بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

حزب الشيطان وهذا التعارف إلهامات من الله من غير إشعار منهم بالسابقة انتهى وقد مر كلام قطب الدين الراوندي رحمه‌الله في هذا الخبر.

اعلم أن ما تقدم من الأخبار المعتبرة في هذا الباب وما أسلفناه في أبواب بدء خلق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام وهي قريبة من التواتر دلت على تقادم (١) خلق الأرواح على الأجساد وما ذكروه من الأدلة على حدوث الأرواح عند خلق الأبدان مدخولة لا يمكن رد تلك الروايات لأجلها (٢).

__________________

(١) تقدم ( خ ).

(٢) الكلام حول روايات خلق الأرواح قبل الأبدان يقع في جهات :

( الف ) في صدورها : هل تكون مقطوعة الصدور أو لا؟ وعلى فرض عدم القطع بصدورها هل يوجد دليل على وجوب التعبد بها أولا ( ب ) في دلالتها ، هل تدل دلالة صريحة على تقدم وجود الأرواح على أبدانها خارجا بالتقدم الزمانى أولا ( ج ) في توافقها مع الأدلة العقلية.

فنقول : أما من الجهة الأولى فهي غير بالغة حد التواتر ، فلا يحصل القطع بصدورها عادة وادلة حجية الخبر الواحد قاصرة عن غير ما يتعلق بالاحكام الفرعية العملية ، فلا يوجد دليل على وجوب التعبد بها. وأما من الجهة الثانية فلا ريب في ظهورها في ذلك في حد نفسها وإن لم يبلغ إلى مرتبة النص. وقد أول الشيخ المفيد ـ على ما يأتي حكايته عنه ـ الخلق بالتقدير ، كما أنه يمكن حملها على نوع من التمثيل والاستعارة إذا وجد دليل قطعى معارض لمدلولها. وأما من الجهة الثالثة فقد دار البحث بين الفلاسفة حول حدوث النفس وقدمها ، وذهب أصحاب مدرسة صدر المتألهين إلى انها تحدث بحدوث البدن غير بالغة حد التجرد العقلى متحركة نحوه ، ولا مجال لذكر أدلتهم ونقدها هاهنا.

وهناك أمر يتعلق بمعرفة شئون النفس يستعصى على الاذهان المتوغلة في الماديات ، ولعل إجادة التأمل فيه يعين على حل العويصة وهو أن النفس وإن كانت أمرا متعلقا بالمادة بل ناشئا عنها ومتحدا بها وبهذا الاعتبار صح مقايستها بالحوادث واتصافها بالمقارنة والتقدم والتأخر زمانا إلا أنها حين ما تدخل في حظيرة التجرد تجد نفسها محيطة بالبدن من ناحية البدن والنهاية وأن شعاعها يمتد إلى ما قبل حدوث البدن كما انه يمتد إلى ما بعد انحلاله. فالذى ينظر إلى جوهرها المجرد من فوق عالم الطبيعة يجدها خارجة عن وعاء الزمان محيطة به ، وإذا قايسها.

١٤١

٢٠ ـ الكافي : عن الحسين بن محمد (١) عن عبد الله عن محمد بن سنان عن المفضل عن جابر بن يزيد قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمدا وعترته الهداة المهتدين فكانوا أشباح نور بين يدي الله قلت وما الأشباح قال ظل النور أبدان نورية بلا أرواح وكان مؤيدا بروح واحد وهي روح القدس (٢) فبه كان يعبد الله وعترته [ و ] لذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ويصلون الصلاة ويحجون ويصومون (٣).

بيان : أول منصوب بالظرفية والمهتدين صفة وكونه مفعول الهداة بعيد فكانوا أشباح نور الإضافة إما بيانية أي أشباحا هي أنوار والأشباح جمع الشبح بالتحريك وهو سواد الإنسان أو غيره تراه من بعيد فالمراد إما الأجساد المثالية فالمراد بقوله بلا أرواح بلا أرواح الحيوانية أو الروح مجردا كان أو جسما

__________________

إلى ظاهرة مادية واقعة في ظرف الزمان كالبدن يجدها موجودة معها وقبلها وبعدها ، فيصح له أن يحكم بتقدم وجودها على وجود البدن مع أن من ينظر إليها من نافذة عالم المادة ويعتبرها أمرا متعلقا بالبدن بل مرتبة كاملة له انتهى إليها بالحركة الجوهرية وبهذا الاعتبار يسميها نفسا ، يحكم بحدوثها عند حدوث البدن وحصول التجرد لها بعد ذلك ولا منافاة بين النظرين ، وبهذا يمكن الجمع بين القولين.

ومما ينبغي الالتفات إليه أن في تقدم خلق الأرواح على الأبدان بألفى عام ـ على حد التعبير الوارد في الروايات ـ لم يعتبر كل روح إلى بدنه بحيث يكون خلق كل روح قبل خلق بدنه بألفى عام كامل لا أزيد ولا أنقص والا لزم عدم وجود جميع الأرواح في زمن علي عليه‌السلام فضلا عما قبله ، ضرورة حدوث كثير من الأبدان بعد زمنه بآلاف سنة ولا يبعد أن يكون ذكر الالفين لاجل التكثير ، وتثنية الالف للاشارة الى التقدم العقلى والمثالى.

