كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-953-4
الصفحات: ٤٦٣

فالعمل على الأجمع والأكثر.

وإذا رأت مرّتين (١) أحمرين أو أسود وأحمر أو أشقر وأحمر أو أشقرين أو ما تكرّر فيه بعض الصفات الأُخر ، والباقي أنقص حالاً من المتكرّر (٢) إذا كان ، فالمسألة مبنيّة على انّ أحكام الحيض تعبديّة ، أو من الظنون الاجتهاديّة ، وأنّ المدار في إثبات العادة على حصول ما يكون مرئيّاً كائناً ما كان أو على خصوص الجامع للصفات.

وإثبات العادة بغير الجامع للصفات في غاية الإشكال ، فالأحوط حينئذٍ الجمع بين حكم المعتادة والمضطربة. (٣)

__________________

(١) في «م» ، «س» زيادة : أسودين ، أو مرّتين.

(٢) في «ح» زيادة : و.

(٣) ما بين هذا المعقوف وزوجه الآتي بعد عدّة صفحات لا يوجد في «م» ، «س» ويوجد فيهما بدله :

وتتحيّض هذه برؤية الدم في العادة دون ما قبلها وما بعدها ، أو فيما قبلها فقط ، أو فيما بعدها كذلك ولجواز كون وقت العادة تقدّمه الحيض أو تأخّر ولا يجعل بياض العادة حيضاً ، ولو كان مع الإضافة إلى ما سبقه من الدم أو لحقه ولا يزيد على عشرة.

ولو رأته قبلها وفيما قبلها أو فيما بعدها أو فيهما معاً ، مع فصل أقل الطهر ، وعدم الزيادة على العشر وعدم النقص على الثلاثة ، كان كل واحد حيضاً على الاستقلال ، ساوى العادة ، أو زاد عليها أو نقص ، ومع الزيادة على العشرة ، ترجع إلى أيام العادة.

وإن لم يفصل أقل الطهر ولم يكن مضادّة ، بأن لو يزد المجموع على عشرة ، كان الكلّ مع أيّام العادة حيضاً ، والبياض الفاصل بين الدمين في العادة أو في غيرها حيضاً.

وإن حصلت المضادّة ، بأن ترى في العادة وفيما قبلها أو بعدها ، أو دون غيره ولو كان ما في العادة ناقصاً عن عادتها مع الزيادة على عشرة ، من قبل أو من بعد إضافة إليه من السابق أو اللاحق ما يكمل عدد عادتها ، ولو كانت منهما ، فالأولى التكميل من السابق ، فلو فصل أقل الطهرين ما سبقها وما لحقها وإن كان بياض العادة داخلاً في جملته وإن كان الدم فيهما أو في أحدهما يزيد على العشرة تحيّضت منه بما يساوي العادة عدداً ، وجعلت الباقي مع استمراره إلى آخر الشهر طهراً واحداً ، إن لم يكن لها في عادة اخرى.

ولو رأت دماً في أوّل العادة ، لا يبلغ أقلّ الحيض ثمّ رأت بياضاً ثمّ عاد الدم في آخر العادة على وجه لا يبلغ قدر أقلّ الحيض أيضاً ، كأن يكون عادتها خمسة أيّام ، ورأت يومين دماً ، ثمّ يوماً بياضاً محققاً ثمّ يومين دماً ، وانقطع على ذلك لم يكن حيضاً.

وإن لم كان الدم سابقاً على العادة ولاحقاً عليها ، وكان السابق مع ما في العادة لا يزيد على عشرة واللاحق معها يزيد على ذلك ، أُضيف السابق دون اللاحق ولو انعكس الحال انعكس الحكم ، ولو وجد في الطرفين معاً ، فإن كان

٢٠١

ثمّ هذه العادة تعبديّة لا يعارضها الظنّ ، وهي أقوى أقسام العادات ، ومع ذلك هي مثبتة لما فيها وما يتبعها ممّا يمكن أن يلحقها ، لا نافية إلا مع المضادّة لما عداها.

وتفصيل الحال فيها أنّ الدم إمّا أن يكون مستغرقاً لجميع أيّامها أو مختصّاً ببعضها أو خالياً عنها ، وعلى كلّ حال إمّا أن يكون مستمرّا فيما عداها أو متقدّماً أو متأخّراً أو جامعاً بين الصفتين موصولاً أو مفصولاً بأقلّ الطهر أو أقلّ مع التوافق في الوصف ، أو الاختلاف فيه على أقسامه ، فينحصر البحث في أُمور :

الأوّل : ما إذا كان الدم مَلَأ العادة ، وفيه أقسام :

الأوّل : أن يختصّ بالعادة وليس في الشهر دم سواه أو كان ولم يمكن جعله حيضاً لفقد شروطه فيحكم بحيضيّته ، وأنّه لا حيض فيه سواء وافق الوصف أو خالفه.

الثاني : أن يكون مستمرّا قد اتّصل بها من قبل أو من بعد أو من الطرفين ، وقد تجاوز معها العشرة بيوم فما زاد ، فيكون الحيض مقصوراً عليها ، اتّفق الوصف أو اختلف ، وافق دمها دم الحيض وصفا دون ما عداه أو بالعكس.

الثالث : أن يكون متّصلاً بها من قبل أو من بعد أو من الطرفين ، ولم يزد المجموع

__________________

أحدهما مع الانضمام إلى العادة لا يزيد على عشرة ، دون الآخر يحكم بحيضته وإن نقصا مع التساوي ، وكان طرفا العادة بياضين محفوفين بدمين أخذت من أحد الطرفين مع البياض ما يتمّ العدد ويقدّم ما به التمام ، وإن كان وإلا فلا ترجيح ، ويحتمل الاقتصار على ما رأته فيها ، مع إمكان كونه حيضاً.

ولو نقص أحدهما عن الآخر عدداً احتمل ترجيح الزائد أو الناقص أو التخيير والأقوى الأخير ، ويحتمل ترجيح الأقرب ، هذا إذا كانا معاً على الوصف أو كلاهما على خلافه ، ومع الاختلاف يترجّح جانب الموصوف ، ومع الاختلاف بالأشدّيّة أو الأجمعيّة وخلافهما لا يبعد اعتبار الترجيح.

وإن كان كل منهما مع الإضافة لا يزيد على العشرة ومجموعهما يزيد وفيهما موافق للعدد قدّم على غيره ويرجّح القريب على غيره والموصوف والأقوى على الأجمع على عداهما وإذا خلت العادة من الدم وحفّ بها دمان سابق ولاحق ، فإن لم يكن مضادّة ، فإن كان ما قبل العادة وما بعدها يبلغ كلّ منهما أقلّ الحيض وهما مع بياض العادة لا يزيدان على العشرة فالدمان وما بينهما من البياض حيض.

