ، لا على وجه الجزئيّة ولا على وجه الخارجيّة.

البحث الثاني : في بيان حقيقة الغسل

لفظ الغسل كلفظ المسح باقٍ على المعنى اللغوي.

وهو (٢) عبارة عن : إجراء الماء المطلق ، ولو ضعيفاً بمنزلة الدهن مع بقاء الاسم ، مع مساعد وبدونه ، مع الدلك وبدونه ، منتقلاً من بعض عضو إلى مثله أو إلى خارج ، بعضو من بدنه أو بغيره ، بالكفّ الأيمن أو الأيسر أو بهما أو بغيرهما.

أو إصابته كما في البواطن التابعة للظواهر ، ومنها ما تحت الجبيرة ونحوها ، مع إمكان إيصال الماء إليه.

أو بالغمس للأعضاء في قليلٍ أو كثير ، إدخالاً أو إخراجاً أو مكثاً ، مع التحريك وعدمه على إشكال ، أو مركّباً منها على اختلاف أنواع التركيب.

أو بالوضع تحت منحدر من ماء ميزاب أو بلابل (٣) أو ماء مطر وغيرها ، من المعصوم أو غيره.

وحيث إنّ الماء يمرّ منطلقاً على العضو ولا يرسب فيه أغنى الإجراء عن (٤) العصر ،

__________________

(١) في «ح» زيادة : ويترتّب على الدخول والخروج بعض الثمرات.

(٢) في «ح» زيادة : هنا على نحو الأجزاء المكمّلة للواجبات ، وهو في لغة العرب كمرادفه في باقي اللغات.

(٣) بلابل جمع من بلبل الإبريق أي قناته الصغيرة التي يصبّ منها الماء ، المنجد : ٤٧ ، وفي لسان العرب ١١ : ٦٨ البلبل ضرب من الكيزان في جنبه بلبل ينصبّ منه الماء.

(٤) في «ح» زيادة : النقص و.

٢٥

ولو في الشعر.

ولو انتقل الماء من جزء إلى آخر ثمّ من الأخر إليه كانا مغسولين ، ولو تعدّدت كيفيّات الغسل في العضو الواحد فلا بأس.

ولا يجب انصراف الماء عن الأعضاء المغسولة إلى خارج ، بل يكفي الانتقال من بعض إلى آخر ، بخلاف غسل النجاسات في أحد الوجهين.

وإطلاق الغسل ينصرف في الخبر والعهد والقسم والنذر إلى ما كان بالماء المطلق ، وما كان بغيره من ماء مضاف أو غيره ، فلا يصدق إلا مع القرينة من الإضافة ونحوها.

ويجزي في الغسل أن يأخذ من ماء عضو مغسول لغسل غيره ، ولو بمسحه عليه ، حتّى يتحقّق الإجراء بسببه ، مع عدم الإخلال بشرط.

ولو خرج عن الإطلاق للامتزاج بوسخ أصابه من بعض العضو فلا يجزئ إجراؤه على البعض الأخر ، فضلاً عن العضو الأخر. ومع الشكّ في ذلك لا مانع ، والبناء على المداقّة في مثل ذلك تبعث على الوسواس.

ويتحقّق الغسل بمجرّد وصول الماء بالنسبة إلى ما يلحق بالظاهر من البواطن ، كبعض ما تحت الأظفار ، والمتّصل بباطن الأنف والأُذن ، وما تحت الجبائر والعصائب ونحوها كما تقدّم.

البحث الثالث : في بيان حقيقة المسح

وحقيقته في لغة العرب (١) كمرادفه في سائر اللغات جرّ الشي‌ء على الشي‌ء مع مماسّته له ، إمّا مع بقائه متّصلاً كالماء ورطوبته ، أو مع الانفصال كالمسح باليد ونحوها ، وبالتراب والغبار غالباً.

والغسل والمسح بالماء وبغيره على وجه الحقيقة أو المجاز يتصادقان حيث يحصل الإجراء والجرّ ، ويفترقان مع الافتراق مع كثرة المجرور وقلّته فيهما. ومع اجتماع

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤١٢ باب ما أوله الميم وآخره الحاء.

٢٦

الصفتين (١) يجتزئ به في محلّ الغسل والمسح.

فلا بأس بكثرة رطوبة الماسح ما لم يخرج عن الاسم ، ولا بكثرة رطوبة الممسوح ما لم تغلب رطوبة الماسح ، إلا أنّه لا تجوز نيّة الغسل في موضع المسح ، ولا العكس.

وليس الفارق بين الحقيقتين النيّة ، بل التفرقة ذاتيّة ، لأنّ الأقسام على التحقيق أربعة : غسل ومسح ، وغسل ولا مسح ، ومسح ولا غسل ، ولا غسل ولا مسح ، فإنّ مجرّد إصابة حجر الاستنجاء وإصابة الجبيرة برطوبة الماء وإصابة الكفّ الرأس أو الكفّين ظهر القدم وهكذا لا يسمّى مسحاً ولا غسلاً.

