بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

آتيكم » (١) نزل فيهم عليهم‌السلام فتدبر.

الثاني أن المعنى إنا نصبر على مانعلم كنه ثوابه ، والحكمة في وقوعه ورفعة الدرجات بسببه ، وشيعتنا ليس علمهم بجميع ذلك كعلمنا ، وهذه كلها مما يسكن النفس عند المصيبة ويعزيها.

الثالث أنا نصبر على مانعلم عواقبه وكيفية زواله ، وتبدل الاحوال بعده كعلم يوسف عليه‌السلام في الجب بعاقبة أمره ، واحتياج الاخوة إليه ، وكذا علم الائمة عليهم‌السلام برجوع الدولة إليهم والانتقام من أعدائهم وابتلاء أعدائهم بأنواع العقوبات في الدنيا والاخرة ، وهذا قريب من الوجه الثاني.

١٧ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن ابن عيسى ، عن محمدبن سنان ، عن العلا بن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان (٢).

كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل عنه عليه‌السلام مثله (٣).

كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي محمد عبدالله السراج رفعه إلى علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لاصبر له (٤).

١٨ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن سنان ، عن عماربن مروان ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة (٥).

___________________

(١) الحديد : ٢٢ ـ ٢٣.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٨٧.

(٣ ـ ٤) الكافى ج ٢ ص ٨٩.

(٥) الكافى ج ٢ ص ٩٢.

٨١

بيان : الوبال الشدة والثقل والعذاب أي صارت النعمة مع عدم الشكر نكالا وعذابا عليهم في الدنيا والاخرة ، وصار البلاء على الصابر نعمة في الدنيا والاخرة :

١٩ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ومحمدبن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبان بن أبي مسافر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا » (١) قال : اصبروا على المصائب ، وفي رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : صابروا على المصائب (٢).

٢٠ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن محمدبن عيسى ، عن علي بن محمد بن أبي جميلة ، عن جدة أبي جميلة ، عن بعض أصحابه قال : لولا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا (٣).

بيان : التفطر التشقق من الفطر ، وهوالشق ، والصفا جمع الصفاة ، وهي الحجر الصلد الضخم لاتنبت ، وفيه إيماء إلى أن الصبر من لوازم الايمان ، ومن لم يصبر عند البلاء لايستحق اسمه كمامر أنه من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ويشعر بكثرة ورود البلايا على المؤمن.

٢١ ـ كا : عن علي ، عن أبيه والقاساني ، عن الاصبهاني ، عن سليمان بن داود عن يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : مروة الصبر في حال الحاجة والفاقة والتعفف والغناء أكثر من مروة الاعطاء (٤).

بيان : المروة هي الصفات التي بها تكمل إنسانية الانسان ، والفاقة الفقر والحاجة ، والتعفف ترك السؤال عن الناس وهو عطف على الصبر ، والغنا بالغين المعجمة أيضا الاستغناء عن الناس وإظهار الغنى لهم ، وفي بعض النسخ بالمهملة بمعنى التعب فعطفه على الحاجة حينئذ أنسب ، وتخلل العطف في البين مما يبعده ، فالاظهر

___________________

(١) آل عمران : ٢٠٠.

(٢ و ٣) الكافى ج ٢ ص ٩٢.

(٤) الكافى ج ٢ ص ٩٣.

٨٢

على تقديره عطفه على الصبر أيضا.

٢٢ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمدبن عبدالجبار ، عن أحمدبن النضر ، عن عمروبن شمر ، عن جابر قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : يرحمك الله ما الصبر الجميل؟ قال : ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس (١).

بيان : « إلى الناس » ظاهره عموم الناس وربما يخص بغير المؤمن ، لقول أمير المؤمنين عليه‌السلام : من شكى الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى الله ، ومن شكاها إلى كافر فكأنما شكى الله.

٢٣ ـ كا : عن حميدبن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه عن أبان ، عن عبدالرحمن بن سيابة ، عن أبي النعمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أوأبي جعفر عليه‌السلام قال : من لايعد الصبر لنوائب الدهر يعجز (٢).

بيان : « من لايعد » أي لم يجعل الصبر ملكة راسخة في نفسه يدفع صولة نزول النوائب والمصائب به ، يعجز طبعه ونفسه عن مقاومتها وتحملها ، فيهلك بالهلاك الصوري والمعنوي أيضا بالجزع وتفويت الاجر ، وربما انتهى به إلى الفسق بل الكفر.