وأما مع المضادّة بين السابق واللاحق ؛ لزيادتهما مع بياض العادة المتوسّطة بينهما على العشرة فإن كان أحدهما خاصّة موافقاً لعدد العادة ، قدّم على الآخر ؛ وفي ترجيح الوصف أو القرب أو القوّة أو الضعف وجه ضعيف وإن تساويا تخيّرت وفي ترجيح المتقدّم فيه وفي نظائره وجه ، وطريق الاحتياط في مثل هذه المقامات أسلم.

٢٠٢

منهما أو من أحدهما أو كليهما على العشرة ، فيكون الجميع حيضاً اتّفق الوصف أو اختلف وافق صفة الحيض أو الاستحاضة أو اختلف.

الرابع : أن يكون منفصلاً عنها بأقل الطهر فما زاد ، من قبل أو من بعد أو من الجانبين ولم ينقص عن ثلاثة ولا زاد على عشرة ، فيكون حيضاً وافق الوصف أو خالفه في أصحّ الوجهين ، وما نقص عن الثلاثة ليس من الحيض ، وكذا ما زاد عن العشرة بالنسبة إلى ما زاد عن عدد العادة لرجوعها عدديّة ليس من الحيض.

الخامس : أن يكون منفصلاً عنها بالأقلّ من أقلّ الطهر من قبل ، مع عدم النقص عن الثلاثة ، إذ لا يمكن أن يكون حيضاً مع النقص أو من بعد مطلقاً أو من الطرفين ، فما كان إضافته مع البياض المحفوف بالدم إلى العادة لا يزيد على العشرة ، فهو مع البياض من الحيض ، وما زاد منه ليس منه.

ولو تعدّد الانفصال من قبل أو من بعد أو من الطرفين أُضيف المنفصل الذي لا يبعث على الزيادة تعدّد أو اتّحد دون الباعث ، ولا اعتبار للوصف في الجميع.

الثاني : أن يختصّ ببعض العادة أوّلاً أو آخراً أو وسطا ، وفيه أقسام :

أحدها : أن لا يحاذيه دم ويحكم بالحيض فيه وافق الوصف أو خالفه إن لم ينقص عن أقلّ الحيض ، أمّا إذا نقص فلا ؛ لأنّ العادة إنّما تقضي على الدم والبياض المحاط به بما يكون أقلّ الحيض من قبل ، ومطلقاً بشرط عدم تجاوز العشرة من بعد دخولها ، ولو تجاوز فالمتجاوز عن العادة ليس بحيض.

ثانيها : أن يحاذيه دم متّصل به من المبدأ أو المنتهي أو منهما ، فهنا إن بلغ أقلّ الحيض معه ، ولم يتجاوز معه العشرة ، فالكلّ حيض مع الوصف وبدونه. وإن تجاوز أتمّ منه العدد ونفي الزائد ، ويتخيّر مع الإحاطة من الطرفين في الإضافة ممّا شاء من الجانبين.

ثالثها : أن يحاذيه دم منفصل ، فإن كان من قبل وبلغ أقلّ الحيض ، أو كان من بعد مطلقاً وكان المجموع من الدمين والبياض لا يزيد على عشرة كان حيضاً ، وإن زاد أخذت بقيّة العادة منه ، ويحتمل إلحاقها بغيرها ، فينفى تمام الزائد ، ولا يخلو من رجحان.

رابعها : أن يجتمع متّصل ومنفصل مع إحراز أقلّ الحيض ، وكانت إضافة أحدهما

٢٠٣

إليه لا تقضي بزيادتهما على العشرة دون الأخر قدّم عليه ، وإن قضي معاً أو لم يقضيا قدّم المتّصل ، ويحتمل الترجيح بالوصف وكثرة المداخلة.

خامسها : أن يحاط بدمين منفصلين ولم يمكن جعل المجموع حيضاً ، مع كونها لا تنقص عن أقلّ الحيض ، ولو نقصت اختصّ الحيض بما قبل أو بعد مع المقابلية ، ويحصل الترجيح بموافقة أحدهما أيّام العادة ثمّ بالوصف ثم بالمداخلة ، ثم بكثرتها ثم بالمقارنة ، ثمّ بالتقدّم ، ثم بزيادة أحدهما على العشرة دون الأخر ، ومع التساوي يتخيّر ، وقد يقال بمساواتهما مع غيرهما.

الثالث : أن يكون بتمامها بياضاً ، وفيه أقسام :

الأوّل : أن يكون الدم بتمامه غير جامع للشرائط بأن كان أقلّ من ثلاثة ، ولا عبرة به متقدّماً أو متأخّراً أو جامعاً بين الصفتين.

الثاني : أن يكون ثلاثة فما زاد من جانب واحد ، فهذا إن لم يزد على العشرة فالكلّ حيض ، ساوى العادة أو زاد أو نقص ، وإن زاد عليها جعل منه بمقدار العادة حيضاً ، ويؤخذ بما تليه أو يليها ، وكان بياضها طهراً.

الثالث : أن يكون محيطاً بجانبيها مع زيادته على الثلاث من الجانبين ؛ لأنّ ما نقص ليس بحيض ، فهنا إن كانت لا تنقص عن العشرة فهما حيضان تامّان ، غير أنّه إن زاد كلاهما على العشرة أخذ منهما بمقدار العادة ، وهي طُهر ، وإن كانت تنقص عن العشرة والمجموع منها ومن الدمين كذلك فهي مع الدمين حيض واحد ، وإلا فإن نقص أحدهما عن العشرة وزاد الأخر ففي الزائد ممّا فيه الزيادة دون الناقص ؛ لأنّه بتمامه حيض ، ولو تساويا نقصاً أو زيادة ، وكانا بحيث لو اجتمعا معها زاد على العشرة أخذت ما وافق العادة عدداً أو ما كان أقرب إلى موافقته في وجه أو المقدّم أو المؤخّر أو الموافق للوصف ، ثمّ الأشدّ ثم الأجمع ثم التخيير ، والأخذ بالاحتياط في مثل هذه المسائل أولى] (١).

ولو تجدّدت عادة بعد الأُولى فإن لم تكن مضادّة كانت ذات عادتين أو ثلاث مثلاً ،

__________________

(١) ذكرنا أنّ ما بين المعقوفين لا يوجد في «م» ، «س» ويوجد بدله في «ح» كما أثبتناه في الهامش بالتفصيل.

٢٠٤

سواء ساوت الأُولى وصفاً أو وجوداً وقوّةً وضعفاً أو كثرةً وقلّةً أو لا ، ويحكم بالحيض لمساواة الأقلّ أو الأكثر أو الأقرب أو الأوفق بالوصف ، ويحتمل التخيير.

وإن كانت مضادّة كأن لم يفصل بينهما أقلّ الطهر نسخت اللاحقة السابقة مع قوّتها بالوجود أو الوصف أو بالشدّة والضعف ، وإلا جمع ومقابله على تأمّل في بعض الأقسام ، ومع المساواة يقوى اعتبار الأُولى ، ولإلحاقها بالمضطربة وجه ، وطريق الاحتياط غير خفيّ ، ولا يحكم بالكشف لو استقرّت عادة بعد الاضطراب وجوديّة كانت أو وصفيّة وإنّما يحكم بالقسمين من حين ثبوتهما.