ولا يقوم الغسل مقام المسح إلا مع التقيّة ، ويقوم المسح مقامه في الجبائر ونحوها.

ولا يجب الاستمرار في المسح ، فلو فصل بين أجزاء الممسوح فلا بأس.

البحث الرابع : في الغاسل

لمّا كان الغسل يتحقّق بمجرّد الإصابة مرّة ، وبالإجراء أو بالغمس مرّة ، كان الغاسل هو الفاعل لذلك.

ولا فرق في الإجراء بين أن يكون بالنقل من جزء إلى جزء ، أو بالصبّ المتفرّع عليه ذلك النقل ، فإن انفرد أحدهما عن الأخر فالحكم واضح ، وإذا اجتمعا فالظاهر أنّه المتولّي للإجراء إن تلقّاه قبل الاستيلاء ، ولو تلقّاه بعده كانا غاسلين ، والمستعمِل لعضو غيره هو الفاعل.

ثمّ لو بنى على الصبّ لم يفترق الحال بين التولّي له أو الوضع تحت ماء منصبّ من مطر أو ميزاب أو إناء مكفوّ أو نحوها.

ولا يجوز تولّي الإنسان له مع الاختيار عاقلاً أو لا ، ولا بالغاً أو لا ، مملوكاً أو لا ، أجيراً أو لا (٢) ، ولا بأس بفعل الحيوان الغير المعلّم ، وفي تولّي الصامت المعلّم إشكال.

ولو أراق الإنسان ماء اتّفاقاً ، أو بقصد غسل بدنه أو بدن غيره ، ووضع المغسول

__________________

(١) في «س» ، «م» : الصنفين

(٢) في «ح» زيادة : ويحتمل في غير المميز الإلحاق بالحيوان.

٢٧

تحته أو وضع تحت المتقاطر وإن كان أصل الصبّ بالقصد قوي الإجزاء على إشكال أشدّه في القسم الأخير.

ولو تشاركا فيما يتحقّق به الغسل من الصبّ أو الإجراء ، فإن اختصّ أحدهما بصدق الاسم فالحكم واضح ، وإن اشتركا في صدقه على نحو يصحّ الإسناد إلى كلّ منهما على الاستقلال صحّ. وإن لم يصحّ الإسناد (١) إلا إلى الخارج أو المجموع بطل.

ولو صبّ الخارج فأجرى الداخل ، أو أجرى القطرات المتخلّفة بعد الصبّ ، أو صبّ الداخل صبّا مستولياً فأجرى الخارج لم يكن بأس.

ولا يكون المغسول مغسولاً حتّى يصيبه الماء ، فلو كان الماء محجوباً عنه لم يسمّ مغسولاً.

ووحدة الغسل وتعدّده بتعدّد الإجراء وإصابة الماء معاً أو الصبّ أو الغمس ، فانات المكث وتعدّد الجريات في الجاري ونحوه واختلاف السطوح بالتحريك ليس من المتعدّد ، نعم يحصل منها غسل لمغسول آخر ، وابتداء غسل إن لم يسبق بقصد غسل غيره.

والاكتفاء بالآنات المتأخّرة من دون اختلاف السطوح في تحقّق الغسل فيما لم يكن المطلوب منه نفس الإصابة لا يخلو من إشكال ؛ وإن كان القول بالجواز لا يخلو من وجه ، لا لأنّ البقاء يحتاج إلى المؤثّر ، بل هو داخل في التكوين ، والإصابة في الكون الأوّل تؤكّد ما يكون في الكون الثاني ولا تنفيها.

فالبقاء في المغصوب وفرج الزانية مثلاً غصب وزناء ، فوجود بعض الأعضاء حال الرمس في الماء قبل بعض لا ينافي حصول غسل الجميع دفعة.

ويرجع إلى تحقيق العرف ، فإنّ المولى لو أمر العبد بغسل يده وكانت في الماء لم يتوقّف الامتثال على إخراجها ثمّ إدخالها.

هذا مع عدم اختلاف سطوح الماء ، فضلاً عن اختلافها اللازم من إتباع ما خرج من الأعضاء.

__________________

(١) في «ح» : الاستناد.

٢٨

فلو نوى وتمامه في الماء مع المكث فضلاً عن التحريك عدّ غاسلاً ، وفي جواز الغسل تحت المطر أكمل شاهد على ثبوت بعض ما تقرّر ، والله أعلم.

البحث الخامس : في الماسح

وهو الجاري على الشي‌ء ، والممسوح وهو المجريّ عليه (ويتمشّى فيه باعتبار الوحدة والتعدُّد ، وصحّة الإسناد وعدمها نحو ما في الغاسل) (١). ولو تجاريا كلّ واحد منهما على صاحبه تماسحا ، وكان كلّ منهما ماسحاً وممسوحاً ، فيصدق وصف المسح على كلّ منهما ولا يخلّ اشتراك الأخر معه في الصدق واضعاً لطول الماسح أو عرضه على طول الممسوح أو عرضه. ومع اعتبار التبعيض لا تقف الأقسام على حدّ ، وهو في مسح الرأس (٢) باطن كفّ اليمنى كلا أو بعضاً (٣) ممّا يسمّى مسحاً ببعض الرطوبة الباقية بها ، قلّت أو كثرت ، من رطوبة الوضوء في ذلك المحلّ حين المسح.