(١) في المصدر « الحسين [ عن محمد ] بن عبد الله » وهو مصحف ، والصواب ما في نسخ الكتاب كما أثبتناه ، وهو الحسين بن محمد بن عامر بن أبي بكر الأشعري الثقة ويروى عن عمه « عبد الله بن عامر » وعن غيره.

(٢) فيه ( خ ).

(٣) الكافي : ج ١ ، ص ٤٤٢.

١٤٢

لطيفا فيستقيم أيضا لأن الأرواح ما لم تتعلق بالأبدان فهي مستقلة بنفسها أرواح من جهة وأجساد من جهة فهي أبدان نورانية لم تتعلق بها أرواح أخر وعلى هذا فظل النور أيضا إضافته للبيان أو لامية والمراد بالنور نور ذاته تعالى فإنها من آثار ذلك النور الأقدس وظلاله والمعنى دقيق وربما يؤول النور بالعقل الفعال على طريقة الفلاسفة.

وكان مؤيدا بروح واحد أي في عالم الأرواح أو في عالم الأجساد والأول أظهر ولذلك أي لتأيدهم بذلك الروح في أول الفطرة الروحانية خلقهم في الفطرة الجسمانية حلماء علماء إلخ ويصلون كأنه تأكيد لما مر أو المراد بقوله خلقهم خلقهم في عالم الأرواح أي كانوا يعبدون الله في هذا العالم وكانوا فيه علماء بخلاف سائر الأرواح لتأيدهم حينئذ بروح القدس فقوله عليه‌السلام ويصلون أي في عالم الأجساد فلا تكرار.

أقول : قد مرت أخبار كثيرة في ذلك في باب حدوث العالم.

قال : شارح المقاصد النفوس الإنسانية سواء جعلناها مجردة أو مادية حادثة عندنا لكونها أثر القادر المختار وإنما الكلام في أن حدوثها قبل البدن لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام أو بعده لقوله تعالى بعد ذكر أطوار البدن « ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ » (١) إشارة إلى إفاضة النفس ولا دلالة في الحديث مع كونه خبر واحد على أن المراد بالأرواح النفوس البشرية أو الجوهر (٢) العلوية ولا في الآية على أن المراد إحداث النفس أو إحداث تعلقها بالبدن وأما الفلاسفة فمنهم من جعلها قديمة وذهب أرسطو وشيعته إلى أنها حادثة ثم ذكر دلائل الطرفين واعترض عليها بوجوه أعرضنا عن ذكرها.

__________________

(١) المؤمنون : ١٤.

(٢) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها « الجوهرية العلوية » والظاهر ان الصواب « الجواهر العلوية ».

١٤٣

وقال الشيخ المفيد قدس الله نفسه في أجوبة المسائل الروية (١) فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو من أخبار الآحاد وقد روته العامة كما روته الخاصة وليس هو مع ذلك مما يقطع على الله بصحته وإن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد واخترع الأجساد واخترع لها الأرواح فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه وليس بخلق لذواتها كما وصفناه والخلق لها بالإحداث والاختراع بعد خلق الأجسام والصور التي تدبرها الأرواح ولو لا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها ولا تحتاج إلى آلات تعلقها ولكنا نعرف ما سلف لنا من الأرواح قبل خلق الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد وهذا محال لا خفاء بفساده وأما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فالمعنى فيه أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط تتناصر بالجنس وتتخاذل بالعوارض فما تعارف منها باتفاق الرأي والهوى ائتلف وما تناكر منها بمباينة في الرأي والهوى اختلف وهذا موجود حسا ومشاهد وليس المراد بذلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف كما ذهبت إليه الحشوية كما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان عليها قبل ظهوره في هذا العالم ولو ذكر بكل شيء ما ذكر ذلك فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه والله الموفق للصواب انتهى.

وأقول : قيام الأرواح بأنفسها أو تعلقها بالأجساد المثالية ثم تعلقها بالأجساد العنصرية مما لا دليل على امتناعه وأما عدم تذكر الأحوال السابقة فلعله لتقلبها في الأطوار المختلفة أو لعدم القوى البدنية أو كون تلك القوى قائمة بما فارقته من الأجساد المثالية أو لإذهاب الله تعالى تذكر هذه الأمور عنها لنوع من المصلحة كما ورد أن الذكر والنسيان من صنعه تعالى مع أن الإنسان لا يتذكر كثيرا من أحوال الطفولية والولادة والتأويل الذي ذكره للحديث في غاية البعد لا سيما مع الإضافات الواردة في الأخبار المتقدمة.

__________________

(١) السروية ( خ ).

١٤٤

٢١ ـ العلل : عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن علي عن عباس عن أسباط عن أبي عبد الرحمن قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني ربما حزنت فلا أعرف في أهل ولا مال ولا ولد وربما فرحت فلا أعرف في أهل ولا مال ولا ولد فقال إنه ليس من أحد إلا ومعه ملك وشيطان فإذا كان فرحه كان (١) دنو الملك منه وإذا كان حزنه كان (٢) دنو الشيطان منه وذلك قول الله تبارك وتعالى « الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ » (٣).