أقول : قدمضى الاخبار في باب جوامع المكارم ، وباب صفات خيار العباد وفي باب الشكر وسيأتي في أبواب المواعظ.

٢٤ ـ لى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من يعرف البلاء بيصبر عليه ومن لايعرفه ينكره (٣).

٢٥ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اصبروا على المصائب ، وقال : إذاكان يوم القيامة نادى مناد أين الصابرون؟ فيقوم فئام من الناس ثم ينادي أين المتصبرون؟ فيقوم فئام من الناس ، قلت : جعلت فداك وما الصابرون ( وما المتصبرون؟ قال : الصابرون ) على أداء الفرائض والمتصبرون

___________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ٩٣.

(٣) أمالي الصدوق ص ٢٩٢.

٨٣

على اجتناب المحارم (١).

٢٦ ـ فس : « جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار » (٢) قال : نزلت في الائمة عليهم‌السلام وشيعتهم الذين صبروا وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : نحن صبر ، وشيعتنا أصبر منا ، لانا صبرنا بعلم وصبروا بما لا يعلمون (٣).

٢٧ ـ فس : « اولئك يؤتون أجرهم مرتين بماصبروا » (٤) قال : الائمة عليهم‌السلام ، وقال الصادق عليه‌السلام : نحن صبر وشيعتنا أصبرمنا ، وذلك أنا صبرنا على مانعلم ، وصبروا هم على مالايعلمون (٥).

٢٨ ـ ب : ابن سعد ، عن الازدي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ألا إن الامر ينزل من السماء إلى الارض ، كل يوم كقطر المطر ، إلى كل نفس بماقدر الله لها من زيادة أو نقصان ، في أهل أو مال أو نفس ، فاذا أصاب أحدكم مصيبة في أهل أو مال أو نفس ، أو رأى عند آخر غفيرة فلاتكون له فتنة فان المرء المسلم مالم يغش دناءة تظهر تخشعا لها إذ ذكرت ويغرى بها لئام الناس كان كالياسر الفالج الذي ينتظر أول فوزة من قداحه ، توجب له المغنم وتدفع عنه المغرم فذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة والكذب ، ينتظر إحدى الحسنيين إما داعي الله فما عندالله خيرله ، وإما رزق الله فاذا هوذ وأهل ومال ، ومعه دينه وحسبه المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعهما الله

__________________

(١) تفسير القمى ص ١١٨ في آية آل عمران ٢٠٠.

(٢) الرعد : ٢٤.

(٣) تفسير القمى ص ٣٤١.

(٤) القصص : ٥٤.

(٥) تفسير القمى ص ٤٨٩.

٨٤

عزوجل لاقوام (١).

٢٩ ـ ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : لايذوق المرء من حقيقة الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال : الفقه في الدين والصبر على المصائب ، وحسن التقدير في المعاش.

أقول : قد مضى بسند آخر في باب صفات المؤمن.

٣٠ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن عبدالرحمن بن حماد ، عن عمربن مصعب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : العبد بين ثلاثة : بلاء وقضاء ونعمة فعليه في البلاء من الله الصبر فريضة ، وعليه في القضاء من الله التسليم فريضة ، وعليه في النعمة من الله عزوجل الشكر فريضة (٢).

سن : عبدالرحمن بن حماد مثله (٣).

٣١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن المعلي ، عن محمدبن جمهور ، عن جعفربن بشير ، عن أبي بحر ، عن شريح الهمداني ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث بن الاعور قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ثلاث بهن يكمل المسلم : التفقه في الدين ، والتقدير في المعيشة ، والصبر على النوائب (٤).

٣٢ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله جل جلاله : إني أعطيت الدنيا بين عبادي فيضا فمن أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة منهن عشرا إلى سبعمائة ضعف ، وما شئت ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه قسرا أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا مني : الصلاة والهداية والرحمة ، إن الله عزوجل يقول :

___________________

(١) قرب الاسناد ص ٢٧ وصححناه على نسخة النهج الرقم ٢٣ من الخطب.

(٢) الخصال ج ١ ص ٤٣.

(٣) المحاسن ص ٦.

(٤) الخصال ج ١ ص ٦١.