فلو أحرزها خارجاً أو في المحلّ (بعد الفصل ثمّ) (٤) مسح بها لم يجز.

(وفي مسح القدمين ظاهراً بباطن الكفّين ، كلّ واحد بما يسامته من القدمين بشي‌ء من الرطوبة الباقية فيهما ، على نحو ما مرّ) (٥).

فإنّ تعذّر بطن اليمنى عاد إلى ظهرها ، فإن تعذّر فإلى بطن اليسرى ، ثمّ إلى الباقي من اليد الأقرب فالأقرب ، ثمّ إلى سائر البدن كذلك ، ثمّ إلى غير ذلك على تأمّلٍ في وجوب ذلك.

وذو اليمينين الأصليين أو المشتبهتين أو الشمالين كذلك يمسح بهما معاً كلّ في

__________________

(١) ما بين القوسين أثبتناه من «ح».

(٢) في «س» ، «م» زيادة : ظاهر.

(٣) في «ح» زيادة : وليس مسطّح الأنامل منه.

(٤) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : ثمّ بعد الغسل.

(٥) بدل ما بين القوسين في «س» : بشي‌ء من باقي الرطوبة في باطن الكفّين كلّ واحد لما سامته من القدمين.

٢٩

مقامه ولا يمسح بمعلومة الزيادة (والأحوط المسح بها مضافة ، والقول بالإجزاء ببعض إحدى الأصليّتين قويّ) (١). ومجرّد نفوذ الرّطوبة إلى الممسوح لا تجزي.

ومن كان على كفّه أو ما قام مقامه حاجب معلوم الحجب أو مشكوكه وجبت إزالته أو تحريكه ، ومع الشكّ في أصله يحكم بنفيه.

ولو جعل الماسح ممسوحاً أو بالعكس بطل. ولو تماسحا صحّ ، ولو مسح بقوّته بعضو غيره فيما لم يجب فيه المسح بعضوه كمسح الجبائر ونحوها لم يكن بأس.

وفي اشتراط استمرار جزء من الماسح في أسفل الممسوح إلى أعلاه وجه (٢).

ومع الخلوّ عن المتعلّق يتحصّل ماسح وممسوح (ومع وجوده يتحصّل ثالث) (٣) هو الممسوح به.

ولا يكون الماسح للشي‌ء ماسحاً حتّى يباشر بشرة الممسوح ، فإن حصل حاجب عن المباشرة ومسح عليه كان الممسوح الحاجب دون المحجوب ، ويقدّم مسح الحاجب على التيمّم على الأقوى.

ولا يتكرّر المسح بتعاقب الأجزاء ، ولا بفواصل الماسح مع اجتماعها في الإصابة في المسح الواحد ، ولو ترتّب من دون فصل معتدّ به قوي ذلك أيضاً ، ولو كرّر الدلك من دون انفصال لم يكن من تكرار المسح ، ولو نوى به التكرار متعبّداً كان مشرّعاً ، كما أنّه لو نوى بغسله المسح أو بالعكس كان كذلك.

البحث السادس : في المغسول من الأعضاء وهي ثلاثة :

الأوّل : الوجه ، والظاهر بقاؤه على المعنى اللغوي بمعنى مجموع ما يواجه به مطلقاً أو من خصوص الإنسان ، فيكون معنى ثان ، فيدخل فيه الصدغان والبياضان اللذان تحدّهما الأُذنان ، دون النزعتين (٤) ، وما كان من البياض خلف الأُذنين أو عن الجانبين.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) بدل ما بين القوسين في «ح» كذا : ورطوبة ممسوح بها ومع وجوده يتحصّل رابع.

(٤) وهما البياضان المنكشفان للناصية ، كما سيأتي.

٣٠

ولا يخلو من إجمال فالوجه المراد به في التيمّم لثبوت الحكم خصوص الجبهة ، وفي الوضوء ما يشملها مع بعض ما تقدّم تحديده ، ولا ربط له بصدق حقيقة الاسم ، ودعوى الشرعيّة فيهما أو في أحدهما والاشتراك بين الكلّ والبعض لفظاً ومعنًى أو اختلاف الحقيقة باختلاف المقام منفيّة على الأقوى.

فالوجه بالمعنى الأصلي أوسع من وجه الوضوء ، وهو أوسع من وجه التيمّم.

وللوجه اللازم غسله في الوضوء حدّان : حدّ بحسب الطول ، والآخر بحسب العرض.

