بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وكتب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله. ثم قال : يا رب ومن محمد الذي قرنت اسمه باسمك ، وذكره بذكرك؟ قال الله تعالى له : يا قلم ، فلولاه ما خلقتك ، ولا خلقت خلقي إلا لاجله ، فهو بشير ونذير ، وسراج منير ، وشفيع وحبيب ، فعند ذلك انشق القلم من حلاوة ذكر محمد ، ثم قال القلم : السلام عليك يا رسول الله ، فقال الله تعالى : وعليك السلام مني ورحمة الله وبركاته ، فلاجل هذا صار السلام سنة والرد فريضه ، ثم قال الله تعالى : اكتب قضائى وقدري وما أنا خالقه إلى يوم القيامة. ثم خلق الله ملائكة يصلون على محمد وآل محمد ، ويستغفرون لامته إلى يوم القيامة ، ثم خلق الله تعالى من نور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الجنة وزينها بأربعة أشياء : التعظيم والجلالة والسخاء والامانة ، وجعلها لاوليائه وأهل طاعته ، ثم نظر إلى باقي الجوهرة بعين الهيبة فذابت ، فخلق من دخانها السماوات ، ومن زبدها الارضين فلما خلق الله تبارك وتعالى الارض صارت تموج بأهلها كالسفينة فخلق الله الجبال فأرساها بها ، ثم خلق ملكا من أعظم ما يكون في القوة فدخل تحت الارض ، ثم لم يكن لقدمي الملك قرار ، فخلق الله صخرة عظيمة وجعلها تحت قدمي الملك ، ثم لم يكن للصخرة قرار ، فخلق لها ثورا عظيما لم يقدر أحد ينظر إليه لعظم خلقته وبريق عيونه ، حتى لو وضعت البحار كلها في إحدى منخريه ما كانت إلا كخردلة ملقاة في أرض فلاة ، فدخل الثور تحت الصخرة وحملها على ظهره وقرونه واسم ذلك الثور « لهوتا » ثم لم يكن لذلك الثور قرار فخلق الله له حوتا عظيما واسم ذلك الحوت « بهموت » فدخل الحوت تحت قدمي الثور فاستقر الثور على ظهر الحوت فالارض كلها على كاهل الملك ، والملك على الصخرة ، والصخرة على الثور ، والثور على الحوت ، والحوت على الماء ، والماء على الهواء ، والهواء على الظلمة ، ثم انقطع علم الخلائق عما تحت الظلمة.

ثم خلق الله تعالى العرش من ضيائين : أحدهما الفضل ، والثاني العدل ، ثم أمر الضيائين فانتفسا بنفسين فخلق منهما أربعة أشياء : العقل والحلم والعلم والسخاء

٢٠١

ثم خلق من العقل الخوف ، وخلق من العلم الرضا ، ومن الحلم المودة ، ومن السخادء المحبة ، ثم عجن هذه الاشياء في طينة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم خلق من بعدهم أرواح المؤمنين من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم خلق الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والضياء والظلام وسائر الملائكة من نور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما تكاملت الانوار سكن نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم تحت العرش ثلاثة وسبعين ألف عام ، ثم انتقل نوره إلى الجنة فبقي سبعين ألف عام ، ثم انتقل إلى سدرة المنتهى ، فبقي سبعين ألف عام ، ثم انتقل نوره إلى السماء السابعة ، ثم إلى السماء السادسة ، ثم إلى السماء الخامسة ثم إلى السماء الرابعة ، ثم إلى السماء الثالثة ، ثم إلى السماء الثانية ، ثم إلى السماء الدنيا ، فبقي نوره في السماء الدنيا إلى أن أراد [ الله ] أن يخلق آدم عليه‌السلام إلى آخر ما مر في المجلد السادس.

١٤٦ ـ كتاب أبي سعيد عباد العصفرى (١) : عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي حمزة ، قال : سمعت علي بن الحسين عليه‌السلام يقول : إن الله خلق محمدا وعليا و أحد عشر من ولده من نور عظمته ، فأقامهم أشباحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق ، يسبحون الله ويقدسونه ، وهم الائمة من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٤٧ ـ ومنه : عن عمرو ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : خلق الله أرض كربلاء قبل أن يخلق أرض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام ، وقدسها وبارك عليها فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدسة مباركة ، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله

____________________

(١) العصفرى نسبة إلى الصعفر وزان برئن نبات يصبغ به ، قال النجاشى « ص : ٢٢٥ » : عباد ابوسعيد العصفرى كوفى ، كان ابوعبدالله الحسين بن عبيدالله رحمه الله يقول : سمعت اصحابنا يقولون ، إن عبادا هذا هو عباد بن يعقوب « انتهى » وجزم به المحدث الثورى رحمه الله في خاتمة المستدركات ، وكيف كان فلم ينص عليه بمدح او قدح ، نعم نقل في تنقيح المقال « ج ٢ ، ص ١٢٠ » عن السيد صدرالدين في تعليقه على منتهى المقال انه قال : انى نظرت في كتاب عباد هذا وهو تسعة عشر حديثا كلها نقية واكثرها تدل على تشيعه ولم أرفيها شيئا ينكر.

٢٠٢

أفضل أرض في الجنة ، وأفضل منزل و مسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة.

ومنه : عن رجل عن أبي الجارود (١) عن على بن الحسين عليهما‌السلام مثله.

١٤٨ ـ الكافى : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان عن محمد بن عمران العجلي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أي شئ كان موضع البيت حيث كما الماء في قوله الله عزوجل « وكان عرشه على الماء؟ » قال : كانت مهاة بيضاء يعني درة (٢).

بيان : قال الجوهري : المهاة بالفتح البلور (٣).