بيان : لعل المراد أن هذا لهم من أجل وساوس الشيطان وأمانيه في أمور الدنيا الفانية وإن لم يتفطن به الإنسان فيظن أنه لا سبب له أو يكون غرض السائل فوت الأهل والمال والولد في الماضي فلا ينافي الهم للتفكر فيها لأجل ما يستقبل أو المراد أنه لما كان شأن الشيطان ذلك يصير محض دنوه سببا للهم وفي الملك بعكس ذلك في الوجهين.

٢٢ ـ العلل : عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن جعفر بن محمد بن مالك عن أحمد بن مدين من ولد مالك بن الحارث الأشتر عن محمد بن عمار عن أبيه عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام ومعي رجل من أصحابنا فقلت له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني لأغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا لأنا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم ولأنا وإياكم من نور الله عز وجل فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة ولو تركت طينتكم كما أخذت لكنا وأنتم سواء ولكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم فلو لا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا قال قلت جعلت فداك فتعود (٤) طينتنا ونورنا كما بدئ فقال إي والله يا عبد الله أخبرني عن هذا الشعاع

__________________

(١) في المصدر كان من دنو.

(٢) في المصدر كان من دنو.

(٣) العلل : ج ١ ، ص ٨٧ ، والآية في سورة البقرة : ٢٦٨.

(٤) في المصدر : أفتعود.

١٤٥

الزاخر من القرص إذا طلع أهو متصل به أو بائن منه فقلت له جعلت فداك بل هو بائن منه فقال أفليس إذا غابت الشمس وسقط القرص عاد إليه فاتصل به كما بدأ منه فقلت له نعم فقال كذلك والله شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون والله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة وإنا لنشفع فنشفع وو الله إنكم لتشفعون فتشفعون وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله وجنة عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة وأعداءه النار (١).

بيان : يا عبد الله ليس هذا اسم أبي بصير فإن المشهور بهذا اللقب اثنان أحدهما ليث المرادي والآخر يحيى بن القاسم وليس كنية واحد منهما أبا عبد الله حتى يمكن أن يقال كان أبا عبد الله فسقط أبا من النساخ ولكن كنيتهما أبو محمد فالظاهر أن أبا بصير هذا ليس شيئا منهما بل هو عبد الله بن محمد الأسدي الكوفي المكنى بأبي بصير كما ذكره الشيخ في الرجال وإن كان ذكره في أصحاب الباقر عليه‌السلام لأنه كثيرا ما يذكر الرجل في أصحاب إمام ثم يذكره في أصحاب إمام آخر وكثيرا ما يكتفي بأحدهما ولو كان أحد المشهورين يمكن أن يكون المراد المركب الإضافي لا التسمية وقد شاع النداء بهذا عند الضجر في عرف العرب والعجم وفي القاموس زخر البحر كمنع طما وتملأ والوادي مد جدا وارتفع والشيء ملأه والقوم جاشوا لنفير أو حرب والقدر والحرب جاشتا والنبات طال والرجل بما عنده فخر انتهى وأكثر المعاني مناسبة وفي بعض النسخ بالجيم ولا يستقيم إلا بتكلف.

قوله عاد إليه كأنه على المجاز كما أن في المشبه أيضا كذلك فإن الظاهر عود الضمير في (٢) إليه إلى الله ويحتمل عوده إلى النور والمراد بنور الله النور المشرق والمكرم الذي اصطفاه وخلقه ولا يبعد أن يكون المراد أنوار الأئمة عليهم‌السلام كما قال عليه‌السلام إنكم لملحقون بنا أو المراد بنور الله رحمته والتشفيع قبول الشفاعة.

__________________

(١) العلل : ج ١ : ص ٨٧.

(٢) من ( خ ).

١٤٦

٢٣ ـ المحاسن : عن أبيه عن فضالة عن عمر بن أبان عن جابر الجعفي قال : تنفست بين يدي أبي جعفر عليه‌السلام ثم قلت يا ابن رسول الله أهتم من غير مصيبة تصيبني أو أمر نزل (١) بي حتى تعرف (٢) ذلك أهلي في وجهي ويعرفه صديقي قال نعم يا جابر قلت ومم ذلك يا ابن رسول الله قال وما تصنع بذلك قلت أحب أن أعلمه فقال يا جابر إن الله خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه فإذا أصاب تلك الأرواح في بلد من البلدان شيء حزنت عليه الأرواح لأنها منه (٣).

بيان : تنفست أي تأوهت وفي الكافي تقبضت بمعنى الانبساط كما سيأتي من ريح روحه بالضم أي من رحمة ذاته أو نسيم روحه الذي اصطفاه كما مر أو بالفتح أي رحمته كما ورد في خبر آخر وأجرى فيهم من روح رحمته ويؤيد الأول بعض الأخبار لأبيه وأمه لأن الطينة بمنزلة الأم والروح بمنزلة الأب وهما متحدان نوعا أو صنفا فيهما.

٢٤ ـ الكافي : عن العدة عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان عن جابر الجعفي قال : تقبضت بين يدي أبي جعفر عليه‌السلام فقلت جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو ألم (٤) ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي فقال نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه فإذا أصاب روحا من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منها (٥).

__________________

(١) في المصدر : ينزل.

(٢) فيه : يعرف.

(٣) المحاسن : ١٣٣.

(٤) في المصدر وبعض نسخ الكتاب : أمر.

(٥) الكافي : ج ٢ ، ص ١٦٦.