٨٥

« الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم » واحدة من الثلاث « ورحمة » اثنتين « واولئك هم المهتدون » ثلاثة ثم قال أبوعبدالله عليه‌السلام : هذا لمن أخذ منه شيئا قسرا (١).

٣٣ ـ ل : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية : إياك والعجب ، وسوء الخلق ، وقلة الصبر ، فانه لايستقيم لك على هذه الخصال الثلاثة صاحب ، ولايزال لك عليها من الناس مجانب الخبر (٢).

٣٤ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : أخذوا الناس ثلاثة من ثلاثة : أخذوا الصبر عن أيوب عليه‌السلام والشكر عن نوح عليه‌السلام ، والحسد عن بني يعقوب عليه‌السلام (٣).

٣٥ ـ ع : أحمدبن محمد بن عيسى العلوي ، عن محمدبن إبراهيم بن أسباط ، عن أحمدبن محمدبن زياد ، عن أحمدبن محمدبن عبدالله ، عن عيسى بن جعفر العلوي عن آبائه ، عن عمربن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : علامة الصابر في ثلاث أولها أن لايكسل ، والثانية أن لايضجر ، والثالثة أن لايشكو من ربه عزوجل ، لانه إذا كسل فقد ضيع الحق ، وإذا ضجر لم يؤد الشكر ، وإذا شكا من ربه عزوجل فقد عصاه (٤).

٣٦ ـ ما : المفيد ، عن أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير ، عن صباح الحذاء ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذاكان يوم القيامة جمع الله عزوجل الخلائق في صعيد واحد ، ونادى مناد من عندالله يسمع آخر هم كما يسمع أولهم

___________________

(١) الخصال ١ ص ٦٤.

(٢) الخصال ج ١ ص ٧٢.

(٣) عيون الاخبار ج ٢ ص ٤٥.

(٤) علل الشرائع ج ٢ ص ١٨٤.

٨٦

يقول : أين أهل الصبر؟ قال : فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم : ماكان صبركم هذا الذي صبرتم؟ فيقولون : صبرنا أنفسنا على طاعة الله ، وصبرناها عن معصيته ، قال : فينادي مناد من عندالله : صدق عبادي خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب الخبر (١).

٣٧ ـ ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن أبي الحسن الثالث ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال الصادق عليه‌السلام في قول الله عزوجل : في قول يعقوب : « فصبر جميل » (٢) قال : بلاشكوى (٣).

٣٨ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه رفعه قال : سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جبرئيل عليه‌السلام ماتفسير الصبر؟ قال : تصبر في الضراء كما تصبر في السراء ، وفي الفاقة كماتصبر في الغنى ، وفي البلاء كما تصبر في العافية ، فلايشكو حاله (٤) عند المخلوق بما يصيبه من البلاء (٥).

٣٩ ـ فس : أبي ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ياحفص إن من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا ثم قال : عليك بالصبر في جميع امورك ، فان الله بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمره بالصبر والرفق فقال : « واصبر على مايقولون واهجرهم هجرا جميلا » (٦) وقال : « ادفع بالتي هي أحسن السيئة فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم » (٧) فصبر رسول الله حتى قابلوه بالعظام ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله تعالى « ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون » (٨) كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله « قد

___________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٠٠.

(٢) يوسف : ١٨.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٠٠.

(٤) معانى الاخبار ص ٢٦١ (٥) خالقه خ ل.

(٦) المزمل : ١٠.

(٧) فصلت : ٣٤.

(٨) الحجر : ٩٧.

٨٧

نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ماكذبوا واوذوا حتى أتاهم نصرنا » (١) فألزم نفسه الصبر صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فتعدوا وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولاصبر لي على ذكرهم إلهي ، فأنزل الله « ولقد خلقنا السموات والارض ومابينهما في ستة أيام ومامسنا من لغوب * فاصبر على مايقولون » (٢) فصبر صلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أحواله.

ثم بشر في الائمة عليهم‌السلام من عترته ووصفوا بالصبر فقال : « وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون » (٣) فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله : الصبر من الايمان كالرأس من البدن ، فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه « وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ماكان يصنع فرعون وقومه وماكانوا يعرشون » (٤) فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : آية بشرى وانتقام ، فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحبائه وعجل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الاخرة (٥).