١٤٩ ـ الكافى : عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن منصور بن العباس عن صالح اللفائفي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل دحا الارض من تحت الكعبة إلى منى ، ثم دحاها من منى إلى عرفات ثم دحاها من عرفات إلى منى ، فالارض من عرفات ، وعرفات من منى ومنى من الكعبة (٤).

بيان : قوله « ثم دحاها من عرفات إلى منى » أبي دحا السطح الظاهر من الارض من عرفات إلى منتهاها ، ثم ردها من تحت الارض لحصول الكروية إلى منى ، ولم يذكر عليه‌السلام كيفية إتمامه لظهوره ، أو المعنى أنه ردها من جهة التحت إلى الجانب الآخر ، ثم إلى الكعبة ، ثم تمم أطراف الكرة من جهة ألفوق إلى منى ليتم كلها. وأما ما تكلف بعض أفاضل المعاصرين حيث قرأ « منى » أخيرا بفتح الميم بمعنى قدر ، أي إلى آخر ما قدره الله من منتهى الارض ، فلا يخفى عليك بعده.

____________________

(١) هو زياد بن المنذر الهمدانى الخارفى : كان من علماء الزيدية رئيس الجارودية منهم وكان اعمى : قال ابن الغضائرى ، حديثه في حديث اصحابنا اكثر منه في الزيدية و بالجملة فالرجل ضعيف عند الاصحاب وسماه ابوجعفر عليه‌السلام « سرحوبا » وهو اسم شيطان اعمى يسكن البحر. واورد الكشى في رجاله عدة روايات تدل على ذمه.

(٢) فروع الكافى « الطبعة القديمة » كتاب الحج ، الباب الثالث : ح١ : ص ٢١٦.

(٣) في المصدر « ص ٢٤٩٩ » : المهاة بالفتح ايضا البلورة.

(٤) فروع الكافى : ص ١١٦ ، ب٣ ، ح٣.

٢٠٣

١٥٠ ـ الكافى : عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة ، عن أبي زرارة التميمى ، عن أبي حسان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما أراد الله عزوجل أن يخلق الارض أمر الرياح فضر بن وجه الماء حتى صار موجا ، ثم أزبد فصار زبدا واحدا ، فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلا من زبد ، ثم دحا الارض من تحته ، وهو قول الله عزوجل « إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا » (١).

ورواه أيضا عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٢).

١٥١ ـ الدر المنثور للسيوطي : بأسانيد عن مجاهد ، قال : خلق الله الارض قبل السماء ، فلما خلق الارض ثار منها دخان فذلك قوله « ثم استوى إلى السماء فسويهن سبع سماوات » يقول : خلق سبع سماوات بعضهن فوق بعض ، وسبع أرضين بعضهن تحت بعض (٣).

١٥٢ ـ ومنه : أيضا بعدة طرق عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وناس من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى « هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى إلى السماء فسويهن سبع سماوات » قال : إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء (٤) فسمى عليه فسماه سماه ، ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فنقها فجعلها سبع أرضين في يومين : في الاحد والاثنين ، فجعل (٥) الارض على الحوت

____________________

(١) آل عمران : ٩٦.

(٢) فروع الكافى « الطبعة القديمة » : ص ١١٦ ، ب٣ ، ح٧.

(٣) الدر المنثور : ج ١ ، ص٤٢٤٣.

(٤) في المصدر : فوق الماء فسماه سماء.

(٥) في المصدر : فخلق الارض.

٢٠٤

وهو الذي ذكره في قوله « ن والقلم » والحوت في الماء (١) على صفاة ، والصفاة على (٢) ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة على (٣) الريح ، وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء ولا في الارض ، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الارض فأرسى عليها الجبال ، فقرت (٤) فذلك قوله « وجعل لها رواسي أن تميدبكم » وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين : في الثلثاء والاربعاء ، ودلك قوله « أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين إلى قوله وبارك فيها » يقول : أنبت فيها شجرها « وقدر فيها أقواتها » وأهلها (٥) « في أربعة أيام سواء للسائلين » يقول : من سأل فهكذا الامر « ثم استوى إلى السماء وهي دخان » فكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها ، سبع سماوات في يومين في الخميس والجمعة لانه جمع فيه خلق السماوات والارض « وأوحى في كل سماء أمرها » قال : خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار والجبال البرد وما لا يعلم ، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب فجعلها زينة وحفظا من الشياطين ، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش (٦).

١٥٣ ـ وعن ابن عباس في قوله تعالى « ثم استوى إلى السماء » يعني صعد أمره إلى السماء « فسويهن » يعني خلق سبع سماوات ، قال : أجرى النار على الماء فبخر البحر ، فصعد في الهواء ، فجعل السماوات منه (٧).

____________________

(١) في المصدر : والماء على ظهر صفاة.

(٢) في المصدر : على ظهر ملك.

(٣) في المصدر : في الريح.

(٤) في المصدر : فالجبال تفتخر على الارض فذلك ..

(٥) في المصدر : ويقول لاهلها.

(٦) الدر المنثور : ج ١ ، ص٤٣.

(٧) الدر المنثور : ج ١ ، ص٤٣.

٢٠٥

١٥٤ ـ وعن عبدالله بن عمرو ، قال : لما أراد الله أن يخلق الاشياء إذ كان عرشه على الماء ، وإذ لا أرض ولا سماء ، خلق الريح فسلطها على الماء ، حتى اضطربت أمواجه ، وأثار ركامه ، فأخرج من الماء دخانا وطينا وزبدا فأمر الدخان فعلا و سما ونما ، فخلق منه السماوات ، وخلق من الطين الارضين ، وخلق من الزبد الجبال (١).

١٥٥ ـ وعن أبي هريرة ، قال : أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الاحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، و خلق المكروه يوم الثلثاء ، وخلق النور يوم الاربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم يوم الجمعة بعد العصر (٢).