١٤٧

٢٥ ـ ومنه : عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة وإن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها (١).

الإختصاص : عنه عليه‌السلام مرسلا مثله (٢).

تبيين : قوله عليه‌السلام كالجسد الواحد كأنه عليه‌السلام ترقى عن الأخوة إلى الاتحاد أو بين أن إخوتهم ليست مثل سائر الأخوات بل هم بمنزلة أعضاء جسد واحد تعلق بها روح واحد فكما أنه بتألم عضو واحد تتألم وتتعطل سائر الأعضاء فكذا بتألم واحد من المؤمنين يحزن ويتألم سائرهم كما مر فقوله عليه‌السلام كالجسد الواحد تقديره كعضوي جسد واحد وقوله إن اشتكى ظاهره أنه بيان لحال المشبه به والضميران المستتران فيه وفي وجد راجعان إلى المرء والإنسان أو الروح الذي يدل عليه الجسد وضمير منه للجسد وضمير أرواحهما لشيء وسائر الجسد والجمعية باعتبار جمعية السائر أو من إطلاق الجمع على التثنية مجازا وفي الإختصاص وأن روحهما وهو أظهر والمراد بالروح الواحد إن كان الروح الحيوانية فمن للتبعيض وإن كان النفس الناطقة فمن للتعليل فإن روحهما الروح الحيوانية هذا إذا كان قوله وأرواحهما من تتمة بيان المشبه به ويحتمل تعلقه بالمشبه فالضمير للأخوين المذكورين في أول الخبر والغرض إما بيان شدة اتصال الروحين كأنهما روح واحدة أو أن روحيهما من روح واحدة هي روح الأئمة عليهم‌السلام وهو نور الله كما مر في خبر أبي بصير الذي هو كالشرح لهذا الخبر ويحتمل أن يكون إن اشتكى أيضا لبيان حال المشبه لاتضاح وجه الشبه وعلى التقادير المراد بروح الله أيضا الروح التي اصطفاها الله وجعلها في الأئمة عليهم‌السلام كما مر في قوله تعالى :

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٦٦.

(٢) الاختصاص : ٣٢.

١٤٨

« وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي » ويحتمل أن يكون المراد بروحه ذاته سبحانه إشارة إلى شدة ارتباط أرواح المقربين والمحبين من الشيعة المخلصين بجناب الحق تعالى حيث لا يغفلون عن ربهم ساعة ويفيض عليهم منه سبحانه آنا فآنا وساعة فساعة العلم والحكم والكمالات والهدايات بل الإرادة (١) أيضا لتخليهم عن إرادتهم وتفويضهم جميع أمورهم إلى ربهم كما قال فيهم « وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ » (٢) وقال في الحديث القدسي فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه وسيأتي تمام القول فيه في محله إن شاء الله تعالى بحسب فهمي والله الموفق.

٢٦ ـ قرب الإسناد : عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال سمعت جعفرا عليه‌السلام وسئل هل يكون أن يحب الرجل الشيء ولم يره قال نعم فقيل له مثل أي شيء فقال مثل اللون من الطعام يوصف للإنسان ولم يأكله فيحبه وما أشبه ذلك مثل الرجل يحب الشيء يذكر لأصحابه وما لك أكثر مما تدع.

بيان : لعل المعنى إذا تفكرت في أمثلة ذلك كان ما لك منها أكثر مما تتركه كناية عن كثرة أمثلة ذلك وظهورها ويمكن أن يكون تصحيف تسمع ويمكن أن يكون غرض السائل السؤال عن حب المؤمن أخاه من غير سابقة كما في سائر الأخبار.

٢٧ ـ مجالس الشيخ : عن جماعة عن أبي المفضل عن جعفر بن محمد العلوي عن عبد الله بن أحمد بن نهيك عن عبد الله بن جبلة عن حميد بن شعيب عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما احتضر أمير المؤمنين عليه‌السلام جمع بنيه فأوصاهم ثم قال يا بني إن القلوب جنود مجندة تتلاحظ بالمودة وتتناجى بها وكذلك هي في البغض فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه.

٢٨ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه عن أحمد بن محمد بن الوليد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن حنان

__________________

(١) في نسختين مخطوطتين : الارادات.

(٢) التكوير : ٢٩.

١٤٩

بن سدير عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني لألقى الرجل لم أره ولم يرني فيما مضى قبل يومه ذلك فأحبه حبا شديدا فإذا كلمته وجدته لي مثل ما أنا عليه له ويخبرني أنه يجد لي مثل الذي أجد له فقال صدقت يا سدير إن ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة اختلاط قطر الماء على مياه الأنهار وإن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا وإن أظهروا التودد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف وإن طال اعتلافها على مزود واحد.

بيان : المزود كمنبر وعاء الزاد.

٢٩ ـ الشهاب : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل المؤمن في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى.

٣٠ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل القلب مثل ريشة بأرض تقلبها الرياح.

