بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قال : حدثني أبومحمد الحسن بن أحمد المكتب قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبوالحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :

« بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك : فانك ميت مابينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الامد وقسوة القلب وامتلاء الارض جورا وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ».

قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيك من بعدك؟ فقال : لله أمر هو بالغه وقضى فهذا آخر كلام سمع منه رضي‌الله‌عنه وأرضاه.

ك : الحسن بن أحمد المكتب مثله.

٨ ـ غط : وأخبرني جماعة عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن بابويه قال : حدثني جماعة من أهل قم منهم علي بن بابويه قال : حدثني جماعة من أهل قم منهم علي بن أحمد بن عمران الصفار وقريبه علوية الصفار والحسين بن أحمد بن إدريس رحمهم‌الله قالوا : حضرنا بغداد في السنة التي توفي فيها أبي رضي‌الله‌عنه علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، وكان أبوالحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه يسألنا كل قريب عن خبر علي بن الحسين رحمه‌الله فنقول قد ورد الكتاب باستقلاله حتى كان اليوم الذي قبض فيه ، فسألنا عنه فذكرنا له مثل ذلك فقال لنا : آجركم الله في علي بن الحسين فقد قبض في هذه الساعة ، قالوا فأثبتنا تاريخ الساعة واليوم والشهر ، فلما كان بعد سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما ورد الخبر أنه قبض في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ أبوالحسن قدس الله روحه.

وأخبرني الحسين بن إبراهيم ، عن أبي العباس بن نوح ، عن أبي نصر هبة الله بن

٣٦١

محمد الكاتب أن قبر أبي الحسن السمري رضي‌الله‌عنه في الشارع المعروف بشارع الخلنجي من ربع باب المحول قريب من شاطئ نهر أبي عتاب وذكر أنه مات في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

٩ ـ ج : أما الابواب المرضيون والسفراء الممدوحون في زمن الغيبة فأولهم الشيخ الموثوق به أبوعمرو عثمان بن سعيد العمري نصبه أولا أبوالحسن علي بن محمد العسكري ثم ابنه أبومحمد الحسن بن علي عليهم‌السلام فتولى القيام بامورهما حال حياتهما ، ثم بعد ذلك قام بأمر صاحب الزمان عليه‌السلام وكانت توقيعاته وجوابات المسائل تخرج على يديه.

فلما مضى لسبيله قام ابنه أبوجعفر محمد بن عثمان مقامه وناب منابه في جميع ذلك فلما مضى قام بذلك أبوالقاسم الحسين بن روح من بني نوبخت فلما مضى قام مقامه أبوالحسن علي بن محمد السمري ولم يقم أحد منهم بذلك إلا بنص عليه من قبل صاحب الزمان عليه‌السلام ونصب صاحبه الذي تقدم عليه فلم تقبل الشيعة قولهم إلا بعد ظهور آية معجزة تظهر على يد كل واحد منهم من قبل صاحب الامر عليه‌السلام تدل على صدق مقالتهم وصحة نيابتهم.

فلما حال رحيل أبي الحسن السمري عن الدنيا وقرب أجله قيل له : إلى من توصي؟ أخرج توقيعا إليهم نسخته : « بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري » إلى آخر مانقلنا عن الشيخ رحمه‌الله.

١٠ ـ غط : قد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة منهم أبوالحسين محمد بن جعفر الاسدي رحمه‌الله أخبرنا أبوالحسين بن أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن صالح بن أبي صالح قال : سألني بعض الناس في سنة تسعين ومأتين قبض شئ فامتنعت من ذلك وكتبت أستطلع الرأي فأتاني الجواب : بالري محمد بن جعفر العربي فليدفع إليه فإنه من ثقاتنا.

٣٦٢

وروى محمد بن يعقوب الكليني ، عن أحمد بن يوسف الشاشي قال : قال لي محمد بن الحسن الكاتب المروزى وجهت إلى حاجز الوشاء مائتي دينار وكتبت إلى الغريم بذلك فخرج الوصول وذكر أنه كان قبلي ألف دينار وأني وجهت إليه مائتي دينار وقال : إن أردت أن تعامل أحدا فعليك بأبي الحسين الاسدي بالرى.

فورد الخبر بوفاة حاجز رضي‌الله‌عنه بعد يومين أو ثلاثة فأعلمته بموته فاغتم فقلت له : لاتغتم فان لك في التوقيع إليك دلالتين : إحداهما إعلامه إياك أن المال ألف دينار ، والثانية أمره إياك بمعامة أبي الحسين الاسدي لعلمه بموت حاجز.

وبهذا الاسناد عن أبي جعفر محمد بن علي بن نوبخت قال : عزمت على الحج وتأهبت فورد علي : نحن لذلك كارهون. فضاق صدري واغتممت وكتبت أنا مقيم بالسمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج فوقع : لايضيقن صدرك ، فانك تحج من قابل ، فلما كان من قابل استأذنت فورد الجواب فكتبت : أني عادلت محمد ابن العباس وأنا واثق بديانته وصيانته فورد الجواب : الاسدي نعم العديل فان قدم فلا تختره عليه قال : فقدم الاسدي فعادلته.

محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن محمد بن شاذان النيشابوري قال : اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص عشرون درهما فلم احب أن تنقص هذا المقدار فوزنت من عندي عشرين درهما ، ودفعتها إلى الاسدي ولم أكتب بخبر نقصانها وأني أتممتها من مالي ، فورد الجواب : قد وصلت الخمسمائة التي لك فيها عشرون.