١٥٦ ـ وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : دحيت الارض من مكة ، وكانت الملائكة تطوف بالبيت ، وهي أول (٣) من طاف به ، وهي الارض التي قال الله « إني جاعل في الارض خليفة (٤) ».

١٥٧ ـ وعن ابن عباس قال : وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الارض من تحت البيت (٥).

١٥٨ ـ وعن مجاهد قال : خلق الله موضع البيت الحرام من قبل أن يخلق شيئا من الارض بألفي سنة وأركانه في الارض السابعة (٦).

١٥٩ ـ وعن كعب الاحبار (٧) قال : كانت الكعبة غثاء على الماه قبل أن يخلق

____________________

(١ و ٢) الدر المنثور : ج ١ ، ص٤٣.

(٣) في بعض النسخ وكذا في المصدر : فهى.

(٤) الدر المنثور : ج ١ ، ٤٦.

(٥) الدر المنثور ، ج ١ ، ص ١٢٧.

(٦) الدر المنثور : ج ١ ، ص ١٢٧.

(٧) بالحاء المهملة. جمع ( حبر ) وهو عالم اهل الكتاب ، كان منحرفا عن على عليه‌السلام وروى ان أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال : انه كذاب. وله مخاصمة مع أبى ذر في مجلس عثمان في مسألة احراز بيت المال ، فقال له أبوذر ، يا ابن اليهودية تعلمنا ديننا؟!

٢٠٦

الله السموات والارض بأربعين سنة ، ومنها دحيت الارض.

١٦٠ ـ وعن ابن عباس قال : لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السماوات والارض بعث الله ريحا هفافة فصفقت الريح الماء ، فأبرزت عن خشفة في موضع البيت كأنها قبة ، فدحا الله الارض من تحتها ، فمادت ثم مادت فأوتدها الله بالجبال ، فكان أول جبل وضع فيها « أبوقبيس » فلذلك سميت أم القرى.

١٦١ ـ وعن مجاهد قال : بدأ الله (١) بخلق العرش والماء والهواء ، وخلقت الارض من الماء ، وكان بدء الخلق يوم الاحد ، وجمع (٢) الخلق يوم الجمعة ، و تهودت اليهود يوم السبت ، ويوم من الستة أيام كألف سنة مما تعدون (٣).

١٦٢ ـ وعن عكرمة قال : إن الله بدأ خلق السماوات والارض وما بينهما يوم الاحد ، ثم استوى على العرش يوم الجمعة في ثلاث ساعات ، فخلق في ساعة منها الشموس كي يرغب الناس إلى ربهم في الدعاء والمسألة (٤).

١٦٣ ـ وكتب يزيد بن (٥) مسلم إلى جابر بن يزيد يسأله عن بدء الخلق قال : العرش والماء والقلم والله أعلم (٦).

١٦٤ ـ وعن عمران بن الحصين عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كان الله قبل كل شئ وكان عرشه على الماء ، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شئ (٧) « الخبر ».

١٦٥ ـ وعن عبدالله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والارضين بخمسين ألف سنة وعرشه (٨) على الماء (٩).

____________________

(١) في المصدر : بدء الخلق.

(٢) في المصدر : ويوم الاثنين والثلثاء والاربعاء والخميس وجميع الخلق في يوم الجمعة

(٣ و ٤) الدر المنثور : ج ٣ ، ص٩١.

(٥) في المصدر « يزيد بن أبى سلم » وليس لهما ذكر في تراجم الخاصة والعامة.

(٦ و ٧) الدر المنثور : ج ٣ ، ص٩١.

(٨) في المصدر : وكان عرشه على الماء.

(٩) الدر المنثور : ج ٣ ، ص ٣٢١.

٢٠٧

١٦٦ ـ وعن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى « وكان عرشه على الماء » على أي شئ كان الماء؟ قال : على متن الريح (١).

١٦٧ ـ وعن مجاهد في قوله « وكان عرشه على الماء » قبل أن يخلق شيئا (٢).

١٦٨ ـ وعن الربيع بن أنس ، قال : كان عرشه على الماء ، فلما خلق السماوات والارض قسم ذلك الماء قسمين فجعل نصفا تحت العرش وهو البحر المسجور فلا تقطر منه قطرة حتى ينفخ في الصور فينزل (٣).

١٦٩ ـ وعن عكرمة قال : سئل ابن عباس عن الليل كان قبل أم النهار؟ قال : الليل ، ثم قرأ « إن السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما » فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة (٤)؟

١٧٠ ـ وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله « وجعلنا من الماء كل شئ حي » قال : كل شئ خلق من الماء (٥).

١٧١ ـ وعن وهب قال : قال عزيز : رب أمرت الماء فجمد في وسط الهواء فجعلت منه سبعا وسمية السماوات ثم أمرت الماء ينفق عن التراب ، وأمرت التراب أن يتميز من الماء ، فكان كذلك فسميت جميع ذلك الارضين وجميع الماء البحار ، ثم خلقت من الماء أعمى أعين بصرته (٦) ومنها. أصم آذان أسمعته ، ومنها ميت أنفس أحييته خلقت ذلك بكلمة واحدة منها ما عيشه الماء ومنها ما لا صبر له على الماء خلقا مختلفا في الاجسام والالوان جنسته أجناسا ، وزوجته أزواجا وخلقت أصنافا وألهمته الذي خلقته. ثم خلقت من التراب والماء دواب الارض وما شيتها وسباعها فمنهم من يمشي على بطنه ، ومنهم من يمشي على رجلين ، ومنهم من يمشي على أربع ومنهم العظيم والصغير (٧) ثم زرعت في

____________________

(١ و ٤) الدر المنثور ، ج ٣ ، ٣٢٢

(٥) الدر المنثور : ج ٤ ، ص ٣١٧.