الضوء : يقال تداعت الحيطان إذا تهادمت أو تهيأت للسقوط بأن تميل أو تتهور يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله المؤمنون متحدون متآزرون متضافرون كأنهم نفس واحدة ولذلك قال صلى‌الله‌عليه‌وآله المؤمن للمؤمن بمنزلة البنيان يشد بعضه بعضا وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله المؤمنون يد واحدة على من سواهم شبه عليه‌السلام المؤمنين في اتحادهم وموازرتهم بالجسد المجتمع من آلات وأعضاء إذا اشتكى بعضه كانت الجملة ألمة سقيمة مساهرة محمومة لاتصال بعضه ببعض ولأن الألم هو الجملة وهو في حكم الجزء الواحد بسبب الحياة التي هي كالمسمار يضم أجزاءها وينتظمها ولفظ الحديث خبر وتشبيه والمعنى أمر يأمرهم به أن يتوادوا ويتحابوا ويرحم بعضهم بعضا وفائدة الحديث الأمر بالتناصر والتعاون وراوي الحديث النعمان بن بشير وقال ره في الحديث الثاني وروي بأرض فلاة شبه عليه‌السلام القلب بريشة ساقطة بأرض عراء لا حاجز بها ولا مانع فالريح تطيرها هنا وثم وذلك للاعتقادات والأحوال التي يتقلب لها ولسرعة انقلابه وقلة ثبوته ودوامه على حالة واحدة وقد قيل إنما سمي قلبا لتقلبه وفائدة الحديث إعلام أن القلب سريع الانقلاب لا يبقى على وجه واحد وراوي الحديث أنس بن مالك.

١٥٠

٤٤

(باب)

(حقيقة الرؤيا وتعبيرها وفضل الرؤيا الصادقة وعلتها وعلة الكاذبة)

الآيات :

يونس : « الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » (١).

يوسف : « إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ » إلى قوله تعالى « وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ » (٢).

وقال تعالى : « وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ » (٣).

وقال تعالى : « وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي » إلى قوله « يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ » إلى قوله تعالى « قالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ

__________________

(١) يونس : ٦٤.

(٢) يوسف : ٨.

(٣) يوسف : ٢٣.

١٥١

لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ » (١).

الإسراء : « وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ » (٢).

الروم : « وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ » (٣).

الصافات : « قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ » (٤).

الفتح : « لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ » (٥).

المجادلة : « إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » (٦).

النبأ : « وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً » (٧).

تفسير : « الَّذِينَ آمَنُوا » أي بجميع ما يجب الإيمان به « وَكانُوا يَتَّقُونَ » مع ذلك معاصيه « لَهُمُ الْبُشْرى » قال الطبرسي رحمه‌الله قيل فيه أقوال أحدها أن البشرى في الحياة الدنيا هي ما بشرهم الله تعالى به في القرآن على الأعمال الصالحة وثانيها أن البشارة في الحياة الدنيا بشارة الملائكة للمؤمنين عند موتهم بـ « أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » وثالثها أنها في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له وفي القيامة إلى أن يدخلوا الجنة يبشرونهم بها حالا بعد حال وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام وروي ذلك في حديث مرفوعا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٨).

« لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ » قال البيضاوي الرؤيا كالرؤية غير أنها مختصة بما يكون في

__________________

(١) يوسف : ٣٦ ـ ٥١.

(٢) الإسراء : ٦٠.

(٣) الروم : ٢٣.

(٤) الصافات : ١٠٢.

(٥) الفتح : ٢٧.

(٦) المجادلة : ١٠.

(٧) النبأ : ٩.

(٨) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٢٠.

١٥٢

النوم وفرق بينهما بحرف التأنيث كالقربة والقربى وهي انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك والصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها (١) من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها مما يليق من المعاني الحاصلة هناك ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة ثم إن كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية استغنت الرؤيا عن التعبير وإلا احتاجت إليه.

« مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ » أي من تعبير الرؤيا لأنها أحاديث الملك إن كانت صادقة وأحاديث النفس والشيطان إن كانت كاذبة أو من تأويل غوامض كتب الله وسنن الأنبياء وكلمات الحكماء (٢).

وقال الطبرسي رحمه‌الله قيل إنه كان بين رؤياه وبين مصير أبيه وإخوته إلى مصر أربعون سنة عن ابن عباس وأكثر المفسرين وقيل ثمانون عن الحسن (٣) وقال النيسابوري قال علماء التعبير إن الرؤيا الردية يظهر أثرها عن قريب لكيلا يبقى المؤمن في الحزن والغم والرؤيا الجيدة يبطئ تأثيرها لتكون بهجة المؤمن أدوم.

« قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً » قال الطبرسي رحمه‌الله هو من رؤيا المنام كان يوسف عليه‌السلام لما دخل السجن قال لأهله إني أعبر الرؤيا فقال أحد العبدين وهو الساقي رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته إياها وقال صاحب الطعام إني رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز وأنواع الأطعمة وسباع الطير تنهش منه « نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ » أي أخبرنا بتعبيره وما يئول إليه أمره « قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ » في منامكما « إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ » في اليقظة قبل أن يأتيكما التأويل « أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً » روي أنه قال :

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي بعض نسخ الكتاب « فراغه ».

(٢) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٥٨٥.

(٣) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٢٠٩.