ولو كانت لها عادتان مختلفتان باختلاف الزمان أو المكان أو الأسباب عملت بمقتضاهما في محالّهما ولو اعتادت بياضاً في أثناء العادة بعد مضيّ الثلاثة حسبته من الحيض ، وأجرت حكمه عليها من غير استبراء على الأقوى.

ولو تجاوز الدم العشرة مستمرّا غير منفصل قبل التجاوز فقد تقدّم أنّ الحيض مقصور على العادة. وأنّه لو انفصل الزائد قبل التجاوز ثمّ عاد واستمرّ ، احتسب المنفصل من الحيض مع موافقة الصفة ومخالفتها ، ومع اتّصاله بالعادة أو انفصاله عنها على إشكال في الأخير.

القسم الثاني : ذات العادة العدديّة فقط التامّة

وتثبت بتكرّر الدم مرّتين على وجه يمكن كونه حيضاً ، بحيث لا ينقص عن ثلاثة ، ولا يزيد على عشرة ، بعددين متّفقين لا يزيد أحدهما على الأخر بيوم تامّ ، ولا اعتبار بزيادة الكسر في وجه قويّ ، فتكون عدديّة وجوديّة.

أو بثبوت وصف دم الحيض في دم مستمرّ متوافق عدداً على نحو ما تقدّم ، فتكون عدديّة وصفيّة أو بالمركّب منهما فتكون مركّبة من الوجود والصفة ، وفي إثباتها بحصول المراتب المتأخّرة من الصفات ، ثمّ في ملاحظة الأشدّيّة ومقابلها ، والأجمعيّة ومقابلها إثباتاً وترجيحاً بحث مرّ نظيره.

ويشترط في إثبات القسمين على الانفراد أن لا يسبق أو يلحق بدم يمكن كونه

٢٠٥

حيضاً ، لأنّه لا ينقص عن ثلاثة ، ولا يزيد على عشرة ، مفصول بما يمكن كونه طهراً من العشرة فصاعداً. فإنّه إذا حصل ذلك لم تستقرّ عادة ، وإذا تكرّر مرّتين حصلت عادتان.

والكلام في اختلافهما زماناً أو مكاناً أو فصلاً أو نحوهما ، وفي حدوثها بالنسبة إلى الشهر والشهرين ، وفي العمل بأيّ العادتين مع التكرّر كلام سبق نظيره. ولا عمل على الوصف ، ولا غيره بعد ثبوتها زاد على العادة أو نقص عنها ، وتتحيّض بالعدد مع استمرار الدم ، مخيّرة في وضعه حيث شاءت ، والأولى بل الأحوط اختيار المبدأ دون غيره ، كلّ ذلك مع المساواة في الوصف أو عدمها فيهما.

أمّا مع عدم موافقة الوصف لأحدهما ، وموافقته للاخر يقدّم الموافق على المخالف ، وفي ترجيح الأشدّ والأجمع كلام سبق مثله ، ولو تكرّر الدم زائداً على العشرة أو غير زائد مع عدم الفصل بأقل الطهر إذ مع الفصل والقابليّة يكون الجميع حيضاً تحيّضت بما يساوي العدد إن وجد ما لا ينقص عنه أو الأقرب إليه في وجه قويّ وإلا رجعت إلى الوصف إن كان ، وإلا فإلى المراتب الأُخر من الأشديّة ومقابلها والأجمعية ومقابلها على نحو ما مرّ ، (وإلا فإلى الأقرب عدداً. والبياض بين الدمين مع كون المقدّم لا ينقص عن الثلاثة إن كانت إضافته إليهما لا تبعث على الزيادة على العشرة يكون معهما حيضاً واحداً) (١) وتبني في الشهر مع استمرار الدم فيه أو شبه الاستمرار على الحيضة الواحدة.

ولو تكرّر عدد غير السابق ، واضطرب الأوّل ، عمل على العادة الجديدة ، وأُلغيت الأُولى ، وإن تعينت الأُولى ولم تضادّ الثانية ، كانت لها عادتان ، ومع المضادّة ترجّح ذات الوصف على غيرها ، وفي مراعاة المراتب الأُخر نظير ما مرّ ، ومع المساواة ففي ترجيح الأُولى أو الثانية إشكال ، والاحتياط لا يخفى.

ولو تكرّر لها وقت معيّن مع ذلك العدد صارت وقتيّة عدديّة ، وتعيّن عليها مراعاة ذلك الوقت ، وصحّ ما عملته ، وإن كان مخالفاً ، وإن تكرّر الدم مع عدم فاصل أقلّ الطهر ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٢٠٦

ولم يوافق الوصف منه ما يساوي العدد أخذت بما هو أقرب إلى الوصف ، ثمّ بما هو أقرب إلى العدد ، وفي الترجيح بينهما نظر.

ولو تكرّر زائداً على العشرة مع عدم فاصل أقلّ الطهر أخذت بالعدد مع التخيير على النحو السابق ، ومع الترجيح يؤخذ بالراجح على نحو ما تقدّم.

ومع الفصل بذلك وكون الموصوف في أحدهما موافقا للعدد ، وفي الأخر يزيد على العدد فالحكم فيهما بالأخذ بالعدد ، ومع عدم الوصف أو الاشتراك فيه كذلك.

القسم الثالث : ذات العدد الناقص ولا وقت بالمرّة

ويثبت بتكرّر قدر مشترك مرّة أو أكثر ، فلو رأت في شهر ثلاثة ، وفي آخر أربعة أو أربعة في شهر ، وخمسة في آخر أو خمسة في شهر وستّة في آخر مثلاً فقد تكرّرت الثلاثة في الأوّل ، والأربعة في الثاني ، والخمسة في الثالث ، وهكذا ، وهذه قد تكون وجوديّة أو وصفيّة أو مركّبة على نحو ما مرّ ذكره ، والأقوى في النظر عدم دخولها تحت العادة.

لكن يمكن بعد إدخالها في المضطربة ، وإجراء حكم الروايات (١) فيها أن يرجّح من الروايات ما وافق القدر المشترك دون ما خالفه ، أو ما قاربه دون ما باعده ، ومع ملاحظة دخولها في المعتادة بوجه ينبغي ملاحظة قوّة الوصف ، وضعفه وكثرة جمعه ، وقلّته إلى غير ذلك ، مع حصول المضادّة ، وعلى ما تقدّم من جعلها مرجّحة للروايات بعضاً على بعض ، لو رأت سبعة أيّام (وستّة ترجّحت رواية الستّة ، أو رأت سبعة وعشرة ترجّحت رواية السبعة) (٢) ، وهكذا.

وكيف كان فالرجوع فيها إلى حكم المضطربة عليه المدار ، وهو أوفق بالاعتبار.