ومات الاسدي على ظاهر العدالة لم يتغير ولم يطعن عليه في شهر ربيع الاخر سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة.

ومنهم أحمد بن إسحاق وجماعة خرج التوقيع في مدحهم : روى أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي محمد الرازي قال : كنت وأحمد بن أبي عبدالله بالعسكر فورد علينا رسول من قبل الرجل فقال : أحمد بن إسحاق الاشعري وإبراهيم ابن محمد الهمداني وأحمد بن حمزة بن اليسع ثقات.

١١ ـ ك : محمد بن الحسين بن شاذويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن جعفر



٣٦٣

عن أحمد بن إبراهيم قال : دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا اخت أبي الحسن صاحب العسكر عليهم‌السلام في سنة اثنتين وستين ومأتين فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم ثم قالت : والحجة ابن الحسن بن علي فسمته فقلت لها : جعلني الله فداك معاينة أو خبرا؟ فقالت : خبرا عن أبي محمد كتب به إلى امه فقلت لها : فأين الولد؟ فقالت : مستورة ، فقلت : إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت : إلى الجدة ام أبي محمد عليه‌السلام فقلت لها : اقتدى بمن ( في ) وصيته إلى امرأة؟ فقالت : اقتداء بالحسين بن علي عليه‌السلام والحسين بن علي أوصى إلى أخته زينب بنت علي في الظاهر وكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليه‌السلام من علم ينسب إلى زينب سترا على علي بن الحسين عليه‌السلام ثم قالت : إنكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين بن علي عليه‌السلام يقسم ميراثه وهو في الحياة.

ك : علي بن أحمد بن مهزيار ، عن محمد بن جعفر الاسدي مثله.

غط : الكليني ، عن محمد بن جعفر مثله.

١٢ ـ يج : روي عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال : شككت عند وفاة أبي محمد عليه‌السلام وكان اجتمع عند أبي مال جليل فحمله فركب السفينة وخرجت معه مشيعا له فوعك فقال : ردني فهو الموت ، واتق الله في هذا المال وأوصى إلي ومات وقلت لايوصي أبي بشئ غير صحيح أحمل هذا المال إلى العراق ولا اخبر أحدا فان وضح لي شئ أنفذته وإلا أنفقته فاكتريت دارا على الشط وبقيت أياما فاذا أنا برسول معه رقعة فيها : يا محمد معك كذا وكذا حتى قص علي جميع ما معي فسلمت المال إلى الرسول وبقيت أياما لايرفع بي رأس ، فاغتممت فخرج إلي : [قد] أقمناك مقام أبيك فاحمد الله.

١٣ ـ عم : مما يدل على صحة إمامته عليه‌السلام النص عليه بذكر غيبته ، و صفتها التي يختصها ووقوعها على الحد المذكور من غير اختلاف حتى لم يحرم منه شيئا وليس يجوز في العادات أن تولد جماعة كثيرة كذبا يكون خبرا عن كائن فيتفق ذلك على حسب ما وصفوه.

٣٦٤

وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة عليه‌السلام بل زمان أبيه وجده حتى تعلقت الكيسانية والناووسية والممطورة بها وأثبتها المحدثون من الشيعة في اصولهم المؤلفة في أيام السيدين الباقر والصادق عليهما‌السلام وأثروها عن النبي و الائمة عليهم‌السلام واحد بعد واحد صح بذلك القول في إمامة صاحب الزمان بوجود هذه الصفة له والغيبة المذكورة ، في دلائله وأعلام إمامته ، وليس يمكن أحدا دفع ذلك.

ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد وقد صنف كتاب المشيخة الذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني و أمثاله قبل زمان الغيبة بأكر من مائة سنة فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق المخبر ، وحصل كلما تضمنه الخبر بلا اختلاف.

ومن جملة ذلك مارواه عن إبراهيم الحارثي عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له كان أبوجعفر عليه‌السلام يقول : لآل محمد غيبتان واحدة طويلة والاخرى قصيرة قال : فقال لي : نعم يا أبا بصير إحداهما أطول من الاخرى ثم لا يكون ذلك يعنى ظهوره عليه‌السلام حتى يختلف ولد فلان وتضيق الحلقة وتظهر السفياني ويشتد البلاء ويشمل الناس موت وقتل ، ويلجؤون منه إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فانظر كيف قد حصلت الغيبتان لصاحب الامر عليه‌السلام على حسب ماتضمنه الاخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده عليهم‌السلام أما غيبته القصرى منهما فهي التي كانت سفراؤه فيها موجودين وأبوابه معروفين ، لاتختلف الامامية القائلون بإمامة الحسن بن علي فيهم. فمنهم أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري ومحمد بن علي بن بلال وأبوعمرو بن عثمان بن سعيد السمان وابنه أبوجعفر محمد بن عثمان رضي‌الله‌عنهما وعمر الاهوازي ، وأحمد بن إسحاق وأبومحمد الوجنائي وإبراهيم بن مهزيار ومحمد بن إبراهيم في جماعة اخر ربما يأتي ذكرهم عند الحاجة.

٣٦٥

وكانت مدة هذه الغيبة أربعا وسبعين سنة.