١٥٣

أما العناقيد الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن ثم يخرجك الملك في يوم الرابع وتعود إلى ما كنت عليه والرب المالك « وَأَمَّا الْآخَرُ » أي صاحب الطعام روي أنه قال بئس ما رأيت أما السلاسل الثلاث فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن فيخرجك الملك فيصلبك فتأكل الطير من رأسك فقال عند ذلك ما رأيت شيئا وكنت ألعب فقال يوسف « قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ » أي فرغ من الأمر الذي تسألان وتطلبان معرفته وما قلته لكما فإنه نازل بكما وهو كائن لا محالة (١).

«وَقالَ الْمَلِكُ » قال النيسابوري لما دنا فرج يوسف أراه الله في المنام سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس وسبع بقرات عجاف فابتلعت العجاف السمان ورأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها وسبعا أخر يابسات قد استحصدت وأدركت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها فاضطرب الملك بسببه لأن فطرته قد شهدت بأن استيلاء الضعيف على القوي منذر بنوع من أنواع الشر إلا أنه لم يعرف تفصيله فجمع الكهنة والمعبرين وقال « يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ » ثم إنه تعالى إذا أراد أمرا هيأ أسبابه فأعجز الله أولئك الملأ عن جواب المسألة وعماه عليهم حتى قالوا إنها « أَضْغاثُ أَحْلامٍ » ونفوا عن أنفسهم كونهم عالمين بتأويلها.

واعلم أنه سبحانه خلق جوهر النفس الناطقة بحيث يمكنها الصعود إلى عالم الأفلاك ومطالعة اللوح المحفوظ والمانع لها من ذلك هو اشتغالها بتدبير البدن وما يرد عليها من طريق الحواس وفي وقت النوم تقل تلك الشواغل فتقوى النفس على تلك المطالعة فإذا وقفت النفس على حالة من تلك الأحوال فإن بقيت في الخيال كما شوهدت لم تحتج إلى التأويل وإن نزلت آثار مخصوصة مناسبة للإدراك الروحاني إلى عالم الخيال فهناك يفتقر إلى المعبر ثم منها ما هي متسقة منتظمة يسهل على المعبر الانتقال من تلك المتخيلات إلى الحقائق الروحانيات ومنها ما تكون مختلطة مضطربة لا يضبط تحليلها وتركيبها لتشويش وقع في ترتيبها وتأليفها فهي المسماة بالأضغاث وبالحقيقة الأضغاث ما يكون مبدؤها تشويش القوة المتخيلة لفساد وقع في القوى البدنية

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٥ ( ملخصا ).

١٥٤

ولورود أمر غريب عليه من خارج لكن القسم المذكور قد تعد من الأضغاث من حيث إنها أعيت المعبر عن تأويلها انتهى.

« وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما » قال البيضاوي أي من صاحبي السجن وهو الشرابي « وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ » وتذكر يوسف بعد جماعة من الزمان مجتمعة أو (١) مدة طويلة « فَأَرْسِلُونِ » إلى من عنده علمه أو إلى السجن « لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ » أي إلى الملك ومن عنده « لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ » تأويله أو فضلك ومكانك « دَأَباً » أي على عادتكم المستمرة وانتصابه على الحال بمعنى دائبين أو المصدر بإضمار فعله أي تدأبون دأبا وتكون الجملة حالا « فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ » لئلا يأكله السوس « إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ » في تلك السنين « ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ » أي يأكل أهلهن ما ادخرتم لأجلهن فنسب (٢) إليهن على المجاز تطبيقا بين المعبر والمعبر به « إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ » أي تحرزون لبذور الزراعة « فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ » أي يمطرون من الغيث أو يغاثون من القحط من الغوث « وَفِيهِ يَعْصِرُونَ » ما يعصر كالعنب والزيتون لكثرة الثمار وقيل يحلبون الضروع (٣).

«وَماجَعَلْنَا الرُّؤْيَا » قيل المراد رؤية العين والأكثر على أنه رؤية المنام وقال الطبرسي رحمه‌الله روي عن ابن عباس أنها رؤيا نوم رآها أنه سيدخل مكة وهو بالمدينة فقصدها فصده المشركون في الحديبية عن دخولها حتى شك قوم ودخلت عليهم الشبهة فقالوا يا رسول الله أليس قد أخبرتنا أنا ندخل المسجد الحرام آمنين فقال أوقلت لكم إنكم تدخلونها العام قالوا لا فقال لندخلنها إن شاء الله ورجع ثم دخل مكة في العام القابل فنزل « لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ » (٤) وقيل رأى صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه أن قرودا تصعد منبره وتنزل فساءه ذلك واغتم به فلم (٥)

__________________

(١) في المصدر : أى.

(٢) في المصدر : فأسند.

(٣) أنوار التنزيل : ج ١ ، ص ٥٩٧ ـ ٥٩٨.

(٤) الفتح : ٢٧.

(٥) في المجمع : فلم يسمع بعد ذلك ضاحكا حتى مات.

١٥٥

ير بعد ذلك ضاحكا حتى توفي (١).

أقول : وقد مرت أخبار كثيرة في ذلك وقال الرازي قال سعيد بن المسيب رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك وهذا قول ابن عباس في رواية عطا.

« وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ » أي منامكم في الزمانين لاستراحة القوى النفسانية وقوة القوى الطبيعية وطلب معاشكم فيهما أو منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار فلف وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين إشعارا بأن كلا من الزمانين وإن اختص بأحدهما فهو صالح للآخر عند الحاجة ويؤيده سائر الآيات الواردة فيه.

« إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ » يدل على أن نوم الأنبياء عليهم‌السلام بمنزلة الوحي وكذا الآية التالية « إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ » قال الطبرسي رحمه‌الله يعني نجوى المنافقين والكفار بما يسوء المؤمنين ويغمهم من وساوس الشيطان وبدعائه وإغوائه وقيل المراد بها أحلام المنام التي يراها الإنسان في منامه ويحزنه (٢).

أقول : سيأتي ذلك في الرواية :

« وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً » قال السيد المرتضى رحمه‌الله إن سأل سائل عن قوله تعالى « وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً » فقال إذا كان المراد بالسبات هو النوم فكأنه قال وجعلنا نومكم نوما وهذا مما لا فائدة فيه الجواب قلنا في هذه الآية وجوه منها أن يكون المراد بالسبات الراحة والدعة وقد قال قوم إن اجتماع الخلق كان في يوم الجمعة والفراغ منه في يوم السبت فسمي اليوم بالسبت للفراغ الذي كان فيه ولأن الله تعالى أمر بني إسرائيل فيه بالاستراحة من الأعمال قيل وأصل السبات التمدد يقال سبتت المرأة شعرها إذا حلته من العقص وأرسلته قال الشاعر :

وإن سبتته مال جثلا كأنه

سدى واهلات من نواسج خثعما

أراد : إن أرسلته ومنها أن يكون المراد بذلك القطع والسبت أيضا الحلق

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٤٢٤.

(٢) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٢٥١.

١٥٦

يقال : سبت شعره إذا حلقه وهو يرجع إلى معنى القطع والنعال السبتية التي لا شعر عليها.

قال عنترة :

بطل كأن ثيابه في سرحة

يحذي نعال السبت ليس بتوأم.

ويقال لكل أرض مرتفعة منقطعة مما حولها سبتاء وجمعها سباتى فيكون المعنى على هذا الجواب جعلنا نومكم قطعا لأعمالكم وتصرفكم ومنها أن يكون المراد بذلك أنا جعلنا نومكم سباتا ليس بموت لأن النائم قد يفقد من علومه وقصوده وأحواله أشياء كثيرة يفقدها الميت فأراد سبحانه أن يمتن علينا بأن جعل نومنا الذي يضاهي فيه بعض أحوالنا أحوال الميت ليس بموت على الحقيقة ولا يخرج لنا عن الحياة والإدراك فجعل التأكيد بذكر المصدر قائما مقام نفي الموت وسادا مسد قوله وجعلنا نومكم ليس بموت ويمكن في الآية وجه آخر لم يذكر فيها هو أن السبات ليس هو كل نوم وإنما هو من صفات النوم إذا وقع على بعض الوجوه والسبات هو النوم الممتد الطويل السكون ولهذا يقال فيمن وصف بكثرة النوم إنه مسبوت وبه سبات ولا يقال ذلك في كل نائم وإذا كان الأمر على هذا لم يجر قوله تعالى « وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً » مجرى أن يقول وجعلنا نومكم نوما والوجه في الامتنان علينا بأن جعل نومنا ممتدا طويلا ظاهر وهو لما في ذلك لنا من المنفعة والراحة لأن التهويم والنوم الغرار لا يكسبان شيئا من الراحة بل يصحبهما في الأكثر القلق والانزعاج والهموم هي التي تقلل النوم وتنزره وفراغ القلب ورخاء البال تكون معهما غزارة النوم وامتداده وهذا واضح.

قال السيد قدس الله روحه وجدت أبا بكر محمد بن القاسم الأنباري يطعن على الجواب الذي ذكرناه أولا ويقول إن ابن قتيبة أخطأ في اعتماده لأن الراحة لا يقال لها سبات ولا يقال سبت الرجل بمعنى استراح وأراح ويعتمد على الجواب الذي ثنينا بذكره ويقول في ما استشهد به ابن قتيبة من قوله سبتت المرأة شعرها إن معناه أيضا القطع لأن ذلك إنما يكون بإزالة الشداد الذي كان مجموعا به

١٥٧

وقطعه والمقدار الذي ذكره ابن الأنباري لا يقدح في جواب ابن قتيبة لأنه لا ينكر أن يكون السبات هو الراحة والدعة إذا كانتا عن نوم وإن لم توصف كل راحة بأنها سبات ويكون هذا الاسم يخص الراحة إذا كانت على هذا الوجه ولهذا نظائر كثيرة في الأسماء وإذا أمكن ذلك لم يكن في امتناع قولهم سبت الرجل بمعنى استراح في كل موضع دلالة على أن السبات لا يكون اسما للراحة عند النوم والذي يبقى على ابن قتيبة أن يبين أن السبات هو الراحة والدعة ويستشهد على ذلك بشعر أو لغة فإن البيت الذي ذكره يمكن أن يكون المراد به القطع دون التمدد والاسترسال.