(٦) في المخطوطة : أبصرته

(٧) في المصدر : ثم وعظته بكتابك وحكمتك ثم قضيت عليه الموت لا محالة ثم انت تعيده كما بدأته وقال عزيز : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فاتى على مشيتك ثم زرعت في أرضك. وسيأتى ما سقط هناك بعد أسطر.

٢٠٨

أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد وتسقى بماء واحد ، فجاء على مشيئتك مختلفا اكله ولونه وريحه وطعمه ، منه الحلو ، ومنه الحامض والمر ، و الطيب ريحه والمنتن ، والقبيح والحسن ، وقال عزيز : يا رب إنما نحن خلقك وعمل يدك (١) خلقت أجسادنا في أرحام امهاتنا ، وصورتنا كيف تشاء بقدرتك جعلت لنا أركانا ، وجعلت فيها عظاما ، وشفقت (٢) لنا أسماعا وأبصارا ، ثم جعلت لها (٣) في تلك الظلمة نورا ، وفي ذلك الضيق سعة ، وفي ذلك الغم روحا ، ثم هيأت لها من فضلك رزقا يقويه على مشيئتك ، ثم وعظته بكتابك وحكمتك ، ثم قضيت عليه الموت لا محالة ، ثم أنت تعيده كما بدأته.

قال عزيز : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك ، فأتى على مشيتك ، لم تأن في ذلك مؤنة ، ولم تنصب (٤) فيه نصبا ، كان عرشك على الماء ، والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك ، ويسبحون بحمدك ، والخلق مطيع لك ، خاشع من خوفك ، لا يرى فيه نور إلا نورك ، ولا يسمع فيه صوت إلا سمعك ، ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلا ونهارا يختلفان بأمرك (٥).

١٧٢ ـ وعن ابن عباس : إن اليهود أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته عن خلق السماوات والارض ، فقال : خلق الله الارض يوم الاحد والاثنين ، وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم الثلثاء ، وخلق يوم الاربعاء الشجر والماء والمدائن و العمران والخراب ، فهذه أربعة فقال تعالى « قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين إلى قوله في أربعة أيام سواء للسائلين » وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه

____________________

(١) في المصدر : يديك.

(٢) في المصدر : وفتقت.

(٣) في المصدر : لنا.

(٤) في المصدر : ولم ثعى منه نصبا.

(٥) الدر المنثور : ج ٥ ، ص : ٦.

٢٠٩

فخلق في أول ساعة من هذه الثلاث (١) الآجال حين يموت من مات ، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شئ مما ينتفع به ، وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة و أمر إبليس بالسجود له ، وأخرجه منها في آخر ساعة. قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد؟ قال : ثم استوى على العرش. قالوا : قدأصبت لو أتممت! قالوا : ثم استراح. فغضب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غضبا شديدا فنزل « ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون (٢) ».

١٧٣ ـ وعن ابن جريح في قوله « وبارك فيها » قال : كل شئ فيه منفعة لابن آدم فهو مبارك (٣).

١٧٤ ـ وعن ابن عباس في قوله « وقدرفيها أقواتها » قال : شق الانهار وغرس الاشجار ، ووضع الجبال ، وأجرى البحار ، وجعل في هذه ما ليس في هذه وفي هذه ما ليس في هذه (٤).

١٧٥ ـ وعن عكرمة في قوله تعالى « وقدر فيها أقواتها » قال : قدر في كل أرض شيئا لا يصلح في غيرها (٥).

١٧٦ ـ وعن ابن جبير قال : معاشها (٦).

١٧٧ ـ وعن الحسن قال : أرزاقها (٧) ،

١٧٨ ـ وعن ابن عباس قال : خلق الله السماوات من دخان ، ثم ابتدأ خلق الارض يوم الاحد ويوم الاثنين وذلك قوله « أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين » ثم قدر فيها أقواتها في يوم الثلثاء ويوم الاربعاء ، فذلك قوله « وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان » فسمكها وزينها بالنجوم والشمس والقمر وأجراهما في فلكهما ، وخلق فيها ما شاء من

____________________

(١) في المصدر : الثلاثة.

(٢) ق : ٣٨ و ٣٩. والخبر في الدر المنثور : ج ٥ ، ص ٣٦٠.

( ٣ و ٦) الدر المنثور : ج ٥ ، ص ٣٦٠.

(٧) الدر المنثور : ج ٥ ، ص ٣٦١.

٢١٠

خلقه وملائكته [ في ] يوم الخميس ويوم الجمعة ، وخلق الجنة [ في ] يوم الجمعة وخلق آدم يوم الجمعة فذلك قول الله « خلق السماوات والارض في ستة أيام » وسبت كل شئ يوم السبت فعظمت اليهود يوم السبت لانه سبت فيه كل شئ وعظمت النصارى يوم الاحد لانه ابتدأ فيه خلق كل شئ ، وعظم المسلمون يوم الجمعة لان الله فرغ فيه من خلقه ، وخلق في الجنة رحمته ، وخلق فيه آدم وفيه هبط من الجنة إلى الارض ، وفيه قبلت في الارض توبته وهو أعظمها (١).

١٧٩ ـ وعن عبدالله بن سلام قال : إن الله ابتدأ الخلق ، وخلق الارضين (٢) يوم الاحد والاثنين ، وخلق الاقوات والرواسي في يوم الثلثاء والاربعاء ، وخلق السماوات في الخميس والجمعة إلى صلوة العصر ، وخلق فيها (٣) آدم في تلك الساعة التي لا يوافقها عبد (٤) في صلاة يدعو ربه إلا استجاب له ، فهي ما بين صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس (٥).