القسم الرابع : ذات الوقت الناقص ،

ويثبت بتكرّر أوّل وقت الحيض أو وسطه أو أخره أو أوّله ووسطه ، أو وسطه

__________________

(١) لاحظ الوسائل ٢ : ٥٣٧ باب ما يعرف به دم الحيض من دم الاستحاضة ووجوب رجوع المضطربة.

(٢) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» ، ثم ثمانية ترجّحت رواية السبعة أو رأت عشرة وأحد عشر ترجّحت العشرة.

٢٠٧

واخره ، على وجه يمكن كونه حيضاً ، فيكون القدر المشترك بين الوقت أو الوقتين معتاداً لها ، فتخصّهما مع استمرار الدم دون غيرهما ، وتضيف إليهما من قبل أو من بعد أو منهما مخيّرة.

ولعلّ الأولى العمل بما يوافق بعض الروايات ، وهذه أيضاً قد تكون وجوديّة ، ووصفيّة أو مركّبة ، وقد يحصل التضادّ فيها فيرجّح بالوجود والوصف وبقوّة الوصف وضعفه وكثرة جمعه وقلّته ، ويقوى هنا إلحاقها بالمضطربة كما في سابقتها.

القسم الخامس : ناقصة الوقت والعدد ،

وقد علم حالها من القسمين السابقين عليها من اعتبار الوجود أو الوصف أو الترجيح بنحو ما تقدّم ، والظاهر هنا أيضاً الرجوع إلى حكم المضطربة ، وفي جعلها مرجّحة لوقت يوافق العمل بالروايات ، وملاحظة الأقوى والأجمع وجه تقدّم مثله.

القسم السادس : في المضطربة ،

وهي التي اضطربت حالتها من الأصل ، ولم تستقرّ لها عادة وقتاً ولا عدداً ، لاختلاف دمها في الوقت والعدد أو حصل لها الاضطراب أخيراً ؛ لتكرار الاختلاف عليها ، فيما كان معتاداً من وقت وعدد أو هما ، حتّى صار غير ملحوظ بالنظر ، فكأنّما صار الاضطراب لها سنّة ودأباً.

وهذان القسمان مشتركان في حكم الرجوع إلى الوصف ، فتتحيّض بالموصوف دون فاقده ، بشرط أن لا ينقص عن ثلاثة ، ولا يزيد على عشرة ، ويحتمل مع النقصان تخصيص الحيض به ، مع التكميل لعادة الأنساب والأقران ، أو بما في الروايات (١) ، وشرطه اختلاف الدم ، فلو كان بتمامه موصوفاً تعذّر التميز ، وفي تخصيص الأقوى صفة أو الأكثر جمعاً وجه قويّ ، ومع تعارض الكثرة والقوّة ينظر في الراجح منهما.

ويشترط أن يكون غير الموصوف لا ينقص عن عشرة أيّام هي أقلّ الطهر وأن

__________________

(١) لاحظ الوسائل ٢ : ٥٤٦ باب ٨ من أبواب الحيض.

٢٠٨

يكون الدم متجاوز العشرة أو مفصولاً بينه وبين دم آخر بأقل من عشرة أيّام ، وإلا كان مجموعة حيضاً مطلقاً ، فإذا تعذّر الرجوع إلى الوصف ، لعدم الاختلاف أو لحصول المانع من الاختبار كالعمى مع تعذّر المرشد ونحوه رجعت (١) بلا تأمّل في القسم الأوّل ، ومعه في القسم الثاني إلى أرحامها ممّا يعدّ رحماً عرفاً ، والظاهر اعتبار بنات الزنا هنا. مقدّمة للأقرب والأكثر بحسب العدد أو الجهة ، والأوفق بالسنّ والمتّحدة في المسكن ، والموافقة في المزاج صحّة ومرضاً مع الاختلاف.

ومع التعارض يلحظ الترجيح بالقوّة ، والكثرة في المرجّحات ، وفي الانتقال إلى الدرجة الثانية مع الاختلاف مطلقاً وجه قويّ ، فإن تعذّر الاختبار بفقدهنّ أو بُعدهنّ أو امتناعهنّ عن الإخبار بحالهنّ رجعت إلى الأقران في وجه ؛ مقدّمة للأقرب سنّاً والأكثر والمتّحدة في المسكن ، والموافقة في المزاج صحّة ومرضاً ، مع الاختلاف ؛ ومع الاختلاف تنظر في الترجيح ، ويحتمل قويّاً الرجوع إلى الروايات بعد اختلافهنّ.

وهل يجب على الأنساب والأقران الإخبار بحالهنّ أو لا؟ وجهان أقواهما الأوّل ، فيجبرهنّ الحاكم إذن مع الامتناع ، فإن تعذّر الرجوع لفقد أو بعد أو امتناع ونحو ذلك لزم الرجوع إلى الروايات ، معيّنة إن اختصّ الانطباق بواحدة ، مخيّرة في غيره بين التحيّض في كلّ شهر بستّة أيّام أو سبعة ، والأخيرة أحوط ، أو ثلاثة من شهر وعشرة من شهر ، والأولى جعل العشرة مقدّمة. ولو وافق بعض الروايات بعض الوصف أو شدّته أو كثرة جمعه ، أو بعض العدد المتكرّر ، أو بعض الوقت أو الأوفقيّة بحرارة المزاج ، أو بحيض أقارب الأنساب أو أقرانهنّ أو أهل بلدهنّ إلى غير ذلك ، فالأولى العمل عليه دون غيره.

ولو عملت على وفق الروايات فأمكن الرجوع إلى الأقران بعد تعذّره أو عملت على الأقران فأمكن الرجوع إلى الأنساب بعد تعذّره ، أو عملت على الأنساب فأمكن الرجوع إلى الوصف بعد تعذّره ، رجعت فيما يستقبل إلى القويّ ، وتركت ما كانت

__________________

(١) وفي النسخ رجعنا والأنسب ما أثبتناه.

٢٠٩

عليه. وأمّا الماضي فبناؤه على الصحّة في وجه قويّ إن كان الثاني عن اجتهاد ، وإن كان عن قطع فلا يبعد البطلان.

ولو رجعت إلى الأنساب والأقران فتغيّرن عن تلك الحالة تبعتهنّ في التغيّر ، ولو عملت بحكم الأنساب وظهرن أجانب أو الأقران فظهر التفاوت في السنّ أو على الوصف فظهر اشتباهها به ، فالحكم فيه كسابقه ، وهل يصدّقن في دعواهن من جهة السنّ فلا حاجة إلى بيان أو لا؟ وجهان أظهرهما الأوّل.

ولو تحيّضت بوصف فظهر أشدّ منه أو أقوى أو أجمع بعد ما تمّ العمل ، فالظاهر البناء عليه ، والظاهر أنّ لكلّ شهر حيضة ما لم يقم شاهد على الخلاف ، وقد يكون في أخره ، والمراد به الهلالي ، وإذا عملت على رواية ، وتمّ عملها لم يجز لها العدول إلى غيرها.