فإن قيل فما الفرق بين جواب ابن قتيبة وجوابكم الذي ذكرتموه أخيرا قلنا الفرق بينهما بين لأن ابن قتيبة جعل السبات نفسه راحة وجعله عبارة عنها وأخذ يستشهد على ذلك بالتمدد دون غيره ونحن جعلنا السبات نفسه من صفات النوم والراحة واقعة عنده للامتداد وطول السكون فيه فلا يلزمنا أن نقول سبت الرجل بمعنى استراح لأن الشيء لا يسمى بما يقع عنده حقيقة والاستراحة تقع على جوابنا عند السبات وليس السبات إياها بعينها على أن في الجواب الذي اختاره ابن الأنباري ضربا من الكلام لأن السبت وإن كان القطع على ما ذكره فلم يسمع فيه البناء الذي ذكره وهو السبات ويحتاج في إثبات مثل هذا البناء إلى سمع عن أهل اللغة وقد كان يجب أن يورد من أي وجه إذا كان السبت هو القطع جاز أن يقال سبات على هذا المعنى ولم نره فعل ذلك (١).

١ ـ مجالس الصدوق : عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن أبيه عن جده عن علي عليه‌السلام قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الرجل ينام فيرى الرؤيا فربما كانت حقا وربما كانت باطلا فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا علي ما من عبد ينام إلا عرج بروحه إلى رب العالمين فما رأى عند رب العالمين فهو حق ثم إذا أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى جسده فصارت الروح بين السماء والأرض فما

__________________

(١) الغرر والدر ج ١ ص ٣٣٧ ـ ٣٤٠.

١٥٨

رأته فهو أضغاث أحلام (١).

٢ ـ ومنه : بإسناده عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان قال وحدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محسن بن أحمد عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سمعته يقول إن لإبليس شيطانا يقال له هزع يملأ المشرق والمغرب في كل ليلة يأتي الناس في المنام (٢).

٣ ـ قرب الإسناد : عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من رأى أنه في الحرم وكان خائفا أمن.

٤ ـ تفسير علي بن إبراهيم : في قوله تعالى « لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ » قال في الحياة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن وفي الآخرة عند الموت (٣).

٥ ـ المحاسن : عن أبيه عن صفوان عن داود عن أخيه عبد الله قال : بعثني إنسان إلى أبي عبد الله عليه‌السلام زعم أنه يفزع في منامه من امرأة تأتيه قال فصحت حتى سمع الجيران فقال أبو عبد الله عليه‌السلام اذهب فقل إنك لا تؤدي الزكاة قال بلى والله إني لأؤديها فقال قل له إن كنت تؤديها لا تؤديها إلى أهلها (٤).

٦ ـ الخرائج : روي أن أبا عمارة المعروف بالطيان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رأيت في النوم كأن معي قناة قال كان فيها زج قلت لا قال لو رأيت فيها زجا لولد (٥) لك غلام لكنه (٦) تولد جارية ثم سكت ساعة ثم قال كم في القناة من كعب قلت اثنا عشر كعبا قال تلد الجارية اثني عشر بنتا.

قال محمد بن يحيى فحدثت بهذا الحديث العباس بن الوليد فقال : أنا من

__________________

(١) الأمالي : ٨٩.

(٢) الأمالي : ٨٩. وزاد : « ولهذا يرى الاضغاث ».

(٣) تفسير القمي : ٢٨٩.

(٤) المحاسن : ٨٧.

(٥) يولد ( خ ).

(٦) لكن ( خ ).

١٥٩

واحدة منهن ولي إحدى عشرة خالة وأبو عمارة جدي.

٧ ـ المناقب : عن ياسر الخادم قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام رأيت في النوم كأن قفصا فيه سبع عشرة قارورة إذ وقع القفص فتكسرت القوارير فقال إن صدقت رؤياك يخرج رجل من أهل بيتي يملك سبعة عشر يوما ثم يموت فخرج محمد بن إبراهيم بالكوفة مع أبي السرايا فمكث سبعة عشر يوما ثم مات (١).

الكافي : عن الحسين عن أحمد بن هلال عن ياسر مثله (٢).

بيان : إن صدقت رؤياك أي لم تكن من أضغاث الأحلام التي لا تعبير لها أو لم تكذب في نقلها والأول أظهر ومحمد بن إبراهيم هو طباطبا بايعه أولا أبو السرايا وخرج ولما مات بايع محمد بن زيد وقال الطبري في تاريخه كان اسم أبي السرايا سري بن منصور وكان من أولاد هاني بن قبيصة الذي عصى على كسرى أبرويز وكان أبو السرايا من أمراء المأمون ثم عصى في الكوفة على أمير العراق وبايع محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين عليه‌السلام ثم أرسل إليه حسن بن سهل أمير العراق جندا فقاتلوه وأسر وقتل.

٨ ـ الكشي : عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى قال قال لي ياسر الخادم إن أبا الحسن الثاني عليه‌السلام أصبح في بعض الأيام قال فقال لي رأيت البارحة مولى لعلي بن يقطين وبين عينيه غرة بيضاء فتأولت ذلك على الدين.

٩ ـ دعوات الراوندي : حدث أبو بكر بن عياش قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فجاءه رجل فقال رأيتك في النوم كأني أقول لك كم بقي من أجلي فقلت لي بيدك هكذا وأومأ إلى خمس وقد شغل ذلك قلبي فقال عليه‌السلام إنك سألتني عن شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل وهي خمس تفرد الله بها « إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي

__________________

(١) المناقب : ج ٤ ، ص ٣٥٢.

(٢) روضة الكافي : ٢٧٥.

١٦٠