اقول : ثم ذكر أحوال السفراء الاربعة نحوا مما مر.

بيان : الظاهر أن مدة زمان الغيبة من ابتداء إمامته عليه‌السلام إلى وفاة السمري وهي أقل من سبعين سنة لان ابتداء إمامته عليه‌السلام على المشهور لثمان خلون من ربيع الاول سنة ستين ومائتين ، ووفاة السمري في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة : وعلى ما ذكره في وفاة السمري تنقص سنة أيضا حيث قال توفي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ولعله جعل ابتداء الغيبة ولادته عليه‌السلام وذكر الولادة في سنة خمس وخمسين ومائتين فيستقيم على ماذكره الشيخ من وفاة السمري وعلى ماذكره ينقص سنة أيضا ولعل ماذكره من تاريخ السمري سهو من قلمه].

٣٦٦

١٧

* ( باب ) *

* ( ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية والسفارة ) *

« كذبا وافتراء لعنهم الله »

قال الشيخ قدس‌سره في كتاب الغيبة : أولهم المعروف بالشريعي أخبرنا جماعة ، عن أبي محمد التلعكبري ، عن أبي علي محمد بن همام قال : كان الشريعي يكنى بأبي محمد. قال هارون : وأظن اسمه كان الحسن وكان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي بعده عليهم‌السلام وهو أول من ادعى مقاما لم يجعله الله فيه ، ولم يكن أهلا له ، وكذب على الله وعلى حججه عليهم‌السلام ونسب إليهم مالا يليق بهم ، وما هم من براء ، فلعنه الشيعة ، وتبرأت منه وخرج توقيع الامام بلعنه والبراءة منه.

قال هارون : ثم ظهر منه القول بالكفر والالحاد قال : وكل هؤلاء المدعين إنما يكون كذبهم أولا على الامام وأنهم وكلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم ثم يترقى الامر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعا لعائن الله تترى.

ومنهم محمد بن نصير النميري قال ابن نوح : أخبرنا أبونصر هبة الله بن محمد قال : كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام فلما توفي أبومحمد ادعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان أنه صاحب إمام الزمان وادعى البابية ، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الالحاد والجهل ، ولعن أبي جعفر محمد بن عثمان له وتبريه منه واحتجابه عنه وادعى ذلك الامر بعد الشريعي.

قال أبوطالب الانباري : لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبوجعفر رضي الله عنه وتبرأ منه فبلغه ذلك فقصد أبا جعفر ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه ورده خائبا.

٣٦٧

وقال سعد بن عبدالله : كان محمد بن نصير النميري يدعي أنه رسول نبي وأن علي بن محمد عليه‌السلام أرسله ، وكان يقول بالتناسخ ويغلو في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية ، ويقول بالاجابة للمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم ، ويزعم أن ذلك من التواضع والاخبات والتذلل في المفعول به وأنه من الفاعل إحدى الشهوات والطيبات وأن الله عزوجل لايحرم شيئا من ذلك.

وكان محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوي أسبابه ويعضده أخبرني بذلك عن محمد بن نصير أبوزكريا يحيى بن عبدالرحمان بن خاقان أنه رآه عيانا وغلام له على ظهره قال : فلقيته فعاتبته على ذلك فقال : إن هذا من اللذات وهو من التواضع لله وترك التجبر.

قال سعد : فلما اعتل محمد بن نصير العلة التي توفي فيها قيل له وهو مثقل اللسان : لمن هذا الامر من بعدك؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج : أحمد فلم يدر من هو؟ فافترقوا بعده ثلاث فرق : قالت فرقة أنه أحمد ابنه وفرقة قالت : هو أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات وفرقة قالت : إنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد فتفرقوا فلا يرجعون إلى شئ.

ومنهم أحمد بن هلال الكرخي قال أبوعلي بن همام : كان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمد عليه‌السلام فاجتمعت الشيعة على وكالة أبي جعفر محمد بن عثمان رحمه‌الله بنص الحسن عليه‌السلام في حياته ولما مضى الحسن عليه‌السلام قالت الشيعة الجماعة له : ألا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه وقد نص عليه الامام المفترض الطاعة فقال لهم : لم أسمعه ينص عليه بالوكالة ، وليس انكر أباه يعني عثمان بن سعيد فأما أن أقطع أن أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه ، فقالوا : قد سمعه غيرك ، فقال : أنتم وما سمعتم ، ووقف على أبي جعفر فلعنوه وتبرؤا منه.

ثم ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح رحمه‌الله بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن.

٣٦٨

ومنهم أبوطاهر محمد بن علي بن بلال وقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري نضر الله وجهه وتمسكه بالاموال التي كانت عنده للامام وامتناعه من تسليمها وادعاؤه أنه الوكيل حتى تبرأت الجماعة منه ولعنوه وخرج من صاحب الزمان عليه‌السلام ماهو معروف.

وحكى أبوغالب الزراري قال : حدثني أبوالحسن محمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال : كان رجل من أصحابنا قد انضوى إلى أبي طاهر بن بلال بعد ماوقعت الفرقة ثم إنه رجع عن ذلك وصار في جملتنا فسألناه عن السبب قال : كنت عند أبي طاهر يوما وعنده أخوه أبوالطيب وابن خزر وجماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال أبوجعفر العمري على الباب ففزعت الجماعة لذلك وأنكرته للحال التي كانت جرت وقال : يدخل ، فدخل أبوجعفر رضي‌الله‌عنه فقام له أبوطاهر والجماعة وجلس في صدر المجلس وجلس أبوطاهر كالجالس بين يديه فأمهلهم إلى أن سكتوا.

