بل العقل حكمه فيه أشدّ والنقل إبلاغه أبلغ ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « ألف ألف ضربة من السيف أحسن من الموت على الفراش » (١) في مقام الجهاد ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى (٢) ، ولا يصلح لمعارضته شيء مع وجوده ـ بخلاف الضرر الدنيوي ـ فإنّه مع احتمال العقاب لا يعقل معارضته بشيء آخر ، إلاّ أن يرتفع العقاب ، فلا كلام في أنّ العقل يستقلّ بوجوب دفع الضرر سيّما إذا كان أخرويا ، إلاّ أنّ الحكم العقلي في المقام وأمثاله إنّما هو مجرّد إرشاد وإراءة للمصلحة (٣) إذ لا تشريع منه (٤) وطلب وجوبيّ أو ندبيّ على اختلاف مراتب المصالح.
والحكم الشرعي المطابق لحكم العقل أيضا هو إرشادي ، إذ لا حكم تشريعيّ كما هو توهّمه بعضهم ، وإذ هو فاسد ؛ لأنّ المراد من الإرشاد في الأوامر والنواهي المسوقة لبيان ذلك (٥) ليس إلاّ بيان حقيقة الفعل وآثاره المترتّبة عليه من مدح أو ذم أو نحوهما من غير أن يكون مفيدا لإيجاب أو استحباب أو تحريم (٦) ،
__________________
(١) الوسائل ١١ : ١١ ، الباب الأوّل من أبواب الجهاد ، الحديث ٢٣ ، وفيه : « ألف ضربة ... ».
(٢) في ( ش ) : « ممّا لا يخفى ».
(٣) في ( ش ) : « إرادة لمصلحة ».
(٤) في ( ط ) : « أو تشريع منه ».
(٥) العبارة في ( ط ) هكذا : « والحكم الشرعي المطابق لحكم العقل أيضا هو حكم إرشادي أو حكم تشريعي. قد يتوهّم ـ كما عن بعضهم ـ أنّ حكم العقل في أمثال المقام وكذا حكم الشرع حكم تشريعيّ. وليس على ما توهّمه ؛ لأنّ المراد بالإرشاد في الأوامر والنواهي المسوقة لبيانه ليس ... ».
(٦) في ( ش ) : « للإيجاب أو الاستحباب أو التحريم ».