٤٠ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن مرحوم ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن يساره ، والبر مطل عليه ويتنحى الصبر ناحية قال : فاذا دخل الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر :

___________________

(١) الانعام : ٣٣ ـ ٣٤.

(٢) ق : ٣٨.

(٣) فصلت : ٢٤.

(٤) الاعراف : ١٣٧.

(٥) تفسير القمى ص ١٨٤ وقد مرمثله ص ٦٠ من الكافى مشروحا.

٨٨

دونكم صاحبكم ، فان عجزتم عنه فأنا دونه (١).

٤١ ـ سن : أبي ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ثلاث من أبواب البر : سخاء النفس ، وطيب الكلام ، و الصبر على الاذى (٢).

٤٢ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه أن خلادة بنت أوس بشرها بالجنة و أعلمها أنها قرينتك في الجنة ، فانطلق إليها فقرع الباب عليها فخرجت وقالت : هل نزل في شئ؟ قال : نعم ، قالت : ماهو؟ قال : إن الله تعالى أوحى إلى وأخبرني أنك قريني في الجنة ، وأن ابشرك بالجنة ، قالت : أويكون اسم وافق اسمي؟ قال : إنك لانت هي ، قالت : يانبي الله ما اكذبك ، ولاوالله ما أعرف من نفسير ماوصفتني به.

قال د اود عليه‌السلام : أخبريني عن ضميرك وسريرتك ماهو؟ قالت : أماهذا فساخبرك به ، اخبرك أنه لم يصبني وجع قط نزل بي كائنا ماكان ، ولانزل ضربي وحاجة وجوع كائنا ماكان إلا صبرت عليه ، ولم أسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية والسعة ، ولم أطلب بها بدلا ، وشكرت الله عليها وحمدته ، فقال داود صلوات الله عليه : فبهذا بلغت مابلغت.

ثم قال أبوعبدالله عليه‌السلام : وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين (٣).

٤٣ ـ ضا : أروي أن الصبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل منه الصبر عن المحارم.

___________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٥٥.

(٢) المحاسن : ٦.

(٣) أخرجه المؤلف العلامة هكذا في باب ما أوحى إلى داود ( ع ) ج ١٤ ص ٣٩ ( من هذه الطبعة الحديثة ) ولكن وجدنا ه في مشكاة الانوار ص ٢٣ باختلاف في اللفظ وفيه بدل قوله ولانزل ضربى وحاجة وجوع « ولانزل بى مرض وجوع » الخ.

٨٩

وروي : إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصابرون؟ فيقوم عنق من الناس فيقال لهم : اذهبوا إلى الجنه بغير حساب ، قال : فتلقاهم الملائكة فيقولون لهم : أي شئ كانت أعمالكم؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله ، ونصبر عن معصية الله ، فيقولون نعم أجر العاملين.

ونروي سأن في وصايا الانبياء صلوات الله عليهم : اصبروا على الحق وإن كان مرا.

وأروي أن اليقين فوق الايمان بدرجة واحدة ، والصبر فوق اليقين.

ونروي أنه من صبر للحق عوضه الله خيرا مما صبر عليه.

ونروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسول الله (ص) أني آخذك بمداراة الناس كما آخذك بافرائض.

ونروي أن المؤمن أخذ عن الله عزوجل الكتمان ، وعن نبيه عليه‌السلام مداراة الناس وعن العالم عليه‌السلام الصبر في البأساء والضراء.

وروي في قول الله عزوجل « اصبروا وصابروا ورابطوا لعلكم تفلحون » (١) قال « اصبروا » على طاعة الله وامتحانه ، « وصابروا » قال الزموا طاعة الرسول ومن يقوم مقامه « ورابطوا » قال لاتفارقوا ذلك يعني الامرين و « لعل » في كتاب الله موجبة ومعناها أنكم تفلحون.

وأروي عن العالم عليه‌السلام الصبر على العافية أعظم من الصبر على البلاء ، يريد بذلك أن يصبر على محارم الله ، مع بسط الله عليه في الرزق وتحويله النعم ، وأن يعمل بما أمره به فيها.

ونروي لايصلح المؤمن إلا بثلاث خصال : الفقه في الدين ، والتقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة.