أمّا الطول فهو من قصاص شعر الرأس من المقدّم ممّا يسامت أعلى الجبهة لمستوي الخلقة من الناس ممّن يكون نبات شعره على وفق العادة ، لا أصلع قد وافق بعض مقدّم رأسه الجبهة في الخلوّ عن الشعر ، ولا أغمّ قد وافق بعض الجبهة منه مقدّم الرأس في نبات الشعر ، ويحصل بحسب ذلك اختلاف جزئيّ. وهذان يرجعان إلى المستوي ، ويعتبران من الحدّ بنسبته.

وحيث إنّ قصاص الشعر فيه تفاوت جزئيّ باعتبار محالّه لزم التفاوت في طوله بسبب اختلاف الجهات.

وينتهي طوله في الجانب الأسفل إلى منتهى (١) سطح الذقن وهو مجمع اللحيين وقد يحصل فيه اختلاف جزئيّ بسبب التفاوت في غايته.

وأمّا مقدار عرضه فيعلم بوضع وسط ما بين طرفي الإبهام والوسطى على وسط القصاص على وجه يأخذ فيه شيئاً من القصاص ؛ ليعلم الإحاطة ، وعلى نحو يدخل جميع البياض المنحطّ عن القصاص.

ويتوقّف ذلك على إدخال شي‌ء من الشعر تحت الامتداد ليستغرق ما اكتنفه من البياض ، ثمّ يجرّهما إلى منتهى الذقن (٢) ، فما دخل تحتهما داخل ، وما خرج خارج (٣).

__________________

(١) في «ح» : مسطّح أعلى الذقن وهو مجمع اللحيين دون مسطّح حدّه.

(٢) في «ح» زيادة : الأعلى.

(٣) في «ح» زيادة : ويمكن أن يستفاد من الجري الوارد في الخبر الاختصاص بالظاهر ودخول ظاهر الشعر.

٣١

هذا إذا كانت الأصابع مع الوجه متناسبة ، بأن تكون النسبة بينهما على نحو نسبة مستوي الخلقة ، فلو اتّسع الوجه وقصرت الأصابع ، أو ضاق وطالت ، لوحظ ما ناسب الوجه من الأصابع حتّى تكون بينهما نسبة كنسبة ما بينهما إلى المستوي.

وهذا معنى الرجوع إلى المستوي ، لا بمعنى اعتبار مقدار وجه المستوي وأصابعه ، فإنّه يلزم في ذلك خروج أكثر الوجه ، أو دخول كثير من البدن فيه في بعض الآحاد ، وإذا عمل المستوي عمله وعُلِمت حدوده عمل غيره على تلك الحدود.

ويعتبر الاستواء في تسطيح الجبهة والخدّين والسعة فيهما وخلافهما ، وطول الأصابع وقصرها ، وعلوّ الأنف وهبوطه ، وقطعه ووصله ، وطوله وقصره ؛ لحصول الاختلاف باختلافها.

ويعلم من ذلك كلّه خروج النزعتين ، وهما البياضان المكتنفان للناصية ، والبياض المحيط بالأُذنين (١) ومواضع التحذيف ما بين النزعة والصدغ والصدغين ، بناءً على أنّ الصدغ عبارة عن الشعر المقابل للأُذن المتّصل أسفله بالعذار ، ولو جعلناه عبارة عمّا بين العين والأُذن دخل بعض وخرج آخر.

والعذار وهو ما حاذى الأُذن بين الصدغ والعارض يدخل بعضه ، والعارض وهو الشعر المنحطّ عن القدر المحاذي للأُذن ، أي العذار إلى الذقن ، وهو مجمع اللحيين داخل كمسطّح الذقن (٢).

ومعرفته على التحقيق من هذا التحديد أمر مشكل ، خصوصاً على العوام ، لاختلاف الوضع والإمرار غالباً. وإنّما اللازم إذن أن يعتمد غسل ما يطلب غسله من الوجه ، فإذا أتى بما يزيد احتياطاً فرغت ذمّته ، وليس عليه الوقوف على نفس الحدّ وعدم التجاوز.

(نعم لو أدخل الزائد عمداً محدوداً أوّلاً في مبدأ نيّة الوضوء أو العضو أو مع بعض

__________________

(١) في «ح» زيادة : والصدغين.

(٢) في «ح» زيادة : وجميع ما انحطّ عن طرف الأنف من الوجه ، ولو وضع وسط المقدار على طرف الذّقن أو على طرف الأنف لدخول ما تحته من غير تقدير فأجراه متصاعداً إلى القصاص أغنى في التقدير ، غير أنّ الأوّل أسهل وأدلّ ، وغير أنّه لا ينبغي التخلّف عن مدلول الروايات الواردة في التقدير ، ولا ينبئك مثل خبير.

٣٢

أعضاء أُخر في وجه أفسد المشمول ما اشتمل ، وفي الإدخال مع الإفراد في الأثناء بين الأعضاء فضلاً عن الانتهاء لا يحكم بالفساد ، والعمل على الاحتياط في القسم الأوّل أولى) (١).