ثم قال : يا أبا طاهر نشدتك الله أو نشدتك بالله ألم يأمرك صاحب الزمان عليه‌السلام بحمل ماعندك من المال إلي؟ فقال : اللهم نعم فنهض أبوجعفر رضي‌الله‌عنه منصرفا و وقعت على القوم سكتة فلما تجلت عنهم قال له أخوه أبوالطيب : من أين رأيت صاحب الزمان فقال أبوطاهر أدخلني أبوجعفر رضي‌الله‌عنه إلى بعض دوره فأشرف علي من علو داره فأمرني بحمل ماعندي من المال إليه فقال له أبوالطيب : ومن أين علمت أنه صاحب الزمان عليه‌السلام قال : وقع علي من الهيبة له ، ودخلني من الرعب منه ماعلمت أنه صاحب الزمان عليه‌السلام فكان هذا سبب انقطاعي عنه.

ومنهم الحسين بن منصور الحلاج.

أخبرنا الحسين بن إبراهيم ، عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح ، عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال : لما أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج ويظهر فضيحته ويخزيه ، وقع له أن أبا سهل ابن إسماعيل بن علي البوبختي رضي‌الله‌عنه ممن تجوز عليه مخرقته ، وتتم عليه حيلته ، فوجه إليه يستدعيه ، وظن أن أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الامر

٣٦٩

بفرط جهله ، وقد رأى يستجره إليه فيتمخرق ويتصوف بانقياده على غيره ، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة ، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والادب أيضا عندهم ، ويقول له في مراسلته إياه : إني وكيل صاحب الزمان عليه‌السلام وبهذا أول لا كان يستجر ( الجهال ) ثم يعلو منه إلى غيره وقد امرت بمراسلتك وإظهار ماتريده من النصرة لك ، لتقوى نفسك ، ولا ترتاب بهذا الامر.

فأرسل إليه أبوسهل رضي‌الله‌عنه يقول لك : إني أسألك أمرا يسيرا يخف مثله عليك في جنب ماظهر على يديك من الدلائل والبراهين ، وهو أني رجل احب الجواري وأصبو إليهن ولي منهن عدة أتخطاهن والشيب يبعدني عنهن وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة وأتحمل منه مشقة شديدة لاستر عنه ذلك وإلا انكشف أمري عندهن ، فصار القرب بعدا والوصال هجرا ، واريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفينى مؤنته ، وتجعل لحيتي سوداء ، فانني طوع يديك وصائر إليك ، وقائل بقولك ، وداع إلى مذهبك ، مع مالي في ذلك من البصيرة ، ولك من المعونة.

فلما سمع ذلك الحلاج من قوله وجوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته و جهل في الخروج إليه بمذهبه وأمسك عنه ولم يرد إليه جوابا ولم يرسل إليه رسولا وصيره أبوسهل رضي‌الله‌عنه احدوثة وضحكة ويطنز به عند كل أحد ، وشهر أمره عند الصغير والكبير ، وكان هذا الفعل سببا لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه.

وأخبرني جماعة عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أن ابن الحلاج صار إلى قم وكاتب قرابة أبي الحسن [والد الصدوق] يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضا ويقول : أنا رسول الامام ووكيله ، قال : فلما وقعت المكاتبة في يد أبي رضي الله عنه خرقها وقال لموصلها إليه : ما أفرغك للجهالات؟ فقال له الرجل وأظن أنه قال : إنه ابن عمته أو ابن عمه فان الرجل قد استدعانا فلم خرقت مكاتبته وضحكوا منه وهزؤوا به ، ثم نهض إلى دكانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه.

٣٧٠

قال : فلما دخل إلى الدار التي كان فيها دكانه نهض له من كان هناك جالسا غير رجل رآه جالسا في الموضع فلم ينهض له ولم يعرفه أبي فلما جلس و أخرج حسابه ودواته كما تكون التجار أقبل على بعض من كان حاضرا فسأله عنه فأخبره فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه وقال له : تسأل عني وأنا حاضر فقال له أبي : أكبرتك أيها الرجل وأعظمت قدرك أن أسألك فقال له : تخرق رقعتي وأنا اشاهدك تخرقها فقال له أبي : فأنت الرجل إذا.

ثم قال : ياغلام برجله وبقفاه فخرج من الدار العدو لله ولرسوله ثم قال له : أتدعي المعجزات؟ عليك لعنة الله ، أو كما قال ، فاخرج بقفاه فما رأيناه بعدها بقم.

ومنهم ابن أبي العزاقر أخبرني الحسين بن إبراهيم ، عن أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي‌الله‌عنه قال : حدثتني الكبيرة ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي‌الله‌عنها قالت : كان أبوجعفر ابن أبي العزاقر وجيها عند بني بسطام ، وذاك أن الشيخ أبا القاسم رضي‌الله‌عنه وأرضاه كان قد جعل له عند الناس منزلة وجاها فكان عند ارتداده يحكي كل كذب وبلاء وكفر لبني بسطام ويسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه ويأخذونه عنه ، حتى انكشف ذلك لابي القاسم فأنكره وأعظمه ونهى بني بسطام عن كلامه وأمرهم بلعنه والبراءة منه فلم ينتهوا وأقاموا على توليه.