٤٤ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور والصفاء ، والجزع يظهر مافي بواطنهم من الظلمة والوحشة ، والصبر يدعيه كل

___________________

(١) آل عمران : ٢٠٠.

٩٠

أحد ، ولايثبت عنده إلا المخبتون ، والجزع ينكره كل أحد وهو أبين على المنافقين ، لان نزول المحنة والمصيبة يخبر عن الصادق والكاذب ، وتفسير الصبر ماء يستمر مذاقه ، وماكان عن اضطراب لايسمى صبرا ، وتفسير الجزع اضطراب القلب وتحزن الشخص ، وتغير السكون ، وتغير الحال ، وكل نازلة خلت أوائلها من الاخبات والانابة والتضرع إلى الله تعالى فصاحبها جزوع غير صابر.

والصبر ماء أوله مر وآخره حلو ، من دخله من أواخره فقد دخل ومن دخله من أوائله فقد خرج ، ومن عرف قدر الصبر لايصبر عما منه الصبر ، قال الله عز وجل في قصة موسى وخضر : « وكيف تصبرعلى مالم تحط به خبرا » (١) فمن صبر كرها ولم يشك إلى الخلق ، ولم يجزع بهتك ستره ، فهومن العام ، ونصيبه ماقال الله عزوجل : « وبشر الصابرين » (٢) أي بالجنة والمغفرة ، ومن استقبل البلاء بالرحب ، وصبر على سكينة ووقار ( فهو ) من الخاص ونصيبه ماقال الله عزوجل : « إن الله مع الصابرين » (٣).

٤٥ ـ جا : محمدبن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن الحسين بن محمد ، عن أبيه ، عن آدم بن عيينة بن أبي عمران الهلالي قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا طويلا ، وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنا طويلا (٤).

٤٦ ـ جع : (٥) علي بن موسى الرضا عليه‌السلام باسناده ، عن علي بن الحسين قال :

___________________

(١) الكهف : ٦٨.

(٢) البقرة : ١٥٥.

(٣) مصباح الشريعة ص ٦٢ ، والاية الاخيرة في الانفال ٤٦.

(٤) مجالس المفيد ص ٣٣.

(٥) سقط رمز الحديث هذا ، عن نسخة الكمباني ، وفى نسخة الاصل محلها بياض وقدأومأنا إلى وجه ذلك في مقدمة الجزء المتمم للسبعين وهو أن الكاتب كان يخلى محل الرموز ويكتبها تذكرة في الهامش ، ثم كان يكتبها بعد ذلك بالحمرة ، فسقط عنه كتابة هذا.

٩١

خمسة لو رحلتم فيهن لاصبتموهن : لايخاف عبد إلا ذنبه ، ولايرجو إلا ربه ولايستحي الجاهل إذا سئل عما لايعلم أن يقول : لا أعلم ، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسدولا إيمان لمن لاصبر له.

قال على عليه‌السلام : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الصبر ثلاثة : صبر على المصيبة وصبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، فمن صبر على المصيبة أعطاه الله تعالى ثلاثمائة درجة مابين الدرجة إلى الدرجة مابين السماء والارض ، ومن صبر على الطاعة كان له ستمائة درجة مابين الدرجة إلى الدرجة مابين الثرى إلى العرش ، ومن صبر عن المعصية أعطاه الله سبعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة مابين منتهى العرش إلى الثرى مرتين.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيها الناس عليكم بالصبر فانه لادين لمن لاصبر له.

وقال عليه‌السلام : إنك إن صبرت جرت عليك المقادير ، وأنت مأجور ، وإنك إن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور.

عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الصبر رأس الايمان.

عنه قال عليه‌السلام : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( حاكيا ) عن الله تعالى : إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ، ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه أن أنصب له ميزانا أو أنشرله ديوانا.

سئل محمدبن علي عليهما‌السلام عن الصبر الجميل فقال : شئ لاشكوى فيه ، ثم قال : ومافي الشكوى من الفرج؟ فانما هو يحزن صديقك ، ويفرح عدوك.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الصبرو حسن الخلق والبر والحلم من أخلاق الانبياء.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنه سيكون زمان لايستقيم لهم الملك إلا بالقتل والجور ، ولايستقيم لهم الغنا إلا بالبخل ، ولايستقيم لهم الصحبة في الناس إلا

___________________

الرمز فانه كان في آخر السطر. والان لايوجد في نسخة الاصل رمز الحديث في الهامش أيضا فانه قدذهب عند الصحافة.