وليس المراد من دوران الإبهام والوسطى في الروايات وكلام الأصحاب ، الدوران البركاري (٢) ، وإلا لزم خروج كثير من الجبهة من الجانبين ، وكثير من صفحتي الخدّين ، ودخول ما خرج ممّا حول الصدغين ، ومخالفة ما بلغ حدّ الظهور ، لموافقته لفهم المشهور (على أنّ جري الإصبعين لا يكون في البركاري أنّه لا ينفع حين العمل ، واعتبار وضع الحدود المستقبلة لا وجه ، ووصف الاستدارة في المجرّى عليه لا يناسبه) (٣) مع أنّ إرادة الدائرة البركاريّة لا يناسب الخطابات الشرعيّة.

ثم بعد أن اتّضح أنّ الوجه باقٍ على المعنى اللغوي ، وأنّ التحديد في الوضوء والتيمّم حكميّ لا اسميّ كان الحكم في وجه الإحرام ، ووجه الإرغام (٤) ، ووجه التقبيل ، ووجه الصلاة ، ووجه النظر ، ووجه النذر أو شبهه ، ووجه الغسل لأكل الجنب ، ووجه الدعاء وغيرها باقياً على الأصل.

ويراد من الوجه في إطلاق الاسم (٥) أو في خصوص الحكم الظاهر دون الباطن. فلا يدخل فيه باطن المنخرين والعينين ، وموضع تطبيق الشفتين والجفنين ، وما ظهر من الباطن من الظاهر ، وما بطن من الظاهر من الباطن.

وما خرج عن الحدّ بالانسلاخ مع التدلّي أو دخل فيه بالانسلاخ من غيره يبقى على حكمه السابق ما لم يتّصل بالجديد ، فيلتحق به.

وما تحت الشعر من الظاهر ، ولعلّ اسم الوجه يفيده. فلو أدخل الماء تحت الشعر فأصاب البدن دون الشعر أجزأ ، غير أنّ الشعر بدله على نحو ما سيجي‌ء.

__________________

(١) ما بين القوسين أثبتناه من «ح».

(٢) في «س» ، «م» : البركالي ولعلّه معرب «پرگارى».

(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «م».

(٤) قد تقرأ في النسخ : الإدغام.

(٥) في «ح» زيادة : فيكون دليل الحكم.

٣٣

(وأمّا ما تحت الشعر من الشعر فلا ، إلا مع الكشف ، فيقوم مقام الظاهر. ومنابت شعر الأجفان وما بين شعرها وباطنها من البواطن ، فإذا أُزيل الشعر تعيّن ما ظهر بعد زواله شعراً أو غيره) (١) ، وإذا أُزيل الشعر تعيّن المبدل (٢) ، والكثيف والخفيف متساويان في البدليّة عمّا تحتهما على الأقوى.

(وباطن كلّ من الأعضاء داخل تحت الاسم فله أبعاد ثلاثة خارج عن الحكم حتّى يدخل في الظاهر ، وفي الوجه يحتمل ذلك ، ويحتمل تخصيصه ببعدين دون العمق ، فبالظهور يدخل في الاسم والحكم) (٣).

وصاحب الوجهين إذا كان ذا رأسين على بدن (٤) وعلم باختلاف النوم كونهما اثنين كان الوجهان كوجهي شخصين ، وإلا فإن علم أو احتمل كونهما أصليّين لزم غسل الوجهين (٥) ، وإلا فاللازم غسل الأصليّ فقط من الاثنين ، والأحوط كونهما في لزوم الغسل مطلقا متساويين.

ولا بدّ من العلم بوصول الماء إلى البشرة أو المظنّة المتاخمة معه. فلو حصل حاجب وشكّ في حجبه لزم رفعه أو تحريكه إن حصل به الغرض. والشك في أصل الحاجب يقتضي الحكم بنفيه عملاً بالأصل ولو لا تحكيمه لقضى احتمال الرعاف وحصول الرمص (٦) وبعض فضلات الأنف ودم القمّل والبرغوث والبعوض ونحوها بالفساد والأحوط خلافه.

الثاني والثالث من الأعضاء المغسولة : اليد اليمنى واليد اليسرى.

وهما بحسب اللغة والعرف العامّ عبارة عن العضوين المقابلين للرجلين ، من المنكبين إلى أطراف الأصابع.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) في «ح» زيادة : لعدم بقاء البدل.

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٤) في «س» ، «م» : حقو.

(٥) في «ح» زيادة : وفي لزوم الابتداء بالأعلى في واحد أو في الاثنين وجهان ، وفي تخصيص الأعلى وجه.

(٦) والرمص : وسخ يجتمع في مؤخر العين الصحاح ٣ : ١٠٤٢.

٣٤

وإطلاقهما على المبتدئين بالمرفقين في الوضوء ، وبمفصلي الزندين في التيمّم والغَسل قبل الوضوء أو الغُسل أو الأكل ، وبمفاصل الأصابع في قطع السرقة منتهيتين في الجميع إلى أطراف الأصابع ؛ لتحديد الحكم ، مع المجازيّة في الاسم.