وذاك أنه كان يقول لهم : إنني أذعت السر وقد اخذ علي الكتمان فعوقبت بالابعاد بعد الاختصاص لان الامر عظيم لايحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن ، فيؤكد في نفوسهم عظم الامر وجلالته.

فبلغ ذلك أبا القاسم رضي‌الله‌عنه فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه و ممن تابعه على قوله ، وأقام على توليه ، فلما وصل إليهم أظهروه على فبكى بكاء عظيما ثم قال : إن لهذا القول باطنا عظيما وهو أن اللعنة الابعاد ، فمعنى قوله : لعنه الله أي باعده الله عن العذاب والنار ، والان قد عرفت منزلتي ومرغ خديه

٣٧١

على التراب وقال : عليكم بالكتمان لهذا الامر.

قالت الكبيرة رضي‌الله‌عنها : وقد كنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أن ام أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوما وقد دخلنا إليها فاستقبلتني وأعظمتني وزادت في إعظامي حتى انكبت على رجلي تقبلها فأنكرت ذلك وقلت لها : مهلا ياستي (١) فان هذا أمر عظيم ، وانكببت على يدها فبكت.

ثم قالت : كيف لا أفعل بك هذا وأنت مولاتي فاطمة؟ فقلت لها : وكيف ذاك ياستي فقالت لي : إن الشيخ يعني أبا جعفر محمد بن علي خرج إلينا بالستر قالت : فقلت لها : وما الستر؟ قالت : قد اخذ علينا كتمانه وأفزع إن أنا أذعته عوقبت ، قالت : وأعطيتها موثقا أني لا أكشفه لاحد واعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ رضي‌الله‌عنه يعني أبا القاسم الحسين بن روح.

قالت : إن الشيخ أبا جعفر قال لنا : إن روح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انتقلت إلى أبيك يعني أبا جعفر محمد بن عثمان رضي‌الله‌عنه ، وروح أمير المؤمنين علي عليه‌السلام انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ، وروح مولاتنا فاطمة عليها‌السلام انتقلت إليك فكيف لا اعظمك ياستنا.

فقلت لها : مهلا لاتفعلي فان هذا كذب ياستنا. فقالت لي : سر عظيم وقد اخذ علينا أن لانكشف هذا لاحد فالله الله في لا يحل بي العذاب وياستي لو [لا] حملتني على كشفه ما كشفته لك ولا لاحد غيرك.

قالت الكبيرة ام كلثوم رضي‌الله‌عنها : فلما انصرفت من عندها دخلت إلى

____________________

(١) قال الفيروزآبادي : « وستى » للمرأة أى ياست جهاتى ، أو لحن والصواب سيدتى. وقال الشارح : ويحتمل أن الاصل سيدتى فحذف بعض حروف الكلمة ، وله نظائر قاله الشهاب القاسمى ، وأنشدنا غير واحد من مشايخنا للبهاء زهير :

بروحى من اسميها بستى

فينظر لى النحاة بعين مقت

يرون بأننى قد قلت لحنا

وكيف واننى لزهير وقتى

ولكن غادة ملكت جهاتى

فلا لحن اذا ما قلت ستى

٣٧٢

الشيخ أبي القاسم بن روح رضي‌الله‌عنه فأخبرته بالقصة وكان يثق بي ويركن إلى قولي فقال لي : يابنية إياك أن تمضي إلى هذه المرأة بعد ما جرى منها ، ولا تقبلي لها رقعة إن كاتبتك ، ولا رسولا إن أنفذته إليك ، ولا تلقاها بعد قولها فهذا كفر بالله تعالى وإلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقا إلى أن يقول لهم : بأن الله تعالى اتحد به ، وحل فيه ، كما تقول النصارى في المسيح عليه‌السلام ويعدو إلى قول الحلاج لعنه الله.

قالت : فهجرت بني بسطام ، وتركت المضي إليهم ولم أقبل لهم عذرا ولا لقيت امهم بعدها ، وشاع في بني نوبخت الحديث فلم يبق أحد إلا وتقدم إليه الشيخ أبوالقاسم وكاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني والبراءة منه ومن يتولاه ورضي بقوله أو كلمه فضلا عن موالاته.

ثم ظهر التوقيع من صاحب الزمان عليه‌السلام بلعن أبي جعفر محمد بن علي والبراءة منه وممن تابعه وشايعه ورضي بقوله ، وأقام على توليه بعد المعرفة بهذا التوقيع.

وله حكايات قبيحة وامور فظيعة تنزه كتابنا عن ذكرها ، ذكرها ابن نوح وغيره ، وكان سبب قتله أنه لما أظهر لعنه أبوالقاسم بن روح واشتهر أمره وتبرأ منه وأمر جميع الشيعة بذلك ، لم يمكنه التلبيس ، فقال في مجلس حافل فيه رؤساء الشيعة وكل يحكي عن الشيخ أبي القاسم لعنه والبراءة منه : أجمعوا بيني وبينه حتى آخذ يده ويأخذ بيدي فان لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه وإلا فجميع ما قاله في حق ورقي ذلك إلى الراضي لانه كان ذلك في دار ابن مقلة فأمر بالقبض عليه وقتله فقتل واستراحت الشيعة منه.