١٨٠ ـ وعن عكرمة أن اليهود قالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يوم الاحد؟ قال : فيه خلق الله الارض وكبسها ، قالوا : الاثنين؟ قال خلق فيه وفي الثلثاء الجبال والماء وكذا وكذا وما شاء الله. قالوا : فيوم الاربعاء؟ قال : الاقوات. قالوا : فيوم الخميس؟ قال : فيه خلق الله السماوات. قالوا : يوم الجمعة؟ قال : خلق في ساعتين الملائكة وفي ساعتين الجنة والنار ، وفي ساعتين الشمس والقمر والكواكب ، وفي ساعتين الليل والنهار. قالوا : السبت ، وذكروا الراحة ، فقال : سبحان الله! فأنزل الله « ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (٦) ». وعن ابن عباس أيضا نحوه.

____________________

(١) الدر المنشور : ج ٥ ، ص ٣٦١.

(٢) في المصدر : الارض.

(٣) في المصدر : وخلق آدم.

(٤) في المصدر : عبد يدعو ربه.

(٥ و ٦) الدر المنثور : ج ٥ ، ص ٣٦١.

٢١١

١٨١ ـ وعن ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله تعالى فرغ من خلقه في ستة أيام أولهن يوم الاحد والاثنين والثلثاء والاربعاء والخميس والجمعة.

١٨٢ ـ وعن ابن عباس في قوله تعالى « فقال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها » قال : قال للسماء أخرجي شمسك وقمرك ونجومك ، وللارض شققي أنهارك وأخرجي ثمارك! فقالتا أتينا طائعين (١).

١٨٣ ـ وعن ابن عباس أن رجلا قال له : آيتان في كتاب الله تخالف إحداهما الاخرى! فقال : إنما اتيت من قبلك رأيك اقرء! قال : « قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين حتى بلغ ثم استوى إلى السماء » وقوله « والارض بعد ذلك دحيها » قال : خلق الله الارض قبل أن يخلق السماء ، ثم خلق السماء ، ثم دحا الارض بعد ما خلق السماء ، وإنما قوله دحاها بسطها (٢).

بيان : في النهاية : فيه (٣) كانت الكعبة خشعة على الماء فدحيت منها الارض. الخشعة : أكمة لاطئة بالارض والجمع « خشع » قيل : هو (٤) ما غلبت عليه السهولة أي ليس بحجر ولاطين ، ويروى « خشفة » بالخاء والفاء. وقال الخطابي : الخشفة واحدة الخشف ، وهي الحجارة تنبت في الارض نباتا (٥).

١٨٣ ـ مروج الذهب للمسعودي عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عن آبائه عن أميرالمؤمنين عليهم‌السلام (٦) قال : إن الله حين شاء تقدير الخليقة ، وذرء البرية ، وإبداع المبدعات ، نصب الخلق في صور كالهباء (٧) ، قبل دحو الارض ورفع السماء ، وهو في

____________________

(١) الدر المنثور : ج ٥ ، ص ٣٦١.

(٢) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٣١٣.

(٣) يعنى في كتاب ابى عبيدالهروى.

(٤) كذا في المصدر : وفي بعض النسخ البحار « هى ».

(٥) النهاية ، ج ١ ، ص ٢٩٥ وزاد : وتروى بالحاء المهملة وبالعين بدل الفاء.

(٦) في المصدر : روى عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام.

(٧) في بعض النسخ : الهيآت.

٢١٢

انفراد ملكوته ، وتوحد جبروته ، فأتاح نورا من نوره فلمع ، وقبسا (١) من ضيائه فسطع ، ثم اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفية ، فوافق ذلك صورة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال الله عز من قائل : أنت المختار المنتخب ، وعندك أستودع نوري وكنوز هدايتي ، ومن أجلك اسطح البطحاء وأرفع السماء (٢) ، وأمزج الماء وأجعل الثواب والعذاب (٣) ، والجنة والنار ، وأنصب أهل بيتك بالهداية (٤) واوتيهم من مكنون علم ما لا يخفى (٥) عليهم دقيق ، ولا يغيبم (٦) خفي ، وأجعلهم حجة على بريتي والمنبهين على علمي (٧) وواحدانيتي ، ثم أخذ الله سبحانه الشهادة للربوبية ، والاخلاص للوحدانية ، فبعد (٨) أخذ ما أخذ من ذلك شاء ببصائر الخلق انتخاب (٩) محمد ، وأراهم أن الهداية معه ، والنور له ، والامامة في أهله ( ١٠ ) تقديما لسنة العدل ، وليكون الاعذار متقدما ، ثم أخفى الله الخليقة في غيبة ، وغيبها في مكنون علمه ، ثم نصب العوالم ، وبسط الزمان ، ومرج الماء ، وأثار الزبد ، وأهاج الدخان ، فطفى عرشه على الماء ، وسطح (١١) الارض على ظهر الماء ، ثم استجابهما إلى الطاعة ، فأذعنتا بالاستجابة ، ثم أنشاء الملائكة من أنوار نبوة قد ابتدعها ، وأنوار اخترعها ، وقرن بتوحيده نبوة نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فشهرت نبوته في السماء قبل بعثته

____________________

(١) في المصدر : ونزع قبسا.

(٢) في المصدر : اموج الماء وأرفع السماء.

(٣) في المصدر : العقاب

(٤) في المصدر : للهداية.

(٥) في المصدر : مالا يشكل.

(٦) في المخطوطة : لايعييهم.

(٧) في المصدر : على قدرتى.

(٨) في المصدر : فقبل اخذ ما اخذ جل شأنه.

(٩) في المصدر : انتخب محمدا وآله.

(١٠) في المصدر : في آله.

(١١) في المصدر : فسطح.

