وأمّا ما ذكره : من جريان حكم النهي السابق على الخروج فيكون معصية بواسطة النهي (١) ، فهو كلام مختلّ النظام :
أمّا أوّلا : فلأنّ التصرّف في مال الغير ليس من العناوين التي لا يتبدّل حكمها بلحوق العناوين اللاحقة للأفعال ، ضرورة اتّصافه بالوجوب عند لحوق عنوان حفظ النفس مثلا بالتصرّف المذكور ، فيمكن أن يلحق بالتصرّف عنوان يكون ذلك العنوان مناطا لاختلاف حكم التصرّف المذكور ، مثل كونه تخلّصا عن الغصب على وجه الانحصار ، ولا شكّ أنّ موضوع التخلّص عن الغصب ممّا لا يختلف حكمه بعد الدخول وقبله وإن توقّف وجود الخروج في الخارج على الدخول بواسطة ترتيب طبيعي بين الدخول والخروج ، ومثل هذا التوقّف الوجودي لا يعقل أن يكون منشأ لاختلاف حكم ذلك الموقوف ، إذ الحكم تابع لعنوان ينتزع من ذات الفعل تارة بالذات واخرى بواسطة الاعتبارات عند وجوده في الخارج لكونه موردا للحسن والقبح ، ولا مدخل للامور التي يتوقّف وجود العنوان عليها في ذلك ، كما هو ظاهر على من له مسكة بالمطالب.
وإذ قد عرفت ذلك نقول : إنّ الحركات الواقعة في ملك الغير تارة تكون معنونة بعنوان الغصب ، واخرى معنونة بعنوان التخلّص عن الغصب. فعلى الأوّل يكون الأمر المعلوم المتصوّر عند الآمر هو الغصب فيلحقه طلبه على وجه النهي عنه ، وعلى الثاني يكون المتصوّر عنده هو التخلّص فيلحقه طلبه على وجه الأمر به من غير مداخلة لأحد العنوانين والمتصوّرين في الآخر ، فالغصب مبغوض دائما والتخلّص مطلوب من غير فرق بين قبل الدخول وبعده ، فلو فرضنا لحوق حكم النهي به يلزم أن يكون موضوع التخلّص طاعة ومعصية ، وهو محال.
__________________
(١) لم نعثر عليه في حاشية المعالم في المبحث ، نعم يوجد في مبحث المقدّمة ذيل قول المصنّف : « بعد القطع ببقاء الوجوب » ما يفيد ذلك.