وقال أبوالحسن محمد بن أحمد بن داود : كان محمد بن الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنه الله يعتقد القول بحمل الضد ، ومعناه أنه لايتهيأ إظهار فضيلة للولي إلا بطعن الضد فيه ، لانه يحمل السامع طعنه على طلب فضيلته فاذن هو أفضل من الولي إذ لايتهيأ إظهار الفضل إلا به ، وساقوا المذهب من وقت آدم الاول إلى آدم السابع لانهم قالوا : سبع عوالم وسبع أوادم ، ونزلوا إلى موسى وفرعون

٣٧٣

ومحمد وعلي مع أبي بكر ومعاوية.

وأما في الضد فقال بعضهم : الولي ينصب الضد ويحمله على ذلك كما قال قوم من أصحاب الظاهر : إن علي بن أبي طالب نصب أبا بكر في ذلك المقام وقال بعضهم : لا ولكن هو قديم معه لم يزل قالوا : والقائم الذي ذكروا أصحاب الظاهر أنه من ولد الحادي عشر فانه يقوم ، معناه إبليس لانه قال : فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ولم يسجد ثم قال : « لاقعدن لهم صراطك المستقيم » فدل على أنه كان قائما في وقت ما امر بالسجود ثم قعد بعد ذلك ، وقوله : يقوم القائم إنما هو ذلك القائم الذي امر بالسجود فأبى وهو إبليس لعنه الله.

وقال شاعرهم لعنهم الله :

يا لاعنا بالضد من عدى

ما الضد إلا ظاهر الولي

والحمد للمهيمن الوفي

لست على حال كهمامي

ولا حجامي ولا جغدي

قد فقت من قول على الفهدي

نعم وجاوزت مدى العبد

فوق عظيم ليس بالمجوسي

لانه الفرد بلا كيف

متحد بكل أوحدي

مخالط للنوري والظلمي

يا طالبا من بيت هاشمي

وجاحدا من بيت كسروي

قد غاب في نسبة أعجمي

في الفارسي الحسب الرضي

كما التوى في العرب من لوي

وقال الصفواني : سمعت أبا علي بن همام يقول : سمعت محمد بن علي العزاقري الشلمغاني يقول : الحق واحد وإنما تختلف قمصه فيوم يكن في أبيض ويوم يكون في أحمر ، ويوم يكون في أزرق.

قال ابن همام : فهذا أول ما أنكرته من قوله لانه قول أصحاب الحلول.

وأخبرنا جماعة ، عن أبي محمد هارون بن موسى ، عن أبي علي محمد بن همام أن محمد بن علي الشلمغاني لم يكن قط بابا إلى أبي القاسم ، ولا طريقا له ولا نصبه أبوالقاسم بشئ من ذلك على وجه ولا سبب ومن قال بذلك فقد أبطل وإنما كان

٣٧٤

فقيها من فقهائنا فخلط وظهر عنه ماظهر ، وانتشر الكفر والالحاد عنه.

فخرج فيه التوقيع على يد أبي القاسم بلعنه والبراءة منه وممن تابعه وشايعه وقال بقوله.

وأخبرني الحسين بن إبراهيم ، عن أحمد بن علي بن نوح ، عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد قال : حدثني أبو عبدالله الحسين بن أحمد الحامدي البزاز المعروف بغلام أبي علي بن جعفر المعروف بابن رهومة النوبختي وكان شيخا مستورا قال : سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول : لما عمل محمد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف قال الشيخ يعني أبا القاسم رضي‌الله‌عنه : اطلبوه إلي لانظره فجاؤا به فقرأه من أوله إلى آخره فقال : ما فيه شئ إلا وقد روى عن الائمة [في] موضعين أو ثلاثة فانه كذب عليهم في روايتها لعنه الله.

وأخبرني جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود وأبي عبدالله الحسين ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أنهما قالا : مما أخطأ محمد بن علي في المذهب في باب الشهادة أنه روى عن العالم أنه قال : إذا كان لاخيك المؤمن على رجل حق فدفعه عنه ، ولم يكن له من البينة عليه إلا شاهد واحد وكان الشاهد ثقة رجعت إلى الشاهد فسألته عن شهادته فإذا أقامها عندك شهدت معه عند الحاكم على مثل ما يشهد عنده لئلا يتوى حق امرءي مسلم (١).

____________________

(١) هذا الخبر بعينه يوجد في الكتاب المعروف بفقه الرضا عليه‌السلام في باب الشهادات ، وهذا مما يشهد على أن الكتاب كتاب التكليف لابن أبي العزاقر الشلمغاني.

ومن ذلك أنه يوجد في هذا الكتاب عند تحديد الكر أن العلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمى به في وسطه فان بلغت أمواجه من الحجر جنبى الغدير فهو دون الكر وان لم يبلغ فهو كر لاينجسه شئ. وهذا التحديد لم ينقل الا من الشلمغاني. وان أخذه من قول أصحاب اللغة كما في فقه اللغه للثعالبى.

ومن ذلك ما نقله النورى في المستدرك ج ٣ ص ٢١٠ عن غوالى اللئالى نقلا عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر ، عن العالم عليه‌السلام رواية ، ثم ينقل عينها عن كتاب فقه الرضا. مذيلا بكلام في معناه.

فترى ان ابن أبي جمهور الاحسائى كان يعرف الكتاب أنه كتاب التكليف وينقل عنه مايرويه ويترك فيه ما يراه في معنى الحديث لانه ليس من الحديث بشئ.