٩٢

باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين ، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهويقدر على الغنا ، وصبر على الذل وهويقدر على العز ، وصبر على بغضة والناس وهويقدر على المحبة ، أعطاه الله ثواب خمسين صديقا.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد.

وقال عليه‌السلام : الجزع عند البلاء تمام المحنة.

وقال عليه‌السلام : كل نعيم دون الجنة حقير ، وكل بلاءدون النار يسير (١).

٤٧ ـ أقول : روى السيد ابن طاووس في كتاب سعد السعود من تفسير أبي العباس ابن عقدة ، عن عثمان بن عيسى ، عن الفضل ، عن جابر قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : ما الصبر الجميل؟ قال : ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان ( إلى عابد من العباد ) في حاجة ، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه وقال : مرحبا بك ياخليل الرحمن فقال يعقوب : لست بإبراهيم ولكني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقال له الراهب : فمابلغ بك ما أرى من الكبر؟ قال : الهم والحزن والسقم فماجاوز صغير الباب حتى أوحى الله إليه يايعقوب شكوتني إلى البعاد؟ فخر ساجدا على عتبة الباب يقول : رب لا أعود فأوحى الله إليه إني قد غفرتها لك ، فلاتعودن لمثلها ، فما شكى مما أصاب من نوائب الدنيا إلا أنه قال : إنما أشكوبثي وحزني إلى الله وأعلم من الله مالاتعلمون.

محص : عن جابر مثله.

٤٨ ـ ختص : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الصبر صبران : فالصبر عند المصيبة حسن جميل ، وأحسن من ذلك الصبر عند ماحرم الله عليك ، والذكر ذكران ذكر الله عزوجل عند المصيبة ، وأكبر من ذلك ذكر الله عند ماحرم الله فيكون ذلك حاجزا (٢).

___________________

(١) جامع الاخبار ص ١٣٥ و ١٣٦.

(٢) الاختصاص : ٢١٨ وفيه سقط.

٩٣

٤٩ ـ محص : عن داودبن فرقد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران : ماخلقت خلقا هو أحب إلي من عبدي المؤمن إني إنما أبتليه لماهوخير له ، وأزوي عنه لماهوخير له ، واعطيه لماهو خير له ، وأنا أعلم بمايصلح عليه حال عبدي المؤمن ، فليرض بقضائي ، وليشكر نعمائي ، وليصبر على بلائي ، أكتبه ، في الصديقين إذاعمل برضاي وأطاع لامري.

٥٠ ـ محص : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن العبد ليكون له عندالله الدرجة لايبلغها بعمله ، فيبتليه الله في جسده أو يصاب بماله أويصاب في ولده فان هو صبر بلغه الله إياها.

٥١ ـ محص : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : مامن مؤمن إلا وهومبتلى ببلاء ، منتظر به ماهو أشد منه ، فان صبر على البلية التي هو فيها عافاه الله من البلاء الذي ينتظر به ، وإن لم يصبر وجزع نزل به من البلاء المنتظر أبدا حتى يحسن صبره وعزاؤه.

٥٢ ـ محص : عن الثمالي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من ابتلي من شيعتنا فصبر عليه كان له أجر ألف شهيد.

٥٣ ـ محص : عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : يا إسحاق لاتعدن مصيبة اعطيت عليها الصبر واستوجبت عليها من الله ثوابا بمصيبة ، إنما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها إذالم يصبر عند نزولها.

٥٤ ـ محص : روى أحمدبن محمد البرقي في كتابه الكبير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا ، ولكل نعمة شكرا ، ولكل عسر يسرا ، أصبر نفسك عند كل بلية ورزية في ولد أو في مال ، فان الله إنما يقبض عاريته وهبته ، ليبلو شكرك وصبرك.

٥٥ ـ محص : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة.

وعنه عليه‌السلام أنه قال : لم يستزد في محبوب بمثل الشكر ولم يستنقص

٩٤

من مكروه بمثل الصبر.

٥٦ ـ محص : عن ربعي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء ، وهو صبور ، وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع.

٥٧ ـ محص : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن للنكبات غايات لابد أن ينتهي إليها ، فاذا حكم على أحدكم بها فليتطأطألها ، ويصبر حتى يجوز ، فان إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها.