٢١٣

في الارض ، فلما خلق الله آدم أبان له فضله للملائكة ، وأراهم ما خصه به من سابق العلم ، من حيث عرفهم عند استنابئه إياه أسماء الاشياء ، فجعل الله آدم محرابا وكعبة وقبلة (١) أسجد إليها الانوار والروحانيين والابرار ، ثم نبه آدم على مستودعه وكشف له خطر ما ائتمنه على أن سماه (٢) إماما عند الملائكة ، فكان حظ آدم من الخبر إنباءه ونطقه بمستودع نورنا ، ولم يزل الله تعالى يخبأ النور تحت الزمان إلى أن فصل محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله في طاهر القنوات (٣) فدعا الناس ظاهرا وباطنا ، وندبهم سرا وإعلانا ، واستدعى التنبيه على العهد الذي قدمه إلى الذر قبل النسل ومن وافقه قبس (٤) من مصباح النور المتقدم اهتدى إلى سره ، واستبان واضح أمره ، ومن ألبسته الغفلة استحق السخطة لم يهتد إلى ذلك ، ثم انتقل النور إلى غرائزنا ، ولمع مع أئمتنا (٥) فنحن أنوار السماء وأنوار الارض ، فينا النجاة ، ومنا مكنون العلم وإلينا مصير الامور ، وبنا تقطع الحجج ، ومنا خاتم (٦) الائمة ، ومنقذ الامة وغاية النور ، ومصدر امور ، فنحن أفضل المخلوقين ، وأكمل الموجودين (٧) وحجج رب العالمين ، فلتهنا (٨) النعمة من تمسك بولايتنا وقبض عروتنا (٩).

بيان : أمزج الماء أي أخلطه بغيره فأخلق منه المركبات ، ويمكن أن يكون بالراء المهملة كقوله تعالى « مرج البحرين (١٠) » أي خلاهما ببصائر الخلق أي لان

____________________

(١) في المصدر : وبابا وقلة.

(٢) في المصدر : وكشف له عن خطر ما ائتمنه عليه بعد ما سماه.

(٣) في المصدر : في ظاهر الفترات.

(٤) في المصدر : فمن وافقه واقتبس.

(٥) في بعض النسخ : « من ائمتنا » وفي المصدر « في ائمتنا ».

(٦) وبمهدينا تقطن الحجج خاتم الائمة.

(٧) في المصدر : اشرف الموحدين.

(٨) في المصدر : فليهنا بالنعمة.

(٩) مروج الذهب ، ج ١ ، ١٧ و ١٨.

(١٠) الرحمن : ١٩.

٢١٤

يجعلهم ذوي بصائر ، أو ملتبسا ببصائرهم وعلمهم. و القنوات جمع قناة ، وقال الجوهري قناة الظهر : التي تنتظم الفقار(١) « انتهى » والابلاس بمعنى الحيرة أو اليأس لازم واستعمل هنا متعديا ، والظاهر أن فيه تصحيفا كما في كثير من الفقرات الاخر.

١٨٥ ـ الكافى : عن عدة من أصحابه ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق الدنيا في ستة أيام ، ثم اختزلها عن أيام السنة ، فالسنة ثلثمائة وأربع (٢) وخمسون يوما شعبان لا يتم أبدا ، ورمضان لا ينقص والله أبدا ، ولا تكون فريضة ناقصة ، إن الله عزوجل يقول « ولتكملوا العدة » وشوال تسعة وعشرون يوما ، وذوالقعدة ثلاثون يوما لقول الله عزوجل « وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأنممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة » وذو الحجة تسعة وعشرون يوما ، والمحرم ثلاثون يوما ثم الشهور بعد ذلك شهر تام وشهر ناقص (٣) « الخبر ».

١٨٦ ـ الفقيه : بإسناده عن محمد بن يعقوب بن شعيب ، عن أبيه (٤) عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : إن الناس يروون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما صام من شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين. قال : كذبوا ، ما صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا تاما ، ولا تكون الفرائض ناقصة. إن الله خلق السنة ثلاثمائة وستين يوما ، وخلق السماوات والارض في ستة أيام ، فحجزها من ثلاثمائة وستين يوما فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما ، وشهر رمضان ثلاثون يوما لقول الله عزوجل « ولتكملوا العدة » والكامل تام ، وشوال تسعة وعشرون يوما ، وذو القعدة ثلاثون يوما لقول الله عزوجل « وواعدنا موسى ثلاثين ليلة » فالشهر هكذا ثم هكذا أي

____________________

(١) الصحاح : ٢٤٦٨.

(٢) في المصدر : أربعة.

(٣) فروع الكافى « الطبعة القديمة » : كتاب الصوم ، ب٧ ، ح٣ ، ص ١٨٤.

(٤) في المصدر : في رواية حذيفة بن محمد بن اسماعيل بن بزيع عن محمد بن يعقوب ابن شعيب الخ.

٢١٥

شهر تام وشهر ناقص وشهر رمضان لا ينقص أبدا ، وشعبان لا يتم أبدا (١).

تبيين : قال بعض المحققين في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم ما حاصله : ان أفعاله سبحانه مبنية على الحكم والمصالح ، وإن حكمته اقتضت أن تكون أفعاله بالنسبة إلى مخلوقاته على قسمين : قسم يصدر عنه في كل آن إرادة دفعية بدون توقفه على مادة أومدة ، وقسم الا يصدر عنه إلا بعد مدة أجرى عادته بحصول استعداد مادته له في تلك المدة على سبيل التدريج ، وإن خلق الماء الذي جعله مادة لسائر الاجسام والجسمانيات وما يشبهه من القسم الاول ، وخلق السماوات والارضين وما في حكمهما من القسم الثاني ، وهذا حكم أطبق عليه جميع المليين وكثير من قدماء الفلاسفة ، فماذكره المفسرون من أن معنى خلق السماوات والارض إبداعهما لا من شي ء ليس بشئ ، ويدل عليه خطب أميرالمؤمنين عليه‌السلام وغيرها.