٣٧٥

واللفظ لابن بابويه وقال : هذا كذب منه ولسنا نعرف ذلك وقال في موضع آخر : كذب فيه.

نسخة التوقيع الخارج في لعنه :

أخبرنا الجماعة : عن أبي محمد هارون بن موسى قال : حدثنا محمد بن همام قال : خرج على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و ثلاثمائة في ابن أبي العزاقر والمداد رطب لم يجف.

وأخبرنا جماعة ، عن ابن داود قال : خرج التوقيع من الحسين بن روح في الشلمغاني وأنفذ نسخته إلى أبي علي بن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة. قال ابن نوح : وحدثنا أبوالفتح أحمد بن ذكا مولى علي بن محمد بن الفرات قال : أخبرنا أبوعلي بن همان بن سهيل بتوقيع خرج في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة. وقال محمد بن الحسن بن جعفر بن اسماعيل بن صالح الصيمري : أنفذ الشيخ الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه من مجلسه في دار المقتدر إلى شيخنا أبي علي ابن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة وأملاه أبوعلي علي وعرفني أن أبا القاسم رضي‌الله‌عنه راجع في ترك إظهاره فانه في يد القوم وحبسهم فأمر بإظهاره وأن لايخشى ويأمن فتخلص وخرج من الحبس بعد ذلك بمدة يسيرة والحمد لله.

التوقيع :

عرف قال الصيمري : عرفك الله الخير أطال الله بقاءك وعرفك الخير كله وختم به عملك ، من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أسعدكم الله وقال ابن داود : أدام الله سعادتكم من تسكن إلى دينه وتثق بنيته جميعا بأن محمد بن علي المعروف الشلمغاني زاد ابن داود : وهو ممن عجل الله له النقمة ولا أمهله قد ارتد عن الاسلام وفارقه اتفقوا (١) وألحد في دين الله وادعى ما كفر معه بالخالق قال هارون : فيه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما عظيما

____________________

(١) يعنى الرواة.

٣٧٦

قال هارون : وأمرا عظيما كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا وإننا قد برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله صلوات الله وسلامه ورحمته و بركاته عليهم منه ولعناه عليه لعائن الله اتفقوا زاد ابن داود : تترى في الظاهر منا والباطن في السر والجهر وفي كل وقت وعلى كل حال وعلى من شايعه وبايعه أو بلغه هذا القول منا وأقام على توليه بعده وأعلمهم قال الصيمري : تولاكم الله قال ابن ذكا : أعزكم الله أنا من التوقي وقال ابن داود : اعلم أننا من التوقي له قال هارون : وأعلمهم أننا في التوقي والمحاذرة منه قال ابن داود وهارون : على مثل ما كان ممن تقدمنا لنظرائه قال الصيمري : على ماكنا عليه ممن تقدمه والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم ، وعادة الله قال ابن داود وهارون : جل ثناؤه واتفقوا مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة وبه نثق وإياه نستعين وهو حسبنا في كل امورنا ونعم الوكيل.

قال هارون وأخذ أبوعلي هذا التوقيع ولم يدع أحدا من الشيوخ إلا وأقرأه إياه وكوتب من بعد منهم بنسخته في سائر الامصار فاشتهر ذلك في الطائفة فاجتمعت على لعنه والبراءة منه.

وقتل محمد بن علي الشلمغاني في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.

* « ( ذكر أمر أبي بكر البغدادي ابن أخي الشيخ أبي جعفر ) » *

* « ( محمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه وأبي دلف المجنون ) » *

أخبرني الشيخ أبوعبدالله محمد بن محمد بن النعمان عن أبي الحسن علي بن بلال المهلبي قال : سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول : أما أبودلف الكاتب لاحاطه الله فكنا نعرفه ملحدا ثم أظهر الغلو ثم جن وسلسل ثم صار مفوضا وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به ولا

٣٧٧

عرفته الشيعة إلا مدة يسيرة والجماعة تتبرا عنه وممن يومي إليه وينمس به.

وقد كنا وجهنا إلى أبي بكر البغدادي لما ادعى له هذا ما ادعاه فأنكر ذلك وحلف عليه فقبلنا ذلك منه فلما دخل بغداد مال إليه وعدل من الطائفة و أوصى إليه لم نشك أنه على مذهبه فلعناه وبرئنا منه لان عندنا أن كل من ادعى الامر بعد السمري فهو كافر منمس ضال مضل وبالله التوفيق.

وذكر أبوعمرو محمد بن محمد بن نصر السكري قال : لما قدم ابن محمد بن الحسن ابن الوليد القمي من قبل أبيه والجماعة وسألوه عن الامر الذي حكي فيه من النيابة أنكر ذلك وقال : ليس إلي من هذا الامر شئ ولا ادعيت شيئا من هذا وكنت حاضرا لمخاطبته إياه بالبصرة.

وذكر ابن عياش قال : اجتمعت يوما مع أبي دلف فأخذنا في ذكر أبي بكر البغدادي فقال لي : تعلم من أين كان فضل سيدنا الشيخ قدس الله روحه وقدس به على أبي القاسم الحسين بن روح وعلى غيره؟ فقلت له : ما أعرف. قال : لان أبا جعفر محمد بن عثمان قدم اسمه على اسمه في وصيته قال : فقلت له : فالمنصور إذا أفضل من مولانا أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : وكيف؟ قلت : لان الصادق قدم اسمه على اسمه في الوصية.