ولو كانت في أثنائها فإن عدلت إلى ما زاد عليها جاز على الأقوى دون ما نقص إذا تجاوزت عدده ، ومع عدم التجاوز يجوز العدول إلى الناقصة.

ولو كانت مستأجرة على عمل مشروط بالطهارة موقّت بوقت مضيّق أو موسّع فضاق بحيث لو تحيّضت برواية السبعة لم يبق فرصة لأداء الواجب ، بخلاف ما إذا تحيّضت برواية الثلاثة تعيّنت الثلاثة على تأمّل ، ولها الخيار في تعيين الأعداد والأوقات ، وليس لزوجها ولا لمولاها معارضتها ولا إلزامها بغير ما اختارت على إشكال.

ولو اختارت الأكثر طلباً للراحة أو الأقلّ طلباً لشهوة الجماع أو لعوض أعطاه الزوج إيّاها لتختار الأقلّ ، وينال لذّة جماعها أو لشفاعة بعض الشفعاء إلى غير ذلك فلا بأس. وليس لها البناء على الأقل أو الأكثر في القضاء مع مخالفة ما عملت عليه وقت الأداء ، وتصدّق في الاختيار.

ولو تركت الاختيار جبرها الحاكم عليه ؛ لتؤدّي ما وجب عليها ، وكان للزوج جبرها أيضاً ليتمتّع منها بعد الانقضاء ، وإذا امتنعت كان الاختيار إلى الزوج والأحوط الرجوع إلى الحاكم.

ولو اختلف سيّدها وزوجها لخدمة تتوقّف على طهارتها وجماعها ، فالأقوى

٢١٠

ترجيح الزوج ، وانقضاء العدّة موقوف على اختيارها ، وفي الرجعة لمن له الرجعة إذا امتنعت عن الاختيار أو بيان ما اختارته من الرجعة ما لم تخبر بحالها ، ويحتمل أنّ له إلزامها بالاختيار مطلقاً أو مع التوقّف على إذن الحاكم على إشكال.

القسم السابع : المبتدأة

بفتح الدال ؛ لأن الدم ابتدائها ، وكسرها ؛ لأنّها ابتدأت به ، ثمّ لم تستقرّ لها عادة وجود ولا وصف في وقت أو في عدد أو فيهما كلا أو بعضاً. فهذه تتحيّض بمجرّد رؤية الدم ، والأحوط العمل بالاحتياط ؛ جمعاً بين احتمالي الحيض والطهر إلى تمام ثلاثة أيّام إن لم يكن الدم بصفة دم الحيض أو ما يشبهه ، وإلا تحيّضت بمجرّد الرؤية.

ثمّ إن انقطع دون الثلاثة حكمت بالطهر ، وقضت ما وجب قضاؤه ، وإلا فإن انقطع دون العشرة أو عليها فهو حيض ، وإن استمرّ رجعت إلى الوصف مع جمعه للشرائط المذكورة قُبيل هذا على النحو المذكور ، فإن اتّحد اللون أو تعذّر الاختبار رجعت إلى الأنساب ، ثمّ الأقران ، ثمّ الروايات على التفصيل السابق ، وقد حرّر بما لا مزيد عليه.

وتحقيق الحال على وجه الإجمال أنّ كلّ دم المرية يمكن كونه حيضا لفقد المانع وعدم المعارض تحيّضت بمجرّد رؤيته غير منتظرة لثلاثة ، ولا ناظرة إلى وصف ؛ لأنّ دم الحيض طبيعيّ عاديّ لا ينصرف (عنه إلا) (١) بصارف ، وكلّما يرجع فيه إلى الوصف مشروط بعدم زيادة المتّصف على عشرة بيوم تامّ ، وعدم نقصانه بشي‌ء عن ثلاثة ، ولا عبرة للكسر فيهما على الأصحّ.

مشتملة في المقامين على الليالي المتوسّطة ، ولا اعتبار بالحدّين اللذين هما أكثر الحيض ، وأقلّه ، وعدم معارضة العادة له ؛ لأنّها أقوى منه ، كما أنّ الأنساب والأقران والروايات كلّ سابق بالذكر مقدّم على لاحقه.

وكلّ من العادة والوصف وما بعدهما مثبت غير ناف ، بمعنى أنّه لو حكم بالحيض

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : منه.

٢١١

بسبب منها ، ثمّ انفصل عنه دم مفصول بعشرة أيّام التي هي أقلّ الطهر ، وكان قابلاً لأن يكون حيضاً مستقِلا حكم بكونه حيضاً ، وإنّما ينفي السابق اللاحق ، والقويّ الضعيف نوعيّاً أو شخصيّاً ، حيث يكون مضادّاً له بتمامه أو في وقت حدوثه.

ثمّ الموضوعات شرعيّة أو لغويّة أو عرفيّة خفيّة بمنزلة الأحكام الشرعيّة ، يلزم على من لا يعلمها السؤال عنها ، ولا تصحّ الأعمال إلا بعد العلم بالحال ، ولو بالسؤال ، فإن كانت عالمة أو مجتهدة عملت على رأيها ، وإلا وجب عليها السؤال كما يجب على الرجال بالنسبة إلى أحكامهم ، ولا يجوز لها الاحتياط في العبادة قبله مع الإمكان.

كما أنّ غير العالمة بالحكم لا يجوز لها الاحتياط في العبادة المشروطة بالنيّة إلا بعد تعذّر المعرفة أو تعسّرها ، فمن عملت عملاً بانية على موضوع شرعيّ أو غيره خفيّ ، وأصابت كان عملها باطلاً.

ويجب الرجوع في تلك الموضوعات والأحكام الشرعيّة وغيرها من الخفيّة التي لا يهتدى إليها إلا من طريق الشريعة الإسلاميّة إلى المجتهد المطلق مشافهة ، أو بواسطة مخبر عنه ثقة أو كتاب صحيح.

ويجوز الرجوع إلى المفضول مع عدم العلم بخلاف الفاضل ، وفضيلة العلم متقدّمة على فضلية التقوى ومكارم الأخلاق ، إلا أنّ الأحوط الاقتصار على الفاضل ، مع تيسّر الرجوع إليه لا سيّما مع وحدة البلد.

ولو مات المجتهد بعد تقليده لم يجب تجديد تقليد الحيّ وإن لم يعمل بعد تقليده وعروض الموت له كعروض الجنون ، والإغماء ، ولا يجوز تقليد الميّت بعد موته ، ولو عملت على اجتهاده ، ثمّ عدلت إلى اجتهاد آخر لم يجب عليها إعادة ؛ لأنّ الاجتهاد لا يبطل حكم الاجتهاد ، إنّما ينقضه العلم.

ولو قلّدت مجتهداً في مسألة جاز تقليد غيره في أُخرى مع عدم المضادّة. نعم لو قلّدته في مسألة لم يجز لها الرجوع إلى غيره في تلك المسألة ولو اجتهدت في أمر دمها اجتهاداً وعدلت عن قطع أعادت ما فعلت ، وإن عدلت عن اجتهاداً فلا.