ثم إن القسم الثاني يستدعي بالسنبة إلى كل مخلوق قدرا معينا من الزمان كما يرشد إليه تتبع الازمنة المعينة التي جرت عادته تعالى أن يخلق فيها أصناف النباتات من موادها العنصرية ، وأنواع الحيوانات من مواد نطفها في أرحام امهاتها فعلى ذلك خلق السماوات والارض من مادتها التي هي الماء بعد خصوص القدر المذكور من الزمان إنما هو من هذا القبيل [ و ] أما خصوص الحكمة الداعية إلى إجراء عادته بخلق تلك الامور من موادها على التدريج ثم تقدير قدر خاص وزمان محدود لكل منها فلا مطمع في معرفته ، فإنه من أسرار القضاء والقدر التي لا يمكن أن يحيط بها عقل البشر ، ولذلك كتم عنا بل عن بعض المقربين والمرسلين بل سد علينا وعليهم باب الفحص والتفتيش بالنهي الصريح الدال عليه كثير من القرآن والخبر.

ثم إن اليوم عبارة عن زمان تمام دورة للشمس بحركتها السريعة العادية الموسومة باليومية ، فكيف يتصور أن يكون خلق السماوات الحاملة للشمس وغيرها من الكواكب في عدة من الزمان المذكور؟ وهل لا يكون تكون الدائر في زمان

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه ، ص ١٩٦ ، ح٤.

٢١٦

دورته مستلزما للدر المستحيل بالضرورة؟ فقد ذكر ابن العربي فيما (١) سماه بالفتوحات أن اليوم وزمان دورة للفلك الاطلس فلا يكون منطوطا بالشمس ولا بالسماوات السبع ، إنما المنوط بها الليل والنهار وهما غير اليوم. وفيه أنه اصطلاح مبني على اصول الفلسفة تأبى عنه اللغة والعرف المبني عليهما لسان الشريعة ، و لظهور ذلك أطبق المفسرون على تأويله إما بحمل تلك الايام على زمان مساولقدر زمانها ، وإما بحملها على أوقات أو مرات متعددة بعدتها حتى يكون معنى خلق الارض في يومين مثلا خلقها في مرتين مرة خلق أصلها ، ومرة تمييز بعض أجزائها عن بعض ، وكذلك في السماوات وغيرها ، ولا يخفى أن شيئا من التأويلين ولا سيما الثاني لا يلائم تعيين خصوص يوم من أيام الاسبوع لخلق كل منها كما في الروايات وذلك ظاهر جدا. وأيضا يستبعد العقل جدا أن لا يمكن خلق الانسان مثلا من نطفته عادة في أقل من ستة أشهر ويكون خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام مع أن الحال كما قال تعالى : لخلق السماوات والارض أكبر من خلق الناس ولكن أكثرالناس لا يعلمون وأيضا إخباره تعالى بخصوص قدر زمان لابد له من نكتة ، أقل ما في الباب أن يكون من جهة قلته أو كثرته دخيلا في المطلوب ، ولا يناسب شئ منهما ههنا ، إذ لو كان لاجل معرفة العباد أنه تعالى قادر على خلق مثل السماوات والارض في هذه المدة القليلة فمعلوم أن ذلك ليس له

____________________

(١) هو ابوعبدالله محيى الدين محمد بن على بن محمد الحاتمى الطائى الاندلسى المكى الشامى صاحب كتاب الفتوحات ، برع في علم التصوف ولقى جماعة من العلماء والمتعبدين والناس فيه على ثلاث طوائف : طائفة يعدونه من اكابر الاولياء العارفين منهم الفيروزآبادى صاحب القاموس والشعرانى ، وطائفة يكفرونه وينسبونه إلى الالحاد منهم التفتازانى والمولى على القارئ ، وطائفة يعتقدون ولايته ويحرمون النظر في كتبه منهم جلال الدين السيوطى.

وله مصنفات كثيرة ، واعظم كتبه وآخرها تأليفا « الفتوحات المكية » توفى سنة « ٦٣٨ » بعد وفاة الشيخ عبد القادر بثمان وسبعين ، وقبره بصالحية دمشق مزار مشهور ومن اشعاره :

رأيت ولائى آل طه وسيلة

على رغم اهل البعد يورثنى القربى

فما طلب المبعوث اجرا على الهدى

بتبليغه إلا المودة في القربى

٢١٧

وقع في هذا المطلوب بعد الاخبار بأمثال أن أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، ولو كان للامتنان عليهم بأن خلقه في تلك المدة المديدة كان لاجل تدبير ما يحتاجون إليه في امور معاشهم ومعادهم فظاهر أن قدر ستة أيام لا يصلح لهذا المقصود ، فالوجه أن يفسر اليوم ههنا والعلم عند الله وأهله بما فسره الله تعالى تارة بقوله « وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون (١) » وتارة بقوله « في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون » (٢) واخرى بقوله « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (٣) » فإن القرآن يفسر بعضه بعضا ، وقد يعبر عن الاول باليوم الربانى ، وعن الثاني بيوم الله ، فعلى كل تقدير يكون ملائما لما نسب من خلق كل منها إلى يوم من الاسبوع في الروايات ، ويتم ما يقصر عنه عند حمله على اليوم الدنيوي من معنى الامتنان المقصود له تعالى في كثير من أمثال تلك الآيات ، و لعل حمله على الاول فيما نحن فيه أنسب وأقرب ، فتصويره على ذلك أن كل امتداد سواء كان قار الذات كالجسم أو غير قار الذات كالزمان ينبغي أن يقدر له أجزاء ولكل جزء منه أجزاء وهكذا إلى ما يحتاج التعبير عن قدر معين منها للتفهيم بدون كلفة ، وذلك كتقدير الفلك بالبروج والمنازل والدرجات ، وتقدير الزمان بالسنين والشهور والايام والساعات ، وعلى هذا لا بعد في أن الحكمة الالهية كانت اقتضت أن يقدر للزمان المتقدم على زمان الدنيا ، بل للزمان المتأخر عن زمانها أيضا بأمثال ما قدره لزمانها من السنين إلى الساعات ، لكن مع رعاية نوع مناسبة لهذه الاجزاء إلى المقدربها ، فكما أن المناسب لزمان الدنيا أن يكون كل يوم منه بقدر دورة للشمس يجوز أن يكون المناسب للزمان الدنيا أن يكون كل يوم منه بقدر ألف سنة من زمان الدنيا وللزمان المتأخر أن يكون مساويا لخمسين ألف سنة منه ، فيكون ما أخبرنا به في الآيتين الاوليين حال الزمان المتقدم ، وفي

____________________

(١) الحج : ٤٧.