فقال لي : أنت تتعصب على سيدنا وتعاديه ، فقلت : الخلق كلهم تعادي أبا بكر البغدادي وتتعصب عليه ، غيرك وحدك ، وكدنا نتقاتل ونأخذ بالازياق (١).

وأمر أبي بكر البغدادي في قلة العلم والمروءة أشهر وجنون أبي دلف أكثر من أن يحصى لانشغل كتابنا بذلك ولا نطول بذكره ذكر ابن نوح طرفا من ذلك.

وروى أبومحمد هارون بن موسى عن أبي القاسم الحسين بن عبد الرحيم الابرارورى قال : أنفذني أبي عبدالرحيم إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه في شئ كان بيني وبينه فحضرت مجلسه وفيه جماعة من أصحابنا وهم يتذاكرون

____________________

(١) الازياق جمع زيق وهو من القميص ما أحاط منه بالعنق.

٣٧٨

شيئا من الروايات وما قاله الصادقون عليهم‌السلام حتى أقبل أبوبكر محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي ابن أخي جعفر العمري فلما بصر به أبوجعفر رضي‌الله‌عنه قال للجماعة : أمسكوا فان هذا الجائي ليس من أصحابكم.

وحكى أنه توكل لليزيدي بالبصرة فبقي في خدمته مدة طويلة وجمع مالا عظيما فسعي به إلى اليزيدي فقبض عليه وصادره وضربه على ام رأسه حتى نزل الماء في عينيه فمات أبوبكر ضريرا.

وقال أبونصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه : إن أبا دلف محمد بن مظفر الكاتب كان في ابتداء أمره مخمسا (١) مشهورا بذلك لانه كان تربية الكرخيين وتلميذهم وصنيعتهم و كان الكرخيون مخمسة لايشك في ذلك أحد من الشيعة ، وقد كان أبودلف يقول ذلك ويعترف به ويقول : نقلي سيدنا الشيخ الصالح قدس الله روحه ونور ضريحه عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المذهب الصحيح يعني أبا بكر البغدادي.

وجنون أبي دلف وحكايات فساد مذهبه أكثر من أن تحصى فلا نطول بذكره هاهنا.

قد ذكرنا جملا من أخبار السفراء والابواب في زمان الغيبة لان صحة ذلك مبني على ثبوت إمامة صاحب الزمان ، وفي ثبوت وكالتهم ، وظهور المعجزات على أيديهم ، دليل واضح على إمامة من ائتموا إليه فلذلك ذكرنا هذا ، فليس لاحد أن يقول : ما الفائدة في ذكر أخبارهم فيما يتعلق بالكلام في الغيبة ، لانا قد بينا فائدة ذلك ، فسقط هذا الاعتراض.

بيان : زق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه.

____________________

(١) هم فرقة من الغلاة يقولون بألوهية أصحاب الكساء الخمسة : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام بأنهم نور واحد والروح حالة فيهم بالسوية لا فضل لواحد على الآخر راجع الملل والنحل للشهرستاني بهامش الفصل ج ٢ ص ١٣.

٣٧٩

٢ ـ ج : روى أصحابنا أن أبا محمد الحسن الشريعي كان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي عليهم‌السلام وهو أول من ادعى مقاما لم يجعله الله فيه من قبل صاحب الزمان عليه‌السلام ، وكذب على الله وعلى حججه عليهم‌السلام ونسب إليهم مالايليق بهم ، وماهم منه براء. ثم ظهر منه القول بالكفر والالحاد ، وكذلك كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن عليه‌السلام فلما توفي ادعى النيابة لصاحب الزمان عليه‌السلام ففضحه الله تعالى بما ظهر منه من الالحاد والغلو والقول بالتناسخ ، وقد كان يدعي أنه رسول نبي أرسله علي بن محمد عليه‌السلام ويقول فيه بالربوبية : ويقول بالاجاة للمحارم.

وكان أيضا من جملة الغلاة أحمد بن هلال الكرخي (١) وقد كان من قبل في عداد أصحاب أبي محمد عليه‌السلام ثم تغير عما كان عليه وأنكر نيابة أبي جعفر محمد بن عثمان ، فخرج التوقيع بلعنه من قبل صاحب الامر بالبراءة منه في جملة من لعن وتبرأ منه.

وكذلك كان أبوطاهر محمد بن علي بن بلال : والحسين بن منصور الحلاج ومحمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنهم الله ، فخرج التوقيع بلعنهم والبراءة منهم جميعا على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح نسخته : « أعرف أطال الله بقاءك ، وعرفك الخير كله ، وختم به عملك ، من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أدام الله سعادتهم بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني عجل الله له النقمة ولا أمهله ، قد ارتد عن الاسلام وفارقه وألحد في دين الله و ادعى ماكفر معه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما

____________________

(١) وهو أبوجعفر العبرتائى قد روى أكثر اصول أصحابنا كما عرفت روايته في شطر من الاخبار الماضية في هذا الكتاب ، فحيث كان له حال استقامة وتخليط يعمل بما رواه في حال استقامته ، قال الشيخ في العدة : ولذلك عملت الطائفة بما رواه أبوالخطاب في حال استقامته وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائى.

٣٨٠