واعترض عليه في الإشارات أوّلا : بأنّ معاملة العموم من وجه في باب التعارض مع ما كان أفراده النفس الأمريّة منحصرة في الفرد ممّا لا وجه له ، فإنّ العام إذا كان منحصرا أفراده في الواقع في الفرد فالمراد منه ومتعلّق الخطاب إنّما هو ذلك الفرد. ومثله ما إذا انحصر في الفرد بحسب العادة ، فإنّ العادة مخصّصة ـ كما سيأتي ـ فلا يراد منه إلاّ الفرد العادي ، فلا وجه لمعاملة العموم معه في التعارض ، على أنّ معاملة العموم للوازمه ، وعمدتها قبول التخصيص ، فبانسلاخ لازمه عنه ـ كما فيهما ـ يرتفع فائدة التخصيص فيرتفع فائدة العموم في التعارض ، بل في العرف ليس مثله عامّا لعدم الاستغراق فيه عرفا بالفعل ، وعليه المدار.
وثانيا : بأنّ بفرض الانحصار العادي يرتفع إمكان التخلّص بفرد آخر كما مرّ ، إلاّ أن يكون ذلك الفرد أيضا عاديّا وهو خلاف الفرض ، مع أنّ الحمل إمّا بالاختيار أو بدونه ، والثاني خارج عن الأمر قطعا ، والأوّل لا يختلف النسبة به بالتدبّر ، بل يكون من الأفراد العاديّة.
وثالثا : بأنّ التصريح من القوم بالفائدة المذكورة موجود ، إلاّ أنّه يؤذن بخلاف ما ذكره (١) انتهى.
ويمكن أن يذبّ عن الاعتراض : بأنّ ملاحظة انحصار أفراد العامّ في مورد الاجتماع إنّما يجدي فيما لو قيل بالتعارض بين مفاد العامّين ، إذ على ذلك يجب التخصيص بغير ذلك المورد لئلاّ يلزم خلوّ ذلك العامّ المنحصر أفراده عن الفائدة. وهذا هو الذي يوجد عليه التصريح في كلامهم. وهو غير مؤذن بخلاف ما أفاده المحقّق القمّي رحمهالله حيث إنّه ذهب إلى أنّه لا معارضة بين مفاد العامّين ، لإجداء الجهتين في الجمع بين الأمر والنهي. ولا ريب أنّ المدار في تعدّد الجهة إنّما هو المفهوم ، فإنّه متعلّق الأمر والنهي ، والأفراد خارجة عن ذلك بأسرها.
__________________
(١) إشارات الاصول : ١١٤.