ويعرف المجتهد بشهادة العدلين من المشتغلين العارفين ، أو بالشياع أو بحكم مسلّم

٢١٢

الاجتهاد ، ومن كان اجتهاده محلّ نظر ، وكان عدلاً يبتنى قوله على الصحّة ، وجاز الاعتماد عليه في إمامة الصلاة وغيرها

حتّى في الفتوى والقضاء على إشكال.

ولو خالف الضرورة في دعواه فشارب الخمر خير منه ، وكلّ من لم يرجع إلى المجتهد في موضع الاشتباه فعبادته المشروطة بالنيّة باطلة.

القسم الثامن : الناسية ؛

وهي ضروب :

منها : الصرفة ، فلا تعلم أنّها كانت على عادة فنسيتها أو مضطربة الأصل أو بالعارض ، فلا تعلم حالها بوجه من الوجوه ، وهي كالمضطربة في الرجوع إلى الوصف مع الشروط المذكورة على الطريقة المسطورة ، ثمّ إلى الروايات (١) ، ويقرب القول بعدم الرجوع هنا إلى الروايات إلا بعد فقد الأقران والأنساب.

ومنها : الناسية للوقت صرفاً فلا تعلم أنّها كيف كانت بحسب الوقت ، أو علمت بكونها ذات وقت ونسيته ، الحافظة للعدد تامّاً ، فهذه تتحيّض بالعدد ، ثمّ تنظر فإن رأت دمها غير مختلف أصلاً عيّنت وقتها حيث شاءت ، والأولى ترجيح الأوّل ، وإن اختلفت عملت على الوصف مع جمع شرائطه المتقدّمة مرتّبة الأقوى ، ثم الأجمع ، وهكذا ، ومع التعارض بين القويّ والضعيف ، والأجمع وغيره ، والأقرب في تلك المراتب وغيره يبنى على الترجيح.

وفي ملاحظة الأنساب والأقران بالنسبة إلى الوقت في القسم الأوّل منها وجه قويّ ، وفي الثاني وجه ضعيف. أمّا الروايات (٢) فإنّما موردها العدد.

ومنها : الناسية للوقت صرفاً الحافظة لبعض العدد ، وهذه تتحيّض بالعدد المحفوظ ، وترجع في البعض المنسيّ والمجهول من الأصل لنسيان حالها بالمرّة إلى الروايات (٣). ولو قلنا بالرجوع إلى الأنساب ، ثمّ الأقران ثمّ الروايات لم يكن بعيداً ، وأمّا بالنسبة إلى

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٥٤٦ ب ٨ من أبواب الحيض.

(٢) الوسائل ٢ : ٥٤٦ ب ٨ من أبواب الحيض.

(٣) الوسائل ٢ : ٥٤٦ ب ٨ من أبواب الحيض.

٢١٣

الوقت ، فالحكم فيه ما سبق من ملاحظة الوصف إن أمكن على التفصيل المذكور ، ثمّ ما بعده على نحو ما تقدّم.

ومنها : الناسية للعدد صرفاً فلا تدري هل كانت لها فيه عادة أو لا ، أو علمت بأنّها كانت ونسيتها بالكلّيّة ، الحافظة لبعض الوقت ، وهذه بالنسبة إلى العدد حالها حال المضطربة ، ترجع إلى الوصف مع إمكانه وجمع الشروط ، ثمّ إلى الأنساب ، ثمّ إلى الأقران في وجه يقوى في القسم الأوّل منها ، ويضعف في الثاني ، ويقوى الاقتصار فيه على ملاحظة الوصف مع الإمكان ، ثمّ الروايات.

وأمّا بالنسبة إلى الوقت ؛ فإن كان المحفوظ أوّل الوقت أضافت إليه يومين ممّا بعد ، وإن كان أخره أضافت إليه يومين ممّا قبل ؛ وإن كان وسطه في الجملة أضافت إليه من الطرفين يومين ، وكانت بما زاد راجعة إلى الوصف مع إمكانه ، ثمّ إلى الروايات ، وإن عيّنت من الأوّل أو الوسط أو الأخر ما يساوي أقلّ الحيض أو يزيد عليه جعلته حيضاً ، وكانت في الزائد مضطربة ترجع إلى ما سبق.

ويحتمل تقديم أصل الحيض إلى العشرة ، وتقديم أصل الطهارة فيما زاد ، والأقوى ما ذكرناه ، وحالها فيما إذا حفظت كسراً أوّلاً أو آخراً أو وسطا يظهر من حكم اليوم ، وإذا نسيت وحفظت شيئاً في الأثناء لا وسطاً حقيقيّا كما إذا علمت أنّه في أثناء العشرة مثلاً خصّت اليوم من العشرة في التحيّض لها ، وكانت في تعيين الوقت والعدد كالمضطربة على نحو ما سبق.

ومنها : الناسية لبعض الوقت ، الحافظة لبعض العدد ، وحالها يعلم ممّا سبق ، ويجري فيها من الأقسام ما تقدّم ، فقد يكون المحفوظ أقلّ الحيض فما زاد ، وقد يكون يوماً أوّلاً أو آخراً أو وسطا ، وهكذا.

وجميع ما سبق يمكن فرضه فيما تحصّلت عادته من وجود أو وصف أو فيهما معاً ثمّ الذي ينبغي المحافظة على الاحتياط في الرجوع إلى الأنساب والأقران في جميع هذه الأقسام ، فإن وافقن الروايات فيها فلا حاجة إلى النيّة ، وإن خالفن عملن على الفرضين.

٢١٤

القسم التاسع : الذاكرة

بعد أن كانت ناسية قد عملت على وفق حال نسيانها أو لم تعمل ولها صور :

منها : أن تكون ناسية لتمام حالها ذاكرة له كذلك ، فهذه إن لم تكن عملت فالحكم ظاهر ، وعلى العمل تنظر إلى ما عملت ، فإن وجدته موافقا فلا شي‌ء عليها ، وإن وجدته مخالفاً قضت ما يجب قضاؤه ، وليس عليها شي‌ء فيما فوّتت على الزوج.

ولو ظهر فساد حكمها بالطهر وقد طلّقت فيه ، أو بالحيض وجامعها فيه ، فالظاهر صحّة الطلاق فيها ، أمّا لو طلقها محكوماً عليها بالحيض ، ثمّ ظهر الطهر فالظاهر البطلان.

ولو شهد عدلان بما يوافق أو يخالف فهي بحكم الذاكرة. وفي قبول العدل الواحد ولو كان امرأة وجه قويّ ، ومثل ذلك جار في باقي أقسام الذاكرة.

ومنها : أن تذكر بعض الوقت مع البقاء على نسيان العدد ، فإن كان المذكور من الأوّل كسراً أو يوماً أو يومين أضافت إليه ممّا بعده بما يكمل الثلاثة ؛ لأنّه حيض بيقين ، أو من أخره كذلك أكملت ممّا قبله.