واحتمال الحقيقة الشرعيّة في الجميع أو البعض ، والاشتراك اللفظي بين الكلّ والبعض واختلاف الحقيقة العرفيّة باختلاف المقامات في الكلّ أو البعض بعيد عن التحقيق على اختلاف مراتبه.

والمرفقان داخلان في المغسول ، فيدخل شي‌ء من فوقهما من باب المقدّمة.

والمرفق : مجمع أصلي الزند وشعبتي العضد ، فالمفصل وسطه دون نفس المفصل كما قيل. (١) ويختلف الحكم باختلاف المعنيين.

وكلّما كان نابتاً تحت المرفق أو عليه من يد أو عَظم أو غُددَ أو ورم أو لحم زائد وجب غسله وكذا كلّ ما كان على الأعضاء ويعطى حكمه حكم محلّه. وما كان فوق ذلك يسقط حكمه إلا ما كان من يدٍ لم تُعلم زيادتها ، علمت أصالتها أو شكّ فيها.

ومن قطعت يده من المرفق ولم يبقَ منه شي‌ء سقط حكمها وإن قيل باستحباب غسل ما بقي من العضد (٢) ـ وبقي على غسلين ، وإن حصل ذلك في اليدين اقتصر على غسل الوجه.

ومن أحاط بتمام عضوه عظم نجس أو لحم كذلك أو مال مغصوب أو ما يجب دفنه (٣) وكان في قلعه إضرار سقط حكمه.

ويحتمل الفرق بين تكوّنه جزأ منه وينزل منزلة التالف وينتقل حكمه إلى حكم الجزء فيغسل مع عدم المانع وعدمه وجعله من قبيل التلف مطلقاً ؛ لحصول الإضرار فلا يلزمه سوى العوض في الغصب ، وتصحّ طهارته حيث لا تبقى نجاسته (٤).

__________________

(١) الصحاح ٤ : ١٤٨٢.

(٢) الدروس ١ : ٩٢.

(٣) في «ح» زيادة : في وجه.

(٤) في «ح» زيادة : مع البقاء.

٣٥

ويحتمل إرجاعه إلى حكم الجبائر أو المقطوع أو الرجوع إلى التيمّم. ومع عدم الإحاطة يجري ما مرّ في المحاط. ويجري مثل هذا الكلام في الأغسال.

ويلزم في جميع المغسولات الاستيعاب بحيث لا يبقى مقدار شعرة منها ، فإن بقي شي‌ء ولم يعد عليه أو عاد وقد فاتت الموالاة بطل وضوؤه.

ويلزم تنظيف الوسخ المانع من وصول الماء في الوجه أو اليدين والكفّين والمرفقين وعقد الأصابع والرمص إذا اتّصل بالبشرة ، والكحل والكتم (١) والحناء والخطاط البالغة حدّ العلم بالحجب أو الشك فيه.

وأمّا وسخ الأظفار فإن زاد على المتعارف بحيث استعلى على بعض الأنملة وجبت إزالته ، وإلا فلا (كما ينبئ عنه النهي عن التعرّض للوسخ تحت أظفار الميّت) (٢).

والظاهر أنّ حكم المستور بالشعر جار في جميع المغسولات في الوضوء لا في خصوص الوجه ، والأحوط الاقتصار عليه ولو تكاثف (٣) عليهما الشعر أجزأ غسله عن غسل البشرة ، والأحوط غسلها (٤).

البحث السابع : في الأعضاء الممسوحة )

وهي ثلاثة :

الأوّل : مقدّم الرأس ـ كلا أو بعضاً ولو أقلّ من إصبع بأقلّ من إصبع ـ وهو الربع المسامت للجبهة دون الخلف والجانبين ، والقُنّة (٦) التي هي محلّ اجتماعها. وتخصيص الناصية وهي ما أحاط بها النزعتان وهما البياضان المرتفعان من جانبي الجبهة أولى.

__________________

(١) الكتم : نبت فيه حمرة يخلط بالوسمة ويختضب به للسواد المصباح المنير : ٥٢٥.

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» و «م».

(٣) في «س» ، «م» تكاشف.

(٤) في «ح» زيادة : وذو الأيد المتعدّدة يجري فيه ما يجري في ذي الرأسين والسابع والثامن الماء المغسول به والممسوح به وسيجي‌ء حكمهما.

(٥) في «ح» في الممسوح من الأعضاء.

(٦) قنّة كلّ شي‌ء : أعلاه مثل القُلّة. لسان اللسان ٢ : ٤٢٤.

٣٦

والمسح إمّا على نفس البشرة ولو بتفريق الشعر أو إدخال اليد تحته ، وإمّا على الشعر النابت فيه ؛ إمّا على أُصوله أو أطرافه ما لم يخرج بمدّه مع جمعه أو استرساله عن حدّه ، فلو نبت في غيره لم يصحّ مسحه وإن كان فيه ثمّ استرسل إلى غيره ولو بالإرسال ، أو كان بحيث لو مُدّ استرسل لم يجز المسح على ذلك المسترسل فعلاً أو قوّة.