وكان يقول : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فمن لاصبر له لا إيمان له ، وكان يقول : الصبر ثلاثة : الصبر على المصيبة ، والصبر على الطاعة والصبر عن المعصية.

وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : الصبر صبران : الصبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل منه الصبر على المحارم.

٥٨ ـ محص : عن ابن عميرة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : اتقوا الله واصبروا فانه من لم يصبر أهلكه الجزع ، وإنما هلاكه في الجزع أنه إذا جزع لم يؤجر.

٥٩ ـ محص : جابربن عبدالله أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : من كنوز الجنة البر وإخفاء العمل ، والصبر على الرزايا ، وكتمان المصائب.

٦٠ ـ دعوات الراوندى : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : صبرك على محارم الله أيسر من صبرك على عذاب القبر ، من صبر على الله وصل إليه.

نهج : قال عليه‌السلام : الصبر صبران : صبر على ماتكره ، وصبر مما تحب (١).

وقال عليه‌السلام : لايعدم الصبور الظفر ، وإن طال به الزمان (٢).

___________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥٦.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٣.

٩٥

وقال عليه‌السلام : من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع (١).

وقال عليه‌السلام : عند تناهي الشدة تكون الفرجة ، وعند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء (٢).

٦١ ـ كنز الكراجكى : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بالصبر يتوقع الفرج ، ومن يدمن قرع الباب يلج.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الصبر مطية لاتكبو ، والقناعة سيف لاينبو.

وقال عليه‌السلام : أفضل العبادة الصبر والصمت وانتظار الفرج.

وقال عليه‌السلام : الصبر جنة من الفاقة.

وقال عليه‌السلام : من ركب مركب الصبر اهتدى إلى ميدان النصر.

٦٢ ـ مشكوة الانوار : قال الصادق عليه‌السلام : إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها ، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره ، وإن اسروقهر واستبدل بالعسر يسرا كما كان يوسف الصديق الامين عليه‌السلام لم يضره حزنه أن استعبد وقهر واسر ، ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وماناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا ، بعد أن كان مالكا له ، فأرسله فرحم به امة ، وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا تظفروا ، وواظبوا على الصبر تؤجروا (٣).

أقول : ورواه الكليني في الكافي أيضا بأدنى تغيير (٤).

٦٣ ـ ومنه : عن الباقر عليه‌السلام قال : من صبر واسترجع وحمدالله عند المصيبة فقد رضي بما صنع الله ، ووقع أجره على الله ، ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهوذميم وأحبط الله أجره (٥).

___________________

(١) نهج البلاغة ٢ ص ١٨٧.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٢٧.

(٣) مشكاة الانوار ٢١ و ٢٢.

(٤) راجع الكافى ج ٢ ص ٨٩.

(٥) مشكاة الانوارص ٢٢ و ٢٣.

٩٦

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : المؤمن يطبع على الصبر على النوائب (١).

٦٤ ـ ومنه : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام أن قرينك في الجنة خلادة بنت أوس فأتها وأخبرها وبشرها بالجنة وأعلمها أنها قرينك في الاخرة.

فانطلق داود عليه‌السلام إليها فقرع الباب عليها ، فخرجت إليه ، فقال : أنت خلادة بنت أوس؟ قالت : يانبي الله لست بصاحبتك التي تطلب ، قال لها داود : ألست خلادة بنت أوس من سبط كذا ( وكذا )؟ قالت : بلى قال : فأنت هي إذا ، فقالت : يانبي الله لعل اسما وافق اسما؟ فقال لها داود : ماكذبت ولاكذبت ، وإنك لانت هي ، فقالت يانبي الله ما اكذبك ولاوالله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به.

قال لها داود : خبريني عن سريرتك ماهي؟ قالت : أما هذا فساخبرك به إنه لم يصبني وجع قط نزل بي من الله تبارك وتعالى كائنا ماكان ولانزل بي مرض أوجوع إلا صبرت عليه ولم أسأل الله كشفه حتى هو يكون الذي يحوله عني إلى العافية والسعة لم أطلب بها بدلا وشكرت الله عليها وحمدته ، قال لها داود عليه‌السلام : فبهذا النعت بلغت مابلغت.

ثم قال أبوعبدالله عليه‌السلام : هذا والله دين الله الذي ارتضاه للصالحين (٢).