وإن كان الوسط حقيقة أكملت من الطرفين متساويين ، وإلا قدّمت شيئاً وأخّرت شيئاً في الجملة ، ونظرت في موافق الوصف ومخالفه في التتمّة في وجه قويّ. فإن اتّحد الدم تخيّرت ، والأولى ترجيح الأوّل ، وكانت في الزائد كما لو ذكرت ما يوافق أقلّ الحيض أو يزيد عليه بحكم المضطربة ؛ هذا إذا شخّصت بعض الوقت وبقيت على نسيان العدد.

ومنها : أن تذكر بعض الوقت وتمام العدد ، وهذه إمّا أن تشخّص الوقت ، فيلزمها التحيّض فيه ، فإن علمته أوّلاً أو وسطاً أو آخراً أكملت العدد من بعد أو من قبل أو من الطرفين ؛ وإلا رجعت إلى الوصف فإن لم يمكن تخيرت ، والأولى مراعاة الأوّل وإن لم تشخّصه لكن عيّنته في وقت يزيد عليه فإن ساوى العدد ونصف الوقت أو نقص عنه جائها حكم المضطربة فتلحظ الوصف مع الإمكان والأولى مراعاة الأوّل كما إذا كان

٢١٥

العدد المحفوظ ثلاثة (١) أو أربعة أو خمسة في ضمن عشرة معيّنة.

وأمّا لو زاد كما لو ضيّعت ستّة أو سبعة أو ثمانية أو تسعة ففي القسم الأوّل الخامس والسادس ، وفي الثاني ما بين الرابع والسابع ، وفي الثالث ما بين الثالث والثامن ، وفي الرابع ما بين الثامن والتاسع ، وعلى هذا النحو فيما عداها.

ولو علمت أنّها كانت تصل العشرة الأُولى بالوسطى بيومين ، فالعاشر والحادي عشر حيض بيقين ؛ أو الوسطى بالأخيرة كذلك ، فالعشرون والواحد وعشرون ؛ أو نصف الشهر الأوّل بالنصف الثاني ، فالخامس عشر والسادس عشر ؛ أو شهراً بشهر فاخر الأوّل وأوّل الثاني ، وإن كان الوصل بالكسر فاليقين بالكسرين وهكذا. وما عدا محلّ اليقين يجري فيه حكم الاضطراب ، فإن حصل تميّز بالوصف مع جمع الشروط فيها ، وإلا تخيّرت في التكميل من الأوّل أو الأخر أو منهما ، والأوّل أولى.

ومنها : أن تذكر بعض الوقت وبعض العدد ، فهذه تتحيّض بالمتيقّن منهما ، وتكون في الباقي مضطربة ترجع إلى الوصف ، مع جمع الشروط ؛ وإلا تخيّرت في التعيين كسائر المواضع التي تتخيّر فيها.

ثمّ ما بقيت على نسيانه في جميع الأقسام إن كانت لا تعلم كيف كان ، قوي الرجوع فيه بعد الوصف إلى الأنساب والأقران ، وإن علمت أنّها كانت فيه على عادة ، ونسيتها قوي القول بنفي الواسطة من الوصف والروايات ، وفي مثل هذه الأُمور التي اختلفت فيها الأنظار والأخبار ينبغي فيها تمام الاحتياط.

المطلب الرابع : في أحكام الدماء

ولا حاجة إلى التعرّض لثلاثة منها وهي : دم الجرح ودم القرح ودم العذرة ؛ لظهور أحكامها من بحث أحكام النجاسات ، إنّما المحتاج إلى البحث ثلاثة منها : دم الحيض ودم النفاس ودم الاستحاضة ، فانحصر البحث في مقاصد :

__________________

(١) في «س» ، «م» : اثنين أو ثلاثة.

٢١٦

المقصد الأوّل : في الأحكام المشتركة بينها

وهي عديدة :

منها : عدم العفو عمّا قلّ عن الدرهم ، ونزح الجميع للتطهير أو لأداء الواجب أو الندب في البئر.

ومنها : عدم العفو عن نجاسة الباطن في بعض الصور.

ومنها : اختصاصها بالنساء فما صدر من الخنثى المشكل من الدم لا يحكم عليه بشي‌ء منها.

ومنها : دلالتها على البلوغ سبقاً أو اقتراناً شرعاً وعادة ، وفي الاستحاضة عادة فقط.

ومنها : توقّف صحّة طهارتها على نحو كلّ طهارة من العبادة صغرى أو كبرى على طهارة الماء ، وإباحته وإباحة المكان والإناء ومسقط الماء. وعدم المانع من الاستعمال من تقيّة أو مرض أو خوف على محترم ونحو ذلك على الأقوى ، وكذا الحكم فيما يتيمّم به.

ومنها : حرمة مسّ القرآن قبل الطهارة منها كسائر الأحداث من الصغريات والكبريات ، والبحث في المسّ وكيفيّته وفروعه ودقائقه تقدّم في مباحث الوضوء.

ومنها : إجراء حكم الجبائر والجروح المعصّبة ، واللطوخات في أغسالها ووضوءاتها ؛ وقد تقدّمت دقائقها وفروعها في مباحث الوضوء بما لا مزيد عليه ، ويستوي معها جميع الأغسال الرافعة وغيرها وجميع الوضوءات كذلك.

ومنها : أنّه لا يجوز العدول في غسل من أغسالها إلى غيره على نحو غيرها من الأغسال ، ولو حصل سبب من الأحداث متجدّد في أثناء غسل لم يكتف بما فعل من الغسل الأوّل بل يتمّ ويعيد للاخر من رأس (مع اختلاف النوع ، ومع الاتّحاد يبطل ما فعل ، ويعيد من رأس ، وفي أسباب السنن يتمّ ما فعل مطلقاً ، ويجتزئ به) (١).

وإذا دخل في غسل فظهر له أنّ الذي عليه غيره ، أعاد من رأس ، ولا يبعد القول

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : حتى لو اتحد النوع كمن دخل في غسل التوبة عن ذنب سابق ، وجدد ذنباً في أثناء الغسل ، ولم يكتف بغسل التوبة الأوّل للأوّل عن الثاني.

٢١٧

بالاكتفاء في كلّ من غسل الحيض والنفاس ، وكذا الاستحاضة الكبرى والوسطى بغسل عنه وعن مشابهه ؛ لكون الحيض والنفاس واحداً ، والاستحاضة جنس واحد في الأخيرين

ومنها : اعتبار النيّة في طهارتها كسائر العبادات المشروطة بها على نحو ما فصّل في مباحث الوضوء. ولا بدّ من المقارنة ، فمن خرج من بيته إلى نهر أو حمّام أو نحوهما بقصد الغسل ، ثمّ نسي ما قصد فغمس نفسه في الماء غير قاصد للغسل أو رتّب كذلك بطل الغسل ويقصد رفع الحدث للاستباحة ، لانقطاع دم الحيض والنفاس ، وكذا لانقطاع دم الاستحاضة ، ومع الاستمرار ينوي الاستباحة فقط.