ولو مسح الكفّ بالرأس لم يجز ، ولو تماسحا قوي الجواز ، واعتبار مقدار ثلاثة أصابع مبنيّ على الاستحباب ، ولو مسح الشعر فأزيل قبل تمام الوضوء أو العضو (١) لم يكن بأس.

وذو الرأسين يمسحهما معاً إن كانا أصليّين أو مشتبهين (٢) ، ولو علم الزائد لم يتعلّق به حكم على الأقوى ، بخلاف حكم الغُسل في الغَسل ، وليس يتمّم الغَسل كالغُسل. لكنّ البناء على التساوي أحوط.

ومن كان على رأسه حاجب يحجب عن المباشرة وجب رفعه أو تحريكه مع العلم بحجبه والشكّ فيه. وما لا يعلم وجوده محكوم بعدمه ، والمسح على الحاجب من عمامة أو خُفّ أو غيرهما مقدّم على التيمّم على الأقوى ، وليست الدسومة واللون من الحاجب ، ووجود الأجزاء الغير المحسوسة فيها لا ينافي إجراء حكم الأعراض عليها.

وتلزم سلامة الرأس من حناء ونحوها ممّا يحيل رطوبة الماسح إلى غير حقيقتها إن لم تكن حاجبة ولا يصحّ المسح بالكفّ المغصوبة العين أو المنفعة.

الثاني والثالث : الرجل اليمنى والرجل اليسرى. وهما وإن كانا في أصل اللغة عبارة عن العضوين من مبدأ الفخذين إلى باطن القدمين ، لكن يراد بهما في باب القطع والوضوء نفس القدمين إلى الكعبين (٣) ، وهما على الأصحّ قبّتا القدمين ، محلّ معقد شراك النعلين دون الظنبوبين والمفصلين بين الساقين والقدمين.

__________________

(١) في «ح» بدل «أو العضو» : أو مسح ما يلزم مسحه من العضو فكشفت.

(٢) في «ح» زيادة : والأقوى الاكتفاء بأحدهما في أوّل القسمين.

(٣) في «ح» زيادة : على وجه الاشتراك بين الكلّ والجزء لفظاً أو معنىً أو الحقيقة الشرعيّة في الأخيرين أو المجازيّة.

٣٧

ويلزم الاستيعاب الطولي من أيّ جزء ابتدأ مسامتاً للكعبين أولاً بحيث يحيط بما بين الكعبين والأنامل بحسب الطول ، ويجب إدخالهما فيدخل بعض ما فوقهما وبعض مسطّح الأنامل من باب المقدّمة.

والمقطوع من أحد الجانبين يكتفي فيه بإيصال المسح من محلّ القطع إلى الكعبين على إشكال ، خصوصاً ما لو قاربهما.

ولا يجب تخفيف رطوبة الماسح والممسوح إلا إذا قضت الثانية باستهلاك الأُولى قبل المسح أمّا لو استهلكت الأُولى الثانية أو ساوتها فلا بأس على إشكال في الأخير ، ولا يعتبر ظهور التأثير وإن كان الاحتياط فيه.

الظاهر من تحت الأظفار ليس من الظاهر ما لم يتجاوز المعتاد فيأخذ بعضاً من الأنامل ، وغير المعتاد بطونه من الظاهر يجب غسله بعد القطع على سبيل القطع ، وقبله لا قطع في وجوب (١) القطع ؛ لكنّه أوفق بالاحتياط.

ولا يجب استيعاب العرض ، بل يكفي مسح بعضه وإن قلّ ، ببعض باطن كفّه وإن قلّ. وتجب المباشرة.

والمقطوع بحجبه والمشكوك فيه لا يقوم مقام المحجوب. والأحوط إيصال المسح إلى المفصلين دون الساقين ، وهما على قول (٢) محلّ الكعبين.

ولو تكاثف الشعر على ظهر القدمين قوي الاكتفاء بالمسح عليه ، والأحوط خلافه ، وتلزم سلامة القدمين من غبار ونحوه يخرج رطوبة الماء عن حقيقتها.

ويجب إدخال الحدود في المغسولات والممسوحات لتحصيل يقين الفراغ ، ولو قصد دخولها فيها أو دخول غيرها من الخارج مُدخلاً لها في قصد الجملة في مغسول أو ممسوح بطل الوضوء ، وإن أدخلها مع البعض فسد ، ولو أضافها بعد تمام الواجب في العضو بقي على صحّته ، وإن شرّع في فعله ، ولو أتى بها بقصد الاحتياط أو مع الذهول وتعلّق القصد بالواجب فلا بأس.

__________________

(١) في «ح» زيادة : الإدخال أو.

(٢) في «ح» زيادة : بعيد عن ظاهر اللغة والشرع والعرف.