(٢) السجدة : ٥.

(٣) المعارج ، ٤.

٢١٨

الثالثة حال الزمان المتأخر ، فلا بعد فيما يلوح من بعض الاشارات المأثورة من أنه تعالى كان قدر للزمان المتقدم أسابيع ، وسمى الاول من أيامها بالاحد والثاني بالاثنين وهكذا إلى السبت ، وكذك قدر له شهورا تامة كل منها ثلاثون يوما سمى أولها بالمحرم أو رمضان على اختلاف الروايات في أول شهور السنة وثانيها بصفر أو شوال وهكذا إلى ذي الحجة أو شعبان ، وعلى كل تقدير كان المجموع سنة كاملة موافقة لثلاثمائة وستين يوما ، ثم جعل أيام أسابيعنا وشهورنا موافقة لايام تلك الاسابيع والشهور في المبدء والعدة والتسمية ، وقد يساعد عليه ما في سورة التوبة من قوله تعالى « إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعة حرم (١) » فتستقيم بذلك أمثال ما روي أنه تعالى خلق الارض والسماء في يوم الاحد ، أو خلق الملائكة في يوم الجمعة فلا يتوجه إشكال وجوب تأخر أصل اليوم فضلا عن خصوص الاحد عن خلق السماوات والارض ، ولا إشكال لزوم خلق الملائكة فيما تأخر عن المتأخر عنه من السماوات والارض على ما مر في حديث الرضا عليه‌السلام ، وتستقيم به أيضا أمثال ما روي أن دحو الارض كان في ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة بدون استعاد وانقباض للعقل من جهة أن تقدم امتياز تلك الشهور بعضها عن بعض وإنضباطها بتلك الاسامي على دحو الارض وما يتبعه من خلق الانس بل الجن أيضا خلاف العادة.

ثم إنه يلوح مما ذكره صاحب الملل والنحل بقوله قد اجتمعت اليهود على أن الله تعالى لما فرغ من خلق الارض استوى على عرشه مستلقيا على قفاه واضعا إحدى رجليه على الاخرى فقالت فرقه منهم إن الستة الايام هي الستة آلاف سنة فإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون وبالسير القمري ، وذلك ما مضى من لدن آدم عليه‌السلام إلى يومنا هذا وبه يتم الخلق ، ثم إذا بلغ الخلق إلى النهاية ابتدأ الامر ، ومن ابتداء الامر يكون الاستواء على العرش والفراغ من

____________________

(١) التوبة : ٣٦.

٢١٩

الخلق ، وليس ذلك أمرا كان ومضى بل هو في المستقبل إذا عددنا الايام بالالوف « انتهى » أن بعضا من الكتب السماوية كالتورية كان متضمنا للاشارة إلى أن المراد بالايام المخلوقة فيها السماوات والارض هو الايام الربانية ، ولكن اليهود لم يتفطنوا بكونها سابقة على زمان الدنيا وتعمدوا في تحريفها عن موضعها بتطبيقها على بعض أزمنة الدنيا تصحيحا لما سولته لهم أنفسهم من أن شريعة موسى عليه‌السلام هي أول أوامره وشروعه في التكليف ، حتى لا يلزمهم الاقرار بنسخ شريعة سابقة مستلزم لامكان وقع مثله على شريعتهم أيضا فافهم.

ويظهر مما ذكره محمد بن جرير الطبري في أول تاريخه أن حمل تلك الايام على الايام الربانية أو مقرربين أهل الاسلام أيضا من قديم الايام. فإذا تأملت في مدارج ما صورناه وبيناه يظهر لك أن السماوات والارض وما بينهما المعبر عنها بالدنيا بمنزلة شخص مخلوق من نطفة هي الماء على طبق حصول استعداداته بالتدريج كما جرت به عادته تعالى في مدة مديدة هي على حسابنا ستة آلاف سنة قمرية موافقة لستة أيام من الايام الربانية ، فبعدتمام هذه المدة التي هي بمنزلة زمان الحمل لها تولدت كاملة بطالع (١) السرطان والكواكب في شرفها ، وحينئذ أخذت الشمس والقمر في حركتهما المقدرة لهما المنوطة بهما الليل والنهار ، وذلك كان في يوم الجمعة كما مروجهه ، وكان أيضا سادس شهر محرم الحرام أو رمضان المبارك عند ما مضت ثلاث ساعات واثنتا عشرة دقيقة من نهاره ، ولا ينافي ذلك ما ورد في حديث الرضا عليه‌السلام أنه كانت الشمس عند كينونتها في وسط السماء لانه عليه‌السلام في صدد تصوير وضع نهار أيام الدنيا حينئذ لا الايام الربانية ، وما نحن فيه مبني عليها فلا يلزم الموافقة. هذا هو مبدء عمر الدنيا ، وأما مبدء خلقها من نطفتها فمقدم عليه بقدر ما عرفت من زمان حملها ، فكان مبدء أول يوم الاحد من تلك الايام غرة أحد الشهرين ، ولا شك بما نصب لنا من الدلالات اليقينية أن لها أمدا ممدودا وأجلا محدودا ، ويقرب احتمال أنه تعالى كان قدر لجملة زمانها من مبدء خلقها إلى حلول أجلها سنة كاملة من السنين الربانية ، فجعل ستة أيام منها بإزاء خلقها والباقية

٢٢٠