ومنها : لزوم الوضوء والغسل معاً لرفع الحدث أو الاستباحة ، وحصول صفة الطهارة فيما كان منها من ذوات الأغسال ، ويساويها في ذلك ، غسل المسّ دون غسل الجنابة ؛ فإنّ فيه الغسل فقط ، وإذا جامعها هو وشبهه سقط وضوئها. ويجوز لها تقديم الوضوء على الغسل وعكسه ، والأوّل أولى ، وتنوي مطلق الرفع أو الاستباحة بهما عند الدخول في الأوّل من غير تفصيل ، ولها نيّة رفع الحدث الأكبر بالغسل والأصغر بهما مع سبقه ، ومع لحوقه تنوي استقلالاً.

ومع فقد الماء أو تعذّر استعماله أو تعسّره بسبب من الأسباب المقرّرة في باب التيمّم لهما معاً ، يلزم تيمّمان أحدهما عن الوضوء ، والآخر عن الغسل ، مقدّماً ما شاء منهما ، والأوّل أولى.

ولو وجد من الماء ما يكفي الوضوء فقط تيمّمت عنهما تيمّمين ، وبطل حكم الماء على الأصحّ ، وإن وجد ما يكفي الغسل اغتسلت ، وتيمّمت للوضوء (١) ، ولها رفع حكم الأكبر فقط ويبقى حكم الأصغر دون العكس.

ويشترط في الاستحاضة المستمرّة تعقيب أحدهما بصاحبه ، فلا يجوز الفصل ، وحدوث الأصغر من الأحداث (في أثناء الأغسال سوى غسل الجنابة أو بعدها) (٢)

__________________

(١) في «س» ، «م» زيادة : دون العكس.

(٢) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : بعد الغسل.

٢١٨

قبل الوضوء غير مخلّ بالغسل.

وحدوث الأكبر بينهما قبل الغسل مخلّ بالوضوء المقدّم عليه ، وحدوث الأحداث الكبار في أثناء الأغسال ندباً أو فرضاً ممّا عدا غسل الجنابة لا يفسد بأيّ وجه كان إلا (١) حيث يكون مجانساً ، ومع عدم المجانسة يقوى ارتفاع السابق وبقاء الحادث ؛ لأنّ الأغسال من مستقِلات الأعمال.

ومنها : أنّ الغسل فيها كغيرها من الأغسال الرافعة وغيرها يجري فيها الترتيب والارتماس ، والأوّل أفضل ، غير أنّ الوضوء ساقط مع غسل الجنابة دون (٢) غيرها ، والحدث في أثنائه مفسد دون غيره.

ولو أحدث في أثناء غسل قصد به الجنابة وغيرها بطل غسل الجنابة ، وصحّ غيره ، كما لو أحدث في غسل مجرّد لغير الجنابة رافع للحدث ، قد تقدّمه وضوء ، فإنّ الأكبر يرتفع بإتمام الغسل ويبقى الأصغر.

ومنها : أنّه لو اجتمعت أسبابها مع الموت أجزأ غسل الموت عنها كغيرها من الأغسال الرافعة ، ولو ضمّت في النيّة معه كان أولى.

ولو اجتمع بعضها مع بعض أو مع غيرها أجزأ غسل واحد عنها منويّاً به الجميع ، ولو نوى بعضاً دون بعض أجزأ عن المنويّ ، وكذا لو جمع بين بعض دون بعض ، ولو أتى بها متفرّقة كان أولى ، ولو نذر التفريق أو الجمع لمرجّح وجب المنذور ، ومع المخالفة تلزم الكفّارة ، وهل يصحّ الغسل أولا ، وجهان أقواهما الأوّل. وهل ينصرف النذر وشبهه إلى الاستقلال أو يعمّ الجميع ، أقواهما الثاني.

ولو أراد الإدخال بعد فعل بعض الغسل ، احتمل : المنع مطلقاً ، أو الصحّة مطلقاً ، أو بشرط العود على ما فات منويّاً به الداخل ، وبالباقي في الجميع ؛ وأقواهما (الأخير وله) (٣) الإدخال في الأوّل فقط ، والوسط والآخر كذلك ، والمركّب من الاثنين ،

__________________

(١) بدل إلا في «س» ، «م» : ومخلّ.

(٢) بدله في «م» و «س» : و.

(٣) بدل ما بين القوسين في «ح» : الأوّل ، وليس له.

٢١٩

والتشريك في البواقي على إشكال.

ولو داخل حال الدخول فنوى الاستقلال ، وأتى بباقي العمل عن المستقل صحّ ، وبالعكس أي داخل بعد دخول لم يصحّ إلا مع العود ، ولا فرق في التداخل بين الفروض والسنن ، ووجود غسل الجنابة فيها وعدمه.

ولو أتى بعضو أو أكثر مكرّراً غير معيّن ، وغير مداخل ، ثمّ داخل في البواقي ، فالأقرب عدم الصحة كما أنّه لو غسل العضو الأوّل مرّتين أو مرّات كلّ واحدة عن غسل ، ثمّ غسل باقي الأعضاء (مداخلاً قوي عدم الصحّة) (١).

ولو كرّر في الجميع قبل التمام أشكل ، والأحوط تجنّب هذه الأُمور للتأمّل في استفادتها من النصوص ولو ظهر فساد بعض المنضمّات لغير الرياء صحّ غيره ، وفيه يقوى فساد الجميع.

المقصد الثاني : أحكام الحائض

وهي بعد ما مرّ ممّا تعلّق بالمشترك (٢) أُمور :

منها : أنّها لا تصحّ صلاتها فرضاً ولا نفلاً ، ولا توابعها من أجزاء منسيّة وسجود سهو ، حتّى تطهر وتتطهّر بخلاف سجود الشكر والتلاوة ، وصلاة الجنازة.

ومنها : عدم صحّة صومها كذلك حتّى تطهر وتتطهّر قبل الصبح أو تتيمّم ، مع عدم التمكّن من الماء شرعاً أو عقلاً ، فلو طهرت بعد الصبح بأقل من ثانية وهي جزء من ستّين جزء من دقيقة فلا صوم لها ، وكذا لو تطهّرت بعده متعمّدة للتأخير فكذلك في صوم الفرض ، وفي النفل لا يبعد الجواز ، والترك أحوط.

وأمّا مع العذر فلا بأس في غير الموسّع ، ولا يجب البدار حينئذٍ والأحوط ذلك ، والنوم وإن تعدد مع نيّة الغسل ، لا مع نيّة العدم أو التردد أو النسيان وجهل الموضوع وضيق الوقت أعذار ، لا في جاهل الحكم ، والمتيمّم يترك النوم إلى الصبح ، والأحوط

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : قويت الصحة.

(٢) بدل ما بين الحاصرتين في «س» ، «م» ممّا عدا من أحكام مطلق الحدث.

٢٢٠