٣٨

ولا يشترط الاستمرار في شي‌ء من المغسول والممسوح بل لو أتى بالفعل شيئاً فشيئاً فلا بأس. ويتمشّى هذا الحكم في سائر المحدود ممّا يتعلّق بالطهارة المائيّة وغيرها ، والحكم فيها بأقسامها متعلّقه الظاهر دون الباطن.

ولو ظهر الباطن أو بطن الظاهر انقلب الحكم. ولو جاء بالعمل فانقلب أجزأ الأوّل ، ولو أتى بشي‌ء من الغسل والمسح في مقام آخر بطل.

ولا تلزم معرفة الحدود ، وإنّما اللازم استيعاب المحدود ، وتكفي نيّته على الإجمال.

وزوال المغسول والممسوح يرفع الحكم دون الغاسل والماسح ، فلا ينتقل (١) فيهما من ظاهر إلى باطن ، ولا إلى مجاور على الأظهر.

ولا يجوز المسح على القدم ولا بالكفّ المغصوبتين ، وإن قلنا بارتفاع نجاستهما بالانتقال ، وكذا جميع الأعضاء التي تعتبر مباشرتها في العبادة.

المقام الثاني : في بيان شروطه

وهي بعد الإسلام والإيمان الباعثين على طهارة الذات من خبث الكفر الإسلامي والإيماني إذ هما أعظم من خبث البدن والعقل والبلوغ على تفصيل سبق أُمور :

أحدها : الترتيب بين أجزائه )

وهو شرط في الاختيار والاضطرار ، في واجبه ومندوبه ، فلا بدّ من غسل الأعضاء المغسولة ومسح الممسوحة على الترتيب المذكور بتقديم الوجه ، ثمّ اليد اليمنى ، ثمّ اليسرى ، ثمّ الرأس ، ثم القدمين ، ولا ترتيب بينهما على الأقوى ، فلا تصحّ من مائة وعشرين حاصلة من الضرب سوى صورة واحدة ، ولو اعتبرنا الترتيب بين القدمين لم تصح من سبعمائة وعشرين صورة سوى صورة واحدة أيضاً.

وإذا لوحظ الترتيب بين السنن بعض مع بعض ، وبينها وبين الأجزاء زادت الصور

__________________

(١) في «س» ، «م» : فلا سبيل.

(٢) في «ح» زيادة : دون مقدّماته على الأقوى.

٣٩

على أُلوف الأُلوف ، ويبنى اختلاف أقسامها بالصحّة والفساد على اختلاف الفروض.

فلو قدّم مؤخّراً من الأجزاء كلا أو بعضاً على مقدّم كلّ أو بعض فسد ما كان من المؤخّر عامداً كان أو ناسياً ، مختاراً أو مضطرّاً ، وصحّ ما تقدّم ممّا أتى به مرتّباً إن لم تفت الموالاة ولم يدخل العكس في نيّة الجملة أو بعضها ، بل أتى به ابتداء ، ولو أدخله في نيّة الجملة فسد بجملته أو نيّة بعضه فسد بعضه.

ولو عرض له خلاف الترتيب بوجه يعذر فيه صحّ ما عمل من المقدّم ، وأعاد ما قدّم من المؤخّر إن لم تفت الموالاة ، ولو قُطع مقدّم ففُعِل مؤخّر ثم عاد المقدّم عليه لم يجب العود عليه.

ولو أتى بالمقدّم مؤخّراً غير ناوٍ للتقرّب بتأخّره صحّ إذا لم تفت الموالاة بتوسّط المؤخّر.

ولو رمس عضوين أو أكثر ممّا فيه الترتيب دفعة قاصداً للترتيب في الآنات فضلاً عن الجريان (١) قوي الجواز ، غير أنّ الاحتياط في تركه.

ويكفي في الإتيان بالترتيب وغيره من الشرائط حصولها اتّفاقاً ، فلا يشترط علمها ولا نيّتها ، ولا تفاوت في المتخلّف من المقدّم بين القليل ولو بقدر الذرّة وبين الكثير.

والظاهر أنّه لا ترتيب بين السنن المتقدّمة بعضها مع بعض من أقوال وأفعال ، فله الإتيان بالبسملة والمضمضة والاستنشاق على الانفراد والاجتماع مع عكس الترتيب.

نعم لا بدّ من تقديمها على الأجزاء (مقارنة لما يناسبها أو متقدّمة أو متأخّرة.

وعلى القول باشتراط الترتيب أو مطلقاً على اختلاف الوجهين لو شكّ في سابق بعد الدخول في اللاحق لم يلتفت ، بخلاف الأجزاء المقوّمة) (٢).

ولو أتى بها لمجرّد التنظيف ما لم تستتبع مرجوحيّة خارجيّة فلا بأس بها مطلقاً.

ولا بين الدعوات الموظّفة وأعمالها ، فلا يعتبر سوى الإتيان بالأعمال. والظاهر اعتبار موافق العادة من الاتّصال.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في «م» ، «س».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٤٠