٦٥ ـ المؤمن : باسناده ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : مامن عبد مسلم ابتلاه الله بمكروه وصبر إلا كتب له أجر ألف شهيد.

وعن أبي الحسن عليه‌السلام قال : مامن أحد يبليه الله عزوجل ببلية فصبر عليها إلا كان له أجر ألف شهيد.

___________________

(١) مشكاة الانوار ص ٢٣.

(٢) مشكاة الانوار ٢٣ و ٢٤.

٩٧

(٦٣)

* ( باب ) *

* ( التوكل ، التفويض ، والرضا ، والتسليم ، وذم الاعتماد ) *

على غيره تعالى ولزوم الاستثناء بمشية الله في كل أمر

الايات ، البقرة : كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهوخير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهوشرلكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون (١).

آل عمران : ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم (٢).

وقال سبحانه : وعلى الله فليتوكل المؤمنون (٣).

وقال تعالى : فاذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين * إن ينصركم الله فلاغالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون (٤).

وقال : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذوفضل عظيم (٥).

النساء : وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (٦).

وقال : فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا (٧).

___________________

(١) البقرة : ٢١٦ (٢) آل عمران : ١٠١.

(٣) آل عمران : ١٢٢.

(٤) آل عمران : ١٥٩ ـ ١٦٠.

(٥) آل عمران ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٦) النساء : ٤٥.

(٧) النساء : ٨١.

٩٨

المائدة : وعلى الله فليتوكل المؤمنون (١).

وقال : وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين (٢).

وقال : رضي الله عنهم ورضوا عنه (٣).

الانعام : قل أغير الله أتخذوليا فاطر السماوات والارض وهويطعم ولا يطعم ـ إلى قوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلاكاشف له إلا هووإن يمسك بخير فهو على كل شئ قدير (٤).

وقال تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه‌السلام : ولا أخاف ماتشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا (٥).

الاعراف : قال تعالى حاكيا عن شعيب عليه‌السلام : على الله توكلنا (٦).

وقال سبحانه : إن وليي لله الذي نزل الكتاب وهويتولى الصالحين * والذين تدعون من دونه لايستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون (٧).

الانفال : وعلى ربهم يتوكلون (٨).

وقال : ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم (٩).

وقال : وتوكل على الله إنه هوالسميع العليم (١٠).

وقال : وإن يريدوا أن يخدعوك فان حسبك الله هوالذي أيدك بنصره و بالمؤمنين * وألف بين قلوبهم لو أنفقت مافي الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم * يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من

___________________

(١) المائدة : ١١ (٢) المائدة : ٢٣.

(٣) المائدة : ١١٩ (٤) الانعام : ١٧.

(٥) الانعام : ٨٠ (٦) الاعراف : ٨٩.

(٧) الاعراف : ١٩٦.

(٨) الانفال : ٢ (٩) الانفال : ٤٩.

(١٠) الانفال : ٦١.

٩٩

المؤمنين (١).

التوبة : قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولينا وعلى الله فليتوكل المؤمنون (٢).

وقال تعالى : ومنهم من يلمزك في الصدقات فان اعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذاهم يسخطون * ولو أنهم رضوا ما آتيهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون (٣).

وقال تعالى : فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هوعليه توكلت وهورب العرش العظيم (٤).

يونس : حاكيا عن نوح عليه‌السلام : ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم لايكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولاتنظرون (٥).

وقال تعالى : وقال موسى ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين * فقالوا على الله توكلنا ربنا لاتجعلنا فتنة للقوم الظالمين (٦).

وقال تعالى : ولاتدع من دون الله مالاينفعك ولايضرك فان فعلت فانك إذا من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهوالغفور الرحيم (٧).

هود : والله على كل شئ وكيل (٨).

وقال تعالى حاكيا عن هود عليه‌السلام : قال إني اشهد الله واشهدوا أني برئ مما

___________________

(١) الانفال : ٦٢ ـ ٦٤ (٢) براءة : ٥٢.

(٣) براءة ٥٨ ـ ٥٩ (٤) براءة : ١٢٩.

(٥) يونس : ٧١.

(٦) يونس : ٨٤ و ٨٥.

(٧) يونس : ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٨) هود : ١٢.

١٠٠